الثلاثاء 08 يوليو 2025 12 محرّم 1447

كل مقالات Farouk

ليبيا: انتهاء المهلة المحددة لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية دون مؤشر على احترامها

مع انتهاء المهلة المحددة لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، يبقى اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في البلاد مهددا، خصوصا مع احتمال اندلاع أعمال عسكرية مجددا بين طرفي النزاع، حسبما يرى محللون وخبراء.

تنتهي السبت مهلة التسعين يوما لرحيل القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا بمقتضى اتفاق وقف إطلاق النار الممضى في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لكن لم يصدر أي إعلان صباح السبت عن رحيل أو تفكيك هذه القوات.

وقال خالد المنتصر أستاذ العلاقات الدولية في ليبيا، إن قرار إخراج المرتزقة “ليس بيد الأطراف الليبية بل بيد القوى الأجنبية المتنافسة في ليبيا”.

وبعد فشل محاولة قوات حفتر في نيسان/أبريل 2019، السيطرة على طرابلس، نجحت جهود دبلوماسية في وقف الأعمال العسكرية وتوجت بتوقيع اللجنة العسكرية الليبية في جنيف برعاية الأمم المتحدة في 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اتفاقا لوقف إطلاق النار بشكل دائم في أنحاء البلاد.

وبثت قناة “سي إن إن” الأمريكية قبل يوم صورا التقطت بأقمار اصطناعية عرضت على أنها خندق ضخم حفره في جنوب مدينة سرت (شمال) مرتزقة تدعمهم روسيا. ونقلت القناة عن مسؤول أمريكي لم تسمه قوله إن هذا دليل على أن هؤلاء المرتزقة “ينوون البقاء لفترة طويلة”.

“مصالح”
كشفت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي عن وجود 20 ألفا من “القوات الأجنبية والمرتزقة” في ليبيا، معتبرة ذلك انتهاكا “مروعا” للسيادة الوطنية. كما أشارت إلى وجود عشر قواعد عسكرية في ليبيا، تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية ومرتزقة.

وهي في الغالب موزعة حول سرت حيث يقع خط الجبهة منذ منتصف حزيران/يونيو وإلى الجنوب في قواعد جوية رئيسية لا سيما في الجفرة، على بعد 500 كم جنوب طرابلس لصالح الموالين لحفتر، وإلى الغرب في الوطية (الموالية لحكومة الوفاق الوطني)، أكبر قاعدة عسكرية على الحدود التونسية.

وأرسلت تركيا طائرات مسيرة ومدربين ومستشارين عسكريين إلى ليبيا بموجب اتفاق عسكري موقع مع حكومة الوفاق الوطني. كما أرسلت مرتزقة سوريين بحسب خبراء الأمم المتحدة. وفي 22 كانون الأول/ديسمبر مدد البرلمان التركي الإذن بنشر هؤلاء الجنود لمدة 18 شهرا.

وتنفي روسيا لعب دور في وجود مرتزقة روس. لكن في أيار/مايو 2020، أكد خبراء من الأمم المتحدة وجود مرتزقة في ليبيا من مجموعة فاغنر المعروفة بأنها مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال خالد المنتصر إن المرتزقة “لن يخرجوا حتى تضمن الدول التي جندتهم مصالحها في المرحلة الانتقالية الجديدة المقبلة”.

“لا نية للرحيل”
أكد المنتصر أن “وجودهم يعني أن الصدام العسكري يمكن له أن يتجدد في أي لحظة، وبالتالي التهدئة الحالية يظل مصيرها مجهولا”.

من جهته، اعتبر جلال الفيتوري أستاذ القانون في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية، أن فرص خروج المرتزقة والقوات الأجنبية ليست متساوية شرق وغرب ليبيا “لأن بعضها جاء وفق اتفاقيات عسكرية بين ليبيا وتركيا على سبيل المثال”.

وأشار إلى أن “قيام أنقرة مؤخرا بتمديد تواجدها العسكري لمدة 18 شهرا لا يعكس نوايا جادة للخروج”، موضحا أن “الأمر ينطبق أيضا على التواجد الروسي عبر مجموعة فاغنر الذي لا نعرف شكل الاتفاق الذي أبرمه المشير حفتر مع موسكو لتحديد فترة بقائهم في ليبيا”.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس شدد خلال الأسبوع الجاري في تقرير قدم إلى مجلس الأمن على ضرورة مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة قبل السبت. وفي نهاية 2020 دعا إلى تشكيل مجموعة مراقبة غير مسلحة للتحقق من مغادرة المرتزقة.

وبات يتعين على السلوفاكي يان كوبيش الذي تم تعيينه مبعوثا جديدا إلى ليبيا في 15 كانون الثاني/يناير القيام بمهمة فرض تطبيق هذا الاتفاق وإدارة المفاوضات الصعبة بين الليبيين.

وتوافق الأفرقاء الليبيون في ملتقى الحوار السياسي الذي عقدت أولى جولاته في تونس في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على تحديد موعد إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021.

كما اتفقوا الثلاثاء الماضي على آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة (الحكومة) التي ستحضر لعملية الانتخابات نهاية العام الجاري، بعد جولات مضنية من المناقشات وبضغوط دولية.

وتتواصل هذه المفاوضات التي يشارك فيها محاورون ليبيون لوضع خارطة طريق سياسية للانتخابات التي أُعلن عنها في كانون الأول/ديسمبر 2021 ، شريطة ألا يتم انتهاك وقف إطلاق النار.

الأمم المتحدة: محادثات ليبيا تحرز تقدما نحو تشكيل حكومة مؤقتة

 

قالت الأمم المتحدة، اليوم السبت، إن الحوار السياسي الليبي الذي رتبته أحرز تقدما نحو الموافقة على حكومة انتقالية جديدة للإشراف على الفترة التي تسبق الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر/ كانون الأول.

واتفق المشاركون في محادثات جنيف على آلية لاختيار الحكومة الجديدة التي كان تشكيلها محل جدل بين الفصائل الرئيسية في ليبيا.

وقالت ستيفاني وليامز، القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، إن الاتفاق يمثل “أفضل حل وسط ممكن” لهذه القضية ويمكن أن يؤدي إلى اختيار حكومة انتقالية “في غضون عدة أسابيع”.

لكنها حذرت أيضا من أنه سيظل هناك “أناس يسعون لعرقلة” جهود صنع السلام.

وبعد سنوات من الفوضى والحرب، تأتي المحادثات في إطار عملية سلام أوسع نطاقا تتضمن وقفا لإطلاق النار ومسارا اقتصاديا.

تأتي المحادثات في إطار عملية سلام أوسع نطاقا تتضمن وقفا لإطلاق النار ومسارا اقتصاديا بعد سنوات من الفوضى والحرب

وليبيا منقسمة منذ عام 2014 بين فصائل متناحرة في طرابلس في الغرب وبنغازي في الشرق.

وتدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس، في حين أن قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر مدعومة من الإمارات العربية المتحدة وروسيا ومصر.

ومع ذلك، يشكل كلا الجانبين في بعض الأحيان تحالفات غير مستقرة من فصائل مختلفة.

وبدأت أحدث دفعة نحو السلام بعد أن صدت حكومة الوفاق الوطني هجوما لقوات حفتر استمر 14 شهرا على طرابلس في يونيو/ حزيران. وجرى الاتفاق على وقف إطلاق النار في جنيف في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دعت الأمم المتحدة 75 ليبيا للانضمام إلى حوار سياسي في تونس حيث جرى تحديد يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول من العام الحالي لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، والاتفاق على الحاجة إلى حكومة انتقالية جديدة موحدة.

وقالت وليامز إن الحكومة الانتقالية ستكون مسؤولة عن التحضير للانتخابات ومحاربة الفساد واستعادة الخدمات العامة في جميع أنحاء ليبيا.

غير أن اجتماع تونس في نوفمبر/ تشرين الثاني تعثر عندما بدأ المندوبون مناقشة تشكيل الحكومة الجديدة. وجرى التوصل إلى اتفاق، اليوم السبت، من قبل لجنة أصغر من المشاركين.

ومن المقرر أن يصوت جميع أعضاء الحوار، البالغ عددهم 75، خلال أسبوع على الآلية التي اتفقت عليها لجنة جنيف اليوم.

الجنوب الليبي في قلب لعبة استراتيجية فرنسية روسية

 

رشيد خشـانة – يتفق غالبية المراقبين على إن لدى فرنسا أجندا خفية في ليبيا ومنطقة الساحل، هدفها وضع اليد على ثروات المنطقة الغنية باليورانيوم والمانغنيز ومعادن ثمينة أخرى.

تُعتبر منطقة الساحل والصحراء، التي تكثر فيها الجماعات المسلحة، الخاصرة الرخوة للجنوب الليبي، في ظل انهيار مؤسسات الدولة هناك، منذ عقد من الزمن. ومع إخفاق القوات الفرنسية في احتواء الخطر الإرهابي في بلدان الساحل، وتزايد قتلاها وجرحاها في الآونة الأخيرة، تتعالى الأصوات في باريس للمطالبة بعودة القوات إلى فرنسا.

ويقول خبراء فرنسيون إن المعادلة الصعبة هي كيف يمكن ملاحقة الجماعات المسلحة، من دون الحلول محل الجيوش المحلية الفاسدة؟ وهذه نظرة ما فتئ الفرنسيون يبررون بواسطتها تدخلهم العسكري في بلدان “مجموعة الخمسة” وهي النيجر ومالي وموريتانيا وتشاد وبوركينا فاسو.

ويعتبر مارك أنطوان دي مونكلو، مدير الأبحاث في “معهد البحوث من أجل التنمية” بباريس، أن الوقت حان للانسحاب من منطقة الساحل والصحراء مادام الأمن مازال منعدما والسكان المحليون مناهضين لبقاء قوات أجنبية على أراضيهم.

بدأت المغامرة العسكرية الفرنسية في مثل هذا الشهر من سنة 2013 وسرعان ما غاصت في رمال الصحراء، على غرار ورطة القوات الروسية ثم الأمريكية في أفغانستان، مطلع القرن الحالي. ولا يوجد أفق يُظهر إلى أين هي متجهة في المستقبل، وسط رفض متزايد من المواطنين الفرنسيين لإرسال أبنائهم إلى الموت. وتُحاذر السلطات الفرنسية من الاقرار بأن هدفها هو إعادة الأمن إلى المنطقة، لأن ذلك الاقرار يترتب عليه حلول الفرنسيين محل القوات النظامية المحلية، التي ينخرها الفساد، والعاجزة عن حماية السكان المدنيين، لا بل حتى عن حماية نفسها من الهجمات الإرهابية.

ويخشى الفرنسيون أيضا من اضطرارهم للعودة إلى إدارة مستعمراتهم السابقة، بما في ذلك الاضطلاع بمهمات الشرطة والزراعة والتعليم، على ما يقول دي مونكلو. بالمقابل دأب الرؤساء المتعاقبون على قصر الإيليزيه على التذكير بأن الهدف من تمركز قواتهم في المنطقة هو حصريا ملاحقة الجماعات المسلحة. وعلى الرغم من أن حركة تلك الجماعات تقتصر حتى الآن على البلدان الساحلية، تخشى باريس من احتمال إقدام تلك الجماعات على تنفيذ اعتداءات إرهابية على الأراضي الفرنسية.

من الدفاع إلى الخارجية

بهذه الخلفية تعاطى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريون، لما كان وزيرا للدفاع، في عهد الرئيس السابق فرنسوا أولاند، مع ملف التحديات الأمنية في الساحل والصحراء. وكان لودريان المستلم للملف الليبي أيضا، مهندس التدخل الفرنسي في منطقة الساحل، تحت يافطة “برخان” بقوات يزيد عددها عن 5000 جندي.

واستطرادا، تحاول القوات الفرنسية منذ 2013 القضاء على الإرهابيين وتدمير قوتهم العسكرية الضاربة، والحد من شعبيتهم لدى السكان المحليين، ومن ثم إيجاد بدائل سياسية واقتصادية تعزز التنمية، وتحد من الهجرة إلى الخارج عبر ليبيا. لكن يبدو أن السلطات في البلدان الخمسة غير قادرة على تسلم إدارة الشأنين السياسي والاقتصادي في المناطق التي يسيطر عليها عناصر الجماعات المسلحة.

الأدهى من ذلك أن تلك الجماعات منقسمة على بعضها البعض، خاصة بعدما انضم إليها ضالعون في تجارة السلاح والمخدرات، ما جعلها تتحول إلى مافيات. كما أن حلفاء باريس أنفسهم ارتكبوا وما زالوا جرائم حرب وانتهكوا حقوق الإنسان مرارا وتكرارا، مثلما تُبين ذلك تقارير دولية تحظى بالصدقية.

ويشير بعض المحللين في هذا الإطار إلى الدور السلبي الذي لعبته القوات الفرنسية في حرب رواندا، عندما كانت تغض الطرف عن جرائم حرب تُنفذ غير بعيد عن تمركزاتها.

وبات واضحا بعد الوقوع في هذه الورطة على مدى ثمانية أعوام، أنه كلما غاصت القوات الفرنسية في أوحال الصحراء، زاد التدخل العسكري تعقيدا، وصار الفكاك منه عسيرا ومكلفا سياسيا وعسكريا. وهذا ما يفسر، ربما، إحجام باريس عن تحديد تاريخ للانسحاب، خشية أن تبدو تلك الخطوة كما لو أنها نصرٌ عسكري حاسم للجماعات المسلحة. ويميل الخبير الفرنسي جان بيار مولني إلى تفضيل المخرج الأممي بديلا من الحرب التي تخوضها القوات الفرنسية منذ سنوات بلا فوائد، إذ ينصح بالاستعاضة عن القوات الفرنسية بالقبعات الزرق، بوصفه المخرج الوحيد المتاح لباريس، حفظا لماء الوجه ووقفا لنزيف القتلى بين العسكريين الفرنسيين، لاسيما بعدما وصل العدد إلى ما يقارب الخمسين قتيلا. وفي السياق يقترح بعض الخبراء الفرنسيين الاقتداء بما فعله الرئيس الأمريكي أوباما في أفغانستان، حيث أرسل 30000 جندي ليعلن بعد ذلك عن انسحاب كلي من البلد.

انفصاليون وتكفيريون

الأخطر من ذلك أن مشهد الجماعات المقاتلة في منطقة الساحل مُتغير دوما ومنقسم على نفسه، إذ توجد عناصر مسلحة تدافع عن الأقليات العرقية، وخاصة الطوارق، وقوات قبلية وانفصاليون، زيادة على التكفيريين المرتبطين بـ”القاعدة” و”تنظيم الدولة”. ويحدث أن ينتقل المرتزقة من جماعة إرهابية إلى أخرى، ومن تلك الميليشيات جماعة المداخلة، الموالية للداعية السعودي ربيع المدخلي، والتي تشكل العامود الفقري لقوات الجنرال خليفة حفتر. ولا يستثني الخبير دي مونكلو القوات النظامية في البلدان الساحلية المقربة من فرنسا من ارتكاب جرائم ضد الانسانية.

ويعتقد بعض الفرنسيين أن المساعدة الغذائية التي تقدمها باريس لبوركينا فاسو، على سبيل المثال، والمقدرة بعشرة ملايين يورو في السنة، كافية لممارسة الوصاية على حكومتها، بالرغم من أن الحاجات الإنسانية للبلد أكبر من ذلك بكثير. وتُعتبر بوركينا فاسو، إلى جانب مالي والنيجر، أكثر البلدان عرضة في أفريقيا إلى اعتداءات الجماعات الإرهابية.

إخفاق “مجموعة الخمسة”

ودعت فرنسا “شركاءها” الصحراويين إلى قمة في العاصمة التشادية نجامينا، الشهر المقبل، وهي قمة سنوية دورية، للنظر في أسباب إخفاق “مجموعة الخمسة” في القضاء على الجماعات المسلحة في المنطقة. وكانت فرنسا والبلدان المعنية شكلت قبل ثلاث سنوات، قوة عسكرية موحدة، مستعدة لتحرك متزامن لمحاصرة الجماعات، وقسمت المنطقة إلى سبع ممرات عرض الواحد منها مئتي كيلومتر، من أجل ضرب طوق حول تلك الجماعات.

تتساءل فرنسا اليوم: ماذا علينا أن نفعل لكي ننسحب في صمت من هذه الحرب؟ وفي الوقت نفسه ترتفع المطالبات بإجراء حوار حول هذا الموضوع في البرلمان، بعد تهرُب طويل من النقاش، بُغية وضع خطة واضحة لمستقبل الوجود الفرنسي في الساحل والصحراء، تشمل ليبيا. وينطلق كثيرون من أن 5000 جندي يستحيل عليهم تغطية منطقة بهذه المساحة الشاسعة، وأن الحل لا يمكن أن يكون عسكريا فقط، وإنما يحتاج إلى معالجة سياسية. كما ينطلق هؤلاء من أن تحسين الوضع الأمني ممكنٌ في الميدان، لكن من غير الممكن إعطاء ضمان بتوفير أمن مطلق في المنطقة، لأن الامكانات البشرية لا تسمح بمراقبتها مراقبة كاملة.

انسحاب تدريجي؟

الأرجح في حال تمت جدولة انسحاب تدريجي من المنطقة، أن يحافظ الفرنسيون على قواعدهم في كل من النيجر وتشاد، والتي ظلت في أيديهم منذ منح الاستقلال للبلدين مطلع ستينات القرن الماضي. ويتفق غالبية المراقبين على القول إن لدى فرنسا أجندا خفية في ليبيا ومنطقة الساحل، هدفها وضع اليد على ثروات المنطقة الغنية باليورانيوم والمانغنيز ومعادن ثمينة أخرى. ويستندون في ذلك على تكليف الأمم المتحدة فرنسا بإدارة الجنوب الليبي بعد الحرب العالمية الثانية. غير أن الفرنسيين ينفون ذلك، ويستغربون من الكراهية التي يواجهون بها، في بعض البلدان، وبخاصة في مالي وبوركينا فاسو.

وفي السياق أظهر استطلاع للرأي أخيرا أن أربعة من كل خمسة ماليين يثقون بأن جيشهم قادر على الدفاع عن البلد، من دون الحاجة إلى تعزيزات فرنسية. وهم لا يقبلون الاستنجاد بالمستعمر السابق لضمان أمن البلد، بعد مرور نصف قرن على الاستقلال. وانكشفت في الفترة الأخيرة معلومات عن تقديم فرنسا دعما للجماعات الانفصالية “العلمانية” ومنها الطوارق، مثلما لعبت باريس دورا محوريا في إسقاط نظام العقيد معمر القذافي. وثمة تأكيدات تفيد أن قسما من الأسلحة التي أرسلتها باريس إلى ليبيا، وقعت بين أيدي عناصر “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” في حزيران/يونيو 2011.

قلق من التمدد الروسي

وسرعان ما استولت جبهة “الأزواد” على شمال مالي في أيار/مايو 2012 فيما استطاعت الجماعات الإرهابية السيطرة على مدينتي غاو وتومبوكتو شمال مالي، ما جعل الفرنسيين يرسلون قواتهم إلى المنطقة في كانون الثاني/يناير 2013 مثلما أسلفنا. وكانت فرنسا تصول في المنطقة بمفردها، قبل أن تستقطب الحربُ الأهلية في ليبيا قوى دولية وإقليمية جديدة ومتصارعة مع بعضها البعض، أبرزها روسيا، التي لا يُخفي الحلف الأطلسي قلقه من تمددها في ليبيا، ما يُسهل وصول أصابعها إلى الساحل والصحراء. وعبر الأمين العام للحلف يانس ستالتنبرغ، لدى استقباله الرئيس الموريتاني ولد الغزواني، الأربعاء في بروكسيل، عن “قلقه العميق جراء تصاعد الدور الروسي في مختلف مناطق العالم، خاصة في أفريقيا والشرق الأوسط، وبالأخص في ليبيا.

الأغلب على الظن أن الناتو، الذي رحب باتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا، وانطلاق منتدى الحوار السياسي، عرض على الليبيين “تقديم الدعم لهم في بناء القدرات الأمنية الليبية” على ما قال ستالتنبرغ. ومن شأن هذا التنافس الاستراتيجي أن يترك الجنوب الليبي رهينة في أيدي القوى المتنافسة، ويُعسر من تنفيذ أي اتفاق سلام تتوصل إليه الأطراف الليبية. واستطرادا إذا ما تمدد الروس من شرق ليبيا، حيث يدعمون حفتر، نحو اقليم فزان (جنوب) المطل على الساحل والصحراء، سيجدون أنفسهم في الواجهة مع فرنسا، مثلما وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع الأتراك في غرب ليبيا ووسطها. لكن هناك فرقا بين القوة الروسية الصاعدة والقوة الفرنسية التي تخطط للانسحاب تدريجيا من المنطقة. ومن هنا فإن الجنوب الليبي والساحل ساحتان مرشحتان، على الأرجح، للعبة دولية كبيرة، قد تضيع في نهايتها مصالح ليبيا.

ملتقى الحوار الليبي.. انتهاء مهلة الترشح لعضوية اللجنة الاستشارية

 

أعلن مصدر من ملتقى الحوار السياسي الليبي، مساء الجمعة، انتهاء المهلة المحددة لترشح أعضاء اللجنة الاستشارية للملتقى،الساعة 22 بالتوقيت المحلي (20.00 ت.غ).

وفي تصريحات للأناضول، قال المصدر مفضلا عدم نشر اسمه: “يشترط في تقديم الأسماء حصول المتقدم أو المترشح على تزكية عضوين من ملتقى الحوار السياسي”.

وأضاف: “لا يمكن لمن زكى شخصا لعضوية اللجنة الاستشارية، أن يزكي آخر”.

وحول من يمكنه التقدم لعضوية اللجنة الاستشارية أوضح المصدر: “لا يمنع تقدم أعضاء من اللجنة القانونية للملتقى لعضوية اللجنة الاستشارية، ولكن أستبعد حدوث ذلك”.

ولم يوضح المصدر عدد الأسماء المترشحة لعضوية اللجنة الاستشارية، بسبب عدم إعلان بعض المرشحين أنهم تقدموا للترشح.

والأربعاء، ألزمت المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، ملتقى الحوار السياسي بتقديم أسماء مقترحة للجنة استشارية من أعضاء الملتقى في غضون يومين.

وقالت وليامز حينها: “أرى أننا نحتاج إلى تشكيل لجنة استشارية مكونة من 15 مشاركا في ملتقى الحوار، لتساعدنا وتساعدكم في التوصل إلى توافق بشأن هذه القضايا الخلافية”‎.

وفي 18 ديسمبر/كانون أول المنصرم، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تشكيل لجنة قانونية من أعضاء ملتقى الحوار السياسي، لوضع قانون للانتخابات المقررة في أواخر 2021.

ومنتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن ملتقى الحوار الليبي الاتفاق على إجراء انتخابات عامة في ديسمبر/كانون الأول 2021.

وتعاني ليبيا، منذ سنوات، انقساما في الأجسام التشريعية والتنفيذية، نتج عنه نزاع مسلح أودى بحياة مدنيين، بجانب دمار مادي هائل.

ليبيا: فرنسا ومصر في مرحلة مراجعات وأفق الانتخابات ما زال غامضا

 

رشيد خشانة – موقف القاهرة الجديد لا يعني أنها ستتخلى عن حليفها الاستراتيجي الجنرال حفتر، فهو حاليا أهم ورقة بين يديها، لكنها ستنفتح على الأرجح على أطراف أخرى.

لم تنته سنة 2020 إلا والمشهد الليبي قد انعطف نحو اتجاهات جديدة، من علاماتها التقارب المفاجئ بين مصر وحكومة الوفاق، والجولة التفقدية التي قام بها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مستعرضا قوات بلاده المرابطة في غرب ليبيا، واضطرار فرنسا إلى مراجعة حساباتها في منطقة الساحل والصحراء بعد تزايد خسائرها البشرية.

وفي هذا الإطار طغت المسائل الأمنية والعسكرية على المحادثات التي أجراها وفد مصري رفيع المستوى، للمرة الأولى منذ 2016 مع وفد ليبي ضم رئيس المخابرات التابع لحكومة الوفاق ووزيري الداخلية والخارجية فتحي باشاغا ومحمد طاهر سيالة. لم تكن تلك الزيارة، التي لم يُكشف الكثير من أهدافها، ترمي فقط إلى معاودة فتح السفارة المصرية في طرابلس في الأمد المنظور، وإنما تطرقت بالأساس إلى التنسيق السياسي والأمني، ما يؤشر إلى تعديل في الموقف المصري. والظاهر أن موقف القاهرة الجديد انبنى على المقولة الشهيرة “ليس هناك أصدقاء دائمون وإنما مصالح دائمة”. لا يعني هذا أن مصر ستتخلى عن حليفها الاستراتيجي الجنرال حفتر، فهو حاليا أهم ورقة بين يديها، لكنها ستنفتح على الأرجح على أطراف أخرى، سواء في المنطقة الشرقية (عقيلة صالح) أم في طرابلس ومصراتة.

وقد يُفهم من عدم التقاء الوفد المصري مع رئيس الحكومة فائز السراج، أن هناك في المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق من يرفضون التطبيع مع مصر، وربما هم لا يعترضون على معاودة العلاقات، لأنها نقطة تُسجل لصالحهم، وإنما يحترسون من تبلور خط مؤيد لمصر في المجلس أو الحكومة، خصوصا بعد زيارة الوزير باشاغا للقاهرة أخيرا.

والمؤكد أن الهزيمة العسكرية التي مُنيت بها قوات حفتر، هي التي حملت المصريين على البحث عن شركاء آخرين، من باب الواقعية السياسية، كي لا تنفلت خيوط اللعبة من بين أصابعهم. وأوحت الأجواء التي رافقت زيارة الوفد المصري أن الحوار كان سالكا بين الطرفين، بالرغم من أن الزيارة تزامنت مع زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، التي رأى فيها بعض المصريين حركة “استفزازية”.

مراجعة فرنسية

لم تقتصر المراجعات على القاهرة فحسب بل شملت أيضا باريس أحد الحلفاء الأساسيين للجنرال حفتر، فمع سقوط مزيد من الجنود الفرنسيين قتلى وجرحى في منطقة الساحل والصحراء، انطلق الفرنسيون في عملية مراجعة للخيارات التي وضعها وزير الخارجية الحالي جان إيف لودريون، منذ توليه مقاليد وزارة الدفاع في عهد الرئيس السابق فرنسوا أولاند، والقائمة على التدخل العسكري من خلال قوة “سيرفال” ثم “برخان”، في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد. وفي نهاية السنة المنقضية ارتفع عدد القتلى من الجنود الفرنسيين إلى 47 قتيلا (منذ 2013) بعدما قضى ثلاثة جنود في انفجار لغم بمالي، ما سبب حزنا وغضبا لدى الفرنسيين. واضطر رئيس الحكومة جان كاستاكس إلى قضاء ليلة رأس السنة، مرابطا مع وزيرة الدفاع بارلي إلى جانب أفراد قوة “برخان” في العاصمة التشادية نجامينا لرفع معنوياتهم.

وحاول الرئيس ماكرون تعزيز القوات الفرنسية المرابطة في المنطقة بزيادة العدد والعتاد، لملاحقة الجماعات الارهابية سريعة التنقل، بحكم معرفتها الجيدة بتضاريس المنطقة، إلا أن التوابيت ما زالت تصل إلى باريس، محملة برفات جنود شباب قضوا في مطاردة الجماعات الارهابية، المتفوقة ميدانيا. ومع تحفز البرلمان ووزارة الحرب الفرنسية لتعديل السياسة المتبعة حتى الآن في منطقة الساحل والصحراء، يخسر الجنرال حفتر أحد داعميه البارزين، وتفقد فرنسا كثيرا من المصداقية والقدرة على التأثير في الملف الليبي.

بالمقابل سيضعُف نتيجة لذلك موقع خصم آخر من خصوم حكومة الوفاق، واستطرادا ستكون هناك انعكاسات بعيدة المدى أيضا في الصراع العلني بين تركيا وفرنسا في شرق المتوسط. واللافت أن رئيس الحكومة الفرنسية حرص على زيارة ثلاثين جنديا مرابطين في واحة فايا لارجو شمال تشاد، القريبة من الحدود الليبية، كما زار قاعدة “قُصي” حيث يوجد مقر قيادة قوة برخان. لكن لا يعرف بالتفصيل ما هي الخطة الفرنسية البديلة في الساحل، ولا حجم القوات التي سيتم استبقاؤها في المنطقة. لكن في جميع الحالات، باتت الاستراتيجيا الفرنسية في المنطقة قائمة على مبدأ الدفاع، مع سحب قسم من قوة “برخان” بدل تعزيزها. ويؤكد الخبير الفرنسي توماس غاسيلو أن الخيارين المطروحين على المائدة حاليا هما: هل ينبغي الانسحاب أم البقاء؟ وهناك حل ثالث يدعو إلى أن تعمل القوات الفرنسية في الخطوط الخلفية للقوات المحلية، التي ستتصدر الحرب على الجماعات المسلحة، ما يعني الدفع بالجنود المحليين إلى الموت، وجعلهم دروعا بشرية لحماية القوات الفرنسية.

ووصفت مجلة “لوبوان” القريبة من أوساط الحكم في باريس الموقف الفرنسي بكونه “انزلاق مرشح لكي يطول (في الزمن)”. والأرجح أن صورة فرنسا ستكون شاحبة حتى لدى حلفائها الأوروبيين والمحليين، وهو ما يمنح الأمريكيين قدرة أوسع على الحركة والمناورة. ولم يترك السفير الأمريكي لدى ليبيا نورلاند أي يوم ينقضي، إلى عشية أعياد الميلاد، إلا واجتمع مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات أو أحد أعضاء حكومة الوفاق، أو أشخاص نافذين من دائرة الجنرال حفتر، أو رؤساء عشائر، في إطار ترطيب الأجواء تمهيدا للحل السياسي.

تذبذب أمريكي

غير أن الموقف الأمريكي ما زال متذبذبا، بين شق يدعو إلى استخدام قوة العقوبات ضد تركيا، وشق ثان يدعو لغض الطرف عن شريك استراتيجي عضو في حلف شمال الأطلسي، طالما أنه قادر على احتواء التمدد الروسي في ليبيا، والذي يهدد المصالح الأمركية في شرق المتوسط. إلا أن الأتراك يبدون غير عابئين بتلك التهديدات، ربما بناء على معلومات مفادها أن الإدارة الجديدة ستتخلى عن سياسة ترامب، الذي كان أميل إلى دعم حفتر ومموليه الإماراتيين ومسلحيه الروس وداعميه المصريين والفرنسيين. وتوجد مؤشرات عدة على أن إدارة بايدن ستتخلى عن دعم الجنرال حفتر، لكنها ستُبقي على العقوبات التي قررتها في حق تركيا لأسباب لا تتعلق بالأزمة الليبية، وإنما بمقتضيات الصراع مع موسكو، وتحديدا إقدام أنقرة على شراء منظومة إس 400، وهي العقوبات التي رد عليها الرئيس إردوغان واصفا إياها بأنها “غير محترمة”.

استعدادات عسكرية

وعلى الرغم من التهديدات الأمريكية، التي استهدفت تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي “أس 400” والتي وصلت إلى مرحلة العقوبات، يبدو أن اردوغان ماض في تكثيف الحضور العسكري والتجاري التركي في ليبيا. وأتت زيارة وزير دفاعه أكار لتكشف بعضا من الوجود العسكري المباشر وسياسة كسر العظم التي تنوي تركيا انتهاجها متى ما تحركت القوات المؤتمرة بأوامر الجنرال حفتر في اتجاه الغرب، أي صوب العاصمة طرابلس.

واعتبر أعضاء في الكونغرس أن تركيا تقوض حلف شمال الأطلسي، من ذلك أن كبير الديمقراطيين والجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب انتقدا شراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي الروسي وأعمال الحفر في البحر المتوسط.

وكانت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا متوترة في بعض الأحيان في السنوات الأخيرة، وبات الديمقراطيون في الكونغرس، على وجه الخصوص ينتقدون سياسات أنقرة. وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، طالبت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بفتح تحقيق في الانتهاكات التركية لحقوق الإنسان في كل من سوريا والعراق وليبيا وأماكن أخرى. كما انتقد الرئيس المنتخب جو بايدن الحكومة التركية خلال حملته الانتخابية، ما جعل بعض المحللين يُرجحون أن يؤدي ذلك التباعد إلى علاقات أكثر برودة مع أنقرة.

في السياق رأى عضوا الكنغرس إليوت إنجل (ديمقراطي من نيويورك) ومايكل ماكول (جمهوري من تكساس) “أن هناك قيمة في العلاقة القوية بين الولايات المتحدة وتركيا” لكنهما اعتبرا أن مستقبل العلاقات سيحدده اردوغان. وحضا “بشدة” الرئيس التركي على وضع حد لـ”السلوك الاستفزازي لتركيا”، حتى يتمكن الجانبان، مرة أخرى، من “التمتع بعلاقة وثيقة ومُتعاونة” على ما قالا.

والظاهر أن الأتراك لا يعبئون كثيرا بالتهديدات الأوروبية، التي لا يأخذونها مأخذ الجد، بسبب انقسام الصف الأوروبي، إلا أنهم يعيرون أهمية كبيرة لتعديل الموقف الأمريكي. وهم يعتمدون على اللوبي التركي القوي في واشنطن. لكن اللوبي اليوناني، الذي لا يقلُ نفوذا عن غريمه في مجال الكولسة، يُضايق الأتراك ويُعطل قدرتهم على التأثير أحيانا.

قصارى القول إن التغييرات التي طرأت على المشهد الليبي، بناء على المتغيرات الجديدة في الموقف الفرنسي والمصري والأمريكي، ستكون لها استتباعات وتداعيات على الصراع الليبي ـ الليبي، في اتجاه إضعاف مواقع القائد العسكري للمنطقة الشرقية حفتر والأطراف المرتبطة به. وهذا من شأنه أن يُعزز فرص الوصول إلى تسوية شاملة. ومن الواضح أن الأتراك استطاعوا أن يُحققوا أكثر مما حققه الروس والأوروبيون، إذ لا مجال لتحقيق أي حل سياسي لا ترضى عنه أنقرة، بحكم تغيُر الموازين العسكرية. غير أن توقف الاجتماعات التي تشرف عليها الأمم المتحدة، والغموض الذي يلف تسمية رئيس جديد لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، لن يُبرزا تلك التداعيات على السطح قريبا، وإن كانت المفوضية العليا للإنتخابات ماضية في الإعداد الفني للانتخابات العامة المقررة للرابع والعشرين من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وليس من المبالغة القول إن الليبيين بمختلف أطيافهم فقدوا زمام المبادرة وبات مفتاح الحل بأيدي القوى الإقليمية والدولية التي رسخت وجودها في البلد من خلال القواعد العسكرية التي أقامتها على الأراضي الليبية. وأكدت نائبة رئيس البعثة الأممية سابقا ستيفاني وليامز أن هناك عشرة قواعد أجنبية في ليبيا، من دون أن تفصح عن أسماء الدول التي تنتمي لها تلك القواعد. والأرجح أنها قواعد روسية وتركية ومصرية وإماراتية وإيطالية.

بعثة الأمم المتحدة تحث الليبيين على توحيد الجهود للوصول إلى الانتخابات الوطنية

 

هنأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الشعب الليبي بحلول الذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال الوطني.

وقالت البعثة في بيان: “يحتفل الليبيون اليوم بهذه المناسبة الوطنية وهم على مسافة عام واحد من الانتخابات الوطنية المزمع إجراؤها في 24 كانون أول/ ديسمبر 2021 بحسب ما تضمنته خارطة الطريق التي توافق عليها أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي”.

وشددت البعثة على “أهمية البناء على التقدم الإيجابي الذي حققه الليبيون في المسارات المختلفة، من خلال إنهاء الاقتتال والمضي قدما في التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار الشامل وتعزيز تدابير بناء الثقة، والتحسن المستمر في الجوانب الاقتصادية”.

كما أكدت البعثة على التزامها “بمساعدة الليبيين في بناء دولتهم الموحدة والقادرة، والعمل مع الجميع من أجل حماية الشعب الليبي وثرواته، وتحقيق الشرعية الديموقراطية للمؤسسات الوطنية، واستعادة سيادة البلاد وإنهاء التدخلات الخارجية”.

إحياء ذكرى الاستقلال في العاصمة الليبية وسط تدابير أمنية مشددة

عناصر من القوات المسلحة الليبية أثناء عرض في الذكرى الـ69 لاستقلال البلاد في ساحة الشهداء وسط العاصمة طرابلس بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2020

 

أحيت ليبيا الخميس الذكرى التاسعة والستين لاستقلالها بتنظيم عروض عسكرية وسط طرابلس في ظل انتشار أمني واسع.

وتجمّع مئات الليبيين حاملين العلم الوطني في ساحة الشهداء وسط العاصمة التي حملت خلال حكم معمر القذافي اسم “الساحة الخضراء” وكان يلقي فيها خطاباته.

ومنعت السلطات التجول في الساحة قبل يوم ونشرت سيارات شرطة ونصبت منصات لإلقاء الخطابات والأغاني الوطنية قبل إطلاق المفرقعات النارية ليلا كما جرت العادة.

وحضر رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني ومسؤولون كبار في الدولة منتصف اليوم عرضا لقوات من الشرطة والجيش.

وعاد عيد الاستقلال الذي أعلنه الملك إدريس السنوسي في 24 كانون الأول/ديسمبر 1951 إلى جدول المناسبات الرسمية عام 2012 عقب إلغائه طوال 42 عاما من حكم نظام القذافي. وقد أطيح بهذا الأخير وقتل في تشرين الأول/أكتوبر 2011 إثر انتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي.

وغرقت ليبيا منذ سقوط النظام السابق في الفوضى، ويتنافس فيها حاليا معسكران هما حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة والتي تتخذ طرابلس مقرا، وسلطة في شرق البلاد يجسدها المشير خليفة حفتر.

ووقّع وقف لإطلاق النار برعاية الأمم المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وقد جرى التقيد به بشكل كبير ما سمح بعودة طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات.

الجدول الزمني لطرد المقاتلين الأجانب في مهب الريح

مقر اجتماع لجنة العشرة العسكرية في مدينة سرت. (بوابة الوسط)

 

أظهرت مؤشرات جديدة في ليبيا إصرار القوى الكبرى على انتهاك التفاهمات العسكرية بين أعضاء لجنة «5+5» بعد نحو شهر ونصف الشهر من انقضاء مهلة الثلاثة أشهر المحددة لطرد القوات الأجنبية. وبينما اتهم «بنتاغون» في تقرير حديث روسيا والإمارات باستمرار التورط في الصراع المسلح بالبلاد عبر شركة «فاغنر»، تنتظر تركيا ضوءا أخضر من البرلمان لتمديد وجودها في ليبيا، في محاولة من الطرفين لتأمين مكاسب أخرى تضمن لهما البقاء. وعادت الملاسنات الأميركية الروسية حول تقويض جهود السلام في ليبيا، لتنذر بانهيار المسارات السياسية التي تعرف عراقيل بعد تفاهمات دولية أبعدت شبح المواجهات العسكرية خلال الأشهر الأخيرة.

هذه الملاسنات تأتي مخالفة لالتزامات مؤتمر برلين الذي انعقد في أوائل العام 2020، خصوصا بعدما اتهم وزير خارجية واشنطن مايك بومبيو مساء الثلاثاء موسكو بمواصلة انتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، معتبرا أن «هدف الولايات المتحدة لا يزال إقناع الأطراف الليبية بالتوصل إلى حل سياسي من خلال مفاوضات برعاية الأمم المتحدة».

ويحذر مسؤولون أميركيون من محاولة الكرملين استخدام النزاع الليبي من أجل بناء حضور عسكري له على الحدود الجنوبية لأوروبا. وحسب خبراء، فقد رفعت وتيرة أنشطة روسيا عبر شركة «فاغنر» للمرتزقة لتحقيق أكثر من هدف، ونظرا لدورها المزعزع للاستقرار في أكثر من منطقة وصفتها وزارة الخارجية الأميركية بأنها «تابعة لوزارة الدفاع الروسية»، وفي المقابل توصل المفتش العام لعمليات مكافحة الإرهاب في بنتاغون» خلال الشهر الجاري إلى أن «الإمارات العربية المتحدة تمول هؤلاء المرتزقة في ليبيا».

وتعقد المعلومات الجديدة من التقدم الملموس في قضية الاتفاق بين اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» التي تضم ممثلي قوات حكومة الوفاق والقيادة العامة، حيث توصلوا في 23 أكتوبر الماضي بجنيف وبرعاية أممية إلى تفاهمات تقضي بإخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة بإعادتها لمعسكراتها بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية برا وبحرا وجوا في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار.

20 ألف مقاتل
وقدرت الأمم المتحدة عدد المقاتلين الأجانب الذين ما زالوا موجودين في ليبيا بنحو 20 ألفا ومن بينهم مرتزقة سوريون أرسلتهم تركيا وآخرون من روسيا والسودان، حسبما أعلنت المنظمة الدولية في بداية الشهر الجاري.

وعلى الرغم من مرور أكثر من نصف المدة التي يفترض خلالها خروج المرتزقة، إلا أن اتهام «بنتاغون» أبوظبي بالمساعدة في تمويل «فاغنر» للتعهدات الأمنية للصراع الليبي يعقد من أي تقدم في عمل اللجنة العسكرية وفي المشاورات السياسية المتعثرة، حسب خبراء يشيرون إلى «استخدام الدولة الخليجية الشركة للتعتيم على دورها في النزاع، إذ يعد تقرير وزارة الدفاع الأميركية هو أول تقييم رسمي عن ترتيب الإمارات مع الشركة الروسية».

وفشل مجلس الشيوخ الأميركي في جلسة تصويت في 9 ديسمبر الجاري في منع بيع صفقة تقدر بأكثر من 23 مليار دولار لطائرات شبحية وطائرات دون طيار وأسلحة متطورة من طراز «إف 35» إلى أبوظبي، كما أن مشرعين أميركيين لم يخفوا قلقهم من استخدامها في ليبيا.

ويفسر مراقبون أسباب إخفاقهم في منع الصفقة لجهود مجموعة الضغط «اللوبي» التابعة للإمارات في واشنطن، فضلا عن دور أبوظبي في أهداف أخرى للسياسة الخارجية مثل استراتيجية أقصى ضغط التي تمارسها واشنطن ضد إيران واتفاقية التطبيع مع إسرائيل التي ينظر إليها دونالد ترامب على أنها نجاح نادر للسياسة الخارجية.

«فاغنر» في ليبيا
بدوره يعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفق استراتيجية تراهن على حضور عسكري غير مباشر من خلال شركات عسكرية من القطاع الخاص، لذلك لا يتردد في نفي تقارير «بنتاغون».

وتنسب «فاغنر» إلى «طباخ بوتين» وهو رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين، وقد تقدم بطلب إلى محكمة الاتحاد الأوروبي لاستبعاده من قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية للمفروضة عليه لوجود صلات مالية وغيرها تجمعه بالشركة الموجودة في ليبيا.
ويقول الاتحاد الأوروبي إن «فاغنر» «ارتكبت انتهاكات متعددة ومتكررة» لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، وتعني العقوبات أن بريغوزين ممنوع من السفر إلى الاتحاد وتم تجميد أي أصول لديه كما يُمنع مواطنو وشركات الاتحاد الأوروبي من تزويده بالأموال.

وقدم بريغوزين هذا الأسبوع أدلة على علاقته بتدخل موسكو في ليبيا، حيث أشارت شركة «كونكورد» المملوكة له أنه سيدعم العميلين مكسيم شوقلي ومترجمه سمير سيفان، بنحو نصف مليون دولار بعدما أفرج عنهما في طرابلس يوم 10 ديسمبر الجاري عقب اعتقالهما في مايو 2019، وعادا إلى روسيا أخيرا.

وكانت حكومة الوفاق اعتقلت شوقلي وسيفان بتهمة التدخل بالانتخابات في البلاد، بينما كانا يعملان مع نجل سيف الإسلام القذافي، فيما جعلت روسيا الإفراج عن الرجلين شرطا لأي تحسن في العلاقات مع حكومة الوفاق الوطني.

يأتي ذلك وسط تجديد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي مشترك في ختام مشاورات مع نظيره الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان، في موسكو، نفيه التمويل الإماراتي المزعوم لـ«فاغنر» في ليبيا، قائلا إن روسيا تريد استعادة مؤسسات الدولة في البلاد بالتعاون مع القاهـرة وأبو ظبي ودول الجوار.

وساطة روسية للحل السياسي
ودون التخلي عن التزامها العسكري تقدم موسكو نفسها كوسيط في مفاوضات السلام المتعثرة مع تردد أنباء عن خلافات بين تيارين متعارضين في طرابلس على هامش ملتقى الحوار السياسي، أحدهما يرفض تولي عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الحالي رئاسة المجلس الرئاسي المرتقب، داعيا لرفض أي حضور لمسؤولي شرق ليبيا في تشكيلة السلطة التنفيذية الجديدة، وآخر يدعم الخطوة مع ضرورة تولي وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا منصب رئيس الحكومة، وهذا التيار الأخير يحظى بترحيب روسي وفرنسي، علما بأن باشاغا تلقى دعوة رسمية من موسكو لزيارتها خلال يناير.

لكن هذا السيناريو ترفضه أنقرة التي تجهز لتمديد مهمة جنودها المنتشرين في ليبيا لمدة 18 شهرا إضافية، الأمر الذي يشوش على المفاوضات السياسية الجارية ويقوض عمل اللجنة العسكرية المشتركة.

وفي وقت سابق من العام الجاري أرسلت تركيا قوات إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق في حربها، ومع أن المعارك توقفت، إلا أن الرئيس طيب رجب إردوغان طلب من نوابه تجديد مهمة نشرهم قبل انتهاء القرار الحالي في 2 يناير 2021 بحجة أن السلام الدائم ووقف إطلاق النار وعملية الحوار السياسي في ليبيا «لها أهمية كبيرة لتركيا».
وفي تمويه لوجودها العسكري في ليبيا قالت أنقرة إن «المخاطر والتهديدات لا تزال قائمة من ليبيا إلى تركيا والمنطقة بأسرها. وفي حالة استئناف الجيش الوطني الليبي هجماته ستتأثر مصالح تركيا في كل من حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا سلبًا».

ووفقًا للاقتراح المقرر مناقشته بالبرلمان في 18 ديسمبر الجاري، «ستواصل تركيا دعم ليبيا في مسائل التدريب والاستشارات أيما يتعلق باستخدام نظام الأسلحة والمعدات»، وهي الخطوة المرجح أن يتم تبنيها مع سيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم على البرلمان.

علما بأن القوات التركية توجد في قاعدتي الوطية الجوية ومصراتة البحرية كما يوجد مركز للتنسيق العسكري التركي-الليبي في طرابلس. وإلى الآن، تواصل وزارة الدفاع التركية الإشراف على تدريب قوات حكومة الوفاق مع توقيع اتفاقات جديدة آخرها مع قطر. ما يخالف نص المادة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الذي أكد على «تجميد جميع الاتفاقات العسكرية المتعلقة بالتدريب داخل ليبيا وخروج أطقم التدريب الأجنبية حتى تتولى الحكومة الموحدة مهامها وتوجه الغرفة الأمنية التي سيتم تشكيلها بموجب هذه الاتفاقية لاقتراح وتنفيذ إجراءات أمنية خاصة وترتيبات لضمان أمن المناطق التي يتم إخلاؤها من الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة».

وتزيد اعترافات حركة جيش تحرير السودان وقوات الدعم السريع السودانية مطلع ديسمبر الجاري من تعقيد المشهد بمواصلة إغراق ليبيا بمقاتلين و«مرتزقة» في خرق واضح للتعهدات الدولية، فقد كشف الناطق باسم قوات الدعم السريع، جمال جمعة في مؤتمر صحفي رصد تحركات مريبة على الحدود مع ليبيا بتاريخ 3 ديسمبر الجاري، وأسفرت عن ضبط 600 شخص كانوا في طريقهم إلى ليبيا للانضمام إلى الحركات المسلحة حسب جريدة «سودان تريبيون».

ويبقى التقيد بالجدول الزمني لرحيل المقاتلين القوات الأجنبية من ليبيا مرهونا بالتزام الأمم المتحدة بمراقبة ومتابعة نقاط الاتفاق خصوصا المتعلقة بخروجهم مع ضرورة إشراف قوات أوروبية وأفريقية على الخطوة، رغم أن أهم معوقات التنفيذ هي الأطراف الدولية الموجودة على الأرض والموالين لتركيا وروسيا تحديدا.

ليبيا: مراوحة على المحور الاقتصادي وربكةٌ على المحور السياسي

 

رشيد خشــــانة – باتت الأزمة الليبية محورا لتراشق علني بالتهم بين وزيري الخارجية الأمريكي بومبيو والروسي لافروف، إذ اتهم الأخير واشنطن بممارسة الألاعيب السياسية في المنطقة المتوسطية.
ورد نظيره الأمريكي بتحميل موسكو مسؤولية تهديد الاستقرار في منطقة البحر المتوسط، “باستخدام أساليب مختلفة لنشر معلومات مُضللة وتقويض السيادة الوطنية وإحداث الخراب والصراعات والانقسام في بلدان المنطقة، ومن بينها ليبيا” على ما قال بومبيو. وما لبث لافروف أن رد بقوة على نظيره بقوله “إن الأمريكيين والدول الغربية الأخرى الحليفة للولايات المتحدة، لديهم أسلوب متماثل، وهو الاتهام علنًا من دون تقديم حقائق”، مشددا على أنه “لا توجد حقائق على ذلك”.
وأكد رئيس الدبلوماسية الروسية في رده أن الجميع “يعلم أن الأمريكيين كانوا يقاومون طيلة عام كامل، تحرك الأمين العام للأمم المتحدة لتعيين أول مبعوث جزائري لهذا المنصب، (رمطان العمامرة) ولاحقا طلب الاتحاد الأفريقي تعيين دبلوماسية من غانا عرقلها الأمريكيون أيضا” مشيرا إلى أن “هذه الحقائق معروفة في العالم” بحسب تعبيره.
وعاد لافروف ليرد على اتهام بومبيو لموسكو وعدد من الدول الأخرى بانتهاك الحظر المفروض على إمدادات الأسلحة إلى ليبيا، بموجب قرار من مجلس الأمن الدولي، موضحا أنه “يجري الحديث عن هذا الموضوع بشكل متكرر ولم يقدم أحدٌ برهانا عليه”.

تركيا باقية وتتمدد

وفي خط مواز تسعى تركيا لتعزيز مواقعها في ليبيا، إذ ناقش البرلمان التركي الجمعة مقترحا تقدم به الرئيس اردوغان لتمديد مهام القوات العسكرية التركية في ليبيا 18 شهرا. ويقول الأتراك إن تلك القوات ترمي لدعم حكومة الوفاق ولا تقوم بمهام قتالية. وسبق أن وافق البرلمان التركي، في كانون الثاني/يناير الماضي على مذكرة لاردوغان أجازت إرسال قوات عسكرية تركية إلى ليبيا. وحقق السلاح الجوي التركي آنذاك، وبخاصة الطائرات المسيرة، من طرازي “بيرقتار” و”أنكا” تفوقا ساحقا على القوات التابعة للجنرال خليفة حفتر، المحاصرة للعاصمة طرابلس، ما أجبرها على انسحاب سريع نحو مدينة سرت.
ومع تعثر الحوارات الليبية الليبية، يُخشى من عودة الاشتباكات، خاصة بعدما توقف المتحاورون عند تفاصيل تقنية تخص تسمية المسؤولين التنفيذيين في الدولة. وفي السياق استحثت رئيسة البعثة الأممية ستيفاني وليامز الفرقاء الليبيين للوصول إلى توافق في الأيام العشرة الباقية من عمر مهمتها المديدة، قبل تسليم الملف إلى الموفد الأممي الجديد، البلغاري نيكولاي ميلادينوف. وفي بيان منشور على صفحة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أكدت وليامز أنه “لا مجال لإضاعة الوقت وتمييع الاستحقاقات التي تم التوافق عليها في خريطة الطريق” وهي تقصد على الأرجح الانتخابات العامة المقررة للعام المقبل.
ويتطابق موقف وليامز هذا مع الزيارات الميدانية التي يقوم بها هذه الأيام السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، وكانت آخرها إلى مدينة مصراتة، ذات الوزن الاقتصادي والسياسي والعسكري الكبير، حيث عرض مع نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق المرحلة التي بلغتها الحوارات، والقضايا التي تعيق التوافق على تنفيذ خريطة الطريق، مجددا دعم أمريكا للحل السياسي ولحزمة الإصلاحات الاقتصادية. ولوحظ أن نورلاند تقصَد الإشارة إلى ضرورة توحيد المصرف المركزي وتوحيد سعر الصرف اعتبارا من الثالث من الشهر المقبل. ولقي هذا القرار الذي اتخذه مجلس إدارة المركزي بالاجماع، تجاوبا واسعا لدى الأوساط الليبية، لانعكاساته المتوقعة في التخفيف من المعاناة اليومية للمدنيين. إلى ذلك اعتُبر القرار خطوة نحو توحيد فرعي المصرف المركزي، في طرابلس (مقره الرسمي) وبنغازي، باعتباره إحدى المؤسسات السيادية للدولة. ومن الدلالات الإيجابية البارزة لهذه الخطوة أن اجتماع مجلس الإدارة، الذي اتُخذ فيه القرار، هو الأول للمجلس في السنة الجارية.

المؤسسة المصرفية مشلولة

غير أن شخصيات أخرى انتقدت بشدة هذا الإجراء، مُعتبرة إياه مواصلة لسيطرة البيروقراطية واحتكارها للاقتصاد الليبي. وهاجم الخبير محمد بويصير، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، قرار تعديل سعر الصرف، واصفاً إياه بكونه “محاولة فاشلة جديدة من البيروقراطية التي تحتكر الاقتصاد الليبي”. وأكد أن “المؤسسة المصرفية المشلولة” في إشارة إلى المصرف المركزي، لا تُؤمن حتى 50 في المئة من حاجات السوق من الدولار، بالنظر إلى أن السوق الموازية “تُؤمن أكثر من نصف الحاجات من العملات الأجنبية” على ما قال.
أكثر من ذلك أظهرت ردود فعل مواطنية نقلتها كل من “قناة 24” وبوابة “الوسط” الليبيتين، أن مواطنين اعتبروا أن “تعديلا بهذا الشكل يُعد تغطية على المليارات التي سرقها المسؤولون من أموال الشعب” فيما حذر آخرون من أن سعر الصرف الجديد ستترتب عليه زيادة في أسعار المحروقات، وغيرها من المواد الاستهلاكية المدعمة والخدمات. وفي السياق رأى عضو مجلس النواب علي السعيدي أن المسار الاقتصادي كان أفضل مسار، وأغلب الأعضاء كان قلبهم على الوطن، لكن البعثة (الأممية) “تجاهلت هذا المسار، وذهبت إلى توحيد سعر الصرف، الذي يذهب بالبلاد إلى المجهول، من دون النظر في الترفيع من مرتبات المواطنين، إذ صار دخل الشخص المتقاعد مائة دولار فقط شهريًا”.

التفاف على العراقيل

والظاهر أن الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة في ليبيا وليامز حاولت تفادي هذا العطل، بالالتفاف على المعوقات السياسية مُعلنة، الخميس الماضي، عن تشكيل اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي، التي ستوكل إليها مهمة العمل على وضع الترتيبات اللازمة للانتخابات العامة، المقررة للسنة المقبلة. لكنها لم تكشف النقاب عن أسماء أعضاء اللجنة، وأرجأت ذلك إلى “الأيام المقبلة”.
ويجوز القول إن ملتقى الحوار السياسي الليبي ما زال يدور حول نفسه، إذ اقتصر اجتماعه الأخير على استعراض الحضور آراءهم ومقترحاتهم لتحديد أنسب الآليات لاختيار رؤوس السلطة التنفيذية، التي ستتولى قيادة المرحلة التمهيدية، قبل حلول ميقات الانتخابات الوطنية.
وفي خطوة موازية عقدت اللجنة الاقتصادية اجتماعات يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، في جنيف، بإشراف وليامز، واتفق أعضاؤها على الاجتماع بشكل دوري “لدعم الإصلاحات الكفيلة بتخفيف معاناة الشعب الليبي، بما في ذلك متابعة التقدم الذي تم إحرازه في اجتماع مجلس إدارة المصرف المركزي، في شأن توحيد سعر الصرف في البلد”.
وبموازاة تلك المراوحة على المحور الاقتصادي، ما زال الوضع مرتبكا على المحور السياسي أيضا، بسبب رغبة أكثر من نصف أعضاء البرلمان باستبعاد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح من منصبه، وإحلال شخصية توافقية محله. وفي هذا الإطار سعى عدد مهم من المشاركين في حوارات تونس وطنجة وغدامس إلى عقد جلسة برلمانية موحدة في غدامس من أجل انتخاب رئاسة جديدة للبرلمان، تطبيقا لما جاء في محادثات طنجة. وتبلور في تلك المحادثات سعي أغلبي إلى توحيد المجلس، بعد ست سنوات من الانقسام، في ظل رئاسة صالح، الذي انحاز للجنرال حفتر. بيد أن بعض النواب طرح إشكالا قانونيا يتمثل في أن الجلسة التشاورية ستكون غير شرعية إذا ما عُقدت خارج بنغازي أو طبرق (المقر المؤقت للبرلمان) وإذا ما تمت من دون دعوة رسمية من رئيس المجلس.

التفاف على العقبات؟

اهتدى الطرف المقابل إلى مخرج قانوني يتمثل بأن تكون الجلسة الأولى مخصصة لتغيير اللائحة الداخلية، ما يمنح صلاحيات لنائب الرئيس لعقد جلسة رسمية يترأسها، وبعدها تنطلق الجلسات الأخرى، خاصة أن إحدى المواد تشير صراحة إلى عقد مثل هذه الجلسة في حالة عجز الرئاسة عن تنظيمها أو تعمد الإضرار بمصلحة البرلمان.
وفي الأخير تم الاتفاق خلال الاجتماع الأول من نوعه بين 127 نائبا على تأجيل الجلسة إلى غد أو بعد غد، حتى يتسنى لأكبر عدد من النواب الحضور. وبالإضافة إلى رئاسة المجلس، ستتم مناقشة مكتب الرئاسة والدورة الرئاسية وتعديل اللائحة الداخلية للبرلمان، وإعادة انتخاب اللجان البرلمانية والفنية. لكن ما لم تتوافر الأرضية الخصبة لتجاوز معضلة توحيد البرلمان سيكون مصير تشكيلة السلطة التنفيذية الجديدة، في حال إقرارها، معلقا لأنها بلا غطاء شرعي، بينما هي تحتاج إلى التصديق عليها من مجلس النواب.
وسط هذا المناخ المشحون، وفي ظل ضعف قبضة الدولة، عادت الصراعات والمشاحنات القبلية لتطفو على السطح، بعدما غابت أو كادت تختفي في الفترة السابقة، وخاصة في مدن الجنوب، حيث الأجهزة الأمنية للدولة مشلولة. وامتدت هذه الظاهرة إلى الشمال أيضا، إذ اندلعت الخميس الماضي، اشتباكات مسلحة بين شباب ينتمون إلى قبيلتين في مدينة طبرق (شمال شرق) أسفرت عن سقوط أربعة قتلى وعدد من الجرحى. وما سهل اللجوء إلى الأسلحة وجودها بكثافة في جميع المناطق، وبين أيدي القبائل والأجسام شبه العسكرية، التي تفرض قوانينها وقراراتها على المدنيين. ويتعين، من أجل محاصرة هذه الظاهرة، عودة مؤسسات الدولة إلى دورها، وخاصة المؤسستين الأمنية والعسكرية، وهو أمر لا يتحقق إلا بتنفيذ خريطة الطريق، المتفق عليها في برلين مطلع العام الجاري.

السراج يستعرض المسار العسكري مع أعضاء لجنة “5+5”

 

بحث رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج مع ممثلي حكومة الوفاق الوطني في اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” مستجدات المسار الأمني والعسكري.

وبحسب إعلام المجلس الرئاسي فقد تم في الاجتماع الذي عقد في طرابلس بحضور اللواء أحمد أبوشحمة، وأعضاء اللجنة، استعراض تفاصيل الترتيبات الأمنية المتعلقة بوقف إطلاق النار، وعملية تأمين المنطقة، إلى جانب الآليات التنفيذية على الأرض.

يشار إلى أن وزير الدفاع المفوض بحكومة “الوفاق”، صلاح الدين النمروش، كان قد لوّح قبل نحو 5 أيام بالانسحاب من اتفاق اللجنة العسكرية المشتركة “5+”5، مُرجعًا لذك لما وصفه بـ”انتهاكات حفتر”، معبّرا عن استغرابه مما وصفه بـ”صمت البعثة الأممية والمجتمع الدولي على تحركات قوات “حفتر”، وتهديدها اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب”.

وعلى الجانب الأخر أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي للجيش الوطني، اللواء خالد المحجوبقبل نحو أسبوعين، أن لجنة “5+5” رفعت توصياتها إلى مجلس الأمن لإصدار قرار بها، مشيرًا إلى أنه يتوجب على حكومة الوفاق الالتزام بتنفيذ الاتفاق رغم اعتراض بعض المجموعات المسلحة.