وكان طرفا النزاع الليبي أعلنا في وقت سابق في ختام جولة ثانية من الحوار في المغرب، أنهما توصلا إلى اتفاق بشأن المؤسسات السيادية. وشدد الطرفان على وجوب أن تقر المؤسسات الدستورية في ليبيا ما تم التوصل إليه من تفاهمات “للمضي قدما في إجراءات تجديد هياكل المؤسسات السيادية”.
ولم يقدم البيان الصادر عنهما وقتها أي تفاصيل حول فحوى التوافقات التي تم التوصل إليها، إلا أنه أكد عزم الطرفين على “الاستمرار في لقاءاتهما التشاورية بالمملكة المغربية لتنسيق عمل المؤسسات السياسية والتنفيذية والرقابية بما يضمن إنهاء المرحلة الانتقالية”.
عدد جديد من مجلة “شؤون ليبية” : ليبيا واجهةُ التمدد التركي في المتوسط وفرنسا الخاسر الاستراتيجي
تحت عنوان ” ليبيا واجهة التمدد التركي في المتوسط” كتب الباحث الليبي ابراهيم محمد الغدامسي، في العدد الجديد من مجلة “شؤون ليبية”، عما أسماه عودة تركيا إلى الفضاء المتوسطي، بعدما كانت قد أمضت سنوات تطرق أبواب الاتحاد الأوروبي، أملا في الحصول على عضوية كاملة. وقد اعترضت دول وازنة في الاتحاد على ضم بلد إسلامي قوامه قرابة 100 مليون ساكن، بالرغم من أن أنقرة قبلت بسن قوانين جديدة وتنفيذ إصلاحات تستجيب للشروط والمعايير الأوروبية.
ومنذ أغلق الأتراك، في عهد “حزب العدالة والتنمية” الأصولي، قوس المفاوضات مع الأوروبيين، استداروا إلى محيطهم الاستراتيجي يبحثون عن بناء تحالفات جديدة. وبالاضافة إلى بلدان آسيا الوسطى، المرتبطة تاريخيا بالدولة العثمانية، مثل أذربيجان وأوزباكستان وتركمانستان، ركزت تركيا أيضا على محيطها المتوسطي، بدءا من سوريا وليبيا وتونس وصولا إلى الجزائر. وبات هذا الفضاء يحظى بالأولوية في خطط “العدالة والتنمية” على إثر صعوده إلى سدة الحكم في عام 2002. ووصف مُنظر الحزب أحمد داود أوغلو، الذي تولى لاحقا رئاسة الحكومة، هذه المنطقة الممتدة من آسيا الوسطى إلى شمال أفريقيا، بـ”العمق الاستراتيجي”. وهو يرى في المنطقة المتوسطية جسرا لتحويل تركيا إلى قوة اقليمية متوسطة الحجم، كما يقول الغدامسي.
دور محوري لألمانيا
ورصد الكاتب والباحث عُبادة الحاسي، من جانبه، في العدد الجديد من المجلة، التقهقر الاستراتيجي لفرنسا في ليبيا، مع بروز الدور المحوري لألمانيا في السعي إلى دفع الأزمة الليبية نحو مربع السلام، مشيرا إلى تراجع القوى الأوروبية التقليدية، وخاصة فرنسا، التي “تحصد ثمار أخطائها في ليبيا ومنطقة الساحل وشرق المتوسط” بحسب ما كتب الحاسي. واعتبر الباحث أن المراهنة على حفتر كانت خطأ استراتيجيا، مشيرا إلى أن “المديرية العامة للاستخبارات الخارجية” قدمت المشورة إلى قوات الشرق الليبي، على مدى سنوات، عبر ذراعها العسكرية “سرفيس أكشن”، بعنوان المساعدة على ملاحقة تنظيم “داعش”. وأدى إسقاط مروحية في بنغازي ومقتل ثلاثة من ضباط المخابرات الفرنسية الخارجية كانوا على متنها، إلى كشف النقاب عن حجم الدعم الفرنسي للجنرال المتقاعد حفتر، إذ تحدثت بعض المصادر عن وجود ما لا يقل عن مئة ضابط ومستشار فرنسي في المنطقة الشرقية. لكن هذه الأرقام تبقى عادة في كنف السرية.
دعم بالمستشارين والصواريخ
ويضيف الحاسي “إمعانا في التحيُز ضد حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، تلقى عناصر من القوات الخاصة الفرنسية تعليمات بمرافقة قوات حفتر لدى زحفها نحو العاصمة طرابلس في 4 أفريل 2019. وأزاحت هزيمة تلك القوات في غريان، جنوب العاصمة، الستار عن حجم الدعم الفرنسي، إذ هربت مجموعة من “المستشارين” عبر الحدود، فيما عُثر في القاعدة العسكرية على صواريخ فرنسية مضادة للدبابات من طراز “جافلان” في صناديقها.
وتضمن العدد 16 من مجلة “شؤون ليبية”، التي يصدرها “المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا”، بإدارة الزميل رشيد خشانة، مجموعة من المقالات والدراسات بالعربية والانكليزية والفرنسية، من بينها دراسة عن تاريخية المسالة الدستورية في ليبيا، بقلم الدكتور عبد المجيد الجمل أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة صفاقس. ويُظهر الدكتور الجمل أن المسألة الدستورية كانت ومازالت من المسائل التي أثارت جدلا وفجرت صراعات عديدة سواء بين النخب الليبية أو بينها وبين القوى الاجنبية طيلة الفترة الاستعمارية (1911-1952). فأثناء الاحتلال الايطالي (1911-1943) كان مطلب الدستور من مطالب النضال الوطني. و كان ظهور دستور الجمهورية الطرابلسية سنة 1920 والقانون الأساسي ببرقة في نفس الفترة تقريبا، تجسيما لهذا النضال واستكمالا له.
تعدد الأحزاب والجمعيات
واتسمت فترة الاستعمار الانكليزي ببرقة وطرابلس (1943-1952) مقارنة بفترة الاستعمار الايطالي وكذلك الاستعمار الفرنسي بفزان ( 1943-1952)، اتسمت بتعدد الأحزاب والجمعيات ببرقة وخاصة بطرابلس، وكذلك بظهور وثيقتين دستوريتين: دستور برقة سنة 1949 ودستور ليبيا الموحدة سنة 1952، الذي تم انجازه من قبل جمعية وطنية وبتوافق بين مختلف مكونات المجتمع الليبي.
وتنبغي الاشارة هنا أيضا إلى أن من خصوصيات التطور الدستوري بليبيا، الدور المهم للقوى الدولية، كما بين ذلك القرار الصادر عن الأمم المتحدة في سبتمبر 1949،حيث تم تطبيقا له انجاز دستور 1951. وخلال فترة الاستقلال في ظل حكم محمد إدريس السنوسي (1952-1969) تم إدخال تعديلات على دستور 1951 في أفريل 1963، ألغي بمقتضاها النظام الاتحادي. أما في فترة حكم معمر القذافي (1969-2011) فتم إلغاء دستور 1952 وإصدار إعلان دستوري في ديسمبر 1969، تم إلغاؤه لاحقا حيث تم إرساء حكم فردي، إلى 2011 تاريخ سقوط نظامه.
واشتمل العدد الجديد من “شؤون ليبية” على مواد أخرى، إذ كتبت أريج خطاب عن التحرش والاغتصاب وتبعات الخوف، انطلاقا من مثالين من ليبيا ومصر، كما كتب رشيد خشانة مقالا تحليليا حول ما إذا كانت الانتخابات ممكنة في مارس أم لا، فيما تطرق الأكاديمي الليبي الدكتور علي الحوات إلى “تفشي فيروس كورونا 19 وتأثيره على المجتمع الليبي، وخاصة في قطاع التعليم”. أما القسمان الفرنسي والانكليزي من المجلة فجاءا حافلين بالدراسات والمقالات بأقلام فريديريك بوبان وجيريمي برليو وبينوا فيتكين وفهيم تستاكين وآخرون.
خلال لقائه رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي.. باشاغا: البيئة الليبية جاهزة لاتفاق سياسي

قال وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني الليبية فتحي باشاغا إن وجود مرتزقة فاغنر في حقول النفط أربك المشهد السياسي في البلاد، إلا أنه اعتبر أن البيئة الليبية جاهزة الآن لإعلان اتفاق سياسي شامل.
وأضاف باشاغا -خلال لقائه في طرابلس رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا خوسيه أنطونيو- أن الأوضاع مهيأة الآن لإعلان اتفاق سياسي يجمع كل الفرقاء، جاء ذلك حسب بيان للداخلية نشرته عبر صفحتها في فيسبوك.
وأكد المسؤول الليبي أن البيئة جاهزة الآن في ليبيا لإعلان اتفاق سياسي يجمع كل الليبيين، ولعل نتائج ومخرجات اللقاءات الخارجية بين الفرقاء خير دليل على ذلك، وهي فترة تاريخية لليبيا.
وأضاف باشاغا أن الليبيين يتطلعون إلى قيادة سياسية واحدة تخرج بالبلاد إلى بر الأمان، بعيدا عن أي جهوية أو مناطقية.
حراك سياسي
وتشهد الفترة الأخيرة حراكا سياسيا ملموسا بخصوص الأزمة الليبية، يتمثل في حوارات لأطراف الصراع استضافتها عدة دول مثل المغرب ومصر وسويسرا ومالطا، إضافة إلى حوار مرتقب أواخر الشهر الجاري في تونس.
وتناقش تلك الحوارات مسارات عدة للحل، منها الدستوري والسياسي والعسكري.
ويسود ليبيا، منذ 21 أغسطس/آب الماضي، وقف لإطلاق النار تنتهكه من آن إلى آخر قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المدعومة من مجلس نواب طبرق (شرق).
دعم وأمل
وفي شأن آخر، أكد باشاغا لسفير الاتحاد الأوروبي أن ليبيا تتطلع إلى دعم دوله لها في كافة المجالات، خاصة الخدمية منها.
من جانبه، أعرب السفير عن أمله في عودة زمام الأمور لليبيين دون أي تدخل خارجي، مؤكدا أن ليبيا بلد آمن وهي ساحة عمل لكافة الجنسيات العربية والأجنبية.
وتطرق الطرفان -خلال اللقاء- إلى موضوع الهجرة غير القانونية التي أصبحت مصدر قلق لدول المنطقة بالكامل، وكذلك ملف التعاون الأوروبي الليبي في كافة المجالات، خاصة التعاون مع إيطاليا وفق البيان.
ومنذ سنوات، تعاني ليبيا -البلد الغني بالنفط- صراعا مسلحا، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع قوات حفتر، الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
الحوار الليبي.. تفاؤل أممي قبل مباحثات تونس والجزائر تسعى للمشاركة

قالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز إن “ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي ستحتضنه تونس مطلع نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يعد فرصة حقيقية لتحقيق تقدم في العملية السياسية الليبية”.
وقالت ويليامز عقب لقاء مع الرئيس التونسي قيس سعيد، إنها لمست إرادة صادقة لدى مختلف الفرقاء الليبيين من أجل تحقيق المصالحة الوطنية.
وتأتي زيارة وليامز لوضع الترتيبات اللازمة للحوار وإطلاع الرئيس التونسي على أهم مخرجات جولات الحوار المنبثقة عن مسار برلين، وفق ما أشارت إليه الرئاسة التونسية.
وكانت وليامز قد أعلنت أن الأمم المتحدة سترعى ابتداء من 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري محادثات مباشرة لأول مرة بين وفدي اللجنة العسكرية لمجموعة 5+5 في جنيف بهدف الوصول إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في ليبيا.
بدوره، أبدى الرئيس التونسي تفاؤله بمنح دفعة للحوار الليبي المرتقب في تونس، تمهيدا للتوصل إلى اتفاق ينهي النزاع الممتد منذ 2011 في البلد الجار.
وقال سعيد إن “تونس ستوفر كل إمكاناتها اللوجيستية والمادية من أجل إنجاح الحوار الليبي”.
ترحيب جزائي
وفي سياق متصل، رحب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الاثنين، باستضافة تونس لملتقى الحوار السياسي الليبي الشامل، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وأكد تبون خلال مكالمة هاتفية مع نظيره التونسي، أن الجزائر تقف دائما إلى جانب تونس.
وأعلن محمد القبلاوي المتحدث باسم الخارجية الليبية، في وقت سابق الاثنين، أن الجزائر أبدت رغبتها بالمشاركة في الحوار الليبي الجاري حاليا، وذلك خلال لقاء جمع وزير الخارجية الليبي محمد سيالة، والسفير الجزائري في طرابلس كمال عبد القادر.
وتتواصل في القاهرة، منذ الأحد، فعاليات اجتماع المسار الدستوري الليبي، برعاية الأمم المتحدة ومشاركة وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس نواب طبرق (شرق)، الموالي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وتوصل طرفا الحوار الليبي إلى تفاهمات في المغرب الأربعاء الماضي بشأن معايير شغل المناصب السيادية في ليبيا.
ومنذ سنوات يعاني البلد الغني بالنفط من صراع مسلح، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة، مما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
ويسود ليبيا، منذ 21 أغسطس/آب الماضي، وقف لإطلاق النار تنتهكه قوات حفتر من آن إلى آخر.
نورلاند: ما زلنا قلقين بشأن الوجود المتزايد للقوات الأجنبية في ليبيا.. ونستهدف خلق وضع أكثر استقرارا وأقل خطرا

جدد سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، تأكيد بلاده على رفض أي تصعيد عسكري في ليبيا، محذرًا من خطر إطالة الصراع وانتشاره حال عدم التقيد برفض التصعيد، معتبرًا الحوار الليبي الذي تقوده الأمم المتحدة بمثابة الطريق الوحيد الذي يفضي إلى «حل ذات سيادة ليبية».
كما جدد نورلاند خلال حواره مع جريدة «الأخبار» المصرية المنشور على موقعها الإلكتروني، أمس الأربعاء، على التأكيد على استخدام واشنطن جميع أدواتها الدبلوماسية لـ«خلق وضع مستقر أكثر، وأقل خطرًا، وعملية سياسية تقود إلى حل في ليبيا»، مشددًا على أن «واشنطن تشارك على أعلى المستويات جميع أطراف الصراع المنقسمين سواء الليبي أو الدولي للحث على ضبط النفس، ودفع العملية السياسية التي تحافظ على سيادة الشعب الليبي وحماية المصالح المشتركة للولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا».
وعبر عن «تفاؤله» لأن «ليبيا تتحرك في الاتجاه الصحيح من خلال الحوار السياسي»، وأشار إلى أن التفاف الليبيين حول هذا المنتدى، «سيمكننا من رؤية تقدم كبير بسرعة»، لكنه لفت إلى أن «التجربة أثبتت أنه يمكن أن تكون هناك دائمًا عوامل معقدة».
الحل السياسي في ليبيا يتحسن
وحث نورلاند الليبيين على رفض النزاع المسلح، وبناء حوار سياسي، وإظهار الشجاعة السياسية، مشيدًا في هذا الإطار بدعوة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في بيانين منفصلين نهاية أغسطس الماضي، إلى «وقف إطلاق النار، واستئناف عمليات الضخ بقطاع النفط، والعودة إلى المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة».
وفي وقت رأى السفير الأميركي أن «الحل السياسي في ليبيا يتحسن»، بعد التقدم «الكبير» في الحوار الذي تجريه الأمم المتحدة في مونترو، واستئناف منتدى الحوار السياسي الليبي، لكنه أشار إلى استمرار معاناة المواطنين الليبيين من مشكلات مثل انقطاع الكهرباء، وندرة المياه، والسيولة المالية المحدودة، كل ذلك مع انتشار جائحة «كورونا»، معتبرًا إعادة افتتاح قطاع النفط وتحقيق تقدم على الصعيد السياسي «خطوات مهمة» لحل هذه المشكلات وتحسين مستويات المعيشة لليبيين.
محادثات الغردقة خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح
وبخصوص الوضع الأمني في ليبيا، اعتبر السفير الأميركي المحادثات الأخيرة التي جرت بمدينة الغردقة المصرية «خطوة مهمة جدًا» في الاتجاه الصحيح نحو عدم التصعيد والتهدئة في هذا الملف، مشيدًا في هذا السياق بدور مصر في تيسير تلك المحادثات «المهمة».
ونوه بدور مصر في «توسيع الحوار السياسي بين الغرب والشرق في ليبيا»، وقال:«لهذا السبب أزور القاهرة للتشاور حول أفضل السبل لدعم منتدى الحوار السياسي الليبي والخطوات التالية نحو تسوية سياسية دائمة للحرب والصراع في ليبيا».
– نورلاند يلتقي عقيلة صالح بالقاهرة ويشيد بالليبيين الداعمين الحوار السياسي
– نورلاند يجري مشاورات بالقاهرة.. ويشكر مصر لاستضافة محادثات الغردقة حول الأمن في ليبيا
– بومبيو يعد باستخدام «ترسانة» الدبلوماسية الأميركية.. ونورلاند يجري مشاورات حول ليبيا في باريس
– السفير الأميركي: المحادثات العسكرية بين الفرقاء الليبيين في مصر دليل على نجاح الأمم المتحدة
وقال نورلاند: «بشكل عام، النزاع المسلح في ليبيا حاليًا أقل بكثير مما كان عليه منذ عدة أشهر ولكننا ما زلنا قلقين بشأن الوجود المتزايد للقوات الأجنبية، بما في ذلك المرتزقة والمجموعات المسلحة والمفسدين الذين يمكن أن يهددوا التقدم الحالي نحو حل سلمي في ليبيا»، لكنه عبر عن تفاؤله بعدما بدأ «القادة السياسيون الليبيون حوارًا بناء وإرادتهم متزايدة لكتابة مستقبل أفضل لليبيا خال من التدخلات العسكرية الأجنبية».
التخلص من الميليشيات والمرتزقة
واعتبر السفير أن «التخلص من الميليشيات والمرتزقة والجماعات الإرهابية من أهم المهام لضمان مستقبل مستقر في ليبيا»، لافتًا إلى أن «الاشتباكات الأخيرة التي وقعت بين الميليشيات تؤكد ضرورة العمل باستمرار دون توقف لإنشاء جيش واحد تحت سلطة مدنية». ولفت إلى الحاجة إلى «دعم الجهود التي يقودها الليبيون لجمع الميليشيات من جميع أنحاء البلاد وتسريحهم»، مؤكدًا أنه من «الصعب الوصول إلى ذلك إلا من خلال قوات أمن ليبية موحدة وقوية».
وقال إن القادة في جميع أنحاء ليبيا يدركون «الحاجة إلى إصلاح القطاع الأمني، وأعتقد أنه يمكن تحقيق ذلك، وسيكون من الأسهل تحقيق ذلك إذا تمكن القادة الليبيون من التوصل إلى سلطة تنفيذية تعمل للمستقبل»، مؤكدًا أن حل النزاع الليبي يقضي نهائيًا على أي تبرير «لاستمرار وجود المرتزقة الأجانب».
أزمة الكهرباء
وبخصوص أزمة الكهرباء في ليبيا، قال نورلاند إن هذه الأزمة تأتي جراء الصراع المسلح والفساد والإغلاق القسري لقطاع النفط، لافتًا إلى عمل بلاده مع الليبيين والأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتشجيع الإصلاحات الاقتصادية الهادفة، وزيادة الشفافية والمساءلة، وتعزيز المؤسسات الموحدة والمستقلة التي تعمل لصالح جميع الليبيين.
وأشار إلى أن ذلك يشمل برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية التي تعمل على دعم توصيل الكهرباء لجميع أنحاء ليبيا، منبهًا إلى المشاركة في رئاسة مجموعة العمل الاقتصادية التي تم إنشاؤها في إطار مؤتمر برلين، والعمل مع شركاء دوليين مثل مصر.
ويتطلب حل انقطاع الكهرباء، حسب السفير، استعادة عائدات النفط، وإجراء تحسينات في قطاع الكهرباء سواء في الإدارة أو في البنية التحتية، وأيضًا الاستثمار في العملية السياسية التي سيناقشها منتدى الحوار السياسي الليبي.
ملف إعادة إنتائج وتصدير النفط
ورأى السفير الأميركي أن إعادة بدء إنتاج النفط في جميع أنحاء البلاد بـ«طريقة تحترم السيادة الليبية» أمر «مهم جدًا» لاستقرار الوضع الاقتصادي، ولكنه حض جميع الأطراف على «رفض محاولات عسكرة أو تسييس قطاع الطاقة».
وقال: «طالبنا بإعادة فتح قطاع النفط بالكامل وإخراج القوات العسكرية من جميع المنشآت النفطية، لأنه بهذه الطريقة ستتمكن المؤسسة الوطنية للنفط من مواصلة عملها ككيان غير سياسي لصالح الليبيين»، وأضاف: «يعد الاستئناف الجزئي لإنتاج النفط وتصديره أخيرًا إشارة جيدة، إلا أنه لا يزال هناك مزيد التقدم الذي يتعين إحرازه في إعادة الموارد الطبيعية الليبية والمنشآت إلى السيطرة الليبية».
ليبيا: مبادرة فرنسية للتشويش على مسار برلين ومؤتمر تونس يحسم الدستور والانتخابات
رشيد خشانة – حدثان غيرا مجرى الصراع في ليبيا هما زيارة الجنرال خليفة حفتر إلى موسكو في 2018 لأخذ الموافقة على إرسال عناصر الشركة الأمنية الروسية “فاغنر” لدعم قواته في شرق ليبيا. والثاني هو التوقيع على الاتفاقية البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني، في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 بالإضافة إلى اتفاق للتعاون العسكري. وأثمر دخول تركيا إلى مسرح الحرب، تغيير موازين الصراع، واستطرادا إحباط هجوم عسكري على طرابلس شنته قوات شرق ليبيا، المدعومة من روسيا ومصر والإمارات، في حزيران/يونيو الماضي، ما اضطرها إلى انسحاب فوري وغير منظم حتى مدينة سرت.
أخطاء الوسطاء السابقين
استثمر الألمان، بعد أيام من تسلمهم رئاسة الاتحاد الأوروبي، الوضع الجديد في ليبيا لمحاولة إنجاز ما عجز عن تحقيقه وسطاء سابقون، فأطلقت المستشارة إنغيلا ميركل في مطلع العام، مبادرة لجمع القوى الإقليمية والدولية المُتداخلة في الصراع الليبي، من أجل تسوية سلمية للنزاع. واستفاد الألمان من أخطاء الوسطاء السابقين، وخاصة فرنسا وإيطاليا، فقاموا بتجزئة الحوار إلى ثلاثة مسارات: سياسي وعسكري واقتصادي مالي. وتوصل وفدان من المجلس الأعلى للدولة (مقره في العاصمة) ومجلس النواب (مقره في طبرق- شرق) في أعقاب اجتماعات في مدينة بوزنيقة المغربية، إلى اتفاق مبدئي على توزيع المناصب السيادية في الدولة. وشجع ذلك التقدم على تسريع مسارات التشاور الليبية الأخرى، سواء في ألمانيا أو مالطا أو مصر أو سويسرا أو تونس.
ويمكن القول إن تضافر ثلاثة عناصر مستجدة، ساهم في تحريك الوضع الليبي، والدفع نحو إنهاء القتال، وتوجيه البوصلة تجاه الحلول السلمية، وهذه العناصر هي تولي ألمانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي، مع عضويتها في مجلس الأمن، وسعيها لتحقيق نجاح دولي خلال هاتين الفترتين المتوازيتين. ومن شأن هذا النجاح أن يكرس الزعامة الألمانية للاتحاد، لكون معظم الدول الأوروبية تشكو من استمرار نزاع مسلح في الضفة الجنوبية للمتوسط، وتعتبره خطرا على مصالحها الاستراتيجية وتهديدا لأمنها، بسبب تدفق موجات الهجرة غير النظامية على السواحل الأوروبية.
دعمٌ للزعامة الألمانية
أما عنصر النجاح الثاني فهو الغطاء الأممي الذي تحظى به المبادرة الألمانية، إذ كان الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش يجلس على يمين المستشارة في مؤتمر برلين1 وإلى جواره رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة (قبل استقالته من منصبه لاحقا). ويتمثل عنصر النجاح الثالث في الدعم الذي تلقاه الرئاسة الألمانية من أمريكا و15 دولة أخرى. وتجلى الاهتمام الأمريكي الكبير بهذا الملف من خلال الزيارات المكثفة لكبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين إلى المنطقة، في الفترة الأخيرة.
من الأكيد أن تسارع وتيرة اللقاءات، التي ترمي لإيجاد تسوية سلمية في ليبيا، ترمي في بُعد مهم من أبعادها، إلى تهميش روسيا، والحد من نفوذها في الساحل الجنوبي للمتوسط، بعدما وضعت قدما ثابتة في سوريا. وكان وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر واضحا في هذه النقطة، خلال اللقاءات التي عقدها في الجزائر والرباط وتونس أثناء جولته المغاربية الأخيرة. لكن لا يمكن اختزال الصراع الأهلي في ليبيا في السباق الأمريكي الروسي على النفوذ، في بلد يضم أكبر مخزون من النفط في أفريقيا.
مجموعة “فاغنر”
وأفادت مصادر مطلعة أن قائد القوات الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” الجنرال ستيفن تاونسند أفهم الجزائريين، خلال زيارته التي سبقت زيارة الوزير إسبر، أن في مقدم الأولويات الأمريكية في ليبيا إنهاء وجود المجموعة الأمنية الروسية الخاصة “فاغنر” التي تدعم الجنرال خليفة حفتر. كما أكد تاونسند أن الأمريكيين سيكونون بالمرصاد لإقامة قاعدة عسكرية في الشرق الليبي.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية بثت في تموز/يوليو الماضي صورا أظهرت سربا من طائرات النقل العسكرية الروسية من طراز “إيليوشين 76 أس” رابضة في قاعدة “الجفرة” في الشرق الليبي، الواقع تحت سيطرة الجنرال حفتر. كما اتهم الأمريكيون عناصر “فاغنر” بوضع ألغام في محيط مدينة طرابلس، عندما كانوا يُطوقونها، في تجاوز لقرارات الأمم المتحدة، القاضية بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، فضلا عن الخسائر البشرية التي سببها وما زال يُسببُها انفجار تلك الألغام. وفي السياق أصدر الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات ضد رئيس مجموعة “فاغنر” يفغيني بريغوجين، الصديق الشخصي للرئيس بوتين وصاحب سلسلة مطاعم فخمة في أوروبا.
وشرح مصدر ليبي مطلع لـ”القدس العربي” أن الجنرال حفتر هو صاحب فكرة الاستنجاد بعناصر “فاغنر” بعدما لاحظ فعاليتها في سوريا، ودورها الحاسم في استعادة مدينتي حلب وتدمر من الجماعات المسلحة. وزار حفتر موسكو في 2018 والتقى هناك وزير الدفاع الروسي سيرغاي شويغو، وأكد له أن عناصر “فاغنر” ستساعده على اقتحام طرابلس وأخذها بالقوة، عارضا على الروس صفقات نفط ومشاريع بنية أساسية وإعادة إعمار، لقاء الدعم العسكري.
الطائرات المُسيرة حسمت المعركة
وأوضح المصدر أن 300 مرتزق وصلوا إلى المنطقة الشرقية من ليبيا، عشية انطلاق الزحف العسكري على طرابلس في الرابع من نيسان/أبريل 2019 وقد جاءت بهم “فاغنر” من سوريا ومن إقليم دونباس شرق أوكرانيا، الذي كان في حرب مع كييف. وبعدما ساندوا قوات حفتر الزاحفة على طرابلس، مستخدمين أسلحة متطورة جدا، وجدوا أنفسهم على قاب قوسين من أخذها، غير أن الطائرات المسيرة التي حصلت عليها “حكومة الوفاق الوطني” من تركيا أحكمت السيطرة على الجو، وقصفت قوات حفتر، مُلحقة خسائر فادحة بعناصر “فاغنر”. وقدر موقع روسي مسجل في ليتوانيا عدد المرتزقة الذين قضوا في ذلك القصف بما لا يقل عن 35 بينهم قائد الكتيبة الهجومية الأولى ألكسندر كوزنتسوف، الذي اشتهر باسم “راتيبور”. وكان الأخير سُجن في قضايا إجرامية، لكنه ظهر في 2016 في صورة رسمية مع الرئيس بوتين. ونُقل “راتيبور” بعد تعرضه لإصابات بالغة في طرابلس، على جناح السرعة، إلى مستشفى في سان بيترسبورغ، مع منحه وشاح الشجاعة… للمرة الرابعة.
وبعدما لازمت موسكو الصمت على إثر تلك الهزيمة، اضطرت الناطقة باسم الخارجية ماريا زخاروفا، للتصريح بأنه لا يوجد قانون يُجيز للدولة الروسية منع مواطنيها من العمل حراسا شخصيين في الخارج. كما زعم مسؤولون روس أن ظهور حفتر في شريط فيديو، إلى جانب رئيس مجموعة “فاغنر” ووزير الدفاع شويغو، كان لأخذ صور تذكارية مع رئيس الطباخين في الكرملين بريغوجين.
استراتيجيا توسعية
وعلى العكس من ذلك، يؤكد خبراء في الشؤون الروسية أن مجموعة “فاغنر” باتت الوسيلة التي يراهن عليها الكرملين لاستعادة النفوذ، الذي كان يحظى به الاتحاد السوفييتي السابق، ويستدلون على ذلك بوجود عناصرها في 13 بلدا أفريقيا، حيث يتولون مهمات أمنية دقيقة، وخاصة الحماية الشخصية للرؤساء والزعماء. ويندرج هذا الانتشار في إطار الاستراتيجيا الروسية لتوسعة الحضور المدني والعسكري في القارة، مثلما تجلت في القمة التي دعا لها بوتين قرابة أربعين رئيسا أفريقيا في سوشي، يومي 23 و24 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
على أن الاستراتيجيا الروسية في ليبيا تقوم على الامساك بورقتين في آن معا، واحدة لليوم والثانية للغد. الأولى هي ورقة حفتر، التي عبدت الطريق للتوغل الروسي في شرق ليبيا، أما الثانية فهي ورقة سيف الإسلام القذافي، صاحب “مؤسسة الغد” قبل الثورة، الذي يسعى رجالُ الأمس، المستفيدون من النظام السابق، لترشيحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، بغية العودة بالبلد إلى المربع الأول.
الحسم في مسألة الدستور؟
والطريق إلى الانتخابات يتوقف على الحسم في مسألة الدستور، التي ظلت عالقة منذ أنهت “لجنة الستين” أعمالها بوضع مسودة لدستور جديد. وضمَت اللجنة مندوبين من المناطق الثلاث (الغرب/طرابلس والشرق/بنغازي وفزان/سبها). وفي مطلع أيلول/سبتمبر الماضي، مهّدت “مشاورات” بين الليبيين في مونترو بسويسرا الطريق أمام تسجيل تقدّم جديد، من خلال التوصّل إلى اتفاق بشأن تنظيم انتخابات في غضون 18 شهراً، وهي الخطة التي يبدو أن اجتماعات تونس في الشهر المقبل ستنكب على وضع روزنامتها التفصيلية.
ومع اقتراب الموعد الذي حدده رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، لتسليم مهامه لسلطة تنفيذية جديدة، أواخر الشهر الجاري، يشتد الضغط على المتحاورين، من أجل إنهاء المشاورات والخروج بحلول عملية، وهو ما شدد عليه المشاركون في مؤتمر برلين 2. هذا المؤتمر أطلق يوم 5 من الشهر الجاري، دعوة دولية لتسوية تنتهي بانتخابات. وشاركت في حوار برلين2 الذي عُقد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، ممثلون عن 16 دولة ومنظمة دولية، يبدو أنهم تعهدوا بالمساهمة في دفع مسار المصالحة قُدُما.
جدل الدساتير
وتتبوأ مسألة سن دستور جديد لليبيا، موقعا مركزيا قبل إطلاق المسار الانتخابي، سواء تعلق الأمر بانتخابات رئاسية أم برلمانية. فقد كانت المسألة الدستورية، وما زالت، من المسائل التي تثير الجدل وتفجر صراعات عديدة سواء بين النخب الليبية، أو بينها وبين القوى الأجنبية طيلة الفترة الاستعمارية (1911-1952). فأثناء الاحتلال الإيطالي (1911-1943) كان مطلب الدستور من مطالب النضال الوطني. وكان ظهور دستور الجمهورية الطرابلسية سنة 1920 والقانون الأساسي ببرقة في نفس الفترة تقريبا، تجسيدا لهذا النضال واستكمالا له.
واتسمت فترة الاستعمار الانكليزي ببرقة وطرابلس (1943-1952) مقارنة بفترة الاستعمار الإيطالي، وكذلك الاستعمار الفرنسي بإقليم فزان (1943-1952) اتسمت بتعدد الأحزاب والجمعيات ببرقة وخاصة بطرابلس، وكذلك بظهور وثيقتين دستوريتين: دستور برقة سنة 1949 ودستور ليبيا الموحدة سنة 1951 الذي تم انجازه من قبل جمعية وطنية، وبتوافق بين مختلف مكونات المجتمع الليبي.
وتنبغي الاشارة هنا أيضا إلى أن من خصوصيات التطور الدستوري بليبيا، الدور المهم للقوى الدولية، إذ تم إنجاز دستور 1951 تطبيقا للقرار الصادر عن الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 1949. وخلال فترة الاستقلال في ظل حكم محمد إدريس السنوسي (1951-1969) تم إدخال تعديلات على دستور 1951 في نيسان/أبريل 1963 ألغي بمقتضاها النظام الاتحادي. أما في فترة حكم معمر القذافي (1969-2011) فتم إلغاء الدستور، وإصدار إعلان دستوري في كانون الأول/ديسمبر 1969 تم إلغاؤه لاحقا، إذ أرسى القذافي حكما فرديا، استمر إلى 2011.
وفدان وخيارات عدة
واستضافت مصر في وقت سابق من هذا الشهر اجتماعا لاستكمال المسار الدستوري، شارك فيه وفد من المجلس الأعلى للدولة وآخر من مجلس النواب، إلا أن الوفد الأخير رفض مقترحات تقدم بها وفد المجلس الأعلى للدولة، تخص آليات إجراء الاستفتاء. وتضمنت ورقة مجلس الدولة عدة خيارات، بينها اعتماد مشروع الدستور الذي أعدته الهيأة التأسيسية المنتخبة، وصدقت عليه غالبية تزيد على ثلثي أعضائها، ليكون دستورا دائما للدولة الليبية، إذا ما حظي بغالبية مطلقة من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، أي من دون اللجوء إلى إجراء استفتاء. وثاني الخيارات هو إجراء استفتاء شعبي عام على مشروع الدستور الذي حرص واضعوه على احترام المعايير الديمقراطية الدولية، وتمثل الخيار الثالث بإجراء استفتاء شعبي عام على مشروع الدستور، بقانون يصدر بالتوافق بين المجلسين، طبقا للإعلان الدستوري (2011) والاتفاق السياسي الليبي (2015) وذلك بغالبية الثلثين من أصوات المقترعين، مع اعتبار ليبيا دائرة واحدة.
والعنصر المستجد ههنا هو المناخ الذي ساد المحادثات بين الوفدين، إذ أكدا في بيان مشترك أنهما أبديا “مرونة فائقة في الحوار” على مدى ثلاثة أيام، بحسب بيان صادر بعد انتهاء الاجتماعات. كما عبرا عن رغبتهما بإجراء جولة ثانية من المناقشات حول الترتيبات الدستورية.
إنهاء المرحلة الانتقالية؟
لكن يجب التسريع بهذه الجولة الثانية حتى تُعرض ثمرة أعمالها على المؤتمر الجامع، المقرر عقده في تونس، أواخر الشهر الجاري. وحسب تصريحات أدلى بها عضو المجلس الأعلى للدولة عبدالقادر احويلي لبوابة “الوسط” الليبية، اتفق الوفدان على ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية والبدء في ترتيبات المرحلة الدائمة، وهو رد غير مباشر على الأصوات المنادية بإقرار فترة انتقالية إضافية، قبل إجراء الانتخابات.
وعلى الرغم من مناخ الحوار السائد حاليا بين الغريمين الليبيين، تستمر الخشية من التأثيرات السلبية للقوى الإقليمية والدولية المتداخلة في الصراع الليبي الليبي، والتي يُعتقد أنها تحاول تعطيل المسار والتشويش عليه، مخافة تهميش دورها في مرحلة ما بعد الحرب. ويُعتبر الرئيس الفرنسي ماكرون من أهم المعرقلين للمسار الحالي، إذ أعلن عن قرب إطلاق مبادرة موازية لمسار برلين، وأوفد وزير خارجيته لودريان، إلى كل من الجزائر (وهي الزيارة الثالثة من نوعها) وتونس لإقناع رئيسيهما بدعم المبادرة الفرنسية، التي لم يكشف عن مضمونها.
مبادرة غامضة
غير أن السفير الفرنسي لدى مصر ستيفان روماتي، أكد في تصريحات صحافية أن باريس تُعدُ لإطلاق مبادرة جديدة لحل الأزمة الليبية “بالتنسيق مع مصر، وتضم دول الجوار والأطراف السياسية الفاعلة في الأزمة” على حد قوله. ولم يُخف الفرنسيون أنهم يعملون من أجل تنظيم اجتماع لدول الجوار الليبي “يمكن أن يُواكب العملية المسماة عملية برلين” ما يدل على أن الدبلوماسية الفرنسية لا تساهم في المطبخ المشترك، الذي تشارك فيه 16 دولة، بعنوان “مسار برلين” وإنما تطبخ بمفردها، مركزة على ضمان موقعها في اليوم التالي، بعد نهاية النزاع. والأرجح أن العمليات الموازية وتلغيم الملفات ستستمر، بل ستشتدُ مع التوافق على حلول واقعية، لكن الأمر بأيدي الليبيين، الذي باتوا قادرين اليوم، أكثر من أي وقت مضى، على تمييز الأصدقاء من الطامعين.
ليبيا.. نواب من “المجلس الأعلى” و”طبرق” يلتقون بالقاهرة الأحد
كشف مسؤول ليبي، السبت، أن اجتماعا سيعقد بين أعضاء في المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب بطبرق، في القاهرة، غدا الأحد، للتباحث حول المسار الدستوري لحل الأزمة الليبية.
وقال عضو بـ”المجلس الأعلى”، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، إن “المجلس شكل لجنة لمناقشة المسار الدستوري الذي تراعه البعثة الأممية للدعم في ليبيا، وتستضيفه العاصمة المصرية، غدا الأحد”، وفق ما ذكر لوكالة الأناضول التركية.
وأوضح العضو، أن اللجنة تتكون من 10 أشخاص بينهم ثلاثة من أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي بصفة مستشارين.
وفي السياق، قال عضو المجلس الأعلى للدولة ناصر مطرود، إن أعضاء لجنة الحوار التابعة للمجلس جرى توزيعهم على ثلاثة مسارات: التنفيذي في جنيف، والمناصب السيادية في المغرب، والدستوري في مصر.
وذكر مطرود، في تصريحات نقلتها قناة “ليبيا الأحرار” (محلية/خاصة)، أن “البعثة الأممية ستعمل في النهاية على جمع المشاركين في حوارات جميع المسارات في جلسة واحدة لإجراء صياغة نهائية لما جرى التوصل إليه”.
والجمعة، عقد نواب من المجلس الأعلى للدولة الليبي، وآخرون من مجلس نواب طبرق، اجتماعًا في مالطا، كجزء من محادثات الحوار الجارية في ليبيا.
وكتبت صحيفة “تايمز أوف مالطا”، الجمعة، أن مجموعة من السياسيين الليبيين الذين يلتقون في مالطا، باتوا قريبين من الحل بعد مباحثات السلام هنا.
بدوره، قال وزير الخارجية المالطي إيفاريست بارتولو: “هذه المبادرة، تجري في ضوء الجهود بقيادة الأمم المتحدة، ويجب على السياسيين الليبيين العمل سويًا من أجل بناء ليبيا من جديد”.
وشهد الأسبوع الجاري، حراكا سياسيا ملموسا بخصوص الأزمة الليبية، ووقع الفرقاء مسودة معايير اختيار المناصب السيادية عقب حوارات أجريت في المغرب، كما رعت ألمانيا والأمم المتحدة محادثات “برلين 2” التي دعت إلى إطلاق عملية سياسية شاملة لحل الأزمة.
تونس ستستضيف “الحوار السياسي” الليبي الشهر المقبل
قالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، إن ملتقى الحوار السياسي الليبي، سيعقد في تونس، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وقالت في بيان، إن الملتقى سيبدأ في 26 تشرين الأول/ أكتوبر باجتماعات تمهيدية عبر الاتصال المرئي، فيما تستضيف تونس الاجتماع المباشر الأول له مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر.
وأوضحت وليامز أن الملتقى يهدف لتحقيق رؤية موحدة حول ترتيبات الحكم التي ستفضي إلى إجراء انتخابات في أقصر إطار زمني.
وأضافت أنه سيتم اختيار المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي من مختلف المكونات الرئيسية للشعب بشرط عدم توليهم أية مناصب تنفيذية لاحقا.
ولفتت إلى أن الملتقى سيعقد وفق صيغة مختلطة نظرا لجائحة كورونا بحيث تكون هناك جلسات عبر الاتصال المرئي وأخرى مباشرة.
وكان نواب من المجلس الأعلى للدولة الليبي، وآخرون من مجلس نواب طبرق، عقدوا اجتماعًا في مالطا الجمعة الماضي، كجزء من محادثات الحوار الجارية في ليبيا.
وكتبت صحيفة “تايمز أوف مالطا”، الجمعة، أن “مجموعة من السياسيين الليبيين الذين يلتقون في مالطا، باتوا قريبين من الحل بعد مباحثات السلام هنا”.
وفي تصريح للصحيفة، أوضح عضو المجلس الأعلى للدولة، عبد العزيز طاهر خريبة، أنهم التقوا في مالطا لأنها حيادية، مؤكدًا عدم وجود أي شيء أفضل من لقاء الليبيين من أجل إيجاد حل لمشاكلهم.
من جانبه، أعرب النائب في برلمان طرابلس مصعب العبدي، عن سعادته لمحادثات الجمعة، معتبرًا أن المشكلة الرئيسية للأزمة الليبية تتمثل في التدخل الخارجي.
بدوره، قال وزير الخارجية المالطي إيفاريست بارتولو: “هذه المبادرة، تجري في ضوء الجهود بقيادة الأمم المتحدة، ويجب على السياسيين الليبيين العمل سويًا من أجل بناء ليبيا من جديد”.
أعضاء بمجلسي النواب والدولة الليبيين يؤكدون أن المرجعية في البلاد هي اتفاق الصخيرات
أكد أعضاء بمجلسي النواب والدولة الليبييين، السبت، أن المرجعية في البلاد هي الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية عام 2015.
جاء ذلك في بيان مشترك بعد اجتماعهم، صباح اليوم، في فاليتا المالطية، وذلك لبحث النقاط الخلافية في مساري جنيف وبوزنيقة المغربية، بحسب ما نشرته قناة فبراير (ليبية خاصة)، دون تفاصيل عن تلك النقاط.
وأضاف البيان المشترك أن “أي حلول تتجاوز مجلسي النواب والدولة تقوض العملية الديمقراطية الوليدة”.
وأشار إلى أن الاستفتاء على مشروع الدستور (لم يحدد موعده بعد) هو “حق أصيل للشعب الليبي ونرفض عرقلته بأي طريقة ومن أي طرف”.
وأعلن المشتركون رفضهم أي وجود عسكري في جميع المدن الليبية من أي جهة كانت.
و”اتفاق الصخيرات” جرى توقيعه في ديسمبر/ كانون الأول 2015، بين طرفي النزاع الليبي.
ونتج عن الاتفاق تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، لكن الانقلابي خليفة حفتر، سعى طوال سنوات إلى تعطيل الاتفاق وإسقاطه.
أما الإعلان الدستوري فتم إقراره عام 2011، إثرالثورة التي أطاحت بمعمر القذافي، ونص على أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن تعمل الدولة على إقامة نظام سياسي ديمقراطي مبني على التعددية السياسية والحزبية، بهدف التداول السلمي الديمقراطي للسلطة.
ومنذ سنوات يعاني البلد الغني بالنفط من صراع مسلح، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا حفتر الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
ويسود ليبيا، منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، وقف لإطلاق النار تنتهكه مليشيا حفتر من آن إلى آخر.
على هامش زيارة وزير الدفاع الأمريكي.. البنتاغون يتخوف من نفوذ صيني وروسي وتركي في شمال إفريقيا

يعد شمال إفريقيا في أجندة الإدارة الأمريكية منطقة مستقرة لا تتسبب في الكثير من المشاكل، لكن الأمر تغير مؤخرا نتيجة ظهور عوامل عسكرية جديدة أبرزها النفوذ الصيني وعودة النفوذ الروسي ثم سياسة تركيا العسكرية التي تثير قلق البنتاغون.
ومنذ عقود طويلة، لم يزر أي رئيس أمريكي دول شمال إفريقيا، ثم عادة ما يزور وزراء الخارجية شمال إفريقيا في مراحل متأخرة من كل إدارة أمريكية، ومن النادر جدا قيام وزير دفاع أمريكي بزيارة هذه المنطقة.
وعلى بعد شهر ونصف من الانتخابات الأمريكية والتي عادة ما تشهد جمود زيارات المسؤولين الأمريكيين إلى الخارج، حل وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر نهاية سبتمبر وبداية أكتوبر الجاري بكل من تونس والجزائر والمغرب. ووقع مع هذه الدول اتفاقيات تعاون عسكري ليست بالعادية لا سيما مع المغرب وتونس، بينما في الجزائر يقتصر التعاون على محاربة الفساد بحكم ارتباط هذا البلد بموسكو. ومن المحتمل أن تكون مقدمة لتعاون أشمل خلال السنوات المقبلة تماشيا مع إيقاع تعزيز دول كبرى لنفوذها في المنطقة.
وتأتي هذه الزيارة تحسبا لسياسة الإغراء التي تقوم بها كل من الصين وروسيا ومؤخرا تركيا، وهي الدول الثلاث التي تعزز نفوذها في البحر الأبيض المتوسط الذي كان حتى الأمس القريب مقتصرا على النفوذ الأوروبي والأمريكي أساسا. وتتخوف الإدارة الأمريكية من العوامل التالية:
سياسة الإغراء التي تقوم بها الصين تجاه مختلف دول العالم ومنها الدول الإفريقية، حيث تمزج بين المساعدة الاقتصادية والاستثمار المالي ثم بيع أسلحة متطورة التي تخلق توازنا بين الدول. ومن ضمن الأمثلة التي أقلقت الولايات المتحدة مؤخرا، قبول المغرب عرض الصين بإنشاء القطار السريع بين مدينتي مراكش وأكادير جنوب البلاد. ثم بيعها للرباط راجمات يتجاوز مداها 500 كلم، وهي الراجمات التي شكلت توازنا نسبيا مع كل من الجزائر وأساسا إسبانيا. وتسعى الصين الى قاعدة عسكرية ولو للدعم اللوجيستي المحدود في شمال إفريقيا أو الواجهة الأطلسية الممتدة من المغرب الى السينغال.
ومن جانب آخر، لا يرى البنتاغون بعين الرضى سياسة تركيا العسكرية من خلال محاولة الحصول على نفوذ في البحر الأبيض المتوسط. وبعدما نجحت في الحصول على تعاون استراتيجي مع ليبيا، تراهن كثيرا على تونس، وهي مثل الصين تمزج الإغراء العسكري والاقتصادي. وتشكل تركيا حالة خاصة للبنتاغون، فمنذ اقتناء هذا البلد صواريخ إس 400 الروسية وعزمه اقتناء مقاتلات سوخوي 57، يساوره شكوك حول مواقف أنقرة مستقبلا.
وبعدما استعادت نفوذها العسكري في عدد من المناطق، تسعى روسيا إلى بسط نفوذ أكثر، وتعد منطقة شمال إفريقيا استراتيجية لها. ولعل العامل الرئيسي الذي تراهن عليه موسكو هو عقيدتها العسكرية في العلاقات الدولية، توفير الحماية للدول الصديقة، وترجمت هذا مع الجزائر بعدما مدتها بأسلحة متطورة مثل إس 400 وصواريخ إسكندر التي تثير قلق أوروبا.
وكان المغرب قد بدأ الاقتراب العسكري من روسيا بعد زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو منذ ثلاث سنوات، ولكن الغرب ضغط على الرباط لتعود إلى الحظيرة الغربية، كما ضغط عليها لكي تتخلى عن القطار الصيني السريع.
وخلال الثلاث سنوات الأخيرة، شهدت منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط من تونس إلى مضيق جبل طارق مناورات حربية مكثفة منها بين روسيا والصين، وكانت الأولى من نوعها ثم مناورات للقوات الغربية.
المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا
تعريف:
تأسس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا في جوان - يونيو 2015 في تونس، وهو أول مركز من نوعه يعمل بكل استقلالية من أجل تعميق المعرفة بليبيا في جميع المجالات والقطاعات، ويرفد بالمادة العلمية جهود المجتمع المدني في ليبيا لإقامة الحكم الرشيد، المبني على التعددية والتداول السلمي واحترام حقوق الإنسان . مؤسس المركز: الإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة يقوم المركز بنشر مقالات وأوراق بحثية بالعربية والأنكليزية والفرنسية، ويُقيم مؤتمرات وندوات علمية، وباكورة نشاطاته ندوة حول "إسهام المجتمع المدني في إعادة الاستقرار والانتقال الديمقراطي بليبيا" يومي 5 و6 أكتوبر 2015 بتونس العاصمة.
موقع "ليبيا الجديدة"
موقع إخباري وتحليلي يبث الأخبار السريعة والتقارير السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عن ليبيا، ديدنُه حق المواطن في الإعلام، ورائدُه التحري والدقة، وضالتُه الحقيقة، وأفقهُ المغرب العربي الكبير. يتبنى الموقع أهداف ثورة 17 فبراير ومبادئها السامية ويسعى للمساهمة في بناء ليبيا الجديدة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحكم الرشيد.