كلمة مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا :

هذه هي الندوة الثانية التي يقيمها المركز حول المجتمع المدني في ليبيا والرابعة منذ تأسيسه منذ أقل من سنة. وكنا عقدنا في الأسبوع الماضي مائدة مستديرة حول الهجرة غير النظامية من أفريقيا إلى ليبيا ومن ليبيا إلى أوروبا المسارات والمآلات.
وينبع هذا التركيز على المجتمع المدني من مُعاينة الدور المتنامي لمؤسسات المجتمع المدني على الصعيد العالمي وهي ظاهرة تطورت بشكل سريع منذ تسعينات القرن الماضي ووصلت موجاتها إلى عالمنا العربي بما فيه ليبيا التي أظهرت المؤسسات الأهلية التي ظهرت فيها بعد ثورة 17 فبراير حيوية وحضورا لم يعرفهما المجتمع الليبي.
لاشك أن مُكونات المجتمع المدني تعرضت لنكسة كبيرة منذ سنة 2014 وأن بعضها تفكك واندثر وبعضها الآخر مازال يقاوم في ظروف قاسية، إلا أن فشل الأطراف الأخرى بما فيها الأحزاب السياسية في إعادة العافية إلى مسار بناء ليبيا الجديدة يضع مسؤولية كبيرة على عاتق المجتمع المدني أسوة بالدور الذي لعبه المجتمع المدني في التجربة التونسية.
من هنا أتى تركيزنا على تقصي نقائص المجتمع المدني في ليبيا وثغراته، إلى جانب نقاط القوة أيضا، من أجل المساهمة في بلورة رؤية للمستقبل تُحقق إعادة النهوض. ومادامت الحلول في ليبيا سياسية ولا يمكن بلوغها إلا بالحوار فإن المجتمع المدني مطالب بالدفع نحو التفاهم والتوافق بين الليبيين، أيا كانت مشاربهم الفكرية وانتماءاتهم القبلية والمناطقية من أجل الوصول إلى ما سماه السياسي الإيطالي أنريكو برلينغوير في سبعينات القرن الماضي Il Compromesso storico أي المساومة أو المقايضة التاريخية.
وتتمثل مساهمة مركزنا المتواضعة في تشجيع مكونات المجتمع المدني التي لعبت أدورا بارزة وبناءة في الفترات الماضية على استئناف دورها رغم الظروف القاسية الراهنة وبناء شبكات عابرة للمناطق والمدن، من أجل زيادة الفعالية وتوسيع رقعة التأثير المجتمع. ولذا دعونا مشاركين من مناطق مختلفة ومن تجارب متباعدة كي نرصد رصدا موضوعيا ملامح المشهد الليبي الراهن. ونأمل أن تساعد الأوراق المقدمة إلى هذه الندوة في المزيد من تصحيح الصورة المتداولة عن المجتمع المدني الليبي.
شكرا على حضوركم معنا
والسلام عليكم

تعليقات