أعربت روسيا، الجمعة، عن قلقها إزاء التأخير في تعيين ممثل خاص جديد للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، إن “الجهود الدولية لتقديم المساهمة الخارجية لليبيين في تجاوز عواقب الأزمة السياسية والعسكرية المدمرة، يجب أن تُنسق من قبل الأمم المتحدة بفعالية”، بحسب وكالة “سبوتنيك” المحلية.
وأضافت في تصريح صحافي: “بهذا الصدد لا يمكن ألا يدعو للقلق التأخير غير المبرر في تعيين ممثل خاص جديد للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بدلا من غسان سلامة”.
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلن سلامة استقالته من منصبه، ليتم تعيين الأمريكية ستيفاني ويليامز على رأس البعثة الأممية إلى ليبيا بالنيابة.
ومنذ سنوات، يعاني البلد الغني بالنفط صراعا مسلحا، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا حفتر، الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي.
حفتر تعهد للسفير الأمريكي باستكمال فتح قطاع الطاقة غدا الإثنين
رشيد خشـانة – تفاقمت الخلافات بين حفتر وعقيلة صالح، بعد تداول الحديث عن احتمال تسمية الأخير رئيسا لحكومة الوفاق، إلى جانب اتخاذه مواقف عدة لم يستحسنها حفتر.
عاد المفاوضون الليبيون من بوزنيقة بمشاريع قرارات لن تصبح نافذة إلا بعد تصديق الجهات الدستورية عليها. وكانت اجتماعات مونترو في سويسرا الشهر الماضي مهدت لهذا التقارب بطي أجواء الحرب، وقبول الطرفين الانخراط في المسار السلمي. لكن ما زالت الأمور غير محسومة، طالما أن مجلس النواب في الشرق ومجلس الدولة في الغرب لم يُعطيا موافقتهما على اتفاقات بوزنيقة، خاصة مع التحذيرات التي تصدر، هنا وهناك، من العودة إلى القتال. وقد حذر وزير الدفاع في حكومة الوفاق، صلاح الدين النمروش، من هجوم محتمل قد تقوم به قوات الجنرال خليفة حفتر على مدن بني وليد وترهونة وغريان. ووجه النمروش برقية عاجلة إلى رئاسة الأركان، وآمري المناطق العسكرية، لحضهم على الاستعداد لأي هجوم محتمل من الشرق. على أن هذا الاحتمال يبقى ضعيفا، لأنه غير متوائم مع القرار الدولي، الذي يبدو أنه حسم أمره نهائيا، في اتجاه إقرار تسوية سلمية للنزاع في ليبيا.
والأرجح أن إعلان طرفي الصراع في آب/اغسطس الماضي وقفاً لإطلاق النار، بشكل مفاجئ، أتى ثمرة جهود مكثفة بذلتها رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني وليامز، التي طارت إلى واشنطن، بعد تصاعد التهديدات المتبادلة بين مصر وتركيا، لإشعار كبار المسؤولين في وزارتي الخارجية والدفاع بخطورة الوضع. وقد تكون وليامز، التي تعرف الخريطة الليبية بجميع تفاصيلها، كونها شغلت منصب القائمة بالأعمال في سفارة بلدها لدى ليبيا، أقنعت المسؤولين في الوزارتين، بأن الوضع مُنذرٌ بالانزلاق في أي لحظة، إلى حرب مصرية تركية في ليبيا، ربما تتحول إلى حرب إقليمية، إذا ما انضمت إليها اليونان وقبرص، فضلا عن الروس الموجودين على الأرض أصلا، من خلال عناصر الشركة الأمنية “فاغنر”.
ويجوز القول إن شبح التمدد الروسي في جنوب المتوسط من جهة، وانشغال الإدارة الأمريكية بأجواء الانتخابات، من جهة ثانية، ساعدا وليامز، مدعومة بالسفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، على الإقناع بضرورة تدخل واشنطن للحد من التصعيد المتبادل، وتوجيه الأمور نحو وجهة المفاوضات. لذلك لم يجرؤ أحد على رفض الانخراط في المسار الجديد، فضلا عن محاولة تخريبه أو تعطيله، مثلما كان الأمر في محاولات سابقة، انتهت بالفشل.
من هذا المنطلق أعدت الأمم المتّحدة لسلسلة من الاجتماعات والمشاورات، بُغية تسهيل التوصّل إلى “اتفاق سياسي شامل”. ومن تلك الاجتماعات المفاوضاتُ التي تمت في مصر بين ممثلين عسكريين من الطرفين في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي، والتي تمهد الطريق لوقف دائم لإطلاق النار. ويمكن أن نستشف حقيقة الموقف الأمريكي من طبيعة الاستدارة التي تحققت في الأشهر الأخيرة، من خلال تجديد السفير نورلاند، رفض بلاده “أي تصعيد عسكري في ليبيا” وتحذيره من خطر إطالة الصراع وانتشاره، وهي رسالة إلى حفتر وإلى خصومه على السواء، معتبرًا الحوار الليبي، الذي تقوده الأمم المتحدة بمثابة “الطريق الوحيد الذي يفضي إلى حل يحفظ السيادة الليبية”. وكان السفير أكثر حماسة في حديث أدلى به إلى صحيفة مصرية، فأكد إصرار واشنطن على “استخدام جميع أدواتها الدبلوماسية لإيجاد وضع أكثر استقرارا وأقل خطرًا، وإطلاق عملية سياسية تقود إلى حل (سياسي) في ليبيا”. ومن ضمن هذا الدور كان الموقف الأمريكي من معاودة فتح الحقول والموانئ النفطية بمثابة أمر لقوات حفتر. وكان الهدف من هذا الأمر، في الدرجة الأولى، إخراج عناصر “فاغنر” منها، ووضع حد لعسكرتها، وهو ما عبر عنه الأمريكيون بصورة صريحة في بيان تحذيري من “التهديد الذي يشكله وجود المرتزقة الأجانب” في الحقول والموانئ النفطية. وكان لافتا ما جاء في رسالة حفتر إلى السفير الأمريكي (المنشورة في موقع السفارة) من استجابة منضبطة للأوامر، إذ ورد فيها أن “القوات المسلحة العربية الليبية” تنقل إلى الحكومة الأمريكية الالتزام الشخصي للمشير حفتر بالسماح بإعادة فتح قطاع الطاقة بالكامل في موعد أقصاه 12 أيلول/سبتمبر.
جولات للدعم
ليس من المبالغة القول إن السفير الأمريكي حل محل موفد الأمين العام للأمم المتحدة المستقيل غسان سلامة، إذ اجتمع في القاهرة بشكل منفصل مع عقيلة صالح ورئيس المخابرات العامة المصرية ورئيس المخابرات العسكرية، بعد ما تحاور مع السراج ووزيري الدفاع والخارجية في حكومة الوفاق النمروش وسيالة. ثم انتقل إلى أنقرة حيث اجتمع مع كبار المسؤولين الأتراك لدرس “الحاجة الملحة لدعم الأصوات الليبية التي تسعى بصدق إلى إنهاء الصراع والعودة إلى الحوار السياسي، الذي تيسّره الأمم المتحدة” بحسب ما جاء في بيان للسفارة. وناقش نورلاند خلال الزيارة، التي أعقبت مكالمات هاتفية بين الرئيسين ترامب واردوغان، “الخطوات اللازمة لتحقيق حل منزوع السلاح” كما ورد في البيان نفسه. وتتمثل تلك الخطوات في انسحاب كامل ومتبادل للقوات الأجنبية والمرتزقة من الحقول والموانئ النفطية، وتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها الحيوي، وتعزيز الشفافية وتحقيق الإصلاحات الاقتصادية اللازمة، إضافة إلى “كسر حلقة النهب، التي تمارسها بعض الجماعات المسلحة ضد موارد الطاقة”.
ومن أنقرة طار نورلاند إلى باريس، أحد الداعمين الرئيسيين للجنرال حفتر بالسلاح والمستشارين الأمنيين والعسكريين، حيث أجرى محادثات، وصفتها السفارة الأمريكية بأنها “مثمرة” مع مسؤولين في الرئاسة الفرنسية ووزارة الخارجية. ويدل هذا الحراك الأمريكي على الاهتمام المتزايد بملف الصراع الإقليمي والدولي في ليبيا، وهو ما أكده وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي وعد باستخدام “جميع الأدوات المتاحة في الترسانة الدبلوماسية للولايات المتحدة من أجل تهيئة الظروف لاستقرار ليبيا، ودعم عملية سياسية تقود إلى حل للأزمة”.
لكن ماذا لو تعثرت الجهود السلمية وتعطلت المصالحة الليبية-الليبية؟ الظاهر أن واشنطن مصممة على مجابهة أية محاولات لتفجير المسار السلمي، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، على إثر اجتماعه في روما مع نظيره الأمريكي بومبيو، حين أكد أن إيطاليا وحلفاءها “يعتمدون على النفوذ الذي ستمارسه واشنطن على المحاورين الليبيين، واللاعبين الدوليين المعنيين، من أجل التصدي لمحاولات التخريب المحتملة، وكذلك للسماح بالاستئناف العاجل لإنتاج النفط”. وتُعتبر إيطاليا أقرب الحلفاء إلى واشنطن في البحر المتوسط، وقد منحتها دور الوكيل في الملف الليبي خلال السنوات التي ابتعدت فيها عن المنطقة، في أعقاب مقتل سفيرها بيتر ستيفنس. إلا أن نفوذ إيطاليا في ليبيا تقلص، مثلما هو شأن فرنسا أيضا، بدخول الروس والأتراك على خط الصراع الليبي-الليبي في السنوات الأخيرة.
اتصالات موازية
على أن “محاولات التخريب” التي تحدث عنها دي مايو، قد لا تأتي فقط من القوى الخارجية، وإنما يُحتمل أن تنبع من الخلافات المحتدمة داخل كل معسكر من المعسكرين الليبيين المتصارعين، والتي طفت على السطح في الفترة الأخيرة. ففي المنطقة الشرقية تفاقمت الخلافات بين حفتر وعقيلة صالح، خصوصا بعد تداول الحديث عن احتمال تسمية الأخير رئيسا لحكومة الوفاق، إلى جانب اتخاذه مواقف عدة لم يستحسنها حفتر، الذي كان يرى في صالح أحد المشمولين بحمايته. وفي طرابلس توترت العلاقات بين السراج ونائبه أحمد معيتيق، الذي فتح خطا للحوار مع محيط حفتر، بواسطة روسيا، وتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع نجله خالد حفتر، في 21 آب/أغسطس من دون علم السراج، وهو القائد الأعلى للجيش، بالاضافة لكونه رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوفاق.
وأعلن معيتيق شروط الصفقة مع نجل حفتر، بالتزامن مع إعلان حفتر إنهاء الحصار. ونددت شركة النفط الوطنية الليبية بشدة بالصفقة، مؤكدة أنها لن تقبل أبدًا وجود قوات فاغنر في المنطقة. وتجدر الاشارة هنا إلى أن معيتيق هو أول شخصية من قيادات طرابلس تزور موسكو في عام 2017 وتحافظ على اتصالات وثيقة مع روسيا، كما يُعتبر الشخصية الوحيدة، في حكومة الوفاق الوطني، التي تربطها علاقات جيدة بكل من أنقرة وموسكو معا.
وزاد إعلان السراج عن تنحِيه من رئاسة الحكومة والمجلس الرئاسي، مع نهاية الشهر الجاري، من إذكاء الخلافات داخل المجلس والحكومة، والتي طفت على السطح مع إعطاء السراج أوامره باعتقال وزير الداخلية القوي فتحي باشاغا. ورجحت صحيفة “ألمونيتور” أن لقاء باشاغا مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أثار حفيظة رئيس وزراء حكومة الوفاق، فحمَله مسؤولية قمع عنيف لاحتجاجات الشارع على أداء الحكومة. ووصل الأمر إلى حد الحديث عن انقلاب محتمل ضد السراج. وبدأ الخلاف يتراجع بعد إعادة باشاغا إلى منصبه في أوائل أيلول/سبتمبر، لكن الحادثة كشفت عن مدى هشاشة حكومة الوفاق الوطني.
والإسم الآخر المتداول لخلافة السراج هو رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وهو من قيادة الصف الأول في “حزب العدالة والبناء” الفرع الليبي لتنظيم “الإخوان المسلمين” ويحتفظ بعلاقة متينة مع الرئيس التركي اردوغان.
ويقول موقع “ألمونيتور” إنه ربط علاقات مع كل من إيطاليا والمغرب وروسيا، وأبدى استعداده للقاء حفتر في حضور مسؤولين مغاربة. ويُرجح أنه سيحاول استخدام عملية جنيف ليصبح رئيسًا للوزراء، ويُنسب له التطلع إلى دور نشط في محادثات جنيف المرتقبة، في محاولة لاستعادة نفوذ “الإخوان المسلمين” في حكومة الوفاق الوطني.
وحسب محللين، إذا تولى معيتيق أو المشري رئاسة الوزراء، فسيدل ذلك على زيادة النفوذ الروسي في محادثات جنيف، واحتمال اعتراف حكومة الوفاق الوطني بعقيلة صالح، بوصفه شخصية سياسية، لا سيما بعد رفع اسمه من لائحة العقوبات. وفي المحصلة، ستكون استقالة السراج مثارا لسباق محموم على خلافته، ما قد يؤثر سلبا في المسارات السلمية الرامية لإيجاد مخرج سياسي من الأزمة الليبية. ومن المحتمل أن يواجه مثل هذا السيناريو معارضة من أنصار الغريمين السراج وباشاغا، والقبائل الموالية لحفتر في الشرق، وقد يؤدي ذلك إلى حلقة جديدة من صراع الإخوة الأعداء.
وفيما يتصارع الزعماء الليبيون على السلطة، يستسلم الشباب للإحباط ويُخطط لمغادرة البلد، إذ أظهر استطلاع حديث أن ليبيا تتصدر قائمة الشباب العرب الراغبين بالهجرة، بعد لبنان. وتوقع 86 في المئة من الليبيين المستجوبين اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة خلال العام المقبل، وانتقد 63 في المئة من أولئك الشباب تفشي الفساد الحكومي، بشكل واسع في بلدهم، فمن من الزعماء قادرٌ غدا على التواصل مع هؤلاء الشباب واحتواء غضبهم؟
منظمة حقوقية تدين اعتقال مليشيا حفتر ناشطا في بنغازي
أدانت مؤسسة “سكاي لاين” الحقوقية الدولية، اعتقال مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر للناشط مجدي الخشمي في مدينة بنغازي، مطالبة بالإفراج الفوري عنه.
وأضافت المؤسسة التي تتخذ من ستوكهولم مقرا لها، أنها تلقت إفادات باعتقال الناشط الخشمي “من قبل عناصر جهاز البحث الجنائي (بنطاق سيطرة حفتر) قبل عدة أيام على خلفية منشورات له على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وقالت إنها تتابع بقلق بالغ استمرار الانتهاكات بحق النشطاء وأعضاء المجتمع المدني في ليبيا، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة ميلشيا حفتر.
وأكدت المؤسسة على ضرورة التزام مليشيا حفتر باحترام حقوق الناشط الخشمي، وحرياته الأساسية وإخضاعه لإجراءات قضائية فورية أو إطلاق سراحه والوفاء بالتزاماتها بموجب القوانين والمواثيق الدولية.
وشددت على وجوب الوقف الفوري لسلسلة محاولات تكميم الأفواه في ليبيا ضد نشطاء الرأي لأي سياسات لا تتوافق مع أطراف الصراع في البلاد، لا سيما أن أي استهداف لهم يتعارض مع ميثاق جنيف لحقوق الإنسان.
وأشارت المؤسسة إلى أن اعتقال الخشمي وغيره من نشطاء الرأي يعكس بشكل كبير تعسف مليشيا حفتر مع أي معارضة مدنية سلمية، “ويعبر عن حقيقة سجلها المروع فيما يتعلق بقمع حرية الرأي والتعبير ومنع الحريات العامة”.
وطالبت بالإفراج فورا عن الناشط الخشمي وضرورة التحرك دوليا للضغط على مليشيا حفتر “لإجبارها على احترام حرية الرأي والتعبير وسيادة القانون، والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
ومنذ سنوات يعاني البلد الغني بالنفط صراعا مسلحا، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا حفتر الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
ويسود ليبيا، منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، وقف لإطلاق النار تنتهكه مليشيا حفتر من آن إلى آخر.
الجزائر تؤجل إلغاء الرسوم الجمركية مع أوروبا
رشيد خشــانة – اتخذ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قرارا بالغ الأهمية، تم بموجبه إرجاء تنفيذ الاتفاق الخاص بإلغاء الرسوم الجمركية مع أوروبا إلى وقت لاحق. واعتبر تبون أن الاتفاق، الذي أبرمته الحكومة السابقة مع الاتحاد الأوروبي، مُجحفٌ، وأمر بمراجعة كثير من بنوده. ويرمي الاتفاق إلى إقامة منطقة جزائرية أوروبية للتبادل الحر، اعتبارا من الأول من أيلول/سبتمبر الماضي.
غير أن السلطات الجزائرية أكدت أن قرار الإرجاء لا يعني التخلي عن اتفاق الشراكة مع الأوروبيين، وأنها ما زالت متمسكة به. بالمقابل أعلنت المفوضية الأوروبية من بروكسل أن الجزائريين امتنعوا عن إزالة آخر الرسوم الجمركية مع الاتحاد الأوروبي، قبل بدء الشهر الجاري، حسب روزنامة الاتفاق، ورأت في ذلك الإرجاء “إخلالا ببنود الاتفاق” مشيرة إلى أن أية مراجعة ينبغي أن تتم باتفاق الطرفين في اجتماع لـ”مجلس الشراكة الجزائري الأوروبي” الذي يضم ممثلين عن الطرفين.
والأرجح أن القرار الجزائري أتى استجابة لضغوط أوساط رجال المال والأعمال الجزائريين، الذين أبدوا مخاوفهم من تداعيات الاتفاق على الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تمرُ بها المؤسسات الخاصة المحلية، والتي زادت عسرا مع انتشار وباء “كوفيد-19”. وفي السياق قال عبد الوهاب الزياني رئيس غرفة الصناعات الغذائية، إن إقامة منطقة للتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي ستُعرض المصانع المحلية إلى منافسة شديدة، وخاصة في قطاع المنتوجات الغذائية والصناعات الدوائية. وأنحى الزياني باللائمة، في تصريحات لصحف محلية، على المفاوضين الجزائريين الذين قال إنهم لم يستشيروا رجال الصناعة المحليين.
ميزان تجاري مُختل
ويشكو الجزائريون من اختلال ميزان المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي، وأكد علي باي ناصري رئيس “الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين” أن الجزائر استوردت سلعا من الاتحاد الأوروبي، بقيمة 320 مليار دولار، بين 2005 و2019 فيما لم تتجاوز صادراتها إلى بلدان الاتحاد 15 مليار دولار في الفترة نفسها، خارج النفط والغاز ومشتقاتهما. وحسب ناصري، تمثل الجزائر أقل من 1 في المئة من الحجم الاجمالي للتجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بينما تصل حصة الأوروبيين من تجارة الجزائر الخارجية إلى أكثر من 55 في المئة. ومن هنا فإن أي اضطراب أو صدمة اقتصادية في أوروبا تنعكس سلبا، وفي وقت سريع، في الاقتصاد الجزائري. وفي دراسة أعدها الخبير مختار خلادي توقع أن تكون الجزائر في قلب العاصفة، إذا ما هب إعصار اقتصادي على المنطقة “لأن دور المفاوضين الجزائريين كان شكليا ولم تحصل مفاوضات حقيقية بين شريكين متعادلين” على ما قال.
لكن الحكومة الجزائرية قررت العام الماضي خفض الواردات من الخارج، من ضمن إجراءات تقشفية أخرى، ما أدى إلى تراجع الاعتماد على المنتوجات الأوروبية نسبيا. وحظر الجزائريون، في هذا الإطار استيراد 800 سلعة، تراوح من الهواتف المحمولة إلى الآلات المنزلية، مرورا بالمنتوجات الزراعية. كما تراجع استيراد بعض المواد الاستهلاكية بعد رفع الضرائب على الاستهلاك إلى 30 في المئة، بينما زادت الضرائب الجمركية على السلع 60 في المئة. ولاقت تلك الإجراءات التقشفية تجاوبا واستحسانا لدى الصناعيين الجزائريين، لأنها حركت الأسواق المحلية الراكدة.
ولم يُخف الصناعيون الجزائريون خشيتهم من احتمال لجوء الاتحاد الأوروبي إلى المعاملة بالمثل، ما سيزيد من أسعار المواد المستوردة، التي يحتاجونها في إنتاج سلعهم، ما يُهدد بتوقف بعض المصانع عن الإنتاج، جراء خُلو بعض الأسواق من المواد الأولية. وكان لافتا أن شريكين تجاريين مهمين للجزائر، وهما تركيا وإسبانيا، انتقدتا علنا الإجراءات التي اتخذتها السلطات الجزائرية لإقرار ضرائب على المنتوجات المستوردة من هذين البلدين.
ويعيب الجزائريون على الأوروبيين عدم تنفيذ وعودهم بتكثيف استثماراتهم في بلدهم، في أعقاب التصديق على اتفاق الشراكة، واعتبروا أن الاتحاد يتعاطى معهم بوصف الجزائر سوقا مهمة لهم، وليس أكثر من ذلك. وكتبت صحيفة “الوطن” الجزائرية أن بلدان الضفة الشمالية للبحر المتوسط هي التي قطفت ثمار اتفاق الشراكة، لأنه فتح أمام منتوجاتها أبواب سوق كبيرة.
غير أن الأوروبيين يردون بأن الجزائر ليست أصلا منطقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويستدلون على ذلك بأنها تتبوأ الرتبة 30 بين لائحة البلدان الأفريقية الخمسين، الجاذبة للاستثمار الأجنبي في القارة الأفريقية. أكثر من ذلك يؤكد المستثمرون الأوروبيون أن البيرقراطية طاردة للاستثمار، وأنها تعتمد على قوانين مجحفة ومتغيرة دوما، وهو انطباع يشاطره كثير من رجال الأعمال والمستثمرين المحليين.
تجاذبات تُخفي رهانات استراتيجية
في خلفية هذه التجاذبات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، توجد رهانات استراتيجية تتعلق بالتوغل الصيني في السوق الجزائرية، وهو يُثير مخاوف عميقة لدى الأوروبيين، إذ تبوأت الصين للعام الخامس على التوالي، المرتبة الأولى بين شركاء الجزائر التجاريين، متقدمة على جميع البلدان الأوروبية، بما فيها فرنسا، التي كانت الزبون التجاري الأول والمزود الأكبر للجزائر. وبالرغم من الحوافز الكثيرة التي منحتها الجزائر لأعضاء الاتحاد الأوروبي في المجال التجاري، بموجب اتفاق الشراكة، ما انفكت حصة الأوروبيين من السوق المحلية تتراجع طيلة السنوات الأخيرة، فيما المنتوجات الصينية تتقدم، حتى استأثرت بالمركز الأول. وبحسب إحصاءات جديدة تتعلق بالأشهر الأولى من العام الجاري ما زالت الصين تتبوأ المركز الأول بين شركاء الجزائر التجاريين، إذ تُؤمن 15 في المئة من الواردات، تليها فرنسا وإيطاليا واسبانيا.
وكانت أوروبا تتطلع منذ 2005 إلى استكمال خطوات إقامة منطقة للتبادل الحر مع الجزائر في نهاية هذه السنة، بعد التدرج عبر مراحل متفقا عليها من الطرفين. وكانت تعتقد أن الفترة الانتقالية التي مُنحت للجزائر، من أجل الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية، كافية لتحقيق ذلك الهدف. ويعتقد الأوروبيون أن حصاد تلك الفترة الانتقالية أظهر عدم جاهزية المؤسسات الصناعية الجزائرية لذلك الاستحقاق.
واتهمت مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم، الجزائر بأنها لم تلتزم بالاتفاقات الموقعة مع الاتحاد، وخاصة اتفاق الشراكة. وخاطبت النواب الأوروبيين قائلة: إن الجزائر لم تكتف بالإخلال باتفاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وحسب، وإنما هي تُحابي الصين أيضا، من دون أن توضح مالمستروم بدقة المآخذ التي تُنسب للجزائر. ومنذ ذلك التصريح، خرج الخلاف بين الجانبين من الغرف المقفلة إلى العلن.
الاتجاه إلى الغاز الصخري
بالنظر لشح الاستثمارات الخارجية المباشرة، لجأ الجزائريون أخيرا إلى الاستثمار في تطوير الغاز الصخري، بالرغم من المعارضة التي يلقاها في أوساط مختلفة. وبحسب تقديرات رئيس مؤسسة النفط الجزائرية عبد المؤمن ولد قدور سيؤمن إنتاج الغاز الصخري إيرادات قيمتها 67 مليار دولار في أفق 2030 نصفها سيُعاد استثماره على ما قال. وأكد ولد قدور أن “سوناتراك” ستشجع التفتيش والاستكشاف حتى يصلا إلى 100 مليون طن مكافئ نفط في السنة. وعبرت “سوناتراك” عن عزمها على التعاون مع مجموعة “أكسن موبيل” الأمريكية، التي رأت أنها تمتلك تقنيات التفتيش عن الغاز الصخري. وحاولت شبكة الزوايا الصوفية في منطقة عين صالح، جنوب الجزائر، الاعتراض على اللجوء إلى الغاز الصخري لما راج عن مضاره البيئية، غير أن رئيس مجموعة “سوناتراك” زار ثلاثة من مراكز الصوفية في المنطقة، لتهدئة مخاوفهم.
وسعت الجزائر إلى تطوير قانون الاستثمار في قطاع المحروقات المحلي، من أجل استقطاب مستثمرين خارجيين. وأكد وزير الطاقة والمناجم عبد المجيد عطار أن القانون الجديد يتضمن حوافز وتسهيلات بغية تشجيع المستثمرين الأجانب على العودة إلى الجزائر.
وركز الجزائريون أخيرا على تطوير الاستثمار في القطاع المنجمي، بالنظر لما لديهم من احتياطات كبيرة من الفوسفات، وإمكانات استغلالها في تنمية الصناعات الكيميائية، بالتعاون مع مجموعات دولية متخصصة في هذا الميدان. وتُصنف الجزائر بين أكبر البلدان ذات الثروات المنجمية، إلى جانب أستراليا وروسيا والصين وأفريقيا الجنوبية والبرازيل. ويقول مسؤولون جزائريون إن تطوير إنتاج الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية سيمكن من إنعاش القطاع الزراعي، واستطرادا ضمان الأمن الغذائي للبلد.
ويرى محللون اقتصاديون أن الجزائر باتت تنظر أكثر إلى جنوبها، وتخطط للدخول بقوة إلى الأسواق الأفريقية، بانتظار فض الخلافات العالقة مع الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الإطار يؤكد الجزائريون أن الاتجاه نحو أفريقيا لن يترتب عليه التخلي عن العلاقات التقليدية مع الاتحاد الأوروبي، أو حتى التهوين من قيمتها.
وستنضم الجزائر مطلع العام المقبل إلى منطقة التبادل الحر الأفريقية، التي أنشئت في العام 2018 والتي تضم 53 بلدا يُقدر عدد سكانها بـ1.2 مليار. ويتوقع وزير التجارة الجزائري كمال رزيق أن تحصد بلاده 3000 مليار دولار من الايرادات. وباشرت الشاحنات الجزائرية نقل المنتوجات الصناعية إلى أسواق الدول المجاورة، وهي مالي والنيجر وموريتانيا.
وتسعى الجزائر إلى الحلول في المرتبة الأولى بين شركاء موريتانيا التجاريين، كما تعمل على إقامة مناطق تجارة حرة في محافظات عدة من جنوبها. وتوجد مشاريع قيد التنفيذ في هذا الإطار، خاصة في تندوف وأدرار وإيليزي وتمنراست، وهي من أبرز الأقطاب الحضرية في الجنوب، لكي تكون جسورا اقتصادية مع أفريقيا جنوب الصحراء.
نهاية الاقتصاد الريعي
ووضع وزير الطاقة الجديد عبد المجيد عطار، في مقدم أولوياته التخلص من الاقتصاد الريعي، في إشارة إلى اعتماد الجزائر على مداخيل النفط والغاز في اقتصادها. وأوضح أن على الجزائريين أن ينسوا الريع ويبحثوا عن مداخيل جديدة خارج الطاقة، مؤكدا أن “الجزائر في مأمن طاقوي حاليا وإلى غاية سنة 2040 لكن العالم يتغير طاقويا، ما يستلزم البحث عن مداخيل جديدة من خارج قطاع المحروقات” على ما قال.
والجدير بالملاحظة أن الاتحاد الأوروبي قرر إطلاق مفاوضات ثنائية جديدة مع أربعة بلدان عربية، ليست بينها الجزائر، بُغية إنشاء منطقة للتبادل الحر معها. ووافق أعضاء الاتحاد بالاجماع في 2011 على منح إجازة للمفوضية الأوروبية لمباشرة مفاوضات مع كل من المغرب وتونس والأردن ومصر. ويدل اقتصار مسار المفاوضات على هذه البلدان، على أن الجزائر تشكل حالة منفردة، وأن علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي مرشحة لتغييرات لا يمكن التكهن بمآلاتها.
أمريكا تنقل صراعها مع روسيا والصين إلى شمال أفريقيا
رشيد خشــانة – إذا كان ملفا الإرهاب والأزمة الليبية القاسم المشترك في محادثات إسبر مع المسؤولين المغاربيين، فإن حصاد الجولة على صعيد العلاقات الثنائية لم يكن أقل أهمية.
ثلاثة أيام أمضاها وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر متنقلا بين العواصم المغاربية، كانت كافية لبحث وسائل احتواء التمدد الروسي والصيني في منطقة تعتبرها واشنطن ذات أهمية استراتيجية لمصالحها ومصالح حلفائها في المتوسط. والبلدان الثلاثة التي زارها إسبر شريكة للحلف الأطلسي من دون أن تكون حاصلة على عضويته، إذ تُجري تشكيلات من قواتها مناورات سنوية مع قوات الحلف، في إطار ما يُسمى “الحوار المتوسطي”. وشمل هذا “الحوار” منذ العام 1994 ست دول عربية ليست عضوا في الحلف، إضافة إلى اسرائيل، بُغية “تأسيس علاقات جيدة وتفاهما ثنائيا أفضل، إلى جانب الترويج للأمن والاستقرار الإقليمي”.
وسبق إسبر إلى المنطقة قائد القيادة الأمريكية لأفريقيا (أفريكوم) الجنرال ستيفن تاونسند، الذي زار المنطقة قبل أسبوع من جولة وزير الدفاع. وقبل أن يُعلن إسبر أن أمريكا تسعى لاحتواء النفوذين الروسي والصيني في شمال أفريقيا، أعلن الجنرال تاونسند لدى تسلمه مهامه في أيار/مايو العام الماضي، أن روسيا والصين تشكلان الخطر الرئيسي على الزعامة الأمريكية في القارة الأفريقية، وإن توقع أن تطيح الصين بروسيا في مجال التبادل التجاري.
اتفاق لعشر سنوات
وإذا كان ملفا الإرهاب والأزمة الليبية القاسم المشترك في محادثات إسبر مع المسؤولين الذين اجتمع معهم خلال جولته المغاربية، فإن حصاد الجولة على صعيد العلاقات الثنائية لم يكن أقل أهمية. وفي المحطة الأولى تونس، وقع إسبر ونظيره التونسي ابراهيم برتاجي على اتفاق للتعاون في مكافحة الإرهاب، يستمر عشر سنوات. ولم يُكشف عن مضمون الاتفاق، غير أن الوزير إسبر أكد أن الهدف من زيارته هو تعزيز العلاقات مع هذا الحليف “الكبير” في المنطقة، ومناقشة التهديدات التي تشكّلها التنظيمات الجهادية، مثل تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” على تونس. ورمى الاتفاق، الذي ظلت مواده طي الكتمان، “إلى مساعدة تونس على حماية موانئها وحدودها وصد الارهاب” على ما قال إسبر. ويُعتبر هذا الاتفاق الأول في نوعه مع الحلفاء الاستراتيجيين لتونس، بمن فيهم فرنسا. إلا أن الاشارة إلى الموانئ والحدود قد تدل على أن التونسيين طلبوا دعما استخباراتيا ولوجستيا من الأسطول السادس الأمريكي في المتوسط، للتوقي من أي عمليات إرهابية قد تأتي من البحر أو من الحدود مع ليبيا.
وكانت مجموعات إرهابية اجتازت الحدود التونسية الليبية في آذار/مارس 2016 بهدف إقامة “إمارة إسلامية” في مدينة بنقردان، إلا أن الوحدات الأمنية والعسكرية، قضت على المهاجمين، بدعم قوي من سكان المدينة، وأسفرت العملية عن مقتل 43 من المهاجمين والقبض على سبعة منهم. في السياق كان الأمريكيون طلبوا من التونسيين، منذ عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، نقل مقر القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا من ألمانيا إلى تونس، ولم يُستجب لطلبهم. ثم طلبوا من الحكومات التي أتت بعد الإطاحة به، إقامة قاعدة استخباراتية في جنوب البلد لمراقبة الوضع في ليبيا ومنطقة الساحل والصحراء، ولم يُلبَ طلبهم أيضا. إلا أن تونس تحتفظ بعلاقات تعاون متينة مع حلف شمال الأطلسي، وكانت حصلت في العام 2015 على وضع الشريك المفضل من خارج الحلف.
وأكد الأمريكيون أن الاتفاق الذي وقع عليه إسبر، الأربعاء، هو خريطة طريق من أجل تطوير العلاقات من خلال التدريب في حال قررت تونس شراء أسلحة دقيقة. أما السلطات التونسية فأكدت، مرارا، أنه لا توجد قاعدة عسكرية أمريكية على أراضيها، وأنها لن توافق على إقامة كهذا قاعدة مستقبلا. غير أن تقارير إعلامية أمريكية كشفت في العام 2017 أن فريقا عسكريا متخصصا في تسيير الطائرات دون طيار موجود في قاعدة سيدي أحمد، في محافظة بنزرت (شمال).
بعد ذلك أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا في بيان أصدرته في ايار/مايو أنه حيال تأزم الوضع في ليبيا، تعتزم إرسال فرق دعم إلى تونس، ما أثار انتقادات واسعة من الأحزاب والجمعيات والرأي العام التونسي. ودفعت ردود الفعل القوية “أفريكوم” إلى التأكيد، في بيان ثان، أن هذه الفرق ستكون للتدريب المشترك وليس للقتال. والثابت أن العلاقات العسكرية الوثيقة بين واشنطن والعواصم المغاربية، ومن ضمنها تونس، تُقلق شركاءها التقليديين، وخاصة فرنسا وإيطاليا، اللتين توجد معهما برامج تعاون عسكري منذ الاستقلال. وقد خصص البنتاغون دعما للجيش التونسي بحوالي مليار دولار منذ ثورة 2011 وفقا لبيان صادر عن “أفريكوم”.
تطويق الجماعات المسلحة
ويندرج الاهتمام الأمريكي المتزايد بمنطقة شمال أفريقيا في إطار الاستفادة من موقعها الاستراتيجي لتطويق الانتشار الواسع للجماعات المسلحة في ليبيا، ومنها جنوبا نحو بلدان الساحل والصحراء، بعدما عجز 5100 عسكري فرنسي عن احتواء تلك الشبكات والقضاء عليها. كما يرمي الحضور الأمريكي المتزايد إلى الحد من توسُع النفوذ الروسي في المنطقة، ولا سيما إثر القمة الأولى الروسية الأفريقية في تشرين الأول/اكتوبر 2019 والتي جمعت عددا كبيرا من الرؤساء الأفارقة. وشعر الأمريكيون أن روسيا، التي ابتعدت عن القارة طيلة ثلاثة عقود، أي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، عائدة إليها بقوة، بعدما استطاعت جمع ذلك العدد الكبير من الرؤساء حول فلاديمير بوتين.
وارتدت زيارة إسبر إلى الجزائر أهمية خاصة بحكم وزنها العسكري وموقعها الاستراتيجي، المُطل على أربعة بلدان في الساحل والصحراء تنشط فيها بكثافة الجماعات الإرهابية وشبكات تهريب السلاح والمخدرات. وشجع الأمريكيون على إنشاء مجموعة “الميدان” التي تضم قوات خمسة بلدان صحراوية بقيادة الجزائر، كما عززوا التعاون العسكري مع الجيش الجزائري الذي عبأ حوالي 40 ألف جندي، لمراقبة حدود يصل طولها إلى 7000 كلم، للحؤول دون تسرب العناصر الإرهابية، المتسللة من جنوب الصحراء.
واستدل مراقبون من المحادثات التي أجراها الوزير الأمريكي إسبر مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (الذي يشغل في الوقت نفسه منصب وزير الدفاع) ورئيس أركان الجيش اللواء سعيد شنغريحة، رغبة واشنطن بمحاصرة النفوذ الروسي، إذ أن الجزائر هي أهم زبون للسلاح الروسي في المنطقة.
الزبون الأول
وإسبر هو أول وزير دفاع أمريكي يزور الجزائر منذ زيارة كسبار واينبرغر لها قبل 14 عاما. غير أن العلاقات بين الجانبين ظلت متينة طيلة السنوات الماضية، بحكم التعاون المستمر في مكافحة العناصر والجماعات الإرهابية في المتوسط، وفي منطقة الساحل. وإذا كانت الجزائر أهم زبون للأسلحة الروسية في شمال أفريقيا، فإن أمريكا ما زالت تراهن على كسب ود الجزائريين كي يُقبلوا على شراء أسلحتها. وكانت الجزائر اتفقت أخيرا مع روسيا على صفقة لشراء 18 طائرة حربية من طراز “سوخوي 35”. وتعزو أوساط جزائرية مسؤولة هذه الصفقة إلى ضرورة تعويض الطائرات الاعتراضية ميغ 25 القديمة، التي انتهى عمرها الافتراضي، والتي من المقرر أن تُسحب من الخدمة مع أواخر العام الجاري. وحسب رئيس مجموعة التصنيع العسكري الروسية “روسوبورون إكسبورت” تأتي الجزائر في الرتبة الثالثة عالميا، بين زبائن “سوخوي 35” التي تُعتبر فخر الصناعة الحربية الجوية الروسية، لكونها مُتعددة الوظائف، وقادرة على حمل ثمانية أطنان من الأسلحة، ومُجهزة برادار متطور.
وجرب الجزائريون هذا النوع من الطائرات، منذ عشر سنوات، لدى شرائهم الدفعة الأولى من “سوخوي 34”. وتُصنف الجزائر اليوم باعتبارها القوة العسكرية الرابعة في أفريقيا، من حيث عدد أفراد القوات المسلحة. أما من حيث الاعتمادات المخصصة لموازنة الدفاع، فتتبوأ الجزائر الرتبة الأولى بحوالي 6 مليارات دولار (5 في المئة من المنتوج الوطني الخام).
وختم إسبر جولته المغاربية في الرباط، الحليف التاريخي القوي للولايات المتحدة. ويُعتبر المغرب حليفا استراتيجيا وزبونا وفيّا لأمريكا منذ أيام الحرب الباردة. وتشير إحصاءات تخص صفقات التسلح، المُبرمة خلال السنوات الماضية، إلى أن 91 في المئة من واردات السلاح المغربية مصدرها أمريكي. وكانت الادارة الأمريكية وافقت على بيع المغرب 36 مروحية من طراز “أباتشي” بمبلغ 4.25 مليار دولار، و24 مقاتلة من طراز أف 16 و24 طائرة تدريب، بالإضافة لتجديد 200 دبابة قديمة من طراز “أبرامز”. كما طلبت الرباط شراء صواريخ أرض جو وأنظمة اتصال داخلي، وأجهزة خاصة بمراقبة الملاحة، بالاضافة إلى قطع الغيار.
اتفاق الصخيرات
استأثرت ثلاثة ملفات بمحادثات إسبر مع القادة المغاربة، وهي تطوير التعاون الثنائي العسكري والأمني، وتكثيف التنسيق لمحاربة التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى تطورات الملف الليبي، الذي يلعب فيه المغرب دورا بارزا، باستضافة محادثات 2015 التي أسفرت عن اتفاق الصخيرات، وأخيرا لقاءات بوزنيقة، التي تمهد لتسوية سلمية للنزاع. وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ناقش هذه القضايا مع كبار المسؤولين المغاربة، خلال زيارة رسمية للرباط في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
واسوة بتونس وقع المغاربة اتفاقا للتعاون العسكري مع الوزير الأمريكي لتعزيز التنسيق المتطور أصلا، إذ يحتضن المغرب كل سنة، مناورات الأسد الأفريقي، بإشراف القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا، وهي العملية التي ألغيت هذه السنة جراء وباء كوفيد-19. وينظر الأمريكيون بإيجابية إلى احتضان المغرب “الحوار الليبي” في مدينة بوزنيقة بداية الشهر الماضي، والذي انتهى بالتوصل إلى اتفاق إطاري يحدد “المعايير والآليات الشفافة والموضوعية لتولي المناصب السيادية”.
وتزامنت زيارة إسبر للرباط الجمعة مع انطلاق الجولة الثانية من محادثات بوزنيقة، بمشاركة وفد من المجلس الرئاسي وآخر من البرلمان، والتي يُفترض أن تخصص بشكل أساسي لبحث المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات، والتي تتمحور حول ما تسمى المناصب السيادية، ومنها رئيس البنك المركزي الليبي ورئيس هيئة مكافحة الفساد، ورئيس مجلس الحوكمة، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات، والمدعي العام، وكذلك رئيس المجلس القضائي. وأتت الجولة الثانية من المفاوضات السياسية ببوزنيقة، على إثر اللقاء الذي احتضنته مدينة الغردقة المصرية، والذي ركز على الملف الأمني، فيما تتواصل دعوات الحكومة المعترف بها دوليا، برئاسة فائز السراج، وأطراف دولية عدة، إلى ضرورة وقف نهائي لإطلاق النار على جبهة سرت من أجل إنجاح مخرجات الحوار السياسي
تعزيز التجارة بين البلدان المغاربية شرطٌ ضروريٌ لتحقيق النمو في المنطقة بأسرها
رشيد خشانة – اعتبر تقرير أصدره أخيرا البنك المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية أن تعزيز التجارة بين بلدان المغرب العربي (الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا وليبيا) شرطٌ ضروريٌ لتحقيق النمو الشامل والمستدام في المنطقة. وتشمل الفوائد المترتبة على تعزيز الاندماج التجاري وتوسيع نطاق السوق ومضاعفة النمو الاقتصادي، إيجاد مزيد من فرص العمل في منطقة تستفحل فيها البطالة، ولا سيما بين فئة الشباب. وركز التقرير على التحديات والفرص المُتاحة للقطاع الخاص، مؤكدا أن هذا القطاع أداة ضرورية وأساسية لتعبئة الاستثمار في القطاعات المنتجة للسلع والقابلة للتداول، وهو ما يعد أمراً جوهرياً لزيادة الصادرات وتحسين المهارات في مجال التصدير.
وعليه، يعتبر تحسُن مناخ الأعمال والاستثمار في غاية الأهمية بالنسبة للمنطقة، في ظرف تؤثر فيه الحواجز الجمركية وغير الجمركية على التجارة، وتزداد فيه، ببطء، وتيرة تطوير مؤشرات القدرة التنافسية، مثلما يؤكد واضعو التقرير. ولم يستطع الاتحاد المغاربي، الذي تأسس في السنة 1989 في مدينة مراكش المغربية، عقد قمة لرؤسائه منذ تكريس القطيعة بين الجزائر والمغرب في السنة 1994 تاريخ آخر قمة بين الدول الخمس، والتي تقرر بعدها غلق الحدود بين المغرب والجزائر. ومن نتائج الشلل الذي أصاب الاتحاد ومؤسساته، الموزعة بين البلدان الخمسة، ما تتسم به المنطقة حاليا من ضعف كبير في تدفقات رأس المال والاستثمارات والتجارة بين بلدانها.
من هنا فإن مستقبل الاندماج الاقتصادي بين بلدان المغرب العربي وديناميكيته، يعتمدان بالضرورة على دور القطاع الخاص. إلا أن الأخير ما زال يواجه عديد العقبات والقيود الرئيسية والمتمثلة في اللوائح التنظيمية والقيود الإدارية، التي تعرقل المبادرات وتنمية المشاريع وتدويلها، فضلا عن الحواجز التي تمنع الوصول إلى مصادر التمويل وتقلل من القدرة على استقطاب الاستثمار الدولي.
وتُبرز الجداول والإحصاءات التي تضمنها التقرير ضآلة التجارة البينية المغاربية، مقارنة بالمجموعات الاقتصادية الإقليمية الأخرى، بما فيها التجمعات الاقتصادية في القارة الأفريقية. ولا تتجاوز المبادلات بين البلدان المغاربية 2.7 في المئة من المبادلات الخارجية للبلدان الخمسة.
المحروقات في المقدمة
وما زالت المحروقات تحتل مكانة هامة بين السلع التي تُصدرها بلدان الاتحاد، على الرغم من تراجع حصة الصادرات النفطية من إجمالي صادراتها، بين عامي 2010 و2016 من 73.3 في المئة إلى 46.1 في المئة، لا سيما بسبب انخفاض سعر البترول في السوق العالمية. وعزا التقرير انخفاض الاندماج الإقليمي أيضاَ إلى تعدد الاتفاقات الثنائية والإقليمية، والاتفاقات التجارية متعددة الأطراف، التي تخص التجارة الحرة التي أبرمتها دول الاتحاد، والتي لم تفرز النتائج المتوقعة، من حيث انخفاض الحماية الجمركية وتخفيف القيود التجارية. ومما يعيق إنشاء تعريفة خارجية مشتركة هو عدم استعداد البلدان لتنفيذ تلك الاتفاقات، بحسب واضعي التقرير.
جودة البنية التحتية للتجارة
سعيا لتصحيح هذا الوضع، اقترح واضعو التقرير التخفيف من المستوى المرتفع لحماية التجارة وتيسير الوصول إلى الأسواق، فضلا عن الإلغاء التدريجي للحواجز الجمركية وغير الجمركية المتبقية وقيود مراقبة الصرف. واعتبروا أنها ركنٌ أساسيٌ لتسهيل التجارة. كما اعتبروا جودة البنية التحتية للتجارة الخارجية عنصراً هامًا لتحقيق اندماج اقتصادي أفضل لاتحاد المغرب العربي. وأظهر التقرير أن السلع المصنعة ذات التكنولوجيا العالية لا تمثل سوى 8.5 في المئة فقط من إجمالي التجارة المغاربية، على عكس المجموعات الاقتصادية الإقليمية المشابهة، أسوة بالسوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) ومجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (سايدك) التي تكون الصادرات داخلها مرتفعة نسبياً، ممثلة 20 في المئة في المتوسط من إجمالي تجارتها الخارجية.
لهذا السبب، تتبوأ المجموعة الاقتصادية الإقليمية لاتحاد المغرب العربي واحدة من أدنى المراتب مقارنة بالتكامل الاقليمي للبنك الأفريقي للتنمية، وهذا على مستويات خمسة، وهي البنى التحتية والتجارة والنظم الانتاجية، وحرية تنقل الأشخاص، والاقتصاد الكلي والتقارب المالي. وفي مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، تظل منطقة اتحاد المغرب العربي أقل جاذبية وأقل تنافسيةً على المستوى الدولي. فبالرغم من تطور الاستثمارات في بلدان الاتحاد، يظل مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر منخفضًا جدًا في ما بينها. و تتمثل أوجه القصور الرئيسة في عدة مظاهر، منها التأخير في الدمج المالي، وضخامة الديون غير المنتجة، وعدم كفاية مبالغ الاعتمادات الممنوحة للقطاع الخاص، وضعف رسملة أسواق الأسهم. كما تتسم المنطقة بالتأخُر في الرقمنة المالية.
تعزيز القطاع الخاص
في ضوء رصده لتطور المؤسسات المالية والأسواق المالية أشار التقرير إلى انقطاع اتحاد المغرب العربي عن التطور العالمي والتأخر الملحوظ في انطلاقة تطوير أسواق رأس المال، خلال العقدين الماضين. ومع ذلك فإن النظام المصرفي في الدول المغاربية يختزن إمكانية المساهمة في الاندماج الإقليمي، الذي يمكن أن يستفيد من تركيز أفضل وتعاون أوسع من أجل مواجهة التحديات المشتركة، وهي متعددة. وقد يؤدي التطور في الوصول إلى مصادر التمويل إلى تعزيز القطاع الخاص وتطوير الاستثمار الأجنبي المباشر، واستطرادا تقدُم الاندماج المالي الإقليمي. وفي هذه الحالة، سيؤدي الاندماج المالي بدوره إلى تكثيف النسيج الاقتصادي على الصعيد الإقليمي بكامله، حسب التقرير.
والملاحظ أن موقع المغرب العربي في خريطة الإستثمار الأجنبي المباشر يتسم بضعف كبير، ففي العام 2017 على سبيل المثال، بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر المغاربي في البلدان المغاربية 365 مليون دولار فقط.
ويمكن القول إن فضاء الاتحاد المغاربي يظل، على الصعيد الدولي، دون حضور يذكر في المنطقة نفسها، من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر. وعزا التقرير ذلك إلى ضآلة الإستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة، والتي اعتبر أنها “متأصلة في بعض القيود التي لا تزال كامنة في المعاملات الرأسمالية والمالية، مقارنة بالتجمعات الاقتصادية في العالم”. كما أن بيئة الأعمال التجارية غير المواتية وأنظمة الصرف الأجنبي المفروضة على حركة رؤوس الأموال في جميع البلدان المغاربية، تشكل عوائق أمام التدفق الحر لرأس المال.
عشرون صنفا
على الرغم من الأداء التجاري الضعيف، تُصنع البلدان المغاربية منتجات ذات إمكانات عالية للتجارة في المنطقة، والتي لا يتم تداولها بالضرورة. ومن هذا المنطلق، يمكن لأكثر من عشرين صنفا من المنتجات أن تساهم في الترفيع من نسبة المبادلات داخل المنطقة، على غرار الأسمدة والملابس والأدوات الإلكترونية والجلد والأسماك والقشريات والرخويات. وأظهر التقرير ارتفاعا في متوسط المنتجات المصدرة من البلدان المغاربية إلى دول الاتحاد المغاربي الأخرى، منذ العام 2011 وبشكل متواصل، بالتوازي مع الزيادة في القيمة الإجمالية للصادرات داخل الاتحاد.
وبالرغم من تسجيل تطور في الصادرات، فإنه ظل أقل من متوسط المنتجات المصدرة من المغرب العربي نحو السوق العالمية. ورجح واضعو التقرير أن يتم استثمار منتجات تصديرية جديدة لتعزيز التجارة داخل الاتحاد. ويكشف تطور مؤشر تنويع الصادرات، الذي يقيس التقارب التجاري لدولة ما مع هياكل التجارة العالمية، عن الصعوبات التي تواجه بلدان المنطقة في محاولاتها لمواكبة اتجاهات التجارة العالمية، وكذلك الجهود التي تبذلها لتنويع التجارة الخارجية. مع ذلك يُعتقدُ أن الدول المغاربية “تمتلك قدرة ضئيلة على تلبية احتياجات الاستيراد لباقي بلدان المنطقة، و تكتفي هذه البلدان بالواردات من الخارج.
إزالة العقبات
في السياق توقع التقرير أن يدعم تعزيز الاندماج التجاري الإقليمي صعود صادرات السلع ذات النمو المرتفع في السوق الإقليمية والعالمية، من خلال تسهيل استغلال أفضل للتخصصات والمزايا التفاضلية لكل بلد. وبناء على ذلك حض التقرير على “تحديد العراقيل الرئيسة بوضوح لإزالة العديد من العقبات، من أجل تهيئة الظروف لتحقيق اندماج تجاري إقليمي بشكل أفضل”.
وفي التفصيل، يؤكد التقرير أنه، بالإضافة إلى غياب الارادة السياسية من قبل سلطات بلدان الاتحاد، تمنع العديد من العقبات والقيود التنظيمية واللوجستية الشركات المغاربية من تطوير نشاط ما، أو إجراء تبادل تجاري في باقي المنطقة. ويتمثل أحد أهم العوامل التي تعيق التجارة بين بلدان الاتحاد في الدرجة العالية من الحماية التجارية التي تمارس في المنطقة. وعلاوة على تعدد الحواجز الجمركية، ازدادت أهمية التدابير غير الجمركية خلال السنوات الأخيرة، وأصبحت تُسببُ مشاكل للشركات المغاربية المصدرة أكبر بكثير من مستوى التعريفات الجمركية.
ولدى التطرق إلى دور البورصات المغاربية ذكر التقرير أنها تشارك بشكل ضئيل في العمليات العابرة للحدود. وعزا ذلك إلى تعدد الحواجز، مؤكدا أنه “يجب في المقام الأول، تجاوز مشكل القيود المفروضة على نقل رؤوس الأموال وتحويل العملات، التي تعيق المبادلات المالية. ثم بعد ذلك، نرى أنَّ التعاون بين بورصات الدول المغاربية، يستلزم التقارب في الإجراءات، وتسهيل التعاملات بين مختلف الجهات الفاعلة في تلك الأسواق، ودعوة الشركات للبحث عن تمويل خارج بلدها الأصلي”. وأضاف “يمكن للوسطاء الماليين تقديم منتجات مالية مُبتكرة تسمح مثلاً بعرض حزمة من الأوراق المالية المغاربية متعددة القوميات”. وعلاوة على ذلك، قد يكون من الضروري للبورصات المغاربية أن تتخصص وإن بشكل جزئي، في تطوير سلاسل القيمة الإقليمية، مع مساندة شركات وهيئات البورصة.
تأخر في الرقمنة
تطرق التقرير إلى موضوع الإدماج المالي والحصول على الخدمات المالية، مشيرا إلى قلة عدد أصحاب الحسابات في بلدان الاتحاد، إذ تتسم المنطقة المغاربية بالتأخر في رقمنة الحسابات من زاويتين، تتمثل الأولًى بأن بطاقات الخصم والائتمان أقل شيوعًا بين السكان البالغين من العمر 15 عامًا فما فوق، مما هي عليه في بقية البلدان النامية، وفي العالم. وثانيًا، ينعكس التأخر في الانضمام إلى العصر الرقمي في انخفاض استخدام الإنترنت والهاتف المحمول لدفع الفواتير والمشتريات والاطلاع على الحسابات.
واقترح واضعو التقرير تعزيز الاندماج الإقليمي من خلال الإدماج المالي بواسطة تبادل الخبرات ومواءمة المعلومات، ولكن أيضًا من خلال توافق النظم المالية والتقريب بين بعضها البعض. وفضلا عن ذلك، يُعتقد أن الإدماج المالي “قد يقلل من أهمية القطاع غير المهيكل في التجارة عبر الحدود، في حين أن تعدد أنظمة الصرف الأجنبي تجعل جزءا من الاقتصاد يخرج من القنوات الرسمية و لاتستفيد منه الخدمات المالية التي تدعم تطوره”.
تحول في بنية الصادرات؟
وحض واضعو التقرير على تسريع التحول في بنية الصادرات، الذي يجسده الانخفاض النسبي في الصادرات الإقليمية التقليدية (المعادن والأسمدة والكيمياء العضوية والملابس والأحذية) لتنويع المنتجات المصدَرة. ولكن يجب على البلدان المغاربية أيضا أن تُحسن تكامل المنتجات المتداولة في المنطقة، وأن تُيسر التجارة بإزالة الحواجز المتواصلة، بما فيها الحواجز ذات الصلة بالعمليات الجارية. وأكدوا أن منتجات التصدير الجديدة “تشكل المصدر الأكثر تطوراً للقيمة المضافة وتعزيز الاندماج الإقليمي، من خلال تشجيع إمكانات الوصول إلى مجموعة أكثر تنوعًا من المنتجات الخاصة بكل بلد”. وفي السياق أظهر التقرير أن بعض بلدان الاتحاد تستورد منتجات من بقية العالم في حين أنها متاحة في المنطقة.
التقليص من القطاع غير الرسمي
وشدد التقرير على أن تعزيز التكامل الإقليمي ممكن من خلال تحسين فرص حصول جميع الأفراد والشركات على الخدمات المصرفية والمالية، فيسمح الإدماج المالي بالتقليل من أهمية القطاع غير الرسمي في التجارة عبر الحدود، في حين أن تشديد أنظمة الصرف الأجنبي يعني أن جزءا من الاقتصاد يخرج من القنوات الرسمية، ولا يفيد الخدمات المالية التي تدعم التنمية. وإذا أزيلت أهم العقبات التي تعرقل ممارسة الأعمال التجارية والتي تعوق التكامل الإقليمي، قد يتسارع انتشار هذه العلامات الإيجابية للتحديث. وعن مناخ الأعمال التجارية، قال التقرير إن نصف أعمال البلدان المغاربية “تشير إلى أنها تتنافس مع المؤسسات غير الرسمية وتعاني من نقص التمويل واليد العاملة الخبيرة”. وأكد على ضرورة تعزيز الحوار السياسي بين دول الاتحاد وتعزيز الحوار بين الحكومات والشركات التجارية، من أجل الاستفادة من الفرص التي يوفرها القطاع الخاص وتوطيد القدرات الإنتاجية وتنشيط التجارة داخل المنطقة.
تحطم مروحية لقوات حفتر ومقل 4 من مرتزقة فاغنر على متنها
نشر المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب التابعة لقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية مقطع فيديو يظهر تحطم مروحية تابعة لقوات حفتر، يوم الأربعاء، قرب سوكنة سوكنة الليبية.
وأظهر المقطع أعمدة الدخان المتصاعدة من مكان سقوط المروحية والتي كانت محملة بالأسلحة والذخائر لصالح قوات حفتر المدعومة مصرياً وفرنسياً وإماراتياً.
وكان الجيش الليبي، قد أعلن الأربعاء، مقتل 4 من مرتزقة مجموعة “فاغنر” الروسية، جراء تحطم مروحية تحمل على متنها ذخائر، في بلدة سوكنة، بمدينة الجفرة.
#عملية_بركان_الغضب: مشاهد خاصة مصورة تُظهر تحطم مروحية بعد سقوطها عند الساعة 08:15 صباح اليوم جنوب مدينة #سوكنة، وعلى متنها كميات من الذخيرة و عناصر مرتزقة #فاغنر المساندين لميليشيات حفتر الارهابية الهاربة pic.twitter.com/uz6QMLEoAr
— المركز الاعلامي لعملية بركان الغضب (@BurkanLy) September 23, 2020
وهذه الحادثة هي الثالثة في الاشهر الثالثة الاخيرة و الثانية خلال هذا الشهر بعد تحطم طائرتي ميغ 29 روسيتان في #ليبيا يقودها مرتزقة فاغنر واحدة في 28 يونيو والثانية في 07 سبتمبر، وأن الطائرات شاركت في غارات جوية قتالية في ليبيا.
ما أهداف الزيارة المفاجئة لخليفة حفتر وعقيلة صالح إلى القاهرة؟
وصل المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح إلى مصر على متن طائرتين مختلفتين إلى القاهرة، بعد توجيه دعوة لهم بهدف عقد جلسة ثنائية بينهما لتقريب وجهات النظر، قبل الاجتماع مع مسؤولين مصريين وربما بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. مزيد من المعلومات حول هذه الزيارة مع مراسل فرانس24 في مصر تامر عز الدين.
السراج يدعو لاستئناف الحوار الليبي وإعادة المرتزقة لبلادهم- (فيديو)
طالب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، فائز السراج، الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، بخطوات عملية تلزم ميليشا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر بإعادة المرتزقة إلى بلادهم.
وقال السراج “نطالب بخطوات عملية تلزم الطرف الآخر بإعادة المرتزقة لبلادهم وإعادة فتح المنشآت النفطية الليبية”.
كما طالب “الدول (لم يحددها) التي تدعم المعتدي (في إشارة لحفتر)، بإعادة النظر بقرارها والعمل مع حكومة الوفاق”، محملا إياه المسؤولية عن عدم الالتزام بوقف إطلاق النار في ليبيا.
ودعا السراج إلى تحقيق أممي في انتهاكات ميليشيا حفتر بمدينة سرت (شمال)، مؤكدا أن حكومة الوفاق حرصت على التمسك بالحوار السلمي لتجاوز الأزمة الليبية.
وأضاف: “تعاطينا مع كل التسهيلات الأممية وتفاعلنا بنية حسنة مع كل المبادرات الدولية”، و”من الضروري تسريع استئناف الحوار السياسي بشكل يشمل كل القوى”.
وفي شأن داخلي أيضا، أكد السراج أن حكومة الوفاق ملتزمة بالقوانين والأعراف الدولية التي تكفل حماية المتظاهرين السلميين، في إشارة للمظاهرات التي شهدتها طرابلس مؤخرا.
وفي قضية الهجرة غير النظامية، قال إن ليبيا تواجه تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة بسبب هذه الظاهرة، مؤكدا أن “الحل الأمثل لمواجهتها يكون بالقضاء على الأسباب التي أدت إليها”.
وعلى صعيد مجلس الأمن، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي إنه بات من الضروري إدخال إصلاحات حقيقية على المجلس، معتبرا أن “الواقع الحالي مهيأ لذلك”.
وطالب، في سياق مختلف، برفع الظلم الواقع على القارة الأفريقية في مسألة تمثيلها بمجلس الأمن، مشيرا إلى أنه من حقها أن يكون لها تمثيل عادل.
وعرج في ختام كلمته على مستجدات القضية الفلسطينية، قائلا إن “السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق باستمرار الاحتلال الإسرائيلي”. وأضاف “نرفض استغلال القضية الفلسطينية في مشاريع لم يشارك بها الفلسطينيون”، في إشارة إلى “صفقة القرن” التي يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومنذ سنوات يعاني البلد الغني بالنفط من صراع مسلح، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا حفتر الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل.
ويسود ليبيا، منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، وقف لإطلاق النار تنتهكه مليشيا حفتر من آن إلى آخر.
“الوطنية للنفط” تعلن استئناف الإنتاج في ليبيا.. وتكشف مصير الإيرادات
أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، السبت، استئناف الإنتاج والصادرات البترولية في بعض الموانئ والحقول النفطية بعد انتفاء حالة القوة القاهرة.
وأكدت المؤسسة أنها ستعمل بتوجيه من السلطة التنفيذية بشأن التصرف في الإيرادات الجديدة.ويأتي هذا التوضيح في محاولة من المؤسسة لتجاوز الاتفاقات المبرمة بين القيادة العامة للجيش الليبي واللجنة الفنية لمراقبة عوائد النفط والمشكلة برئاسة أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي.
وكانت ميليشيات مصراته وقيادات تنظيم الإخوان الإرهابي قد أعلنت اعتراضها على اتفاق أبرم الجمعة الماضي بين القيادة ومعيتيق.
والجمعة، أعلن القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر استئناف تصدير النفط شرط عدم استخدامه لتمويل الإرهاب.
وتوصلت المفاوضات إلى تشكيل لجنة برئاسة أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي للإشراف على صرف عوائد النفط وتوزيعها بشكل عادل على أقاليم ليبيا الثلاثة وضمان عدم ذهابها إلى المصرف المركزي الذي يسيطر عليه الإخواني الصديق الكبير.
وقال حفتر إن المشاركة الفعالة في الحوار الليبي-الليبي الداخلي، والذي تفاعل معه بشكل إيجابي وشارك به معيتيق، أسفر عن التوافق على توزيع عادل لعائدات النفط الليبي بشكل يخدم جميع الليبيين.
ويرى الجيش الليبي أن المؤسسة الوطنية للنفط باتت تحت سلطة تيار الإخوان الإرهابي والميليشيات، وتستخدم لأغراض سياسية وفي إطار سباق للوصول إلى السلطة، وفقا لتصريح اللواء خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي.
ويرفض تنظيم الإخوان الإرهابي وبعض الميليشيات والتنظيمات الإرهابية وضع رقابة على أموال النفط وهو ما يعوق تمويلهم لأنشطتهم الإرهابية المشبوهة.
وقد أكد الجيش الليبي رفض القيادي الإخواني خالد المشري للاتفاقية والضغط على معيتيق للتراجع عنها، وهو نفس الرفض الذي أعلنه الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي المتهم بالتصرف في العائدات لتمويل تنظيم الإخوان الإرهابي ودعم تركيا.
وأمس الجمعة هاجمت عناصر من مليشيات مصراتة الليبية مؤتمرا صحفيا لمعيتيق وأجبروه على إلغائه، اعتراضا على إعلان القيادة العامة للجيش الليبي وجود تفاهمات معه لرئاسة لجنة خاصة بتوزيع عوائد النفط.
جدير بالذكر أن القبائل الليبية أعلنت في 18 يناير/ كانون ثاني الماضي إغلاق الحقول النفطية لحين وضع آلية رقابية على صرف عوائد النفط حتى لا تذهب الى التنظيمات الإرهابية وتركيا.
وانحازت القيادة العامة للجيش الليبي لمطلب القبائل آنذاك.
المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا
تعريف:
تأسس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا في جوان - يونيو 2015 في تونس، وهو أول مركز من نوعه يعمل بكل استقلالية من أجل تعميق المعرفة بليبيا في جميع المجالات والقطاعات، ويرفد بالمادة العلمية جهود المجتمع المدني في ليبيا لإقامة الحكم الرشيد، المبني على التعددية والتداول السلمي واحترام حقوق الإنسان . مؤسس المركز: الإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة يقوم المركز بنشر مقالات وأوراق بحثية بالعربية والأنكليزية والفرنسية، ويُقيم مؤتمرات وندوات علمية، وباكورة نشاطاته ندوة حول "إسهام المجتمع المدني في إعادة الاستقرار والانتقال الديمقراطي بليبيا" يومي 5 و6 أكتوبر 2015 بتونس العاصمة.
موقع "ليبيا الجديدة"
موقع إخباري وتحليلي يبث الأخبار السريعة والتقارير السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عن ليبيا، ديدنُه حق المواطن في الإعلام، ورائدُه التحري والدقة، وضالتُه الحقيقة، وأفقهُ المغرب العربي الكبير. يتبنى الموقع أهداف ثورة 17 فبراير ومبادئها السامية ويسعى للمساهمة في بناء ليبيا الجديدة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحكم الرشيد.