بعد الجدل الذي دار حول قانون الانتخابات الرئاسية الذي أصدره مجلس النواب الليبي، بدأت التساؤلات تدور حول مصير قانون الانتخابات البرلمانية وما السبب الذي دعا النواب إلى تأجيل مناقشته حتى هذه اللحظة وتأجيل النظر فيه حتى. ومع الضغط الذي خلقته هذه الآراء التي انطلقت من مجموعة من المحللين والخبراء، بدأ مجلس النواب في أولى الخطوات الفعلية لوضع هذا القانون واعتماده.
وأصدر مجلس النواب الليبي، أول أمس السبت، قراراً يقضي بتشكيل لجنة مؤقتة من أعضاء المجلس وعضوية اللجنة الاستشارية القانونية لمكتب رئاسة مجلس النواب، تتولى دراسة وإعداد مقترح مشروع قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة، المزمع لها أواخر ديسمبر المقبل.
ووفق القرار الذي حمل رقم 6 لسنة 2021، تتكون اللجنة المشار إليها من أعضاء مجلس النواب وأعضاء اللجنة الاستشارية، وهم كل من: رمضان محمد محمد شمبش، وآدم صالح بوصخرة، ومحمد إبراهيم تامر، ومصباح ميلود أحم البدوي، وإسماعيل محمد بشير، وسليمان محمد الفقيه، وفريحة عبد السلام الحضيري، وعبد السلام عبد الله نصيه، والهادي علي محمد الصغير، ومحمد عامر العباني، وانتصار المهدي شنيب، وعلي أحمد التكالي وميلود بالقاسم الأسود.
وقد نشر نص هذا القرار الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، الذي نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.
وتنص المادة الثالثة من القرار أن على أعضاء مجلس النواب تقديم مقترحاتهم وملاحظاتهم بشأن مشروع الانتخابات البرلمانية إلى اللجنة، لدراستها وإمكانية تضمينها بمشروع القانون.
وقبل إصدار القرار بيوم واحد، دعت هيئة الرئاسة في مجلس النواب الليبي أعضاء مجلس النواب إلى حضور جلسة البرلمان القادمة في مقره في مدينة طبرق.
وحسب بيان نشره الناطق باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق، فإن الجلسة المقبلة التي ستعقد الاثنين المقبل، ستخصص لمناقشة مشروع قانون انتخاب البرلمان الليبي المقبل في 24 ديسمبر /كانون الأول المقبل، إلا أن مصادر مقربة من برلمان طبرق أكدت في تصريحات لـ”القدس العربي” تأجيل جلسة النواب التي كان مقرراً عقدها الإثنين في طبرق.
وقال المصدر إن سبب التأجيل يكمن في ما حدث خلال جلسة الأسبوع الماضي وردود الفعل الشعبية والمحلية والدولية حول تصرفات مجلس النواب، فضلاً عن الجدل الذي خلقته الطريقة التي تم التصويت خلالها على نحو غير قانوني استناداً إلى المادة 140 للائحة الداخلية لمجلس النواب حول عملية التصويت، حسب تعبيره. وأوضح المصدر أن عدداً من أعضاء مجلس النواب يعقدون سلسلة من الاجتماعات في ديوان مجلس النواب بمدينة طرابلس من أجل التشاور حول الطريقة المثلى للتعامل مع قرارات مجلس النواب العشوائية .
وفي الآونة الأخيرة، أصدر مجلس النواب مجموعة من القرارات التي أثارت الغضب على الصعيد المحلي، أبرزها القرار الذي اتخذه في الجلسة الماضية للمجلس والتي عقدت الثلاثاء، حيث أعلن فيها الناطق باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية بأغلبية أصوات 89 من أصل 113 نائباً، وقد كانت هذه الجلسة مغلقة ولم تنقل على الهواء مباشرة كالعادة.
ووقع 39 عضواً من أعضاء مجلس النواب الحاضرين لجلسة الثلاثاء، على عريضة رافضة للإجراء الأحادي المتخد من قبل رئيس المجلس، مؤكدين أنهم لم يصوتوا بالتأييد لسحب الثقة من الحكومة، وأن هذا الإجراء كان مزوراً.
وفي وقت سابق، اعتمد رئيس مجلس النواب الليبي قانون الانتخابات الرئاسي، وقد اتهم مجموعة كبيرة من النواب المجلس بعدم التصويت عليه وقيامه بتمريره تبعاً لرأي رئاسة المجلس.
وفي جديد ردود الفعل حول تصرفات مجلس النواب، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في مقابلة صحافية، أنه يتوقع الوصول إلى حلّ وسط فيما يتعلق بالقوانين الانتخابية بشكل أو بآخر، مشيراً إلى رفص “الأعلى للدولة” محاولات مجلس النواب تجاوز النصوص الدستورية بعدم التشاور معهم في قوانين الانتخابات، وإبلاغهم كافة الأطراف الدولية بذلك.
وأوضح المشري أن مجلس النواب أصدر قوانين انتخابية بالمخالفة للقانون، وعطل الميزانية بالمخالفة للقانون أيضاً، مضيفاً أن قرار سحب الثقة الذي أصدره النواب شابه التزوير.
وعن قيام البرلمان بسحب الثقة من الحكومة، قال إن أي جسم جاء بالوفاق لا يمكن أن يزيل جسماً منتخباً كمجلس النواب، لكن يمكن للشعب والحكومة الضغط على الأجسام المنتخبة لتسوية أوضاعها.
ووصف المشري أداء النواب بالكارثي، مشيراً إلى أنه جلب له سخطاً شديداً وكذلك لمجلس الدولة، رغم أنهم أوفوا بكل التزاماتهم لكلا المجلسين كتُرسَيْن في ماكينة واحدة، حسب وصفه.
وفي سياق متصل، قال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في تصريحات صحافية، الجمعة، إن مجلس الدولة لم يضمّن في الإعلان الدستوري، وهو الدستور حتى الآن؛ أي أنه غير موجود، فالتشاور معه إذاً هو لمصلحة الوطن فحسب .
وتابع عقيلة أن “التشاورات مع مجلس الدولة مستمرة لكنها لم تنجح، وهو ما اتضح لنا في ملف المناصب السيادية في بوزنيقة، حيث أرسلنا الملفات لمجلس الدولة منذ 3 أشهر ولم يردّ علينا حتى الآن”.
وأضاف أنه من الضروري إجراء الانتخابات، قائلاً: “لا نرى أي حل في ليبيا إلا عبر الانتخابات، وأخشى أن عرقلتها ستترتب عليه عواقب وخيمة وفوضى” متابعاً: “موعد الانتخابات يقترب ولا يمكن تحمل أي عرقلة في صدور القوانين بدعوى التشاور”.
لإنقاذ العملية السياسية من الانهيار.. 46 عضوا من ملتقى الحوار الليبي يدعون لعقد جلسة طارئة
دعا 46 عضوًا بملتقى الحوار السياسي الليبي المبعوث الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، يان كوبيش، لعقد جلسة طارئة للملتقى للوقوف على المسؤوليات المناطة به تجاه ما يعيق تنفيذ خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية ولاقتراح المعالجات المناسبة لما يعترض تطبيقها والتي تهدد بانهيار العملية السياسية والمسار بأكمله مشيرين إلى أنهم نبهوا إليه مرارًا وتكرارًا.
وقال الأعضاء إن هذا الطلب يأتي بدافع المسؤولية الوطنية التي تقتضي متابعة تنفيذ وإنجاح خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية المتوافق عليها في تونس (نوفمبر 2020) والتي تستجيب لتطلعات أبناء الوطن لرؤية ليبيا وهي تنتقل إلى دولة القانون والمؤسسات الشرعية عبر انتخابات حرة نزيهة وشفافة في 24 ديسمبر 2021.
وأشار الأعضاء الموقعون إلى تأكيد المجتمع الدولي على التزامه القوي بالعملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة والتي يقودها الليبيون ويملكون زمامها وبسيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية.
وأكد أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي في بيانهم أن طلبهم بعقد جلسة طارئة يأتي في إطار الالتزام بقرارات مجلس الأمن بالخصوص ومنها القرار 2510 القاضي بتأييد استخلاصات مؤتمر برلين الأول والقرار 2570 القاضي باعتماد خارطة الطريق، والذي رحب فيه مجلس الأمن الدولي بتشكيل السلطة التنفيذية المؤقتة، وتأكيد مهمتها المحددة بقيادة البلاد للوصول الى هدف خارطة الطريق في تعزيز الشرعية السياسية من خلال الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر 2021 على النحو المبين في خارطة الطريق للمرحلة التمهيدية للحل الشامل المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وقال الأعضاء إن سبب هذه الدعوة هو التطورات الخطيرة المتسارعة التي تهدد وحدة البلاد واستقرارها وأمنها، مشيرين الى أنها قد تعيق تحقيق الاستقرار والسلام وتخل بالمسار الديمقراطي الذي يتحقق من خلال إجراء الانتخابات في آجالها المحددة.
وفي ختام بيانهم أكد الأعضاء عزمهم على التحرك الإيجابي والاستباقي لإنقاذ البلاد وإنقاذ خارطة الطريق وإعلان حالة انعقاد الملتقى والاجتماع داخل أو خارج ليبيا، آملين أن تتحمل البعثة المسؤولية الملقاة على عاتقها وفقا للمهام المسندة إليها بموجب قرارات مجلس الأمن، مشيرين الى أن المسؤولية تضامنية ومشتركة لإنهاء هذه الخطوات بشكل إيجابي وصولا لتحقيق الاستقرار والسلام المنشود عبر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الموعد المحدد لها.
أعضاء بمجلس النواب الليبي: سحب الثقة من الحكومة تم بطريقة مضللة وغير قانونية
أصدر أعضاء من مجلس النواب الليبي عقب اجتماعهم مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية بيانا مصورا عبرو فيه عن رفضهم لاجراء سحب الثقة من الحكومة موضحين أن ما حدث يعد تضليلا داخل قاعة مجلس النواب في حساب عدد الأصوات التي صوتت على سحب الثقة من الحكومة.
وأكد النواب الموقعون على البيان أن ما حدث بالجلسة لا يعبر عن إرادة مجلس النواب وسيقود البلاد إلى أزمة دستورية خاصة في ظل تعطيل عمل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا التي يجب أن يلجأ اليها المتضرر من الإجراءات المخالفة للنظم والقوانين المعمول بها في هذا الجانب.
وتابع النواب، في بيان مشترك وقّع عليه 39 عضوًا، إن عملية العد تمت بطريقة غير صحيحة وأن العدد الحقيقي لا يتجاوز في أفضل الأحوال 73 صوتا، وهو غير كافٍ لسحب الثقة من الحكومة، وفقا لنص المادة 194 من النظام الداخلي والتي تؤكد أن الأغلبية المطلوبة لسحب الثقة من الحكومة هي الأغلبية المطلقة لأعضائه والبالغة 87 عضوًا يصوتون بنعم لسحب الثقة وهو ما لم يحدث.
وقال النواب أن ما حدث بجلسة المجلس المنعقدة الثلاثاء بشأن سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية مخالف لنص المادة 140 من القانون رقم 4 لسنة 2014 المنظم لعمل المجلس، والتي تنص على أنه يجري التصويت على التقه بطريق الاقتراع السري ويكون الجواب بإحدى الكلمات التالية: ثقة / لا ثقة / اممتنع، وفي كل الأحوال لا يدخل عدد الممتنعين في حساب الأغلبية المشروطة.
ليبيا: مخاوف من سيناريو أفغاني في دول الساحل والصحراء
رشيد خشــانة – عطلت أمريكا مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى تشكيل قوة أفريقية قادرة على مجابهة التنظيمات الإرهابية، بينما تحمست لها فرنسا.
تزداد اللعبة الاستراتيجية في ليبيا وفي جوارها تشعُبا واتساعا، مع تخطيط روسيا للتمدُد في منطقة الساحل والصحراء، عن طريق مرتزقة «فاغنر». ويتزامن ذلك مع مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتشكيل قوة أفريقية قادرة على استعمال السلاح، لمجابهة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في المنطقة. وفيما عطلت أمريكا هذه المبادرة، فإن فرنسا بدأت تُراجع قرار ترحيل نصف قواتها من المنطقة، في أعقاب مقتل قائد تنظيم «الدولة الإسلامية» في منطقة الصحراء الكبرى عدنان أبو وليد الصحراوي.
وقد نبعت مبادرة غوتيريش من خشيته تكرار السيناريو الأفغاني في دول الساحل الفقيرة، التي لا تملك جيوشا نظامية على الطراز الحديث. وهو يعتقد أن سقوط كابول في أيدي قوات طالبان، ألهب حماسة الجماعات الإرهابية في الساحل لتحقيق أهداف لم تتصورها من قبل. وحذر غوتيريش، من أن هذه المنطقة هي الخاصرة الرخوة التي تحتاج إلى علاج سريع، لأن الخطر لم يعد يقتصر على مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وإنما لوحظت أيضا تسرُبات إلى غانا وكوت ديفوار المجاورتين.
لكن أمريكا، التي اكتوت بنار الحروب في أفغانستان والعراق ولبنان والصومال وغيرها، مُصرة على رفض تشكيل قوة عسكرية تعمل تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على عكس فرنسا التي سعت علنا إلى إشراك بلدان أوروبية أخرى، في إطار عملية «برخان» وقوامها أكثر من 5000 عسكري فرنسي.
ويجوز القول إن تلك الجماعات عرفت تطورات لافتة منذ العام 2001 إذ أن مصادر تمويلها تحسنت بشكل كبير، كما أن قدرتها على التأقلم مع اختلاف الأوضاع زادت عما قبل، بحسب الباحث العراقي الفرنسي عادل بكوان، مدير المركز الفرنسي للبحث حول العراق في باريس.
ويميل غالبية الباحثين في الشؤون الاستراتيجية إلى القول إن أمن البلدان ذات البنية العسكرية الهشة لا يمكن تفويضه إلى القوى الخارجية بشكل دائم، وإنما ينبغي أن تضع تلك البلدان في مقدم أولوياتها بناء جيش عصري وقوات درك وشرطة بالمفهوم الحديث، وهو مسار يستغرق وقتا طويلا وكثيرا من الامكانات غير المتوافرة لبلدان ما زال المستعمر السابق ينعم بإدارة ثرواتها الطبيعية، بلا رقيب ولا حسيب.
خارج دائرة الجوار الجنوبي، الذي يشكل مصدر قلق بالغ لليبيين، حققت الحكومة المؤقتة في طرابلس خطوات مهمة إلى الأمام مع الجيران غربا وشرقا، على نحو عزز صورة ليبيا بوصفها بلدا يتعافى من الحروب، ويبني علاقات جديدة مع جواره المباشر. فمع مصر طوى اجتماع اللجنة المشتركة الليبية المصرية، أخيرا في القاهرة، برئاسة الدبيبة ونظيره المصري مصطفى مدبولي، صفحة التباعد والتوتر في العلاقات الثنائية مع الحكومات الليبية السابقة. وانعكست الانعطافة في مذكرات التفاهم التي توصل لها الجانبان (13 مذكرة تشمل قطاعات مختلفة) والتي تُعتبر صفحة جديدة مع مصر، التي طالما دعمت الجنرال المتمرد خليفة حفتر.
واستطرادا ستحوز مصر على قسم من مشاريع المقاولات وإعادة الإعمار في ليبيا، بحسب تصريحات الدبيبة، الذي وعد بتسهيل إجراءات دخول العمال والمعدات المصرية إلى ليبيا «بسرعة قياسية». ونقل عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي استقبله في اليوم نفسه، أنه عبر عن «دعمه الراسخ لتحقيق السلم والاستقرار في ربوع ليبيا» كما أكّد دعمه الكامل لحكومة الوحدة الوطنية.
وقبل القاهرة كان الدبيبة في تونس لمسح الضباب الذي لف العلاقات الثنائية في أعقاب غلق معبر راس جدير في الجانب التونسي من الحدود المشتركة. واستطاع الدبيبة الحصول من الرئيس التونسي قيس سعيد على وعد بمعاودة فتح المعبر، وهو ما تم لاحقا.
أما الجزائر فأوفد لها الليبيون نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني على رأس وفد رسمي، اجتمع مع الرئيس عبد المجيد تبون وخلال الاجتماع أبلغ تبون ضيوفه الليبيين أنه قرر إعادة فتح سفارة الجزائر في طرابلس وقنصليتها في سبها (جنوب) إلى جانب استئناف الرحلات على الخط الجوي الجزائر- طرابلس، وكذلك فتح معبري غات وغدامس الحدوديين.
في مقابل هذا النزوع العام لدعم مسار السلم والاستقرار في ليبيا، ما زال الجنوب مصدرا لمخاطر مستمرة على أمن ليبيا القومي. ومن تجليات ذلك الخطر الاشتباكات التي جرت الثلاثاء الماضي بين قوات تابعة للجنرال حفتر وعناصر من المعارضة التشادية في منطقة تربو جنوب ليبيا. وأفادت أوساط حفتر أن مقاتلاته استهدفت مواقع المعارضين التشاديين المنتمين إلى «جبهة الوفاق من أجل التغيير».
قواعد روسية؟
ويُرجح خبراء روس أن موسكو تسعى لإنشاء قواعد عسكرية دائمة في ليبيا، لاسيما حيث يوجد مرتزقة روس. وفي هذا الإطار يمكن إنشاء قاعدة بحرية في سرت، أو منشأة جوية في الجفرة. غير أن مسار المصالحة وعودة الاستقرار يقضي بأن تكون مدينة سرت مقرا للسلطات الجديدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، وبالتالي ينبغي أن تكون منزوعة السلاح، باعتبار ذلك المرحلة الأولى من المسار السلمي.
وتُشارك الأمم المتحدة دول المنطقة مخاوفها من تنامي الجماعات المسلحة وعصابات التهريب في جنوب ليبيا. وفي السياق ركز تقرير أممي جديد على القلق من التحديات الأمنية التي تمثلها سهولة اختراق الحدود بين إقليم دارفور من جهة وليبيا ودول مجاورة، من جهة ثانية. وحمل التقرير توصيات تم تقُديمها لمجلس الأمن ليستأنس بها في عملية رفع «عقوبات دارفور» المفروضة على السودان.
وقبيل انعقاد جلسة الثلاثاء الماضي لمجلس الأمن حول السودان، قدمت الحكومة السودانية خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن والدفاع السوداني، برئاسة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، تحفظاتها على التوصيات الواردة في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، مشددة على رفضها أي «وصاية على البلد». ولم يستبعد الخبير الروسي كيريل سيمينوف أن تتوصل تركيا وروسيا، على الرغم من خلافاتهما، إلى «تفاهم متبادل» في مواجهة المصالح الأمريكية، التي تسعى للإبقاء على جميع القوات الأجنبية خارج ليبيا.
وسيعتمد نجاح المسار السلمي في ليبيا، على مدى قبول تلك القوى الخارجية، التي دعمت هذا الفريق أو ذاك، بالعملية التي توسطت فيها الأمم المتحدة، بما في ذلك تركيا وروسيا. ففي تشرين الأول/أكتوبر 2020 توسطت ستيفاني ويليامز، الممثلة الخاصة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لإقرار وقف لإطلاق النار، بعدما استعصى ذلك على أسلافها.
والتزمت أمريكا في البدء بموقف محايد، يقتصر على دعم الخطة الأممية، وإن كان الرئيس السابق ترامب أجرى مكالمة هاتفية مع الجنرال حفتر، لدى إطلاق الأخير هجومه على العاصمة طرابلس. إلا أن واشنطن غيرت موقفها مع توغل المرتزقة الروس في الأراضي الليبية، دعما لقوات حفتر. ولوحظ أن القائم بأعمال المندوب الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ريتشارد ميلز حض أخيرا كلا من روسيا وتركيا والإمارات، على «احترام السيادة الليبية والوقف الفوري لجميع التداخلات العسكرية في ليبيا». وخص بالذكر تركيا، مع أنها حليفة أمريكا في الحلف الأطلسي.
في خط مُواز تابع المغرب مساعيه لجمع رئيسي مجلسي النواب والدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، في محاولة من الرباط لتقريب وجهات النظر بين المجلسين. ويُعارض المشري استفراد البرلمان بإصدار قانون الانتخابات. ورجح الأكاديمي الليبي مصطفى الفيتوري أن ترفض تركيا أية سلطة تنفيذية جديدة في ليبيا، إذا ما شعرت أن مثل تلك الحكومة قد تلغي مذكرتها الأمنية وصفقاتها البحرية التي سبق أن وقع عليها رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج والرئيس التركي اردوغان، أواخر العام 2019.
لكن من غير المستبعد أيضا أن يتوقف كلا الجانبين عن الضغط من أجل سحب القوات الأجنبية، خلافا لما ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في 2020 والذي ينص في بنده الثاني على «إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة، بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية برا وبحرا وجوا في مدة أقصاها 3 أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار، وتجميد العمل بالاتفاقات العسكرية الخاصة بالتدريب».
معركة لي أذرع
ويوجد في خلفية المواقف المتباعدة بين الفرقاء الليبيين من الحل السياسي، صراع على النفط يهدد عملية الانتقال السياسي الهشة. وتجلى ذلك بوضوح خلال معركة لي الأذرع بين الرجل القوي في القطاع مصطفى صنع الله ووزير النفط والغاز الجديد محمد عون. واتهم المهندس صنع الله، الذي يرأس «المؤسسة الوطنية للنفط» الوزير عون بالعمل على زعزعة مؤسسة النفط بدوافع شخصية. وتردد أن عون، الذي سُمي في هذا المنصب الوزاري لدى تشكيل حكومة الدبيبة في آذار/مارس الماضي، جيء به إلى الحكومة من أجل إضعاف صنع الله واسترضاء أصحاب النفوذ في المنطقة الشرقية، أي الجنرال حفتر، الذي سعى منذ زمن غير قصير للتخلص من صنع الله.
وكان محمد عون، قبل سنوات، ضالعا في مخطط «شركة نفط الشمال الشرقي» الانفصالية، التي رمى أصحابها إلى إضعاف صنع الله والمؤسسة الوطنية للنفط بأكملها، كمؤسسة تكنوقراطية مركزها طرابلس. وحاول عون عزل صنع الله أثناء سفر الأخير إلى الخارج ، متهمًا إياه بارتكاب جريمة «انتهاك أنظمة السفر». غير أن رئيس الحكومة الدبيبة أبطل قرارات الوزير عون.
ويعتقد الخبير جايسون باك أن إيرادات القطاع النفطي ساهمت في نمو نخبة ثرية، غالبًا من مشاريع القطاع العام الفاسدة، الممولة من مداخيل النفط، ما جعل السيطرة على هذا القطاع الحيوي، قضية سياسية رئيسة.
ويذهب باك إلى القول إن النجاح الوحيد للانتقال الليبي بعد معمر القذافي هو أن احتكار «المؤسسة الوطنية للنفط» لإنتاج وتصدير واستيراد الهيدروكربونات تم الحفاظ عليه بشكل لا لبس فيه. وحتى عندما كانت الإدارة الليبية منقسمة إلى حكومتين متنافستين، فإن المؤسسة الوطنية للنفط «الحقيقية» فقط هي التي سيطرت على قطاع النفط. وأكد أن التشكيك في ذلك من خلال تعيين حكومة الوحدة الوطنية وزيرًا للنفط والغاز من دون الاستناد على معايير موضوعية، يؤدي إلى دراما من هذا النوع.
معركة أنبوب الغاز تُسممُ العلاقات المغربية الجزائرية
رشيد خشـــانة – قلل خبراء اقتصاديون من التداعيات الاقتصادية المُحتملة لقطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، الذي أعلن عنه وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة في الرابع والعشرين من الشهر الماضي، بالنظر إلى أن الحدود مُقفلة بين البلدين منذ العام 1994.
في المقابل رجح آخرون أن تكون للقطيعة انعكاسات وخيمة في اقتصاد البلدين، خصوصا بعدما تأكد أن الجزائر لا تعتزم تجديد الاتفاق الذي يُنقل بموجبه الغاز الطبيعي الجزائري إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية، بطول 500 كلم. ويمر عبر الأنبوب المغربي نحو 3 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا، يضاف لها مليار متر مكعب من الإمدادات الجزائرية لتلبية حاجة السوق المغربية سنويا، وذلك من إجمالي صادرات البلاد البالغة 50 مليار متر مكعب سنويا.
وينتهي في الشهر المقبل الاتفاق الخاص بعبور الغاز من الجزائر إلى جنوب إسبانيا، والذي يعود إلى العام 1996. وسيتسبب إقفاله بخسائر جمة للجانبين.
وتُزود الجزائر إسبانيا بالغاز عبر أنبوبين، الأول يُدعى «ميدغاز» أي غاز المتوسط، وتُقدر طاقته بـ8 مليار متر مكعب، وهو يربط بين المنشآت الغازية الجزائرية في بني صاف (شمال غرب) وميناء المرية الاسباني (جنوب) عابرا الحوض الغربي للمتوسط. أما الثاني فهو «الأنبوب المغاربي الأوروبي»، وتُقدر طاقته بـ13 مليار متر مكعب، وهو يربط بين الجزائر ومدينة قرطبة، عبر الأراضي المغربية. وهذا هو الأنبوب الذي سيتأثر جراء التدهور الخطر في العلاقات الجزائرية المغربية. وقد طمأن وزير النفط الجزائري محمد عرقاب الاسبان، من خلال سفيرهم في الجزائر إلى أن تزويدهم بالغاز سيستمر بشكل طبيعي، وأن ذلك سيتم عبر أنبوب «ميدغاز»، ما يُؤشر إلى أن تدفق الغاز عبر الأراضي المغربية سيتوقف قريبا.
بين الجزائر وإسبانيا
وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية أكد الوزير عرقاب وجود مشروع لتوسعة طاقة أنبوب «ميدغاز» وأعلنت مجموعة «سونتراك» الجزائرية (قطاع عام) أول أمس أنها رفعت فعلا من حجم التدفق إلى 10.5 مليار متر مكعب، في إطار حرص الجزائر على «تأمين جميع حاجات السوق الإسبانية من الغاز الطبيعي» على ما قال عرقاب. في المقابل أعلن المغرب، قبل قرار قطع العلاقات الدبلوماسية، أنه يُوافق على تجديد اتفاق العبور، الذي ينتهي مفعوله الشهر المقبل. ويحصد المغاربة فوائد كثيرة من اتفاق العبور الحالي، أبرزها تأمين إنتاج 17 في المئة من الطاقة الكهربائية بفضل الغاز الجزائري، وتزويد محطات الطاقة البيوحرارية المغربية بالوقود، بالاضافة إلى رسوم العبور التي تتقاضاها الرباط لقاء مرور الأنبوب من أراضيها.
وتعقدت العلاقات المغربية الجزائرية مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تعتبر الصحراء الغربية تابعة للمغرب في مقابل إقدام الرباط على تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية.
وسدد إقفال السفارة المغربية في الجزائر، ردا على القرار الجزائري، وترحيل العاملين فيها إلى بلدهم، ضربة موجعة للجالية المغربية في الجزائر، المؤلفة من رجال أعمال وتجار مقيمين فيها منذ عشرات السنين. كما يُخشى من اتخاذ الحكومتين خطوات جديدة تزيد من تعميق القطيعة، مثل وقف الرحلات الجوية، والتي كان انطلاقها في 1989 إحدى ثمار تأسيس الاتحاد المغاربي (يضم كلا من تونس وليبيا وموريتانيا، بالاضافة للجزائر والمغرب).
ويُقدر الخبراء الاقتصاديون المغانم التي كان في وسع البلدان الخمسة تحصيلها من قيام الاتحاد، بزيادة لا تقل عن خمس نقاط في نسبة النمو السنوي للبلدان الأعضاء.
والأرجح أن القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب ستضرب تجارة التهريب على الحدود المشتركة، وخاصة في منطقة وجدة شمال شرق المغرب، حيث تغض السلطات الطرف، في الجانبين، عن المبادلات التي تتم خارج القنوات الرسمية. ونتيجة لذلك فإن الأُسر التي تعتاش من شبكات التهريب ستواجه أوضاعا صعبة في الفترة المقبلة، مع غلق الأنبوب وارتفاع نسبة البطالة.
اختلالات بنيوية
ويشكل النفط والغاز حجر الزاوية في الاقتصاد الجزائري، الذي يُعاني من اختلالات بعضها بات هيكليا. وإزاء تنامي الاحتجاجات على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، غير الرئيس تبون في وقت سابق من العام الجاري، وزيري الطاقة والصناعة.
لكن تغيير الأشخاص من دون مراجعة السياسات لا يحل المشكلة، فقطاع الطاقة في الجزائر عانى، خلال السنوات الأخيرة، من صعوبات التصدير، وكذلك من نقص الاستثمار، إذ تراجعت إيرادات صادرات النفط والغاز العام الماضي، بنحو 30 في المئة، بحسب ما ذكر موقع «بلومبرغ». ورأت إيزابيل ويرنفيلز، الباحثة في «المركز الألماني للشؤون الدولية والأمنية» أن الخلافات القديمة حول الصحراء الغربية مازالت تشكل الخلفية السياسية للتدهور الأخير في العلاقات الثنائية. إلا أن العنصر الجديد هو التطبيع المغربي الإسرائيلي، الذي أغاض الجزائريين لأنهم اعتبروه موجها ضدهم. وأماطت قضية بيغاسوس اللثام عن قيام الدولة العبرية بالتجسس على حوالي 6000 شخصية في الجزائر انطلاقا من المغرب.
ومن غير المستبعد أن تعرض إسرائيل على المغرب الحلول محل الجزائر في تزويده بالغاز الطبيعي المستخرج من حقولها قبالة سواحل البحر المتوسط، ومن ثم تزويد إسبانيا أيضا بواسطة الأنبوب الجزائري.
وتُشير الخبيرة ويرنفيلز، المتخصصة في الشأن المغاربي، إلى أن كلا من الرباط والجزائر تسعى إلى إثبات أنها القوة الأولى في المنطقة، وقادتهما هذه المنافسة إلى سباق تسلح مُنهك لاقتصاديهما، ولا يبدو أن حدته ستخف مع قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وسبق للمغرب أن قطع علاقاته مع الجزائر العام 1976 بعد اعتراف الأخيرة بالجمهورية التي أعلنتها «جبهة البوليساريو» من جانب واحد. وأبصرت العلاقات مرحلة انفراج في أعقاب القمة المغاربية الأولى، في ضاحية زيرالدا بالجزائر، والتي مهدت لإنشاء اتحاد المغرب العربي في مراكش العام 1989. لكن الاتحاد تعثر بسبب الخلافات الجزائرية المغربية، ما أدى إلى غلق الحدود بين البلدين، في 16 آب/أغسطس 1994.
ويسعى المغاربة في ظل سوء العلاقات مع الجزائر ولتفادي هشاشة الاعتماد على رسوم عبور الأنبوب الجزائري، إلى إيجاد بدائل طاقية أخرى، من بينها الطاقات المتجددة. وتأثر المغرب بالتجربة الفرنسية في هذا المجال، بعدما تقدمت الطاقة البيوحرارية إلى الرتبة الأولى بين مصادر الطاقة في فرنسا، قبل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وأعلن وزير الطاقة والمناجم والبيئة المغربي أخيرا أن وزارته تعدُ حاليا خارطة طريق للتقليل من الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية والتركيز على الطاقات الجديدة والمتجددة. وترمي خارطة الطريق إلى الترفيع من حصة الطاقات المتجددة إلى 52 في المئة من حاجات البلد.
وبحسب تقديرات مغربية ستُتيح استراتيجيا إقامة محطات بيوحرارية لإنتاج الطاقة، تزويد الشبكة الكهربائية بنحو 13.4 مليون ميغاويت إضافية سنويا. وسيعتمد المغاربة في إنتاج تلك الطاقة البديلة على القطاع الزراعي والغابات والنفايات الصلبة والمياه المستعملة.
عبء ثقيل
في المقابل يقول الخبراء إن توسعة الأنبوب العابر للمتوسط سيحتاج من الجزائر إلى استثمار لا يقل عن 280 مليون يورو، وهو عبء ثقيل بالنظر للضائقة التي تسبب بها تراجع الصادرات من النفط. كما أن إسبانيا قد لا تكون عازمة على تجديد التعاقد مع الجزائر، بعدما باشرت تنويع مصادر التزوُد بالغاز، واتجهت في هذا الإطار إلى الولايات المتحدة، من بين مزودين آخرين.
أما المغرب فعلق على القرار الذي يبدو أن الجزائر على وشك اتخاذه، والذي أعلنه وزير نفطها للسفير الإسباني، بأنه ليس في حاجة للأنبوب ولا لرسوم العبور. أكثر من ذلك حذرت الرباط بشكل غير مباشر من أن امتناع الجزائر عن تجديد العقد من جانب واحد سيجعل البنية الأساسية في الجانب المغربي من الأنبوب، أي أكثر من 500 كلم من القنوات، ملكا للدولة المغربية. وقد يعرض المغاربة على إسبانيا تزويدها بالغاز الطبيعي من حقل تاندرارة الغازي القريب من مسار الأنبوب الحالي، والذي تستثمره مجموعة «ساوند إينرجي».
مع ذلك تشير تقارير اقتصادية إلى أن المغرب عانى من تداعيات جائحة «كوفيد-19» التي عطلت عجلة الاقتصاد المحلي، ولكن أيضا من انعكاسات الجائحة في اقتصادات شركاء المغرب التجاريين الرئيسيين وهم فرنسا وإسبانيا وإيطاليا. وتستأثر بلدان الاتحاد الأوروبي بأكثر من 60 في المئة من مبادلات المغرب التجارية مع العالم. لذلك يخشى المغاربة من تداعيات تباطؤ عجلة الاقتصاد في أوروبا على أوضاعهم الاقتصادية. كما أن الاحتباس الحراري أضر أيضا بقطاع الزراعة المحلي، إذ تراجعت محاصيل البلد من القموح الشتائية بنحو 20 في المئة قياسا على متوسط المحاصيل الشتائية في الأعوام الماضية.
في السياق أفاد بنك المغرب بأن وتيرة النمو السنوي للكتلة النقدية تراجعت إلى 6.9 في المئة في تموز/يوليو الماضي، في مقابل 7.4 في المئة في الشهر السابق. وأوضح بنك المغرب، في مذكرة حول المؤشرات الرئيسة للإحصاءات النقدية لشهر حزيران/يوليو، أن هذا المؤشر يعكس تراجعا في التداول النقدي بـ 3.3 في المئة بعد 4.3 في المئة، واستقرارا في نمو الودائع تحت الطلب لدى المصارف التجارية المحلية عند نسبة 8.5 في المئة.
نقطة عبور بين الشمال والجنوب
مع ذلك نجح المغاربة في تحويل بلدهم إلى نقطة عبور بين شمال القارة الأفريقية وجنوبها. وبالرغم من تلك المصاعب، تُفكر شركات ومجموعات اقتصادية أوروبية بنقل مصانعها إلى المغرب، نتيجة الجائحة الاقتصادية التي تعاني من مضاعفاتها في بلدانها، وللاستفادة من الرواتب الزهيدة في بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط.
ووضع المغرب استثمارات كبيرة في القطاع الصناعي، من بينها تجميع السيارات، الذي يعتمد على تدني مستوى الرواتب قياسا على البلدان الأوروبية، ما شجع مجموعات صناعية فرنسية على إقامة مصانع في المغرب، بالنظر لقربه من الأسواق الكبرى. وتُظهر الإحصاءات أن إيرادات تصدير السيارات تجاوزت إيرادات البلد من الفوسفات في بعض السنوات. كما استثمر المغاربة في البنية الأساسية وفي النقل، فكان القطار الرابط بين الدار البيضاء وطنجة أول قطار سريع في أفريقيا، وهناك خطة لتمديده إلى أغادير جنوبا وميناء طنجة شمالا.
إلا أن التحدي الذي يتكرر الحديث عنه في غالبية التحاليل الأكاديمية الخاصة بمستقبل المغرب، ولاسيما خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، فيتمثل بتفاقم التفاوت الاجتماعي في البلد، ما يستدعي بحسب الخبراء العمل من أجل تحقيق استقرار ينبني على معاودة توزيع ثمار التنمية الاقتصادية. ويؤكد جان توماس لوسيور الباحث في معهد توماس مور الفرنسي البلجيكي، أن مسألة معاودة تقاسم إيرادات التنمية تشكل ضرورة من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
وكانت المؤسسات الإنتاجية المغربية الصغيرة هي الأكثر تضررا من الجائحة، بدءا من سُواق التاكسي إلى محلات الملابس والأحذية إلى ورشات المشغولات التقليدية.
على هذه الخلفية الاقتصادية والاجتماعية المُتضعضعة، تحرك مثقفون جزائريون ومغاربة معا، سعيا لرأب الصدع بين البلدين الغريمين. وقد وقع مئات المثقفين من البلدين بيانا أطلقوا عليه عنوان «نداء إلى العقل» للمطالبة بوقف التصعيد و«توطيد أواصر المحبة والتعاون لبناء الغد المشترك». وحذروا من الانزلاق إلى «مواجهة غير طبيعية وتتنافى مع مصالح الشعبين والمنطقة». فهل يقدر نداء من مثقفين بعيدين عن مركز القرار السياسي، أن يوقف تدحرج الأزمة؟ وهل يستمع صناع القرار هنا وهناك إلى أصوات المثقفين ويُراجعون خيار الصراع المستمر منذ نحو ستين عاما، أي منذ استقلال الجزائر، الذي اندلعت بعده «حرب الرمال» بين المغرب والجمهورية الفتية؟
زيارة «ترطيب الأجواء» أجلت فتح الملفات الساخنة بين تونس وليبيا
رشيد خشـــانة – نفى الليبيون ما تردد أخيرا من أن مئات الإرهابيين التونسيين موجودون حاليا في قاعدة الوطية الليبية، استعدادا لتنفيذ عمليات في بلدهم.
بددت الزيارة التي أداها رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة إلى تونس الخميس الأجواء القاتمة، التي أحاطت بالعلاقات الثنائية طيلة الأسابيع الماضية. إلا أنها لم تُتوج بأية إجراءات من شأنها معاودة فتح الحدود واستئناف حركة التجارة والمسافرين بين البلدين. مع ذلك تبقى تونس، في ظل وجود أزمات تُسمم العلاقات المغاربية، وخاصة بين الجزائر والمغرب، رئة التنفس الرئيسة لليبيين اجتماعيا واقتصاديا، وهو ما يُفسر المُطالبات المُلحة بإلغاء قرار غلق الحدود.
أتى القرار في أعقاب تصريحات منسوبة للدبيبة تتهم تونس بتصدير الإرهاب، وهي تصريحات نفاها رئيس الحكومة الليبية بشدة، لا بل وأكد في جلسة لمجلس النواب الليبي بطبرق الأربعاء، أن تونس وليبيا «شعب واحد في دولتين». ويُعتبر ملف مكافحة الإرهاب حساسا، بالنظر لعدد الشبان التونسيين الذين سافروا إلى ليبيا، بعد ثورة 2011 وتلقوا تدريبات في معسكرات تابعة لميليشيات ليبية خارجة عن الدولة، قبل أن يعود بعضهم لتنفيذ عمليات إرهابية في تونس. إلا أن الليبيين نفوا ما تردد أخيرا من أن مئات الإرهابيين التونسيين موجودون حاليا في قاعدة الوطية الليبية، استعدادا لتنفيذ عمليات في بلدهم.
وبدا أن الجدل في الموضوع انتهى مع زيارة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش أواخر الشهر الماضي إلى تونس. لكن لم تُفتح الحدود مجددا، ما أدى إلى تجميد شريان التواصل بين البلدين، فقد ظلت 450 سيارة إسعاف مُتوقفة في المعبر الحدودي راس جدير، إلى جانب 400 شاحنة تحمل صادرات تونسية متجهة إلى السوق الليبية، ما يشكل مخاطر على صحة المرضى ويُسبب خسارة فادحة لمصانع تونسية في قطاعات مختلفة. وتشير إحصاءات غرفة الصناعة والتجارة التونسية الليبية إلى أن ليبيا كانت الشريك التجاري الأول، لتونس في العالم العربي، غير أنها فقدت هذه الرتبة بسبب تكرار غلق الحدود المشتركة وتداعيات جائحة كوفيد 19.
وتتسم العلاقات التونسية الليبية بخصائص فريدة، ظهر عمقها في ظروف المحن والعسر، إذ وجد التونسيون دعما ماليا من ليبيا في الفترات الحرجة التي عاشوها في السنوات الأخيرة، من ذلك أن الحكومة الليبية وضعت في العام 2019، وديعة بـ500 مليون دولار، في المصرف المركزي التونسي، في عهد رئيس الوزراء السابق فائز السراج. وجدد الليبيون الوديعة في مطلع العام الجاري لمدة 18 شهرا إضافية. كما أسدى مصرف ليبيا المركزي توجيهات للمصارف التجارية المحلية بتيسير فتح اعتمادات وحسابات مصرفية للصادرات التونسية التي تصل برا عبر بوابة راس جدير.
ويسعى التونسيون إلى إحياء الاتفاقية الثنائية الخاصة بإنشاء منطقة للتبادل الحر في مدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا، والتي تم التوقيع عليها العام 2001 في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ودخلت مجال التنفيذ في العام التالي. وقضت الاتفاقية بإلغاء جميع الرسوم على المنتجات المُصدرة من أحد البلدين إلى البلد الثاني.
ويعتقد الخبراء أن نهاية الصراع وانطلاق مرحلة معاودة البناء سيُمكنان المقاولات التونسية من المساهمة في مشاريع إعادة الإعمار، واستعادة المكانة التي كانت تشغلها في السوق الليبية قبل انتفاضة 2011 بالرغم من المنافسة التركية والروسية وأوروبية.
ويتوقف ذلك على مدى تنفيذ خريطة الطريق المُنبثقة من مؤتمر برلين (2020) التي تقضي بإجراء انتخابات مزدوجة في الرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل، تستند على مرجعية دستورية وقانون انتخابي. لكن حدث نوع من التسابق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في إعداد قانون الانتخابات، ففيما أعلن رئيس مجلس الدولة خالد المشري من روما أن المجلس على وشك إعداد قانون للانتخابات، ناقش أعضاء مجلس النواب على مدى عدة جلسات مشروع قانون انتخابي، يشمل خاصة انتخاب رئيس الدولة وتحديد اختصاصاته، وكذلك الشروط الواجب توافُّرها في المرشح للمنصب، والتي منها أن يكون ليبيًا مسلمًا، لا يحمل جنسية أخرى، وأن يتمتع بحقوقه المدنية ولم تصدر ضده أي أحكام مخلة بالشرف.
كما حدَّد القانون، الصادر عن مجلس النواب تحت الرقم 1 للعام 2021 صلاحيات الرئيس، ومنها تمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية، واختيار رئيس الوزراء، وتكليفه بتشكيل الحكومة وإقالته. كما يختار نائبًا لرئيس الدولة على أن يكون النائب ورئيس الوزراء من غير الإقليم الذي ينتمي إليه الرئيس، وعلى أن يكون كل منهما من كل إقليم من الأقاليم الأخرى. وتشمل سلطات الرئيس القيام بمهام القائد الأعلى للجيش، وتعيين رئيس جهاز المخابرات العامة، بعد موافقة مجلس النواب، وإقالته، وكذلك تعيين السفراء وممثلي ليبيا لدى المنظمات الدولية، بناء على اقتراح من وزير الخارجية وعرض مجلس الوزراء.
نظام رئاسي خالص
بهذه الملامح والصلاحيات يمكن القول إن ليبيا تتجه إلى نظام رئاسي بحت، إذ أن الرئيس هو الذي يُسمي رئيس الحكومة ويعزله، وبالتالي لن تكون الحكومة منبثقة من البرلمان، ولن تكون مسؤولة أمامه، كما أنه هو من يُعين نائب رئيس الجمهورية، ولن يكون نائبا منتخبا، مثلما هو الشأن في قوانين انتخابية مماثلة. وجرت مناقشات دقيقة في مجلس النواب بخصوص هذا القانون، بما فيه الشروط الخاصة بالترشح، إذ اقترح بعض الأعضاء إلغاء بند التزكية، وهو رأي قوبل بالرفض من الأعضاء الآخرين، الذين حضوا على زيادة عدد الناخبين المطلوبين لأجل التزكية، فيما اقترح نواب آخرون إجراء الانتخابات الرئاسية بناء على نظام القائمة، أي أن يُنتخب رئيس الدولة ونائبه ورئيس الوزراء معًا في قائمة واحدة.
ودعا بعض النواب إلى إجراء الانتخابات الرئاسية على أساس الدوائر الانتخابية الثلاث، في الغرب (طرابلس) والشرق (برقة) والجنوب (فزان)، فيما شدد نواب آخرون على ضرورة استكمال توحيد المؤسسة العسكرية باعتباره شرطا أساسيا لإنجاح الانتخابات.
تحذير من الحكم الفردي
أما المسألة التي أثارت نقاشا ساخنا في البرلمان، فهي الصلاحيات التي ستُمنح لرئيس الدولة، فقد اقترح بعض النواب منحه صلاحيات واسعة من بينها حل البرلمان والحكومة، فيما حذر آخرون من مخاطر التوسع في الصلاحيات، لأنه قد يؤدي إلى العودة إلى الحكم الفردي.
وفي أعقاب ذلك الجدل تم اعتماد النسخة النهائية، ولم يُعرف محتواها الكامل، إلا أن المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب فتحي المريمي، صرَّح بأن المجلس أرسل القانون رقم 1 للعام 2021 الخاص بانتخاب رئيس الدولة وتحديد صلاحياته إلى المفوضية العليا للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة للدعم لدى ليبيا وكل جهات الاختصاص الليبية.
مُخرجات اجتماع الجزائر
إلى هذه الجهود الرامية للاستعداد سياسيا وقانونيا للانتخابات، تستمر المحاولات الرامية لإقناع الدول التي لديها مرتزقة أو عسكريون نظاميون في الأراضي الليبية، بضرورة سحبها، وإن تدريجيا، قبل إجراء الانتخابات. وفي هذا الإطار برزت الدبلوماسية الجزائرية بمساعيها للتعريف بمخرجات اجتماع دول الجوار الليبي الأخير في العاصمة الجزائرية.
وطار وزير الخارجية رمطان العمامرة إلى كل من موريتانيا والنيجر ومصر، حيث دعا في اجتماعات مجلس الجامعة العربية إلى اعتماد «منهج عمل عربي مشترك، يعتمد على أسس مستحدثة» في حل الأزمة الليبية. وتابع العمامرة جولته الأفريقية المخصصة للملف الليبي، بزيارة الكونغو الديمقراطية، من أجل اللقاء مع الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي. ويختتم جولته في الكونغو برازافيل، التي تترأس اللجنة رفيعة المستوى حول ليبيا، بُغية مناقشة مخرجات اجتماع الجزائر وسبل تنفيذها.
وتتقاطع الجهود الجزائرية مع المساعي التي يبذلها الاتحاد الأوروبي للمساعدة في تحقيق الحل السياسي في ليبيا، وهي الرسالة التي حملها وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل، خلال زيارته ليبيا الأربعاء. وأبدى بورال تأييد الدول الأوروبية لـ»مشروع المصالحة الوطنية الشاملة» الذي تقدم به رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في أعقاب الإفراج عن الساعدي القذّافي نجل معمر القذافي ومسؤولين آخرين من رموز النظام السابق.
وأكد المنفي أن المصالحة يجب أن تكون مسارا «يحدّده ويقوده الليبيون» لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة المحاسبة عن انتهاكات القانون الدولي والاعتداءات على حقوق الإنسان، التي تبقى أولوية سياسية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، على ما قال.
وتطرق بوريل في محادثاته مع الليبيين إلى مسألتين تستأثران باهتمام خاص لدى الأوروبيين، الأولى هي سحب جميع القوات الأجنبية المنتشرة في ليبيا، وأفاد أن الاتحاد الأوروبي يقوم باتصالات مع الدول المنخرطة عسكريا في الداخل الليبي. أما المسألة الثانية التي أكد عليها الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فهي طلب المساعدة في احتواء الهجرة غير النظامية. ويمكن القول إنه لم يحصل في هذا المضمار على تعهدات جديدة من البلدان المعنية التي ترفض أن تكون حارسة للسواحل الجنوبية لأوروبا.
هذا الموقف الأوروبي من المصالحة والمحاسبة، ليس بعيدا عن الموقف الأمريكي، إذ قال ممثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في ليبيا جون بينيل، إنه لا يرى سببا تقنيا لعدم إجراء الانتخابات الليبية في موعدها، مؤكدا أن «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات جاهزة، والشعب الليبي جاهز، والمجتمع الدولي جاهز».
في هذه الأجواء التفاؤلية أسقط في أيدي كثير من الليبيين والتونسيين بعد صدور بيان إعلامي في ختام لقاء الرئيس سعيد ورئيس الحكومة الليبية المؤقتة الدبيبة، أظهر أن اللقاء لم يُسفر عن إجراءات عملية لمعاودة فتح الحدود، وتسوية كافة القضايا العالقة لتيسير تدفق الأشخاص والسلع عبر الحدود في الاتجاهين. واكتفى بيان نُشر على صفحة الرئاسة التونسية بالقول إن الجانبين اتفقا على إعداد بروتوكول موحد لعودة الحركة عبر الحدود البرية واستئناف الرحلات الجوية بين البلدين في أقرب وقت، من دون تحديد سقف زمني لاستئناف الحركة عبر البوابتين.
ولم يتطرق الوفد الزائر، على ما يبدو من التصريحات الشحيحة، إلى الملفات التي تُسمم العلاقات الثنائية بين الفينة والأخرى، فأهدر الجانبان فرصة أخرى لطي صفحة الخلافات وبناء شراكة طويلة المدى تكون مفيدة للطرفين.
عضو بملتقى الحوار الليبي ينسحب احتجاجا على “قانون انتخاب الرئيس”
أعلن عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، عبد الرزاق العرادي، السبت، انسحابه من الملتقى (75 عضوا، تأسس أوائل 2021) احتجاجا ورفضا لمحاولات تمرير قانون انتخاب رئيس البلاد الذي اعتمده رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
جاء ذلك في رسالة وجهها العرادي إلى مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا يان كوبيش، قال فيها: “إن إحاطتكم أمس (الجمعة) لمجلس الأمن تعد دعما لقانون عقيلة صالح (في إشارة لقانون انتخاب الرئيس) المنعدم الصادر بشكل أحادي متجاوزا بذلك الإعلان الدستوري وتعديلاته والاتفاق السياسي والنظام الداخلي لمجلس النواب”.
وأضاف أن “عدم الالتزام بالاتفاق السياسي الذي وقعت عليه الأمم المتحدة يعيدنا تلقائيا إلى حالة الانقسام السياسي وتعدد الأجسام التشريعية المتنافسة”.
واعتبر العرادي أن “حل النزاع الليبي لا يكون إلا عبر سيطرة طرف على كامل التراب الليبي والوصول إلى حل بمقتضى الوثائق الدستورية النافذة والوصول إلى حل من خلال تسوية سياسية جديدة”.
وأردف: “القانون المعيب (لم يذكر تفاصيله) سيعيدنا مرة أخرى إلى الانقسام الداخلي والخارجي ولربما قد نجد أنفسنا أمام حرب جديدة لا قدر الله”.
والجمعة، قال كوبيش خلال جلسة لمجلس الأمن حول ليبيا عقدت في مقره بنيويورك، إن “مجلس النواب الليبي بصدد الانتهاء من القوانين الانتخابية لكل من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية”.
وأردف كوبيش: “أعلمني رئيس مجلس النواب السيد عقيلة صالح أن قانون الانتخابات الرئاسية قد تم اعتماده بالفعل باعتباره القانون رقم 1 لسنة 2021 بينما يمكن تنظيم الانتخابات النيابية بناء على القانون الحالي مع احتمال إدخال تعديلات يمكن الموافقة عليها خلال الأسبوعين المقبلين”.
وتشهد ليبيا، منذ أشهر انفراجا سياسيا برعاية الأمم المتحدة، ففي 16 مارس/ آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر المقبل.
الجزائر والمغرب يتجاذبان الملف الليبي
رشيد خشـــانة – اجتماع الجزائر بداية لاستعادة زمام الأمور من الأطراف الدولية، التي كانت تدعو إلى اجتماعات ومؤتمرات في باريس وباليرمو وجنيف، بعيدا عن الداخل الليبي، وما يتفاعل فيه.
قبل أن يجف حبر البيان الختامي لمؤتمر دول جوار ليبيا في الجزائر، الثلاثاء الماضي، وجهت الرباط دعوة رسمية لرئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح لزيارة المغرب، في حركة تكشف، بشكل أوضح من ذي قبل، أن المنافسة بين البلدين الغريمين وصلت إلى الملف الليبي.
ومثلما كان مؤتمر الجزائر إطارا للبحث في خطة عملية لإخراج القوات الأجنبية من ليبيا، وفرض الاستقرار، ركز وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة محادثاته مع صالح الخميس في الرباط، على «الوسائل الكفيلة بإنهاء الأزمة الليبية ورفع العراقيل من طريق إجراء الانتخابات العامة» المقررة للرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل.
غير أن زيارة عقيلة إلى الرباط، الخميس، أتاحت له، مثلما خطط مُضيفوه على الأرجح، الاجتماع مع شخصيات سياسية ليبية مقيمة في المغرب، سعيا لبلورة رؤية مشتركة للحل السياسي في ليبيا بمساعدة المغرب، الذي سبق أن استضاف حوارات الصخيرات، العام 2015 والتي انبثقت منها حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، والمجلس الرئاسي السابق، قبل تجديد أعضائه في شباط/فبراير الماضي. وكان واضحا من تصريحات بوريطة أن المغرب يعتزم استضافة حوارات ليبية ليبية «للتغلب على الصعوبات التي تقف أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية» مثلما أورد الإعلام المغربي.
ويمكن القول إن الرباط تحرص على تجميع الفرقاء الليبيين تحت خيمتها، وهو ما لم تتمكن الجزائر من اجتراحه بسبب الاضطرابات الداخلية التي عرفتها في أواخر عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وبدايات خلفه عبد المجيد تبون على رأس الدولة. أما المغرب فاستضاف خمس جولات من الحوار بين أعضاء مجلسي النواب والدولة. إلى ذلك أجرى صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في 25 يونيو/حزيران الماضي، مباحثات بشكل منفصل، مع كل من رئيس مجلس النواب المغربي حبيب المالكي ورئيس مجلس المستشارين عبد الحكيم بنشماس، ووزير الخارجية بوريطة. وفي الشهر نفسه، أجرى رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبدالحميد الدبيبة، أول زيارة رسمية إلى الرباط بعد اعتلائه سدة رئاسة الوزراء، في شباط/فبراير الماضي.
تأتي هذه الحركة بعد تزايد اهتمام دول الجوار بالتوصل إلى حل سياسي يُنهي حربا أهلية مستمرة منذ العام 2014 خاصة أن الصراع الدولي في ليبيا وعليها انعكسا سلبا في الأوضاع الأمنية للجوار. لذا لاقت دعوة الجزائر إلى الاجتماع التشاوري، تجاوبا سريعا من دول الجوار، التي كانت تُدعى في أفضل الأحوال إلى مقاعد المشاهدين في المؤتمرات الدولية حول ليبيا.
غير أن المغاربة لم يتحملوا إقصاءهم من اجتماع الجزائر، وهم الذين ساهموا في وضع الملف الليبي على سكة الحل السياسي، من خلال خمس جولات من الحوارات الليبية الليبية في الصخيرات. وهل يُعقل أن الكونغو، على سبيل المثال، أقرب للملف الليبي من المغرب؟
بهذا المعنى بدت زيارة عقيلة صالح للرباط نوعا من الرد على اجتماع الجزائر، وكأن المغاربة أرادوا أن يقولوا لرعاة الحل الدوليين والاقليميين إن لديهم أوراقا ما زالت صالحة للدفع باتجاه الحل، بالرغم من أن المغرب لا يمثل أحد بلدان الجوار المباشر لليبيا.
تكامل جزائري مغربي؟
كيفما كانت مآلات الخلاف الجزائري المغربي حول المسائل القديمة، وخاصة الصحراء، فالثابت أن دوريهما يتكاملان في حقيقة الأمر. ومن الواضح أن الليبيين تخلصوا من هذه الثنائية بدعوتهم إلى مؤتمر أشمل من اجتماع الجزائر التشاوري، المُزمع عقده أواخر هذا الشهر أو مطالع الشهر المقبل، في ليبيا هذه المرة. ومن هنا يمكن اعتبار اجتماع الجزائر بداية لاستعادة زمام الأمور من الأطراف الدولية، التي كانت تدعو إلى اجتماعات ومؤتمرات في باريس وباليرمو وجنيف، بعيدا عن الداخل الليبي، وما يتفاعل في صُلبه من تطورات ومبادرات.
وما يؤمله الليبيون، الذين ضجروا من ويلات الحرب، هو أن توضع التوصيات الصادرة عن اجتماع الجزائر موضع الاختبار في ملف أساسي يتعلق بالسحب التدريجي للمرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، إذ دعا المجتمعون في بيانهم الختامي إلى التنسيق مع دول الجوار لوضع آلية عملية لسحب المرتزقة، وإن اكتفوا بالتنديد باستمرار تدفق الأسلحة والمرتزقة على التشكيلات الخارجة عن القانون، ولم يتخذوا في شأنه إجراءات عملية.
مع ذلك، أعلنت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، أن الاجتماع توصل إلى اتفاق على ثلاث نقاط مهمة، أولها تفعيل الاتفاقية الرباعية بين ليبيا ودول الجوار لتأمين الحدود المشتركة، وثانيتها الاتفاق على خطة مرحلية لسحب المرتزقة، أما الثالثة فهي دعوة اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 إلى التنسيق مع دول الجوار، لوضع آليات عملية لتنفيذ تلك الخطة.
لكن هذه المخرجات تبدو طوباوية إذ أن دول الجوار الليبي، من جهة الساحل والصحراء، غير قادرة على ضبط حدودها والقضاء على شبكات الإجرام والتهريب، التي تتنقل على أراضيها منذ سنوات بلا رقيب أو ضابط. وعليه سيكون من الصعوبة بمكان أن تكون تلك الدول في وضع القادر على تقديم العون للسلطات الشرعية الليبية، من أجل إحكام السيطرة على حدودها الجنوبية، بينما مازالت الاشتباكات تندلع في طرابلس نفسها بين الأجسام المسلحة.
قتال في طرابلس
وما حدث أخيرا في منطقة صلاح الدين من اشتباكات مسلحة بين فصيلين متنافسين يؤكد أن قبضة الدولة مرتخية، وهي غير قادرة على فرض الانضباط على الميليشيات التي تحمي الحكومة. ودفعت الاشتباكات الأخيرة بين مجموعة تتبع ما يُعرف بـ»جهاز دعم الاستقرار» وثانية تتبع كتيبة «لنواصي» بعثة الأمم المتحدة إلى التعبير عن قلقها البالغ إزاء استمرار الاشتباكات، بما في ذلك إطلاق النار عشوائيا، في حي من طرابلس مكتظ بالسكان. وأدى تبادل إطلاق النار إلى سقوط ضحايا بينهم قتلى من الجانبين.
وحضت البعثة الأممية أيضا على الشروع «بشكل شامل ومفصل» في عملية نزع السلاح وتسريح المسلحين ومعاودة إدماجهم، إلى جانب إصلاح قطاع الأمن بهدف وضع جميع الأسلحة تحت سيطرة الدولة.
وسياسيا أتى الاقتراح الأمريكي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في كانون الأول/ديسمبر، مع دورة ثانية من الرئاسية في خريف 2022 ليعكس الأهمية التي بات الأمريكيون يولونها لتسوية الأزمة الليبية سلما، واستطرادا ضبط الأوضاع الأمنية المُنفلتة في منطقة الساحل والصحراء، حيث لجأت كثير من التنظيمات الإرهابية، بما فيها «القاعدة» و»داعش». ويدل تقديم أمريكا الاقتراح بمفردها، على أن الأمور ليست على ما يُرام مع الحلفاء الغربيين، وخاصة فرنسا وإيطاليا، اللتان عقدتا عدة لقاءات ومؤتمرات حول الأزمة في ليبيا، لكنها ظلت عقيمة وأقرب إلى العلاقات العامة منها إلى الدراسة الجادة لملف الحرب في ليبيا.
وبحسب نشرة «أفريكا ريبورت» يرمي المقترح الأمريكي إلى «إنقاذ خريطة الطريق» المُفضية للانتخابات العامة، والتي ترفضها الحكومة المؤقتة ومجموعات ليبية خارج الدولة، بحسب النشرة.
وفي تفاصيل الاقتراح يحض الأمريكيون على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في الميقات المحدد لها، على أن تُجرى دورة ثانية من الرئاسيات في الخامس من ايلول/سبتمبر 2022. لكن الفجوة عميقة بين التاريخين، ما يطرح عدة أسئلة حول الوضع القانوني الذي سيكون عليه الفائزان بالرتبتين الأولى والثانية في الاقتراع، وعلاقاتهما مع السلطات التنفيذية والتشريعية القائمة. ويزداد الغموض مع النوايا التي تنسب لرئيس الحكومة المؤقتة عبدالحميد الدبيبة الرغبة بالتمديد لحكومته، وربما ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية، مع أنه يؤكد في العلن التزامه بالميقات المُحدد للانتخابات في خارطة الطريق، التي تحظر عليه المشاركة في أية منافسة انتخابية.
سيف الإسلام بين أمريكا وروسيا
ينطبق المنع أيضا، لكن لأسباب أخرى، على نجل الزعيم الراحل سيف الإسلام معمر القذافي، المطلوب للعدالة الليبية وللقضاء الدولي في آن معا. ولوحظ أن مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، عبر علنا عن رفض واشنطن ترشيح سيف الاسلام، مُعتبرا إياه «أحد مجرمي الحرب» وأنه يخضع لعقوبات أممية وأمريكية، في إشارة إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي طلبت مرات من السلطات الليبية توقيفه وتقديمه إلى العدالة.
ويُعزى هذا الموقف الأمريكي المتشدد إلى أن سيف الإسلام هو مرشح موسكو للانتخابات الرئاسية الليبية. وذهب موقع «بلومبيرغ» إلى التأكيد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضغط على اللواء المتقاعد خليفة حفتر لدعم ترشيح سيف الإسلام لرئاسة ليبيا، على أمل فتح أبواب الاستثمار والتجارة واسعة أمام الشركات الروسية.
تُلقي تلك الأوضاع بظلالها على الليبيين الذين باتت حياتهم أعسر وأعسر، مع تراجع قيمة الدينار إلى رُبع قيمته السابقة وارتفاع الأسعار وانقطاعات الكهرباء المتكررة لساعات طويلة، مع أن ليبيا مُنتج رئيس لمصادر الطاقة في أفريقيا. واعتمدت الأسر القادرة على مولدات خاصة، فيما ظلت بيوت الفئات الفقيرة والمعوزة بلا كهرباء أو بالنزر القليل منها.
وبالرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على الاطاحة بالنظام السابق، ما زالت ورشات إعادة البناء تشتغل ببطء بسبب عدم وضوح الرؤية، وانتشار الفساد.
وتُؤاخذ الحكومة لأنها لم تستطع إيجاد حلول وإن وقتيا، لهذه الظواهر، بينما تُنفق أموالا طائلة على تنفيذ مشاريع غير مؤكدة الجدوى. ويعتقد الخبراء أن هناك فرصة أمام حكومة الوحدة الوطنية للبت في ملفات الاستثمار العالقة والمحافظة على المال العام من التبذير والنهب. وإذا ما استطاعت تحقيق هذا الهدف، مع تأمين إجراء الانتخابات في التاريخ المحدد لها، تكون قد وضعت البلد على سكة السلام والاستقرار.
5 ملفات لـ”استجواب” حكومة الدبيبة بمجلس النواب: الميزانية وتوحيد المؤسسات وكورونا والسيولة والكهرباء
وجهت رئاسة مجلس النواب الليبي كتابا إلى حكومة الوحدة الوطنية تضمّن الملفات الرئيسية التي يعتزم النواب استجوابها حولها، وهي ملفات ميزانية الحكومة وتوحيد مؤسسات الدولة وجائحة كورونا والسيولة النقدية وأزمة الكهرباء.
وبعد جدل دار بين مجلس النواب والحكومة على خلفية دعوة مجلس النواب، الاثنين قبل الماضي، لاستجواب الحكومة حول “التقصير في عملها”، وسط رفض من جانب رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة الاستجابة للدعوة، بل واتهامه مجلس النواب بعرقلة حكومته “بشكل مستمر وواضح ومقصود، وأسباب التعطيل كلها واهية وغير صحيحة”، قرر مجلس النواب، الاثنين الماضي، تأجيل جلسة استجواب الحكومة إلى الثلاثاء المقبل.
وأوضح بيان مجلس النواب أن رئاسته كلفت اللجان التابعة للمجلس بإعداد نقاط الاستجواب “بناء على طلب رسمي من الحكومة”، وتحويلها لها قبل موعد الجلسة المقبلة.
ووفقا للكتاب الذي اطلع “العربي الجديد” عليه، فإن جلسة استجواب الحكومة ستتناول الملفات الخمسة متضمنة ملاحظات النواب حول عدم التزام الحكومة بملاحظات مجلس النواب بشأن مقترحها للميزانية، ومنها “إلغاء باب الطوارئ وتبويب الباب الثالث، ومعالجة الدين العام وفق القوانين المعمول بها”.
وفي الملف الثاني، أشار الكتاب إلى “فشل الحكومة في توحيد مؤسسات الدولة واستمرار الانقسام في بعض المؤسسات”، فيما انصبت الملاحظات في الملف الثالث حول “الإخفاق في ملف جائحة كورونا مع استمرار تزايد انتشار الوباء وتأخر التطعيمات، خاصة الجرعة الثانية، والعجز التام في مراكز الإيواء”.
أما في الملف الرابع، فلفت الكتاب إلى ضرورة معرفة أسباب استمرار أزمة السيولة، واستمرار “وقوف الليبيات والليبيين أمام المصارف لساعات طويلة”. وتمحورت الملاحظات في الملف الخامس حول “إخفاق الحكومة في ملف الكهرباء، وذلك من خلال استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة”، مشيرا إلى “وعود الحكومة الزائفة لحل أزمة الكهرباء ووجود تعاقدات مشبوهة وجهت إليها العديد من الانتقادات”.
كما تضمن الكتاب عدداً من ملاحظات لجان مجلس النواب، منها انتقاد لجنة الدفاع والأمن القومي عدم اعتراف الحكومة بـ”القوات المسلحة العربية الليبية كمؤسسة عسكرية نظامية”، في إشارة إلى مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وكذلك عدم تسميتها “ميزانية واضحة” لها.
تضمن الكتاب عدداً من ملاحظات لجان مجلس النواب
كذلك، طالبت لجنة الدفاع الحكومة بتوضيح أسباب عدم “تسمية وزير للدفاع رغم مطالبات لجنة (5+5) ومجلس النواب ولجنة الحوار”، وكذلك “إخراج كافة القوات الأجنبية من البلاد”، وموقفها من “وجود المرتزقة السوريين بشكل علني في العاصمة طرابلس”، من دون تساؤل اللجنة حول مرتزقة الفاغنر والجنجويد الموجودين في صفوف مليشيات حفتر.
تقارير عربية
خطوات محلية ودولية تدفع باتجاه انفراجة عسكرية في ليبيا
وعلى صعيد ملاحظات لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، فقد انتقدت “عدم تنسيق الحكومة معها ومع المجلس الرئاسي في عدد من الإجراءات المتعلقة بسياسات الدولة الخارجية”، واستغرابها “تفرد الحكومة بالإعلان عن عدد من البرامج دون عمل مجلس النواب، كإعلانها في مؤتمر برلين عن خطة لاستقرار ليبيا دون إحاطة مجلس النواب بهذه الخطة”، بالإضافة إلى “عدم سعيها لتسوية أوضاع المسافرين عبر المعابر الحدودية مع مصر وتونس”.
أما اللجنة المالية، فقد طالبت بتوضيح عدم تجاوب الحكومة مع ملاحظاتها على شكل مقترح الميزانية، كما ذكرت جملة من الملاحظات، من بينها الإعلان عن تخصيص مبالغ بالمليارات لصالح إنشاء صندوق للزواج ودعم الشباب، وزيادة رواتب المتقاعدين، قبل اعتماد الميزانية.
وأشارت ملاحظات اللجنة المالية إلى “عدم شرعية استناد الحكومة إلى بعض الاستثناءات التي يسمح بها القانون المالي للدولة بالصرف من الميزانية قبل اعتمادها”، كما انتقدت “استحداث الحكومة بنداً في جدول مقترح الميزانية مخالفاً للقانون تحت مسمى “مصروفات سنوات سابقة” لوزارتي الصحة والدفاع، حيث يتعذر إنفاق هذه القيمة إلا بناء على التزامات تمت” من وزراء سابقين في الحكومات السابقة.
سيف الإسلام القذافي يقرر رسمياً الترشح لرئاسة ليبيا… وأمريكا ترفض بشكل صريح
أعلن موقع بوابة إفريقيا، المقرب من أنصار العقيد معمر القذافي، أن نجله المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية سيف الإسلام معمر القذافي، قرر رسمياً الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 24 كانون الأول/ ديسمبر، وقد أثار هذا الإعلان ردود فعل واسعة.
وقال، نقلاً عن مصدر خاص، إن إعلان سيف الاسلام عن نيته الترشح للانتخابات جاء تزامناً مع ما يوصف بعيد الفاتح أو الذكرى 52 لانقلاب القذافي على الملك الراحل محمد إدريس السنوسي.
الصحيفة المقربة من عائلة القذافي، قالت في تصريحاتها إن سيف الإسلام، نجل العقيد الليبي، سيعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية رسمياً في وقت لاحق .
وقد نقلت الصحيفة أيضاً تأكيداً من مستشار اتحاد القبائل الليبية خالد الغويل، الذي قال إن سيف الإسلام القذافي ينوي بالفعل الترشح للانتخابات الرئاسية في ليبيا.
وقال، إن نجل القذافي سيترشح لرئاسة ليبيا، وهو ما أعلنه الفريق المتحدث باسمه منذ عام 2018 في مؤتمر صحافي انعقد في تونس.
وذكر الغويل بأن ترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات الرئاسية في ليبيا سبق وأن تم الإعلان عنه في تونس منذ نحو 3 سنوات، وهو ما أكده سيف الإسلام نفسه مؤخراً.
رفض أمريكي
وفور أن تداولت المواقع وصفحات التواصل الإجتماعي خبر إعلان سيف الإسلام القذافي رغبته في الترشح، توالت ردود الفعل بين المؤيدة والمعارضة، كان أبرزها رد دولي صريح من أمريكا على لسان مساعد وزير خارجيتها.
لقد أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، أن العالم لديه مشكلة في ترشُّح سيف الإسلام القذافي لانتخابات الرئاسة في ليبيا.
وقال، في تصريحات صحافية له على قناة الحرة الأمريكية، إن من يترشح للانتخابات الليبية أمر يقرره الشعب الليبي، لكن كل العالم لديه مشكلة بترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات الرئاسية، فهو أحد مجرمي الحرب، يخضع لعقوبات أممية وأمريكية، حسب حديثه الأربعاء .
تصريحات هود أكدت اختلاف الموقف الدولي تجاه نجل القذافي المطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية، وخاصة من الدول الكبرى كأمريكا وروسيا، اللتين تحملان مواقف مغايرة إحداهما للأخرى، حيث ترى روسيا في سيف الإسلام حاكماً مناسباً لليبيا وتضغط لتمرير ترشحه .
في 13 آب/ أغسطس، قالت وكالة بلومبرغ في تقرير نشرته، إن روسيا بقيادة رئيسها فلاديمير بوتين، تضغط على حفتر لدعم -منافسه في وقت ما- سيف الإسلام القذافي في الانتخابات الرئاسية.
وأضافت الوكالة في تقريرها، أن الرئيس فلاديمير بوتين يتحدى الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك القوة الإقليمية الصاعدة تركيا، في محاولة للارتقاء بنجل الديكتاتور السابق سيف الإسلام القذافي، وفقاً لثلاثة أشخاص في موسكو على دراية بالجهود، كما أوردت الوكالة.
أما عن الدول الداعمة لهذه الخطة، فقالت بلومبرغ إن روسيا واثقة من دعم مصر لخطتها، نقلاً عن شخصين مطلعين في موسكو، رغم وجود تلميحات في القاهرة بأن الوقت مبكّر لمصر لتقرر موقفها.
أما عن إيطاليا، فقالت الوكالة عن شخص وصفته بالمطلع في العاصمة الروسية، إن موسكو لديها أيضاً قبول ضمني من إيطاليا، التي كانت حتى الآن أقرب إلى حكومة طرابلس المنافسة، مقابل رفض من الإمارات ومعارضة من فرنسا للخطة.
أما عن تركيا فقالت الوكالة، نقلاً عن مسؤول وصفته بالكبير في أنقرة، إن تركيا تعتبر فكرة عودة القذافي “ليست ضمن نطاق الاحتمالات”، ويوافقها في ذلك -حسب بلومبرغ- المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا.
الأجسام الليبية
وفي إطار دعم البرلمان الليبي للواء المتقاعد خليفة حفتر، أوضح رئيس البرلمان الليبي وفي عدة تصريحات، رفضه القاطع لترشح سيف الإسلام القذافي للانتخابات الرئاسية، معتبراً ذلك مستبعداً لعدة اعتبارات.
وقال، بشكل صريح، أثناء مناقشته مع أعضاء مجلس النواب للقوانين الانتخابية، إن المجلس لن يقبل المطلوب لمحكمة الجنايات للدخول في السباق الانتخابي، في إشارة إلى سيف الإسلام القذافي، ويأتي هذا إلى جانب عدد من أعضاء البرلمان الموالين لمعسكر الشرق الذين شددوا بقوة على ضرورة استبعاد أي مطلوب للقضاء في جرائم، بعد أن استشعروا خطر ترشح سيف الإسلام على مترشحهم حفتر .ولكن سيف الإسلام القذافي قد بدأ فعلياً، ضمن إطار مناطق الجبل الغربي وسرت وبني وليد؛ أي المناطق التي تتوسط ليبيا، في حشد المؤيدين له من كتائب مسلحة ومواطنين، بل أظهرت مجموعة من مقاطع الفيديو قيام عدد من المواطنين بطباعة ملصقات لحملته الانتخابية.
كما أظهرت مجموعة من الصور ومواقع الفيديو التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في ذكرى انقلاب القذافي في الأول من سبتمبر، صوراً لاحتفالات مجموعة لا بأس بها من أهالي الجنوب الليبي والمناطق الوسطى، مطالبين بتنصيب نجله على رأس الحكم في ليبيا .
وكانت صحيفة تايمز اللندنية قد أجرت في المدة الماضية حواراً مع سيف الإسلام القذافي من مدينة الزنتان في ليبيا، ونقلت عنه أنه يخطط للعودة إلى الحياة العامة وينوي الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا
تعريف:
تأسس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا في جوان - يونيو 2015 في تونس، وهو أول مركز من نوعه يعمل بكل استقلالية من أجل تعميق المعرفة بليبيا في جميع المجالات والقطاعات، ويرفد بالمادة العلمية جهود المجتمع المدني في ليبيا لإقامة الحكم الرشيد، المبني على التعددية والتداول السلمي واحترام حقوق الإنسان . مؤسس المركز: الإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة يقوم المركز بنشر مقالات وأوراق بحثية بالعربية والأنكليزية والفرنسية، ويُقيم مؤتمرات وندوات علمية، وباكورة نشاطاته ندوة حول "إسهام المجتمع المدني في إعادة الاستقرار والانتقال الديمقراطي بليبيا" يومي 5 و6 أكتوبر 2015 بتونس العاصمة.
موقع "ليبيا الجديدة"
موقع إخباري وتحليلي يبث الأخبار السريعة والتقارير السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عن ليبيا، ديدنُه حق المواطن في الإعلام، ورائدُه التحري والدقة، وضالتُه الحقيقة، وأفقهُ المغرب العربي الكبير. يتبنى الموقع أهداف ثورة 17 فبراير ومبادئها السامية ويسعى للمساهمة في بناء ليبيا الجديدة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحكم الرشيد.