أعلن ممثلون عن مؤسسات للمجتمع المدني في ليبيا، عن خطوات تصعيدية للضغط من أجل إعادة أبوعجيلة مسعود المريمي الذي جرى تسليمه للولايات المتحدة الأمريكية، في تورطه المزعوم بقضية لوكربي.

هي المرة الأولى التي تسيطر فيها قضية على أحداث أسبوع كامل وتشعل غضبا غير متوقع بين الأطراف السياسية فضلا عن الغضب الشعبي. حيث حركت قضية لوكربي التي عادت إلى الساحة بعد 34 سنة من إغلاق الملف ليبيا بالكامل، كما أيقظت المجتمع المدني من سباته وترتب عليها تحرك قضائي وحقوقي واسع.

وعادت القضية بعد هذه السنوات بسبب خبر اعتبر صادماً يفيد بأن الولايات المتحدة، أكدت الأحد، أنها تحتجز المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي الذي تشتبه في قيامه بصنع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة أمريكية فوق بلدة لوكربي في أسكتلندا في كانون الأول/ديسمبر 1988 رغم الاتفاق على إغلاق القضية مسبقاً.
ورغم اعتراض المجلس الأعلى للدولة وعدد من المنظمات والمؤسسات سابقا وقبل انتشار الخبر على إعادة فتح القضية إثر زلة لسان صدرت عن وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش إلا أن هذه الأحاديث ظلت مجرد ظنون وإشاعات حتى أعلن عنها رسميا من قبل سلطات خارجية الأمن الذي احتسب في إطار التعدي على الأمن القومي الليبي.
ونقلت مصادر إعلامية عن مصدر من عائلة المقبوض عليه أن عائلة أبوعجيلة مسعود المريمي أكدت أن عناصر من القوة المشتركة التابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، هي من اعتقلت المريمي، يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وجرى احتجازه في أحد مقراتها بمدينة مصراتة.
وتابع المصدر ذاته أن المريمي الذي يناهز الـ80 عاماً من العمر، كان طريح الفراش ساعة اعتقاله، حيث يعاني من مرض مزمن.
وخاطبت العائلة مكتب النائب العام ووزارة العدل، إلى جانب المحامي العام، والمجلس الرئاسي، ولكنها لم تتحصل سوى على وعود وتطمينات بالخصوص، كما قام وفد اجتماعي مكون من حوالي 40 شخصاً، بمحاولة مقابلة رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة بالخصوص لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
وقالت جريدة «الغارديان» البريطانية، الأربعاء، إن اتفاقاً جرى إبرامه قبل 3 أشهر بين الإدارة الأمريكية ومسؤولين ليبيين على تسليم المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المتهم بتفجير لوكربي إلى الولايات المتحدة، في مفاوضات بدأت منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. ونقلت «الغارديان» عن مسؤول ليبي القول إن الجهود الأمريكية أعاقها عدم وجود مبرر قانوني لاحتجاز أبوعجيلة الذي كان مقيماً في منزله بمصراتة، إلى أن عرض أفراد من ذوي نفوذ داخل حكومة الوحدة الوطنية، يُعتقد أن واحداً منهم ابن شقيق رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة، احتجاز مسعود وتسليمه إلى حكومة الولايات المتحدة.
وبعد انتشار الخبر انطلقت سلسلة كبيرة من التنديدات عبر عنها ناشطون ومؤسسات وحتى منظمات المجتمع المدني النائمة والتي لم تعمل لفترة طويلة فضلا عن الأحزاب السياسية.
وطالب 88 عضواً في مجلس النواب، الإثنين، في بيان رئاسة المجلس بالدعوة لعقد جلسة طارئة لمناقشة الموضوع موضحة إن تسليم أي مواطن ليبي لدولة أجنبية خارج إطار القانون جريمة نكراء ومخالفة لكل الأعراف والمواثيق المحلية والدولية، وأن قضية لوكربي قد أقفلت بشكل قانوني كامل، مشيراً إلى أن إعادة فتحها تعد تخلياً عن المواثيق والعهود الدولية وتعدياً سافراً من الحكومة الأمريكية واستغلالاً سيئاً للظروف التي تمر بها ليبيا.
كما طالبت رئاسة مجلس النواب من النائب العام تحريك الدعوى الجنائية ضد كل من تورط في خطف المواطن أبوعجيلة وسلمه إلى جهات أجنبية، وذلك بعد يوم واحد من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية احتجازه في رسالة من المستشار القانوني لمكتب رئاسة مجلس النواب أشرف المبروك الدوس إلى النائب العام المستشار الصديق الصور، وقالت الرسالة إن هذه القضية جرى تسويتها نهائياً مع الحكومة الأمريكية سابقاً بموجب اتفاق رسمي، وترتب عنها عدم المسؤولية الجنائية للدولة الليبية وتعويض المتضررين على خلفية هذه الواقعة تعويضاً مادياً.
وفي ذات السياق قال رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، إنه يخشى أن تكون عملية تسليم مواطن ليبي، قد جرت خارج الأطر القانونية ودون إشراف القضاء الليبي، معتبراً ذلك خرقاً قانونياً فاضحاً ومساساً بسيادة الدولة الليبية واستقلال قضائها الوطني.
واستنكر الحزب الديمقراطي عملية خطف أبوعجيلة وتسليمه إلى دولة أجنبية، إثر اتهامه في قضية لوكربي التي جرى تسويتها باتفاق رسمي، وتحملت الدولة الليبية في سبيل ذلك تعويضات باهظة وغير مسبوقة.
كما دان أيضاً تحالف القوى الوطنية تسليم المريمي للسلطات الأمريكية، واحتجازه هناك إثر اتهامه في قضية لوكربي قائلاً إن ما حدث انتهاك لسيادة الدولة والعهود والاتفاقات، ودعا إلى بناء العلاقات الليبية الدولية على أساس احترام القوانين والمواثيق الدولية، واتفاقيات تسليم المجرمين والمشتبه به.
وأحال الرئاسي أيضاً إلى النائب العام الشكوى المقدمة من عائلة المواطن أبوعجيلة مسعود بشأن اختفائه قسرياً مطالباً إياه باتخاذ الإجراءات اللازمة وفقاً للاختصاص وفي ذات السياق، دعت لجنة العدل والمصالحة الوطنية بمجلس النواب النائب العام الصديق الصور إلى ضرورة فتح تحقيق في واقعة اختطاف المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود وتسليمه للسلطات الأمريكية، مطالبة بإحالة كل من شارك في هذه الواقعة للقضاء.
وإثر هذه الدعوات قال النائب العام المستشار الصديق الصور، الأربعاء، إن النيابة باشرت التحقيقات في واقعة تسليم المواطن أبوعجيلة مسعود المريمي بدون إجراءات قانونية، مضيفا في تصريحات بحضور وسائل إعلام ليبية أن الشكوى بهذا الخصوص عرضت علينا، والأمر محل التحقيق، وسنعلن نتائج التحقيقات في حينها.
وفي ذات الإطار، أدان عدد من الناشطين والصحافيين واقعة خطف وتسليم المواطن الليبي المريمي، مطالبين الولايات المتحدة بإعادته إلى أرض الوطن لأنها غير مخولة قانوناً بمحاكمته، التي من المفترض أن يختص بها القضاء الأسكتلندي، على فرض أن ليبيا وافقت على التسليم. وقد صدر البيان على هيئة مراسلة إلى رئيسي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، والنائب العام، ورئيس جهاز المخابرات العامة، وقع عليها 120 شخصاً.
وأعلن ممثلون عن مؤسسات للمجتمع المدني في ليبيا، الأربعاء، عن خطوات تصعيدية للضغط من أجل إعادة المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي الذي جرى تسليمه للولايات المتحدة الأمريكية، في تورطه المزعوم بقضية لوكربي.
وطالب البيان المشترك، المُوقع من 85 شخصية، محكمة الجنايات الدولية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ومجلس النواب الليبي والمجلس الرئاسي ومكتب النائب العام، والمجلس الأعلى للقضاء وكل المؤسسات الوطنية ذات العلاقة، بالتحري السريع من أجل إعادة الرهينة المختطف أبوعجيلة مسعود لأرض الوطن بالسلامة.
ودعا البيان إلى إطلاق حملات تبرعات شعبية عامة وخاصة لجمع مبالغ مالية لتوكيل فريق محاماة دوليين للدفاع عن أبوعجيلة، والعمل على إطلاقه والدعوة لها من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
وقال وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة المكلفة من مجلس النواب، حافظ قدور، إن الوزارة ستكلف مكتب محاماة دولياً للدفاع عن المواطن الليبي المريمي، المحتجز في الولايات المتحدة على خلفية تورطه المزعوم بقضية لوكربي.
وأضاف أن الوزارة ستطلب من المكتب توضيح الطريقة التي بموجبها جرت عملية تسليم أبوعجيلة، ومدى توافقها مع القوانين المحلية والدولية، حسب ما جاء على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الخميس. ودعا قدور، الكفاءات القانونية الليبية إلى المساهمة مع مكتب المحاماة المكلف والتنسيق معه بالخصوص فور اختياره.
ولم يصدر أي رد رسمي من الدبيبة على كل ردود الفعل والمطالبات هذه إلا مساء الخميس، فقد نشر مقطع فيديو تحدث فيه عن خلفيات وأسباب تسلميه للمواطن أبوعجيلة قائلا أنه جرى تسليمه إلى الولايات المتحدة لمحاكمته على خلفية تورطه في قضية لوكربي.
وقال الدبيبة: «أبوعجيلة أحد عناصر التنظيم الذي خطط لتفجير طائرة لوكربي وقام بصناعة القنبلة والمتفجرات ووضعها داخل الأمتعة الخاصة بالمسافرين في عملية إرهابية أودت بحياة 270 روحا بريئة» مضيفا أن «ملف لوكربي من حيث مسؤولية الدولة الليبية قد أقفل، بسبب المليارات التي دفعت من أموال ليبيا، والمتهم أبوعجيلة الذي يحمل الجنسيتين الليبية والتونسية ورد اسمه في التحقيقات منذ عامين فقط وتطور مسار التحقيق حتى قبل مجيء حكومتنا وصدرت بحقه مذكرة قبض من الإنتربول».
ومضى يقول: «صار لزاما علينا التعاون في هذا الملف لمصلحة ليبيا واستقرارها ومحو وسم الإرهاب من على جبين أبناء الشعب الليبي البريء» مردفا «أوفدت فريقا حكوميا للاطّلاع على حالة المتورط في الولايات المتحدة وباشرنا إجراءات تسفير عائلته لزيارته ووجهت بتكليف مكتب محاماة بصرف النظر عن تورطه وإرهابه».
وأضاف «لن أرضى أن تتحمل ليبيا وشعبها تبعات عمليات إرهابية ارتكبت منذ أكثر من 30 عاما ولن أرضى أن يصنف الليبيون بالإرهابيين بسبب وجود متهمين بالإرهاب على أرضها» وختم رئيس الحكومة الليبية «مصلحة الشعب الليبي تقتضي التعاون مع الدول الكبرى ولعل أولى الأولويات التعاون في قضايا مكافحة وملاحقة الإرهاب».

تعليقات