الإثنين 14 يوليو 2025 18 محرّم 1447

كل مقالات Farouk

مشروع قرار بريطاني معدّل في مجلس الأمن يطالب بسحب المرتزقة من ليبيا

 

الامم المتحدة: قدّمت بريطانيا لشركائها في مجلس الأمن الدولي الجمعة مشروع قرار معدّلاً بشأن ليبيا يُطالب بسحب المرتزقة من هذا البلد.

ويُعرب مشروع القرار عن قلق (المجلس) من الانخراط المتزايد للمرتزقة في ليبيا”.

ويُذكّر بالالتزامات الدوليّة التي تمّ التعهّد بها في برلين في 19 كانون الثاني/يناير من أجل احترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ العام 2011 “بما يشمل وقف كلّ الدعم المقدَّم إلى المرتزقة المسلّحين وانسحابهم”.

كما يُطالب النصّ “جميع الدول الأعضاء بعدم التدخّل في النزاع أو اتّخاذ تدابير تُفاقمه”.

وقال دبلوماسيون إنّ روسيا قد تُعارض بشدّة أيّ إشارة إلى المرتزقة في مشروع القرار.

ولم يُحدّد حتّى الآن موعد للتصويت على النصّ.

ولم تتضمّن النسخة الأولى من مشروع القرار البريطاني التي تعود الى 24 كانون الثاني/يناير، أيّ إشارة إلى مقاتلين أجانب مسلّحين.

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة ندّد مجدّدًا الخميس أمام مجلس الأمن بوجود مقاتلين أجانب مسلّحين في ليبيا لم يُحدّد هوّياتهم.

ونفت روسيا التي تدعم الرجل القويّ في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر، الاتّهامات التي وُجّهت إليها بأنّها سَهّلت وصول آلاف المرتزقة من مجموعة فاغنر الروسيّة إلى ليبيا.

أمّا تركيا الداعمة لحكومة الوفاق الوطني الليبيّة المعترف بها من الأمم المتّحدة، فتُواجه اتّهامات بأنّها أرسلت إلى ليبيا مقاتلين سوريّين كان آخِرُهم هذا الأسبوع.

وأشار خبراء الأمم المتحدة في تقرير في كانون الأوّل/ديسمبر، إلى وجود جماعات مسلّحة في ليبيا، خصوصًا من السودان وتشاد، تُقاتل لمصلحة طرفَي النزاع الليبي.

ومنذ أن بدأ حفتر في نيسان/أبريل الفائت هجومه للسيطرة على طرابلس، مقرّ حكومة الوفاق المناوئة له، لم يتمكّن أعضاء مجلس الأمن من التوافق على أيّ قرار بشأن ليبيا.

ويُندّد مشروع القرار البريطاني المعدّل بـ”التصاعد الأخير للعنف ويدعو الأطراف إلى التزام وقف دائم لإطلاق النار”. كما يدعو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إبداء “رأيه بشأن الشروط اللازمة لوقف إطلاق النار” وتقديم “مقترحات من أجل مراقبته بشكل فعّال”.

ويشير مشروع القرار إلى أهمّيّة دور “الاتّحاد الإفريقي وجامعة الدول العربيّة والاتّحاد الأوروبي” في حلّ النزاع الليبي، على عكس المسوّدة الأولى لمشروع القرار التي اكتفت بالإشارة إلى أهمية دور الدول المجاورة والمنظّمات الإقليميّة في حلّ هذا النزاع.

وغرقت ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام الزعيم الراحل معمر القذافي في 2011.

«ليبيا جارة تركيا من البحر»… حرب أم سلام في الأبيض المتوسط؟

 

تتواجد مئات السفن الحربية في البحر الأبيض المتوسط الذي شهد أكبر تجمع للسفن الحربية منذ الحرب العالمية الثانية. تستمر التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والتكنولوجية أيضًا بوتيرة سريعة في العالم الذي عانى من آلام النظام الجديد عقب الحرب الباردة. تم في بداية القرن الحادي والعشرين، اكتشاف احتياطيات هيدروكربون شرق المتوسط، لم يكن باستطاعة أحد التنبؤ بها قبل ربع قرن. وتشير التقديرات إلى أن احتياطيات الغاز الطبيعي تصل قيمتها إلى 3 تريليونات دولار، وهي قادرة على تلبية احتياجات تركيا لنحو 572 عاما، وأوروبا لنحو 30 عاما، وفق حجم الاستهلاك الحالي.
في كتابه «ليبيا جارة تركيا من البحر»، يقول اللواء البحري د. جهاد يايجي، «التأثير السياسي لهذا الحجم من الاحتياطيات، إلى جانب قيمته الاقتصادية، جعل المنطقة مركز جذب جديد. وإن الجهود المتزايدة لبلدان المنطقة في السنوات الأخيرة، وتزايد أنشطة القوات غير الإقليمية تجاه شرق المتوسط، تعد بمثابة تأكيد لهذا الوضع». تمارس عشرات الدول في الوقت الحاضر، بما في ذلك الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية، أنشطة في شرق البحر المتوسط. إن زيادة نشاط الدول غير المتوسطية في شرق البحر المتوسط، تظهر بوضوح شديد مدى الحساسية القائمة في المنطقة. وقد جعل هذا الحال البيئة الأمنية في شرق البحر المتوسط أكثر تعقيدًا. وكما بقية البلدان المجاورة للبحر الأبيض المتوسط، تتابع تركيا التطورات في شرق المتوسط بحالة تأهب واحتياط على الصعيدين السياسي والعسكري. وتواصل تركيا الدفاع عن حقوقها ومصالحها في شرق المتوسط من الناحية القانونية لأجل الأجيال القادمة.
الوضع الفعلي في البحر المتوسط يعد أحد الأسباب الرئيسية للحروب والفوضى والاضطرابات المستمرة في سوريا وليبيا ولبنان وفلسطين. من ناحية أخرى، ظلت المشكلات القائمة في البر، مثل الهجرة غير الشرعية والإرهاب، تزعزع الأمن والاستقرار منذ عقود في المناطق البحرية في شرق البحر المتوسط. وينبغي ألا ننسى بأن الانقلاب العسكري ضد محمد مرسي، أول رئيس منتخب في مصر، كان أيضًا بسبب البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس، لأن مشاريع مرسي الرامية إلى ضمان توفير الإمكانات اللازمة لاعتماد مصر على نفسها، من السويس والبحر الأبيض المتوسط، كانت قد أزعجت إسرائيل بشدة.

الوضع الفعلي في البحر المتوسط يعد أحد الأسباب الرئيسية للحروب والفوضى والاضطرابات المستمرة في سوريا وليبيا ولبنان وفلسطين

أدى اكتشاف واحدة من أكبر احتياطيات الغاز الطبيعي عالميًا في شرق البحر المتوسط عام 2000 إلى تضاعف المكانة الجيوسياسية والجيواقتصادية للبحر المتوسط. ويظهر بوضوح شديد، مع هذه التطورات، أن البحر المتوسط سيؤدي دورًا مهمًا للغاية في تشكيل النظام العالمي الجديد. وتواصل إسرائيل بشكل خاص واليونان ودول غربية أخرى ممارسة جميع أنواع الأنشطة غير القانونية لإبعاد الدول الإسلامية عن شرق البحر المتوسط، وسط انزعاجها من المكانة التي ستكتسبها تركيا والبلدان العربية من حقوقها في البحر المتوسط.
الكاتب والسياسي والاقتصادي الفرنسي جاك أتالي، يسرد في كتابه «تاريخ البحر»، السيناريوهات المحتملة مستقبلًا في البحر الأبيض المتوسط، على النحو التالي: «قد يظهر الإرهاب البحري في المستقبل كشكل جديد من أشكال الحرب. ويمكن تخيل أن هذه الحرب ستتخذ أشكالًا متعددة: مثل استخدام غواصات وطائرات بدون طيار، وإرسال سفن انتحارية أو سفن محملة بالرهائن صوب السفن السياحية أو الموانئ، وإرسال سفن محملة بالمتفجرات أو المهاجرين إلى البحر المتوسط أو قطع بعض الكابلات البحرية الأكثر أهمية».
حسنًا، هل سيكون البحر المتوسط مكانًا للحرب أم الوحدة من جديد في المستقبل؟ الفلاسفة الذين يقولون إن «البحر الأبيض المتوسط هو مكان الذي يعيش فيه الناس المعتادون على السلام»، يؤكدون أن «هناك فهما للحياة في البحر المتوسط قائما على العيش والتبادل الثقافي والتقارب والتنازلات المتبادلة». وفي ضوء ذلك، هل سيكون من الممكن إعادة تفسير البحر الأبيض المتوسط بهيكله الجديد في القرن الحادي والعشرين عبر مفهوم «التفكير المتوسطي» وفق تعبير عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي إدغار موران؟ سيتضح ذلك بالطبع مع الوقت.

الأمم المتحدة تغلق مركزا للاجئين في ليبيا وسط انهيار الهدنة

مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في برلين في صورة بتاريخ 19 يناير كانون الثاني 2020. صورة من ممثل لوكالات الأنباء.

 

قالت الأمم المتحدة يوم الخميس إنها ستعلق عملياتها في مركز للاجئين في العاصمة الليبية لأنه قد يصبح هدفا في حين وصف مبعوث الأمم المتحدة هدنة توسطت فيها روسيا وتركيا بأنها هدنة “اسمية”.

وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة في إفادة لمجلس الأمن الدولي إن تبادل نيران المدفعية في طرابلس قد زاد بشكل كبير في الأيام الأخيرة، مما تسبب في زيادة عدد الضحايا المدنيين بسبب القصف العشوائي.

وقال سلامة إنه منذ 12 يناير كانون الثاني، عندما وافقت القوات المتحالفة مع حكومة طرابلس المعترف بها دوليا وخصومها في الشرق بقيادة خليفة حفتر على الهدنة المشروطة تم تسجيل أكثر من 110 انتهاكات.

واحتدم الصراع في ليبيا منذ أن شن حفتر هجوما على طرابلس في أبريل نيسان، مما عرقل خطط السلام التي تقودها الأمم المتحدة. وقدمت قوى دولية أسلحة ودعما جويا، على الرغم من هدوء في الغارات الجوية منذ أن طالبت روسيا وتركيا بهدنة بدأت في 12 يناير كانون الثاني، واجتمعت القوى الدولية في برلين في 19 يناير في محاولة للتوسط في وقف إطلاق نار دائم.

ويتلقى حفتر الدعم من الإمارات والأردن وروسيا ومصر بينما كثفت تركيا دعمها لحكومة طرابلس في الآونة الأخيرة.

وقالت السفيرة الأمريكية كيلي كرافت لمجلس الأمن إن “من المؤسف أن تعهد مؤتمر برلين مهدد بالفعل”. وحذرت من أن الوقت قد حان لأن يواجه من ينتهكوا حظر الأسلحة “عواقب حقيقية”، دون أن تقدم تفاصيل.

وكان مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة عضوا يتفاوض على مشروع قرار صاغته بريطانيا للتصديق على نتائج مؤتمر برلين لكن لم يتضح على الفور متى سيتم التصويت على النص.

وتقول الأمم المتحدة إن تدفق الأسلحة والمقاتلين على ليبيا ما زال مستمرا رغم التعهدات في برلين بالالتزام بحظر الأسلحة في حين زادت الاشتباكات على الأرض وقتل ما لا يقل عن 18 مدنيا وأصيب ثلاثة آخرون في طرابلس وحولها منذ السادس من يناير كانون الثاني.

وقال سلامة “لكن مع التطورات الأخيرة على أرض الواقع، يؤسفني أن أبلغكم أن هذه الهدنة لا تعدو إلا أن تكون هدنة اسمية”.

* تدريبات عسكرية

قد يؤدي إغلاق مركز اللاجئين وطالبي اللجوء في وسط طرابلس إلى مزيد من تقييد سبل حماية المهاجرين الذين يتعرضون في كثير من الأحيان إلى سوء المعاملة بما في ذلك التعذيب والعمل القسري.

كانت منشأة التجمع والمغادرة التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي تضم حوالي 1000 شخص، تعاني من مشاكل مما يعكس الصعوبات التي تواجه الوكالات الدولية العاملة في مدينة تسيطر عليها الجماعات المسلحة.

وقال جان بول كافاليري، رئيس بعثة المفوضية في ليبيا، في بيان “للأسف لم يبق أمام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أي خيار سوى تعليق العمل بعد أن علمت أن التدريبات، التي يشارك فيها أفراد الشرطة والجيش، تجري على بعد بضعة أمتار فحسب من وحدات إيواء طالبي اللجوء واللاجئين”.

وأضاف “نخشى أن تصبح المنطقة بأكملها هدفا عسكريا، مما يعرض حياة اللاجئين وطالبي اللجوء وغيرهم من المدنيين للخطر”.

والساحل الغربي لليبيا أحد نقاط المغادرة الرئيسية للمهاجرين الذين يحاولون عبور البحر إلى أوروبا على الرغم من انخفاض عدد المغادرين بشكل حاد منذ منتصف عام 2017.

ماكرون يتهم أردوغان بعدم الوفاء بوعوده بشأن ليبيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس يوم الأربعاء. صورة لرويترز من ممثل لوكالات الأنباء

 

اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره التركي يوم الأربعاء بعدم الوفاء بالوعود التي قطعها في مؤتمر دولي بشأن ليبيا بعد وصول سفن حربية تركية ومقاتلين سوريين إلى ليبيا.

وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس “أود أن أعبر عن بواعث القلق فيما يتعلق بسلوك تركيا في الوقت الحالي وهو ما يتناقض تماما مع ما التزم به الرئيس طيب أردوغان في مؤتمر برلين”.

جاءت تصريحات ماكرون بعد أسبوع من اتفاق الإمارات ومصر وروسيا، التي تدعم القائد العسكري خليفة حفتر في شرق ليبيا وتركيا التي تدعم الحكومة في طرابلس، مع قوى غربية في برلين على الضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار والالتزام بحظر توريد الأسلحة.

ومع ذلك، تصاعدت المعارك منذ ذلك الحين إذ يحاول الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر فتح جبهة جديدة عن طريق تحريك القوات باتجاه مدينة مصراتة في غرب البلاد.

وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي لم تتحقق منها رويترز سفنا حربية تركية قبالة سواحل ليبيا يوم الأربعاء.

وأكد ماكرون وجود السفن التركية واتهم أنقرة بانتهاك سيادة ليبيا وتعريض أمن أوروبا وغرب أفريقيا للخطر.

وقال ماكرون “شاهدنا في الأيام الأخيرة وصول سفن حربية تركية برفقة مرتزقة سوريين إلى الأراضي الليبية. هذا انتهاك واضح وخطير لما تم الاتفاق عليه في برلين. إنه إخلاف للوعد”.

وقالت الأمم المتحدة في 25 يناير كانون الثاني إن بعض الدول التي تدعم الفصائل المتناحرة في ليبيا انتهكت حظر الأسلحة بعد مؤتمر برلين، دون أن تحدد هذه الدول.

سودانيون يتظاهرون ضد إرسال أبنائهم للقتال في ليبيا واليمن ـ (فيديوهات)

 

حسن اوريد –  تظاهر مئات السودانيون، الثلاثاء، أمام مقر وزارة الخارجية بالعاصمة الخرطوم، احتجاجا على إرسال أبنائهم للقتال في اليمن وليبيا، بدل العمل في خدمات أمنية، حسب عقود مبرمة معهم من قبل شركة إماراتية.
وردد المتظاهرون هتافات منددة بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ولافتات مكتوب عليها: “أولادنا لا للبيع”، “من أجل كرامتنا قامت الثورة”، “فلذات أكبادنا ليسوا بمرتزقة”.

وفي السياق، نشر نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي صورا لسودانيين وهم يستعدون لمغادرة مدينة “راس لانوف” في ليبيا، على متن طائرة تحمل 275 سودانيا في طريق عودتهم إلى العاصمة الخرطوم، بعد زيادة حدة الاحتجاجات على إرسالهم.
و”راس لانوف” مدينة سكنية صناعية شمالي ليبيا، وهي مقر مصفاة “راس لانوف” النفطية.
والأحد، نظمت أسر سودانية وقفة احتجاجية أمام السفارة الإماراتية بالعاصمة الخرطوم، احتجاجا على إرسال أبنائها للقتال في اليمن وليبيا.

ومؤخرا قالت شركة “بلاك شيلد” الإماراتية، في بيان، اطلعت عليه الأناضول، إنها شركة حراسات أمنية خاصة، وتنفي كافة الادعاءات المتعلقة بخداع العاملين لديها بخصوص طبيعة العمل أو نظامه أو موقعه أو العاملين لديها.
والجمعة، طالبت أسرة سودانية الحكومة الانتقالية بالتدخل لإعادة ابنها من الإمارات، بعد حجزه بمعسكر تدريب مدة 3 أشهر، عقب “خداعه” مع مجموعة أخرى للعمل في وظائف حراسات أمنية.
ونقلت قناة “الجزيرة مباشر”، الجمعة، عن عبد الله الطيب يوسف، شقيق أحد السودانيين بالإمارات، قصة عشرات السودانيين ممن تعرضوا للخداع للعمل في وظائف حراسات أمنية، قبل أن يتفاجأوا بالدفع بهم في معسكرات تدريب.
ونشرت منصة “واكب” السودانية عبر موقع “تويتر” نماذج من عقود عمل بصفة حراس لسودانيين في الإمارات، قبل سحب هواتفهم.
وأثارت مناشدة الأسرة السودانية تفاعلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انتشار فيديو لـ “عبد الله الطيب يوسف”، وهو يناشد السلطات السودانية الوقوف إلى جانبهم.
وفي 25 ديسمبر/ كانون الأول 2019، نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا عن “تورط” أبو ظبي في تمويل نقل مرتزقة للقتال في ليبيا إلى جانب مليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
وتشن مليشيات حفتر، منذ 4 أبريل/ نيسان الماضي، هجوما متعثرا للسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق الليبية.
وأجهض هذا الهجوم جهودًا كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين، ضمن خريطة طريق أممية لمعالجة النزاع الليبي.

ليبيا أو اللعبة الكبرى

 

حسن أوريد – يعود مصطلح «اللعبة الكبرى» للكاتب الإنكليزي روديار كيبلينغ حين كان الصراع على أشده في القرن التاسع عشر على أفغانستان، ما بين بريطانيا وروسيا القيصرية، وأصبح منذ ذلك التاريخ تعبيرا متداولا لصراع الكبار، في سباق محموم يخفي أكثر ما يُظهر، في غياب المعنيين، أو على حساب الصغار.
الوضع في ليبيا هو كذلك لعبة كبرى، في صراع متدخلين عديدين، بمستويات عدة، في قوتهم وحجمهم وطموحهم، بل وأطماعهم، في غياب الليبيين الذين يرددون فيما يرفعه المتظاهرون: «كُفوا أيديكم عنا.»
على خلاف ما كان منتظرا، لم يسهم لقاء برلين حول ليبيا في حلحلة الوضع. أضحى شبيها بالحالة المعروفة «لا حرب ولا سلم»، فهو كذلك لا اتفاق ولا عدم اتفاق، مما يجعل الوضع قابلا لكل الاحتمالات بما فيها الأسوأ، مع إعلانات عامة، هي أشبه ما تكون بخطب إنشائية، من قبيل شجب التدخل الأجنبي، وحظر التسليح، ورفض الحل العسكري، وما شابه ذلك من المقتضيات المكررة. رُعاة لقاء برلين لم يكسبوا، ومعارضوه لم يخسروا، لكن الملف ازداد تعقيدا. موقف روسيا يظل متأرجحا بين دعم الحكومة الشرعية، وإبقاء العلاقة مع الجنرال حفتر، أو عبر المليشيات الروسية المحاربة بجانبه. ليس هناك تطابق تام ما بين الموقف الروسي والتركي حول ليبيا، رغم التنسيق الأخير الذي أفضى للقاء موسكو.
التطور الأخير في برلين، يضعف المجموعة الأوروبية، التي كان من المفترض أن تتكلم لغة واحدة، في القضايا الدولية، وفقا لما كان يريده منشؤوها، كي تكون قوة مؤثرة غير تابعة للولايات المتحدة. برز التصدع بين فرنسا وإيطاليا جليا في الملف الليبي، ما جعل إيطاليا تقترب من تركيا. دخول ألمانيا على الخط ليس مما يروق لفرنسا، وقد يحرك كوامن التاريخ، والأحلاف السابقة بين ألمانيا والامبراطورية العثمانية، ويتهدد من ثمة الثنائي الفرنسي الألماني الذي هو عماد الاتحاد الأوروبي. لا تربط تركيا وجود قواتها في ليبيا إلى جانب حكومة الوفاق، ومساندتها له إلى الشرعية الدولية وحدها، بل لاعتبارات تاريخية، أي أنها تربط الصلة بالماضي العثماني، و»استعادة» هذا الإرث ومن ثمة الدور. تسعى تركيا لأن تستثمر في هذا الإرث العثماني مع الدول التي كانت تابعة للحكم العثماني في المنطقة، تونس والجزائر، إلى جانب ليبيا، وتركز على الجزائر خاصة. وليس من قبيل المصادفة أن يحل الرئيس التركي الطيب رجب أردوغان بالجزائر، ويتم الإعلان أن من الملفات التي تعول عليها أنقرة، في لقاء الرئيس التركي بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، الملف الليبي.
إلا أن إحياء البعد العثماني من قبيل تركيا، يثير ردود فعل قوية من لدن مصر، التي بنت دولتها الحديثة مع محمد علي بالانفصال عن الباب العالي، وتنظر إلى تدخل تركيا في جوارها بتوجس شديد، يؤجج الخلافات القائمة، الناجمة عن موقف تركيا من النظام المصري. للمغرب كذلك حساسية مفرطة حيال تركيا، أو على الأصح حيال العثمانية الجديدة، لأن المغرب تاريخيا لم يخضع لسيطرة العثمانيين. تهديد وزيرالتجارة الخارجية المغربي بإعادة النظر في اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، أعمق من أن تكون بواعثه اقتصادية صرف. ويلتقي البلدان، مصر والمغرب مع فرنسا، التي لا تنظر بعين الارتياح لتحركات تركيا، فيما تعتبره فرنسا مجالها الخاص أو الحيوي. يضاف طبعا دور الإمارات التي تدعم الجنرال حفتر، عسكريا، ولوجستيا وسياسيا. تواري الولايات المتحدة في التطورات الأخيرة، لا يعني انسحابا نهائيا من الملف، وهي تفضل عدم الانخراط، مرحليا، بالنظر إلى تضارب مواقف حلفاء الولايات المتحدة. الحياد الأمريكي غير نهائي ويرقب تطور الأوضاع.

لم يسهم لقاء برلين في حلحلة الوضع الليبي فلا هو اتفاق ولا عدم اتفاق، ما يجعل الوضع قابلا لكل الاحتمالات بما فيها الأسوأ

وأخيرا وليس آخرا، هو أن لقاء برلين، زاد من حدة التوتر بين الجزائر والمغرب. عدم استدعاء المغرب للقاء برلين أثار غضبا في الرباط، ورأى الملاحظون في حضور الجزائر، ممثلة في رئيسها، كما كتبت جريدة «لوموند» عودة الدبلوماسية الجزائرية، واحتضنت الجزائر عقبها لقاء لدول جوار ليبيا. وواضح أن هذه الدعوة، هي لتجاوز اتفاق الصخيرات، وعزل المغرب عن الملف الليبي. طبعا، اتفاق الصخيرات، ليس اتفاقا مغربيا، وإنما اتفاق ليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، تم في منتجع بالمغرب. والمؤكد كذلك أن انخراط المغرب في الملف، هو استجابة للأطراف الليبية، وهو كذلك تعبير عن وعي المغرب بالتداعيات الممكنة للوضع في ليبيا على أمن المنطقة واستقرارها. ما قد يعاب على المغرب هو عدم انخراطه في الملف الليبي وليس انخراطه. متدخلون عديدون، بأجندات مختلفة، وتطورات درامية، كما في المسرح اليوناني. كثرة المتدخلين تعقد الملف. والأدهى والأمر، هو أن هذه التدخلات بصدد إفراز محاور، وكما يقول المثل المغربي، «يدي ويد القابلة يخرج الصبي أعور»، أي حينما تتعدد الأيادي، من القابلة وسواها، لكي تخرج الجنين من بطن الأم، يصاب بعاهة. وهو ما يحصل في ليبيا. فعوض الأمن والسلم المنشود يزداد الملف تعقيدا بسبب التدخلات، وأضحى الملف مؤشرا على تقاطعات دولية في المنطقة، وهذه التقاطعات من شأنها أن تصبح بؤرة توتر عالمي. يجمع السياسيون والملاحظون أن بؤرة ليبيا تهدد الأمن والاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط والساحل، وتتهدد ليبيا، في وحدتها الوطنية والترابية، ويحذرون من سابقة سوريا، إلا أن الوضع في ليبيا قد يكون أسوأ بالنظر إلى التركيبة القبلية في ليبيا، والامتداد الجغرافي، والطبيعة الصحراوية، والأطماع على ثرواتها.
مَن المتضرر من انفلات محتمل، إلى جانب الشعب الليبي؟ البلدان المغاربية، بدون استثناء، ومصر وبلدان الساحل، أولا. وإيطاليا ثانيا. وهؤلاء ينبغي أن يتكلموا لغة واحدة عوض التنافس والسعي للتموقع. هناك إطار لحل القضية الليبية، ينبغي عدم القفز عليه وهو، الإطار الأممي الذي أفرز اتفاق الصخيرات. بدا جليا، أنه أرضية لا يمكن تجاوزها، وكل تجاوز لها قد يفاقم المشكل. وهو ما يبدو مع التلويح بالخيار العسكري، والخيار العسكري وحده، من قِبل وحدات المشير حفتر.
كاتب مغربي

مقابلة-السراج: ليبيا ستواجه وضعا كارثيا إذا استمر إغلاق حقول النفط

فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا في طرابلس يوم 16 يونيو حزيران 2019. تصوير: أولف ليسينج – رويترز.

 

قال فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا يوم الاثنين إن ليبيا ستواجه وضعا كارثيا إذا لم تضغط القوى الأجنبية على خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) لإنهاء حصاره لحقول النفط الذي أدى إلى وقف إنتاج الخام تقريبا.

وأغلقت قوات حفتر موانئ النفط الرئيسية في ليبيا منذ يوم الجمعة في استعراض للقوة تزامنا مع لقاء قوى أجنبية بحلفائه في برلين للضغط عليه لوقف حملته العسكرية الرامية للسيطرة على العاصمة طرابلس حيث مقر حكومة الوفاق.

وقال السراج لرويترز إنه يرفض مطالب حفتر بربط إعادة فتح الموانئ بإعادة توزيع إيرادات النفط على الليبيين، مشيرا إلى إن الدخل في النهاية يعود بالفائدة على البلد بأكمله.

وأضاف خلال المقابلة التي جرت في برلين أن هذا الوضع سيكون كارثيا في حالة استمراره.

وردا على سؤال عما إذا كان يرغب في أن تضغط الدول الأجنبية على حفتر حتى ينهي حصاره للموانئ النفطية، قال “على أمل أن الأطراف الدولية الخارجية تعرف عمق المشكلة… بعض الأطراف الخارجية وعدوا بأن يتابعوا الملف”.

وتقع غالبية الثروة النفطية الليبية في شرق البلاد لكن المؤسسة الوطنية للنفط، ومقرها طرابلس، هي التي توزع الإيرادات وتقول إنها لخدمة البلد بأكمله وإن لا صلة للمؤسسة بالصراع الدائر بين الفصائل.

وقال دبلوماسيون إن الحكومة الموازية في شرق البلاد سعت مرارا لتصدير النفط متجاوزة المؤسسة الوطنية للنفط لكن الأمم المتحدة حظرت ذلك.

وترسل المؤسسة إيرادات النفط والغاز، وهي شريان الاقتصاد في ليبيا، إلى البنك المركزي في طرابلس والذي يعمل بصفة أساسية مع حكومة السراج. وتقسم الحكومة الإيرادات بين دفع الرواتب ودعم الوقود وخدمات أخرى، ويشمل ذلك المناطق التي يسيطر عليها حفتر في شرق البلاد.

وأفادت وثيقة أُرسلت إلى متعاملين اطلعت عليها رويترز يوم الاثنين بأن المؤسسة الوطنية للنفط أعلنت حالة القوة القاهرة على تحميلات الخام من حقلي الشرارة والفيل النفطيين.

وكان من المقرر أن تحمل تسع ناقلات نفط على الأقل الخام على مدى الأيام المقبلة من الموانئ التي أعلنت فيها حالة القوة القاهرة. وكانت المؤسسة أعلنت في وقت سابق هذه الحالة في موانئ شمال شرق البلاد.

ولا توجد في ليبيا حكومة مركزية مستقرة منذ الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011. وتتنافس في ليبيا حكومتان إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب منذ أكثر من خمس سنوات في حين تسيطر جماعات مسلحة على الشوارع.

* احترام الهدنة

قال السراج خلال مقابلته مع رويترز إنه سيحترم قرار القمة بالحفاظ على الهدنة في طرابلس وبدء محادثات بين طرفي النزاع الليبي في إطار خطة تقودها الأمم المتحدة.

لكنه استبعد عقد أي لقاء مع حفتر. وفي برلين اجتمع السراج وحفتر مع زعماء العالم دون أن يلتقيا.

وقال السراج “بالنسبة لي فإن الأمر واضح. عملية الجلوس مع الطرف المعتدي أعتقد عملية تجاوزها الزمن. وأعلننا عن موقفنا بوضوح أننا لن نجلس مرة أخرى”، مضيفا أن مسألة الحوار حول صنع السلام يتعين ألا يتم قصرها على لقائه مع حفتر.

وجمعت قمة برلين يوم الأحد الداعمين الأجانب للطرفين المتحاربين. وتدعم الإمارات ومصر ومرتزقة روس وبعض المقاتلين الأفارقة حفتر في حين تدعم تركيا السراج.

واتفقت القوى الأجنبية في العاصمة الألمانية على تعزيز هدنة هشة في ليبيا لكن محاصرة قوات حفتر لحقول النفط ألقت بظلالها على الاجتماع.

وقال خوسيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين إن التكتل سيناقش كافة الخيارات لدعم وقف رسمي لإطلاق النار في ليبيا، لكن أي تسوية سلمية ستحتاج إلى دعم حقيقي من الاتحاد كي تستمر.

وبموجب اتفاق برلين، سيتم تشكيل لجنة مشتركة مؤلفة من خمسة عسكريين من كل جانب ليبي على أن تجتمع في جنيف في غضون نحو أسبوع لمناقشة آليات وقف إطلاق النار بهدف تمهيد السبيل لاستئناف جهود السلام الدبلوماسية.

وقال السراج “للأسف الطرف المعتدي مستمر في خروقاته وتجاوزاته لوقف إطلاق النار لأنه لم يوقع أصلا على وقف إطلاق النار”، في إشارة إلى اجتماع في موسكو الأسبوع الماضي رفض خلاله حفتر التوقيع على خطة لوقف إطلاق النار. وكان السراج قد وقع على هذه الخطة.

وأضاف “على أمل… أن اللجنة العسكرية (5+5) تجتمع وتقوم بأعمالها”.

ويشكك كثيرون في إمكانية وقف إطلاق النار بسبب عدم وجود ثقة متبادلة بين الطرفين والانتشار الكثيف لقوات حفتر في شمال غرب البلاد في محاولة للسيطرة على طرابلس”.

أوروبا في ليبيا: لمَنْ تُقرع الأجراس!

 

استفاقت أوروبا، عبر تمثيل ألماني في الواجهة، على مآزق ليبيا السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، المحلية والإقليمية؛ وكذلك على فصل جديد من “اللعبة الكبرى”، القديمة والعالمية والجيو ــ سياسية بامتياز، التي دارت في هذه المنطقة من العالم مراراً وتكراراً، وتدور اليوم متخذة صيغة صراع بين نصف دزينة من الدول، شرقاً وغرباً.

بيد أنها ليست استفاقة متأخرة فقط، أشبه بصحوة من غيبوبة دامت تسع سنوات أعقبت سقوط نظام معمر القذافي، فحسب؛ بل هي، قبلئذ وجوهرياً، وصولُ متطفلٍ متأخر مفلس، إلى مشهد دموي معقد؛ يختلط فيه الحابل بالنابل، وتتناطح على امتلاك أوراق التحكّم فيه قوى كبرى وصغرى، أصيلة عن نفسها أو وكيلة للأعلى منها، وتُزجّ على أرضه وفي سمائه أسلحة من كلّ طراز فتاك، ويتدفق إليه مرتزقة ومقاتلون مأجورون من كلّ حدب وصوب. وفي غمرة هذا الاحتشاد، ثمة مأساة إنسانية يومية يعيشها الليبيون المدنيون الذين دفعوا ثمن التحرّر من استبداد واضح، ليقعوا تحت نير استبدادات أخرى كثيرة ومتعددة الأقنعة.

وليس عسيراً التكهن بأسباب هذه الصحوة الأوروبية على الملفّ الليبي، إذْ ثمة بلد يرقد ترابه على ثروة نفطية هائلة، مستكشَفة لتوّها وكامنة؛ وخراب عمرانه، خلال سنوات ما بعد القذافي، يعد بمليارات ومليارات من عقود إعادة البناء والاستثمار؛ وصحراؤه الشاسعة الواسعة تُنذر بتهديدَين متلازمين لا قبل لأوروبا باحتمال عواقبهما: استيطان فصائل الجهاديين، وعبور أفواج اللاجئين. لكنّ هذه المعطيات كانت واضحة وجلية طوال الوقت، والمشير خليفة حفتر يتابع هجماته على العاصمة طرابلس منذ تسعة أشهر بدعم متعدد الأطراف، وبغمزة صريحة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصياً؛ فما الذي دفع أوروبا إلى التحرّك، الآن تحديداً؟

سبب أوّل، هو اتفاقية التعاون التي وقعتها تركيا مع حكومة “الوفاق الوطني” الليبية، ومنحت أنقرة امتيازات اقتصادية وجيو ــ سياسية واستثمارية ونفطية بالغة السخاء، أسفرت أيضاً عن دخول أنقرة طرفاً عسكرياً على الأرض، سواء عبر الجيش النظامي التركي، أو عبر مقاتلين مرتزقة من فصائل سورية كانت أصلاً تعمل بإمرة تركية في الشمال السوري. السبب الثاني هو دخول موسكو، هذه المرّة، إلى المشهد المعقد عبر مرتزقة “فاغنر”، الذين لا يعملون البتة من دون ترخيص الكرملين؛ حيث شاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مثلما شاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان، استعادة طعم كعكة مجزية سبق أن تذوقتها موسكو وأنقرة في حقبة ماضية لم يمرّ عليها الزمن!

صحيح أنّ التناقض فاضح بين تدخّل عسكري تركي لصالح حكومة “الوفاق”، وتدخّل عسكري روسي لصالح حفتر، الأمر الذي قد يضع الطرفين في مواجهة قتالية مباشرة؛ ولكنّ لقاء موسكو الذي انعقد بمبادرة من أردوغان وبوتين، وكاد أن يجبر حفتر على توقيع اتفاق لا يُرضي رعاته الإقليميين لولا أنه غادر لا يلوي على شيء، كان جرس الإنذار الأكثر قرعاً في آذان أوروبا، ألمانيا وإيطاليا واليونان تحديداً، قبل فرنسا مثلاً. وكانت أمثولة الجرس تقول ببساطة: المتوسط والثروات والاستثمارات والمحاسن والمساوئ الجيو ــ سياسية جمعاء باتت، عبر البوابة الليبية، رهن تفاهمات بوتين وأردوغان؛ وكانت، إلى هذا، تذكّر بأنّ اللذَين تفاهما في سوريا، رغم وقوفهما على طرفَيْ نقيض، يمكن أن يتفاهما في ليبيا، بل بالأحرى: تفاهما، وقُضي الأمر!

المرء، مع ذلك، يأمل في أنّ وصول أوروبا على هيئة مشارك متأخر مفلس، خير من استمرارها في التغيّب، أو عدم وصولها نهائياً؛ حتى إذا كانت المعطيات تقول إنّ مؤتمر برلين لن يكون سوى المحفل/ القناع للقاء موسكو، وأنّ ما تمنّع حفتر على توقيعه هناك، سوف يجده على الطاولة هنا. ذلك لأنّ الأجراس لا تُقرع لأهل البلد الليبيين، ولا حتى للأوصياء عليهم ومزيّفيْ إرادتهم من أبناء جلدتهم، بل هي للأسف أجراس لا تقرعها إلا أيدي مدراء اللعبة الكبرى!

لوموند: السعودية تمول المرتزقة الروس في ليبيا

حفتر خلال استقباله من ملك السعودية (رويترز)

 

توقفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في تقرير نشرته اليوم السبت عند النفوذ التركي- الروسي المتصاعد في ليبيا على حساب الحضور الأوروبي؛ قائلة إن موسكو وأنقرة تستفيدان من “إفلاس” الغربيين في الأزمة الليبية ليفرض البلدان نفسيهما كراعيين للحل السياسي في ليبيا.

وأضافت الصحيفة أنه، بعد سوريا ، تم تشكيل تحالف “انتهازي” جديد بين تركيا وروسيا المصممتين على الانتقام على ميدان الدبلوماسية. وفي هذا الصدد ، فإن الاستراتيجية الروسية قد أتت أكلها، إذ نجحت موسكو بالفعل في ترسيخ نفسها كلاعب رئيسي في المجال الدبلوماسي وبالحد الأدنى من الاستثمار.

وكشفت لوموند أن نقلا عن مصادرها أن المرتزقة الروس الذين يلعبون دوراً مهما في المعادلة العسكرية الليبية ، عبر دعمهم لقوات المشير خليفة حفتر – تدعهما أيضا أبوظبي والقاهرة وباريس – يتلقون التمويل من المملكة العربية السعودية. وكانت تقارير صحافية عديدة أكدت وجود هؤلاء المرتزقة التابعين لشركة “فاغنر” الروسية يقاتلون في صفوف قوات حفتر، التي تحاول منذ أشهر السيطرة على العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا؛ التي أكدت في وقت سابق أنها وثقت وجود ما بين 600 و800 مقاتل روسي في ليبيا.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية كشفت أنّ الرياض قدمت مساعدات بملايين الدولارات، للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، لتنفيذ هجومه على العاصمة طرابلس في 4 إبريل/ نيسان 2019.

وأكدت “لوموند” أنه يمكن لروسيا أن تجعل من ليبيا رهاناً في المفاوضات مع الأوروبيين. ففي باريس ، لا تعد فرضية الحوار مع موسكو حول القضية الليبية من المحرمات ، على الرغم من أنها تتعلق بتركيا التي تزداد علاقاتها مع فرنسا تأزماً. وفي هذا الصدد، تنقل لوموند عن مصدر في باريس قوله “ بقدر ما يتعين علينا عزل الأتراك عن ليبيا ، نريد العمل مع الروس أيضًا”.

وهكذا؛ يمكن لفرنسا أن تكون بمثابة بوابة لترتيب العلاقات بين روسيا وأوروبا ، والتي تعتبر القضية الليبية حاسمة بالنسبة لها – سواء فيما يتعلق بقضايا الهجرة أو الأمن. فالتحرك الروسي

في ليبيا عزز موقف موسكو في المحادثات مع أوروبا، وبالتالي يمكن للروس توقع تنازلات في الأمور التي تهمهم أكثر ، بدءاً بأوكرانيا. بعبارة أخرى ، تتمثل إحدى طرق استعادة الأوروبيين لزمام الأمور في ليبيا في استبدال حل وسط روسي أوروبي بالمحور التركي الروسي.

وعليه؛ فإن ليبيا تجد نفسها عالقة أو محاصرة في “لعبة كبيرة” ثلاثية (أوروبا وتركيا وروسيا) – دون احتساب الضغوط الإقليمية المصرية- الإماراتية.

الجزائر شريك غير رسمي للألمان في قيادة مبادرة السلام في ليبيا

 

رشيد خشــانة – على خلاف المبادرتين الفرنسية والإيطالية للحل السياسي في ليبيا، مهد الألمان لمبادرتهم الأخيرة بستة اجتماعات تحضيرية، في مستوى المسؤولين السامين، عُقد أولها في 17 أيلول/سبتمبر في برلين، برئاسة مشتركة بين الأمم المتحدة والحكومة الألمانية، وحضرته وفود من ثمانية بلدان، إلى جانب مندوبين من الاتحاد الافريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي. وتتالت الاجتماعات، بمشاركة الأطراف نفسها، وأدمجت توصياتها في القرارات الختامية لمؤتمر برلين، بينما كانت الجزائر أحد الغائبين الكبار عن تلك الاجتماعات، إذ لم تبلغها الدعوة الألمانية إلا قبل تسعة أيام من ميقات المؤتمر. والظاهر أن أمريكا لم تكن مرتاحة لهذا الغياب، إذ اتجه السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند إلى الجزائر بعد اجتماع برلين الثاني، واجتمع مع وزير الخارجية صبري بوقادوم، واستمع إلى مخاوف الجزائريين من انعكاسات تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا على الاستقرار في دول الجوار، ومن ضمنها الجزائر، التي تجمعها مع ليبيا حدود برية بطول ألف كلم.

أمريكا وميركل

وحذر الموفد الأمريكي من أن تدهور الوضع في ليبيا، سيُعطل الحرب على الإرهاب، ويُربك النمو الاقتصادي في منطقة شمال افريقيا بأسرها. وبعد الجزائر توجه السفير نورلاند إلى الإمارات ثم إلى مصر، فروسيا وأخيرا تركيا، في ما يُشبه الجولة المكوكية التنسيقية. ودلت تلك الجولة على أن واشنطن كانت من المساهمين في إنجاح مؤتمر برلين حول ليبيا، الأحد الماضي، بمشاركة 11 دولة هي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر والكونغو، وأربع منظمات دولية وإقليمية، أبرزها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وساهمت تلك المساعي الأمريكية في توجيه المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل الدعوة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لحضور القمة، وعرض الأخير، بدوره استضافة الحوارات الليبية الليبية في إطار مبادرة برلين.

أكثر من ذلك، لم يُخف الأمريكيون قلقهم من التصعيد العسكري من جانب قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي أوقع من جديد ضحايا في المعارك الدائرة على تخوم طرابلس، وأبدوا استعدادهم للتعاون مع جميع الأطراف الداخلية والخارجية، من أجل “إنهاء الصراع، وتمكين المواطنين الليبيين من استئناف حياتهم الطبيعية”. واللافت أن الأمريكيين لم يدعموا إقدام حفتر على احتلال الحقول النفطية، بدعوى المطالبة بتوزيع عادل للثروات الطبيعية، على أقاليم البلد، فحسب نورلاند من الأولويات المحافظة على وحدة المؤسسات الليبية الرئيسة، وفي مقدمتها “المؤسسة الوطنية للنفط” التي تعتبر حجر الزاوية في الاقتصاد الليبي الريعي، وكذلك مصرف ليبيا المركزي (مقره في طرابلس) في رد غير مباشر على الحديث عن مشروع لتقسيم المؤسستين، بما يمثله ذلك من مخاطر على وحدة البلد.

هدنة هشة

ماذا سيصنع رُعاة مؤتمر برلين بقراراته الخمسة والخمسين، وهو أكبر عدد من القرارات يصدر في نزاع مماثل؟ بالتأكيد، سيعملون على تحويل الهدنة الحالية الهشة، إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، وسيضغطون على الدول التي تُزود الطرفين المتقاتلين بالسلاح، كما سيعملون على نزع السلاح من أيدي الجماعات. نظريا، ستساهم هذه الخطوات، لو تمت فعلا، في تبريد جبهات القتال وحلحلة الوضع العسكري. غير أن اللواء حفتر ما زال ممتنعا عن التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، بالرغم من أن حلفاءه الروس هم الذين صاغوه، فضلا عن عدم الوفاء بالالتزامات الأخرى، المُضمنة في قرارات برلين، ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى حضه (حفتر) على “القبول بمخرجات برلين”. لكن الواضح أن إيمان القائد العسكري للمنطقة الشرقية باللجوء للحل العسكري لم يتزعزع، ما قد يجعل القرارات الصادرة عن مؤتمر برلين حبرا على ورق.

وتلعب فرنسا، حسب مصادر رسمية إيطالية، دورا معرقلا للمسار السلمي، إذ اعترضت على إصدار بيان يُدين إغلاق حفتر حقول النفط وموانئ تصديره، تقدمت به كل من بريطانيا وإيطاليا، الاثنين الماضي في بروكسل، وباركته الولايات المتحدة. وأفادت المصادر الايطالية أن هذا القرار، جاء بناء على “طلب صريح” من حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. ومن بين المنشآت النفطية التي سيطر عليها حفتر، مجمع شركة “إيني” الايطالية في مليتة (غرب) حيث يعمل مهندسون وفنيون إيطاليون.

مع ذلك نجح الألمان في الحصول على موافقة الغريمين على تعيين ممثليهما في اللجنة العليا لوقف إطلاق النار، التي ستجتمع في جنيف برعاية الأمم المتحدة، وبرئاسة رئيس بعثتها في ليبيا غسان سلامة. وتوقع دبلوماسي مدعوٌ لحضور الاجتماع، أن تعكف اللجنة على درس العناصر التي طلب خليفة حفتر إضافتها لمشروع الاتفاق الروسي التركي، الذي عُرض عليه في موسكو ورفض التوقيع عليه.

تحييد المنشآت النفطية

من الملفات الشائكة التي تُعطل مسار الحل السياسي، الإصلاحات الأمنية، فدعوات مؤتمر برلين إلى دمج الهياكل العسكرية أو شبه العسكرية، بما فيها الميليشيات المنخرطة تحت لواء “حكومة الوفاق” وتلك التي يعتمد عليها “الجيش الوطني” بقيادة حفتر، تبدو غير واقعية، مع أن إيجاد منظومة أمنية موحدة، تعمل تحت سلطة الدولة، أمرٌ لا مناص منه. ومن المهم أيضا تنفيذ أحد بنود مؤتمر برلين، وهو المتعلق بتقديم كافة المُورطين في انتهاكات حقوق الإنسان للمحاكمة الدولية، بالإضافة لتنفيذ البند المتعلق بعدم التعرض للمنشآت النفطية، بعدما أوقف حفتر الإنتاج في تلك الحقول، للضغط على المجتمعين في برلين. ويمكن اعتبار هذه الثغرات من نقاط الضعف في مخرجات برلين. ومن نقاط الضعف أيضا غياب جدول زمني لوقف الأعمال القتالية، وإفلات منتهكي الهدنة من العقاب. ويعود ذلك إلى رفض عدة دول، من بينها فرنسا وروسيا، إيجاد آلية لفرض عقوبات على المنتهكين.

على هذه الخلفية اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الأطراف الدولية لم تنجح في إطلاق حوار جاد ومستقر في ليبيا. وقد يكون مردُ هذا التقليل من نجاح المؤتمر إلى خوف الروس من استعادة برلين، ومن ورائها أوروبا، زمام المبادرة من الروس والأتراك في الملف الليبي. كما لوحظ أيضا أن الإعلام الفرنسي قلل، في الغالب، من أهمية مؤتمر برلين، وركز على إبراز “ثغراته” وهذا مفهوم فهو امتداد للمناكفات التقليدية الفرنسية الألمانية، خصوصا أن باريس لن تُقرَ بتوفيق الألمان حيث فشلت هي… مرتين.

ثلاثة مسارات

على عكس لافروف، اعتبر الدكتور غسان سلامة أن المسارات الثلاثة (العسكري والاقتصادي والسياسي) لحل الأزمة الليبية بدأت تعمل، ومن بينها اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر الخميس الماضي. أما على المسار الأمني، فستجتمع اللجنة الأمنية العسكرية المؤلفة من خمسة ضباط سامين، ينتمون لحكومة الوفاق، ومثلهم من ضباط جيش حفتر، خلال أيام، بعدما تسلم المبعوث الأممي أسماء الضباط من الطرفين، فيما باشرت اللجنة المالية والاقتصادية اجتماعاتها منذ السادس من الشهر الجاري. ويقوم المسار السياسي على اختيار 13 عضوا من مجلس النواب (مقره في طبرق –شرق) و13 آخرين من المجلس الأعلى للدولة (مقره في طرابلس) إضافة إلى عدد من الشخصيات المستقلة والسيدات وممثلي المكونات الاجتماعية، الذين تختارهم البعثة الأممية، ويجتمعون مع المندوبين القادمين من مجلسي النواب والدولة.

ويتمثل القسم الأساسي من خطة اللجنة الأمنية العسكرية، حسب سلامة، بتأمين “مغادرة المقاتلين الأجانب الأراضي الليبية في أسرع وقت”. أما على المسار السياسي، فسيتم البحث في المواضيع العالقة منذ سنوات، وبينها مصير مسودة الدستور، التي تم التفاهم عليها في الهيئة التأسيسية، ومصير قوانين الانتخاب، وتحديد موعد لإجراء انتخابات عامة، وربما إعادة تشكيل حكومة موحدة لعموم ليبيا، تشرف على إجراء الانتخابات.

دور محوري للجزائر؟

في هذا المشهد تبرز الجزائر شيئا فشيئا كشريك غير رسمي للألمان في قيادة المبادرة الحالية للسلام في ليبيا، فهي كانت حاضرة في برلين بمستوى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ومن المقرر أن يزورها اليوم الأحد الرئيس التركي اردوغان، بعدما زارها كل من رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ووزراء الخارجية الفرنسي والتركي والمصري والإيطالي. وسعى الجزائريون للمحافظة على مسافة واحدة من الغريمين السراج وحفتر، وأكد تبون في مؤتمر برلين، استعداد بلاده لاستضافة حوار بين الأطراف الليبية، بُغية “إبعاد شبح الحرب عن كافة المنطقة”. ويُباعد الموقف من الصراع الدائر في ليبيا بين الجزائر وفرنسا، التي تدعم رسميا حكومة الوفاق، بينما تُقدم العون في السر لخليفة حفتر. وتُبرر باريس هذه الازدواجية بكون حفتر هو الوحيد، حسب رؤيتها، القادر على السيطرة على الجماعات المسلحة في جنوب ليبيا، وهي المنطقة التي يعتبرها الفرنسيون بوابة الإرهاب، الذي يُقاتله جنودها في دول الساحل.

أما الجزائر فتطالب بجلاء القوات الأجنبية من منطقة الساحل، وتعترض على إرسال أي قوات إلى ليبيا. لكن في الواقع، يُشجع الإفلات من العقاب الغريمين الليبيين على تعزيز صفوفهما بمرتزقة من روسيا وسوريا والسودان وتشاد، بما يحول دون وضع الصراع على سكة الحل السلمي. لكن دور الجزائر مرشح للتوسع في المرحلة المقبلة، بالنظر لوزنها الجيوستراتيجي والعسكري، وبداية خروجها من أزماتها الداخلية، وخبرتها العتيقة في دبلوماسية الوساطة، وخاصة بين إيران وأمريكا، والعراق وإيران.