تعقد المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، حواراً رقمياً عبر منصة الحوار الليبي، اليوم الخميس، ابتداءً من الساعة التاسعة مساء بتوقيت العاصمة طرابلس، وذلك ضمن مشاوراتها الواسعة مع مختلف المكونات الليبية في الداخل والخارج.
وأفادت بعثة الأمم المتحدة، عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك» بأن وليامز «سوف تطلع المشاركات والمشاركين في الحوار الرقمي على مساعيها في ترميم العملية الانتخابية وإعادتها إلى مسارها الصحيح، بحيث يتمكن الليبيون من انتخاب من يمثلهم».
وأضافت البعثة أن وليامز تود، من خلال هذا الحوار، التعرف على مواقف ورؤى المشاركات والمشاركين ومقترحاتهم للخروج من المأزق السياسي الحالي، مؤكدة أنها سوف تنشر الرابط الخاص بغرفة الحوار الرقمي قبل ساعة من موعد بدء الحلقة.
وفي 27 مارس الجاري، قالت وليامز، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، إنها التقت خلال الفترة الأخيرة آلاف الليبيين من كافة أرجاء البلاد، وخلصت إلى عدم وجود رغبة في العودة إلى الصراع، وإرادة لإنهاء الفوضى بشكل سلمي عبر صناديق الاقتراع.
واقترحت المستشارة الأممية تشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للاتفاق على قاعدة دستورية محكمة لإجراء الانتخابات، لكنها اضطرت أخيرًا للاجتماع مع ممثلين عن مجلس الدولة فقط، دون أن تتلقى ردًا من مجلس النواب.
محمد أوجار رئيس لجنة تقصي الحقائق في ليبيا: لدينا أسباب معقولة تجعلنا نعتقد أن بعض الانتهاكات ضد محتجزين تشكل جرائم حرب
أكد محمد أوجار، رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا استمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في معظم أنحاء ليبيا والتي تشمل جرائم محتملة ضد الإنسانية. واعتبر في حوار لإذاعة مونت كارلو الدولية، أن الإفلات من العقاب يؤزم الوضع ويؤثر على محاولات البلاد التوصل إلى حل سياسي ينهي حالة الفوضى التي تعيشها منذ سنوات.
ليبيا: إجراء الانتخابات خلال العام الجاري ما زال ممكنا
رشيد خشــانة – تجاسر السفير الموفد الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند على تقديم خريطة مفصلة إلى الأطراف الليبية تخص المسارين الدستوري والانتخابي.
مع استمرار الخلافات السياسية بين الزعماء الليبيين في شأن الوثيقة الدستورية والمسار الانتخابي الذي سيُؤسس عليها، كثفت العواصم الغربية من اهتمامها بأوضاع الغاز والنفط الليبيين، في علاقة بتداعيات الحرب في أوكرانيا على قطاع الطاقة العالمي، والأوروبي بالخصوص.
ولوحظ أن رؤساء المجموعات النفطية الكبرى المُستثمرة في ليبيا أو المتعاملة معها زاروا طرابلس في الفترة الأخيرة وناقشوا مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله وسائل تطوير التعاون بين الجانبين. وتم البحث في اجتماع بين صنع الله ووفد من شركة «توتال إنيرجيز» الفرنسية في آفاق الرفع من معدلات الإنتاج، وتنفيذ حزمة من العمليات المهمة، استعدادا للمساهمة في تطوير إنتاج الغاز في ليبيا واستئناف عمليات الاستكشاف في بعض المواقع، على ما جاء في بيان نشرته صفحة مؤسسة النفط على «فيسبوك» عقب الاجتماع.
ووعد الفرنسيون الجانب الليبي بمساهمة مجموعة «توتال» في إدخال تقنيات الطاقات المتجددة في مختلف العمليات بقطاع النفط الليبي.
واقتفى الإيطاليون خطى الفرنسيين إذ زار رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيني» الإيطالية كلاوديو ديسكالزي طرابلس، للبحث في زيادة صادرات ليبيا من الغاز نحو إيطاليا، علما أن روما هي أحد الزبائن الرئيسيين للغاز الليبي الذي يُنقل حاليا بواسطة أنبوب عابر للبحر المتوسط.
وفي هذا الإطار أكد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله أن القطاع النفطي في ليبيا يواجه صعوبات وتحديات كبيرة بسبب قلة التمويل وشح الميزانيات، ما جعله عاجزا عن التوسُع وزيادة الإنتاج وصرف رواتب عماله وتنفيذ مشاريعه.
وتُعزى الصعوبات إلى عدم حصول المؤسسة على التمويل اللازم لتنفيذ مشروعين كبيرين يتمثل الأول في إنشاء مصفاة الجنوب للنفط والثاني في إقامة مصنع للغاز. ويتفق الخبراء على أن مشروع مصفاة الجنوب سيساهم في استقرار المنطقة وفتح فرص العمل للشباب، كما سيساهم في حل مُختنقات عدة بينها مختنق نقص الوقود بالجنوب، إضافة إلى تسريع دوران عجلة الاقتصاد المحلي في المنطقة. وكان مجلس وزراء حكومة الوحدة الوطنية قد أعطى الشهر الماضي موافقته للمؤسسة الوطنية للنفط على التعاقد لتنفيذ مشروع إنشاء مصفاة لتكرير النفط واستخلاص غاز الطهي من الغازات المحروقة، في حقل الشرارة النفطي جنوب غرب ليبيا، وذلك بقيمة تعادل 600 مليون يورو .
وكان ديوان المحاسبة قرر قبل الحصول على الضوء الأخضر من مجلس الوزراء، إيقاف كافة الإجراءات والقرارات الخاصة بتمويل مشروع إنشاء مصفاة الجنوب لمخالفتها القوانين. لكن المؤسسة الوطنية للنفط ردت على ذلك مُعتبرة أنه لا يجوز لديوان المحاسبة المطالبة بإيقاف مشاريع استراتيجية، تتعلق بتنمية منطقة تعاني من الحرمان والتهميش. وحضت المؤسسة الديوان على القيام بعمله «اعتمادا على الحياد وبهدف تحقيق الصالح العام».
مطلب أمريكي
وفي السياق حضت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير مطول لها، البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على المحافظة على مستوى التعاون الحالي مع ليبيا. كما أفادت مصادر مطلعة أن واشنطن طلبت من الجزائر وليبيا زيادة حجم صادراتهما من الغاز نحو أوروبا، للمساهمة في التعويض عن الغاز الروسي.
وأكدت مصادر جزائرية أن الهدف الرئيس من زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن منذ أسبوع إلى الجزائر والمغرب، كان معرفة تداعيات الحرب في أوكرانيا على البلدان المغاربية. والأرجح أنه درس عدة فرضيات لحل أزمة الغاز في أوروبا، من ضمنها الاعتماد على الغاز الجزائري بديلا من الغاز الروسي، علما أن الجزائر تؤمن حاليا 10 في المئة من مستوردات أوروبا من الغاز. ويبدو هذا الموضوع دقيقا وحساسا بالنظر للعلاقات التاريخية بين روسيا والجزائر، إذ أن موسكو هي مصدر 69 في المئة من السلاح الجزائري. وكان من الواضح أن الجزائريين لا يرغبون بالظهور في موقع حليف أمريكا المناوئ لموسكو، وهو ما يفسر امتناع الجزائر من التصويت على اللائحة الأممية التي أدانت الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي إطار الحذر الشديد من الانزلاق في مضاعفات الأزمة الأوكرانية، ركز الجزائريون حوارهم مع الوزير بلينكن على الرغبة باستقطاب استثمارات أمريكية لتجديد البنية الأساسية المتقادمة لمنشآتهم النفطية. غير أن رئيس مجلس إدارة مجموعة «سوناتراك» النفطية الجزائرية توفيق حكار، أكد في تصريحات سابقة أن بلاده قادرة على ضخ كميات أكبر من الغاز إلى أوروبا عبر الأنبوب الحالي، الرابط بين الجزائر وإيطاليا عبر الأراضي التونسية.
وذهب الأمريكيون إلى أبعد من ذلك الطلب، مع تجاسر السفير الموفد الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند على تقديم خريطة مفصلة إلى الأطراف الليبية تخص المسارين الدستوري والانتخابي.
وعبر السفير عن مخاوف إدارته من احتمال لجوء جهات ليبية إلى استخدام ورقة النفط والغاز في الصراع السياسي الدائر حاليا بين حكومتين تسعى كل منهما إلى اعتراف داخلي ودولي بشرعيتها. وأكد المبعوث الأمريكي على ضرورة استفادة الليبيين من ارتفاع أسعار المحروقات لزيادة الإنتاج، مُحذرا من أن حال الاستقطاب السائدة حاليا في البلد تزيد من احتمال لجوء القوى السياسية المتنافسة للسيطرة على عائدات النفط.
مع ذلك تعتزم إيطاليا زيادة وارداتها من ليبيا لتكون بديلاً عن الغاز الروسي في أفق متوسط المدى، مع أن ليبيا لا تلبي للإيطاليين حاليا سوى احتياجات ضئيلة من الغاز لا تتجاوز 2.5 في المئة فقط من إجمالي الطلب اليومي، الذي يأتي معظمه من روسيا ثم الجزائر وقطر.
الأخطر من ذلك أن نورلاند كشف أيضا أن واشنطن اتفقت مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصر على آلية لإدارة عائدات النفط، «إلى أن يجرى التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا السياسية الأوسع» على ما قال. وتُشكل هذه المبادرة، إذا ما تمت، فرضا لوصاية مباشرة على الاقتصاد الليبي، الذي يقوم عاموده الفقري على العائدات النفطية والغازية، وحدا من قدرة الليبيين على إدارة ثرواتهم.
وبحسب نورلاند، فإن الآلية المقترحة ستقتصر على توزيع عائدات النفط على الرواتب والمساعدات والسلع المستوردة الرئيسة مثل الغذاء والدواء، واعدا بأن يجري ذلك «بشفافية ومساءلة كاملتين».
إعادة القطار إلى السكة
إلا أن بعض مراكز الأبحاث الغربية، ومنها «معهد واشنطن» رأت في التطورات الأخيرة على الساحة الإقليمية فرصة لإعادة قطار الحل الليبي إلى السكة.
واعتبر «معهد واشنطن» في تقرير جديد تحسُن العلاقات بين الإمارات وتركيا تحولًا مهمًا في ديناميكيات المنطقة، التي تؤثر في استقرار ليبيا، بما قد يقود الليبيين إلى توافق في الآراء لإجراء انتخابات جديدة، بناءً على أساس دستوري متفق عليه.
ولوحظ في المجال الإقليمي أيضا تقاربٌ مصري قطري في الملف الليبي، اعتبره المراقبون بادرة قد تترك آثاراً إيجابية في الأزمة السياسية الليبية، وتُغير ربما مجرى أحداثها، بعد دعوتهما إلى وقف التداخلات الأجنبية والالتزام بجدول زمني للمرحلة الانتقالية، وتفادي أي انقسام سياسي جديد، من شأنه أن يؤدي إلى عمل عسكري في البلد.
ومن المهم أن هذين الموقفين جاءا على لساني وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني خلال مؤتمر صحافي مشترك عقد في ختام محادثاتهما بمقر وزارة الخارجية بالقاهرة.
باشاغا المُعتدل؟
في مسار مُواز اعتُبر الخط الذي اتبعه باشاغا مُطمئنا، بعدما تعهد بألا يدخل طرابلس بالقوة، وإنما سيلجأ إلى الأدوات السياسية والدبلوماسية لعزل حكومة الدبيبة، بحسب ما نقل عنه عضو ملتقى الحوار السياسي أحمد الشركسي. وقدم كل من الدبيبة وباشاغا تطمينات بشأن حرصهما على عدم التصعيد، والبعد عن الصدام، ما يدل على أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توصل له الطرفان المتحاربان، في اكتوبر 2020 ما يزال صامداً وبإشراف 60 مراقبا دوليا.
في هذا السياق يُعتبر الجدول الزمني الجديد موعدًا وسطًا بين مقترح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بـ4 أشهر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح بـ14 شهرًا. ويعتقد كثير من الليبيين أن إجراء الانتخابات خلال العام الجاري ما زال ممكنا لتجديد الشرعية.
غير أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية الدبيبة أصدر الاثنين الماضي قرارا غير مفهوم يقضي بتشكيل لجنة مؤلفة من عشرين شخصا من الخبراء وأساتذة القانون لاستلام مسودة قانون الانتخابات، والتواصل مع المفوضية العليا ومكونات الشعب والخبراء والشخصيات الاعتبارية، من أجل نشر التوعية بأهمية إجراء العملية الانتخابية عبر تنظيم الندوات وورش العمل. ولم يُعرف إذا ما كانت هذه اللجنة قانونية أم لا بالرغم من طابعها الاستشاري، فهل هي نواة حزب سياسي سيدعم رئيس الحكومة الحالي أثناء الانتخابات، أم هي مجلس استشاري لا يتخذ قرارات، لكنه يُساعد رئيس الحكومة؟
وبحسب كاتب تقرير «معهد واشنطن» بين فيشمان، وهو مدير سابق لشؤون شمال أفريقيا في «مجلس الأمن القومي» الأمريكي، هناك أربعة أسباب رئيسية وراء استمرار الأزمة في ليبيا، وهي تلاعب الطبقة الجديدة من النخبة بثروة البلاد، ثم انتشار الجماعات المسلحة وعدم القدرة على إجراء إصلاحات مفيدة في القطاع الأمني خلال العقد الماضي، بالإضافة إلى التدخل السياسي والعسكري السافر في شؤون ليبيا من الجهات الخارجية، بما في ذلك استمرار انتشار آلاف القوات الأجنبية والمرتزقة ضمن حدودها، وأخيرًا عجز الليبيين أنفسهم عن التوصل إلى حل وسط بشأن مسارٍ جديد للمرحلة المقبلة.
وقبل أن ينتقل إلى المسارات المتوقعة، عرج التقرير على إرجاء الانتخابات التي كانت مقررة في كانون الأول/ديسمبر 2021 إلى أجلٍ غير محدد، وما تبعه من تعيين رئيس حكومة منافس (فتحي باشاغا) في 10 شباط/فبراير، الأمر الذي يهدد بتقسيم البلاد مرة أخرى، أو إشعال فتيل جولة جديدة من أعمال العنف.
وبالرغم من عناصر الإحباط الكثيرة ما زال هناك بصيص من الأمل لدى الليبيين بإجراء محادثات مشتركة بين اللجنتين، بهدف صياغة قاعدة دستورية توافقية، وإقرارها كي تُجرى على أساسها انتخابات عامة في البلاد. ولابد ههنا من الخروج بقاعدة دستورية متفق عليها من أجل المضي نحو الانتخابات، بالتعاون مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومكتب السجل المدني. على أن هذا التعديل الدستوري يجب أن يكون قراراً ليبياً خالصاً، لا تأثير للعناصر الخارجية في مضامينه.
ومن المؤشرات المشجعة التقدم المُسجل في إعادة توحيد مصرف ليبيا المركزي، إذ حضر حاكم المصرف الصديق الكبير ونائبه علي الحبري، اجتماع اللجنة التسييرية الثاني في إطار مشروع إعادة توحيد المصرف المركزي، المُوزع حاليا بين العاصمة غربا وبنغازي شرقا. وأظهرت مداولات الاجتماع أن الجهود كانت مشتركة وأن روح الفريق هي التي سادت خلال هذا العمل، خصوصا في تنفيذ الخطة المشتركة لتوصيل سيولة قدرها مليار دينار ليبي إلى المنطقة الشرقية، بالتعاون بين إدارة الإصدار بطرابلس والإصدار ببنغازي، بُغية توزيعها على فروع المصارف التجارية، على نحو يُخفف من أزمة السيولة في المصارف، لاسيما مع حلول شهر رمضان.
تونس.. سعيد يعفي واليي سوسة وصفاقس من منصبيهما

تونس: قرر الرئيس التونسي قيس سعيّد، الثلاثاء، إعفاء رجاء الطرابلسي والي سوسة (شرق)، وفوزي مراد والي صفاقس (جنوب) من منصبيهما.
جاء ذلك في بيان مقتضب للرئاسة التونسية، ولم توضح الرئاسة أسباب القرار.
يذكر أن فوزي مراد كان قد تم تعيينه من قبل سعيد في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أما رجاء الطرابلسي فشغل منصبه في 15 أبريل/ نيسان 2020.
ومنذ إعلان إجراءات 25 يوليو/ تموز الماضي أعفى سعيّد عدة ولاة وعين آخرين.
وفي 25 يوليو الماضي فرض سعيد إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتشكيل أخرى جديدة.
وترفض غالبية القوى السّياسية والاجتماعية في البلاد الإجراءات الاستثنائية، وتعتبرها “انقلابًا على الدّستور”، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها “تصحيحًا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرّئيس آنذاك زين العابدين بن علي.
عبد الجليل: مبادرة الدبيبة شراء وقت وبيع أوهام لليبيين
يستضيف توفيق مجيد السيد عبد الجليل، المتحدث باسم حكومة تصريف الأعمال المكلّفة من مجلس النواب الليبي بقيادة فتحي باشاغا، للحديث عن المشهد السياسي الليبي.
ليبيا: سكان العاصمة يخشون من انزلاق الأوضاع الأمنية نحو المواجهة
رشيد خشـــانة – ما لم يتم اتفاق بين الطرفين المتصارعين في ليبيا، على القاعدة الدستورية للانتخابات، سيستمر الوضع بالتعفن، وسط تجاذبات وتهديدات متبادلة بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المنبثقة من مجلس النواب بقيادة فتحي باشاغا. وثمة اتفاق على أن تتولى إعداد تلك القاعدة الدستورية لجنة مُشكلة من ثلاثة أعضاء عن المجلس الأعلى للدولة، ومثلهم من مجلس النواب، طبقا لمبادرة تقدمت بها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي ستيفاني وليامز. لكن المجلس الأعلى للدولة، هو الوحيد الذي سمى ممثليه في اللجنة، فيما تلكأ البرلمان في تعيين أعضائه فيها. ويُفترض أن تتولى اللجنة تعديل المواد الخلافية في مشروع الدستور، وطرحه للاستفتاء العام، ثم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية على أساس تلك المرجعية، التي تُصبح دستورا دائما. ويرتدي الاتفاق على القاعدة الدستورية أهمية بالغة، بل ومصيرية في المسار السياسي لحل الأزمة الليبية، إذ أن الخلافات التي ثارت العام الماضي بين المجلسين كان محورها القاعدة الدستورية، وهي التي أدت إلى إفشال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بعدما كانت مقررة في نهاية كانون الأول/ديسمبر الماضي. وإذا تعذر التوافق على المشروع، تتولى اللجنة صياغة قاعدة دستورية للانتخابات، وتُجرى الانتخابات في فترة لا تتجاوز 14 شهراً، وهو ما رفضه المجلس الأعلى للدولة. أما الدبيبة فهو لا يُخفي إصراره على التوجه للانتخابات في حزيران/يونيو المقبل، وهو موعد نهاية ولاية السلطة التنفيذية في البلاد. ويمكن القول إن رئيس حكومة الوحدة الوطنية مدفوعٌ بالشعبية التي بات يتمتع بها، في أعقاب الإجراءات التي اتخذها لفائدة الشباب وفئات اجتماعية أخرى، مؤملا الفوز بالانتخابات الرئاسية، بعد تعديل الدستور، بما يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، تختلف عن الصلاحيات المحدودة للمجلس الرئاسي الحالي، المؤلف من ثلاثة أعضاء. ومع وجود هذا التباعد في المواقف، ظل الطرفان متمسكين بوساطة وليامز. وجدد باشاغا في تصريحات أخيرة ثقته في المستشارة الأممية ودعمه لمبادرتها.
ويمكن القول إن إحدى العقبات الكبرى، التي تعطل السير نحو الانتخابات العامة، الرفضُ الشديد الذي تُقابل به حكومة باشاغا في الغرب الليبي، بسبب عدد الحقائب الهامة التي خُصصت لداعمي اللواء خليفة حفتر، القائد العسكري للمنطقة الشرقية المُثير للجدل. كما أن الوضع في الجنوب الليبي ليس أحسن حالا، في علاقة بالمناخات السياسية والأمنية، التي تسبق الانتخابات عادة. فغياب الدولة وانتشار الأجسام المسلحة الخارجة عن الدولة يُشكلان عقبة كأداء، ليس فقط في طريق إجراء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، وإنما أيضا لبسط الأمن والاستقرار في إقليم فزان. من هنا فإن صعوبة إدماج الجنوب في العملية الانتخابية تُعتبر أحد عوائق المسار السياسي. ويُقدر عدد المسلحين في الجنوب 4000 إلى 7000 مقاتل أجنبي. ومن أجل معالجة هذا المشكل زار الدبيبة العاصمة التشادية نجامينا منذ بضعة أسابيع وبحث مع المسؤولين فيها موضوع سحب المرتزقة التشاديين من ليبيا. ثم عقدت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 اجتماعا في القاهرة، بمشاركة المخابرات المصرية ومسؤولين من تشاد والنيجر والسودان، وهي البلدان المُصدرة للمرتزقة إلى ليبيا. وتردد أنه تم في الاجتماع الاتفاق على آلية لسحب المرتزقة والمقاتلين الأجانب، لكن لم تظهر مؤشرات حقيقية على بدء تنفيذ هذا الاتفاق في حال وجوده. غير أن العارفين بأوضاع منطقة الساحل والصحراء يؤكدون أن الجيوش النظامية في البلدان الثلاثة أضعف من أن تقدر على ضبط أولئك المرتزقة، الذين لن يقبلوا التخلي عن أسلحتهم ومغادرة ليبيا من دون مقابل مادي وسياسي. كما أنهم سيشترطون الوصول إلى اتفاقات مع سلطات بلدانهم، بما فيها القبول بإشراكهم في السلطة.
على أن المخاطر الأمنية لا تقتصر على الجنوب حيث حلت الجماعات المسلحة محل الدولة، وإنما هناك أيضا مخاوف، خصوصا بين سكان العاصمة طرابلس، من انزلاق الأوضاع الأمنية، وسط التصعيد المتبادل بين حكومتي الدبيبة وباشاغا. ومن عناصر التوتير الأخيرة الرسالة التي بعث بها وزير الداخلية في حكومة مجلس النواب اللواء عصام أبوزريبة إلى كافة مديريات الأمن والأجهزة والقطاعات الأمنية، أمرهم فيها برفض التعاطي مع حكومة الدبيبة، مُعتبرا إياها «مُنتهية الولاية». كما أمرها برفع درجة الاستعداد لتأمين مقار الدولة ومؤسساتها ومنشآتها الحيوية، والتصدي لأية خروق أمنية تمسُ بأمن العاصمة، مُؤكدا أن الحكومة التي ينتمي إليها «بصدد إنهاء كافة الترتيبات الأمنية اللازمة لمباشرة أعمالها من داخل طرابلس». لكنه لم يشرح كيف ستتم هذه العملية، بعدما انسحبت القوة الموالية لبشاغا إلى مصراتة، بالرغم من وصولها إلى مشارف طرابلس. وحذر تقرير جديد أصدرته «مجموعة الأزمات الدولية» من أن يؤدي المأزق إلى العودة للصراع العنيف؛ إذ يمكن لكل طرف أن يعتمد على المسلحين الموالين له، فمجلس النواب والحكومة الجديدة اللذان يتخذان من المنطقة الشرقية مقرًا لهما يتمتعان بدعم المشير خليفة حفتر، وفصائل مسلحة أخرى تدعم باشاغا، بينما يتمتع الدبيبة وحلفاؤه بدعم باقي القوى المسلحة غرب البلاد. لكن المهم أنه لا توجد رغبة في إراقة الدماء بسبب هذا النزاع السياسي. كما أن شركاء ليبيا الأجانب يبدون غير مستعدين حاليًا لدعم تجدد العنف. أكثر من ذلك أكد واضعو التقرير أن الدبلوماسيين الغربيين يُشيرون إلى أن بعض الليبيين ما زالوا مهتمين بمحاولة التوصل إلى صفقة بين النخب على حكومة جديدة، ويعتقدون (بعض الليبيين) أنهم بتغيير بعض الوزراء في الحكومة، التي اقترحها باشاغا (يقصدون على الأرجح الوزراء الموالين لحفتر) وفتح الصفقة أمام أولئك الذين يدعمون حكومة طرابلس، فقد تكون أمامهم فرصة لتأمين مستوى واسع من الدعم، وبشكل كاف للتوصل إلى «صفقة كبرى من نوع ما».
الأحزاب تعود؟
أحد المعنيين بإيجاد هذا النوع من الصفقات يتمثل في الأحزاب السياسية، التي لم تترك لها الحروب الأهلية (2011 و2014 و2019) فسحة لتجميع الأنصار وتصليب عودها والمشاركة في الحياة العامة في أعقاب 42 عاما من الاستبداد والحكم المطلق، تحت شعار «من تحزب خان». ولوحظ أن ستة أحزاب برزت في الفترة الأخيرة في طرابلس بمواقف مشتركة، وعقدت اجتماعات مع مسؤولين في الدولة، بالإضافة لزيارة رئيس المفوضية الوطنية للانتخابات. وأعلنت الأحزاب الستة، وهي «الجبهة الوطنية» و«العدالة والبناء» و«تحالف القوى الوطنية» و«حزب العمل الوطني» و«حزب التغيير» و«تكنوقراط ليبيا»، دعمها صياغة قاعدة دستورية تضمن تنظيم انتخابات برلمانية في أسرع وقت ممكن، على أن يكون ترشح أعضاء الأحزاب فيها بنظام القائمة الحزبية. وحضت في بيانها المشترك، الذي وجهته إلى لجنة صياغة القاعدة الدستورية، على اعتماد نظام القوائم وتخصيص حصة لا تقلُ عن 80 في المئة من مقاعد المجلس للأحزاب، وضمان نزاهة العملية الانتخابية، «حتى تفضي إلى برلمان قادر على الالتزام بالعملية الديمقراطية وبناء دولة مدنية» على ما نقلت «بوابة الوسط» الإخبارية عن البيان. وحذر البيان أيضا مما وصفه بـ«التداعيات السلبية لإقصاء الأحزاب» الذي تسبب بالفوضى والتشظي وغياب الأعضاء وعدم توافر النصاب في جلسات البرلمان وضعف شرعية الحكومة، مشيرا إلى إقصاء الأحزاب في قانوني الانتخابات رقمي 1 و2 لسنة 2021. وكان رؤساء الأحزاب الستة اجتمعوا مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح لمناقشة دور الأحزاب السياسية في إنجاح العملية الانتخابية، وأهمية تضمين القائمات الحزبية في قانون الانتخابات البرلمانية.
سيطرة الأجسام المسلحة
يُعزى ضعف الأحزاب إلى التصحُر الذي ساد ليبيا في ظل دولة الفرد، فضلا عن الملاحقات والاعتقالات والاعدامات، كما أن انتشار ما لا يقل عن عشرين مليون قطعة سلاح وسيطرة الأجسام المسلحة على الشارع، أحالت الأحزاب المدنية إلى هامش دوائر القرار السياسي. ومن الواضح أن هذه الأحزاب شعرت بأن المسار يتقدم باتجاه الانتخابات العامة، وأنها ستندثر لو لم تحصل على مقاعد في البرلمان المقبل. كما أن الواضح أيضا، من منهجية عمل تلك الأحزاب، أنها تسعى للمساهمة في بلورة صيغة وفاقية للعيش المشترك، تقود المسار إلى محطة الانتخابات من دون هزات. وبتعبير آخر فهم يبحثون عن مواقع في أجهزة الدولة الحديثة التي ستُبنى على نتائج الانتخابات المقبلة.
من هنا عكف المشاركون في اجتماعات تونس التي انطلقت الثلاثاء الماضي، في حضور وليامز، على البحث عن صيغة وسط، تستند على بعض الترتيبات التي ما زالت قيد المناقشة. وأتى خيار تونس مكاناَ لعقد جلسات اللجنة الدستورية بالنظر إلى وجود مكتب للمستشارة الأممية هناك، زيادة على قصر المسافات بين ليبيا وتونس، ووجود شبكة من الفنادق التي استضافت وما زالت تستضيف كثيرا من الاجتماعات الليبية، فضلا عن العديد من المنظمات الدولية والأممية والسفارات المعتمدة لدى ليبيا، والتي تقوم بعملها انطلاقا من تونس. وكانت تونس استضافت جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي العام الماضي والذي قبله. وقال أحد المشاركين في الاجتماعات إن التونسيين يُحجمون عن التدخل في الملفات التي تناقشها الأطراف الليبية، على عكس بلدان أخرى، وهم يكتفون بتوفير المناخات المناسبة لإنجاح الحوارات الليبية الليبية. غير أن أحد الأخطار التي تهدد التقدم النسبي نحو التوافق على الروزنامة الانتخابية، يتمثل في تفاقم الأوضاع الاجتماعية، خصوصا بعد التوقف عن بيع النفط، وهو مصدر الايرادات الرئيس للدولة الليبية. وقد سبب انقطاع الايرادات النفطية أضرارا جانبية من بينها تأخر صرف الرواتب وارتفاع الأسعار بما لا يقل عن 60 في المئة بالنسبة للبعض منها، في ظرف يتسم بارتفاع الطلب على المواد الاستهلاكية، استعدادا لحلول شهر رمضان. والظاهر أن الاجراءات التي قررتها الحكومة للتخفيف من معاناة المواطنين ما زالت لم تُعط أُكلها، ومن بينها قرار وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج، بتحديد الحد الأقصى لأسعار السلع الغذائية.
وبموجب القرار باتت المحال التجارية مُطالبة بوضع التسعيرة في مكان بارز، على أن يتولى مأمورو الضبط القضائي قفل أي محل تجاري مخالف للقرار الحكومي. لكن هذه الإجراءات لا تكفي لأن ليبيا أسوة ببلدان عربية أخرى، ستخرج خاسرة من حرب لم تخترها، بين روسيا وأوكرانيا، ولم تشارك فيها من قريب أو بعيد، وهما المُزودان الأساسيان لغالبية البلدان المغاربية بالقموح. وسيترتب على تراجع المساحات المزروعة في البلدين، بنسبة لا تقل عن 30 في المئة، شحٌ في الإمدادات من مواد استهلاكية بالغة الحساسية اجتماعيا، بما قد يُهدد باندلاع احتجاجات وتمرد على الحكومة.
مجلس النواب الليبي يرد ضمنياً على اجتماعات ستيفاني والمجلس الأعلى للدولة ويصدر رسمياً تعديله الدستوري
في الوقت الذي تواصل فيه المستشارة الأممية ستيفاني وليامز عقد جلسات تشاورية مع ممثلي المجلس الأعلى للدولة في تونس، مع غياب نظرائهم من مجلس النواب، رد مجلس النواب الليبي ضمنياً على مبادرة ستيفاني وليامز بإصدارهم في الوقت ذاته النسخة المعتمدة من الإعلان الدستوري متجاهلين مبادرات ستيفاني وما قد ينتج عنها.
وأصدر مجلس النواب الليبي، الخميس، النسخة المعتمدة من التعديل الدستوري الثاني عشر بعد انتهاء اللجنة القانونية من صياغته، والذي اعتمده المجلس في جلسة سابقة ضمن الإعلان الدستوري.
وينص التعديل الدستوري الثاني عشر على تشكيل لجنة من 24 خبيراً تتولى مراجعة مواد الخلاف في مسودة الدستور، ويكون مقرها بمدينة البيضاء (شرق).
وحسب التعديل، فإن مشروع الدستور يحال إلى مفوضية الانتخابات للاستفتاء الشعبي بعد انتهاء اللجنة من عملها خلال 45 يوماً من تاريخ إصدار التعديل.
وفي حال فشل اللجنة في إجراء التعديلات خلال 45 يوماً تتولى لجنة أخرى من مجلسي النواب والدولة في 30 يوماً إعداد قاعدة دستورية وقوانين انتخابية ملزمة للطرفين لدورة رئاسية وبرلمانية واحدة.
ويبين التعديل الدستوري أنه إذا كانت نتيجة الاستفتاء على مشروع الدستور المعدل بنعم بأغلبية 50+1 لكل الأقاليم يُعتمد دستوراً للبلاد، ويحال إلى مجلس النواب لإصداره.
وإذا كانت نتيجة الاستفتاء بـ “لا” تقوم الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور بتعديله وطرحه مرة أخرى للاستفتاء بأغلبية النصف +1.
ويتم إصدار قانون الاستفتاء وقوانين الانتخابات العامة بالتشاور مع مجلس الدولة، ويعاد تشكيل مفوضية الانتخابات، ويصحح وضعها القانوني، وتتولى إجراء الاستفتاء والانتخابات تحت إشراف القضاء.
كما ينص التعديل الدستوري على أن تعتمد المفوضية النتائج النهائية للانتخابات وتعلنها، وتباشر السلطة التشريعية الجديدة عملها بعد انقضاء 30 يوماً من إعلان نتائج الانتخابات النهائية.
وبانعقاد أولى جلسات السلطة التشريعية الجديدة، تعتبر الحكومة الليبية التي يرأسها فتحي باشاغا حكومة تصريف أعمال إلى حين تكليف حكومة أخرى، وفقاً للتعديل الدستوري الثاني عشر.
ومع رفض الدبيبة التسليم للحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، تؤكد مصادر صحافية شروع المؤسسة الوطنية للنفط، وبدعم من واشنطن، بقطع الإمدادات المالية عن الدبيبة، حسب مصادر أجنبية.
ومن المتوقع أن ما بين 3 و4 مليارات دولار قد تراكمت بالفعل في حساب المؤسسة التي يرأسها مصطفى صنع الله لدى البنك الليبي الخارجي دون أن تحال إلى مصرف ليبيا المركزي، وفق النظام المعمول به في البلاد.
ويعتبر تجميد عائدات النفط من أكبر الضغوطات التي قد تمارس على الدبيبة والتي ستكون مسؤولة عن وقف إنفاقه رغم دعم الصديق الكبير له.
وناقش نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة ريزدون زينينغا، مع عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة، الوضع السياسي الراهن والجهود الرامية لتفعيل العملية الانتخابية.
وحسب سلسلة من تغريدات نشرت على حساب البعثة الأممية على موقع تويتر، فإن زينينغا أكد أن تركيز الأمم المتحدة ومستشارة الأمين العام ستيفاني وليامز ينصب على إجراء الانتخابات في أقصر وقت ممكن وبناء قاعدة دستورية موثقة عبر آليات ليبية ليبية، حسب وصف زينينغا. وأصدر مجلس النواب نص التعديل الدستوري الثاني عشر، وذلك بعد انتهاء اللجنة القانونية من صياغته، بحسب مصادر نيابية للأحرار.
ونص المنشور على تشكيل لجنة من أربعة وعشرين خبيراً، يكون مقرها في مدينة البيضاء، وتتولى مراجعة المواد الخلافية في مسودة الدستور وتعديلها، فيما تضمن نص التعديل الدستوري الصادر تعديلاً في الصياغة تمثل في تبديل لفظة التوافق مع مجلس الدولة إلى التشاور
وفي تصريح صحافي، قال عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر احويلي، إن 23 سفيراً معتمداً في ليبيا اتفقوا خلال الاجتماع معهم في تونس على دعم الليبيين للوصول إلى التوافق.
وأضاف أن السفراء أكدوا أنهم سيضغطون على مجلس النواب للمشاركة في الاجتماعات مع المستشارة الأممية ستيفاني وليامز لبحث القاعدة الدستورية للانتخابات.
ولفت عضو المجلس الأعلى للدولة “عبد القادر احويلي” إلى أن مصر عرضت استضافة الاجتماعات القادمة على أراضيها، دون تقديم تفاصيل إضافية عن ذلك.
وقالت عضو لجنة مجلس الدولة آمال محمد، إن السفراء أعربوا عن دعمهم لضرورة الإسراع نحو الانتخابات وعبروا عن أسفهم لغياب مجلس النواب عن مشاورات تونس.
وفي وقت سابق، أعلنت وليامز عن مبادرة لتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للاتفاق على قاعدة دستورية محكمة لإجراء الانتخابات. ووجهت في اليوم ذاته، دعوات رسمية إلى رئاسة كل من المجلسين لاختيار ممثلين للمشاركة في اللجنة المشتركة.
وأعلن 93 عضواً في مجلس النواب في وقت سابق في مذكرة توضيحية موجهة إلى وليامز، إن مبادرتها أتت بشكل مفاجئ وتعد مساراً موازياً غير مبرر، خصوصاً بعد ما جرى التوصل إليه من توافق ليبي- ليبي بين المجلسين، تُوِّج بإصدار التعديل الدستوري الثاني عشر .
والثلاثاء، قالت البعثة الأممية في بيان، إن ستيفاني تنتظر وفد مجلس النواب في اللجنة المشتركة لإعداد قاعدة دستورية، لافتة إلى أن الأمم المتحدة تتوقع أن يقدم مجلس النواب قائمة ممثليه وأن ينضم إلى الاجتماع في غضون الأيام المقبلة.
وقبل أيام أعلنت مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، عقد جلسة تشاورية مع ممثلي المجلس الأعلى للدولة يوم الثلاثاء في تونس.
وأوضحت أنّه لم تتلق الأمم المتحدة قائمة بممثلي مجلس النواب في اللجنة المشتركة، مؤكدة مضيها رغم ذلك في التواصل الفعال مع مكتب عقيلة صالح.
وذكّرت وليامز في بيان لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا نشرته، بترحيب رئيس مجلس النواب رسمياً بمبادرتها وتعهد المجلس بالتعاون في هذا الصدد، لكنه لم يرسل ممثليه في اللجنة حتى اليوم، وفق قولها.
نقاط مشتركة كثيرة تجمع بين بوتين والقذافي
توجه معمر القذافي، الزعيم الليبي في ذلك الوقت، إلى حشد من معجبيه (على ما يبدو)، متحدثاً بصيغة الغائب، فقال: “ليس معمر القذافي رئيساً ليستقيل، وليس لديه برلمان حتى ليحل”.
شدد الرجل، وهو يقف بطريقته المعهودة رافعاً ذقنه وملقياً نظرة إلى أسفل، على أنه “لا منصب يستقيل منه”. هلل جمهوره كما يملي عليهم الواجب، مؤيدين كلامه. حصل ذلك بعد أسبوعين تقريباً من اندلاع ثورة عام 2011 التي تحولت إلى حرب أطاحت به في النهاية.
في ذلك الحين، أذكر أنني فكرت في أنه لا بد أن يرمي الكلام الدعائي هذا لكي يبقي مناصريه، محبي كتابه الأخضر شبه المجنون، في صفه، لكنني علمت لاحقاً أنه كان يؤمن بما يقوله فعلاً، وأنه كان على الأرجح يعيش في حالة من الوهم.
بعد عقود قضاها وسط “جوقة المصفقين” المرتعبين والمتطفلين المنافقين المتملقين، يبدو أنه وصل بالفعل في النهاية إلى مرحلة تصديق ما كان يتفوه به من هراء. ابتعد عن الواقع لدرجة دفعته إلى اتخاذ قرارات متهورة ومجنونة، ولم يستوعب في النهاية ما كان يجري حوله.
بعد مرور فترة طويلة على مقتله، وتفكيك نظامه، وسقوط ليبيا في دورة بعد دورة [الدوران في دائرة مفرغة] من العنف العقيم، توجهت إلى طرابلس لتغطية آخر الحروب. في عام 2014 أخبرني صديق وزميل صحافي ليبي عن لقاء جمعه بأحد مساعدي القذافي المقربين بعد احتجاز الثوار له.
قال المساعد، إنه في اللحظة التي أصبح فيها الحظر الجوي الذي فرضه “الناتو” موجعاً فعلاً، وارتفعت حصيلة الوفيات، وصار من الواضح أن زمن القذافي انتهى، توسل شخصياً إلى الزعيم بأن يتنحى عن منصبه ويفاوض على صفقة تكون بمثابة مخرج آمن لهم جميعاً.
في رده على طلبه، شدد القذافي من جديد على أنه لا يمكنه التنحي لأنه لا يشغل منصباً يتنحى منه، وقال إنه استقال في عام 1979، ومنذ ذلك الوقت، هو الأخ قائد الثورة، وهمهم سائلاً: “كيف يمكنني الاستقالة من الرئاسة، وأنا لست رئيساً؟”، كان الرجل غارقاً في الوهم، كما قال مساعده لصديقي.
يمكن للمقارنات أن تكون كسولة، ولكن فيما أعمل على تغطية هذا الاجتياح الدامي والرهيب لأوكرانيا، لا يسعني سوى أن أقلق من أن يكون شيء مماثل يحدث في روسيا. لا أعني أن الرئيس بوتين غير سوي عقلياً. بل أعتقد أن هذه القراءة للوضع غير مفيدة وغير دقيقة. إنما بعد عقود من رعب شديد كان يثيره في النفوس، قسم من الناس بين خائف من مواجهته، ومتورط معه لدرجة تمنعه من انتقاد تحركاته، بعد عمر كامل من “جوقة المصفقين” هو يبدو الآن منفصلاً عن الواقع على مستويات كثيرة. وقد أصبح بالتالي مفرط الثقة بالنفس، ومتهوراً وغاضباً.
هو معزول بكل ما للكلمة من معنى: يبدو أنه يصدر كل قراراته هذه الأيام من أحد طرفي طاولة كبيرة جداً. رأينا ملامح من هذا الوضع عندما وبخ رئيس استخباراته على نحو سخيف [عبثي] إلى حد ما قبل أن يشن أكبر اجتياح بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
جلس وحيداً في غرفة ثانية مزخرفة بشكل مضحك وسخيف، وأخذ يسائل أعضاء مجلس أمنه واحداً تلو الآخر قبل أن يحرج سيرغي ناريشكين الصارم عادة، وطلب منه مرات عدة أن يوضح ما يقوله أن “يتكلم بوضوح”.
كان ناريشكين يتلعثم فعلياً. يقول بوتين في النهاية بابتسامة قاسية، “شكراً لك، يمكنك العودة إلى مكانك”. كُتب الكثير في تحليل ما إذا كان هذا الموقف مدبراً أم لا (لم يكن البث مباشراً). ولكن القلق الشديد في الغرفة بدا حقيقياً، وقد ذكّرني بأحد المخاطر المتعلقة بالديكتاتوريين المعزولين الذين لا يُقال لهم سوى ما يريدون سماعه، ولكن يستمرون في الاحتفاظ بكافة الصلاحيات للتصرف تبعاً لذلك [بناء على ذلك]. وإطلاق النار على المدنيين.
يعدّ القذافي مثالاً متطرفاً على ذلك، وتحضر في بالي صورته وهو يقول إن الإعلاميين كلاب، وهو يحمل مظلة ويركب عربة “توك توك” بينما كانت قواته ترتكب المجازر بحق آلاف الأشخاص، ولكنه ليس الديكتاتور الوحيد المعزول الذي فتح أبواب الجحيم على مصراعيها من داخل فقاعته. يمكنكم سماع الذهول في التسجيلات السرية التي نشرتها “بي بي سي عربي”، عن تحركات زين العابدين بن علي الأخيرة أثناء اندلاع الثورة التونسية في عام 2011.
يتحدث بن علي بنبرة فيها شكوى إلى وزير دفاعه بعد أن نصحه بالبقاء خارج البلاد التي فر منها للتو “ماذا فعلت للشارع؟ لقد خدمته”. جاء ذلك بعيد قيامه باتصال هاتفي مسجل وخادع مع قطب الإعلام المقرب منه طارق بن عمار، قبل يومين من تقديمه استقالته رسمياً.
يقول بن عمار في التسجيل، “كنت رائعاً، هذا هو بن علي الذي كنا ننتظره”، وأضاف، “إنها عودة تاريخية. أنت رجل الشعب. أنت تتحدث لغته”.
أن يكون الديكتاتور القوي محاطاً بجوقة مصفقين ومتطفلين خادعين لهو مزيج قاتل. ربما هذا ما كان يدور بين جدران الكرملين كل هذه السنوات. سوف تكون العواقب كارثية على روسيا، بسبب العقوبات الدولية اللاذعة [عقوبات مُحكمة] التي تُفرض على نظام هو أشبه بخليط من الاتحاد السوفياتي وكوريا الشمالية في عصرنا هذا (أقله وفقاً لبعض الروس الذين هربوا من البلاد).
ولكن لا شك في أن أوكرانيا تتلقى أقسى الضربات، ويدفع مواطنوها ثمن هذا الاجتياح المجنون الذي لا طائلة منه، بدمهم. أوكرانيا تتحمل وزر تخيلات بوتين.
أسبوعان بلا ماء.. مواطنان ليبيان يدخلان سلوفاكيا هربا من حصار ماريوبول الأوكرانية

قالت السفارة الليبية في سلوفاكيا، إن مواطنين ليبيين دخلا إلى البلاد هربًا من الحرب الدائرة في أوكرانيا بعد حصار أكثر من أسبوعين بلا ماء أو كهرباء.
وأوضحت السفارة في بيان اليوم، أن الطالب الليبي أحمد عبدالحميد القدار، وعمه محمد دخلا إلى سلوفاكيا من أوكرانيا، بعد رحلة طويلة استغرقت أكثر من أربعة أيام من المعاناة.
وتابعت أن المواطنين الليبيين، كانا في مدينة ماريوبول الواقعة تحت سيطرة الجيش الروسي، وظلا تحت الحصار أكثر من أسبوعين دون ماء ولا كهرباء، مشيرة إلى أنها كانت تتابع تحركاتهما في الأراضي الأوكرانية، وتقدم لهما النصائح والدعم المعنوي، وكذلك على تواصل مستمر مع ذويهما في ليبيا لتبادل المعلومات حولهما.
– وصول أول مجموعة من الجالية الليبية العائدة من أوكرانيا إلى طرابلس
ومطلع مارس، أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، هبوط أول طائرة تحمل على متنها قرابة 165راكبًا من الرعايا الليبيين القادمين من أوكرانيا عبر الأراضي السلوفاكية إلى مطار معيتيقة الدولي في العاصمة طرابلس مساء اليوم الخميس.
وأوضحت الوزارة أن الطائرة التي أقلعت من سلوفاكيا تابعة لشركة الخطوط الجوية الأفريقية، منوهة بأنه سيجري إجلاء بقية الجالية على التوالي وعلى دفعات تباعًا، وبشكل متسلسل خلال الأيام المقبلة وإلى حين إجلاء آخر شخص إلى ليبيا.
ضغوط روسية لتسمية رئيس جديد للبعثة الأممية إلى ليبيا
رشيد خشـــانة – عبارة «التقسيم» التي غابت عن القاموس السياسي الليبي منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، بعد صد الهجوم العسكري على طرابلس في تشرين الأول/أكتوبر 2020 باتت تتكرر على الألسنة.
كتبت الخبيرة في الشؤون الليبية ماري فتسجيرالد تقول إن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة خصص للفتيان والفتيات المقبلين على الزواج منحة قيمتها 40 ألف دينار ليبي (8.000 دولار). واسترعى العرض اهتمام الشباب الذين كانوا يائسين من القدرة على جمع ذلك المبلغ، وخاصة الشباب الذين فتحوا أعينهم مع الانتفاضة، التي أطاحت بالزعيم الراحل معمر القذافي في العام 2011. وأثار الإجراء جدلا بين الذين اعتبروه ضربا من الشعبوية في إطار الإعداد للانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة كانون الأول/ديسمبر الماضي، ومن رأوا أنه الحل الأمثل لتفادي انضمام الشباب اليائس إلى الميليشيات، في مقابل الحصول على رواتب.
وانتقد كثيرون ما وصفوه بالحملة الدعائية للدبيبة، التي أطلقها بعد سحب مجلس النواب الثقة من حكومته في ايلول/سبتمبر الماضي، ومن مظاهرها حضوره عرسا جماعيا لشباب استفادوا من «منحة الدبيبة». واضطر مجلس النواب إلى اتخاذ إجراء مماثل، بإقرار منحة قيمتها 50 ألف دينار ليبي (10.000 دولار) لكل أسرة ليبية، شريطة ألا تكون حصلت على منحة زواج. ويتفق المراقبون على أن «منحة الزواج» كانت لُقية جذابة من الدبيبة، تُساعده في صراعه مع غريمه فتحي باشاغا. وطالما أن نسبة الشباب مرتفعة بين سكان البلد، وأن الإقبال على طلب المنحة شمل عشرات الآلاف من الشباب، يتوقع أعضاء في اللجنة العسكرية 5+5 التي تضم ضباطا سامين من الفريقين المتخاصمين، أن يكون هذا العنصر مُيسرا لإيجاد حل يُنهي الميليشيات، أو على الأقل يحدُ من نفوذها.
لكن اجتماعات اللجان الثلاث الاقتصادية والعسكرية والقانونية، المنبثقة من مسار برلين، تعثرت بسبب الصراع المفتوح بين رئيسي الحكومتين الدبيبة وباشاغا، بعدما حققت تقدما ملموسا، بتفاوت من لجنة إلى أخرى. وبدا الخلاف بلا حل، لأن كل طرف متمسكً بموقفه، معتبرا أنه الوحيد الذي يحظى بالشرعية. والواضح أن الحل لن يأتي منهما، لذلك يصبح دور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي كبيرا. وهذا الدور سيجعل الحل ليبيا وليس واردا من القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في الملف الليبي، والتي تسعى لتثبيت وجودها عبر الأدوار السياسية التي تلعبها. من هنا يُثير موقف الرئيس المنفي الاستغراب حين يجتمع مع سفراء البلدان الكبرى المؤثرة في الصراع مباشرة أو مداورة، ولا يدعو الدبيبة وباشاغا إلى جلسة مصارحة ومصالحة. ثم يمكن، بعد جولة أو أكثر من اللقاءات، أن يأتي الدور الخارجي ليدعم ما تم تحقيقه بين الليبيين. أكثر من ذلك، يُفترض أن لدى رئيس المجلس الرئاسي رؤية لمسارات الحل السياسي، وأن تكون لديه خطة لإطلاق حوار لا إقصاء فيه، من أجل إقرار صيغة وفاقية للحل الوسط في ليبيا، وإن كانت هذه العبارة مكروهة لدى التونسيين الذين جربوا «التوافق» فأعطى نتيجة سلبية. وما يحفز على سلوك هذا المسلك تذبذب مكانة ليبيا في سلم الأولويات الغربية، خصوصا مع تفاقم الحرب في أوكرانيا، وهو ما شجع البعض على التشدد والتلويح بالحل العسكري، بما أنه يعرف أن القادرين على رفع العصا في وجهه مشغولون في صراع سخن آخر.
أين «مبادرة المنفي»؟
كان الأجدر بدل مناقشة مبادرة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، أن يُناقش رئيس المجلس مع أولئك السفراء مبادرة خاصة به قد تُدعى «مبادرة المنفي» التي ينبغي أن تؤدي إلى وضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات العامة في تاريخ يُتفق عليه. وفي هذا الإطار لا تنبغي الاستهانة بتحذير ممثل المملكة المتحدة في مجلس الأمن الأربعاء، من أن «استمرار التصعيد في ليبيا يعني خطر التقسيم، وهو ما يجب العمل على تجنبه» على ما قال. عبارة «التقسيم» التي غابت عن القاموس السياسي الليبي منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، بعد صد الهجوم العسكري على طرابلس في تشرين الأول/أكتوبر 2020 باتت تتكرر على الألسنة. ولوحظ أن وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روز ماري ديكارلو حذرت بدورها من عودة الانقسام إلى ليبيا مرة أخرى، جراء استمرار الخلاف حول شرعية السلطة التنفيذية. وكانت ديكارلو تتحدث في إحاطة حول تطورات الأوضاع في ليبيا قدمتها إلى مجلس الأمن الدولي الأربعاء الماضي.
وألقى الانقسام الداخلي بظلاله في مواقف الأطراف الدولية من الوضع الراهن في ليبيا، إذ أن معسكر خليفة حفتر/عقيلة صالح تعزز بانضمام باشاغا إليه، وهو الذي كان أحد القادة البارزين للمقاومة الطرابلسية لدى اجتياح قوات حفتر للعاصمة، في 2019. خارجيا، منحت القاهرة وموسكو «مباركتهما الأولية» لجهود مجلس النواب في تنصيب حكومة جديدة برئاسة باشاغا. وفي المقابل تحالف الدبيبة مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري وقادة الكتائب المدافعة عن طرابلس. أما الأمم المتحدة فانتقدت للمرة الأولى الإخلالات التي شابت منح مجلس النواب الثقة لحكومة باشاغا، مؤكدة أنها تلقت تقارير تُثبت أن التصويت على منح الثقة «شابته عيوب إجرائية وتهديدات بالعنف ضد بعض أعضاء النواب وعائلاتهم، وقد أثرت هذه النواقص على مصداقية العملية». وذهبت روز ماري ديكارلو إلى أبعد من ذلك حين انتقدت غياب الحوكمة في إدارة المنطقة الشرقية، التي تسيطر عليها القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر، مُلاحظة أنه «في شرق ليبيا غالبا ما يجري تطبيق قوانين الأمن القومي بشكل تعسفي، ويُفسد الافتقارُ إلى الإجراءات القانونيةُ اللازمةُ الإجراءات في المحاكم العسكرية».
ورددت ديكارلو التحذير نفسه من تكريس دولة برأسين، مُنبهة إلى أن استمرار المواجهة حول الشرعية التنفيذية سيُفضي إلى ظهور إدارتين متوازيتين مجددا، «ما يؤدي إلى اضطرابات وتوجيه ضربة قاسية لمسار إجراء الانتخابات». والسبيل الوحيد لتلافي الوقوع في هذا المحذور هو الوصول إلى قاعدة دستورية تفضي إلى صوغ خطة واضحة لإجراء الانتخابات المؤجلة. ومع أن مجموعة الأزمات الدولية حذرت في تقرير نشرته الأسبوع الجاري، من أن الوضع الراهن يجعل ليبيا تقف مرة أخرى على مفترق طرق ينذر بتجدد القتال، للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار في تشرين الأول/أكتوبر2020 رأت مصادر مطلعة أن الطريقة التي أخرج بها أنصار باشاغا من ضواحي طرابلس دللت على تفاوت كبير في ميزان القوى العسكري بين هذا الأخير وقوات حكومة الوحدة ما أقنعه بالانسحاب.
وكانت ويليامز طلبت من مجلسي النواب والدولة تشكيل لجنة مشتركة من ستة أعضاء، في إطار مقترح لوضع القاعدة الدستورية للانتخابات، إلا أن مجلس النواب تأخر في اختيار ممثليه في اللجنة. ومن الواضح أن رئيس المجلس عقيلة صالح وعناصر مؤثرة في قراراته يعطلون مبادرة ويليامز، وبدا هذا الموقف واضحا من التأخُر في تسمية ممثليهم في اللجنة المشتركة مثلما أسلفنا. أكثر من ذلك هم يتماهون مع الموقف الروسي في الأمم المتحدة، الضاغط على الأمين العام غوتيريش من أجل تسمية رئيس جديد للبعثة الأممية، على نحو يُهمش دور ويليامز، ولعله يدفعها إلى الاستقالة، مثلما يتمنون. من هنا شدد النائب الأول لممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، خلال جلسة مجلس الأمن بشأن ليبيا، على ضرورة تعيين مبعوث خاص في ليبيا «في أقرب وقت، لأن عمله ضروري أكثر من أي وقت مضى» على حد قوله. وهكذا لم يترك بوليانسكي الفرصة تمرُ من دون أن يغمز من قناة واشنطن، التي سبق أن اعترضت على تسمية دبلوماسيين مُحنكين في منصب رئيس البعثة الأممية، بينهم وزير الخارجية الجزائري الحالي رمطان العمامرة.
اهتمام متزايد بغاز ليبيا
وعلى عكس التحاليل التي تعتبر ليبيا قد تراجعت في سلم الاهتمامات الأمريكية والأوروبية، جراء الحرب في أوكرانيا، فإن الاهتمام بها زاد في الفترة الأخيرة. وأكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميغيل بوينو، أن أوروبا تأثرت كثيرا بالأزمة الأوكرانية لاعتمادها على أكثر من 40 في المئة من الغاز الروسي. وكشف بوينو أن الاتحاد الأوروبي يقود حاليا مشاورات مع عدد من دول الشرق الأوسط، في مقدمها ليبيا والجزائر، بُغية تنويع مصادر الغاز والطاقة و«التسريع في توفيرها لمواجهة جميع الاحتمالات». كما كشف أن هناك محادثات وزيارات في أعلى مستوى تجري حاليا بين ليبيا وإيطاليا في هذا الشأن، مُتوقعا أن تُكثف البلدان الأوروبية استثماراتها في الغاز والنفط الليبيين. وفي هذا الإطار تعتزم إيطاليا زيادة وارداتها من ليبيا لتكون بديلاً عن الغاز الروسي، مع أن ليبيا لا تلبي سوى احتياجات ضئيلة من الغاز إلى إيطاليا لا تتجاوز 2.5 في المئة فقط من إجمالي الطلب اليومي، الذي يأتي معظمه من روسيا ثم الجزائر وقطر.
زيادة على ملف الطاقة، يشتغل حاليا خبراء أمريكيون ومغاربة وفرنسيون وإسرائيليون على ملف المرتزقة في ليبيا، في إطار خطة لإرسال مرتزقة متمركزين حاليا في شرق ليبيا إلى ألبانيا، بتمويل أمريكي-مغربي مشترك، ومن ثم إلى أوكرانيا، للقيام بعمليات محددة ضد الجيش الروسي، بالتنسيق مع عناصر تابعة لخليفة حفتر. ولعل هذا الأمر سيخفف من اندفاع بعض الأطراف للعودة إلى الخيار العسكري في ليبيا. لذا يمكن تشبيه الوضع الراهن بالوضع الحرج الذي مرت به ليبيا في العام 2015 عندما اندلع صراع عسكري بين «عملية الكرامة» بقيادة حفتر، وميليشيات «فجر ليبيا» وهو الصراع الذي وُضع على مائدة التفاوض في ضاحية الصخيرات المغربية، فأسفر الحوار عن الاتفاقات المعروفة، التي تشكلت في إطارها حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج. والأرجح أن الأمور تسير حاليا في وجهة مماثلة بدفع من ويليامز ومن ورائها الإدارة الأمريكية، فهل تنجح جهود الإعداد السياسي والقانوني للمسار الانتخابي، بالرغم من كثرة القوى الداخلية والإقليمية، التي تعمل على إحباط أي تقدم نحو الاستقرار والحل السياسي، أم يبقى المصير الليبي في مهب التجاذبات الإقليمية والدولية؟ الأمر بأيدي الزعماء الليبيين إذا ما أرادوا تقديم مصلحة البلد على المصالح الشخصية.
المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا
تعريف:
تأسس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا في جوان - يونيو 2015 في تونس، وهو أول مركز من نوعه يعمل بكل استقلالية من أجل تعميق المعرفة بليبيا في جميع المجالات والقطاعات، ويرفد بالمادة العلمية جهود المجتمع المدني في ليبيا لإقامة الحكم الرشيد، المبني على التعددية والتداول السلمي واحترام حقوق الإنسان . مؤسس المركز: الإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة يقوم المركز بنشر مقالات وأوراق بحثية بالعربية والأنكليزية والفرنسية، ويُقيم مؤتمرات وندوات علمية، وباكورة نشاطاته ندوة حول "إسهام المجتمع المدني في إعادة الاستقرار والانتقال الديمقراطي بليبيا" يومي 5 و6 أكتوبر 2015 بتونس العاصمة.
موقع "ليبيا الجديدة"
موقع إخباري وتحليلي يبث الأخبار السريعة والتقارير السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عن ليبيا، ديدنُه حق المواطن في الإعلام، ورائدُه التحري والدقة، وضالتُه الحقيقة، وأفقهُ المغرب العربي الكبير. يتبنى الموقع أهداف ثورة 17 فبراير ومبادئها السامية ويسعى للمساهمة في بناء ليبيا الجديدة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحكم الرشيد.