مع اقتراب انتخابات كانون الأول/ديسمبر المنتظرة، بدأت التجهيزات لها تتسارع في وتيرتها من قبل الأطراف الذين أعلنوا عن نيتهم للترشح لرئاسة ليبيا، وخاصة أولئك الذين حملوا في سجلهم صفحات طوال من الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان .
وعلى غير العادة كان هذا الأسبوع حافلا بالتجهيزات التي اختفلت في طريقتها بين ظهور مفاجئ لأول مرة، صعق به الليبييون وبين اغتيالات لتصفية الحسابات .
حفتر وسيف الإسلام القذافي، اللذان يروج برغبتهما الترشح لرئاسة ليبيا في مرحلتها المقبلة، والتي من المفترض أن تكون مرحلة تنتهي بها سنوات من الحروب والقتل والدمار، كان لهما خلال هذا الأسبوع نصيب الأسد من صناعة الأحداث والمواقف، بين قتل الكاني وظهور سيف نجل القذافي المفاجئ .
صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت الجمعة مقابلة مفاجئة، صدمت بها الأوساط المحلية، قالت أنها أجرتها مع سيف الإسلام القذافي، الذي اختفى منذ سنوات وكان آخر ظهور له قبل سبع سنوات تحديدا وفي مكان مجهول، ورغم انتشار أخبار في الأونة الأخيرة تفيد بأنه على قيد الحياة إلا أن ظهور صور له كان غير متوقع.
نجل القذافي وخلال المقابلة أظهر حسب الصحيفة نية واضحة للترشح لرئاسة ليبيا، موضحا أنه سيستعيد ليبيا، متقمسا لشخصية أبيه في عدد من الكلمات ومدافعا عنه، وقد وجهت مجموعة من الانتقادات لأحاديثه المليئة بالثقة، وعدم الاعتراف بالخطأ .
حيث قال سيف الإسلام إنه لا يحمل أي انتقادات لعهد والده الذي استمر 40 عامًا، مشيرًا إلى أن بعض السياسات الاشتراكية في الثمانينيات «ربما تكون قد خرجت عن مسارها، لكن والده أدرك ذلك وصحّح الوضع».
وتابع أن الكتاب الأخضر «لم يكن جنونًا وأن مختلف الأفكار التي اكتسبت رواجًا في الغرب مثل الاستفتاءات العامة، وخطط تملّك الموظفين للأسهم، ومخاطر الملاكمة والمصارعة تعود أصولها إلى الكتاب الأخضر».
وقال الصحافي أنه عندما سأله ما إذا كان يتعاطف بأي شكل مع المشاعر التي دفعت المتظاهرين للمطالبة بالتغيير عام 2011 كان ردّه قاطعًا: هؤلاء كانوا أشرارا وإرهابيين وشياطين.
وتابع الصحافي إنه سأل سيف الإسلام القذافي عن رأيه في ثورات الربيع العربي فقال دون لحظة تردّد واحدة: «العرب الحمقى دمّروا بلدانهم».
وظل نجل القذافي يردد حسب الصحافي متعمدا الادعاء الزائف بأن جميع ضحايا أبوسليم كانوا إرهابيين إسلاميين، وقال: «لقد شاهد الناس ما فعلوه في السنوات العشر الأخيرة».
وزاد أن معظم الليبيين يعتقدون أن النظام كان متساهلا جدا وأنه كان ينبغي قتل جميع السجناء في سجن أبوسليم، قائلا للصحافي «اذهب إلى بنغازي، واسأل أي شخص، سوف يقولون لك: إنهم لم يُنهوا المهمة» أي قتل جميع السجناء.
ونقل الصحافي في حديث ملفت عن سيف الإسلام القذافي قوله: «لقد قضيتُ عشر سنوات بعيدًا عن أنظار الليبيين. عليك أن تعود إليهم خطوةً خطوة. مثل راقصة تعرّ» قالها ضاحكًا ثم أضاف: «عليك أن تلعب بعقولهم قليلًا».
وعلق الكاتب: «كان هناك شيء من التآمر في الطريقة التي نطق بها تلك الكلمات الساخرة» وتابع: «يبدو أنه ظنّ أنه يمكنه الوثوق بي، وأني ربما أرغب في مشاركته في تضليل أبناء شعبه «.
ورغم تشكيك بعض المواطنين من خلال مجموعة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بصحة كون الصورة تنتمي لسيف الإسلام القذافي إلا أن بعض الصحافيين أكدوا أنهم التقوا معه شخصيا قبل سنوات بنفس الهيئة وبنفس القيافة.
توقيت نشر المقابلة رغم أنها أجريت منذ شهر ايار/مايو الماضي يظهر أنها جاءت في معترك التجهيز للانتخابات، وقرب اقفال سجل الناخبين لتحفيز التيار المناصر للقذافي للتسجيل والانتخاب .
وضمن معترك التجهيزات دخل حفتر وبقوة أيضا حيث شهد هذا الأسبوع اغتيال أحد أبرز قادة حفتر والمعروف باسم محمد الكاني والمسؤول عن كافة قضايا القتل الجماعي والمقابر الجماعية والفردية في مدينة ترهونة. حيث أكدت مصادر محلية من مدينة بنغازي الواقعة شرق ليبيا لـ»القدس العربي» صحة الأنباء المتداولة عن مقتل محمد الكاني آمر اللواء التاسع مشاة والمعروف بميليشا الكانيات، في منطقة بوعطني بمدينة بنغازي.
وأضافت ذات المصادر أن القيادي في الكانيات محمد الكاني، كان قد قتل على يد ميليشيا طارق بن زياد التابعة لنجل حفتر صدام وبتحفيز مباشر منه .
وتابع المصدر الذي رفض ذكر اسمه أن محمد الكاني قد قتل في مزرعة يقيم فيها بمدينة بنغازي رفقة عبدالباري الشقاقي ووليد البشير، فيما ألقت الميليشيا القبض على شخص يدعى اسماعيل شرود .
وفور تداول الخبر انطلقت احتفالات في مدينة ترهونة، بمقتل محمد الكاني، عقب تورطه في جرائم قتل وإبادة جماعية في المدينة أثناء سيطرتهم عليها بدعم من حفتر .
وفور إعلان الخبر بدأت ردود الفعل المحلية بالتصاعد وكان أولها من رابطة الضحايا بمدينة ترهونة التي استنكرت اغتيال محمد الكاني آمر ميليشيا الكانيات، وإعدامه خارج إطار القانون، من خلال بيان رسمي أصدرته الرابطة التي تمثل أهالي ضحايا المقابر الجماعية بمدينة ترهونة جنوب شرق طرابلس.
وقالت الرابطة، إن محمد الكاني يحمل معلومات وأسرارا عن المقابر الجماعية ومرتكبيها، والعديد من الجرائم الجنائية التي تحتاجها الرابطة لاستكمال التحقيقات، وعدم قفل الملف بموته.
وطالب البيان مكتب النائب العام بفتح تحقيق عاجل، وتسليم باقي المجرمين الموجودين في المنطقة الشرقية للقضاء.
وحملت الرابطة وزارة الداخلية الليبية مسؤولية الانفلات الأمني، مطالبة بتسليم جثمان الكاني للجهات المختصة لأخذ عينات تحليل البصمة الوراثية، للتأكيد على هويته وضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب.
ويرى محللون أن هذا الاغتيال لشخصية كهذه جاء مع اقتراب الانتخابات ومع رغبة حفتر الترشح لرئاسة البلاد، وفي إطار التصفية لخصومه، للترشح بسجل خال من الجرائم والأعداء.
حفتر لم يكتف بقتل الكاني في إطار التحضير للانتخابات وانما باشر في توزيع أوراق للحصول على بيان المواطنين في مدن سيطرته وتتضمن الأرقام الوطنية ورقم المركز.
وزارة النفط والغاز الليبية تكشف عن اتخاذها الإجراءات اللازمة في واقعة الإماراتية هند القاسمي- (فيديو)
أعلنت وزارة النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية الليبية أنها تعمل مع الجهات المعنية بالحكومة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتبيان خلفيات تمثيل سيدة الأعمال ومصممة الأزياء والناشطة الإماراتية الشيخة هند القاسمي للمؤسسة الوطنية للنفط في منتدى اقتصادي عُقد بموناكو الفرنسية في الأشهر الماضية.
وصرحت الوزارة، في بيان نشرته مساء الجمعة، أنها تابعت ما تم تداوله على بعض منصات التواصل الاجتماعي من ظهور سيدة مسماة (الشيخة هند القاسمي) بتمثيل المؤسسة الوطنية للنفط في منتدى اقتصادي بموناكو في الأشهر الماضية، وكذلك ما أوردته المؤسسة الوطنية للنفط لوزارة النفط والغاز بالخصوص في رسالتها المؤرخة في 23 يوليو 2021.
وقالت الوزارة خلال البيان إنها ستتواصل مع جميع الجهات المعنية في حكومة الوحدة الوطنية لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة لبيان خلفيات هذا الأمر ومن كان وراءه حتى تتبين الحقيقة كاملة أمام الشعب الليبي.
وفي ذات السياق قال رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، إنه لا يملك تعيين أو إقالة أي عضو بمجلس الإدارة، كما أنه ليس هناك هيئة تمثيل للمؤسسة في منتدى موناكو، حسب كلمته في مقطع فيديو منشور على صفحة المؤسسة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الجمعة.
وكشف صنع الله عن الإجراءات التي اتخذتها المؤسسة، وأولها نشر تكذيب لهذا الخبر، ثم تواصل مكتب الإعلام مع إدارة المنتدى، وطلب توضيح ملابسات صفة تلك السيدة.
وقال صنع الله إن مكتب إعلام المؤسسة رد عليهم، وأبلغهم اعتذاره عما حدث في رسالة على البريد الإلكتروني، والذي تسبب في إزعاج للمؤسسة، وقال إن هذه السيدة ادعت تلك الصفة، لكن الأمر لا يعفيه من المسؤولية القانونية، فلا يكفي أن يدعي أحد تمثيله لمؤسسة النفط وتعطى له مساحة إعلامية، وندرس كل الخيارات القانونية.
وعقب صنع الله أنه خاطب وزارة النفط والغاز، وأبلغها بما جاء في خبر تمثيل تلك السيدة للمؤسسة، وما جاء في رد المنتدى، موضحا أنه طالب الوزير بالتواصل مع الجهات في الداخل والخارج لإحقاق الحق، ورفع دعوى قضائية على السيدة ومن وراءها، لمعرفة ملابسات ما جرى، وأي جهة تمثلها، منوها إلى مخاطبة النائب العام بالأمر نفسه، وأن إدارة الشؤون القانونية تدرس التحرك ضد السيدة أو المنتدى الذي أعطاها المساحة.
واتهم مواقع مؤدلجة تمثل أحزابًا في ليبيا، لم يسمها، بالوقوف وراء تلك الزوبعة التي استهدفت المؤسسة، متابعا أن تلك المواقع تدار من خارج ليبيا، وضخمت الخبر، وادعت أن المؤسسة هي من كلفت تلك السيدة، وهذا كلام عار من الصحة.
وختم صنع الله أن مؤسسة النفط حافظت على استمرار تدفق النفط، ولولا هذا الأمر لحدث شلل كامل في ليبيا بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.
بدورها، قالت القاسمي عبر حسابها على تويتر: “أنا لست في موناكو، ولم أحضر مؤتمرا تجاريا هناك أساسا، ولم أتحدث باسم الدولة الليبية، ولست عضوة في مجلس أعضاء أي من نفط ليبيا أو استثمار ليبيا. إشاعات ينشرها الحاقدون وينقلها الجهلاء ويتداولها العامة”.
أسرة القذافي لاجئة في عُمان وتنتظر فوز سيف الإسلام بالرئاسة

رشيد خشـــانة – عادت أسماء أبناء الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي (1969-2011) لتطفو على السطح، بعد سنوات من الابتعاد عن الأضواء. وأطلق عدد من أركان النظام السابق دعوات لترشيح النجل الثاني للقذافي، سيف الإسلام (48 عاما) لرئاسة ليبيا، بمناسبة الانتخابات العامة المُقرر إجراؤها في الرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل.
سيف الإسلام ما زال مطلوبا للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي
غير أن خبراء قانونيين اعتبروا ذاك الترشيح غير واقعي، لأن سيف الإسلام ما زال مطلوبا للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بناء على طلب مؤرخ في 27 حزيران/يونيو 2011 يتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ولم يُنشر رسميا أي بيان يُؤكد نية الترشيح عدا ما نشرته صحيفة «ذا تايمز» البريطانية مؤخرا في هذا الشأن. وكان سياسيون ومحامون اعتبروا في مؤتمرات صحافية أقاموها في تونس وطرابلس قبل فترة، أن سيف الإسلام هو «الرجل المناسب للمرحلة المقبلة» متناسين أنه لعب دورا أساسيا في قمع المظاهرات إبان «ثورة» 17 شباط/فبراير 2011 وتوعد الليبيين بحرب أهلية.
فريق من المستشارين
أمضى سيف الإسلام السنوات العشر الأخيرة مُحتجزا في مدينة الزنتان (غرب) التي تبعد عن العاصمة طرابلس 60 كلم فقط، ولم يُعرف عنه شيء طيلة تلك الفترة إذ كان وما زال مُتخفيا. وأكد مؤخرا رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وهو قيادي بارز في حزب العدالة والبناء (الذراع الحزبية لفرع الإخوان المسلمين) أن سيف الإسلام «ما زال على قيد الحياة وهو حر طليق». وأكد ذلك سيف الإسلام بنفسه، في حديث صحافي عبر الهاتف، مع مراسل جريدة «ذا تايمز» البريطانية في تونس، أكد فيه هويته. كما أعلن أنه باشر سلسلة من الاجتماعات مع دبلوماسيين غربيين لم يذكر جنسياتهم، بعدما شكل حوله فريقا من المستشارين.
وبررت «كتيبة أبو بكر الصديق» الإفراج عن سيف الإسلام بأنه يندرج في إطار قانون العفو الذي سنه برلمان الشرق في ليبيا العام 2015. لكن بالرغم من قرار العفو ظل سيف الإسلام متواريا عن الأنظار مخافة تعرُضه لعمليات انتقامية.
واجهة مقبولة؟
وكانت ميليشيا أبو بكر الصديق، رفضت سابقا تسليمه إلى الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة، قائلة إنها غير واثقة من أن طرابلس قادرة على ضمان عدم هروبه من ليبيا. ويرى محللون ليبيون أن العواصم الغربية، بالإضافة لروسيا، تعتبر سيف الإسلام واجهة مقبولة، وهي مستعدة لغض الطرف عن الجرائم التي ارتكبها. وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إليه، ما زال يحظى ببعض الشعبية في أوساط الفئات الحاكمة السابقة. وهذا ما يُغريه بخوض معركة الانتخابات المقبلة بأسلوب جديد. لكنها تضعه أيضا في مواجهة مع الجنرال المتقاعد حفتر، الذي ينتسبُ إلى الشرعية نفسها ويبعث برسائل إلى الليبيين عُنوانها أن العودة إلى ما قبل 2011 أفضل من الثورة التي لم تجلب سوى الحروب والخراب.
وتٌعتبر ورقة سيف الإسلام ورقة ثمينة في أيدي زعامات الزنتان، التي كانت تسيطر على مطار طرابلس الدولي قبل 2014. لكن مصادر مختلفة أفادت أن ميليشيا «أبو بكر الصديق» أخلت سبيل سيف الإسلام منذ 2017 مؤكدة في الوقت نفسه أنه لم يُغادر الزنتان بعد الإفراج عنه. وتحدث خبراء قانونيون أيضا عن عقبة كبيرة تحول دون ترشيحه، وتتمثل بحكم الإعدام رميا بالرصاص، الذي أصدره في حقه القضاء الليبي العام 2015 بعد محاكمة خضع لها مع نحو ثلاثين من رموز نظام القذافي، بعدما أدين بجرائم حرب من بينها قتل محتجين خلال الانتفاضة على حكم والده.
ثلاثة قتلى
خسر معمر القذافي، الذي حكم ليبيا بقبضة من حديد طيلة أكثر من أربعة عقود، ثلاثة من أبنائه خلال القتال مع الثوار في 2011 وهم خميس والمعتصم بالله وسيف العرب. ويُعتبر الساعدي (47 عاما) المقبوض عليه في النيجر، الأكثر إثارة للجدل، إذ رفضت حكومة الوحدة الوطنية الحالية، تنفيذ قرار الإفراج عنه، الصادر عن المحكمة في 30 نيسان/أبريل 2018. وعزت صحيفة «الساعة 24» الليبية، امتناع الدبيبة من تنفيذ قرار الإفراج عن الساعدي، الصادر قبل ثلاث سنوات، إلى اشتراطه (الدبيبة) موافقة قيادات مدينة مصراتة على تلك الخطوة. أما النائب العام صديق الصور، فأرسل في حينه إلى وزارة العدل والحكومة إشعارا بقرار البراءة الصادر في حق الساعدي .
وفي هذا السياق، اعتبر خالد الزا~دي، محامي أسرة القذافي، أن السلطات الليبية الحالية تُؤخر الإفراج عن الساعدي ليكون رهينة في يدها، من أجل استثمارها في وقت لاحق، مؤكدا أنها لا تريد الإفراج عنه لهذا السبب.
ورقة الأحلاف القبلية
يستخدم أنصار سيف الإسلام حاليا ورقة التحالفات القبلية، لدعم خططه السياسية، وإظهار امتلاكه قاعدة اجتماعية، مؤلفة من المدن والقبائل التي لم تُؤيد انتفاضة 17 شباط/فبراير. وفي مطلع الشهر الحالي أعلن ما سُمي بـ«المجلس الاجتماعي للصيعان» (غرب العاصمة طرابلس) أنه يدعم ترشيح سيف الإسلام للانتخابات الرئاسية، وطلب في الوقت نفسه من الأمم المتحدة «احترام إرادة الشعب الليبي في اختيار من يرأسه بنظام الانتخاب المباشر، من دون تداخلات خارجية».
يستخدم أنصار سيف الإسلام حاليا ورقة التحالفات القبلية
واتهم بيان الصيعان حزب العدالة والبناء بالعمل على استمرار الأزمة السياسية، وحض على منح سيف الإسلام، في حال فوزه بالانتخابات، «كافة الصلاحيات لإدارة الدولة، بما فيها صلاحية القائد الأعلى للقوات المسلحة». والأرجح أن سيف الإسلام هو الحصان الذي تراهن عليه كل من روسيا ومصر، بعد سلسلة الاخفاقات العسكرية والسياسية التي مُني بها القائد العسكري للمنطقة الشرقية الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
قانون غير مضمون النتيجة
من هنا فإن التحدي الأكبر الذي يواجهه نجل القذافي يأتي من خصومه المحليين، ومن ضمنهم غُرماؤه، الذين يحاولون تعديل قانون الانتخابات لكي يتم اختيار الرئيس المقبل عبر مجلس النواب، تفاديا للاقتراع العام المباشر، لأنه «غيرُ مضمون» من وجهة نظرهم، وقد يُسفر عن انتخاب الجنرال حفتر أو سيف القذافي.
بيد أن الأخير يواجه فيتو داخلي وآخر خارجي، الأول مصدره القوى السياسية والاجتماعية (القبائل) التي قوضت منظومة القذافي «الجماهيرية» والتي لن تقبل العودة إلى المربع الأول، بعد الثمن الباهظ الذي دفعته للتخلص من حكم الأب والأبناء. أما الفيتو الثاني فيأتي من القوى الإقليمية والدولية، التي شاركت في تقويض النظام السابق. والمُلاحظ أن الدول التي دعمت حفتر في الماضي، قد تُغير مواقفها، تبعا لمصالحها، متى شعرت بأنه بات يمثل الحصان الخاسر.
طلبات مُلحة من الجنائية الدولية
وينطبق هذا أيضا على سيف الإسلام، خاصة في ضوء الطلبات المُلحة من المحكمة الجنائية الدولية للحكومة الليبية بتسليمه، بالإضافة لحكم الإعدام الصادر في شأنه من محكمة طرابلس. وحضت فاتو بنسودة، مُدعية الجنائية الدولية، حكومة الوحدة الوطنية في ايار/مايو الماضي على اعتقال سيف الإسلام وتسليمه إلى المحكمة الدولية. أكثر من ذلك دعت بنسودة، في كلمة ألقتها أمام مجلس الأمن الدولي، سيف الإسلام، إلى تسليم نفسه إلى السلطات الليبية.
وحدهُ الإبن البكر للعقيد القذافي من زوجته الأولى، محمد (51 عاما) هو الذي لم يتلق تكوينا عسكريا، إذ كان يرأس مجلس إدارة الشركة العامة للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية، على أيام والده، وهي المنظومة التي تُدير شبكة الهواتف المحمولة. ولم يُعرف عن محمد القذافي تعاطي العمل السياسي، إذ كان يرأس اللجنة الوطنية الأولمبية ويُشرف على أحد نوادي كرة القدم. وظل بعيدا عن الصراع أثناء انتفاضة 17 شباط/فبراير 2011 ما أتاح له مغادرة البلد مع أسرته برا إلى الجزائر.
تدخل من مبارك
أما المعتصم بالله (45 عاما) وهو في الأصل طبيب، فانضم إلى الجيش حيث أصبح ضابطا، وتردد انه خطط للانقلاب على والده، ما جعله يهاجر إلى مصر. ومن هناك استطاع تحصيل الغفران من والده بعد تدخل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك لصالحه.
ومنذ عودته من مصر، سلمه والده في 2007 رئاسة مجلس الأمن القومي، بالإضافة لقيادته كتيبة طلائع، في إطار تفكيك وحدات الجيش الليبي، الذي بات عبارة عن كتائب يقف على رأس كل واحدة منها أحد أبناء العقيد. وكان المعتصم بالله يمثل أحد أعمدة النظام، فكثيرا ما طُرح اسمه ليكون خليفة لوالده بعد رحيله، لكنه قُتل في المعارك مع الثوار.
صانع الأزمات
ويُعتبر هانيبال (43 عاما) أكثر أبناء القذافي مُشاغبة وإزعاجا، إذ تسبب سلوكه الأهوج في اندلاع أزمات دبلوماسية بين ليبيا ودول أخرى من بينها سويسرا ولبنان. وبالرغم من أن هانيبال تلقى تكوينا في الطب وانضم أيضا إلى القوات المسلحة، مثل شقيقه المعتصم بالله، فإنه عُرف بسلوكه الفظ حتى أنه اعتدى على زوجته اللبنانية وخدمه بالضرب في سويسرا، ما أدى إلى اعتقاله. ولم يتورع عن التصريح بأن سويسرا بلد يتعين اقتسامه بين فرنسا وألمانيا وإيطاليا. وتكررت مثل هذه الحادثة في بلدان أوروبية أخرى، فيما اعتبر السويسريون أن القذافي الأب أهان دولتهم إهانة غير مسبوقة، إذ اضطر الرئيس السويسري لزيارة ليبيا، طالبا من القذافي الصفح عن مواطنين سويسريين اختطفتهما المخابرات الليبية للضغط على حكومتهما. واللافت أن جميع وسائل الإعلام في سويسرا تذكرت ذلك الموقف بمرارة يوم قُتل القذافي.
لجوء «إنساني» في الجزائر
واستطاع هانيبال مغادرة ليبيا، على إثر سقوط طرابلس في أيدي الثوار، مرفوقا بوالدته وأخته عائشة وأخيه الأكبر محمد، في موكب من السيارات التي دخلت الأراضي الجزائرية فجرا، بعد منحهم حق «اللجوء الإنساني» وفقا للتعبير الذي استخدمه الجزائريون آنذاك. وتطلب القرار إجراء مشاورات مع «المجلس الوطني الانتقالي» الليبي (حكومة مؤقتة) وأيضا مع فرنسا والولايات المتحدة.
التحدي الأكبر الذي يواجهه نجل القذافي يأتي من خصومه المحليين
أما خميس الذي يُفترض أن يكون بلغ الأربعين حاليا، فهو الوحيد من الأبناء الذي تلقى تكوينا عسكريا في روسيا، وتسلم بعد عودته إلى ليبيا قيادة كتيبة من كتائب الطلائع، فكان على رأس أول تشكيلة اتجهت إلى مدينة بنغازي، بعد اندلاع انتفاضة 17 شباط/فبراير، لقمع الثوار، إلا أن الأمور خرجت عن سيطرته فقضى في القتال.
نجا أفراد أسرة القذافي، الذين طلبوا اللجوء إلى الجزائر من مطاردة الثوار لقافلتهم، وتمكنت عائشة القذافي من وضع مولود لدى حلولها في الجزائر، لكن العلاقات لم تلبث أن توترت بسب تصريحات أدلت بها عائشة، وهاجمت فيها حكام ليبيا الجدد، بينما كان الجزائريون يُكررون أنهم يقفون موقف «الحياد التام» من الصراع في ليبيا.
نهاية شهر العسل
والجدير بالإشارة هنا أن المحلل السياسي الجزائري عبد العزيز جراد، الذي صار مؤخرا رئيسا للوزراء، عزا آنذاك الترحيب الجزائري بأسرة القذافي إلى كون الأفراد الأربعة «غير مطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية». لم يُعمر شهر العسل بين أسرة القذافي والسلطات الجزائرية طويلا، فانتقلت عائشة ووالدتها وأخواها هانيبال ومحمد إلى عُمان، حيث مُنحوا وضع اللجوء السياسي. أكثر من ذلك، استطاعت عائشة استصدار قرار من محكمة العدل الأوروبية بإلغاء قرار سابق، يعود إلى 2011 بمنعها من السفر.
أما هانيبال فلم تنته مشاكله، بعد زوال نظام والده، إذ أقام في دمشق مع زوجته اللبنانية، عارضة الأزياء السابقة، ألين سكاف، قبل اختطافه على أيدي جماعة مسلحة لم تٌعرف هويتها، في بيروت أواخر العام 2015 وهو ما زال مسجونا على ذمة قضايا عدة، من بينها اختفاء الزعيم الروحي اللبناني موسى الصدر في ليبيا على الأرجح العام 1976 بعد تلقيه دعوة من معمر القذافي.
يحلم أفراد أسرة القذافي بفوز سيف الإسلام في الانتخابات والعودة إلى ليبيا
ويحلم أفراد أسرة القذافي بأن فوز سيف الإسلام في الانتخابات المقبلة، متى سُمح له بخوضها، سيفتح أمامهم طريق العودة إلى ليبيا، بعد عشر سنوات من التيه، على إثر مقتل رئيس الأسرة وثلاثة من أبنائه على أيدي الثوار.
ليبيا: انتشار السلاح في الشرق كما في الغرب يضع الانتخابات تحت سيف التهديدات
رشيد خشـــانة – حفتر يُعدُ العدة للعودة إلى الحرب انسجاما مع قناعات عبر عنها في أكثر من مناسبة، مفادها أن حل الصراع في ليبيا لا يمكن أن يكون إلا عسكريا.
عادت التجاذبات الحزبية والمناطقية إلى السيطرة على المشهد الليبي، على نحو عطل الاستعدادات لإجراء الانتخابات العامة المقررة للرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل. وعادت في هذه الأجواء المشحونة، الاستقطابات الإقليمية والدولية السابقة لتطفو على السطح مُجددا، بعدما توارت طيلة الفترة الأخيرة. ومن علاماتها الوفد الذي أرسله القائد العسكري للمنطقة الشرقية الجنرال خليفة حفتر إلى موسكو، وزيارة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى اليونان، غريمة تركيا المُعلنة. ويجدر التذكير في هذا المضمار بأن آخر منصب شغله المنفي هو سفير في أثينا، وقامت السلطات اليونانية بطرده في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 ردا على توقيع رئيس حكومة الوفاق الوطني السابقة فائز السراج على اتفاق عسكري مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في طرابلس.
واعتبر الباحث في معهد «راند» ناثان فاست أن اليونان، إلى جانب كل من السعودية وفرنسا، تدعم محور الإمارات وروسيا ومصر. وكان المنفي توعد تركيا بتجميد التعاون الاقتصادي معها، في حال امتنعت عن سحب قواتها من ليبيا. وهذا مخالف لموقف رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، الذي أكد أن الحضور العسكري التركي في ليبيا يقتصر على عدد محدود من الخبراء والمدربين العسكريين.
وبالتزامن مع وجود المنفي في أثينا، أوفد الجنرال حفتر وفدا عسكريا رفيع المستوى إلى موسكو، بقيادة الفريق خيري التميمي مدير مكتبه وعضو اللجنة العسكرية المشتركة «5+5». وكان حفتر زار موسكو أكثر من ثلاث مرات منذ 2017 ووقع خلال زياراته السابقة على اتفاقات للتعاون العسكري، في أعقاب محادثاته مع وزير الدفاع الروسي سيرغاي شويغو. وتدل زيارة الوفد الليبي إلى موسكو على رغبة حفتر في تجديد آلياته وتعزيز قوته العسكرية، خاصة بعدما أصر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح على رفض إجازة الموازنة الجديدة إذا لم تُخصص حصة كبيرة منها، لم يُحدد حجمها، لـ»الجيش الوطني الليبي» (قوات حفتر والمليشيات الأجنبية الموالية له).
ومن غير المستبعد في حال وقع الفريق التميمي على اتفاقات جديدة مع الروس، أن تتولى الدول العربية الداعمة لحفتر دفع فاتورة الأسلحة الجديدة. والأرجح بناء على ذلك، أن حفتر يُعدُ العدة للعودة إلى الحرب انسجاما مع قناعات عبر عنها في أكثر من مناسبة، مفادها أن حل الصراع في ليبيا لا يمكن أن يكون إلا عسكريا.
وبدت التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة في دول الساحل الثلاث تشاد ومالي والنيجر، وكأنها تُبرر هذا الخيار العسكري، بعدما أطاحت الجماعات المسلحة برئيس تشاد ادريس ديبي، وتتابعت الانقلابات العسكرية في البلدان الأخرى، وخاصة في أعقاب إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن سحب قوات عملية «برخان» من منطقة الساحل والصحراء بشكل مفاجئ. ومع رفع حاجز «برخان» وغلق القواعد الفرنسية هناك، سيكون الجنوب الليبي مكشوفا ومُتاحا للجماعات المسلحة الضالعة في تجارة الأسلحة والذهب والمخدرات، أو للتنظيمات الارهابية الدولية، وفي مقدمها تنظيم الدولة «داعش» وتنظيم «القاعدة»، اللذان يحرصان بين الفينة والأخرى على تنفيذ عمليات إرهابية للتذكير بكونهما لم يُغادرا المنطقة. وكان»تنظيم الدولة» انهزم في معركة «البنيان المرصوص»، التي اضطرت عناصرُهُ على إثرها للانسحاب من سرت ومحيطها في آب/اغسطس 2016. ولم تشارك قوات حفتر في تلك المعركة، على الرغم من رفعها شعار مكافحة الإرهاب.
الروس والصينيون قادمون؟
والأرجح أن عدم قدرة حكومة الوحدة الوطنية على بسط سلطة الدولة مجددا على الجنوب المترامي الأطراف، سيشجع قوى دولية أخرى، أسوة بالروس والصينيين، على الاستفادة من الفراغ العسكري والأمني في الجنوب الليبي، للاستحواذ على منطقة نفوذ استراتيجي جديدة. ويبدو الأمر أيسر على الروس، بعدما ضمنوا من خلال تحالفهم مع الجنرال حفتر، جسرا قويا إلى منطقة الساحل والصحراء، التي ظلت منذ «استقلالها» عن فرنسا، في مطلع العقد السادس من القرن الماضي، حكرا على الفرنسيين تقريبا.
وتتسابق القوى الكبرى بحثا عن موطئ قدم في هذه المنطقة، بسبب ما تحويه من ثروات طبيعية منها اليورانيوم والذهب. لكن يُخشى مع الانسحاب العسكري الفرنسي، أن تُعزز التنظيمات الارهابية وجودها وتقيم جسرا مع جماعة «بوكو حرام» المتمركزة في شمال نيجريا. والمُلاحظ أن زعيم المتمردين التشاديين محمد مهدي، الذي قاد هجومًا على شمال تشاد انطلاقًا من جنوب ليبيا، أقر في تصريحات صحفية أن ميليشياته تلقت تدريبات على أيدي عناصر شركة «فاغنر» الأمنية الروسية في قاعدتي براك الشاطئ وتمنهنت الليبيتين، اللتين يسيطر عليهما حفتر، ومناطق أخرى من الجنوب الليبي.
تزامنا مع العودة، غير المُعلنة بوضوح، للجنرال حفتر إلى ترجيح الحل العسكري، وزيادة على سحب الغطاء الفرنسي عن الجنوب الليبي وجواره، تتعرض المفوضية العليا للانتخابات لحملة شديدة تساهم في تعطيل مسار تنفيذ خارطة الطريق التي وضعها مؤتمر برلين2 لحل الأزمة الليبية. ومن الواضح أن خلف الحملة أطراف لا تريد للانتخابات أن تتم، اللهم إلا إذا ما أفضت إلى ترئيسهم، وفي مقدم هؤلاء الجنرال حفتر. وانطلقت الحملة ضد المفوضية، ورئيسها الدكتور عماد السائح، مع ترويج نسخة مُسربة من التوزيع الجغرافي للدوائر، تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي. وتضمنت النسخة المُسربة تعديلات منسوبة إلى رئيس المفوضية، أثارت حفيظة بعض أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، والمعروفة بـ»لجنة الستين». غير أن رئيس المفوضية رد على الاتهامات بخرق القوانين، مؤكدا أن توزيع الدوائر أتى بناء على طلب من مجلس النواب، وموضحا أن تحديدها يتم على أساس الكثافة السكانية والتوزيع الجغرافي. كما اتهم أطرافا لم يُسمها بـ»التلاعب والتزوير»، وعرقلة جهود المفوضية، الرامية لنشر ثقافة الديمقراطية.
7 ملايين ليبي
واستندت المفوضية على إحصاءات السجل المدني للعام الماضي، لتقترح على مجلس النواب الترفيع من عدد الدوائر الانتخابية والمقاعد النيابية إلى 234 مقعدا، وهي لا تتجاوز حاليا 200 مقعد، بالإضافة لزيادة عدد الدوائر إلى 32 دائرة بدل 13 حاليا. وأظهرت إحصاءات السجل التجاري أن عدد سكان ليبيا يبلغ 6.9 مليون نسمة، من ضمنهم مليونان و382 ألفا و68 شخصا يتمتعون بحق التصويت في الاستحقاقات الانتخابية. وأعلنت المفوضية في 4 تموز/يوليو الجاري عن فتح سجل الناخبين. أكثر من ذلك، اعتبر السائح أن الحملة تتسق مع العملية الإرهابية التي استهدفت مقر المفوضية في الثاني من أيار/مايو العام 2018 وأسفرت عن قتل وجرح عدد من موظفيها.
ربما العقبة الأكبر في طريق إجراء الانتخابات لا تتردد كثيرا على الألسنة، وهي الكميات الكبيرة من السلاح الثقيل، التي تكفي لحربين أهليتين أخريين، والموزعة على كافة أنحاء ليبيا. ولم تتراجع هذه الكميات بعد نهاية القتال بين قوات حفتر وقوات حكومة الوفاق، إذ أن «التموين» بذلك النوع من السلاح استمر في الجانبين، ما جعل الاتحاد الأوروبي يُفكر في التدخل العسكري في ليبيا لجمع تلك الأسلحة الثقيلة. غير أن الخوف من التورط في حرب بلا نهاية جعل الأوروبيين يبحثون عن بدائل أخرى. وزاد الأمر تعقيدا مع إصرار تركيا على خرق قرارات حظر تصدير السلاح إلى ليبيا ورفض إخضاع سفنها للتفتيش، الذي تتولاه خافرات أوروبية في إطار عملية «إيريني». مع ذلك بحث مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة طاهر السني اخيرا في نيويورك، مع قائد «عملية إيريني» فابيو اغوستينو، إمكانات «التشاور والتنسيق» في العمليات التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط، مع حكومة الوحدة الوطنية وأجهزتها المتخصصة، بحسب ما أورد بيان صادر عن البعثة الليبية لدى الأمم المتحدة.
وأظهرت المعارك التي دارت في أحياء مدينة طرابلس، وتحديدا في منطقة باب بن غشير، في ثالث أيام العيد بين مليشيا «الردع» التي يقودها عبد الرؤوف كارة وميليشيا عبد الغني الككلي، (الشهير بـ»غنيوة») وتُعرف بـ»دعم الاستقرار» الأخطار الجمة التي يمثلها استمرار وجود السلاح الثقيل داخل المدن، علما أن ميليشيا الككلي تشكلت إبان فترة حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج. وقد استخدم الفريقان قذائف الأر بي جي في المناطق السكنية، ما أثار الهلع بين المواطنين وأدى إلى مقتل سبعة مدنيين على الأقل.
وتحذيرا من التدفق المتزايد لكميات السلاح الثقيل، عوض تراجعه بعد نهاية «انتفاضة 17 فبراير2011» التي عصفت بالنظام السابق، نبه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السابق غسان سلامة من وجود 23 مليون قطعة سلاح في ليبيا، «لا تقدر الدولة على جمعها أو ضبطها» مؤكدا أن دول الجوار وهي مصر وتونس والجزائر، وأيضا النيجر وتشاد، لديها مخاوف حقيقية من هذا الوضع. ويُعتبر استمرار تقسيم العاصمة طرابلس إلى مربعات نفوذ، يتقاسمها قادة الميليشيات، خطرا مباشرا على إمكانية إجراء الانتخابات في مناخ طبيعي، كي تكون انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. لا بل يُرجح كثير من المحللين أن يحتدم الصراع المسلح من جديد، بسبب رفض الخاسرين المحتملين نتائج الصندوق.
300 ميليشيا مسلحة
إذا كان تعريف الدولة، بحسب ماكس فيبر، هو القوة التي تحتكر السلاح، فإن الدولة بهذا المعنى اختفت من ليبيا منذ 2011. وفي معلومات موقع «الوسط» الإخباري الليبي أن أكثر من 300 ميليشيا مسلحة تنشط حاليا في ليبيا، وهي لا تعترف بالسلطة المركزية، لا بل وتبتزها لدفع مخصصات عناصرها. كما ابتز رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بدوره الحكومة المؤقتة، عندما اشترط لتصديق مجلس النواب على الموازنة الجديدة 2021 تخصيص قسم كبير منها للجنرال حفتر وقواته المسلحة. بهذا المعنى يلتقي زعماء الميليشيات في الغرب مع القائد العسكري للمنطقة الشرقية حفتر على موقف موحد، وهو استبعاد الانتخابات في الأمد المنظور وإرجاؤها إلى تاريخ غير مسمى، مع إضعاف السلطة المركزية إلى أبعد الحدود، لكي يتعزز نفوذهم في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وتجلى ذلك من خلال النظام الاستبدادي الذي أقيم في المنطقة الشرقية، وقضى على كل نفس نقدي وصادر حرية الاعلام وحارب النشطاء والناشطات، وآخرهن النائبة والحقوقية سهام سيرقيوة، التي لم يُعرف مصيرها، بالرغم من مُضي أكثر من سنتين على اختطافها على يد أحد أبناء الجنرال حفتر.
من هنا يجوز التساؤل عن مدى قابلية الوضع الراهن لإجراء انتخابات بالمعايير الدولية، وسط غابة من الأسلحة المتوسطة والثقيلة، في الشرق كما في الغرب، فضلا عن الجنوب المتروك لمصيره، منذ أكثر من عشر سنوات، في غياب مؤسسات الدولة؟
ليبيا: اجتماع روما هذا الأسبوع يحسم مصير الانتخابات
رشيد خشانة – الأرجح أنه سيتعين إرجاء الانتخابات العامة، في انتظار التخلص من المسلحين ومن سلاحهم الثقيل، وهو أحد الشروط التي يتفق عليها الجميع قبل إجراء الانتخابات.
يتجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إعادة تشكيل تفويض بعثته في ليبيا بشكل أساسي، بما يمنحها صلاحيات العمل على نزع سلاح الميليشيات. ويتوقع غوتيريش أن يحظى بدعم كل من الولايات المتحدة وألمانيا لهذا الخيار، بعدما اتضح أن حكومة الوحدة الوطنية غير قادرة على ذلك.
غير أن هذا القرار ينطوي على محاذير ومخاطر عدة، إذ أن السيطرة على الجماعات المسلحة لا تتأتى بالبيانات والنداءات إلى تحكيم العقل، وإنما ستُضطر الأمم المتحدة، في مرحلة من المراحل، إلى استخدام القوة. هذا الاحتمال يطرح بدوره على بساط البحث مسألة تشكيل قوات حفظ سلام لمراقبة الأوضاع الأمنية ونزع سلاح الميليشيات والاشراف على رحيل القوات الأجنبية.
إلا أن خبراء عدة غير مُقتنعين بهذا الطرح، وهم يعتقدون أن الجماعات المُدججة بالأسلحة لن تتخلى بسهولة عن «الإمارات» التي تتحكم فيها، والتي لا سلطة للحكومة المركزية عليها.
وكان كلام رئيس البعثة الأممية يان كوبيش في هذا الشأن واضحا، لما صارح المشاركين في جلسة مجلس الأمن، التي خصصها لليبيا، الخميس الماضي، بقوله عن أطراف الصراع، الذين يزعمون أنهم مع الحل السياسي «أخشى أن العديد منهم ليسوا مستعدين لتنفيذ ذلك».
أما الدول الوازنة في الأمم المتحدة، مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا، فلن تُغامر بإرسال قواتها كي تغوص في رمال الصحراء الليبية، بينما هي بصدد سحب قواتها من قواعدها عبر العالم. واستطرادا فالأرجح أنه سيتعين إرجاء الانتخابات العامة المقررة للرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل، في انتظار التخلص من المسلحين ومن سلاحهم الثقيل، وهو أحد الشروط التي يتفق عليها الجميع قبل إجراء الانتخابات.
إعادة العملية الانتخابية إلى مسارها
لم تكن فكرة الإرجاء مطروحة بوصفها أحد الخيارات الممكنة، قبل عجز ملتقى الحوار السياسي عن الاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهو العجز الذي تطلب إعادة العملية الانتخابية برمتها إلى مسارها الصحيح.
وبدا الوضع الراهن كما لو أن هناك سباقا بين البعثة الأممية وحكومة الوحدة الوطنية على تولي الاشراف على نزع سلاح المليشيات وتسريح عناصرها وإعادة دمجها من ناحية، وترحيل القوات الأجنبية والمرتزقة، المتمركزين في ليبيا من ناحية ثانية. وفي الوقت الذي يعمل فيه غوتيريش على معاودة تشكيل تفويض بعثته بصورة جوهرية، أصدر رئيس الحكومة الدبيبة قرارا يقضي بتشكيل غرفة عمليات مشتركة لتأمين الجنوب.
وعين بموجب القرار وكيل وزارة الداخلية للشؤون العامة، العميد محمود عمر سعيد، رئيسا للغرفة التي ستضم في عضويتها مندوبين عن 11 جهازا أمنيا، بينها جهاز المخابرات وجهاز الأمن الداخلي وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وفي مقدم المهام التي منحها الدبيبة للغرفة الأمنية الجديدة، « المحافظة على الأمن في المنطقة الجنوبية، بما يضمن إسناد الشرطة، وإعداد الخطط الكفيلة بتأمين حدود البلاد الجنوبية، والتنسيق مع دول الجوار».
والمُلاحظ أن من بين المهام الأولى، التي نص عليها القرار الصادر عن مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، «تتبُع تحركات الجماعات الإرهابية ومطاردتها والعمل على القضاء عليها والتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختصة في دول الطوق.
في الجنوب… الدولة غائبة
وإذا ما انتقل الدبيبة إلى تنفيذ قراره، فستواجهه الجماعات التي تقاسمت النفوذ في اقليم فزان، في أعقاب انهيار مؤسسات الدولة العام 2011، وكذلك القوى القبلية التي حلت محل الدولة منذ أكثر من عشر سنوات.
ومن الوارد أيضا أن تصطدم جهود حكومة الوحدة الوطنية، على هذا الصعيد، بالدور الذي تعتزم البعثة الأممية القيام به. وتعتزم بعثة الأمم المتحدة تسمية مسؤول أمني خلال الأيام المقبلة، يُرجح أن يكون أمريكي الجنسية، لكي يتولى ملف نزع سلاح الميلشيات، وفق المخرجات التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا، الشهر الماضي. وقد يقود التنفيذ المتوازي للخطتين الحكومية الليبية والأممية إلى تضارب المسارين، خصوصا أن مقاومة أمراء الكيانات المسلحة ستكون شديدة لكل من يسعى لتحجيم نفوذهم.
بالإضافة إلى صعوبة استعادة السيطرة على اقليم الجنوب الشاسع بحجم فزان، تجابه حكومة الدبيبة عقبة سياسية أخرى، تتمثل برفض مجلس النواب التصديق على الموازنة. وسيلجأ الدبيبة إلى عرض الموازنة على ملتقى الحوار، لكن إذا لم يوافق أعضاء الملتقى على الموازنة، ستكون المضاعفات كبيرة، ويمكن اعتبارها انهيارا لاتفاق وقف إطلاق النار.
ربما حرصا على إنجاز الانتخابات في ميقاتها المتفق عليه، بادر الدبيبة بتشكيل «اللجنة الوزارية المعنية بدعم وإنجاح الانتخابات». وضبط القرار مهام اللجنة وهي تتمثل في التنسيق بين المؤسسات المختلفة للعمل على دعم وتنفيذ الانتخابات، والتنسيق مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وتقديم كل التسهيلات لها، إضافة إلى تفعيل الدور المناط بمؤسسات الدولة المختلفة في دعم الانتخابات. إلا أن الاكثار من الهيآت واللجان قد يؤدي إلى احتكاكات بينها ووضع عراقيل إدارية إضافية بسبب البيروقراطية.
جماعة «مجهولة الهوية»
أكثر من ذلك، يُشكك كثير من المراقبين بفرص تحقيق تقدم في العملية السياسية طالما أن الحكومة لا تتحكم في الأوضاع الأمنية، ليس فقط في المناطق الداخلية، وإنما في العاصمة أيضا. وليس أدل على ذلك من اختطاف وكيل وزارة الشباب أحمد أبو بكر ميلاد، الأربعاء، من أمام بيته وتعنيفه على أيدي جماعة «مجهولة الهوية» بحسب السلطات، قبل أن تُفرج عنه في اليوم التالي.
حملت تلك العملية الخطرة دلالات كثيرة على حقيقة الأوضاع في العاصمة، واستطرادا في باقي المدن، حيث تزعزعت المكانة الاعتبارية للدولة، بعدما تكرر عجزها عن ملاحقة الجناة واستنطاقهم ومُعاقبتهم.
وكان عبدالمنعم العرفي مدير مكتب الدعم التقني بديوان مجلس الوزراء، تعرض للاختطاف هو الآخر، الإثنين الماضي، أثناء عودته من عمله، ولم تُعرف الجهة التي خطفته.
وقبل ذلك هاجمت جماعة مسلحة مجمع فنادق «ريكسوس» بالعاصمة طرابلس، بنية الاعتداء على وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، عقابا لها على تصريحات شددت فيها على ضرورة إجلاء جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا بلا استثناء. لكن الهجوم فشل لأن الوزيرة لم تكن يومها في الفندق، الذي تتخذ منه الحكومة المؤقتة مقرا لها.
وزاد الطين بلا اتجاه الأمم المتحدة إلى جعل بعثتها للدعم في ليبيا تتعهد بالقضايا التي لم يستطع الليبيون حسمها، ومنها تسريح المليشيات ونزع سلاحها وإعادة دمجها وترحيل القوات الأجنبية والمرتزقة. إلا أن المنطق البديهي يقول إن ما لم يقدر عليه أهل البلد، وهم العارفون بشعابه ومنعرجاته ومنخفضاته، لا يمكن أن يقدر عليه الأجانب.
مع ذلك، لم يكن البيان الصادر عن مجلس الأمن في خاتمة اجتماعه الأخير بالقوة المنتظرة، إذ اكتفى بحض السلطات والمؤسسات ذات الصلة، بما في ذلك مجلس النواب، على اتخاذ إجراءات فورية لتوضيح الأساس الدستوري للانتخابات وسن التشريعات عند الضرورة للسماح بإجراء الانتخابات، على أن يُمنح للمفوضية العليا الوقت والموارد الكافية للتحضير للانتخابات، وفقًا للجدول الزمني المنصوص عليه في خريطة طريق ملتقى الحوار السياسي (تونس – نوفمبر الماضي).
والمُلاحظ أن مجلس الأمن ألقى بالمسؤولية في إنجاح المسار الانتخابي على مجلس النواب، إذ شدد في بيانه على أهمية «أن يكون هناك نهج شامل لعملية المصالحة»، مرحباً بدعم الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد، وكذلك «المنظمات الإقليمية بما في ذلك جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي».
تجميد الأصول
ربما نقطة القوة الوحيدة في بيان المجلس هي التعبير عن عزمه على ضمان تجميد الأصول التابعة لمعرقلي المسار، عملاً بالقرار 1970 لسنة 2011.
لكن الأرجح أن مصير التوصيات الجديدة لن يكون أفضل من التوصيات السابقة، الصادرة عن مجلس الأمن، الذي سبق أن هدد وتوعد بالويل والثبور المُصرين على إرسال شحنات الأسلحة إلى أطراف النزاع، بعد تنفيذ قرار وقف إطلاق النار، لكنه لم يتخذ عقوبات في حقهم.
كما أن اجتماع الدبيبة ووزير الخارجية الألماني هايكو ماس في نيويورك، على هامش جلسة الأمن، لم يُسفر سوى عن كلمات فضفاضة، من دون إجراءات ملموسة، تخص المسألتين اللتين كانتا محور الاجتماع، وهما ترحيل المقاتلين الأجانب وإجراء الانتخابات العامة في ميقاتها.
مع ذلك ما زال يان كوبيش يرى خيطا رفيعا من التفاؤل في المشهد الليبي القاتم، مُعلقا آمالا كبيرة على الاجتماع الذي تستضيفه إيطاليا الأسبوع المقبل، على خلفية إخفاق أعضاء ملتقى الحوار السياسي في جنيف في الاتفاق على قاعدة دستورية للانتخابات.
ويخص الاجتماع اللجنة البرلمانية المشكلة الأسبوع الماضي لصياغة قانون انتخابي يسمح بإجراء الانتخابات في موعدها. وتضم هذه اللجنة من بين أعضائها، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وأعضاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، بمن فيهم رئيسها عماد السايح.
وتُسهل البعثة الأممية الجهود المبذولة لإيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف، من خلال لجنة التوافق المصغرة المُشكلة في جنيف مثلما أسلفنا.
في هذا السياق طلب المبعوث الأممي من كل خمسة أعضاء من الملتقى تعيين عضو يمثلهم من أجل مناقشة القضايا العالقة، وكانت النتيجة تشكيل لجنة من حوالي 13-14 عضوًا، اجتمعت عبر تقنية الفيديو.
كما أفاد كوبيش بتشكيل لجنة برلمانية جديدة الأسبوع الماضي، لصياغة قانون انتخابي يسمح بإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر، وهي اللجنة التي تعتزم الاجتماع في إيطاليا الأسبوع المقبل.
يُقر كوبيش بانقسام أعضاء الملتقى خلال اجتماع جنيف الأخير إلى «تكتلات ومجموعات ذات مصالح وانتماءات مختلفة. وسجل أنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على مقترح نهائي للانتخابات، مشيرا إلى أن الوضع في ليبيا بات أكثر صعوبة وتوترًا جراء ذلك الفشل. ورأى المبعوث الأممى أن «جميع القوى الراهنة الجديدة تستخدم تكتيكات مختلفة وحججا غالبا ما تكون مشروعة، لكن النتيجة واحدة وهي عرقلة الانتخابات».
معركة لي ذراع بين الدبيبة ومجلس النواب
رشيد خشـــانة – يرتدي الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن أهمية خاصة، إذ سيكون على مستوى الوزراء، وسترأسُه فرنسا، الضالعة في دعم قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
استبقت موسكو جلسة من المقرر أن يعقدها مجلس الأمن الدولي الخميس المقبل، لترفع صوتها مُطالبة، هي الأخرى، بإخراج المقاتلين الأجانب من ليبيا «بشكل متزامن». ولو كان هذا الموقف، الذي أعلنه نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، صادقا لكانت موسكو من المبادرين إلى سحب مقاتلي شركة «فاغنر» الأمنية، بشكل متزامن مع المرتزقة الآخرين.
مع ذلك كشف فيرشينين أن روسيا قدمت إلى وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، في نهاية 2019 مشروعا لإحداث آلية مشاورات شاملة تتعلق بالتسوية السلمية للصراع في ليبيا. وأكد فيرشينين أن موسكو لم تتلق ردا من واشنطن على مقترحها إلى اليوم.
والأرجح أن إمساك واشنطن عن الرد حتى الآن، مردُه إلى كونها لم تر جدية في تعاطي الروس مع ملف مرتزقة «فاغنر» الذين لا تعتبرهم موسكو تابعين للدولة الروسية. وكان إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا محورا رئيسا في مشاورات مؤتمر برلين الثاني، في 23 حزيران/يونيو الماضي، والذي خلص إلى بيان ختامي من 56 بندا، بينها إخراج المرتزقة من البلد. وتقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 20 ألفا، وهم يحملون الجنسيات الروسية والسورية والسودانية والتشادية وغيرها.
ويرتدي الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن أهمية خاصة، إذ سيكون على مستوى الوزراء، وسترأسُه فرنسا، الضالعة في دعم قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر. وبحسب المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش، سيتطرق الاجتماع إلى ملف الانتخابات المقررة لآخر العام الجاري. كما يُتوقع أن يتناول بالبحث ما سُجل من خروق لوقف إطلاق النار، وإن لم يكشف كوبيش طبيعة هذا البحث. والظاهر أن المبعوث الأممي يسعى لعقد اجتماع لملتقى الحوار، مدفوعا بهاجس تنشيط المسارات المعطلة، بعد إخفاق الاجتماع الأخير في جنيف، نتيجة أجواء العراك والعنف التي طغت على أعماله.
غير أن كوبيش نفى أن يكون الاجتماع أخفق، وأكد أنه ناقش الأفكار والمقترحات التي ينبغي أن تسير بالبلد نحو الاستحقاق الانتخابي.
وتأكيدا لذلك أفاد كوبيش أن على اللجنة التي تشكلت في جنيف للتقريب بين المواقف المتباعدة، أن تجمع المقترحات وتُوحد الأفكار في شأن كيفية إجراء الانتخابات على قاعدة دستورية.
بيد أنه أنحى باللائمة، بشكل غير مباشر، على مجلس النواب (شرق) والمجلس الأعلى للدولة (غرب) مُعتبرا أنهما يتحملان مسؤولية «إعداد التشريعات اللازمة والعمل على إقرار القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات».
ولاحظ مراقبون أن كوبيش يسعى إلى لي ذراع الأطراف المُعطلة لتنفيذ خارطة برلين، من أجل إنهاء التجاذبات التي عصفت بالاجتماع الأخير في جنيف وأدت إلى تعطيل المسار. وأفاد مصدر مقرب من المبعوث الأممي أنه مُصمم، إذا ما استمر مجلس النواب في رفض مناقشة الموازنة، على عرضها على ملتقى الحوار.
بانتظار تسمية وزير للدفاع
وتحدث كوبيش في لقاءات خاصة عن المشاريع والخطط المعطلة جراء تلكؤ مجلس النواب في إجازة الموازنة التي قدمتها له حكومة الدبيبة منذ فترة.
في المقابل، يشترط المعارضون لتداول المجلس في موضوع الموازنة، تسمية وزير للدفاع أولا قبل النظر في المشروع المعروض عليهم. وأكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، طلال الميهوب، في هذا الصدد، أنه لا يمكن اعتماد ميزانية الدولة وإقرارها من دون معرفة قدرة الحكومة على آلية صرفها وتنفيذها، ومشترطا في الآن نفسه تعيين وزير على رأس حقيبة الدفاع التي يتولاها حاليا رئيس الحكومة الدبيبة.
وفي السياق ظهرت قراءات واجتهادات مختلفة، من أنصار عرض الموازنة على مجلس النواب، تُبرر ضرورة استعجال الأمر. لا بل إن عضو مجلس النواب وعضو ملتقى الحوار السياسي، زياد دغيم استند على مادة في الاتفاق السياسي تسمح للحكومة بتقديم الموازنة إلى المجلس الرئاسي ومجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي لاعتمادها، ولا تنتظر إقرارًا من البرلمان، في ظل تهرُبه من النظر في الموازنة التي أحيلت إليه. ووجه المتحمسون لعرض الموازنة على البرلمان اتهامات إلى رئيسه عقيلة صالح بالوقوف وراء التعطيل، مع تذكيرهم بأنه (أي صالح) لا يستطيع ترؤس الجلسات بسبب القاعدة المألوفة حول تضارب المصالح، بعدما أخفقت لائحته في الاقتراع الذي جرى في جنيف في فبراير الماضي، إثر منافسة بين لائحته ولائحة محمد المنفي وعبد الحميد الدبيبة.
خطوات نحو الشفافية
إلى جانب هذا الجدل القانوني يمكن القول إن مكافحة الفساد تحسنت في أعقاب إمساكها بملفات ظلت مسكوتا عنها طيلة سنوات، فقد تسلم رئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة أخيرا تقرير المراجعة المالية الدولية، عن عمل المصرف المركزي بقطبيه في طرابلس (غرب) والبيضاء (شرق) بمشاركة مؤسسات ومنظمات دولية. وهي إحدى الخطوات الأولى من نوعها لاعتماد الشفافية في المؤسسات المركزية الليبية. ولئن اعتُبر هذا التدبير استنقاصا من السيادة الليبية، فإن مُجريات الصراع الليبي /الليبي في السنوات الأخيرة، جعلت من مثل هذه المراجعة مظهرا آخر من مظاهر تدويل الأزمة.
وكانت حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج هي من طلب قبل ثلاث سنوات المراجعة الدولية، من مجلس الأمن، مثلما ذكر بذلك المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة. ويمكن القول إن ما دفع السراج إلى ذلك هو حرصه على تبرئة ساحة الحكومة من أي شبهات تلاعب بالمال العام، عن طريق مصرف ليبيا المركزي.
وأتاح حفل التسليم الرسمي للتقرير الأسبوع الماضي، جمع حاكم مصرف ليبيا الصديق الكبير مع نائبه علي الحبري، الذي يُدير الفرع الرئيسي في مدينة البيضاء، منذ سبع سنوات، في إطار منافسة بينهما على خلفية الانقسام السياسي في البلد. وانسحب الخلاف بين رأسي المصرف المركزي على مجلس الادارة، الذي انشطر وتعثرت أعماله، على مدى السنوات السبع الأخيرة.
إخراج ليبيا من القائمة الرمادية
مع وجود هذه الصعوبات حقق المصرف مكاسب مهمة ابرزها إخراج ليبيا من القائمة الرمادية، الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بعد الاستجابة لشروط مجموعة العمل المالي، بالتعاون مع وزارة الخزانة الأمريكية. من هنا تبدو عملية تسليم التقرير الدولي بداية لإعادة توحيد المصرف المركزي، الذي سيكون وقود تنفيذ أهداف موازنة 2021، التي مازال مجلس النواب يتلكأ في التصديق عليها، بالرغم من أن نصف السنة انقضى.
ومع أهمية هذا المحور في تنفيذ بنود خارطة برلين، إلا أن الخلافات السياسية داخل ملتقى الحوار هي الأكثر تأثيرا، إن سلبا أم إيجابا، في مصير خارطة الطريق.
في السياق نفسه، وجهت أخيرا مُقررة لجنة متابعة الأجهزة الرقابية ابتسام الرباعي، كتابا إلى رئيس هيأة الرقابة الادارية سليمان الشطي لإشعاره بتوقيفه عن العمل وإحالته إلى التحقيق. إلا أن الشطي رفض القرار واعتبر أن الرباعي غير مخولة اتخاذ تلك القرارات، التي تعود إلى رئيس مجلس النواب بمقتضى النظام الداخلي للمجلس.
بعيدا عن المناكفات الجارية في العاصمة، تتفاقم هامشية الجنوب الليبي (إقليم فزان) الذي ما زال معبرا لتجارة الأسلحة من جميع الأحجام والأنواع، فضلا عن شبكات التهريب وتجارة البشر، ما يضعه خارج المسار الذي انطلق من برلين العام الماضي. والجنوب، الذي يُعتبر الخاصرة الرخوة لليبيا، لم يستقبل واحدا من مسؤولي الصف الأول منذ أكثر من عشر سنوات. وعاد إليه التوتر أخيرا مع إرسال الجنرال حفتر قوة من المرتزقة إلى المنطقة غير بعيد عن الحدود المشتركة مع الجزائر، ما حمل الحكومة الجزائرية على غلق الحدود مع ليبيا.
غياب دول الجوار
في هذا المشهد المتشابك، تبدو دول الجوار غائبة أو مُغيبة، بالرغم من محاولات الاتحاد الأفريقي المشاركة في المساعي الرامية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا. ومن الواضح أن استبعاد هذه الدول من مؤتمري برلين الأول والثاني، عدا الجزائر، دليلٌ على الاستهانة بتلك الدول، ونفي لأي دور يمكن أن تساهم به في حل الأزمة، على الرغم من أنها أول المتضررين من استمرار الصراع في ليبيا، وأول المستفيدين من عودة الاستقرار والأمن إليها.
والظاهر أن انكفاء أهم جيران ليبيا من دول عربية على أوضاعها الداخلية، جعلها مُهمشة في الحركة الديبلوماسية التي تمهد لترتيب الانتخابات.
وزاد من تعفين الأوضاع مقتل الرئيس التشادي على أيدي ميليشيات خارج الدولة، تملك أسلحة أكثر تطورا مما تملك جيوش بلدان الساحل والصحراء. ولا يستبعد محللون أن تلك الجماعات المسلحة تُستخدم من قبل دول كبرى أو قوى اقليمية لإرباك الوضع في ليبيا.
ويُستدل على صعوبة الأوضاع هناك وحجم المخاطر الأمنية الكبيرة بقرار فرنسا سحب قواتها من مالي والنيجر وتشاد على دفعات، ووضع حد لعملية «برخان» التي تجند في إطارها أكثر من 5000 جندي فرنسي، قُتل بعضهم في معارك مع الجماعات المسلحة.
ويعتقد الأمريكيون أن استمرار الحرب الأهلية في ليبيا أوجد مناخا مناسبا للجماعات المسلحة المنسحبة من العراق وسوريا، للجوء إلى الجنوب الليبي، والتوسع جنوبا نحو منطقة الساحل والصحراء. وسيكون من الصعب ملاحقة تلك الجماعات في فضاء شاسع تعادل مساحته سبعة ملايين كلم مربع، ويفوق عدد سكانه 140 مليون نسمة، يتحدرون من أعراق ومكونات قومية واثنية مختلفة.
وتشكل بلدان الساحل العشرة حاضنة مثالية للحركات المصنفة إرهابية، ولشبكات التهريب وتجارة السلاح، وهي من أفقر البلدان في العالم واقتصاداتها الرعوية من أشد الاقتصادات تقليدية.
من هذه الزاوية يعتبر الألمان، وهم أصحاب مبادرة برلين، أن إعادة الاستقرار إلى ليبيا هو مفتاح السيطرة على الوضع في منطقة الساحل، واستطرادا الحل الأنجع لإجلاء عناصر الجماعات المسلحة منها، كي لا تظل تقتنص الفرصة المناسبة للزحف شمالا، نحو السواحل الجنوبية لأوروبا، وتهديد الاستقرار في دول مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا. هكذا يصبح الحل السياسي في ليبيا ضرورة اقليمية، لا بل دولية، وهو ما عبرت عنه المستشارة ميركل حين حذرت من أن إطالة الأزمة في ليبيا ستجعل شظاياها تنتقل إلى بلدان أفريقية أخرى.
الحكومة الليبية تعلن تشكيل لجنة لإجلاء مواطنيها العالقين في تونس- (فيديو)
وجه رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، السبت، تعليماته المشددة لجميع الأجهزة ذات العلاقة، بسرعة تمكين الليبيين العالقين في تونس من العودة إلى البلاد.
جاء ذلك بعد جملة استغاثات أطلقها المواطنون العالقون في المعبر، وعقب ازدحام شديد في البوابة التونسية ومطالبات بالسماح لهم بالدخول إلى ليبيا.
وقال المكتب الإعلامي للمنفي إنه تواصل مع رئيس المجلس الرئاسي وكل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية، ووزير الداخلية، ورئيس جهاز المخابرات، بشأن توفير كل الدعم لإتمام عودة العالقين دون أي تأخير، مع مراعاة الإجراءات الاحترازية، بعد عودتهم للبلاد.
ونشرت وسائل إعلام محلية صورا ومقاطع فيديو تظهر وجود مجموعة من العائلات الليبية في العراء في انتظار فتح معبر رأس جدير بعد إغلاقه بشكل مفاجئ.
ونظم عشرات المواطنين مظاهرات غاضبة على بوابة المعبر لمطالبة السلطات بالالتفات لمعاناتهم، ووضع حلول عاجلة وسريعة لهم، تضمن رجوعهم إلى أرض الوطن.
لا حول ولا قوة الا بالله حالة من الفوضى والاحتقان في معبر راس جدير من جانب التوتسي بعد رفض الجانب الليبي عودة العالقين الليبين الى بلدهم pic.twitter.com/5wQWPJFSu2
— تاقرفت نيوز (@taqarifatnews) July 9, 2021
الوضع الحالي للعالقين الليبيين في الحدود الليبية التونسية / معبر رأس جدير . pic.twitter.com/OpvkZBz1eb
— تك يحرق كل شي (@tkyroogklshytk) July 10, 2021
وفي ذات السياق، قال القنصل الليبي لدى تونس، فاضل القريو، السبت، إنه قد تقرر تشكيل لجنة طوارئ تتولى إجلاء المواطنين الليبيين العالقين في الأراضي التونسية عبر رحلات جوية.
وأوضح القريو أن القرار جاء بتعليمات مباشرة من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، مشيرة إلى أن اللجنة ستتولى نقل الليبيين من مطار قرطاج الدولي في تونس، مع ضرورة حصول الركاب على تحليل بي سي آر، مفعوله 24 ساعة.
وسيكون تسيير الرحلات الجوية إلى طرابلس وبنغازي من المطار التونسي، مع التأكيد على توحيد عمل شركات الخطوط الجوية بهدف إجلاء أصحاب التذاكر، وفق منصة حكومتنا.
ليبيا.. الدبيبة يدعو إلى تقديم “تنازلات” لإنجاح انتخابات ديسمبر
دعا رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، الأحد، ملتقى الحوار السياسي إلى تقديم “تنازلات” بهدف إنجاح الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول القادم.
جاء ذلك خلال افتتاح المركز الإعلامي للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات (رسمية) بطرابلس، عقب انطلاق عملية تحديث سجل الناخبين تمهيدا للانتخابات المقبلة وفق بيان المكتب الإعلامي للدبيبة.
ونقل البيان عن الدبيبة دعوته “الأطراف المعنية (لم يوضحها) إلى تقديم كل ما يمكن من التنازلات لتوفير البيئة المناسبة لإنجاح الانتخابات، وتغليب مصلحة الوطن العليا على المصالح الشخصية والجهوية”.
وثمة تخوفات في ليبيا من تمرير قاعدة دستورية بلا شروط للترشح، بما يسمح بأن يترشح للرئاسة اللواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر، قائد المليشيا التي قاتلت لسنوات حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دوليا.
وجدد الدبيبة “التزام حكومته بما سيتم إقراره بشأن القاعدة الدستورية وحرصه شخصيا على تعزيز مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات”.
وأكد الدبيبة، أن حكومته “ستوفر كل الدعم للمفوضية من تخصيص الموارد المالية والتحضير لحماية الانتخابات”.
والجمعة، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان، عدم التوصل إلى اتفاق بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات الليبية في ختام ملتقى الحوار السياسي في جنيف.
كما دعت البعثة الأممية، في بيان لاحق، إلى مواصلة التشاور للتوصل إلى حل توافقي بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات، المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون أول المقبل.
وحول فتح سجل الناخبين اعتبر الدبيبة، أن ذلك “يعد خطوة إيجابية من المفوضية الوطنية العليا للانتخابات تمهيدا للاستحقاق الوطني وإجراء انتخابات حرة وشفافة في موعدها” وفق البيان.
والأحد، أعلنت مفوضية الانتخابات البدء في عملية تحديث سجل الناخبين في إطار التجهيزات لإجراء الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وحسب تقديرات المفوضية الليبية، يبلغ عدد الناخبين المسجلين مليونين من أصل 4 ملايين و200 ألف يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، أي ما يعادل نحو 48 بالمئة فحسب.
ويبلغ عدد سكان ليبيا نحو 6.5 ملايين نسمة، بحسب تقديرات متفاوتة، في ظل غياب إحصاء رسمي.
(الأناضول)
تُظهر حرب الطائرات بدون طيار محدودية الكفاءة التشغيلية لأنظمة الدفاع الجوي
بينما تعاني معظم البلدان من جائحة فيروس كورونا المستجد (COVID-19)، أصبحت الحروب الأهلية في سوريا وليبيا ساحات قتال للدول الأجنبية التي تدعم أطرافًا محلية مختلفة. لقد تدخلت القوى الخارجية في كلتا الحربين الأهليتين بتزويدهما بأسلحة تقليدية متطورة أدت إلى اشتداد حدة الصراعات، ولكن لم يصل أداء معظم تلك الأسلحة لمستوى ما كان يُزعم عنها. ولعل أكثر الأمثلة المدهشة على ذلك هو كيف كانت أنظمة الدفاع الجوي الروسية الحديثة غير فعالة في مواجهة الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تحلق على ارتفاع منخفض. في المواجهة بين أنظمة دفاع جوي باهظة الثمن وطائرات بدون طيار هجومية منخفضة التكلفة وصواريخ تحلق على ارتفاع منخفض، كفة الهجوم هي الرابحة.
في الأسابيع الأخيرة، أفادت التقارير أن الطائرات بدون طيار التي قدمتها تركيا لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا دمرت أنظمة الدفاع الجوي الروسية قصيرة المدى بانتسير (Pantsir) شورادس (SHORADS) التي استخدمها الجيش الوطني الليبي المعارض لحماية قواته. عدم قدرة الجيش الوطني الليبي على حماية قواته أدى إلى قلب مجرى الصراع، وهو تذكير بمدى صعوبة الدفاع الجوي في عصر الطائرات المسلحة بدون طيار الرخيصة نسبيًا وصواريخ كروز المنخفضة الموجهة بدقة.
الجيش الوطني الليبي ليس هو الوحيد الذي يواجه صعوبة في استخدام أنظمة الدفاع الجوي بفعالية. النظام السوري يستخدم العديد من أنظمة الدفاع الجوي الروسية الأصل، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي إس-300 (S-300) و إس-400 (S-400) وكذلك نظام الدفاع الجوي العالي إلى متوسط الارتفاع (HIMADS) ونظام صواريخ بوك ذاتي الدفع (Buk-M1) وأنظمة صواريخ أرض جو متوسطة المدى (SAM) و نظام بانتسير شورادس (Pantsir SHORADS) الدفاعي قصير المدى. دأب سلاح الجو الإسرائيلي على هزيمة هذه الأنظمة بانتظام من خلال الاستخدام المشترك للحرب الإلكترونية والصواريخ المضادة للإشعاع والذخائر الموجهة بدقة. تم اختبار العديد من التكتيكات والتقنيات والإجراءات المستخدمة لهزيمة أنظمة الدفاع القصيرة المدى (SHORADS)في ليبيا حيث تم اختبارها خلال حملة الجيش التركي الشتوية القصيرة في عام 2020 في محافظة إدلب والتي دمرت خلالها تركيا أنظمة بانتسير شورادس الدفاعية قصيرة المدى (Pantsir SHORAD) و نظام صواريخ بوك (Buk-M1) متوسطة المدى التي يديرها نظام الأسد. يبدو أن بعض أنظمة بانتسير (Pantsir) السورية والليبية المدمرة تعمل في الميدان، بينما كان البعض الآخر يتحرك على مقطورات مسطحة أو يختبئ تحت حاميات عندما تم تدميرها. يوضح هذا كيف يمكن للمعلومات الاستخباراتية أن تساعد المهاجمين بتحييد هذه الأنظمة الدفاعية بسهولة.
لم تتم هزيمة كل هذه الأنظمة فقط بسبب أوجه القصور التقنية الكامنة فيها. فقد يؤثر الوضع التكتيكي والاستراتيجي الذي تستخدم فيه هذه الأنظمة الدفاعية الجوية أيضًا على أدائها. على سبيل المثال، كجزء من مشروع ممول من المساعدات الخارجية المرسلة من قبل الولايات المتحدة، قامت مؤسسة RAND بدراسة مصادر معلومات مفتوحة تسلط الضوء على أن المجندين السوريين الذين يشغّلون أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتقدمة التي حصلوا عليها حديثًا يفتقرون إلى وقت التدريب اللازم لتشغيل هذه الأنظمة المعقدة بفعالية. إن النجاح المتكرر للقوات التي تستخدم طائرات بدون طيار وصواريخ تحلق على ارتفاع منخفض لتدمير أو قمع أنظمة الدفاع الجوي المتعددة في ساحة المعركة هو ملاحظة تحذيرية حول فعالية هذه الأنظمة ضد التهديدات الجوية الحديثة. في كل من ليبيا وسوريا، أفسدت الطائرات الهجومية بدون طيار والصواريخ منخفضة التكلفة أنظمة دفاع جوية أكثر تكلفة وتعقيدًا وصعبة في التشغيل.
حتى الدول المجهزة تجهيزًا جيدًا مثل المملكة العربية السعودية تعلمت، من خلال الضربات الصاروخية وهجوم الطائرات بدون طيار على منشآتها النفطية في أواخر صيف عام 2019 من قبل المتمردين الحوثيين أو العملاء الإيرانيين، أن الدفاع الجوي الفعّال ضد الطائرات المسلحة بدون طيار أو الصواريخ منخفضة التحليق أمر صعب للغاية. وبالمثل، فإن إيران تعلم، من خلال إخفاقاتها المأسوية في نظام الدفاع الجوي تور (Tor) الذي زودتها روسيا به والذي أسقط طائرة ركاب أوكرانية، بأن تشغيل أنظمة صاروخية دقيقة ومتطورة تتطلب تدريبًا مكثفًا، وحتى بعد التدريب ممكن حدوث أخطاء كارثية.
قامت شركة الدفاع الروسية والمسؤولون الحكوميون بتسويق نظام الدفاع الجوي العالي إلى متوسط الارتفاع (HIMADS) وأنظمة الدفاع القصيرة المدى (SHORADS) المتقدمة على أنها فعالة للغاية ضد التهديدات الجوية. ومع ذلك، وكما أظهر القتال الأخير في ليبيا وسوريا، فإن شراء وتشغيل نظام دفاع جوي متكامل حديث يمثل مشروعًا عسكريًا صعبًا. حتى من الناحية الفنية، يمكن هزيمة الأسلحة الفعالة. لسوء حظ المدافعين الجويين حول العالم، يمتلك المهاجم مجموعة واسعة من خيارات الأسلحة الإلكترونية والحركية للحد من فعالية إن لم يكن هزيمة تلك الأنظمة الدفاعية الجوية. سيكون صانعو القرار على المستوى الوطني من الحكمة أن يوازنوا بعناية مقايضات الهجوم والدفاع لتلبية احتياجاتهم الأمنية قبل إنفاق الثروة الوطنية على أنظمة باهظة الثمن ومعقدة يصعب تشغيلها ولا تعمل دائمًا كما هو معلن في هذا المجال.
جون ف.باراشيني (John V. Parachini) هو كبير الباحثين في المجال الدولي والدفاع و بيتر ويلسون (Peter Wilson) باحث مساعد في الدفاع الدولي في مؤسسة RAND الحيادية وغير الربحية.
ليبيا: مناورات لتأجيل الانتخابات واستمرار حكومة الدبيبة
رشيد خشانة – هل ستجري الانتخابات العامة في ميقاتها المحدد، أم ستعمل حكومة الدبيبة، بالتعاون مع أعضاء في ملتقى الحوار السياسي، على تمديد المرحلة الانتقالية، بلا ضبط سقف زمني لها؟
مع تكثيف الضغوط الأمريكية، الظاهرة والخفية، على جميع الفرقاء الليبيين، تحركت مواقف أعضاء «ملتقى الحوار» بعد تعطيلات مديدة، لتُحقق تقدما نسبيا نحو اختيار القاعدة الدستورية للانتخابات المقررة لآخر السنة. وأفاد رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا يان كوبيش أن أعضاء الملتقى صوتوا على ثلاثة خيارات وفاز الأول منها، ما شكل حلحلة للخلافات التي عطلت المسار ووصلت إلى حد التهجمات الشخصية بين أعضاء الملتقى. وقد وافق 25 عضوا، أي ثلث الأعضاء، على الخيار الأول، ما جعل كوبيش يُعلن اعتماد ذلك الخيار.
ومن الواضح أن هذه التطورات همشت الجنرال حفتر، وقضت تقريبا على أحلامه بالترشيح لرئاسة ليبيا، إذ أن «ملتقى الحوار» يستعد لإقصاء ذوي الجنسية المزدوجة من الترشيح للرئاسة. ويحمل حفتر وأبناؤه جنسية الولايات المتحدة بعدما أقاموا فيها أكثر من عشرين عاما.
ولوحظ في هذا السياق أن مؤتمر برلين2 لوح بفرض عقوبات على المُعرقلين للانتخابات ومنتهكي حقوق الإنسان، ومن بينهم حفتر، من دون ذكره بالاسم. في المقابل عزز المؤتمر من شرعية الهيئات التنفيذية الحالية، وخاصة المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، وعمق في الوقت نفسه الانتقادات لقوات حفتر، التي باتت تُعتبر «جماعات مسلحة غير منضبطة توشك على الخروج من التوافق الليبي والدولي». وتُعدُ خسارة حفتر التعاطف الأمريكي مُتغيرا بارزا في الصراع الليبي.
في السياق عبر الرئيس جو بايدن عن تقديره لـ»الشراكة والجهود الثنائية بين الجزائر والولايات المتحدة لدعم الاستقرار في المنطقة، وبخاصة في ليبيا ومنطقة الساحل الأفريقي».
أتى هذا الموقف في رسالة هي الأولى من الرئيس الأمريكي لنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، منذ توليه السلطة في كانون الثاني/يناير الماضي خلفا لدونالد ترامب. وبعث بايدن بالرسالة لتهنئة تبون لمناسبة احتفال الجزائر بالذكرى الـ59 لعيد الاستقلال المصادف ليوم 5 تموز/يوليو الجاري.
وأتت تأكيدات مُتكررة لهذا الدور الأمريكي، من خلال إعلان السفارة الأمريكية لدى ليبيا أن الكونغرس والبيت الأبيض «يراقبان ملتقى الحوار السياسي الليبي، المُجتمع في جنيف». وحضت السفارة أعضاء الملتقى على إيجاد «إطار دستوري واقعي» للانتخابات المقررة 24 كانون الاول/ديسمبر المقبل.
وكان لافتا أن واشنطن لم تكتف بذلك الإعلان الواضح، بل أصدر أيضا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب مينينديز والسيناتور الجمهوري جيم ريش بيانا مشتركا عبرا من خلاله، عن دعمهما جهود أعضاء ملتقى الحوار للتوصل إلى مرجعية دستورية للانتخابات. ويدل مثل هذا البيان المشترك على وحدة المواقف بين الجمهوريين والديمقراطيين في الملف الليبي، ما لا يدع مجالا لاستثمار الخلافات بين الحزبين، مثلما كان الشأن في ظل إدارة دونالد ترامب السابقة.
أكثر من ذلك، باتت واشنطن تُواكب أولا بأول، مسار تنفيذ خريطة الطريق، المُعتمدة في مؤتمر برلين، إذ علق مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، على غلق قوات الجنرال المتقاعد حفتر معبرا حدوديا مع الجزائر، مُعتبرا تلك العملية قرارا أحاديا «لا يحظى بدعم المجتمع الدولي» وهو نوع من الإدانة المبطنة.
تدلُ هذه المواقف، معطوفة على الاتصالات الأمريكية المباشرة مع أطراف النزاع المحليين والإقليميين، على نهاية الوكالة التي كانت واشنطن تمنحها لإيطاليا، في السنوات التي قررت خلالها الابتعاد عن أجواء الصراع الليبي. بالمقابل كان لافتا إبرازُ واشنطن دورا محتملا للجزائر في إنهاء الصراع في ليبيا، مثلما ذكر ذلك جوي هود، الذي انتقد ميليشيات حفتر، مُعتبرا إياها جزءا من الأزمة.
ويشير الرد الأمريكي على حفتر، من دون ذكره بالاسم، إلى أن واشنطن تعتبره أحد المُعرقلين للحل السياسي. وقد تكون ماضية في تنفيذ بعض العقوبات في حقه، إذا ما أصر على تعطيل المسار، وتمسك بالدعوة إلى القتال مجددا، رافضا القبول بمخرجات جينيف، خصوصا بعدما تخلت عنه معظم القوى الدولية، وأبرزها روسيا ومصر.
جدل حول الصلاحيات
ودخل الأمريكيون في تفاصيل الجدل حول حدود الصلاحيات التي يتمتع بها ملتقى الحوار السياسي، مُعتبرين أن عليه «إيجاد إطار دستوري واقعي للانتخابات المقبلة».
بعيدا عن هذا الجدل السياسي تتركز مطالب المواطنين الليبيين في الفترة الراهنة، على ضرورة إقرار البرلمان الموازنة الجديدة، كي ينطلق إنجاز المشاريع المعطلة بعد سبعة أشهر من بداية العام. ويشكو الليبيون في المقام الأول من الانقطاعات المديدة للكهرباء في ظل حرارة الصيف، ويأملون أن يساعد التصديق على الموازنة في تحسين أوضاعهم المعيشية القاسية.
أما المفوضية الوطنية العليا للانتخابات فباشرت مساعيها لتجهيز المراكز الانتخابية، استعداداً لفتح سجل الناخبين خلال الأيام القليلة المقبلة. وفي هذا الإطار أطلقت مكاتب الإدارة الانتخابية مؤخرا، عملية تثبيت اللوحات الخاصة بأرقام مراكز الانتخاب على واجهات المدارس، التي تم اختيارها لإجراء عملية الاقتراع بها في كافة أنحاء البلد.
وقد استُكملت هذه العمليات، بحسب المفوضية، في مدن كبرى، من بينها العاصمة طرابلس ومصراتة وطبرق وترهونة ومسلاتة. وفي خطوة تعكس الاستفادة من وسائل الاتصال الجديدة، أفادت المفوضية أنها تعتزم نشر أسماء مراكز الانتخاب وأرقامها على صفحات «فيسبوك» الخاصة بمكاتب الإدارة الانتخابية، في نطاق مدنهم، للتعرف على أسماء المراكز الجديدة.
هكذا تسير الأمور على خطين متناقضين، الأول يُسرع الخطى نحو الانتخابات، والثاني يضع العرقيل في الطريق كي تبقى حكومة الدبيبة بعد 24 كانون الأول/ديسمبر.
أما في الجانب الجزائري فعزا مسؤولون، من بينهم وزير الخارجية صبري بوقادوم، غلق المعابر الحدودية مع ليبيا إلى حالة الطوارئ الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد-19. وأكد بوقادوم عزم بلاده على إعادة فتح المعابر الحدودية مع ليبيا، عبر فتح نقطة أو نقطتين حدوديتين، وهما معبر الدبداب – غدامس، والمعبر الذي يربط جانت الجزائرية بمدينة غات جنوب غرب ليبيا.
وزار مؤخرا وفد جزائري رفيع المستوى، ضم مسؤولين حكوميين من وزارة الداخلية والخارجية والتجارة والبنية التحتية والنقل والجمارك والحماية المدنية، معبر الدبداب – غدامس، من أجل الوقوف على آخر الاستعدادات اللوجستية والتقنية لإعادة فتحه. وما من شك بأن وجود حكومة ليبية قوية ومنتخبة في المستقبل، سيكرس الاستقرار على الحدود المشتركة مع الجيران. إلا أن ذلك يتوقف على مدى التقدم في تنفيذ خارطة الطريق وإجراء الانتخابات العامة في ميقاتها.
مسودة العباني
يجدر التوقف هنا عند المبادرة التي قدمها عضو مجلس النواب محمد عامر العباني، والمتمثلة بطرح مشروع قاعدة دستورية لانتخاب رئيس الدولة من الشعب. وميزة مشروع العباني أنه حسم الخيار بين النظام الرئاسي، الذي يُفضله، والنظام البرلماني الذي تسبب بتعقيدات كبيرة في ليبيا وتونس.
ومما جاء في المشروع أن رئيس الدولة هو الأعلى، ويمثل سيادتها العليا، وأن رئاسة الدولة تقوم على التداول، على ألا تزيد فترة الرئاسة عن خمس سنوات، ويتم اختيار الرئيس بالانتخاب المباشر من بين أفراد الشعب الليبي. وأسوة بالدستورين الأمريكي والفرنسي لا يجوز انتخاب الرئيس لأكثر من فترتين زمنيتين متصلتين أو منفصلتين.
كما تعرض العباني لمسألة شائكة في ليبيا تتمثل في مزدوجي الجنسية، إذ شدد مشروعه على ضرورة تحدُر أصول رئيس الدولة من ليبيا، وأن يكون والداه ليبيين، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلادية، ولا تزيد على ثمانين سنة ميلادية، وألا يحمل جنسية ثانية إلى جانب الجنسية الليبية. وتُثير النقطة الأخيرة جدلا واسعا حاليا في صفوف النخب السياسية الليبية، التي يطالب بعضها بمراعاة اضطرار المعارضين للزعيم الراحل معمر القذافي للجوء إلى الخارج، هربا من البطش، وحصولهم على جنسيات البلدان التي أقاموا فيها.
في ثنايا هذا الجدل حول شروط الترشيح لرئاسة الدولة، برزت أصوات تدعو إلى إرجاء الانتخابات إلى تاريخ لاحق لم تُحدده، وهو الموقف الذي سبق أن رفضه مؤتمر برلين2 وأيدته في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. أما روسيا وتركيا فتميلان إلى الإرجاء كي تستمر قواتهما وقتا أطول في ليبيا، خدمة لغايات استراتيجية واضحة.
وأتت الدعوة إلى التأجيل من 21 عضوا في ملتقى الحوار السياسي، الذين اقترحوا إجراء الاستفتاء على الدستور في اليوم المُقرر لإجراء الانتخابات العامة. وإمعانا في إطالة عمر المرحلة الانتقالية اقترح أصحاب المبادرة أن يسبق الاستفتاء تشكيل عدة لجان دستورية وسياسية للنظر في إقرار مشروع الدستور، الذي سبق أن أعدته اللجنة التأسيسية المنتهية ولايتها، منذ العام 2017. وفي حالة عدم إقراره تُعتمد القاعدة الدستورية المعدة من قبل ملتقى الحوار السياسي.
لكن الأرجح أن هذه الفكرة ستُجابه بالرفض من غالبية الليبيين الذين انتظروا بفارغ الصبر انتهاء المرحلة الانتقالية وانتخاب سلطات جديدة تُباشر إصلاح أوضاع البلد وتعالج الاختلالات الكبرى التي يُعاني منها. ويعتقد مراقبون أن هذه الفكرة تستهوي رئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، الذي يوجد عمُهُ رجل الأعمال علي الدبيبة في مقدم الموقعين على هذا الطلب. وما تُخفيه هذه الدعوة هو التمديد لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة إلى تاريخ غير محدد، بعد 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وهذا ما أغضب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا يان كوبيش، الذي خاطب أعضاء ملتقى الحوار الوطني، مُشددا على ضرورة التوافق حول آلية لإجراء الانتخابات في موعدها «لأنه تفويض من الشعب الليبي لا يمكن الرجوع عنه» كما قال.
واعتبر كوبيش، في الكلمة التي ألقاها، في اجتماع أعضاء ملتقى الحوار المنعقد في جنيف، أواخر الأسبوع، أن ما هو على المحك هو «وحدة ليبيا واستقرارها وسلامها وسيادتها».
وكلما تعفنت الأوضاع في ليبيا، خرج أصحاب المقاولات السياسية بمشاريع وردية، ترمي إلى إبراز الأشخاص الذين يُمهدون لعودة الاستبداد، بالوجوه القديمة نفسها، ومن بينها سيف الإسلام نجل معمر القذافي، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية. وأعلن سيف الإسلام في حديث أدلى به إلى صحيفة «ذا تايمز» اللندنية أخيرا، أنه يعتزم العودة للحياة العامة، والترشح للانتخابات الرئاسية. وأفادت الصحيفة أن سيف الإسلام باشر مؤخرا سلسلة من الاتصالات مع دبلوماسيين غربيين وروس، لإثبات اعتماده عقب عودته للظهور في الحياة العامة، بالرغم من أنه ما زال مطلوبا للمثول أمام المحكمة الجنائية. لكن هل يقبل الليبيون أن يُلدغوا من الجحر مرتين؟
المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا
تعريف:
تأسس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا في جوان - يونيو 2015 في تونس، وهو أول مركز من نوعه يعمل بكل استقلالية من أجل تعميق المعرفة بليبيا في جميع المجالات والقطاعات، ويرفد بالمادة العلمية جهود المجتمع المدني في ليبيا لإقامة الحكم الرشيد، المبني على التعددية والتداول السلمي واحترام حقوق الإنسان . مؤسس المركز: الإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة يقوم المركز بنشر مقالات وأوراق بحثية بالعربية والأنكليزية والفرنسية، ويُقيم مؤتمرات وندوات علمية، وباكورة نشاطاته ندوة حول "إسهام المجتمع المدني في إعادة الاستقرار والانتقال الديمقراطي بليبيا" يومي 5 و6 أكتوبر 2015 بتونس العاصمة.
موقع "ليبيا الجديدة"
موقع إخباري وتحليلي يبث الأخبار السريعة والتقارير السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عن ليبيا، ديدنُه حق المواطن في الإعلام، ورائدُه التحري والدقة، وضالتُه الحقيقة، وأفقهُ المغرب العربي الكبير. يتبنى الموقع أهداف ثورة 17 فبراير ومبادئها السامية ويسعى للمساهمة في بناء ليبيا الجديدة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحكم الرشيد.