ap_416298040051-cropذكر الكاتب ماتيا توالدو، في مقال صدر بتاريخ 25 فبراير 2016 على موقع فورن بوليسي” مجلة أمريكية، تأسست سنة 1970-، أنه لا يجب أن ينظر للضربات الجوية الأمريكية الأخيرة ضد تنظيم الدولة” في ليبيا على أنها نوع من التصعيد، بل هي جزء من حرب محدودة غير رسمية” ضد التنظيم في ليبيا، تقوم بها الولايات المتحدة منذ فترة، ولكن من غير المرجح أن تحقق هذه الحرب المحدودة أي شيء، علاوة على أن تكثيف الجهود العسكرية لن يساعد أيضا

واعتبر الكاتب أن إلحاق ضرر حقيقي بتنظيم الدولة” واستعادة سيطرة الحكومة الليبية سيحتاج لجهد أكبر بكثير، ولكنه لينجح يحتاج لجهود سياسية، وليس القنابل فقط، حسب الكاتب، وأضاف أن على الولايات المتحدة وأوروبا أن يضعا إستراتيجية سياسية تشرك الليبيين، وتشمل أيضا خطة لما بعد انتهاء التدخل، فقط بهذه الطريقة يمكن معالجة مشكل الحكم في البلاد

غياب 

ويقول الكاتب إن لليبيا حاليا ثلاث حكومات في ثلاث مدن مختلفة الحكومة الليبية في طرابلس والحكومة الليبية في طبرق والحكومة الليبية التي يترأسها فايز السراج في المغرب، ومع سعي الأمم المتحدة لتوحيد كل هذه الفصائل السياسية على مدار العام الماضي، واصل تنظيم الدولة” توسيع نفوذه في البلاد، وأصبح من الواضح أن ليبيا أصبحت الآن المركز الثالث لتنظيم الدولة” بعد سوريا والعراق، وأن الحرب الأهلية في البلاد حولتها لملاذ آمن للعديد من الجماعات الجهادية، ولهذا السبب، تقوم الولايات المتحدة بحملة محدودة من الضربات الجوية في الأشهر الأخيرة، في محاولة لمواجهة الجهاديين، وهي ضربات لا تختلف جذريا عن حملات أخرى محدودة، تعهدت بها واشنطن مثل هجومها على تنظيم القاعدة” في اليمن، وتركز مثل هذه الهجمات على الإرهابيين أنفسهم، بدلا من التركيز على البلدان

واعتبر الكاتب أن الطائرات دون طيار والغارات الجوية والعمليات الخاصة لا تمثل علاجا لليبيا، ولهذا فإن مثل هذا النهج لا يكفي، فمن أجل استجابة عسكرية ناجحة، يجب أن تكون مدعومة بإستراتيجية سياسية، فشل صناع القرار في الغرب حتى الآن على صياغتها، وهناك عدة أسباب لمحافظة كل من الولايات المتحدة وفرنسا على مستوى أدنى من التدخل، وتتمثل إحدى ميزات هذه الحرب غير الرسمية” بأنه يمكن تبرير الضربات المحدودة ضد التهديدات الوشيكة بالرجوع إلى المادة 51 (الدفاع عن النفسفي ميثاق الأمم المتحدة، وبعبارة أخرى، لا تتطلب هذه الضربات إعلانات رسمية للحرب، أو قرارات للأمم المتحدة ومناقشات عامة صاخبة، أو تصويت البرلمانات

قيود 

ويبدو أن البعض في المؤسسة العسكرية الأمريكية يضغطون من أجل تدخل أكبر، مؤكدين أن هذا ممكن إذا أراد الرئيس الأمريكي ذلك، وهو تصعيد سيكون على غرار ما حصل في سوريا والعراق، وبدلا من استهداف التهديدات المحددة، سيكون هدفه تدمير تنظيم الدولة” بضربات متكررة ومستمرة، وكما هو الحال في سوريا، سيجد الأمريكيون والأوروبيون أن التصعيد العسكري دون توافق سياسي، لن يمكن من إنجاز الكثير، ووفقا للنقطة 12 من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2259، يتطلب مثل هذا التدخل موافقة الحكومة الليبية، ولكن لا يوجد مؤشر على أن الحكومة الجديدة، التي تكافح من أجل الحصول على موافقة مجلس النواب في طبرق، ستطلب مثل هذا التدخل الأجنبي واسع النطاق، وقد ينتفي هذا العائق القانوني في حالة طوارئ كبرى مثل وقوع هجوم إرهابي قادم من ليبيا أو هجوم تنظيم الدولة” ضد مواقع إستراتيجية مثل المنشآت النفطية، ما من شأنه أن يعزز موقف أولئك الذين ضرورة تدمير تنظيم الدولة” في ليبيا، قبل أن يصبح من الصعب القضاء عليه كما حدث في العراق

ولكن أولئك الذين يضغطون من أجل تصعيد عسكري في ليبيا يشيرون إلى قيود أخرى، فليس من الواضح أن الإدارة الأمريكية ستكون حريصة على فتح جبهة ثالثة ضد تنظيم الدولة، نظرا للالتزامات القائمة في سوريا والعراق، علاوة على أن لفرنسا مشكلة مماثلة، لأن لها حملة كبرى في منطقة الساحل وسوريا وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، وحتى هذا الوقت، قدمت فرنسا بعض الدعم المحدود لـالجيش الوطني الليبي” عبر بعض العمليات السرية شرق ليبيا، ولكن من غير المرجح أن تقوم بأكثر من ذلك، ما لم يكن هناك تهديد مباشر لفرنسا أو للبلدان الأفريقية الناطقة باللغة الفرنسية

وبالنسبة لبريطانيا، يقول الكاتب إن بإمكانها شن حملة غير رسمية، لكنها تواجه قيودا شديدة في شن حرب رسمية كبرى، لأن الأمر يتطلب تصويت البرلمان، في وقت يتم فيه النقاش بشأن الاستفتاء حول الاتحاد الأوروبي، ويمكن لألمانيا وإيطاليا وبلدان الشمال الأوروبي أن تشكل فريقا مع الثلاثة الكبار، ولكنها لا تملك القدرة ولا الإرادة السياسية للقيام بذلك لوحدها

وبسبب هذه القيود، من غير المرجح أن يتجاوز التصعيد العسكري من قبل الولايات المتحدة والقوى الأوروبية في ليبيا الجهود المحدودة الحالية، على الرغم من أن حالة الضغط والاحتقان ستكون دائما عالية، مضيفا بأنه مهما كان حجم التدخل العسكري، من الضروري بالنسبة للأمريكيين والأوروبيين وضع إستراتيجية سياسية واضحة يقوم عليها أي عمل عسكري، فلم يعد تنظيم الدولة” في ليبيا مجرد جماعات متفرقة، بل هو كيان منظم بشكل متزايد، ولن تحل القنابل والعمليات الخاصة وحدها هذا المشكل

جهود 

وأكد الكاتب أن على معظم الدبلوماسيين وصناع القرار السياسي في أوروبا أن يؤكدوا على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية، قبل إجراء أي عملية عسكرية هناك، وبموجب الاتفاق الحالي بوساطة الأمم المتحدة، يجب أن تتم الموافقة على حكومة الوحدة من قبل مجلس النواب في طبرق، ولا يمكن سوى لحكومة وحدة وطنية فاعلة إعادة تشغيل المؤسسات الليبية، بما في ذلك قوات الأمن، وتوفير الظروف الملائمة لاستعادة المناطق غير المحكومة، ما سمح لتنظيم الدولة” بالصعود

واعتبر الكاتب أن تدخلا عسكريا غربيا دون إستراتيجية سياسية سيخلق عقبات للتوصل إلى اتفاق سياسي، وحاليا، يسعى الأمريكيون والأوروبيون لإقامة علاقات ثنائية مع مختلف الشركاء على الأرض لمحاربة تنظيم الدولة، وقد يتسبب ذلك في تشتيث جهود التوصل إلى تقاسم السلطة، بدلا من الاستفادة من جهود جميع الأطرف ضد التنظيم ، ومن أجل تفادي ذلك، على الولايات المتحدة وشركائها أن يضغطوا من أجل التقارب السياسي والعسكري بين جميع الليبيين، كما يجب أن يترجم الإجماع الليبي ضد تنظيم الدولة” في دعوة موحدة لحمل السلاح والدعم لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وكما هو الحال في سوريا، من الضروري أن تتوقف القوات الليبية عن قتال بعضها البعض، وهذا أسهل في ليبيا، كما تبين ذلك بعد التوصل إلى عدة اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار

هذا ويجب على الأمم المتحدة أن تدعم تشكيل جمعية واسعة من القوى الليبية من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي وتشكيل تحالف ضد تنظيم الدولة، ويمكن أن يشمل ذلك البلديات والنواب من الجانبين، فضلا عن ممثلين عن السلطات المحلية غير الرسمية، مثل زعماء القبائل والمجتمع المدني، ما من شأنه توسيع قاعدة العملية السياسية خارج طبرق وطرابلس، في الوقت نفسه، يجب على الغرب أن يدعم العمليات المشتركة التي يمكن أن توحد الليبيين في قتال تنظيم الدولة“. 

تعليقات