العاصمة الليبية طرابلس باتت مدينة لـ«الموت» بلا منازع، رائحته تفوح من جميع أزقتها وشوارعها في ظل السيطرة المطلقة لمليشيات لا تعرف غير قانون القوة، يساعدها في ذلك ضعف بائن للمؤسسات الأمنية وتلك التي مناط بها تحقيق العدالة، ومجتمع عاش خمس سنوات يسمع خلالها صوت الرصاص أكثر من زقزقة العصافير.

أدى غياب المؤسسات الأمنية والعسكرية وسيطرة المليشيات واتساع نفوذها الى بروز العصابات وشبكات الجريمة المنظمة بشكل غير مسبوق، مما دفع بالسلطات الأمنية على ضعفها إلى قرع ناقوس الخطر، كاشفة أنه وخلال 46 يوماً فقط عثر على 118 جثة ملقاة على قارعة الطريق بطرابلس خلال الـفـتـرة مـا بـيـن منتصف شهر ديسمبر ونهاية يناير الماضيين، فيما عثر في مدينة سبها، عاصمة جنوب البلاد، على 22 جريمة قتل خلال شهر يناير الماضي وحده.

أرقام

وأعلن مكتب التحري في الإدارة العامة للبحث الجنائي التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، عن أرقام مفزعة حول ما أسمته «كارثة الجثث» التي تم تسجيلها خلال 46 يوماً التي يعود أغلبها لشبان تتراوح أعمارهم بين 16 و35 عاما تمت تصفيتهم بإطلاق الرصاص، ومن بينها 4 جثث تعود لفتيات لم تتجاوز أعمارهن 25 عاماً.

وأبرزت الإحصائيات الرسمية أن عدد جرائم الاخـتـطـاف بلغ خلال الفترة ذاتها 293 عملية، مـنـهــا 32 جريمة طالت نساء منهن 11 سيدة متزوجة و21 فتاة في مقتبل العمر، كما شهدت طرابلس خلال الفترة ذاتها 503 جرائم سطو مسلح على المحلات التجارية والصيدليات منها 183 حالة تم خلالها إطلاق رصاص على الضحايا، ما نتج عنه مقتل 23 وتعرض البقية الى إصابات متفاوتة. وبلغ عدد جرائم السطو المسلح على المركبات الآلية 482 منها 87 حالة سطو على شاحنات نقل بضائع.

أسباب

وأبرزت إدارة الإحصاء والتسجيل الجنائي بجهاز المباحث الجنائية أخيراً تقريرها المؤسس على تقارير العمل اليومي، أن أكثر الجرائم تم تسجيلها في مدينة طرابلس وضواحيها مثل عين زارة ووادي الربيع وقصر بن غشير وجنزور والجفارة.

وأرجعت التقارير أسباب انتشار الجريمة إلى ضعف التمركزات الأمنية وقلة الدوريات المتحركة، وقلة تبادل المعلومات بين الجهات الأمنية المختلفة، معتبرة أن ذلك ساهم في وجود مناخ ملائم لزيادة أوكار العصابات الإجرامية في ضواحي طرابلس.

توجيه

وجه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فايز السراج أوائل نوفمبر الماضي بإنشاء قوة مشتركة لمكافحة الجريمة في العاصمة الليبية وضواحيها، مشدداً على عدم السماح للخلاف السياسي الحالي أن يكون سبباً في الانشغال عن مكافحة هذه الظواهر السلبية.

تعليقات