كلمات جديدة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة اعتبرت بمثابة إعلان صريح باستعداده لخوض حرب مقابل تسليم السلطة لحكومة غير منتخبة، كلمة صاعدت المخاوف وألغت توقعات البعض المستبعدة لدخول ليبيا في حرب جديدة.
وخرج في خطاب أعلن عنه سابقاً وقال إن تكليف مجلس النواب لحكومة جديدة هو مناورة فاشلة وإفساد للمشهد متحدثاً خلالها عن تفاصيل خطة سماها عودة الأمانة للشعب، التي تضمن إجراء الانتخابات في شهر حزيران/ يونيو المقبل.
وحذر الدبيبة من خطورة المسار الذي تريده الطبقة السياسية المهيمنة معتبراً أنها تصر على الذهاب إليه هروباً من الانتخابات.
وتعهد بعدم التنحي من رئاسة الوزراء إلا بعد انتخابات وطنية، متحدياً تعيين البرلمان باشاغا في رئاسة الوزراء، ومشيراً إلى أن المسار الذي يتبناه البرلمان يهدد بإعادة البلاد إلى الانقسام وسيؤدي حتماً إلى الحرب مرة أخرى.
وأكد الدبيبة في كلمة متلفزة في وقت متأخر ليل الإثنين أن خطته التي أطلق عليها تسمية “إعادة الأمانة إلى أهلها”، تقوم على إجراء انتخابات برلمانية قبل 24 حزيران/ يونيو المقبل، أي قبل موعد انتهاء خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي اختار حكومته قبل عام في جنيف.
وشدد الدبيبة على أن خطته هي “الحل الوحيد” الذي يخرج جميع الكيانات السياسية، بما فيها حكومة الوحدة الوطنية من المشهد الحالي.
ووصف أي خطة لتشكيل حكومة انتقالية بـ”الطائشة” و”المهزلة” التي قد تؤدي إلى نشوب مزيد من الاقتتال الداخلي، في إشارة إلى قيام البرلمان الليبي بتعيين حكومة جديدة برئاسة رئيس الوزراء المكلف، فتحي باشاغا.
وأضاف: “ستجرى الانتخابات البرلمانية وسترحل الانتخابات الرئاسية، لتُنتج وفق دستور دائم، مردفاً: “بصفتي أحد المترشحين للانتخابات الرئاسية، مستعد مقابل البدء في الانتخابات البرلمانية وخروج جميع الأجسام، وبالرغم من فرصتي الجيدة إلا أنني سأكون أول المتنازلين”. في إشارة لانسحابه من الترشح للانتخابات الرئاسية”.
وكشف الدبيبة أنه أجرى مفاوضات مع خصومه لتفادي الجمود الحالي، لكن جهوده باءت بالفشل. واتهم أحد منافسيه وهو خليفة حفتر، بإذكاء “الفوضى السياسية” في البلاد.
وحول خطة الدبيبة التي أعلن عنها خلال نفس الخطاب فيتمحور المسار الأول، وفق الدبيبة، على تشكيل لجنة فنية حكومية لصياغة مشروع قانون الانتخابات بغرض تقديمه إلى مجلس الوزراء، الذي بدوره سيحيله إلى مجلس النواب للموافقة عليه خلال أسبوعين، لافتاً إلى أن هذا المسار سيُمنح أربعة أسابيع بحد أقصى 14 آذار/ مارس المقبل .
وفي حال تعذر هذا المسار، قال: “فإنه ليس أمامنا إلا العمل بالقانون رقم 2 لسنة 2021 بشأن الانتخابات البرلمانية أو القانون رقم 4 لسنة 2012 الذي نظم أول انتخابات تشريعية، لكي لا يكون هناك عذر لإجراء الانتخابات”.
ويتمحور المسار الثاني الذي طرحه الدبيبة في انطلاق العملية الانتخابية قبل انتهاء المرحلة التمهيدية لخارطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار، وفق جدول زمني تفصيلي تضعه المفوضية العليا للانتخابات بالتشاور مع الحكومة والمجلس الرئاسي، يتضمن تحديث سجل الناخبين ومنح الوقت الكافي للحملات الانتخابية.
وأضاف أن المسار الثالث يتضمن إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور وفق التعديل العاشر للإعلان الدستوري وقانون الاستفتاء المحال للمفوضية، الذي عززه اتفاق الغردقة بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية.
وتابع أن المسار الرابع، تضمن بقاء خيار الاستشارة الإلكترونية قائماً في حال محاولة أي طرف استخدام القوة لمنع التصويت، ويكون ذلك بشفافية تامة وإشراف دولي يضمن سلامة التصويت، دافعاً عن هذه العملية بقوله إن كل عمليات التسجيل التي تمت في السابق تمت إلكترونيّاً عبر إرسال الرسائل النصية
وطالب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة، عبدالحميد الدبيبة، مجلس النواب بدعم مقترحه بشأن الانتخابات البرلمانية، قائلاً: “أقول للنواب تعالوا إلى هذا الحل الذي يبطل القوة القاهرة”، مضيفاً أن هذا الحل سيخرجنا جميعاً من المشهد.
وتابع أن “أي حل لكي ينجح يجب أن يتنازل فيه من بادر بالحل، ولذلك خطة عودة الأمانة للشعب ستنهي كل الأجسام الموجودة وعلى رأسها حكومة الوحدة الوطنية وهذه الخطة ستنجح فقط عندما يتوافق الجميع للاستفادة من الفرصة لتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الانتخابات”.
وختم الدبيبة حديثة قائلاً: “نعم للانتخابات البرلمانية، لأن قانونها صادر وموجود ولا تقصي أحداً وستنهي كل المؤسسات الحالية بمن فيهم هذه الحكومة وتعيد الأمانة إلى أهلها، وتعطي الأمل في تشكيل حكومة منتخبة وتجدد الشرعية وتنهي التدخل الأجنبي”.
وعقب كلمته، شددت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا، ستيفاني وليامز، على أهمية استمرارية التوافق، وانخراط مختلف أطراف العملية السياسية بشكل بنَّاء ومسؤول مع الحفاظ على الهدوء في البلاد كأولوية قصوى وفق تغريدة نشرتها عبر حسابها على فيسبوك.
وشدّدت في تغريدتها الثانية على أهمية استمرارية التوافق، وانخراط مختلف أطراف العملية السياسية بشكل بناء ومسؤول مع الحفاظ على الهدوء في البلاد كأولوية قصوى.
ومطلع الشهر الجاري، عيّن مجلس النواب وزير الداخلية السابق والسياسي فتحي باشاغا رئيساً للحكومة ليحل محل عبد الحميد الدبيبة، لكن هذا الأخير أكد أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
وجاء اختيار باشاغا للمنصب بعد اعتماد مجلس النواب مؤخراً خارطة طريق جديدة، بموجبها يعاد تشكيل الحكومة وتجرى الانتخابات في غضون 14 شهراً كحد أقصى، مما تسبب في انقسام ورفض واحتجاجات .

تعليقات