السبت 05 يوليو 2025 9 محرّم 1447

كل مقالات Farouk

أمريكا تعلن دعم ليبيا لتكون دولة قادرة على محاربة الإرهاب داخل حدودها

 

قال القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جوي هود إن الولايات المتحدة تدعم أن تكون ليبيا دولة قادرة على محاربة الإرهاب داخل حدودها.

وأضاف هود أن الولايات المتحدة تدعم أيضًا الهدف المتمثل في أن تكون ليبيا ذات سيادة ومستقرة وموحدة بدون أي تدخل أجنبي.

وأضاف القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية أن أمريكا تعارض بشدة أي تصعيد عسكري وكل تدخل عسكري أجنبي لا يؤدي إلا إلى تعميق الصراع وإطالة أمده.

وتابع هود :”نحن ملتزمون بزيادة دعمنا الدبلوماسي للتقدم الذي أحرزه الشعب الليبي، بما في ذلك من خلال عمل مبعوثنا الخاص”.

ويقول :”ستواصل الولايات المتحدة الترويج للجهود الدولية الرامية لدعم حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في الأشهر المقبلة فيما تستعد للانتخابات وتعمل على إنهاء الصراع”.

ويضيف القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية :”سنعمل أيضا مع الشعب الليبي والشركاء الدوليين لضمان دعم تعزيز المؤسسات الليبية والحوكمة”.

المشري: لولا أحمد معيتيق لكنا سيطرنا على سرت والجفرة.. والبعثة ومفوضية الانتخابات يتجاهلون الدستور لدعم حفتر

 

أكد رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري القيادي بحزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الاخوان امتلاكه لمعلومات ودلائل قطعية بشأن كون سيف الإسلام القذافي على قيد الحياة وحر طليق.

المشري الموالي بشدة لتركيا وقطر أوضح خلال مشاركته في حلقة نقاش عبر منصة “كلوب هاوس” تابعته صحيفة المرصد إنه تواصل مع مع أشخاص يلتقون مع سيف الإسلام القذافي مبينًا أن عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق محمد معيتيق قد خذل الجميع بمبادراته للصلح.

وأضاف المشري بالقول أنه لولا تحركات معيتيق لكان ما عبر عنه بـ”الجيش الليبي” قد استطاع السيطرة على مدينتي سرت والجفرة والتقدم منهما، مبينًا إن “خليفة حفتر” (القائد العام للقوات المسلحة المشير حفتر) قد تخلت عنه معظم القوى الدولية وأبرزها روسيا ومصر لمصالحها الخاصة حسب زعمه.

وإدعى المشري إن “حفتر” لا زال يحاول اللعب في القاعدة الدستورية للترشح للانتخابات وأنه يقول يقول خلال لقاءاته مع المسؤولين أن مشروع الدستور لن يمرر أبدًا، زاعمًا أن ما وصفه بـ”هجومه على الجنوب” (إعلان القيادة العامة لعملية أمنية في الجنوب لملاحقة تنظيم داعش) كان بسبب نجله صدام الذي كان متورطا مع جماعات خطيرة لتهريب المخدرات والبشر والنفط والذهب.

وأضاف المشري إن الميليشيات التي كان يتعامل معها “حفتر” تقّت وخرجت عن سيطرته لذا وجه أرتاله للهجوم عليها رغم أنه صنعها، مؤكدًا إن “حفتر” لا يريد الخضوع لمدنية الدولة ويريد إخضاع كافة المؤسسات التشريعية والمالية له بما فيها مصرف ليبيا المركزي حسب مزاعمه.

وواصل المشري قائلا إن المجلس الأعلى للدولة رفض محاولات تعيين محافظ جديد من طرف مجلس النواب سابقًا لأن الأخير يدعم “حفتر” بقوة مشيرًا إلى أنه حاول أن يمد يده لرئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح وأنه سيذهب لمدينة طبرق إلا أنه لم يجد استجابة تذكر أو ترحيبًا.

ووفقًا للمشري فإن الخلاف بين مجلس الدولة الاستشاري ومجلس النواب فيما يخص المناصب السيادية يتعلق بشروط الترشح لأن الاتفاق السياسي نص بضرورة إيجاد أرضية مشتركة لتعيين هذه المناصب والمستشار صالح رفض الشروط التي وضعها البرلمان.

وشدد المشري على أن بنود الاتفاق السياسي واحدة ولا تتجزء وأن هناك مادة تتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية إلا أن مجلس الدولة الاستشاري تحفظ عن كلمة توحيد لأنها تعني ضم من وصفها بـ”ميليشيات حفتر” (القوات المسلحة الليبية) في إطار من قال عنه “الجيش الليبي”.

ولمح المشري لوجود شكوك حول تصرفات البعثة الأممية لكونها مستمرة في تجاهل أي حديث عن الدستور بالتعاون مع مجلس النواب ورئيس مفوضية الانتخابات دعما لرأي”حفتر” الذي يرفض الدستور ما يحتم وجوب أن يقول الشعب كلمته.

وبشأن الوجود العسكري التركي في ليبيا أوضح المشري إن القوات التركية النظامية موجودة في أماكن واضحة ومعروفة من ليبيا مشددا أنه لا يجوز المقارنة بينها وبين المرتزقة الأفارقة والفاغنر مع انتقاده لتشكيلة حكومة الوحدة الوطنية لأنها لم تحتو إلا على شخصين من “تيار الثورة”، فيما ينتمي الباقي لتيار النظام السابق والكرامة.

ليبيا: أمريكا وألمانيا لم تستخدما الأوراق التي بحوزتهما

 

رشيد خشانة – ربما بالغت الوزيرة المنقوش في التفاؤل، عندما أعلنت تحقيق تقدم في ملف انسحاب المرتزقة من ليبيا مع أن هذا الملف يعسُر حله من دون ضغوط من مجلس الأمن.

عندما استقبلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، بمبنى المستشارية الاتحادية، إثرانتهاء أعمال مؤتمر برلين2 الأربعاء الماضي سمعت منهما امتنانا خاصا للدور الألماني، الذي كان في مثابة القاطرة للموقف الأوروبي «طيلة مراحل الأزمة الليبية» على ما قالت المنقوش.
ولعبت برلين، وخاصة وزير الخارجية هايكو ماس، دورا محوريا في تعبئة نظرائه لحضور المؤتمر الذي شكل محطة مهمة بعد سنة ونصف السنة من برلين1 في كانون الثاني/يناير العام الماضي. ويُعتبر هذا الدور مطلبا أوروبيا جماعيا لأن أعضاء الاتحاد الأوروبي ينامون ويصحون على كابوس الهجرة غير الشرعية من الضفة الجنوبية للمتوسط نحو بلدان الشمال. وهم يعتقدون أن عودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا كفيلة باحتواء الهجرة غير الشرعية والقضاء على بؤر الارهاب، التي استفادت من غياب الدولة، أو من ضمورها في السنوات العشر الأخيرة.
انطلاقا من هذه الخلفية نُدرك الأهمية التي توليها أمريكا وأوروبا لتعبيد الطريق لانتخابات تُنهي الأزمة الليبية. وتجلى هذا الحرص من خلال حضور وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ونظرائه الأوروبيين مؤتمر برلين2. لكن في الجانب المقابل شاب التوتر والتحفظ حضور الوفدين الروسي والتركي، لأن جميع الوفود الأخرى تقريبا، أجمعت على طلب سحب المرتزقة والقوات الأجنبية على السواء. وأخفقت محاولة نائب رئيس الوفد التركي تركيز البيان الختامي على إخراج المرتزقة فقط، والتغاضي عن القوات الأجنبية، انطلاقا من أن وجود قوات تركية في ليبيا يخضع لاتفاق بين الرئيس رجب طيب اردوغان ورئيس حكومة «الوفاق» السابقة فائز السراج، وهو اتفاق أودعت نسخة منه لدى منظمة الأمم المتحدة.
ومن الواضح أن الأمم المتحدة والألمان بنوا على نتائج المرحلة الأولى من مسار برلين، لتيسير الوصول إلى الحل السياسي، القائم على رُكنين هما إخراج القوات الأجنبية وإجراء انتخابات عامة. ومن الواضح أيضا أن الضغط الأمريكي الأوروبي في مؤتمر برلين2 على الدول التي تملك قوات نظامية أو غير نظامية في ليبيا، حشر هذه الأخيرة في الزاوية، وفرض عليها قبول البحث في روزنامة الانسحابات. وحاول الأتراك عبثا تغيير نص البيان الختامي كي لا تُلحق عناصرهم بلائحة المرتزقة. إلا أن الألمان أفهموهم أن البيان مُقتبس من قرار سابق لمجلس الأمن لا مجال لتعديله، وهو القرار 2570 لسنة 2021.
ولم يتوان وزير الخارجية الألماني ماس عن تذكير المشاركين في مؤتمر برلين بضرورة «إجراء الانتخابات وانسحاب القوات والمقاتلين الأجانب انسحابا فعليا من ليبيا». أكثر من ذلك، خاطب ماس الحضور بقوله «إن الذين تعهدوا المرة الماضية في برلين بسحب قواتهم لم يحترموا تعهداتهم» وكان يعني روسيا وتركيا والإمارات.

تفاهمات روسية تركية
والمؤكد أن الاجتماع الروسي التركي المرتقب لمحاولة حل المشاكل الثنائية لن يقتصر على سوريا وأذربيجان، وإنما سيشمل بالضرورة ليبيا حيث يحتاج الروس والأتراك إلى تفاهمات تحول دون حدوث انزلاقات، خصوصا في ظل وجود مرتزقة روس وسوريين على جانبي خط وقف إطلاق النار، على مقربة من مدينة سرت. غير أن الوزيرة نجلاء المنقوش بالغت في التفاؤل، ربما، عندما أعلنت من برلين تحقيق «تقدم ملموس في ملف انسحاب المرتزقة من ليبيا» مع أن هذا الملف معقد ومتشعب، وبالتالي يعسُر حله من دون ضغوط حازمة من الأمم المتحدة، وتحديدا مجلس الأمن. ولا يقلُ تعقيدا عن هذا الملف، ملفُ توحيد المؤسسة العسكرية، الذي سبق للموفد الأممي كوبيش أن أكد أنه مسار لا يُحقق أي تقدم.
لكن على الرغم من المناكفات الروسية الأمريكية، التي تجددت بمناسبة قمة البلدان الصناعية السبع، ليس من المستحيل الوصول إلى تفاهمات في ليبيا مُماثلة لسوريا. ومع حرص البيت الأبيض على تصحيح زلة اللسان، التي قام بها الرئيس الأمريكي، لدى حديثه عن إمكان الوصول إلى تفاهمات مع موسكو في ليبيا، وكان يقصد سوريا، قد يكون السيناريو الممكن متمثلا في تجميع بعض المرتزقة داخل قواعد عسكرية وقتيا، وترحيل البعض الآخر، لإفساح المجال أمام إجراء الانتخابات المقررة للرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل.
غير أن أطرافا عدة تشكك في واقعية هذا السيناريو وجديته، وفي مقدمهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية الدبيبة الذي أكد بوضوح لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، خلال لقائهما في برلين، أن حكومته تنتظر من واشنطن «مشاركة بناءة» في الجهود الرامية لإخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا، من اجل بدء مرحلة جديدة نحو «ليبيا ديمقراطية ومستقرة وآمنة». وأفاد مقربون من الدبيبة أن الأخير أبرز لمحاوره الأمريكي «الأهمية الملحة» لإخراج «جميع المرتزقة الأجانب والمجموعات المسلحة» غير الشرعية من ليبيا، في إطار خطة شاملة، وهي الخطة التي تحدثت عنها المنقوش.

ترحيل تدريجي للمرتزقة؟
ولعل الحل الوسط الذي قد يتم التوصل إليه، يتمثل بما أعلنه وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في ختام مؤتمر «برلين2» من أن رحيل المرتزقة سيتم بشكل تدريجي. لكن خصوم الحكومة يريدون جدولا زمنيا للانسحاب. وعزا ماس خلال المؤتمر الصحافي الختامي، القبول بـ»الخروج التدريجي» إلى وجود تفاهم بين تركيا وروسيا على سحب مُتدرج ومُتزامن لقواتهما من ليبيا، «للمحافظة على التوازن» مُوضحا أن الانسحاب لن يحدث «بين عشية وضحاها». وبحسب مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، ما زالت عمليات نقل المرتزقة إلى ليبيا تسير بالوتيرة السابقة، مؤكدا أنه تم نقل نحو 300 مرتزق تابعين لتركيا إلى ليبيا، منذ بداية الشهر الجاري. وقد يكون الوضع مماثلا لدى الالفريق الليبي الآخر.

مُخالفات كثيرة
يشكل تأخير تصديق مجلس النواب على الموازنة الجديدة أحد محاور الخلاف الرئيسة بين المجلس والدبيبة، إذ ينتقد الأخير خصومه في المجلس على تراخيهم في اعتماد الموازنة. ويرد الخصوم بأن مشروع الموازنة «تشوبه مخالفات كثيرة» وأرقام بملايين الدنانير «لا توجد لها أبواب صرف أو بنود وخطط واضحة». لكن المعلومات التي ترددت أمس رجحت أن تتم تلك المصادقة غدا الاثنين، كي تصل الرواتب إلى أصحابها قبل عيد الإضحى. كما ينتقد الدبيبة خصومه أيضا على التأخير في إيجاد القاعدة الدستورية اللازمة لإتمام الانتخابات.
وسعيا من البعثة الأممية للتعجيل بحل العقدة الدستورية، أعلنت عزمها على عقد اجتماع مباشر لملتقى الحوار السياسي في سويسرا اعتبارا من غد الاثنين إلى الخميس، فيما عقدت قبل ذلك، اللجنة الاستشارية المنبثقة عن الملتقى، اجتماعات تحضيرية في تونس، من أجل وضع مقترحات من شأنها تيسير إيجاد قاعدة دستورية للعملية الانتخابية، والدفع قُدُما بالمناقشات بُغية بناء التوافق المأمول.
وتندرج هذه الاجتماعات في سياق اجتماعات سابقة لأعضاء ملتقى الحوار السياسي يومي 26 و27 من الشهر الماضي، ركزوها على درس مُقترح القاعدة الدستورية للانتخابات. وأحال رئيس البعثة الأممية في ليبيا يان كوبيش تلخيصا لأهم مداولات الملتقى إلى كل من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، متجاهلا الجنرال المتقاعد المُسيطر على المنطقة الشرقية خليفة حفتر.
وعشية مؤتمر برلين الأخير حرك حفتر بعض قواته نحو الجنوب، فيما أعلنت وسائل إعلام مُقربة منه أنه سيطر على الاقليم الجنوبية، وأنه قرر غلق الحدود الليبية الجزائرية.

حركة استعراضية
لكن هذه الحركة المفاجئة لا تعدو أن تكون عملية إعلامية استعراضية، لأنه لا يملك القدرة عمليا على السيطرة على حدود يزيد طولها عن ألف كيلومتر، وتأمين الامدادات والتموين اللازمين من قواعده في الشرق. كما أن شبكات التهريب عبر الحدود ظلت تعمل كالعادة، بالرغم من إعلان غلق الحدود، لأن جماعة حفتر نفسها تتعاطى معها وتستفيد من خدماتها.
مع ذلك هناك بعد سياسي واضح في الاعلان عن غلق الحدود مع الجزائر، يتمثل بالرد على تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي أكد أن الجزائر كانت ستتدخل عسكريا لو سيطر الجنرال حفتر على طرابلس. هذا الحسم الجزائري نزع عن الجنرال المتقاعد صفة الشريك الذي يُصنع معه السلام في ليبيا، مُعتبرا إياه مجرد رئيس ميليشيا. لكن رد حفتر لم يكن سياسيا بل انفعاليا لأن من يريد أن يكون طرفا في الحل السياسي، لا يستعدي الجيران، وخاصة الجزائر بحجمها السكاني ووزنها العسكري ودورها الاقليمي.
وتشكل معضلة فتح الطريق الساحلي أو استمرار غلقه، مؤشرا مهما على مدى تقدم المسار السياسي، فمن دونه لا مجال لتحقيق الشروط الأخرى لاستكمال تنفيذ بنود عملية برلين. كما أن بقاء بنغازي في قبضة حفتر ينزع عن الانتخابات صفة الحرية والشفافية، لأنها تُلغي الشرق من العملية الانتخابية، ما يُقوض المسار برمته.
ويجوز القول إن هذه المعضلة أوقعت رئيس الحكومة الدبيبة في مقلب ينال من مكانته الرمزية، فبعدما اعتلى جرافة، وأعلن عن فتح طريق سرت مصراتة، مُعتبرا أن ذلك اليوم هو «يوم تاريخي»، لكونه أبعد شبح التقسيم، أعلنت اللجنة العسكرية 5+5 إرجاء فتح الطريق.
وتؤكد جماعات في غرب البلاد أن قوات روسية تابعة لمجموعة «فاغنر» تتمركز على هذا الطريق منذ حوالي سنتين، وهي (قوات الغرب) تشترط انسحاب المرتزقة الروس قبل الموافقة على إعادة فتح الطريق. والأرجح أن الموفد الأمريكي الخاص إلى ليبيا السفير رتشارد نورلاند، الذي يُجري اتصالات مكثفة مع الفرقاء الليبيين، يُركز اتصالاته حاليا على مسألتين أساسيتين، أولاهما سحب المرتزقة من الأراضي الليبية، وثانيهما التعجيل بمعاودة فتح الطريق الساحلي.
ومن المهم أن يكون هناك توافق بين أمريكا وألمانيا على هذين الهدفين، إذ أكد الوزير الألماني، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأمريكي، على ضرورة توحيد المؤسسات العسكرية في ليبيا ومغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية، من أجل إجراء الانتخابات في الميقات المقرر لها. أما بلينكن، فاعتبر أن لدى المجتمع الدولي فرصة لمساعدة ليبيا على التقدم نحو الانتخابات. لكن هل ستضع أمريكا وألمانيا ثقلهما في الميزان، وتستخدمان أوراق الضغط المتاحة لهما، بُغية اجتراح انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا.

في العدد الجديد من “شؤون ليبية” من هم حكام ليبيا الجدد؟

 

تناول العدد العشرين من “مجلة “شؤون ليبية” التي تصدر في تونس وتُعنى بالدراسات حول ليبيا المعاصرة منذ ست سنوات، جملة من القضايا المتعلقة بالأبعاد الاستراتيجية للصراع الاقليمي والدولي الدائر على الأراضي الليبية بالوكالة.

وتطرق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الليبية زاهي المغيربي إلى المهام المطروحة على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، كما حددها التفويض الذي منحه لها ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، وصولا إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية يوم 24 ديسمبر 2021.

وتتلخص هذه الاستحقاقات والأولويات، بحسب المغيربي، في التالي:

*وضع السياسات واتخاذ القرارات التي تؤمِّن إجراء الانتخابات في موعدها المحدد

* وضع أسس المصالحة الوطنية الشاملة، وتحديد إجراءات تحقيقها.
* تكريس سيادة الدولة والعمل على خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من أنحاء البلاد كافة.
* توحيد مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية والأمنية ومعالجة مشكلة التشكيلات المسلحة غير الرسمية.
* وضع سياسات فعالة لمواجهة جائحة “كورونا”، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين والمقيمين من تداعياتها.
* تحريك عجلة الاقتصاد الوطني، وتوحيد السياسات الاقتصادية (التجارية والمالية والنقدية)، وحل مشاكل السيولة وسعر الصرف وفتح المقاصة بين جميع المصارف شرقا وجنوبا وغربا، ووضع السياسات اللازمة لضبط ارتفاع الأسعار وللحد من تنامي السوق الموازية.

في هذا الإطار نشرت المجلة مسودة مشروع الدستور، الذي يعتبر مقدمة حاسمة للانتخابات، لأنه يُوفر لها المرجعية الدستورية اللازمة. وكتب الباحث جلال حرشاوي مقالا عن حكام ليبيا الجدد يُعطي صورة عن مسار هؤلاء مع استشراف تطور الأوضاع في ظل التنافس الدولي على مناطق النفوذ في ليبيا. وفي هذا النسق تركزت ورقة رئيس تحرير المجلة الزميل رشيد خشانة على المخاطر الأمنية في الجنوب اللليبي، الزاخر بالمعادن الثمينة والثروات، مُعتبرا أن اضطراب حبل الأمن في تشاد ومنطقة الساحل عموما يُربك مسارات السلام في ليبيا.

وفي هذا الاتجاه سلط تقريران الأول أمريكي والثاني إسباني الضوء على دور الغرب في الصراع الليبي وعلى بعض الدروس المستفادة من مجريات الصراع الذي دام عقدا من الزمن وعرض ليبيا للدمار الكبير.

التقريران اللذان نشرتهما شبكة “أن بي سي” الإخبارية الأميركية، والمنشوران في هذا العدد بالعربية، أكدا أن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما لم تستفد من مقولة الخبير المصرفي الأميركي السير جون تمبلتون “الأمر مختلف هذه المرة”، وهو ما أقر به لاحقا وزير الدفاع الأسبق روبرت غيتس، حينما قال إن العقيد الراحل القذافي لم يكن يشكل أي تهديد للولايات المتحدة، وأن عملية إسقاط نظامه ألحقت الضرر بالأمن القومي.

وتطرق التقرير إلى الوحشية التي تم من خلالها قتل العقيد القذافي ما أعاد ليبيا إلى الفساد والفئوية والحرب الداخلية، فيما تحولت البلاد إلى سوق للعبودية ونقطة عبور للمهاجرين غير الشرعيين، ومساحة للصراعات الإقليمية والدولية ليقر أوباما بأن الكارثة الليبية أكبر إخفاق له لفشل التخطيط لمرحلة ما بعد التدخل العسكري.

وفي التقرير الإسباني تم الحديث عن مشاركة إيطاليا ومن معها في حلف شمال الأطلسي “ناتو” في عملية هدم ليبيا، من خلال تسليح جماعات مسلحة متشددة مناوئة للدولة الليبية في عهد العقيد الراحل القذافي، مبينا أن البلاد في عام 2010 حافظ وفقا لإحصاءات البنك الدولي، على مستويات عالية من النمو الاقتصادي.

وأوضح التقرير أن نحو مليوني مهاجر جلهم من الأفارقة وجدوا عملا في ليبيا، التي حققت إجمالي ربح في الميزان التجاري بلغ 27 مليار دولار سنويا، لتستثمر نحو 150 مليارا في الخارج، هي بالأساس الاستثمارات الليبية في إفريقيا، فكانت عاملا حاسما لإنشاء 3 هيئات مالية في إطار خطة الاتحاد الإفريقي.

ووفقا للتقرير كانت هذه الهيئات: صندوق النقد الإفريقي ومقره مدينة ياوندي في الكامرون والبنك المركزي الإفريقي ومقره مدينة أبوجا في نيجيريا وبنك الاستثمار الإفريقي ومقره العاصمة طرابلس، مبينا أن هذه الهيئات كانت ستعمل على إنشاء سوق مشتركة وعملة إفريقية واحدة.

صناعة الخدمات الطبية

طرح البحث الذي قامت به بيتي رولان ومنير جراية ظهور الرعاية الصحية عبر الوطنية، من خلال دراسة تخص حالة المرضى الليبيين الذين يسعون للحصول على العلاج في صفاقس. ودرس الباحثان كيف أدى السياق الجيوسياسي المتطور إلى ظهور ملامح هجرة محددة (الشتات، والمسافر، والمرضى العابرون للحدود، وجرحى الحرب، والمرضى عبر الحدود) بين ليبيا وتونس. لكن نظرًا لنقص البيانات حول هذا الموضوع، قاما بتطوير دراسة حول التنقلات الصحية والتداول من منظور جنوب-جنوب. بناءً على دراسة استقصائية بين المرضى الليبيين (العدد = 205) في أربع عيادات خاصة وتسع مقابلات شبه منظمة مع المهنيين الصحيين في صفاقس. وحددا كيف شكلت أربع فترات جيوسياسية رئيسية السفر الطبي إلى هذه المدينة: (1) هي سهلت عمليات التبادل الأولية للمغتربين بموجب الاتفاقات الثنائية (2) بينت ملامح صناعة السياحة العلاجية، الناشئة ضمن الخدمات الصحية الخاصة، المترتبة عن الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا (3) الأزمة السياسية عام 2011 ووصول جرحى الحرب (4) الدورات العلاجية ومساحات الرعاية الناشئة عبر الوطنية الناتجة عن سياق الحرب.

في الجملة تضمن العدد الجديد من “شؤون ليبية”، الذي تم طبعه بدعم من مؤسسة هانس زايدل الألمانية، سبع مقالات بالعربية وأربعة بالفرنسية وثلاثة بالانكليزية.

 

الباحث جلال حرشاوي لـ”القدس العربي”: حفتر يريد إظهار طرابلس ضعيفة وتشويه سمعة الجزائر

 

الجزائر- “القدس العربي”: تضاربت الأنباء حول حقيقة سيطرة قوات خليفة حفتر على معبر إيسين الحدودي بين ليبيا والجزائر.

وأصدرت قوات حفتر بيانا حول الوضع في الحدود مع الجزائر، قالت فيه إن “القوات المسلحة تُغلق الحدود الليبية الجزائرية وتعلنها منطقة عسكرية يُمنع التحرك فيها”. وكان الناطق باسم قوات حفتر، أحمد المسماري، قد أعلن، الجمعة، “تحريك عناصر من قواته بغرض تأمين المنطقة الجنوبية رداً على التصعيد الأخير للعمليات الإرهابية التي تنفذها العصابات التكفيرية في الجنوب الغربي، واستهدافها بسيارة مفخخة موقعا أمنيا وعسكريا”.

واعتبر المختص في الشأن الليبي والباحث في وحدة الأبحاث حول النزاعات في “معهد كلينغندايل للعلاقات الدولية” في لاهاي، الدكتور جلال حرشاوي في اتصال مع “القدس العربي” أن قوات حفتر سيطرت على مدينة غات فقط، جنوبي ليبيا. وفي رده على سؤال حول خلفيات خطوة حفتر في هذا التوقيت، أوضح أن الجنرال الليبي “يريد أن يظهر أن طرابلس ضعيفة” وبأنه يريد أيضا “تشويه سمعة الجزائر”.

جاء تحرك حفتر بعد حوالي أسبوعين من تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال حوار مع قناة “الجزيرة” التي قال فيها إن ما كان يقصده بأن طرابلس خط أحمر، تعني “أننا لن نقبل بأن تكون طرابلس أول عاصمة مغاربية وإفريقية يحتلها المرتزقة. كنا سنتدخل”. وأوضح بأن الجزائر كانت ستتدخل “بصفة أو بأخرى ولا نبقى مكتوفي الأيدي”، وأضاف: “لما قلنا خط أحمر، حقيقة كان خطا أحمر، فوصلت الرسالة ولم يتم احتلال طرابلس”.

وقال الرئيس تبون خلال استقباله فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية السابق، في كانون الثاني/ يناير 2020، إن “طرابلس خط احمر نرجو ألّا يجتازه أحد”. وكانت حينها قوات حفتر في محيط مدينة طرابلس، لكنها فشلت في دخولها رغم حصارها لها لعدة أشهر بدعم من عدة دول تورطت في استباحة دماء الليبيين.

تضارب حول “سقوط” إيسين
الإعلامي الليبي موسى تيهوساي، كذّب في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر، الأخبار التي أعلنت عنها قوات حفتر، وأكد بأن الصور التي تم نشرها على أنها تبين سيطرة قوات حفتر على معبر إيسين في الجنوب الغربي المتاخم لمدينة جانت الجزائرية، لا أساس لها من الصحة. وكتب قائلا:” فضيحة مليشيا اللواء 128 تنشر.. الصور على أنها في منفذ إيسين الحدودي مع الجزائر، لكن الصور في الحقيقة التقطت داخل قاعدة تمنهنت الجوية بسبها، ولا علاقة لها بالحدود إطلاقا، وأكد لي مصدر من غات بأن منفذ إيسين لم يصله أي رتل لحفتر منذ نحو سنة، وتوجد به سرية تابعة لعلي كنه”.

ليبيا: حفتر يستبق برلين 2 بعملية عسكرية لتقوية أسهمه

رشيد خشـــانة – استبق الجنرال المتقاعد خليفة حفتر مؤتمر برلين 2 المُقرر للأربعاء المقبل، مُكررا سيناريو 2019 عندما أجهض مؤتمر غدامس للمصالحة، مُطلقا هجوما عسكريا على العاصمة طرابلس.

في هذه المرة كانت وجهته الجنوب، حيث استفاد من ضعف حضور الدولة، لكي يسيطر على المنطقة عسكريا في وقت قياسي، واستطرادا ليُعزز موقعه في المفاوضات المقبلة على صيغة الخروج من الأزمة. وأتت عملية الاجتياح في وضع أمني شديد التوتر على الصعيدين الإقليمي والداخلي، إذ تزامن مقتلُ زعيم جماعة «بوكو حرام» مع إجراء مناورات «الأسد الأفريقي» في المغرب، بالاشتراك مع قوات «أفريكوم» (القيادة الأمريكية لأفريقيا) ومع قرار ماكرون سحب القوات الفرنسية من مالي والنيجر وتشاد. وانتهز حفتر الوضع الأمني المتدهور في منطقة الساحل، للتحرك نحو مدينة سبها عاصمة اقليم فزان (جنوب) في محاولة لتطويق العاصمة طرابلس، من الشرق والجنوب.
تدل نوعية المناورات الأطلسية، التي انتهت يوم الجمعة، على أنها ترمي للتدريب على ملاحقة الجماعات الإرهابية، إذ شملت المناورات هبوطا بالمظلات وإطلاق قذائف في الصحراء، وتدريبات أخرى، خاصة بمطاردة العناصر الإرهابية. ولم يمض يومان على انطلاق مناورات «الأسد الأفريقي» حتى أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم تشارك قواته في مناورات المغرب، عن انتهاء عملية «برخان». وكانت باريس جندت في إطار تلك العملية 5100 عسكري لقطع الطريق أمام تمدُد تنظيمي «القاعدة» و»داعش» في منطقة الساحل والصحراء. بهذا المعنى يُعتبر الوضع في الجنوب الليبي في قلب الصراع الإقليمي والدولي، وهو محط أنظار المجموعات العالمية، بحكم موقعه المفتوح على الهلال النفطي.
وبالرغم من التقدم الذي تم إحرازه مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، تشير معلومات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 70 رحلة شحن وإمداد وصلت إلى المطارات الشرقية، منذ 8 تموز/يوليو الماضي، دعماً للجيش الذي يقوده الجنرال حفتر، في حين تم تسيير 30 رحلة شحن وإمداد إلى مطارات في غرب ليبيا، دعماً لحكومة الوفاق الوطني السابقة. وبحسب البيانات الأممية نفسها، وصلت ثلاث سفن لدعم قوات حفتر، وتسع سفن شحن لدعم حكومة الوفاق الوطني، التي كان يقودها فائز السراج، في انتهاك واضح لسيادة ليبيا. كما أن تخزين الأسلحة والمعدات المتطورة يعد أيضًا انتهاكًا لحظر إرسال الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة، منذ الانتفاضة التي أطاحت بنظام معمر القذافي في عام 2011.

أزمات خانقة

ويشكو عمداء المجالس البلدية الجنوبية، وعددها 16 مجلسا، من أزمات خانقة، أبرزها غياب الأمن وانقطاع الكهرباء ونقص السيولة في المصارف ونقص الوقود وغاز الطهي. وشكوا كذلك من ارتفاع أسعار السلع، فضلاً عن هشاشة الأوضاع المعيشية ونقص الخدمات الاجتماعية. وأظهر تقرير تم تقديمه إلى «لجنة عقوبات ليبيا» التابعة لمجلس الأمن الدولي، أن روسيا سيَرت نحو 338 رحلة شحن من سوريا إلى ليبيا بين تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وتموز/يوليو 2020. واعتبر التقرير أن روسيا وتركيا والإمارات والأردن وقطر انتهكت جميعا حظر إرسال الأسلحة، وفقا لمراقبي العقوبات.
يُضاف إلى تلك الانتهاكات أن رُعاة الحرب الإقليميين والدوليين، يرسلون ضباطهم وخبراءهم العسكريين ليتحصنوا في القواعد الجوية الليبية الرئيسة، في الشرق والغرب على السواء. وفي المقابل جندت تركيا من جانبها المقاتلين السوريين «المعارضين» للانضمام إلى القتال ضد حفتر. وأفاد تقرير حديث أعدته الرقابة الحكومية الأمريكية أن أنقرة أرسلت إلى ليبيا ما لا يقل عن 5000 مسلح من سوريا، وتوقع التقرير أن يساهم وجودُهم هناك في التأثير سلبًا على الوضع الأمني العام. وفي وقت سابق من هذه السنة أكد تقرير للأمم المتحدة أن ما يصل إلى 1200 متعاقد عسكري من شركة الأمن الروسية الخاصة «فاغنر غروب» يعملون في ليبيا لدعم قوات حفتر. لكن مصادر أخرى قدرت عددهم بأكثر من ثلاثة آلاف مرتزق.

دعم أمريكي

من هنا أتى الموقف الأمريكي الذي لا يُحبذ القطيعة مع حفتر، بالرغم من الدعم الواضح الذي تقدمه أمريكا لحكومة الدبيبة، وهي التي فرضت، على سبيل المثال، على قوات «الوفاق» البقاء على مبعدة من سرت والجفرة، والامتناع عن أخذهما، بعدما كانت على قاب قوسين من السيطرة عليهما. واستطرادا راهنت باريس، بحسب مصادر فرنسية على وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، بوصفه الرجل الوحيد في المنطقة الغربية، القادر على التفاوض مع حفتر، بحكم الشعبية التي يحظى بها في كل من مصراتة وطرابس. وسعى ماكرون، بحسب تلك المصادر، إلى توزيع الأدوار بين حفتر وباشاغا، بحيث يتولى الأول الجيش والأمن، فيما يتعهد الثاني بمراقبة الميليشيات، وهو ما يعني إضعاف خصوم اللواء المتقاعد، بمنحه دورا أكبر مما يستحق، خاصة عقب إخفاق حملته العسكرية للاستيلاء على طرابلس. وفي هذا الإطار روج الفرنسيون إلى كون حفتر قبل بتنفيذ الترتيبات الأمنية المُضمنة في وثيقة ملحقة باتفاق برلين، غير أن هجومه الجديد على الجنوب ينفي ذلك تماما.

تعقُبُ الإرهابيين؟

مثل العادة لجأت «القيادة العامة» (حفتر) إلى التلويح بورقة مكافحة الإرهاب لتبرير العملية العسكرية الجديدة، إذ ذكر الناطق باسمه أحمد المسماري أن الهدف هو «تعقب الإرهابيين التكفيريين وطرد عصابات المرتزقة الأفارقة التي تهدد الأمن والاستقرار وتمارس النهب والسرقة والتخريب والتهريب بأنواعه». وهذه محاولة للتغطية على دور حفتر في تجنيد المرتزقة الأفارقة، وتحديدا من التشاديين والجنجويد السودانييين وجنسيات أخرى، بما في ذلك شبكات التهريب التي يديرها مع أبنائه.
وفي خطاب يبدو موجها إلى العواصم الغربية زعم المسماري مجددا أن الاستيلاء على الجنوب يرمي «لاجتثاث الإرهاب وقطع دابر كل مَن تسول له نفسه المساس بأمن ليبيا وكرامة الليبيين». وزاد أن هذه العملية تأتي ردًّا على «تصعيد العصابات التكفيرية للعمليات الإرهابية في الجنوب الغربي، واستهدافها موقعا أمنيا وعسكريا، بسيارة مفخخة». لكن لا شيء يؤكد أن عملية السيارة المفخخة ليست من صنيع قوات حفتر، للظهور بمظهر السد المنيع أمام تمدُد الجماعات الإرهابية في الجنوب.
أكثر من ذلك، كان يُخطط لغزو الجنوب بواسطة الأسلحة التي تدفقت عليه من حلفائه. وكشفت القيادة المركزية الأمريكية أن موسكو أرسلت 14 طائرة مقاتلة على الأقل إلى ليبيا، وأن الطيارين الروس يحلقون بها. ونشرت القيادة صوراً إضافية للأقمار الصناعية لقاعدة الجفرة الجوية في وسط البلاد.
وقدمت تلك الصور، أدلة على أن الكرملين أرسل الطائرات لتعزيز المليشيات التي تقاتل الحكومة المعترف بها دولياً، بقيادة حفتر.
وسلط موقع «ذا درايف» المهتم بالشؤون الدفاعية والعسكرية، الضوء على التدخل الروسي مع تركيز خاص على الأدلة التي نشرتها القيادة الأمريكية، لتوضح أن الطائرات من نوع «اس يو-24» ومقاتلات «ميغ 29» قد غادرت روسيا على مدار عدة أيام، وكانت جميعها تحمل علامة سلاح الجو الروسي. وأوضحت أنه تم طلاء الطائرات مرة أخرى في قاعدة حميميم في سوريا، لتظهر بدون علامات وطنية. وبعد ذلك تم نقلها إلى ليبيا، حيث سُلم ما لا يقل عن 14 طائرة روسية غير مميزة إلى القائمين على قاعدة الجفرة الجوية.

تنصل من المسؤولية
مع ذلك يستبعد مراقبون أن تندلع أية مواجهة مباشرة بين دول أجنبية على الأراضي الليبية، خاصة في ظل المصاعب التي تمر بها فرنسا، وهي أحد الداعمين البارزين للجنرال حفتر. وبسبب إخفاق سياستها في منطقة الساحل والصحراء، تتخبط باريس حاليا في أزمة حادة تريد تحميل مسؤوليتها إلى حلفائها في المنطقة، وهم رؤساء كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد وموريتانيا. كما أن تدخلها العسكري يثير موجات غضب متزايدة لدى الرأي العام في تلك البلدان. ومما زاد هذا الملف تعقيدا الصراعات الداخلية الفرنسية، في شأن استمرار التدخل العسكري في الساحل والصحراء من عدمه، إذ طالبت شخصيات سياسية بارزة بحقن دماء العسكريين الفرنسيين، المشاركين في عملية «برخان» بإعادتهم فورا إلى بلدهم.
ويُقدر عدد قوة «برخان» بـ4500 رجل قُتل منهم 26 جنديا في حادثة «تصادم» بين مروحيتين فرنسيتين، بحسب الرواية الرسمية، التي تحوم حولها شكوك كثيرة. وهي امتداد لعملية «سرفال» (2013) التي لم تُحقق الأهداف المأمولة منها. ويذهب محللون إلى القول إن فرنسا باتت هدفا لخطاب وطني راديكالي في أفريقيا، يُدار في إطاره التنافس الروسي والصيني، وحتى التركي، مع الدول الأوروبية. فبعد الترحيب بوصول الجنود الفرنسيين إلى مالي ضمن عملية «سرفال 2013» بات هؤلاء يعتبرون اليوم بمثابة غزاة جدد.

حصاد روسي
في المقابل بدأت روسيا تحصد ثمار تركيزها في الفترة الأخيرة على تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية، وخاصة في أعقاب القمة الأولى الروسية الأفريقية، التي عقدت في سوتشي العام الماضي، ما وسع من حضورها في بلدان عدة، من بينها ليبيا ومالي وموزمبيق ومدغشقر والسودان، تحت ذريعة «المعركة ضد الإرهاب». غير أن موسكو تنكر أية صلة لها بالشركة الأمنية الروسية الخاصة «فاغنر»، التي شوهد مستشاروها يُحاربون إلى جانب مقاتلي اللواء حفتر.
لكن يمكن القول مع ذلك، إن الروس وصلوا متأخرين إلى ليبيا، لأنهم كانوا مشغولين بترتيب البيت الداخلي، وأيضا لأن تدخل حلف شمال الأطلسي في 2011 أربكهم، وهم يسعون الآن إلى التعويض عما فات. والمؤكد أيضا أن الأمريكيين والأوروبيين والخليجيين سبقوهم إليها، وأن لدى الأخيرين حلفاء يعتمدون عليهم في إطار حرب بالوكالة، الخاسر الأول فيها هم الليبيون أنفسهم.
ولخص غسان سلامة هذا الوضع بقوله «جوهر الأزمة في ليبيا هو صراع على الثروة، يتخذ شكل الصراع على السلطة». على أن هذا الصراع، خاصة في بُعده الليبي-الليبي، لا يخضع إلى ضوابط ولا يحتكم إلى قوانين، مما يستدعي أولا وقبل كل شيء تخليص القرار الليبي من الولاءات الخارجية، وتحصين البلد والمجتمع من الصراعات العنيفة، بعد سنوات من تصفية الحسابات القديمة والعقيمة. وإذا كانت ليبيا خسرت نصف سكانها في حروب أهلية مطلع القرن الماضي، فليس جائزا اليوم أن يُقتل رُبع الليبيين أو عُشرهم، أو حتى ليبيٌ واحدٌ، في صراع أهلي، أيا كانت مُبرراته وعناوينه.

الجزائر تسعى لدور محوري في ليبيا

 

رشيد خشــــانة – الأوروبيون لن يغامروا بالمشاركة في قوات حفظ سلام في ليبيا، وسيكونون مرتاحين لو قبلت الجزائر أو أي بلد مغاربي القيام بهذا الدور.

معلومتان مهمتان كشف النقاب عنهما الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في حوار تلفزيوني، الأولى تخص طلبا قدمه إليه رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد دبيبة، لإتمام المصالحة الليبية في الجزائر، والثانية مفادها أن الجزائر كانت مستعدة للتدخل العسكري في ليبيا السنة الماضية، «لو سقطت العاصمة طرابلس في أيدي المرتزقة» وهي إشارة إلى ميليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
تدل المعلومتان على انعطاف كبير في الموقف الجزائري، الذي تحفظ سابقا عن الخوض في الأزمة الليبية، لكنه يتجه حاليا إلى تبوء موقع متقدم في مسار تنفيذ خريطة الطريق، التي تم اعتمادها في مؤتمر برلين الأول في 20 كانون الثاني/يناير من العام الماضي. وتتنزل تصريحات الرئيس الجزائري في سياق ما اعتبرته الرئاسة الجزائرية تكريسا لـ»دور الجزائر المحوري في تعزيز المصالحة الليبية». والظاهر أن الدول المشاركة في مؤتمر برلين الأول، لم تُمانع من اضطلاع الجزائريين بدور أكبر في تعبيد طريق المصالحة، سيرا نحو الانتخابات، المقررة أواخر العام الجاري.
ويتأكد من خلال إعلان تبون أن الجزائر كانت على أهبة الاستعداد للتدخل العسكري في ليبيا العام الماضي، أن الجزائريين لا يعتبرون الجنرال حفتر شريكا في عملية السلام، ولا يتعاطون إلا مع الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة برئاسة الدبيبة. وكان تبون شدد في مؤتمر برلين، على ضرورة «إجراء انتخابات عامة في ليبيا، بإشراف الأمم المتحدة لكي نعرف من يمثل من».
هذه الرؤية الجزائرية ليست بالجديدة تماما، إذ سبق أن أكد الرئيس تبون، لدى استقباله رئيس حكومة «الوفاق الوطني» الليبية فايز السراج، في كانون الأول/ديسمبر الماضي أن طرابلس «خط أحمر نرجو ألا يتجاوزه أحد». وأضاف شارحا «نقصد أننا لن نقبل بأن تكون طرابلس أول عاصمة مغاربية وأفريقية يحتلها المرتزقة. كنا سنتدخل بشكل أو بآخر».
كان التحذير موجها آنذاك إلى قوات الجنرال حفتر، التي وصلت إلى مشارف طرابلس، وكانت العاصمة توشك على السقوط، إلا أن القوات المُهاجمة لم تجرأ على التقدم، فنجت طرابلس وسكانها من الدمار.
هذا الموقف الجزائري المتجدد يستند على ما لديها من قوة عسكرية تجعلها قادرة على ربط التحذيرات بالأفعال، فهي القوة العسكرية الأولى في المغرب العربي، وتملك خبرة كبيرة في الحرب على الجماعات المسلحة، منذ تسعينيات القرن الماضي. واستطرادا فإن كسر التحذير الجزائري كان سيُكلف قوات حفتر، المؤلفة أساسا من مرتزقة روس وتشاديين وجنجويد، هزيمة ثقيلة.
غير أن الدستور الجزائري لم يكن يُجيز للقوات المسلحة تنفيذ عمليات خارج الأراضي الجزائرية، وهو مانع يحول دون التدخل في ليبيا أو في سواها من البلدان. بيد أن الوضع صار مختلفا اليوم بعد تعديله العام الماضي، بما يُخول لرئيس الجمهورية «إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج، تحت مظلة أممية أو أفريقية بعد موافقة البرلمان».
هذا التعديل أزاح عبئا عن أكتاف الأمريكيين والأوروبيين، الذين يتهيبون من إرسال قواتهم، وإن تحت مظلة الأمم المتحدة، لحفظ السلام ومراقبة وقف إطلاق النار في ليبيا. فالأمريكيون عادوا إلى المشهد الليبي بعد غيبة طويلة، غير أنهم لا يضعون إنهاء الأزمة الليبية في مقدم أولوياتهم في الإقليم، خصوصا بعدما قرروا الانسحاب من أفغانستان والعراق.
أما الأوروبيون، فالثابت أنهم لن يغامروا بالمشاركة في قوات حفظ سلام، قد يتقرر إرسالها إلى ليبيا، وسيكونون مرتاحين لو قبلت الجزائر، أو أي بلد مغاربي آخر، القيام بهذا الدور.

إجهاض مسودات قرارات
موضوع التعاطي مع ملف المرتزقة والميليشيات كان حاضرا بقوة أيضا في المحادثات التي أجراها وفد بريطاني رفيع المستوى، زار طرابلس بقيادة وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووزير الدفاع مع الوزيرة نجلاء المنقوش.
إلى ذلك، يقوم البريطانيون بدور مهم على صعيد المساهمة في إنجاح مؤتمر برلين2 على ما قال الليبيون. وفي هذا الاطار عرضوا تقديم دعم فني للمسار السياسي والعملية الانتخابية المقبلة، من دون تحديد طبيعة الدعم. بالمقابل عرض الليبيون على الوفد البريطاني إطلاق «شراكة استراتيجية» مع المملكة المتحدة في المجالات الأمنية والإدارية والمالية، علما أن بريطانيا من كبار المستثمرين في ليبيا، وخاصة في قطاع النفط عبر مجموعة «بريتش بتروليوم». كما لعب البريطانيون أدوارا مهمة في إعداد مسودات قرارات عرضوها على مجلس الأمن، لإدانة الدول التي تقف وراء المرتزقة في ليبيا، إلا أن أمريكا اعترضت على تلك المشاريع وأحبطتها.
واللافت أن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، أشاد بما اعتبره «الدور الكبير لبريطانيا في الدفع قُدُما بالعملية السياسية» مشدداً على ضرورة تعاون بريطانيا والمجتمع الدولي على دعم السلطة التنفيذية الجديدة واللجنة العسكرية المشتركة 5+5 وفتح الطريق الساحلي وإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وتوحيد المؤسسات وتحقيق المصالحة الوطنية. وهذه مهام لم تُطلب من غيرهم.

اجتماع ثلاثي
الظاهر أن تزايد الاتهامات المُوجهة لكل من روسيا وتركيا بالاحتفاظ بمرتزقة في ليبيا، وضعهما في موقف دفاعي وتبريري، وحملهما على التقارب من أجل الرد على تلك الحملات. وكان هذا الموضوع محور اجتماع غير مسبوق في موسكو ضم كلا من المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف ونائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، والموفد الأممي إلى ليبيا يان كوبيش. ورمى الاجتماع إلى الرد على الاتهامات المُوجهة إلى الروس والأتراك، بإعلان دعمهم للجهود الدولية برعاية الأمم المتحدة لتيسير إجراء الانتخابات العامة المقررة لأواخر العام الجاري. غير أن الأرجح أن هذا الدعم المُعلن للانتخابات ليس سوى دفع لتهمة التعطيل، وأن الهدف الحقيقي من الاجتماع هو الاتفاق على مناطق النفوذ في ليبيا، أسوة بالعلاقات الروسية التركية المزدوجة في سوريا، حيث يتعايش الصراع في مناطق مع التنسيق في مناطق أخرى. وسيكون مؤتمر برلين2 كفيلا بإظهار الموقف الحقيقي لكل طرف من خريطة الطريق، التي يقضي أحد بنودها بإخراج جميع المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
ومن المؤكد أن هذا الملف سيكون في مقدم الملفات التي سيحملها وزير الخارجية التركي جاويش اوغلو في زيارته لطرابلس الأسبوع المقبل، في إطار استعدادات تركيا لمؤتمر برلين2.
وشكل التفجير الذي تبناه تنظيم «داعش» في مدينة سبها (جنوب) الأحد الماضي، مناسبة لتجديد التذكير بوجود قوى تُخرب مسار برلين، وتعمل على إحباط جهود الأمم المتحدة، لإقرار حل سياسي في ليبيا. وهذه هي الرسالة التي تضمنها بيان السفارة الأمريكية، تعليقا على الاعتداء الارهابي في سبها. وكان لافتا في الموقف الأمريكي إعلان الدعم التام لجهود الحكومة الليبية لتحسين الأمن في الجنوب وتوحيد القوات العسكرية، لكن لم يُعرف نوع الدعم الذي تُبدي أمريكا استعدادها لتقديمها لليبيين في هذا المضمار الدقيق، إذ أن الجنوب الليبي خرج عن سيطرة الحكومات المركزية، منذ اندلاع الحرب الأهلية بين قوات «فجر ليبيا» وقوات «عملية الكرامة» في 2014، وبات الجنوب محكوما من قيادات عشائرية وأمراء حرب.
ولو نفذ الأمريكيون الوعود التي قدمها سفيرهم ريتشارد نورلاند، إلى نائب رئيس الوزراء الليبي رمضان أبو جناح، بعد تفجير سبها، لبدأت حكومة الوحدة الوطنية استعادة السيطرة على مناطق الجنوب رويدا رويدا. فالأمريكيون يُتابعون بوسائل الرصد المتطورة حركة الجماعات الارهابية، التي تمركزت في المنطقة الممتدة من شمال مالي غربا إلى الحدود الليبية السودانية شرقا، وخاصة عناصر «داعش» بعد هزيمتها وانسحابها من مدينة سرت نحو الجنوب في 2016. كما يعرف الأمريكيون بالتدقيق عمليات تجارة الأسلحة وشبكات التهريب وملفات المرتزقة، لكنهم مُنصرفون عنها، حاليا، إلى قضايا أخرى في شرق المتوسط، تخص العلاقة مع إيران والانسحاب من العراق، بالاضافة لاحتواء التمدد الروسي في أكثر من منطقة عبر العالم.
أما البريطانيون فأكدوا على لسان وزير الدفاع بن السي، خلال زيارته لطرابلس، أن العمل جارٍ لتنسيق برامج التدريب في مجال مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

دستور أم لا دستور؟
مع ذلك يبقى أقصر الطرق لإعادة الأمن والاستقرار إلى الجنوب هو إجراء الانتخابات العامة التي تُفرز حكومة مركزية تتمتع بالشرعية الانتخابية وقادرة على بسط سلطتها على كامل التراب الليبي. وهناك مشروع قانون يُنظم الاستفتاء الذي ينبغي أن يُجرى قبل الانتخابات ويكون مرجعية لها. إلا أن المشروع مازال مودعا في أدراج المفوضية العليا للانتخابات، منذ شباط/فبراير 2019 لأن بعض الشخصيات النافذة، أسوة بالجنرال المتقاعد حفتر، ترفضه لأن أحد بنوده يحرم مزدوجي الجنسية من الترشح للانتخابات البرلمانية أو الرئاسية.
وفيما يتمسك قادة تيار الإسلام السياسي، المسيطرين على «مجلس الدولة» بضرورة إجراء الاستفتاء، يعترض على ذلك آخرون من ضمنهم حفتر، مثلما أسلفنا، الحامل للجنسية الأمريكية، وحليفه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عيسى، الذي ما انفك يُعلن، مع ذلك، التزامه بنتائج المؤتمرات الدولية. وهناك خلاف آخر يتعلق بشرعية رئيس الجمهورية، إذ يتمسك جماعة الاسلام السياسي بأن يكون منتخبا من البرلمان، لكي يسهل عزله، إذا ما تغيرت الأوضاع والمواقف، بينما تشدد الأطراف الأخرى على أن يكون منتخبا مباشرة من الشعب كي تكون له الصلاحيات اللازمة لتنفيذ البرنامج الذي انتُخب على أساسه. ولعل مناصري الصلاحيات المحدودة للرئيس يقتبسون من دروس التجربة الانتقالية التونسية، حيث يسعى حزب الإسلام السياسي إلى التحكم بالبرلمان ورئاسة الجمهورية في آن معا.

البعثة… دولة
في هذا الوضع المعقد، سعت البعثة الأممية إلى إيجاد بديل من مشروع الدستور وأناطت باللجنة القانونية و»ملتقى الحوار السياسي الليبي» مهمة إيجاد ذلك المشروع، لكنها أخفقت في هذا الخيار، لأن الكرة باتت في ملعب مجلس النواب ومجلس الدولة، وهما على طرفي نقيض.
أكثر من ذلك، صارت بعثة الأمم المتحدة للدعم عُرضة لاتهامات أطلقها جمع من النشطاء والحقوقيين والسياسيين، الذين نحوا عليها باللائمة، متهمين إياها بـ»الانتزاع الكامل لاختصاص المؤسسات الليبية المعنية، ما جعلها (البعثة) تتحول إلى سلطة مركزية في ليبيا، وأدى إلى تعليق عمل الدائرة الدستورية في المحكمة العليا، والحيلولة دون تصدي هذه الأخيرة للقرارات والقوانين غير المشروعة دستورياً وقانونياً، الصادرة عن البعثة وتابعيها».
في السياق كتبت لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في النقابة العامة للمحامين، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وخاطبت من خلالها أيضا، بعثة الأمم المتحدة للدعم، داعية إياها إلى ترك البلاد فوراً أو العمل بجدية لحل مشاكلها. وتضمن فحوى الرسالة أن البعثة «عمدت إلى إدارة الأزمة وليس حلها، وذلك بتجاهل الأهداف الرئيسة من وراء تشكيلها، ومنها تحقيق المصالحة الوطنية والمساعدة على إجراء الانتخابات.
وشككت اللجنة في خطابها بوطنية الشخصيات المختارة من قبل البعثة في ملتقى الحوار السياسي، منتقدة قيام البعثة بإحياء مجلس النواب المنتهية ولايته على حد وصفها.
في أثناء ذلك يبقى الوضع العسكري محفوفا بالمخاطر، إذ تتقابل القوات المؤيدة لحكومة الوحدة الوطنية في منطقة أبوقرين، على بعد نحو خمسين كيلومترا عن سرت، حيث تتمركز القوات الموالية لحفتر. ويرفض آمر القوات الحكومية إبراهيم بيت المال، تنفيذ قرار المجلس الرئاسي بفتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، مُعتبرا أن مخرجات 5+5 يجب أن تنفذ حزمة واحدة ومن الطرفين، وأن تنفيذ أوامر فتح الطريق الساحلي تتوقف على تحقيق كل الشروط من الطرفين»، وهو أمر ما زال بعيد المنال، بالرغم من الوساطات النشطة لدى الجانبين.

ليبيا: مخاوف من انتكاس الوضع الأمني بسبب الخلافات على الانتخابات

 

رشيد خشــانة – الشروط الفنية للانتخابات باتت شبه مكتملة، غير أن العائق الكبير يبقى سياسيا، ومن هنا يغدو استكمال المسار العسكري ضروريا، لضمان استقرار الأوضاع وقطع طريق العودة إلى الحرب.

بالرغم من التقدم النسبي الذي تحقق في مناقشة ملف الانتخابات، في إطار ملتقى الحوار السياسي الليبي، تظل المخاوف قائمة من انتكاس الوضع الأمني، بسبب عُسر التوصل إلى توافقات في المسائل الخلافية الكبرى.
وهناك من يخشى، في حال استمرت التعطيلات احتمال تفجُر الوضع العسكري، خصوصا في ظل الاستفزازات التي يقوم بها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، ومن بينها ما سُمي بـ»الاستعراض العسكري» في ذكرى إطلاقه «عملية الكرامة» العام 2014. وزاد من تفاقم هذه الأخطار وجود أعداد كبيرة من القوات في مواجهة بعضها البعض، لا يفصل بينها سوى حوالي 50 كيلومترا، وهو ما أكده الاعتراف الأممي بأن عدد المقاتلين الأجانب وسط البلاد، لم يتراجع، الأمر الذي استدعى من المحكمة الجنائية الدولية التهديد بمقاضاتهم لإجبارهم على الخروج من البلد. وهذا أحد المؤشرات إلى أن الضغوط سوف تكون كبيرة في هذا الموضوع، وأنها ستشهد ذروتها ربما في مداولات مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا المقرر للشهر المقبل.
وبحسب الأمم المتحدة ثمة حاليا 20 ألف من المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، وهم يتوزعون على مجموعات عدة من جنسيات مختلفة، بينهم روس وتشاديون وسودانيون وسوريون وغيرهم.

رئيس منزوع الصلاحيات؟
ويمكن القول إن الخلافات الحالية بين الليبيين تتركز أساسا على التمسك بإجراء استفتاء على الدستور أو اعتماد الإعلان الدستوري (2011) في غياب الاتفاق على الاستفتاء. أما العنوان الكبير الثاني فمحوره: هل يتم انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، واستطرادا سيكون بالضرورة رئيسا بصلاحيات كاملة، أم يكون رئيسا منتخبا من البرلمان، محدود الصلاحيات، واستطرادا مُقيدا بالتوازنات السياسية داخل المجلس النيابي، إذ يمكن أن يُعزل إثر تشكيل غالبية برلمانية تسحب منه الثقة لأنها غير منسجمة معه.
وارتدى هذا الجدل بعدا سياسيا لأن الليبيين منقسمون بين قوى سياسية تريد رئيسا يتحكم به البرلمان، وأخرى تسعى إلى أن يجمع هو السلطات بين يديه، أسوة بمنصب الرئيس في أمريكا وفرنسا، على سبيل المثال. وعرفت تجارب انتقالية عربية مثل هذا الجدل، إلا أن الوقائع في التجربة التونسية مثلا أظهرت الفشل الذريع للنظام البرلماني، على مدى عقد من الزمن، وأكدت بالتالي الحاجة إلى مؤسسة رئاسة قوية.

خلاف على ميقات الاستفتاء

ويقع هذا الخلاف في قلب مناقشة المرجعية الدستورية للانتخابات، التي اختلف الليبيون في شأن إلحاحيتها، إذ هناك من دعا إلى إرجاء الاستفتاء إلى ما بعد الانتخابات، المقررة ليوم 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل، واعتماد الإعلان الدستوري، بعد تعديل بعض بنوده. وفي المقابل هناك من تمسك بإجراء استفتاء على دستور جديد، قبل الانتخابات، في ظل غياب الاتفاق على إجراء تعديل للإعلان الدستوري.
وعقدت اللجنة القانونية في الفترة بين 21 كانون الأول/ديسمبر 2020 وآذار/مارس الماضي، 15 اجتماعا افتراضيا، إضافة إلى اجتماعات ثنائية بُغية مناقشة القاعدة الدستورية للانتخابات.

غياب الزعامات
ويعزو محللون رفض تيارات الإسلام السياسي للنظام الرئاسي إلى كونها لا تملك زعامات تحظى بالشعبية التي تجعلها قادرة على الفوز في انتخابات رئاسية حرة وشفافة. واستطرادا، فهي ستكون أقل قدرة على التأثير في ظل نظام رئاسي منها في إطار النظام النيابي، والذي من عيوبه أيضا عدم استقرار الحكومات، مثلما هو الشأن في إيطاليا مثلا.
عدا هاتين المسألتين المتعلقتين بالموقف من النظام الرئاسي والمرجعية الدستورية للانتخابات المقبلة، طفت على سطح المناقشات في جلستين لملتقى الحوار السياسي، أخيرا بإشراف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم يان كوبيش، خلافات أخرى من أبرزها حق مزدوجي الجنسية في الترشيح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتحديد راتب رئيس الجمهورية، وهي خلافات أحيلت على ملتقى الحوار السياسي لاستكمال مناقشتها.

راتب الرئيس
وفي هذا الإطار تم الاتفاق في اجتماع اللجنة القانونية، المنبثقة من ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي انعقد في تونس في أبريل/نيسان الماضي، على تعديل الإعلان الدستوري، كما تم حل قضايا خلافية أخرى بينها ألا يتجاوز راتب الرئيس عشرين ضعفا من الراتب الأدنى في الدولة. واللجنة القانونية هي المكلفة بوضع القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وقد انتهت إلى وضع عدد من الاقتراحات في هذا المضمار، أدمجتها في مقترح موحد.
وأفادت مقررة اللجنة القانونية سلوى الدغيدي، أن اللجنة عقدت 15 اجتماعا افتراضيا، إضافة إلى الاجتماعات الثنائية بين أعضائها، في إطار مناقشة القاعدة الدستورية للانتخابات، وقررت إدماج سبعة مقترحات في مقترح موحد. وأفادت البعثة الأممية أن أعضاء ملتقى الحوار السياسي تقدموا خلال المناقشات، بتسع رسائل ضمنوها الملاحظات التي سجلوها بخصوص مقترح القاعدة الدستورية. وأوضحت البعثة أن تلك الملاحظات تتعلق بمسائل أداء القسم، ورئاسة مجلس النواب وأعضائه، وإسقاط العضوية به، وإنجاز المسار الدستوري، وصلاحيات رئيس الدولة وشروط الترشح، والحقوق الانتخابية لمنتسبي القوات الأمنية والجيش، والتزامن بين الانتخابات التشريعية والرئاسية، ومسألة استكمال المسار الدستوري.

رفض وإقصاء

وارتدى موضوع شروط الترشيح للرئاسة حساسية خاصة، إذ أصر أعضاء في ملتقى الحوار السياسي على رفض ترشيح مزدوجي الجنسية والمتزوجين من غير الليبيات، سواء للانتخابات الرئاسية أم للمجلس النيابي، فيما اعتبر آخرون أن مثل هذا الرفض هو إقصاء لقسم من الليبيين من ممارسة بعض حقوقهم، كما أنه يُكرس التمييز بين المواطنين، على ما قال أنصار هذا الموقف، ومنهم عضو الملتقى محمد الغدي.
غير أن النقطة التي شكلت قاسما مشتركا بين غالبية أعضاء الملتقى تمثلت في ضرورة النص، في القاعدة الدستورية للانتخابات، على حق الرئيس في حل مجلس النواب، بعد إجراء الانتخابات المقبلة بنحو ستة أشهر، على أن يكون للمجلس أيضا الحق في سحب الثقة من الرئيس حال الحصول على النصاب القانوني لذلك. وهذه المواقف من شأنها أن تترك الباب مواربا لعدم الاستقرار الحكومي.

ظلال الصراعات الدولية
وأبدى كثير من أعضاء ملتقى الحوار حرصهم على استكمال الاعداد الدستوري للانتخابات مع بدء تموز/يوليو المقبل، والالتزام بخارطة الطريق، المُنبثقة من مؤتمر برلين حول ليبيا، مطلع العام الماضي، بينما لا يبدو آخرون متحمسين للوفاء بتلك الوعود. ويمكن أن نرى في ذلك التجاذب بين فريقين من الليبيين ظلالا للمواقف الدولية في شأن الصراع الليبي، إذ انقسمت الأطراف الخارجية إلى مجموعة تضم أمريكا وسائر البلدان الأوروبية، وخاصة ألمانيا وإيطاليا، وهي تدفع في اتجاه إجراء استفتاء على الدستور تمهيدا للانتخابات، التي تُصرُ هذه الأطراف على إجرائها في ميقاتها. ودلت تسمية السفير الأمريكي لدى ليبيا رتشارد نورلاند في 10 أيار/مايو الجاري، مبعوثا خاصا للولايات المتحدة إلى ليبيا، على الأهمية التي يوليها الأمريكيون لإنهاء الحرب الأهلية في ليبيا، من دون رجعة. والأرجح أنهم قد بلجؤون إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة أمراء الحرب، الذين يعطلون تنفيذ خارطة الطريق، وفرض الانسحاب على المرتزقة أيا كانت جنسياتهم. ومن المنتظر أن تتكثف تلك الجهود تمهيدا لمؤتمر برلين الشهر المقبل.
أكثر من ذلك لاحظنا أن المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان وجنوب السودان دونالد بوث، حض أخيرا قادة حركات المعارضة السودانية المسلحة إلى سحب مقاتليهم من ليبيا، باعتبارهم باتوا جزءا من الحكومة الحالية.

موعد نهائي
هذا عن أمريكا واوروبا، أما الشق الثاني من الدول، والذي تمثله تركيا وروسيا وبدرجة أقل مصر، فيعمل على تقويض العملية السياسية وإرجاء الانتخابات إلى أجل غير مسمى، وهو الخيار الذي يُتيح لكل من تركيا وروسيا الإبقاء على قواتهما في ليبيا. ويتماهى خيار الفريق الأول مع موقف الداعين إلى التزام الموعد النهائي لوضع الإطار الدستوري والانتخابي، وهو المحدد بالأول من تموز/يوليو المقبل، وذاك ما دعا إليه مجلس الأمن في قراره الرقم 2570، من أجل تمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من المُضي قُدُما في الاعداد لذلك الاستحقاق.
ويُعتبر هذا القرار، معطوفا على الحراك الأمريكي المتسارع في الملف الليبي، دليلا على حجم الضغوط الدولية الدافعة باتجاه حلحلة الأزمة ووضع حد نهائي للحرب الأهلية. وجددت واشنطن تأكيد هذا الموقف من خلال المكالمة ألتي أجراها وزير الشؤون الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الاثنين الماضي مع نظيره التونسي عثمان الجرندي وقد ركزاها على التطورات في ليبيا. واعتبر بلينكن أن استكمال المسار السياسي سينعكس إيجابا على ليبيا وكامل منطقة البحر المتوسط.

مواقف غامضة
ويبدو من خلال الاتصالات المكثفة بين السفير نورلاند ورئيس مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، عماد السايح أن واشنطن ساعية لإجراء الانتخابات في موعدها، إلا أن السايح يعتقد أن «القرار السياسي بخصوص إجراء الانتخابات في الموعد المُقرر لم يُحسم بعدُ» معتبرا أن مواقف الأطراف السياسية في الداخل والخارج «ما زالت إلى الآن غامضة» بحسب ما قال في حوار صحافي.
ولفت السايح إلى انقسام الموقف الدولي في شأن الانتخابات، مؤكدا أن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يدعمان إجراءها في ميقاتها، بينما «تعمل دول أخرى (لم يُسمها) على عرقلة هذه العملية، مهما كانت الكلفة». أكثر من ذلك، أكد السايح أن تلك الدول «تعبر في العلن عن تأييدها لإجراء الانتخابات، إلا أنها تعمل بشكل معاكس مع حلفائها داخل ليبيا لعرقلة هذه العملية بأي شكل من الأشكال».

العائق الأكبر

على هذا الأساس يمكن القول إن الشروط الفنية للانتخابات باتت شبه مكتملة، إذ ستنتهي مفوضية الانتخابات من 90 في المئة من التحضيرات، بحلول منتصف الشهر المقبل، بحسب ما ذكر رئيسها، غير أن العائق الكبير يبقى سياسيا، بسبب تباعد المصالح بين القوى الإقليمية والدولية المتصارعة على الأرض الليبية. ومن هنا يغدو استكمال المسار العسكري أكثر من ضروري، لضمان استقرار الأوضاع وقطع الطريق على العودة إلى الحرب.
كما بات من الضروري أيضا توحيد باقي المؤسسات التنفيذية واستكمال مسار المصالحة الوطنية، التي بدأ الحديث عنها في الفترة الأخيرة، لكن لم يتم البدء بإعداد شروطها.

ليبيا: 91 برلمانياً يطالبون الحكومة بإطلاق حملة رسمية وشعبية لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني

 

طالب 91 برلمانياً من مجلس النواب الليبي، حكومة الوحدة الوطنية بإطلاق حملة رسمية وشعبية لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني، لمجابهة العدوان السافر لقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتقديم الدعم للمرابطين في الأراضي الفلسطينية. وطالب النواب الموقعون على البيان، وزارة الخارجية بالتواصل مع الدول العربية والإسلامية لاتخاذ موقف جاد يوقف الاستيطان والعدوان على الأراضي الفلسطينية.
وحث البيان الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية إلى إصدار توجيهات لخطباء المساجد للحديث عن القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى، والدعاء للمرابطين من أجل أن تبقى القضية حية تتوارثها الأجيال، وفق نص البيان.
وعبر النواب عن رفضهم الهجوم الغاشم على الشعب الفلسطيني، وحالة الشلل التي أصابت الأمة العربية والإسلامية، وتخاذلها عن نصرة المرابطين في الأقصى، معتبرين ذلك تواطؤاً مع آلة الحرب الصهيونية ومشروع التطبيع، وفق قولهم.

مؤثرات دولية..

مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني، أكد أن ليبيا ستشارك المجموعة العربية في نيويورك اجتماعاتها الطارئة للنظر في آليات التحرك العربي المشترك في الأمم المتحدة دعماً للقضية الفلسطينية.
وأوضح في تغريدات له على تويتر، أنهم يعملون على عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن والجمعية العامة لإيجاد موقف دولي موحد لإنهاء الاعتداءات المستمرة على الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.
وأكد السني موقف ليبيا الثابت ضد كل الانتهاكات التي تمارس على المدن الفلسطينية والمقدسات وعدالة قضيتهم، وشدد على ضرورة عودة الحقوق لشعبها بما يرتضون، وفق تعبيره.
مفتي الديار الليبية الشيخ الصادق الغرياني، قال إن ما يجري في بيت المقدس هو قضية الأمة الإسلامية كلها، وعلى المسلمين أن يهبوا بكل ما يملكون نصرة للأقصى.

وقفات تضامنية لليوم الرابع على التوالي للتنديد بالعدوان الإسرائيلي

وأضاف: «صاحب السلطان بنفوذه واجب عيني، عليه أن يفعل كل ما يقدر عليه من الضغوط السياسية والدبلوماسية والعلاقات، وكل من يملك شيئاً لا بد أن يفعله، صاحب السلطان بسلطانه، وصاحب المال بماله، ومن لا يملك إلا الدعاء فعليه بالدعاء».
احتشد المواطنون لأربعة أيام متواصلة في ميادين العاصمة طرابلس وميدان مصراتة وغيرها من المدن المركزية، منددين بما يحدث من اعتداء على الأراضي الفلسطينية، مطالبين بدعمهم ونصرتهم.
ورفعت بلدية طرابلس المركز، علم فلسطين في ميدان الشهداء الواقع وسط العاصمة الليبية طرابلس إلى جانب علم ليبيا، تعبيراً عن تضامن المدينة مع الفلسطينيين ورفضهم للاعتداء على القدس وغزة والأقصى، وبادرت بلدية مصراتة برفعه هي الأخرى .
وقد تصاعدت هتافات ومطالب الليبيين حتى وصلت حد المطالبة بفتح الحدود لايصال السلاح والعتاد إلى فلسطين، باعتبار أن ليبيا تمتلك مخزوناً جيداً من الأسلحة ويقع خارج إطار سيطرة الدولة .
إبان حكم الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، استطاع الليبييون إيصال شحنات كبيرة من الأسلحة إلى فلسطين وتحديداً إلى غزة، وذلك حسب تقارير أممية صدرت ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز
التقارير أكدت أن ليبيا أوصلت مضادات للطائرات ودبابات إلى غزة من خلال مصر والتي تعتبر الطريق الوحيد والأفضل للعبور والوصول إلى فلسطين، وتحديداً إلى حركة حماس الإسلامية من خلال مندوب أرسلته إلى ليبيا.
فترة حكم مرسي تعتبر من أنشطة الفترات التي استفادت بها حماس والمجاهدون في غزة من الأسلحة التي خرجت من ليبيا، بعد الحروب التي مرت بها، حتى تغير الحكم في جارة ليبيا، مصر، وانتهت بفعل تغيره هذه المناورات .
كما تحدثت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير نشرته في عام 2011 عن تهريب كميات كبيرة من «الوسائل القتالية» من ليبيا إلى قطاع غزة عبر مصر مروراً بشبه جزيرة سيناء.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن الصحيفة أن مئات من صواريخ غراد القادرة على إصابة أهداف على مسافة بين ستين وسبعين كيلومتراً، وقذائف صاروخية قصيرة المدى، وقعت في أيدي حركة حماس.

حفتر والسيسي..

في فترة حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المحايد نوعياً مع إسرائيل، توقفت تدفقات شحنات الأسلحة من ليبيا إلى غزة وانتهت، خاصة مع وجود صديقه في شرق ليبيا حفتر، الذي أقفل الطريق الساحلي وفصل شرق البلاد عن غربها.
مطالبات الليبيين حالياً بإيصال السلاح إلى فلسطين باتت صعبة التنفيذ بوجود حفتر والسيسي، وخاصة بعد ظهور تقارير أثبتت علاقة حفتر مع إسرائيل، حيث كشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية، أن ضباطاً إسرائيليين تولوا تدريب ميليشيات حفتر على حرب الشوارع في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها خلال شهري آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2019.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن الإمارات زودت ميليشيات حفتر بأنظمة دفاع صاروخية إسرائيلية لمواجهة الطائرات المسيرة التي يستخدمها الجيش الليبي التابع للحكومة الشرعية.
بينما تحدث الإعلامي الإسرائيلي يوسف ميلمان، في مقال نشره في صحيفة «ميدل إيست آي» عن تدريب مبعوثي المخابرات الإسرائيلية (الموساد) لبعض ضباط حفتر الأساسيين على «التكتيكات الحربية، وجمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية، وكذلك على إجراءات التحكم والقيادة» في مصر.
وأشار الصحافي الإسرائيلي إلى أن حفتر التقى ما بين 2017 و2019 مبعوثي الموساد في العديد من المناسبات في القاهرة، والذين ساعدوا ميليشياته في «شراء تجهيزات الرؤية الليلية وبنادق القنص.
ومع مطالبات الشارع الليبي المتزايدة بدعم القضية الفلسطينية، ومد حركات المعارضة بالسلاح والعتاد وفتح الحدود، تبقى كل هذه المطالبات مهام صعبة التنفيذ في ظل وجود حليف يمنعها، ويبقى الرهان على القوى الدولية الضاغطة في وضع حلول حاسمة وجذرية ضد قتل الأبرياء واستهدافهم .

السايح: أي تغيير يمس مجلس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا سوف يربك تنفيذ الاستحقاق الانتخابي

 

أكد رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، في تصريح لـ “القدس العربي” أن أي تغيير يمس مجلس المفوضية سوف يربك الخطط التي وضعت لتنفيذ استحقاقات 24 كانون الأول/ ديسمبر.
وأضاف أن قانون إنشاء المفوضية ينص على أن مجلس المفوضية هو المسؤول عن وضع الاستراتيجيات ورسم السياسات، والإشراف على تنفيذ البرامج اللازمة لتنفيذ العملية الانتخابية، وبما أن المجلس الحالي قد وضع جميع تلك المتطلبات موضع التنفيذ فإن أي مساس بهذا المجلس من شأنه أن يعيق استمرار تنفيذ تلك المتطلبات.
وفي إطار الحديث عن القاعدة الدستورية، أكد السايح أن المفوضية قد حددت تاريخ الأول من تموز/يوليو كحد أقصى لبدء عملية تنفيذ انتخابات 24 كانون الأول/ ديسمبر، وأن أي تأخير في هذا الموعد سوف يؤدي إلى إرباك خططها نحو التاريخ المقرر، وسيؤدي إلى إعادة النظر في الخطة التي وضعت لهذا الغرض.
وتابع رئيس المفوضية العليا للانتخابات أن المفوضية قد تسلمت 50 مليون دينار ليبي من حكومة الوفاق، موضحاً أنها مازالت تنتظر اعتماد الميزانية لكي تتولى حكومة الوحدة الوطنية استكمال العجز في الميزانية المخصصة لتنفيذ انتخابات 24 كانون الأول/ ديسمبر.
وفي ما يخص الظروف الأمنية السائدة، قال السائح إن الظروف الأمنية ليست بالعامل الجديد في الانتخابات الليبية التي نفذت في السابق، مؤكداً حرص المفوضية على أن يكون القانون الذي سيصدر قريباً يأخذ في الاعتبار البيئة الأمنية السائدة ويعالج المسائل الخلافية التي قد تحدث أعمال عنف وخرقاً للعملية الانتخابية.
وختم السائح حديثه بأن المفوضية لاتزال تنتظر استلام القوانين والتشريعات الانتخابية في الأول من يوليو القادم لكي نستطيع الوفاء بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر، وهذا التاريخ لم يعد بعيداً، وما يفصلنا عنه سوى بضعة أسابيع فقط.
يذكر أن اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي قد انتهت من صياغة القاعدة الدستورية التي سوف تقوم عليها الانتخابات القادمة، وقد سلمها المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، يان كوبيتش، إلى أعضاء الملتقى ودعاهم لحضور جلسة يومي 26/27 من أيار/مايو لمناقشتها .