السبت 05 يوليو 2025 9 محرّم 1447

كل مقالات Farouk

ليبيا.. بعثة الاتحاد الأوروبي تباشر أعمالها من طرابلس

 

أعلن رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه ساباديل، الإثنين، افتتاح أبواب الوفد الأوروبي في العاصمة الليبية طرابلس من جديد.

وقال ساباديل، في تغريدة على “تويتر”: ” إنه تقدم هائل! سنتمكن من العمل بشكل مباشر وفعال مع السلطات الليبية والمجتمع المدني والشركاء”.

وتابع الحديث: “أنا شخصيا متحمس جدا لوجودي هناك مع فريقي على أساس دائم، وأتطلع إلى هذه المرحلة الجديدة” على حد تعبيره.

وتشهد ليبيا عدة زيارات أوروبية متوالية رفيعة المستوى عقب تشكيل السلطة الجديدة ممثلة في حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي.

واختار ملتقى الحوار الليبي، في 5 فبراير الماضي، سلطة جديدة على رأسها محمد المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي، وعبد الحميد الدبيبة رئيسا للوزراء.

وباشرت عدة سفارات أوروبية وعربية أعمالها من داخل العاصمة الليبية طرابلس، على رأسها السفارة الفرنسية، والسفارة المصرية، في دلالة على تحسن الأوضاع.

ودعت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، في وقت سابق، سفارات دول العالم لمباشرة أعمالها من داخل الأراضي الليبية، مؤكدة جاهزية الجهات الأمنية لتأمين كل البعثات الدبلوماسية.

وتسعى السلطة الموحدة المؤقتة في ليبيا؛ لمعالجة عدد من الحاجات الملحة، أبرزها الملف الأمني، والاقتصادي، وإنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر بـ 24 ديسمبر المقبل.

تزايد الاهتمام الأمريكي بليبيا ومؤتمر برلين ثان الشهر المقبل

 

رشيد خشـــانة – بات موضوع الانتخابات وحل الميليشيات وسحب القوات الأجنبية على جدول الأعمال الدولي، وأحد مصادر الخلاف بين الفرقاء الليبيين.

انطلقت ليبيا في عملية إعادة الإعمار، التي ستشمل المدن الرئيسية، بعدما لحقتها أضرار جسيمة نتيجة الحرب الأهلية، التي استمرت سنوات، وكذلك جراء القصف المنهجي، الذي نفذه الحلف الأطلسي في 2011 مُستهدفا أساسا البنية التحتية. وقررت حكومة الوحدة الوطنية إنشاء صندوق سيادي بذمة مالية مستقلة، خاص بإعادة إعمار جنوب طرابلس وبنغازي ودرنة بشكل متزامن.
وقُدرت كلفة إعادة إعمار طرابلس بمليار دينار ليبي (223 مليون دولار) فيما سيُخصص مليار و500 مليون دينار (335 مليون دولار) لمدينتي بنغازي ودرنة في الشرق الليبي. وكانت أحياء طرابلس الجنوبية والشرقية هدفا لحملة عسكرية عنيفة قادها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، بين الرابع من نيسان/أبريل 2019 والثالث والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ما أدى إلى تدمير أحياء سكنية والإضرار بالبنية التحتية.
وفي خط مواز بدأ تنفيذ المرحلة الأولى من إعادة إعمار مطار طرابلس الدولي، الذي تعرض للتدمير في معارك بين ميليشيات الزنتان وطرابلس العام 2014 فتم تحويل الرحلات الجوية إلى مطار معيتيقة العسكري منذ ذلك التاريخ. وستقوم الهندسة العسكرية، في مرحلة أولى، بإجراء مسح شامل لأرض المطار، من أجل الكشف عن المتفجرات والألغام، تمهيدا لإعطاء الاذن من وزارة المواصلات لشركات البناء، لاستئناف تنفيذ العقود المبرمة مع الجهات المعنية بإعادة إعمار المطار.
وتتمثل إعادة الإعمار، بحسب مصادر حكومة الوحدة الوطنية، في إنشاء محطة للمسافرين وصيانة المهبط وساحة وقوف الطائرات وصيانة وتجهيز برج المراقبة الجوية وباقي المشاريع اللازمة لتشغيل المطار. غير أن عدة مخاوف ترافق هذه العملية، جراء الفساد الذي طبع صفقات إعادة الإعمار، وما زال يطبعها، ما تطلب إجراءات استثنائية لتعزيز الرقابة المالية ومنع اللجوء إلى إعطاء الرشى. وسيتولى الصندوق السيادي تأسيس ضوابط التعويض للمتضررين وآلية تنفيذها وسدادها، كما سيقوم باقتراح وسائل بديلة للتعويض النقدي «على أن يتم عرضها على مجلس رئاسة الوزراء لاعتمادها في وقت لاحق» بحسب المصادر الحكومية.
ويُعزى اللجوء لهذه الاجراءات الرقابية إلى الاتعاظ من تجربة ما سُمي بـ»لجنة إعادة الاستقرار» في بنغازي (تأسست في اذار/مارس 2019) التي عُهد لها بتنفيذ مشاريع عدة في وسط المدينة وضواحيها، لكن بعد مرور عاميْن لم تر النور سوى بعض المشاريع في منطقة الكرنيش، على الواجهة البحرية لبنغازي.

كوبيش ودي مايو

ومع أن عملية إعادة البناء في سبيلها إلى الانطلاق قريبا، ما زالت مخاوف كثيرة تحيط بها، وهي مخاوف لا تأتي فقط من الليبيين، وإنما أيضا من القوى الكبرى، إذ كانت الاستعدادات لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في كانون الأول/ديسمبر المقبل، محور اجتماع بين مسؤولين إيطاليين ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش الأربعاء الماضي.
وأفادت مصادر إيطالية أن لقاء كوبيش مع وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو تركز على تنفيذ قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2570 (2021) و2571 (2021) بما في ذلك التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، وسحب جميع المقاتلين الأجانب من ليبيا، وتطبيق خريطة طريق «منتدى الحوار السياسي الليبي» المؤدية إلى إجراء الانتخابات.
لكن دي مايو لاحظ أن «هناك الكثير الذي يتعين القيام به في أفق تنظيم الانتخابات» مُشيرا إلى العلامات غير المشجعة، مثل التأخير في اعتماد الميزانية الوطنية وتعثر فتح الطريق الساحلي بين سرت ومصراتة.

تحديات ينبغي مجابهتها

وعبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن موقف مُشابه حين أكد، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الإيطالي، أن هناك تعاونا وثيقا، بعد تعيين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، إذ «زادت فرص السلام، لكن هناك العديد من التحديات التي يجب مواجهتها والتغلب عليها، وهي انسحاب جميع المقاتلين الأجانب من ليبيا ووقف إطلاق النار وصولا إلى إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر» على ما قال ماس.
كما أن اهتمام أمريكا بالملف الليبي زاد أيضا في الفترة الأخيرة، إذ أن تسمية السفير ريتشارد نورلاند مبعوثا خاصا إلى ليبيا، بالإضافة لعمله سفيرا في هذا البلد، يؤكدان الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لـ»التواصل الدبلوماسي رفيع المستوى، من أجل دعم العملية السياسية الليبية» بحسب وزارة الخارجية الأمريكية.

طائرات شحن عسكرية

وما زال تدفق السلاح على الأطراف الليبية من الخارج، حتى في أيام عيد الفطر، مصدر انشغال للأوساط المؤثرة في المشهد الليبي، ومن المؤشرات على ذلك، الزيارة التي أداها كوبيش إلى مقر عملية «إيريني» البحرية لمراقبة السواحل الليبية، حيث تلقى إحاطة من الأدميرال الإيطالي أغوستيني تخصُ تنفيذ حظر على نقل الأسلحة جنوب البحر الأبيض المتوسط. والأرجح، طبقا لعمليات الرصد، أن طائرات شحن عسكرية تركية وروسية استمرت في نقل الأسلحة إلى الفريقين في ليبيا، على الرغم من القرارات الأممية في هذا المضمار.
وربما يُناقش هذا الموضوع في مؤتمر لوزراء الخارجية الأوروبيين في برلين في النصف الثاني من الشهر المقبل. ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية «نوفا» عن مصادر بوزارة الخارجية الألمانية أنه من المقرر عقد مؤتمر وزراء الخارجية حول ليبيا، في برلين، في النصف الثاني من حزيران/يونيو المقبل. ومن المقرر أن تتعاون إيطاليا مع ألمانيا لتنظيم المؤتمر، ما يعني استمرار تراجع دور فرنسا، المشغولة بتحسين صورتها لدى بلدان الساحل والصحراء.
في السياق شدد كوبيش ودي مايو على «الحاجة الملحة إلى انسحاب سريع لجميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا، كما يطالب بذلك الشعب الليبي، وكما دعت إليه قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

خلافات بين الفرقاء الليبيين

هكذا بات موضوع الانتخابات وحل الميليشيات وسحب القوات الأجنبية على جدول الأعمال الدولي، إلا أنها في الوقت نفسه أحد مصادر الخلاف بين الفرقاء الليبيين، الذين أيد بعضهم إخراج جميع المسلحين الأجانب من البلد، فيما استثنى البعض الآخر قوات الدول التي أبرمت اتفاقات عسكرية، مع حكومات ليبية شرعية، وبالأخص تركيا.
وتركزت السهام في الفترة الأخيرة على وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، التي حضت على إخراج جميع القوات الأجنبية من ليبيا، بمن فيها الأتراك. وتصدر تلك الحملة رموز الإسلام السياسي في ليبيا وخارجها، فيما اتهمها رئيس الأركان العامة في حكومة عبدالرحيم الكيب (2012) اللواء يوسف المنقوش، بأنها من أكبر الداعمين للجنرال خليفة حفتر. إلا أن اللواء المنقوش، الذي طالب بعزلها، نزه في الوقت نفسه، والدها الدكتور محمد المنقوش من التهم التي وُجهت إليه بالتعامل مع نظام معمر القذافي، مؤكدا أنه كان «من أكبر المعارضين للجان الثورية (حزب القذافي) ولم ينتسب يوما إليها» بل ظلت اللجان الثورية في مستشفيات وكلية الطب ببنغازي «تُحاربه، حتى أخرجته من الكلية، مانعة إياه من التدريس، كما كان من أكبر الداعمين لثورة 17 فبراير 2011 منذ البداية» على ما قال رئيس الأركان الأسبق.

الأولى منذ العهد الملكي

وظهرت آثار ذلك في مستوى الاستقبال الذي حظيت به الوزيرة، من المسؤولين المحليين، أثناء زيارتها لمدينة القطرون في الجنوب الليبي، وهو الإقليم الذي أفلت من رقابة الدولة منذ سنوات. واعتُبرت تلك الزيارة الميدانية، الأولى في نوعها إلى المنطقة، منذ العهد الملكي. وقامت المنقوش أيضا بجولة تفقدية إلى معبر التوم الحدودي مع النيجر.
على صعيد آخر تعزز الانفراج بإطلاق 78 معتقلا ومحتجزا لدى الميليشيات في طرابلس، بمناسبة عيد الفطر. وأتت هذه الخطوة، بحسب وزيرة العدل في حكومة الوحدة الوطنية، حليمة عبد الرحمن، في إطار مشروع المصالحة الوطنية، مؤكدة أن الصراع يعرقل المصالحة، وأنه لذلك يجب أن تتجه النية نحو العفو والتصالح. وحضت على البدء سريعًا في مشروع العفو والمصالحة تحت شعار «المصارحة والمصالحة». كما حضت على أخذ كل الإجراءات الضرورية لوقف الاختراقات، وإنهاء السجون الخارجة عن القانون، واحترام قرارات النائب العام. وفي الإطار نفسه أعلن المجلس الرئاسي الإفراج في منطقة الشويرف، عن 35 محتجزا من الطرفين المتصارعين في حرب طرابلس، العام الماضي، وهما ميليشيات الجنرال حفتر وما يعرف بقوات «بركان الغضب» بعد جهود تواصلت لأشهر طويلة. ودلت عمليات التبادل والافراج على جدية العمل الذي تقوم به اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» التي يُرجح أنها سترتب عمليات مماثلة في المستقبل».

حكومة بلا أظافر

غير أن حكومة الوحدة ما زالت لا تملك مخالب ولا أنيابا لفرض إنهاء تلك الاختراقات، إذ أن نواة الجيش الوطني ما زالت في طور التدريب.
لكن الغريب أن وزيرة العدل وجهت الشكر إلى «ميليشيا الردع» التي كانت تحتجز المعتقلين في سجونها بطرابلس، على «تعاونها» وحضت إياها على «الاستمرار ومتابعة كل التجاوزات التي قد تكون فردية وتقويمها واستمرار التدريب على احترام القانون وحقوق الإنسان». فمن غريب الأمور أن وزارة العدل، المؤتمنة على تنفيذ القانون واحترام الحقوق، تشيد بإحدى الميليشيات وتُؤكد في الوقت نفسه، أنها تعمل على إرساء دولة المصالحة والعدل، وفق قولها.

انفلات أمني

في الواقع ما زالت يد الدولة مرتخية، والجريمة في تصاعد وظروف العيش عسيرة على السواد الأعظم من السكان المدنيين. ومن الأمثلة على ذلك سكان منطقة وادي عتبة، القريبة من سبها عاصمة اقليم فزان، حيث قاموا أخيرا بوقفة احتجاجية على الاعتداءات المتكررة جراء الانفلات الأمني، إذ تعرض أبناء المنطقة للسلب والخطف والابتزاز، خصوصا من داخل مدينة سبها والطرق المؤدية لها، وإطلاق وابل من النيران عليهم. وعزا سكّان المنطقة، ما يتعرضون له إلى التهميش المسبق من قبل الدولة لمنطقتهم، و»إهمال البنية التحتية والخدمات الصحية والأمنية».
بهذا المعنى تظل العقبات الأمنية والسياسية، فضلا عن الوضع الاقتصادي الصعب، تُعطل المضي نحو تنفيذ بنود خريطة الطريق التي صيغت في مؤتمر برلين مطلع العام الماضي، وليس مستبعدا أن يتم اللجوء لتعديل بعض بنودها في مؤتمر برلين2 الشهر المقبل.

ليبيا: لأول مرة عيد بلا حرب عنوانه الأمل والتفاؤل ووقفات تضامنية مع فلسطين

 

أول عيد تشهده ليبيا دون حروب ودمار وأصوات للقنابل، وروائح للبارود، ومظاهر مسلحة تملأ الشوارع، فقد امتزجت الأعياد الماضية بين هجمات وعدوان على عاصمة ليبيا طرابلس، إلى مشاكل أمنية تتصاعد إلى اشتباكات مسلحة فحروب للسيطرة.

تجمع الليبيون منذ ساعات الصباح الأولى لتجهيز ميدان العاصمة طرابلس عروس البحر المتوسط لصلاة الفطر، والذي شهد سابقاً في أوقات كهذه مظاهرات للتنديد بقسوة ومرارة الحروب، ولتشييع من فقدوا خلالها.
ولأول مرة أيضاً تحتفل ليبيا بعيدها مع سلطة تنفيذية جديدة موحدة لشرق البلاد وغربها وجنوبها ورغم وجود بعض المنغصات وعدم قدرة الحكومة على السيطرة بشكل فعلي على كامل أرجاء البلاد إلا أنها وعلى الأقل معترف بها فيها، ومن كامل دول العالم.
فقد سادت هذا العيد أجواء من الأمل والتفاؤل لدى المواطنين والسعادة بانتهاء الحرب ولهفة الانتظار لانتخابات ديسمبر، والتي يضعون حولها الآمال بقدرتها على إنهاء كامل المعاناة التي يمرون بها على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
ولأن عيد هذا العام كان خالياً من الحروب استغل ميدان العاصمة الليبية لتنظيم وقفة تظامنية مع الفلسطينيين الذين أرعبتهم أصوات القنابل لأيام مطالبين بدعمهم ومدهم بما يحتاجونه لإنهاء هذه الحرب وتحرير أرضهم المدنسة والمضطهدة.
فعقب إتمام صلاة الفطر انطلق المصلون، بأعلام فلسطين وبهتافات تضامنية، وانضم معهم أفراد من الجالية الفلسطينية في ليبيا، المعروفون بعددهم الكبير منذ سنوات.
وقد ردد المتظاهرون مجموعة من الشعارات، أبرزها “بالروح بالدم نفديك يا أقصى”، “فلسطين عربية”.
كما شهدت اليوم السابق للعيد وقفات مماثلة في طرابلس في ذات الميدان، داعمة للقضية الفلسطينية ولأهل القدس وغزة ورافضة لعمليات تهجير الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال بحي الشيخ وقصفهم قطاع غزة.
وعلى صعيد أجواء المصالحة التي تزامنت مع عيد الفطر في ليبيا، أعلنت مؤسسة الإصلاح والتأهيل في العاصمة طرابلس، الخميس، الإفراج عن 78 سجيناً بناء على اتفاق جنيف الموقع في 23 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأكدت المؤسسة، في بيان، أن إطلاق سراح السجناء جاء بعد التنسيق مع وزيرة العدل والجهات الضبطية التي قامت بضبط الموقوفين وبإشراف إدارة العمليات والأمن القضائي.
وأكدت وزيرة العدل بحكومة الوحدة الوطنية، حليمة إبراهيم، أن عملية إطلاق سراح 78 من محتجزي “حرب 2019″، تمثل الخطوة الأولى على طريق تحقيق المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد، ووعدت بتنفيذ المزيد من المبادرات الأخرى.
وقالت الوزيرة، في تصريحاتها خلال حضورها الاحتفال بإطلاق المحتجزين: “حكومة الوحدة الوطنية ستعمل على بناء دولة القانون واحترام القضاء، ونتعهد بإطلاق سراح جميع المحتجزين الذين يقبعون في السجون خارج القانون، وعدم احتجاز أي إنسان إلا في إطاره”.
وأضافت “حليمة”: التسامح والتصالح هما عنوانا المرحلة المقبلة، وهما السبيل الوحيد للتسامي على الخلافات وتحقيق المصالحة الوطنية، محذرة من أن أي انتهاكات لحقوق الإنسان قد تكون ذريعة للتدخلات الخارجية.
وفي إطار محاولة السلطة التنفيذية الجديدة لتقريب وجهات النظر، والسعي نحو المصالحة، توجه رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، قبل العيد بيوم واحد، إلى مدينة سرت للاحتفال رفقة أهلها.
وعقب سرت وفي اليوم الأول من عيد الفطر المبارك توجه المنفي إلى مدينة طبرق الواقعة شرق البلاد، وتحت قبضة حفتر، رغم عدم قدرة الرئاسي على السيطرة عليها بشكل فعلي هي وباقي مدن المنطقة الشرقية.
فمع تمكن الدولة من توحيد معظم المؤسسات على اختلاف أوجهها لم يتمكن المجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي من توحيد المؤسسة العسكرية، والتي كانت سبباً رئيسياً في معظم المشاكل التي مر بها الليبيون.
ومع تعدد جولات اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة لم تتمكن هي الأخرى لا من توحيد المؤسسة العسكرية ولا من فتح الطريق الساحلي الذي يربط شرق ليبيا بغربها، على طريق البحر، مما سبب معاناة كبيرة للمواطنين خاصة في عيد الفطر، نظراً لتنقلهم بشكل كبير أثناءه .
ورغم إعلان اللجنة عن جاهزية هذا الطريق للفتح لم تسمح قوات حفتر بذلك، بل أبقت على مرتزقة الفاغنر المتمركزين هناك، وقد أكد أعضاء اللجنة صحة هذا القول، ورفضت غرفة عمليات سرت والجفرة التابعة للجيش الليبي فتح الطريق إلا بعد خروج المرتزقة الذين استمروا في حفر الخنادق بالمنطقة.
وندد العديد من الجهات الدولية والمحلية، ومنها السفارة الأمريكية والبعثة الأممية، بالاستمرار في قفل الطريق الساحلي نظراً لكونه طريقاً حيوياً ويوفر على المواطنين سلك طرق وعرة، بالإضافة إلى أنه الرابط الفعلي على الأرض بين نصفي ليبيا المتخاصمين.
ورغم كون هذا العيد مختلفاً ومليئاً بأجواء المصالحة الوطنية، إلا أن آمال الليبيين أكبر وأبعد من السلم والهدنة، فينتظرون وحدة فعلية تجعل ليبيا بلداً واحداً ممتلكاً لسيادة خاصة على المستوى الدولي، وعلى مستوى أرض ليبيا، وخصوصيتها في شؤونها الداخلية.

«النهضة» تتهم سعيّد بتصدير مشكلات تونس للخارج… وانتقادات لمفكر إسلامي تحدث عن «لقائه» بقيادات إسرائيلية في مصر

 

اتهمت حركة النهضة التونسية الرئيس قيس سعيد بنقل صراعات الحكم الداخلية للخارج، مشيرة إلى أن زيارة الأخيرة إلى مصر “لم تكن مدروسة” وتم إنجازها بعجالة، فيما تعرض المفكر الإسلامي أبو يعرب المرزوقي إلى انتقادات بعدما تحدث عن “لقاء” الرئيس سعيد بقيادات إسرائيلية في مصر، دون أن يقدم دليلا على ذلك.
وكان الرئيس قيس سعيد زار مصر أخيرا لمدة ثلاثة أيام، التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما تحدث خلال الزيارة عن “تطابق” في وجهات النظر مع مصر فيما يتعلق بالقضايا العربية والدولية، وتطرق أيضا خلال حديثه إلى الصراع السياسي الذي تعيشه تونس حاليا، وهو ما أثار جدلا كبيرا في البلاد.
وكتب القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام “مشكلة قيس سعيد أنه يتحين الفرص لنقل صراعات الحكم التي يخوضها من الداخل إلى الخارج، مثلما فعل مع السفراء الذين جلس معهم في قصر قرطاج ليقحمهم في صراعاته السياسية العبثية، وهو يبحث اليوم عن الاندراج في مظلة اقليمية معادية للديمقراطية ولثورات الشعوب ولروح التحرر في المنطقة. ما أعجبه في بورقيبة هو رفضه الديمقراطية والاعتراف بالتعددية السياسية، وما يجذبه اليوم للسيسي هو توجهاته العسكرية والانقلابية المعادية للديمقراطية والحكم المدني، وما سيعود به من القاهرة هو ترتيبات أمنية وأجندات استخباراتية لضرب الديمقراطية لا غير”.
وقال الوزير السابق والقيادي في الحركة عبد اللطيف المكي إن زيارة الرئيس سعيد إلى مصر “كان يجب ترتيبها داخل تونس، حتى لا تكون مبعثا للشك والريبة، ولو تم إعدادها مسبقا لأمكن خلالها إمضاء اتفاقيات وتحقيق مكاسب للبلاد، لكن الزيارة تمت بشكل مفاجئ ومثير للشك”.
وأضاف بقوله “تونس اختارت طريقا مختلفا عن مصر، والجيش التونسي مختلف كثيرا عن نظيره المصري”.
وكتب الوزير السابق سليم بن حميدان “إن الدفاع الحقيقي عن الأمن القومي والمائي لمصر كان ينبغي أن يمر بدعم قوتها التفاوضية عبر تقوية الديمقراطية التي أتت بمرسي لا بالانقلاب عليهما. فبدلامن أن تتكاتف القوى الوطنية لدعم مرسي في مواجهة إثيوبيا، راحت تنال منه، وهو ما جعل إثيوبيا تنتهز الفرصة لكي تقوم بالتصديق على اتفاقية عنتيبي في 13 جوان (حزيران) 2013 كما عملت على استغلال الاتحاد الإفريقي لتعليق عضوية مصر لأول مرة به بالرغم من كونها إحدى الدول المؤسسة له ولمنظمة الوحدة الإفريقية من قبله. إن الإنقلابيين الخونة يبيعون الأوطان ثم يوهمون الناس بالبطولة لتحريرها. هكذا تلاعب عساكر العرب السماسرة بسيناء والجولان وبالمياه والانتخابات والدساتير ومستقبل شعوبهم”.
محمد الحبيب (أبو يعرب) المرزوقي “لعل ملخص هذه المحاولة هو أن ما يجري في مصر خلال زيارة سعيد هو الامتحان التاريخي لجهازي أمن تونس الداخلي والخارجي، فما حصل في بداية الثورة بين انحيازهما للحرية والكرامة. آمل أن ينجحا في الامتحان فيثبتا ما توسمه الشعب فيهما وصار ينزههما عن كل ما قد يضر بالوطن وهم الآن الدرع الوحيد الباقي لتونس لأن الأحزاب فقدت المصداقية والقدرة على المقاومة إذ هي تهادن الدمية طمعا في حل وسط مع اعداء الثورة والوطن. فما دبر بليل في القاهرة وبلقاء قيادات إسرائيلية لا شك فيه – حتى وإن لم يكن لدي معلومات بل هو المعنى الوحيد لدعوة مفاجئة تدوم ثلاثة أيام دون برنامج محدد ودون حضور ممثلين للحكومة – لا يعللها غير هذا الهدف المعلن لدى المطبعين واعداء الثورة. فإذا يئس سعيد وعلم أن جيش تونس وأمنها ليسا مثل جيش مصر وأمنها وأنهما درع للوطن وليسا في خدمة خونته ولو كان قيس وميليشياته يعلمون أن غيرهم لا يعمل إلا بمبدأ مفاده العقلي والنقلي في حضارتنا”.
وتعرض المرزوقي لانتقادات كثيرة بسبب هذه التدوينة، حيث كتب المحلل السياسي د. طارق الكحلاوي “(لقاء قيادات إسرائيلية لا شك فيه. حتى وإن لم يكن لدي معلومات) شخص ادمن الهلوسة. وقيادي في حزب أغلبي (في إشارة لعبد السلام) يجزم أن زيارة قيس سعيد بأجندة “استخبارية” ولا ينشر معلومات أيضا بل “تحليل”. نفس الحزب الذي يريد الحوار مع سعيد يقوم بتخوينه!”.
وكان سعيد أكد خلال لقائه بالسيسي أن “الأمن القومي المصري هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي التونسي والأمن العربي، مشددًا على أن الموقف المصري في كافة المحافل الدولية يعد موقفًا عربيًا (…) وتونس لن تقبل بأن يتم المساس بالأمن المائي لمصر”.

وجود القوات الأجنبية في ليبيا شوكة في ساق حكومة الدبيبة

 

رشيد خشــانة – لم يترك الإيطاليون فرصة اجتماع وزراء خارجية الدول الصناعية السبع، في لندن، تمرُ من دون استثمارها لتحصيل دعم من الشركاء لوجهة نظر روما، بخصوص الحل السياسي في ليبيا. ويجوز القول إن رئيس الدبلوماسية الإيطالية لويجي دي مايو نجح في وضع الملف الليبي على مائدة الحوار في لندن، منطلقا من أن «ملف الأمن في ليبيا مهم لأمن أوروبا». أكثر من ذلك دعا دي مايو الشركاء الستة إلى إيجاد فرص جديدة للاستثمار الاقتصادي في ليبيا، بما يُسهم في تعزيز استقرار البلد.

إيطاليا والآخرون

وإيطاليا سبقت الأوروبيين الآخرين إلى الفوز بصفقات كبرى في ليبيا ليس أقلها تجديد مطار بنينة في بنغازي، وإعادة بناء مطار طرابلس الدولي، الذي دمرته عناصر ميليشيات الزنتان قبل إخراجها منه قسرا، على أيدي ميليشيات منافسة في العام 2014 وشق الطريق الساحلي، الذي سيربط بين الحدود مع تونس غربا ومع مصر شرقا، وهو الذي يُعتبر حلقة مهمة في الطريق المغاربية التي تعثر تنفيذها منذ أكثر من ربع قرن.
وكان لافتا أيضا أن حكومة الوحدة الوطنية تُخطط لبناء مصفاة جديدة في الجنوب، الذي تعرض لمصاعب كبيرة في التزوُد بالوقود وغاز الطهي طيلة الفترة الماضية. وفي هذا الإطار بحث وزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية محمد إمحمد عون، مع أعضاء المجلس الأعلى للدولة، مشروع إنشاء المصفاة لحل المشاكل الحياتية لأهالي الجنوب. وتستطيع الحكومة الحالية إطلاق الدراسات الخاصة بإقامة المصفاة لأن العملية تتطلب وقتا طويلا.

تحذير للمُعطلين

وجد هذا الموقف الإيطالي المُعلن في قمة السبع أصداء مؤيدة، ومن تلك الأصداء الوازنة الموقف الأمريكي الداعي إلى «معاودة فتح الطريق الساحلي على الفور» مع التذكير بأن أمريكا تدعم بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا وأعمال اللجنة العسكرية المشتركة 5+5. لكن ليس من عادتها التطرق في بياناتها إلى مثل هذه القضايا التي تبدو فرعية. على أن اللجنة العسكرية استقوت على ما يبدو بهذا الموقف الدولي، إذ لوحت بكشف النقاب عن معرقلي فتح الطريق الساحلي، مؤكدة أنه «إذا لم يفتح قريبا سنُسمي المعرقلين والأسباب المؤدية إلى ذلك، من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة» على ما قالت اللجنة في بيانها، بعد اجتماعات استمرت خمسة أيام في مدينة سرت.

مواقف متباعدة

إلا أن المسألة الأكثر حساسية في أجواء الكلام المستعاد عن فتح الطريق الساحلي، تتمثل بمصير الاتفاقات السابقة مع تركيا، التي أبدى حيالها أعضاء حكومة الوحدة الوطنية مواقف متباعدة، إن لم نقل متضاربة. ويمكن القول إن الدبيبة حسم هذا الجدل، الذي كانت أثارته تصريحات سابقة لوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، بتأكيده الواضح في مقابلة تلفزيونية أن حكومته تتمسك بالاتفاقية البحرية الموقعة مع تركيا، وأنها «لن تفرط فيها». كما أكد أن الاتفاقية تمنح ليبيا «مساحات اقتصادية واسعة في البحر المتوسط يمكن استثمارها مستقبلا». وكانت الوزيرة المنقوش طلبت، خلال زيارة لروما، من الدول التي لديها قوات في ليبيا، بما فيها تركيا، سحب قواتها طبقا لجداول زمنية. وجددت الطلب خلال اجتماعها الأربعاء مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رئيس بعثتها للدعم في ليبيا، يان كوبيش، مشددة على ضرورة «سحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا في إطار واضح وجداول زمنية محددة» وفق بيان صادر عن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.

خمس دول

تعزز هذا الموقف الأممي الداعم بإعلان خمس دول كبرى هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، الخميس الماضي، رفضها إجراء أي تغييرات من شأنها تعطيل الانتخابات الليبية المقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر، مشددة على ضرورة التزام السلطات الليبية بتسهيل إجراء الاستحقاق الديمقراطي في موعده. وهذا يعني أن الانتخابات ستُجرى، إذا ما أجريت، في ظل بقاء قوات أجنبية خارج أية اتفاقات مع السلطات الشرعية الليبية.
لكن الأتراك ينظرون إلى العلاقات مع ليبيا برؤية شاملة تربط بين التفتيش عن مصادر الطاقة في شرق المتوسط وتأمين التكنولوجيا العسكرية لحلفائها في ليبيا وتحصيل صفقات إعادة إعمار من الحكومة المؤقتة الحالية.

تعزيز المواقع على طرفي الجبهة

وفي إطار هذه الرؤية تستمر تركيا في إرسال القوات والعتاد إلى خط الفصل بين قوات الحكومة وقوات حفتر في محيط مدينة سرت، تماما مثلما تفعل روسيا، لتعزيز مواقعهما على طرفي الجبهة. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة لا تقلُ أعداد المرتزقة الموجودين على الأرض عن 20 ألف مقاتل، ما يجعل الحديث عن إجلاء المرتزقة الأجانب، مثلما هو مذكور في خارطة الطريق، التي تلتزم بها حكومة الدبيبة، مجرد لغو.
والأرجح في ضوء شعور الحكومة بالضعف أنها ستكتفي بتصريف الأعمال، وفي أفضل الحالات ستتخذ قرارات ذات طابع فني وإجرائي لا أكثر، إذ أن مرتزقة «فاغنر» الروس لم يسمحوا لرئيسها ووزرائه بالنزول بطائرتهم الخاصة في مدينة سرت (وسط) ولا سمح لهم الجنرال حفتر بزيارة بنغازي، عاصمة الشرق الليبي، لعقد اجتماع لمجلس الوزراء هناك. وبالرغم من حركة استعراض القوة التي قام بها حفتر، ما زال رئيس الحكومة المؤقتة يلجأ إلى توسيط الأطراف الدولية من أجل الضغط على الروس وعلى حفتر للسماح للحكومة بالتنقل داخل البلد، علما أن الجنوب خارج تماما عن السيطرة، وهو خاضع لمراقبة فرنسا عبر الميليشيات الموالية لها. وكان من الواضح في كل خروج إعلامي لدبيبة أنه حريص على تفادي الاحتكاك بحفتر وكذلك بداعميه الروس، على الرغم من إقراره بأن عناصر مجموعة «فاغنر» تدين بالولاء لروسيا، وأنها هي التي منعت طائرته من النزول في سرت.

ورقة مهمة

مع ذلك يمسك دبيبة بورقة مهمة وهي المتمثلة بالدعم الآتي لحكومته من واشنطن وبرلين، إذ أكد السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند تأييده الكامل لدعوة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش «الواضحة» في شأن إخراج القوات الأجنبية من البلد «من أجل الحفاظ على سيادة ليبيا». كما أبلغت المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل، الرئيس التركي اردوغان، أن انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا سيكون «إشارة مهمة» وفق ما نقلته وكالات الأنباء عن ناطق باسم الحكومة الألمانية. ويُعتبر تحصيل هذا الموقف المشترك الألماني التركي الداعم للحكومة الحالية حافزا قويا لمُضيها في الاعداد للمصالحة.
وكانت ميركل اتفقت مع الرئيس التركي، في اجتماع عبر الفيديو، على دعم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة «في جهودها لتوفير الإمدادات للسكان والإعداد للانتخابات بحلول نهاية العام».

فرص ضئيلة

لكن فرص النجاح المتاحة للتقدم نحو إجراء الانتخابات المقررة للرابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر المقبل، تبدو ضئيلة في ظل استمرار وجود قواعد أجنبية يُقدر عددها بما لا يقل عن عشر قواعد، بحسب الرئيسة السابقة للبعثة الأممية ستيفاني وليامز. والظاهر أن الدبيبة يُركزعلى التحضير لإجراء الانتخابات، كي تتولى الحكومة المنتخبة معالجة معضلة إجلاء القوات والميليشيات الأجنبية.
وفي سياق ترتيب الأولويات هذا، يسعى الدبيبة إلى مد المفوضية العليا للانتخابات بالاعتمادات المالية اللازمة لتنظيم الاقتراع. وكان دبيبة زار مقر المفوضية واستمع إلى طلبات رئيسها، وهو ينتظر التصديق على الموازنة الجديدة لكي يفي بوعده للمفوضية، مع أمله بأن يزيد إنتاج البلد من النفط من 1.3 مليون برميل في اليوم حاليا إلى 1.5 مليون قبل نهاية العام، كي تتمكن الحكومة من الاستجابة لجميع الاستحقاقات المالية.
غير أن العراقيل ليست ذات طبيعة مالية فحسب، وإنما هناك شروط سياسية ودستورية لابد من تأمينها لإنجاح السير نحو الانتخابات، ومن بينها إنشاء مفوضية عليا للمصالحة الوطنية. ويحظى هذا المسار بدعم كبير من الأمم المتحدة، لكن سيتعين على الليبيين دراسة التجارب السابقة في العدالة الانتقالية، وخاصة التجربة التونسية، لتفادي الوقوع في أخطاء ومطبات قد تُحولها إلى «عدالة انتقامية» أو «انتقائية». والأرجح أن متابعة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيش لهذا المسار سيحد من الزيغ به عن طريقه الصحيح، مثلما حدث في تونس.

صيغة نهائية؟

مع ذلك يبقى هناك شرط مهم للإعداد للانتخابات إعدادا جيدا، وهو الاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات. والجديد في هذا المضمار أن اللجنة القانونية بـ»ملتقى الحوار السياسي الليبي» استكملت الأسبوع الماضي، وضع الصيغة النهائية للقاعدة الدستورية اللازمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وبحسب عضو اللجنة الزهراء لونغي حصل التوافق بين أعضاء اللجنة على مقترح تعديل الإعلان الدستوري، الذي وضعه المجلس الوطني الانتقالي في 2011 مع تأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور، إلى حين انتخاب السلطة التشريعية المقبلة، والاعتماد على قاعدة دستورية تنظم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية (الرئيس ورئيس الوزراء). وتضمن مقترح اللجوء إلى قاعدة دستورية انتقالية تصورين واحد يعتمد الانتخاب المباشر للرئيس، والثاني يعتمد الانتخاب غير المباشر، أي أن الرئيس يُنتخب من أعضاء البرلمان، من دون إعطاء تفاصيل أخرى عن المشروع. وسيعرض كوبيش المقترحين على ملتقى الحوار الوطني في جلسة مقبلة لاعتمادهما أو رفضهما أو تعديلهما، لكن لا يُعرف بأية آلية أو أي نصاب سيتم الاقتراع عليهما.
قُصارى القول إن وجود القوات الأجنبية في ليبيا يبقى شوكة في ساق حكومة الوحدة الوطنية، وهو مصدر توتُرات وصراعات بين الفرقاء، قد تُرجئ الانتخابات أو تجعلها تجري في مناخ مُحتقن. كما أن الأزمتين الصحية والاقتصادية تجعلان تقدم الحكومة في الإعداد لها مُحاطا بكثير من المحاذير والمطبات.

المنقوش تزور القطرون وتفقد معبر التوم الحدودي مع النيجر (صور)

 

وصلت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية، نجلاء المنقوش، ظهر اليوم الجمعة، إلى بلدية القطرون في الجنوب كما أجرى جولة تفقدية إلى معبر التوم الحدودي مع النيجر.

وكان في استقبال المنقوش مقرر مجلس النواب، صالح قلمة، وعضو المجلس الأعلى للدولة، الطاهر المكني، وعضو المجلس البلدي، عمر عمورة، وعدد من المسؤولين المحليين وأعيان ونشطاء المدينة.

وعقدت المنقوش فور وصولها غلى القطرون اجتماعا مع المسؤولين المحليين الذين رحبوا في كلماتهم بوزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية كونها أول وزيرة تصل إلى القطرون منذ العهد الملكي.

– المنقوش تزور منطقة القطرون الحدودية
– المنقوش تصل إلى سبها

وخلال الاجتماع تقدم عدد من المواطنين بمذكرات تتضمن احتياجات ومتطلبات البلدية التي تعاني من إنعدام الخدمات، فيما طالب آخرون بضرورة فتح مكتب قنصلي لمتابعة شؤون الأجانب كون البلدية تقع على الحدود الليبية النيجرية التشادية.

من جهتها تعهد المنقوش للمسؤولين المحليين في بلدية القطرون بنقل الصورة الحقيقية عن الوضع في المنطقة والمذاكرات التي قدمت لها إلى مجلس رئاسة الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية.

وعقب الاجتماع توجهت المنقوش إلى منفذ التوم الحدودي في أقصى الجنوب مع النيجر ضمن زيارتها إلى المنطقة الجنوبية.

ذا هيل: سوريا وراء تصاعد النفوذ الروسي على الساحة الدولية رائد صالحة

 

تهيئ روسيا نفسها لكسب المزيد من النفوذ مع انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، بينما تفكر واشنطن في إعادة الدخول في الاتفاق النووي مع إيران، وفي نفس الوقت، تنقل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بين الهند وباكستان وإيران، ليجد الكثير من الترحيب والضيافة، كما أدت التوترات مع أوكرانيا إلى نشر عشرات الآلاف من القوات، ومن ثم سحبها في خطوة وصفتها موسكو بأنها مجرد “مناورة”.

كيف أصبحت روسيا حكماً في القضايا الدولية من أفغانستان إلى إيران؟ وكيف تفوقت على الولايات المتحدة في السياسة المتعلقة بالشرق الأوسط، بينما تتخبط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن؟ يجيب سيث ج. فرانتزمان، المدير التنفيذي لمركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليلات، في مقال نشره موقع “ذا هيل” القريب من الكونغرس أن الترحيب الكبير بزيارة وزير الخارجية الروسي في جزء كبير من العالم هو انعكاس لتزايد نفوذ روسيا ، مؤكداً أن السبب الأول في تصاعد قوة موسكو على الساحة الدولية كان تدخلها في سوريا بالمقام الأول.

وأشار فرانتزمان إلى أن استعراض روسيا للقوة على حدود أوكرانيا، حيث تحتل شبه جزيرة القرم ومناطق انفصالية في شرق البلاد، هو بالضبط الدور الذي تريده روسيا، فهي تريد أن تظهر أن مجرد تدريب عسكري يمكن أن يتسبب في اندفاع حلف الناتو والولايات المتحدة والقوى الأوروبية في دوائر لمحاولة درء غزو روسي، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع التساؤلات السابقة حول مدى جودة أداء روسيا ضد حركة المعارضة في الشيشان .

وبالنسبة لموسكو، كما يضيف فرانتزمان، فقد كانت سوريا هي نقطة التحول، فهي لم تكن جزءاً من الاتحاد السوفيتي التاريخي، ولكن الحرب هناك هددت نظام بشار الأسد، الحليف الرئيسي في المنطقة للروس، وطريق موسكو إلى ميناء طرطوس، وبعد تدخل موسكو في الحرب الدموية بسوريا، صعدت روسيا إلى المسرح الدولي.

وبحسب ما ورد، فقد اشتبكت موسكو مع أوكرانيا في عام 2015 وأرسلت المرتزقة إلى ليبيا ووسط أفريقيا، وقامت بالتدخل في الانتخابات الأمريكية الرئاسية في عام 2016، ووصلت الأمور إلى حد إجراء محادثات مع الولايات المتحدة حول وقف لاطلاق النار في جنوب سوريا والعمل مع إيران وتركيا للتوسط في اتفاق لتفادي التضاربات في الساحة السورية كما استضافت محادثات لحل الصراع السوري.

وهكذا استخدمت روسيا الصراع السوري لترك بصماتها على المستوى الدولي، ومن الواضح أنها تعمل الآن مع إيران وتركيا والصين لتحدي الولايات المتحدة، وفقا للكاتب، كما أنها تتحدى أوروبا ودول أخرى.

وأضاف الباحث أن الزيادة السريعة في النفوذ الروسي أدت إلى المزيد من المبادرات المرافقة مثل مبيعات الأسلحة إلى تركيا.

وكان الصراع في سوريا تحولاً بالنسبة لموسكو، حيث لم تساعد موسكو على عدم إسقاط رئيس النظام بشار الأسد فحسب، بل أصبحت وسيطاً للسلطة في سوريا، وعملت مع تركيا وإيران، ونجحت روسيا في تهميش الولايات المتحدة، وهنالك توقعات بأن تتدخل روسيا في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي.

ليبيا: حفتر يسعى للعودة إلى الواجهة بتعطيل المسار السياسي

 

رشيد خشـانة – حفتر لم يتخذ قرار منع نزول الوفد الوزاري في بنغازي إلا عندما اطلع على برنامج الزيارة، الذي لم يتضمن لقاء بينه وبين الدبيبة في مقر الأول بقاعدة الرجمة.

تضغط حكومة الوحدة الوطنية من أجل بسط سلطتها على كافة مناطق ليبيا، مُستقوية بمواقف الأمم المتحدة في هذا الصدد، والتي حضت مرات ومرات على سحب المرتزقة والميليشيات من الأراضي الليبية. وكان متوقعا من الأطراف المتضررة من الحل السياسي أن تعرقل قطار السلام بواسطة الألغام التي وضعتها على الطريق الساحلي ومحاولة تعطيل أعمال اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 وأخيرا بمنع الطائرة التي كانت تقل رئيس حكومة الوحدة الوطنية وأعضاءها، في مطار بنينا، بمدينة بنغازي الأحد الماضي. وأتت الخطوة الأخيرة في اعقاب إعلان رسمي عن ميقات الزيارة، وبعد ترتيبات مسبقة. كما تم اتخاذ قرار الزيارة تلبية لطلبات عبر عنها سكان بنغازي والمنطقة الشرقية عموما، واستجابت لها الحكومة تجسيدا لوحدة البلد، وأيضا «لتفقد أحوال أهلها وتلبية حقوقهم وخدمتهم» على ما قال بيان رسمي.
وتعللت أوساط الجنرال المتقاعد خليفة حفتر بأن من بين حراسات رئيس الوزراء عناصر متطرفة وإرهابيين ومطلوبين للعدالة، وأصر على ألا تؤمن حراسة الوفد الحكومي سوى قوات موالية له. وهذه الرسالة تعني محاولة العودة إلى الأوضاع التي كانت سائدة قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أي أن تكون المنطقة الشرقية في قبضة حفتر، بينما يُترك الغرب لحكومة الوحدة الوطنية، أسوة بالوضع الذي كان سائدا على أيام حكومة فائز السراج.
واتضحت دوافع هذا الموقف عندما عُرف أن حفتر لم يتخذ قرار منع نزول الوفد الوزاري في بنغازي إلا عندما اطلع على برنامج الزيارة، الذي لم يتضمن لقاء بينه وبين الدبيبة في مقر الأول بقاعدة الرجمة. وبتعبير آخر كان حفتر ينتظر من رئيس الحكومة اعترافا بسلطات لم يحصل عليها الجنرال بالطرق الدستورية.
أكثر من ذلك، هو يُعتبر مستهينا بالمؤسسة العسكرية بتمرده على القيادة العليا للجيش، ممثلة بالمجلس الرئاسي مجتمعا. كما استخف بمرجعية وزارة الدفاع، التي يضطلع بها الدبيبة، زيادة على رئاسته الحكومة. وأول سؤال يتبادر إلى الذهن في ضوء هذا العناد المُعرقل للمسار السياسي هو التالي: لماذا صمت الجنرال طيلة الفترة الماضية، وهو يراقب سير الأمور في اتجاه الحل السلمي، الذي ما فتئ يُعارضه علنا وبإصرار؟ ومن هي القوة التي استطاعت إسكاته، ولماذا يعود الآن إلى الواجهة؟

عودة شبح التقسيم؟

وفي تفسير منع الطائرة من الهبوط في بنغازي اتجهت التعاليق إلى التحذير من عودة شبح التقسيم، وتفكيك الدولة. وفي السياق اعتبر نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، رمضان أبوجناح، أن منع انعقاد اجتماع حكومة الوحدة الوطنية في بنغازي «يمنح الفرصة لمن يسعى لانهيار العملية السياسية» متأسفا من أن «هناك طرفا يسعى لاستمرار حالة الانقسام السياسي، وتفكيك الدولة وابتزاز مؤسساتها».
وأثار أبوجناح مسألة مهمة تتعلق بالتضييق على الحريات العامة والخاصة في المنطقة الشرقية، الواقعة تحت نفوذ رجل عسكري عتيق، مؤكدا تمسكه «بحق الليبيين في معارضة أي سلطة سياسية في البلاد، ضمن إطار حرية التعبير، الرافض لاستخدام العنف والتخريب للتعبير عن المعارضة». وتزامن هذا الموقف مع إصدار منظمة العفو الدولية تقريرا جديدا عن أوضاع الحريات المحاصرة في مناطق نفوذ حفتر. لذا شدد أبوجناح، مثل غالبية الليبيين، على ضرورة «درء الفتن وعدم السماح بالعودة إلى الوراء أو التخلي عن تعهداتنا لليبيين بالبناء وتحقيق العدالة وإرساء المصالحة الوطنية».
ومن الواضح أن الانعطاف الذي أخذه الصراع في ليبيا بعد مؤتمر برلين، في مطلع العام الماضي، أقام خطين متوازيين بين من أدركوا أن الحرب عقيمة وأن «اللعبة انتهت» ومن ظل يحلم بحكم ليببا، بعد الاستيلاء على العاصمة بقوة السلاح. والمؤكد أن الوزن الذي منحه الألمان لذلك المؤتمر بحضور المستشارة ميركل والرئيس الفرنسي ماكرون ووزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو، أرعب معسكر الحرب الليبي، خاصة بعد التلويح بفرض عقوبات على المُعطلين والمتنطعين. ولأن حفتر أدرك صعوبة الوضع الجديد عليه، مع التقدم المُسجل باتجاه الحل السياسي، اختار أن يلوذ بالصمت طيلة الفترة الماضية. ولم يستطع حتى استخدام الضباط الذين يمثلون معسكره في اللجنة العسكرية المشتركة لتفجير اللجنة أو التشويش على أعمالها.

أربعة محاور

بالرغم من تلك المحاولات، قطعت حكومة الوحدة الوطنية أشواطا مهمة على أربعة محاور لم يكن أحد يتخيل أنها ستتحقق في هذه الفترة، التي لم تتجاوز خمسين يوما.
ففي المحور الأول حافظت على وقف إطلاق النار على نحو جعل الليبيين يذوقون طعم السلام للمرة الأولى، بعد حوالي عشر سنوات من الصراع الأهلي. وفي المحور الثاني أعدت موازنة موحدة للمرة الأولى منذ سنوات، وعرضتها على مجلس النواب (الذي استعاد وحدته أيضا) وبعد المناقشة أعادها إلى الحكومة لتعديلها ثم إرجاعها إلى البرلمان للتصديق عليها. وفي المحور الثالث كثفت من خطط مكافحة جائحة كوفيد-19 مُحققة في هذا المجال نجاحات لم يستطع تحقيقها الجيران.
أما المحور الرابع فكان متصلا بالتحرك الخارجي في اتجاه العواصم المؤثرة في الملف الليبي، والذي جسدته الجولة المهمة التي قام بها رئيس حكومة الوحدة الوطنية، مرفوقا بوفد رفيع المستوى، لكل من مصر والإمارات وأنقرة وموسكو ثم روما، إضافة إلى زيارة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى باريس. ويمكن القول إن حكومة الوحدة الوطنية ركزت على ضرورة سحب القوات الأجنبية والميليشيات من ليبيا، وهي مسنودة في هذا الموقف من قوى دولية مؤثرة، من أبرزها الموقف الأمريكي، الذي اعتبر على لسان الناطقة باسم وزارة الدفاع «البنتاغون» أن «متابعة المسار السياسي تتطلب من جميع الأطراف الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، وسحب كل القوات العسكرية الأجنبية، وكل المقاتلين الأجانب والمجموعات التابعة للجهات الخارجية والمرتزقة».
وبعدما أعلن اللواء المتقاعد حفتر أنه لا يعترف بالمؤسسات التنفيذية الجديدة ولا يتعامل معها، يتخذ الموقف الأمريكي بعدا آخر، إذ أنه يُساهم في تجريد التمرد من أي غطاء دولي، خصوصا بعدما أكد البنتاغون أن أمريكا «تتابع دعم منتدى الحوار السياسي الليبي، وتتعامل بجدية مع الخطر الناشئ عن المجموعات الإرهابية في ليبيا».

لُقية المنقوش

ويجوز القول إن وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش، كانت الأشد وضوحا في هذا الباب، إذ اقترحت وضع جداول زمنية واضحة لسحب المرتزقة، ما أثار في وجهها عاصفة من التهجمات الصادرة عن المستفيدين من بقاء أولئك المرتزقة في ليبيا. وفي مواجهة الحملة التي استهدفت الوزيرة، دافع بيان رسمي للوزارة على تصريحاتها خلال جلسة استماع، مع لجنة الشؤون الخارجية في مقر مجلس النواب الإيطالي. وجدد البيان التأكيد على أن موقف الحكومة الليبية «ثابت وواضح تجاه كل المرتزقة على الأراضي الليبية، من دون استثناء أو تحديد».
بهذا المعنى ستكون مسألة إخراج المرتزقة السوريين الذين جلبهم الأتراك، موضع خلاف شديد بين تيار الإسلام السياسي، الرافض لمغادرتهم، بذريعة أن انسحابهم سيُعيد فتح باب الحرب من جديد، والفريق المقابل المُصر على أن يشمل الانسحاب جميع القوى الخارجية بلا استثناء. والأرجح أن الموقف الأمريكي سيحسم هذا الجدل، إذ تكلم الأمريكيون للمرة الأولى عن اتصالات تمت بينهم وبين حفتر أثناء الهجوم على طرابلس، وعن أفكار واقتراحات قدموها له لإنهاء الهجوم، إلا أنه رفضها على ما قال السفير الأمريكي نورلاند. ولم يكشف نورلاند فحوى الاقتراحات، لكنه قال إنها «تطرقت للتشكيلات المسلحة وتوزيع إيرادات الدولة وجماعة الإخوان المسلحين والمتشددين» من دون إعطاء تفاصيل.
أكثر من ذلك حمل السفير الأمريكي الجنرال حفتر مسؤولية إفشال تلك المحاولة، لأنه «أدار ظهره لكافة هذه المقترحات والمبادرات». كما أقر نورلاند بأنه ما كان يمكن أن يوقف هذا الهجوم (على طرابلس) سوى التدخل التركي، وهذا إقرار بالغ الأهمية. من هنا ندرك حقيقة الدور الذي لعبته واشنطن خلال الهجوم على طرابلس، بوصفه دور الاطفائي الذي لم يُفلح في تبريد الصراع ووقف إطلاق النار.

الصراع على المناصب العليا

وسيُطرح قريبا موضوع خلافي شائك آخر، سيساهم في تشنيج اللواء حفتر، وهو المتعلق بالمناصب العليا في مؤسسات الدولة، ومنها منصب النائب العام ورئاسة مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط. وبعدما نظرت لجنة من مجلس النواب في لائحة الأسماء المقترحة لشغل تلك المناصب، أحالتها على المجلس الأعلى للدولة، قبل إعادتها إلى مجلس النواب لاعتمادها أو رفضها.
ومع تواتر الحديث عن ضرورة إجراء الانتخابات العامة في ميقاتها، أي قبل نهاية العام الجاري، يتساءل مراقبون عن خفوت أصوات الأحزاب التي يُفترض أنها تستعد على قدم وساق لهذا الاستحقاق السياسي المهم. ومن العيوب التي تنتقص من دور تلك التشكيلات الحزبية أنها إذا ما وُجدت في الشرق لا تجدها في الغرب، وإذا ما انتشرت في الغرب يُحاصرها أزلام حفتر في المنطقة الشرقية ويشلون عملها. كما أن مكونات المجتمع المدني، التي عانت طيلة السنوات الماضية من المصادرة والقمع، وحتى الاغتيال، خفت صوتها أو اضطرت للهجرة، ما سيُضعف من دورها في الانتخابات المقبلة، ليس فقط في مستوى الحملات الانتخابية ومراقبة شفافية الاقتراع ونزاهته، وإنما أيضا على صعيد الترشح لعضوية البرلمان.
وربما تُعزى قلة الثقة بالأحزاب والزعامات إلى التجربة الأليمة التي مر بها الليبيون في السنوات العشر الماضية، إذ تعاطت غالبية الأحزاب مع المناصب، بوصفها طريقا سريعا للإثراء والوجاهة. ولم تُقدم أكثريتها أهدافا واضحة وأجندات للتغيير الدستوري والسياسي والاجتماعي وخريطة للمستقبل. والظاهر أن الأحزاب بقيت عند حد إسقاط النظام السابق لكن من دون تصور أو رؤية لليوم التالي. وسرعان ما تفجرت الصراعات الأيديولوجية، وحجبت عن أنظار تلك القيادات استحقاقات المرحلة الجديدة، ما قاد إلى صراعات ارتدت طابعا مذهبيا أحيانا، أو مناطقيا أحيانا أخرى، أو حتى شخصيا. وكانت تلك الخصومات أرضية صالحة لاندلاع صراعات مسلحة استنزفت البلد على مدى عشر سنوات، ولا يُعرف إذا ما كانت الانتخابات العامة، إذا ما أجريت في ميقاتها، ستُنهي تلك الصراعات أم سيكون المشهد السياسي في ليبيا، في مرحلة ما بعد القذافي، شبيها بنظيره في الجارة تونس؟

أبوجناح: قلقون من أن تمثل حادثة منع اجتماع الحكومة في بنغازي فرصة لمن يسعى لانهيار العملية السياسية

 

أعرب نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، رمضان أبوجناح، عن قلقه «من أن تمثل حادثة منع انعقاد اجتماع حكومة الوحدة الوطنية (الذي كان مقررا في بنغازي) الفرصة لمن يسعى لانهيار العملية السياسية في ليبيا»، متأسفا من «أن يسعى أي طرف لاستمرار حالة الانقسام السياسي، وتفكك الدولة وابتزاز مؤسساتها».

وأجلت حكومة الوحدة الوطنية اجتماعا لمجلس الوزراء كان مقررا عقده في مدينة بنغازي، الإثنين، إلى حين التحضير لموعد لاحق في أقرب وقت ممكن، وفق ما أعلنه الناطق باسم الحكومة محمد حمودة الذي لم يوضح أسباب تأجيل الاجتماع.

وقال أبوجناح في بيان، الإثنين، إنه تابع «باهتمام بالغ حادثة منع هبوط الطائرة التي تقل رئيس وأعضاء حكومة الوحدة الوطنية في مطار بنينا بمدينة بنغازي يوم أمس الأحد»، مشيرا إلى أنها «جاءت بعد إعلان وترتيب مسبق عن نية الحكومة زيارة بنغازي وتفقد أحوال أهلها وتلبية حقوقهم وخدمتهم».

لكنه أكد ثقته «في أنه لا مصلحة لأي طرف وطني بأن تدخل ليبيا لدوامة الانقسام والعنف مجدداً». مشددا على أن موقفه «الداعم للاستقرار يزداد صلابة كلما تعرضت العملية السياسية في ليبيا لمحاولات إفسادها وإيقافها».

كما أكد أبوجناح أن موقفه «متناغم مع غالبية الشعب الليبي الرافض لاستمرار التعطيل والابتزاز السياسي الذي يعرقل كل محاولات الذهاب إلى التنمية والمصالحة الوطنية واستعادة السيادة الوطنية لبلادنا».

ونوه بأنه باشر «في التواصل مع جميع الأطراف الليبية الفاعلة من أجل إعادة الأمل بأن تمضي العملية السياسية في ليبيا، وفقاً لنص وروح الاتفاق السياسي الليبي الذي رعته الأمم المتحدة واتفقنا جميعا على تنفيذه واحترام بنوده وعدم عرقلته».

ووعد أبوجناح الليبيين أن تمر هذه الظروف العصيبة وأن تتحقق مطالبهم في العيش الكريم وأن يتوقف استغلالها «من أجل تحقيق مصالح البعض الضيقة». متمسكا بحق الليبيين في معارضة أي سلطة سياسية في البلاد «ضمن إطار حرية التعبير، الرافض لاستخدام العنف والتخريب للتعبير عن المعارضة».

وأضاف في ختام بيانه قائلا: «ندرك أن ليبيا تعيش لحظة تاريخية لا مجال فيها إلا العمل من أجل شرقها وغربها وجنوبها وشمالها»، مجددا التأكيد أنه «لا مجال لإثارة الفتن أو العودة للوراء والتخلي عن تعهداتنا لليبيين بالبناء وتحقيق العدالة وإرساء المصالحة الوطني

ليبيا: عبد الحميد دبيبة يؤجل أول زيارة لحكومته إلى بنغازي

 

أرجأ رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبد الحميد دبيبة زيارة مبرمجة الاثنين إلى شرق البلاد كانت تهدف إلى إظهار التقدم في إنهاء الانقسام. وكانت تصريحات دبيبة لنازحين هاربين من بنغازي يعيشون في طرابلس قد أثارت غضب فصائل مسلحة شرق البلاد.

قرر رئيس الوزراء الليبي المؤقت الجديد عبد الحميد دبيبة تأجيل زيارة لشرق البلاد كانت مقررة يوم الاثنين بهدف إظهار تقدم حكومة الوحدة نحو إنهاء سنوات من الانقسام بين الفصائل المتناحرة.

وقال محمد حمودة المتحدث باسم دبيبة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن الزيارة تأجلت دون أن يذكر تفاصيل.

ويسلط التأجيل الضوء على استمرار الانقسام بين المعسكرين المتناحرين الذي يتمركز أحدهما بالعاصمة طرابلس في غرب البلاد، بينما يوجد الآخر في بنغازي بالشرق حيث معقل خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي).

وقابل دبيبة في طرابلس الأسبوع الماضي نازحين فروا من بنغازي، وقد أثارت تصريحاته إليهم غضب فصائل مسلحة في الشرق. وتظاهر محتجون ضده في الشرق يوم الأحد.

أنصار حفتر يمنعون عقد أول اجتماع لحكومة دبيبة في بنغازي