الأربعاء 09 يوليو 2025 13 محرّم 1447

كل مقالات Farouk

غليان في مدينة سرت الليبية يهدد بانقسام مليشيات حفتر

 

في الوقت الذي كان الليبيون ينتظرون جعل مدينة سرت منزوعة السلاح، وخروج مليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر وجميع مرتزقته منها، إذا بها تتحول إلى ساحة معركة بالأسلحة الخفيفة بعد صعود أنصار نظام معمر القذافي السابق كلاعب جديد ومستقل عن حفتر.
ما يجري في سرت حاليا يعكس بداية تخلي أنصار القذافي عن حفتر، بعد أن دعموه طيلة سنوات لإسقاط ثوار 17 فبراير، الذين أطاحوا بالنظام “الجماهيري” في 2011.
أنصار القذافي، الذين حاولوا تنظيم مظاهرات في كامل البلاد، في 20 أغسطس/ آب الماضي، في الذكرى التاسعة لسقوط طرابلس في يد الثوار، واجهوا حملة اعتقالات عنيفة من مليشيات حفتر في مدن سرت وأجدابيا (750 كلم شرق طرابلس) وبنغازي (ألف كلم شرق طرابلس).

بداية انشقاق أنصار القذافي عن حفتر
لكن حملة الاعتقالات في سرت كانت الأعنف، باعتبارها مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، والمكان الذي قتل فيه، وأيضا معقل قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها.
ولأن أفرادا من قبيلة القذاذفة يمتلكون بعض الأسلحة الخفيفة، وقعت خلال الأيام الأخيرة اشتباكات لساعات بينهم وبين مليشيات حفتر، بعد مقتل شخص من القبيلة دهساً بسيارة مدرعة، إثر مشاركته في مظاهرات مؤيدة للنظام السابق.
واعتقلت مليشيات حفتر العشرات من قبيلة القذاذفة، التي خرج بعض أفرادها في سرت للتنديد بمقتل أحد أبنائها، بحسب قناة “ليبيا الأحرار”، وناشطين إعلاميين.
وهو ما أكده الناطق باسم غرفة عمليات سرت – الجفرة التابع للجيش الليبي، عبدالهادي دراه، قائلا إن المدينة شهدت حملة اعتقالات واسعة ومداهمات للمنازل، وأن قبيلة القذاذفة خرجت في مظاهرة منددة بعملية القتل واقتحام المنازل وممارسات مليشيات حفتر ومرتزقة الجنجاويد الداعمين لهم.
كما تداول ناشطون إعلاميون، بيانا مصورا لأشخاص من قبيلة القذاذفة في مدينة سبها (750 كلم جنوب طرابلس) هاجموا فيه اعتداءات مليشيات حفتر على أبناء قبيلتهم في سرت، وطالبوا شباب القبيلة المنضوين تحت لواء حفتر بالانسحاب، وهددوا بمحاربة مليشيات حفتر إذا لم تسلمهم قتلة أحد أبنائها، ولم تطلق سراح المعتقلين.
من جانبه، دعا الناطق السابق باسم نظام القذافي موسى إبراهيم، في منشور له عبر فيسبوك، إلى “اتخاد موقف واضح من قيادة الرجمة العميلة ومشروعها السلطوي التابع للأجنبي”.
واشترط إبراهيم، أن يكون هذا الموقف “جماعيا وحاسما حتى يكون له تأثيره الوطني الصحيح”.

لا نية لحفتر للانسحاب من سرت
ويعكس تردي الأوضاع الأمنية في سرت، وتوجه مليشيات حفتر لعسكرتها أكثر وفرض إجراءات أمنية أكثر صرامة تجاه أهلها، عدم نيتها في الالتزام بالتوافق الذي حصل بين رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية الشرعية فائز السراج، ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، برعاية دولية.
فبعد مرور أكثر من أسبوع على صدور البيانين المتزامنين للسراج وعقيلة، لا يوجد أي مؤشر على نية مليشيات حفتر، والمرتزقة الروس والأفارقة على الانسحاب من سرت، ناهيك عن محافظة الجفرة.
كما أن اقتراح عقيلة، جعل سرت مقرا مؤقتا لمجلس رئاسي جديد، تتولى تأمينه قوات شرطية من جميع المناطق، غير منطقي، في ظل الظروف الأمنية المضطربة بالمدينة.
فلم تكتف مليشيات حفتر بإرسال تعزيزات إلى سرت لقمع المتظاهرين، بل قامت بقصف الجيش الليبي بـ12 صاروخ غراد، الخميس، في خرق واضح لوقف إطلاق النار.

انقسام معسكر حفتر إلى ثلاثة أطراف
تتسارع الأحداث في المعسكر الذي كان يقوده حفتر، بسبب الانقسامات التي تتجلى في الأحداث الأخيرة التي أعقبت توقف المعارك في المنطقة الغربية إثر اندحار مليشياته على الأبواب الجنوبية للعاصمة طرابلس.
إذ انقسم معسكر الشرق إلى ثلاث تيارات رئيسية، مازال يجمعها تحالف هش قد ينهار في أي لحظة، وهذه التيارات هي:
1- معسكر عقيلة صالح: يحظى بدعم روسيا ومصر وبدرجة أقل من فرنسا، وباعتراف دولي كرئيس لمجلس نواب طبرق (رغم أن أغلب النواب تخلوا عنه)، بالإضافة إلى تأييد قبائل الشرق، وعلى رأسهم قبيلة العبيدات (أكبر قبيلة في الشرق) التي ينتمي إليها.
لكن نقطة ضعف عقيلة عدم امتلاكه لقوة عسكرية كبيرة على الأرض، وحتى المجموعات المسلحة التي تولت تأمينه في وقت سابق، جرّدها حفتر من الأسلحة الثقيلة أو همشها.
ومع ذلك، نجح عقيلة، بدعم دولي وقبلي، في إفشال مخطط حفتر لحكم البلاد عبر تفويض شعبي وهمي، والحصول على حصانة رئيس دولة تحميه من محاكمة دولية على جرائم الحرب التي ارتكبها في ليبيا.
2- معسكر القذافي: ويقوده سيف القذافي، نجل زعيم النظام السابق، والمختفي منذ سنوات بمدينة الزنتان منذ 2015 بعد الإعلان عن إطلاق سراحه، وتحالف هذا المعسكر مع حفتر، في قتال الثوار السابقين.
وقوة هذا المعسكر، في استمرار ولاء عدة قبائل له، خاصة القذاذفة والورفلة والمقارحة، وامتلاك أنصاره لقوة مالية سمحت لهم بإنشاء منابر إعلامية، مثل قناة الجماهيرية، ووكالة الجماهيرية للأنباء وموقع بوابة إفريقيا، ناهيك عن الدعم الروسي.
لكن ولاء الكتائب الأمنية لنظام القذافي مثل كتيبة خميس، واللواء32 معزز، وكتيبة امحمد المقريف، أصبح محل شك، بعدما أعاد حفتر تأطير عناصرها وتوزيعهم على مختلف الوحدات.
نقطة ضعف معسكر سيف القذافي، أنه متابع لدى محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم حرب، وعدم امتلاكه لقوة عسكرية موحدة، وافتقاده لدعم دولي باستثناء الروسي.
3- معسكر حفتر: ما زال الجنرال الانقلابي يحظى بدعم الإمارات، كما أنه لم يخسر تماما الدعم الروسي والمصري، ويسيطر على أغلب مليشيات الشرق وعلى رأسها اللواء 106، الأكثر تسليحا، الذي يقوده أحد أبنائه، وكذلك كتيبة طارق بن زياد.
لكن هزيمته في معركة طرابلس، وانهيار مليشياته في الغرب الليبي، وفشله في تنصيب نفسه رئيسا على شرق وجنوب البلاد، أضعف موقفه في الداخل والخارج.
والتوافق الذي حصل بين عقيلة والسراج، كشف عن رغبة دولية في إخراج حفتر من المشهد الليبي بعد أن أصبح حجر عثرة في طريق السلام.
وجاءت محاكمته في الولايات المتحدة الأمريكية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قضيتين رفعتهما عائلتين ليبيتين، لتعمق جراحه.
فحفتر ليس مهددا فقط بخسارة ممتلكاته في الولايات المتحدة، بل قد تفتح إدانته في الولايات المتحدة الباب أمام محاكمات أخرى، وقد تقبل محكمة الجنايات الدولية النظر في بعضها، مما سيجعله مطاردا قضائيا.
لذلك قد نشهد انهيار معسكر حفتر في أي لحظة وهروبه من ليبيا، تحت ضغط دولي وانقسام داخلي.

المجلس الرئاسي الليبي يعين وزيرا مفوضا للدفاع ورئيسا للأركان

 

عين المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، السبت، الفريق أول محمد علي أحمد الحداد رئيسا للأركان العامة للجيش، كما كلف العقيد صلاح الدين علي عبد الله النمروش، وزيرا مفوضا للدفاع.

جاء ذلك في قرارين وقعهما رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، وفق بيان للمكتب الإعلامي للأخير.

وخلف الحداد في هذا المنصب، الفريق ركن محمد المهدي الشريف، أما منصب وزير الدفاع فكان رئيس المجلس الرئاسي هو من يتولاه.

وكان الحداد آمر المنطقة العسكرية الوسطى، وهو من مدينة مصراتة (غرب)، فيما شغل صلاح الدين النمروش وكيلا لوزارة الدفاع، وهو من مدينة الزاوية (غرب).

قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني رقم 566 لسنة 2020 بشأن تكليف بمهام
قرار القائد الأعلى للجيش الليبي رقم 47 لسنة 2020 بشأن تعيين رئيسا للأركان العامة للجيش الليبي

والإثنين الماضي، أعلن السراج، عزمه إجراء تعديلات وزارية عاجلة “بعيدا عن الإرضاءات والمحاصصة”.

جاء ذلك في خطاب متلفز ألقاه السراج، بالتزامن مع اندلاع تظاهرات في العاصمة طرابلس، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية واستشراء الفساد.

ومنذ سنوات، يعاني البلد الغني بالنفط صراعا مسلحا، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا الانقلابي خليفة حفتر، الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة.

 

 

 

 

 

 

نساء في قبضة العقيد – معمر القذافي

 

“لم أكن أسمع سوى صوت باب الزنزانة والصراخ من التعذيب”، اعتقال فترهيب وتعذيب وربما يصل الأمر إلى القتل، ليس لأنك معارض فقط بل يكفي أن تصبح قريبا لأحد المعارضين لتصبح في دائرة الاتهام والخيانة، معاناة عاشها الشعب الليبي لم تنتهي إلا برحيل عقيد الرعب القذافي وقتله أيضا.

يصور الفيلم معاناة ناشطات ليبيات على يد نظام القذافي وأجهزته الأمنية وقد كانت هذه المعاناة إما بسبب معارضة هؤلاء النسوة للقذافي أو بسبب علاقة القرابة التي جمعتهن ببعض المعارضين.

فالمظاهرات الطلابية عام 1976 في جامعة طرابلس التي قام بها الطلاب؛ طلبا لحياة مدنية كانت بداية لعهد الرعب القذافي فبعد قرارات الفصل التعسفية من الجامعة جاءت مرحلة الاعتقالات والقتل دون تفريق بين رجل وامرأة.

فاطمة التايب وجميلة فلاق وإحسان بن علي وغيرهن، نساء تعرضن لتجربة سجن قاسية مازالت عالقة في أذهانهن رغم مرور الزمن! فما الذي تعرضن له في أقبية الموت ؟

الملك إدريس – ليبيا

مرّت ليبيا بالعديد من المراحل التاريخية المهمة التي يتناولها الفيلم بطريقة تسلسلية منذ بدء الدعوة السنوسية على الأراضي الليبية، والتي كانت بدايتها في برقة على يد محمد بن علي السنوسي وتولِّي ابنه إدريس السنوسي لاحقاً قيادة السنوسية، وعبر المراحل السياسية اتفق إدريس مع البريطانيين ومن ثم إعلان استقلال برقة دون الأجزاء الأخرى من ليبيا وإعلانها إمارة برئاسة إدريس السنوسي.
واستمرت المقاومة الليبية للاحتلال الإيطالي على يد عمر المختار إلى أن أمسك به الإيطاليون وأعدموه ودخل إدريس الحرب العالمية الثانية مع بريطانيا وانتصرت بريطانيا في الصحراء الليبية واستقلت ليبيا وتأسست المملكة الليبية المتحدة وتقلد إدريس مقاليد الحكم كملك، حيث يؤرخ الفيلم لهذه الفترة بكل تفاصيلها.

السفير نورلاند يشجع القادة الليبيين على تفعيل الدعوات لوقف إطلاق النار وإنتاج النفط

 

بيــــــــان صحفي

تحدث السفير نورلاند يومي الأحد والاثنين مع شخصيات ومسؤولين سياسيين ليبيين لتقييم التقدم المحرز فيما يتعلّق بتفعيل البيانات الصادرة يوم الجمعة بشأن وقف إطلاق النار واستئناف إنتاج النفط في ليبيا. وأبلغ رئيس الوزراء السراج في اتصال هاتفي يوم الأحد أنّ بيان حكومة الوفاق الوطني، إلى جانب البيان الصادر عن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، يمثل تطورات إيجابية للغاية، واتفق مع رئيس الوزراء على ضرورة أن تركّز لجنة 5+5 التي تستضيفها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا فورًا على طرائق وقف إطلاق النار وكيفية التوصل إلى حل فعال منزوع السلاح في وسط ليبيا من شأنه أن يبدأ عملية خفض التصعيد وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا۔
وقال وزير الخارجية سيالة للسفير نورلاند في مكالمة هاتفية أنّ ليبيا ترحب بردود الفعل الإيجابية من العديد من الدول الأجنبية حول البيانات الصادرة يوم الجمعة، واتفق مع السفير على أهمية دعم عملية المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة۔ وفي اتصال هاتفي مع رئيس جمعية إحياء ليبيا الدكتور عارف النايض، ناقش السفير التعددية السياسية المتنامية في ليبيا حيث قام الدكتور النايض ورئيس مجلس النواب صالح بتوسيع نطاق الأصوات الداعية إلى حوار ليبي داخلي حقيقي لدعم حل سياسي للنزاع. وفي مكالمة أخرى مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط صنع الله، أكد السفير دعم الولايات المتحدة للترتيبات التي من شأنها أن تسمح بالاستئناف الفوري لإنتاج النفط بآلية شفافة لضمان بقاء الإيرادات مجمدة في انتظار عقد مفاوضات بين الأطراف الليبية بشأن التوزيع المستقبلي للموارد. وأعرب السفير نورلاند عن قلق الولايات المتحدة بشأن النقص الحاد في الكهرباء، لا سيما في ظل تفشي جائحة كورونا بشكل متزايد، وعبّر عن دعمه لحق المواطنين في كافة ربوع البلاد في المشاركة في الاحتجاجات السلمية. وحث القادة الليبيين على العمل معا لتلبية الاحتياجات الملحة للشعب واغتنام هذه الفرصة السانحة للبلاد۔

الإقصاء الاجتماعي دفع الشباب التونسي إلى الحركات السلفية

 

رشيد خشانة –  في أحدث دراسة ميدانية عن الشباب السلفي في تونس، أبرز الباحث ماجد القروي، أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب بصفاقس، العلاقة المتينة بين الإقصاء الاجتماعي وانخراط الشباب التونسي في الحركة السلفية.

وبرزت الحركة السلفية في تونس، في منطقة سيدي علي بن عون (وسط غرب) وكانت منذ البدء، حركة معادية للمجتمع، تتبنى الدفاع عن “الهوية الثقافية” مثلما تفهمها، أي بما هي رفضٌ للديمقراطية وأسس الدولة الحديثة. وعزت الدراسة تزايد عدد الشباب السلفيين إلى الإقصاء الاجتماعي، إذ أن الظروف المعيشية للشباب في سيدي علي بن عون تجعلهم يبحثون عن بدائل توفر لهم ما فشلت الدولة ومؤسساتها في تحقيقه، والمتمثل في دخل ثابت ورأس مال صغير، من شأنه أن يرفع من موقعهم في الهرم الاجتماعي. والسلفية هي “حركة اجتماعية تنقسم إلى فرعين رئيسيين، الأول يتبنى الجهاد وسيلة للتغيير السياسي والاجتماعي والثقافي الشامل. وينعكس هذا في كلمات أحد أبرز الجهاديين السلفيين، أبو بكر ناجي، الذي قال “معركتنا تدور حول التوحيد ضد الكفر والمعتقد ضد الشرك، وليست معركة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية”. أما الفرع الثاني، السلفية العلمية، والمعروف أيضا باسم المدخلية (نسبة إلى السعودي ربيع المدخلي) فيشترك في المصادر والمرجعية مع التيار الأول، لكنه يختلف عنه في تفضيله الدعوة والإصلاح وسيلة لتحقيق التغيير المطلوب.

مئة شاب سلفي

تفترض الدراسة أن الاستبعاد الاجتماعي هو العامل الرئيسي الذي يمكن أن يفسر لماذا يصبح الشباب في هذه المدينة سلفيين في التوجهات. ويستند هذا إلى فهم الاستبعاد الاجتماعي بوصفه عاملا موضوعيا يتجاوز إرادة الأفراد. “إنه عكس التكامل أو الاستيعاب وهو مظهر من مظاهر طبيعة البنية المجتمعية” على ما يقول القروي. وهو يوضح أن الإقصاء ليس مسألة شخصية، وإنما هو نتاج هياكل اجتماعية محددة، مثلما أظهرت الدراسة، التي اعتمدت على عينة مؤلفة من مئة شاب سلفي.

غير أن الظاهرة السلفية أوسع من العينة التي اشتغل عليها الباحث القروي، إذ أنها استقوت بعد ثورة 14 شباط/فبراير 2011 بسن عفو عام على السجناء السياسيين، وتم إخلاء سبيل ألف سلفي بموجب ذلك القرار، بالرغم من كونهم دخلوا السجن لتورطهم في عمليات عنف، في إطار التنظيم السري “أنصار الشريعة”. وسيتم القبض على بعضهم لاحقا بسبب تورطهم في عمليات إرهابية جديدة.

صراع مفتوح

وسرعان ما بدأ التيار يتحدى الدولة ويخرق القوانين، إلى أن تدحرجت العلاقة نحو الصراع المفتوح، مع هجوم عناصر التنظيم على مكاتب السفارة والمدرسة الأمريكيتين في أيلول/سبتمبر 2012. وجرت جولة ثانية من اختبار القوة، مع قرار “أنصار الشريعة” إقامة مؤتمرها في مدينة القيروان، بحضور آلاف من أعضائها وأنصارها، في استعراض كبير للقوة. وانتهى اختبار القوة بتراجع التنظيم، فيما بادرت الدولة إلى حشد قوى سياسية ومراجع فكرية متعددة لخوض معركة ثقافية ودينية مع السلفيين المتشددين، بالإضافة لإطلاق حملة ملاحقات واسعة لعناصر التيار، وحظر ما يُعرف بـ”الخيام السلفية” في مدن عدة. أكثر من ذلك، عزلت وزارة الشؤون الدينية عددا كبيرا من الأئمة السلفيين، وعينت في مكانهم أئمة معتدلين.

ودل إصرار وزارة الداخلية، بأجهزتها الأمنية المختلفة، على المضي قدما في ملاحقة المتشددين السلفيين، على انعطاف في سياسة الحكم تجاه التيار، وخاصة المسلحين من عناصره، في أعقاب مغادرة الوزير علي العريض، القيادي البارز في حركة “النهضة” وزارة الداخلية، العام 2012 وكان متهما بمحاباة تلك الجماعات وغض الطرف عن تناميها. وعُرفت عنه قولته الشهيرة عن “أنصار الشريعة”: “انتظرناهم من الأمام فأتوا من الخلف” (خلف السفارة).

هجوم على السفارة

ويستدل منتقدو العريض الذي تولى رئاسة الحكومة، بأن قوات الشرطة لم تعتقل زعيم التيار السلفي سيف الله بن حسين، على رغم محاصرته في مسجد “الفتح” في وسط العاصمة تونس، في أعقاب هجوم أنصاره على مكاتب السفارة والمدرسة الأميركيتين.

وظل بن حسين، المرتبط بتنظيم “القاعدة” والمقرب من العضو الأردني البارز في التنظيم “أبو قتادة” متواريا عن الأنظار، مُوجها رسائل تحد للحكومة التي لم تستطع القبض عليه، إلى أن استقر في ليبيا. وقضت محكمة تونسية غيابيا، بسجنه مدى الحياة في العام 2016. وأرسلت الجماعة مئات من أعضائها إلى سوريا للقتال إلى جانب السلفيين، عبر ليبيا وتركيا، بالتنسيق مع جماعات سلفية في ليبيا.

من سيدي علي بن عون، إلى بؤر جديدة، أبرزُها جبال الشعانبي وسمامة وورغة، في غرب البلد، ومنها إلى سوريا، حيث اندهش المتابعون للحرب هناك من العدد المتزايد لـ”المتطوعين” التونسيين، الذين زاد عددهم عن ثلاثة آلاف مقاتل. واستأثر موضوع تسفير المقاتلين إلى سوريا باهتمام النواب في البرلمان، وبات يحظى بجدل واسع وعنيف بين القوى السياسية، خاصة بعد تشكيل لجنة تحقيق برلمانية لمعرفة من يقف وراء شبكات التسفير.

عراقيل … عراقيل

لم تتمكن اللجنة من إظهار الحقيقة بسبب العراقيل التي وُضعت في طريقها، لاسيما بعد إبعاد النائب ليلى الشتاوي من رئاستها، وهي التي كانت مُصرة على إبراز الحقائق. وسرعان ما استقطبت تداعيات الملف جدلا من نوع آخر، إذ شكل العائدون من ساحات الصراع في سوريا وليبيا والعراق مصدر قلق للتونسيين الذين كانوا يتوجسون من احتمال تشكيل خلايا نائمة وتنفيذ أعمال إرهابية.

وقدر تقرير أصدرته مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في العام الماضي أعداد التونسيين في بُؤر التوتر بما بين 5300 و5800 عنصر موزعين بين ليبيا وسوريا والعراق ومالي واليمن. وأفاد التقرير أن نحو 800 منهم لقوا حتفهم، فيما عاد أكثر من 650. غير أن وزير الداخلية الأسبق هادي المجدوب نفى هذه الإحصاءات، واعتبرها “بعيدة عن الواقع” من دون أن يُقدم أرقاما بديلة. أما “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط” فقدر عدد المقاتلين التونسيين في سوريا بـ2800 عنصر وفي ليبيا بـ1500 وعدد العائدين بأكثر من 600 عنصر. بالمقابل مُنع 3800 شاب من مغادرة البلد للاشتباه بنيتهم الالتحاق بجماعات إرهابية.

ويمكن اعتبار بلال الشواشي، القيادي في تنظيم “أنصار الشريعة” المُصنف في خانة المُنظمات الإرهابية، أخطر العائدين من سوريا في نظر السلطات التونسية. وكشفت التحقيقات التي أجريت مع 37 عنصرا من مجموعة إرهابية اعتقلت في حي المنيهلة شمال العاصمة تونس، أنهم كانوا يتلقون التعليمات من الشواشي الموجود في تونس.

من الرقة إلى ليبيا

وبحسب معلومات استخباراتية قاتل الشواشي في صفوف “داعش” في الرقة وانتمى لمجلس شوراها، قبل أن ينتقل إلى ليبيا. وكان أحد المخططين البارزين للعمليات التي نُفذت في تونس، قبل أن يتسلل إلى بلده عبر الحدود مع ليبيا في أواسط العام الماضي على الأرجح، في أعقاب ارتقائه إلى رُتبة المسؤول الأول عن الساحة التونسية.

استبعاد اجتماعي

وبالعودة إلى دراسة الباحث القروي يتضح أن الشباب الذين ينضمون إلى الجماعات السلفية المتشددة، هم مدفوعون عادة، بما يُسميه الباحث “الاستبعاد الاجتماعي” أوالهشاشة في العمل وتذبذب الدخل الشهري للشاب. كما أظهر التحقيق الميداني مع مئة شاب أن 44 في المئة منهم لديهم مهنة هشة تجبرهم على العيش على هامش المجتمع، الأمر الذي يؤجج نفورهم من الدولة ومؤسساتها، ويعمق شاعرهم بالظلم، بحسب القروي.

غير أن الباحثة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، صوفية حنازلة انتقدت منهجية القروي مُعتبرة أنه لا يمكن فهم الظاهرة السلفية في تونس، من دون الإحالة على تاريخ الدولة التونسية منذ الاستقلال عام 1956 ومن دون مراجعة مخلفات المسار الثوري للعام 2011 وما تلاه من وصول “حزب النهضة” إلى الحكم، من خلال تحقيق أغلبية برلمانية في المجلس التأسيسي، وتحالفه المعلن والخفي مع التيارات السلفية، وصولاً إلى حادثة الاعتداء على السفارة الأميركية. واعتبرت حنازلة أن تلك الحادثة حسمت في علاقة “النهضة” بالسلفية، وأدَّت إلى الدخول في مرحلة جديدة من العنف بين الدولة والتنظيمات المسلحة.

استعادة زمام المبادرة

ويُرجح بعض الخبراء أن غالبية السلفيين التونسيين غادروا العراق وسوريا إلى مالي حيث قُتل سيف الله بن حسين، على أيدي قوات فرنسية في محيط مدينة تومبوكتو العام 2019. ومع استعادة القوات العسكرية التونسية زمام المبادرة في السنوات الأخيرة وملاحقتها للخلايا الإرهابية، لم يبق من العناصر المتحصنة بالجبال سوى ما بين 100 و150 عنصرا. وساهمت الصراعات الأيديولوجية بين الجماعات المتشددة في إضعافها وتسهيل عمليات الملاحقة. مع ذلك اندمجت أربع منظمات إرهابية في تنظيم جديد بايع “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” في 2017 بعد ان كانت ولاءاتها متفرقة، فقد سبق أن ألغى تنظيما “أنصار الدين” و”المرابطون” بيعتهما لـ”لقاعدة” من أجل مبايعة “داعش”. لكن تداعيات المشهدين السوري والعراقي، غيرت البيعة مرة اخرى لتعود لـ”القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي”.

وأبرزُ صراع في السنوات الأخيرة هو الذي باعد بين “الحازميين” (نسبة إلى السعودي أحمد بن عمر الحازمي) من جهة، والبنعليين (نسبة إلى تركي البنعلي) والذي انتهى بسيطرة الحازميين في السنوات الثلاث الأخيرة على تنظيم “داعش”. ويُقدر عدد التونسيين الذين أعلنوا ولاءهم لهذا الجناح ببضعة مئات، كما ان انهيار تنظيم “أنصار الشريعة” بليبيا دفع بالتونسيين، ممن كانوا تحت حمايته، إلى الفرار إلى مالي، بمساعدة من تنظيم أنصار الدين بزعامة إياد أغ غالي، الذي كان ينشط في منطقة الساحل والصحراء الممتدة من ليبيا إلى مالي، وهي منطقة برزت فيها عدة تنظيمات إرهابية اندمجت في 2017 لتثبت موقعها كقوة مهيمنة، خاصة في مالي التي تعيش على وقع حرب مفتوحة بين جماعات إرهابية والجيشين المالي والفرنسي. واستطاعت الجماعات المسلحة أن تسيطر على قسم من البلد، وجعلت منه ملاذا آمنا لعناصرها.

ترذيل للديمقراطية

وبالرغم من المحاولات المتكررة التي بذلتها العناصر السلفية لزعزعة الاستقرار في تونس وإرباك المسار التعددي، فإن المؤسستين العسكرية والأمنية اكتسبتا خبرة واسعة في العمليات الاستباقية، التي أفشلت عدة عمليات إرهابية قبل تنفيذها في السنوات الأخيرة.غير أن تعفن الحياة السياسية في تونس، وتدني مستوى الجدل، وتكاثر العراك بين أعضاء الأحزاب في البرلمان، غذى الأفكار التي تروجها الجماعات السلفية، من ترذيل للديمقراطية والافتاء بكونها باطلة شرعا وأنها كُفرٌ. وبهذه الطريقة تخدم الجماعات المتناحرة في البرلمان الجماعات المتشددة خارجه، وقد يساعدها الاحباط السائد وانسداد الآفاق على استقطاب مزيد من الشباب إلى صفوفها.

انعطاف ليبيا نحو السلام نهايةُ “رجل الشرق القوي”

 

رشيد خشانة – الإماراتيون والروس والفرنسيون قد يتعاطون مع مفاوضات السلام باعتبارها وسيلة لإعطاء نفوذ لحفتر لم يستطع انتزاعه بالقوة، طيلة ثمانية أشهر من حصار طرابلس.

تضافرت جهود أطراف دولية ومحلية عدة طيلة الأسابيع الماضية لتحقق إنجازا انتظره الليبيون منذ سنوات. أتى البيانان الصادران الجمعة عن حكومة الوفاق في طرابلس ومجلس النواب في شرق البلاد متماثلين ومتزامنين للمرة الأولى، ما أشر إلى بداية مرحلة جديدة قد تُفضي إلى إنهاء الصراع الليبي الليبي.

وأول الخطوات تخص وقفا نهائيا لإطلاق النار وجعل مدينة سرت وقاعدة الجفرة منزوعتين من السلاح، بعدما كان متوقعا أن تندلع حولهما معارك في أي لحظة. وكان الإعلان في البيانين عن معاودة فتح الحقول والموانئ النفطية أهم خطوة عملية في إزالة جدار العداء بين الشرق والغرب. وأتت المؤشرات الأولى إلى التقارب متمثلة في تواتر حديث الأجانب والليبيين على السواء، في الأيام الأخيرة، عن حجم الخسائر الناجمة عن استمرار غلق الحقول والموانئ النفطية، والتي وصلت إلى 8.5 مليارات دولار، وما ترتب عنه من نقص في إنتاج الكهرباء في ذروة موسم الحرارة.

والظاهر أن الاتصالات التي تمت بين السراج والأطراف الدولية أثمرت اتفاقا بين الجانبين على أن المؤسسة الوطنية للنفط (قطاع عام) هي الوحيدة التي يحق لها الإشراف على تأمين الحقول والموانئ النفطية في جميع أنحاء ليبيا، وهو أمر لن يتحقق فورا وإنما سيستغرق وقتا، بضمانات من الدول الراعية للتسوية. وفي السياق وافق السراج على أن يتم إيداع الإيرادات في حساب خاص بالمؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي، وألا يتم التصرف فيها إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية طبقا لمخرجات برلين. وإذ شدد السراج على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلد، فإن تلك العملية المعقدة والحساسة ستستغرق أيضا بعض الوقت.

ترامب وماكرون

اشترك في الدعوة لمعاودة فتح الموانئ الأمريكيون والروس والألمان، قبل أن ينضم إليهم الفرنسيون في أعقاب مكالمة بين الرئيسين ترامب وماكرون الجمعة، تطرقا خلالها إلى الأوضاع في ليبيا ولبنان. وقبل ذلك تحادث الرئيسان يوم 20 تموز/يوليو الماضي حول الوضع في ليبيا، وقال عنها ماكرون في تدوينة على حسابه بموقع “تويتر”: “أجريتُ مباحثات جيدة جدا حول ليبيا مع صديقي دونالد ترامب” لافتا إلى تلاقي وجهتي نظرهما حول هذه القضايا.

ثم كان الملف الليبي في قلب المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الأحد الماضي، مع نظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو، خلال لقاء في الدومينيكان. وأسفرت مباحثات أوغلو مع بومبيو عن اتفاق على مواصلة التشاور في مستوى الخبراء بشأن ليبيا. في الوقت نفسه، أكد الروس والأتراك، المُزودون الرسميون للمتحاربين بأحدث الأسلحة والمقاتلين، أكدوا على لسان وزيري الخارجية الروسي والتركي، أنهما سيثابران على المشاورات السياسية، من أجل المحافظة على وقف إطلاق النار وبدء الحوار السياسي في ليبيا. وأتى اجتماع لافروف وأوغلو تنفيذا لاتفاقات تمت في مكالمة هاتفية سابقة، بين الرئيسين الروسي والتركي، حول ليبيا وسوريا. لكن لم تظهر بعدُ مؤشرات تدل على توقفهما عن إرسال الأسلحة إلى الطرفين المتحاربين، ولا على الاتجاه نحو تفاهم شبيه باتفاق أستانا.

تنشيط مسار برلين

ثم كان الملف الليبي في قلب القمة الفرنسية الألمانية أواخر الأسبوع الماضي، مع أن فرنسا اختارت منذ فترة بعيدة مؤازرة الفريق الذي يقوده الجنرال حفتر بالخبراء والسلاح والدعم الدبلوماسي. غير أن القمة الفرنسية الألمانية أتت في مثابة محاولة لتنشيط مسار برلين وتحويل الهدنة المسلحة إلى اتفاق على وقف إطلاق النارعلى خطَي سرت والجفرة. كما أتت القمة أيضا في أعقاب الاجتماع الذي ضم وزراء الدفاع التركي والقطري والليبي في طرابلس، والذي أثار حفيظة فرنسا، فسعت مع ألمانيا لاستعادة زمام المبادرة الدبلوماسية.

أما الألمان، الذين استضافوا مؤتمر برلين في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، فلم ينتظروا شركاءهم الأوروبيين لكي يتحركوا في اتجاه جميع الفرقاء المحليين والإقليميين، من خلال جولة وزير الخارجية هايكو ماس، التي بدأها من طرابلس وكان أول من حذر من “هدوء خادع” قال إنه يسود ليبيا منذ توقف المعارك في محيط سرت. وما من شك بأن الوزير الألماني تطرق خلال محادثاته مع السراج في طرابلس إلى المطلب الثالث في حزمة الحل السياسي، بعد فتح موانئ تصدير النفط وتثبيت وقف إطلاق النار في كافة أنحاء ليبيا، وهو المتمثل بإخراج المرتزقة الروس والسوريون والتشاديون والسودانيون من ليبيا.

دور مغربي خلف الأضواء

الأرجح أيضا أن الرباط لعبت دورا أساسيا لكنه بعيدٌ عن أضواء الإعلام، لإحياء اتفاق الصخيرات (2015) والمساعدة على بلورة توافق جديد بين الفرقاء الليبيين يُفضي إلى سلام دائم. وكانت زيارة كل من رئيس المجلس الرئاسي خالد المشري، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إلى المغرب، أواخر الشهر الماضي، أمارة على أن أمرا ما يُطبخ على نار هادئة في الملف الليبي، وقد يكون هذا الأمر بمثابة “الصخيرات2”. وعلى الرغم من شطارة المغاربة في فن تدوير الزوايا، أسوة بحذقهم لصناعة المعمار، فإن ثلاث عقبات ستجعل تعبيد الطريق لمسار سلمي جديد، عملية شاقة ومعقدة. وأول العقبات الاتفاق على سحب الأسلحة المتوسطة والثقيلة، والذي سيعارضه بشدة أمراء الميليشيات، الذين استولوا على مناطق نفوذ خاصة بهم، مع انهيار مؤسسات الدولة بعد العام 2011. والعقبة الثانية هي الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية ومجلس رئاسي مؤلف من ثلاثة أعضاء (بدلا من تسعة حاليا) يمثلون مناطق ليبيا الثلاثة، برقة وفزان وطرابلس. ومن الصعوبة بمكان العثور على شخصيات وفاقية تحظى بتزكية الفريقين. أما العقبة الثالثة فتتمثل في الإعداد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على أساس دستوري، حدد بيان السراج ميقاتها بشهر آذار/مارس المقبل لكن بيان عقيلة صالح صمت عن هذا الأمر. كما أن هناك تساؤلات عن طبيعة الأساس الدستوري للانتخابات طالما أن مشروع الدستور لم يُعرض على استفتاء شعبي.

توافق روسي تركي

لا يمكن أن تتوقف طبول الحرب في سرت والجفرة طالما لم يوجد حل لملف معاودة تصدير النفط في إطار خطة شاملة، يتبناها الجانبان الروسي والتركي، بالإضافة إلى ألمانيا بصفتها الضامنة لاتفاقات برلين والراعية لمسار 5+5 الخاص بالترتيبات العسكرية بين الطرفين المتحاربين، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2510.

في السياق ينبغي التوقف عند مضامين الضغوط الأمريكية، التي نقلها السفير الأمريكي لدى ليبيا نورلاند إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لدى لقائهما في القاهرة، في وقت سابق من هذا الشهر، إذ ربط نورلاند بين ضرورة الفتح من جهة والتزام الشفافية والعدل بين مناطق ليبيا في توزيع الإيرادات من جهة ثانية. واللافت أن عقيلة صالح حاول استيعاب الموقف الأمريكي في هذا الشأن عندما قدم اقتراحا للسفير الأمريكي، يقضي بتوزيع إيرادات النفط على المناطق الثلاث بحيث تُعطى نسبة 50 في المئة لطرابلس و38 في المئة لإقليم برقة (الشرق) و12 في المئة لإقليم فزان (الجنوب) وهي طريق قد تؤدي إلى التقسيم. وزعم ناطق باسم صالح في تصريح إثر الاجتماع أن الجانب الأمريكي وافق على الاقتراح، في محاولة لاحتواء الموقف الأمريكي.

ويقول الخبير الألماني ولفرم لاخر في هذا الصدد “ليس هناك من سبب يدعونا إلى الاعتقاد أن داعمي حفتر تخلوا عن هدفهم القديم في تغليبه على خصومه في المنطقة الغربية”. ويُخشى فعلا من أن داعمي حفتر الإماراتيين والروس والفرنسيين سيتعاطون مع مفاوضات السلام باعتبارها وسيلة لإعطاء نفوذ لحفتر لم يستطع انتزاعه بالقوة، طيلة ثمانية أشهر من حصار طرابلس.

لجنة تحقيق أممية

حتى لو وضعت الحرب أوزارها فعلا فإن ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب لن تتوقف، وهو ما جعل المفوضية الأممية لحقوق الإنسان تُقدم على تشكيل لجنة تحقيق في الانتهاكات الواسعة وجرائم الحرب المسجلة في ليبيا في السنوات الأخيرة. وتحتاج اللجنة إلى كثير من المصداقية، بعدما فقدت الولايات المتحدة والدول الأوروبية معظم المصداقية المتبقية لها في ليبيا، خصوصا بعد الاستقالة المدوية لموفد الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة.

وستحتاج الولايات المتحدة بالتأكيد إلى لعب دور رئيس في هذا الصدد، لا سيما لاحتواء النفوذ الروسي المتزايد نوعا وكما في المنطقة الشرقية من ليبيا. ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية الحالية بالكاد لها مواقف ثابتة من الوضع في ليبيا، وبخاصة في أجواء انتخابية حامية الوطيس.

انحياز فرنسي

لكن يمكن لإيطاليا وبريطانيا وألمانيا ودول أوروبية أخرى ممارسة نفوذ أكبر مما فعلت حتى الآن، مع احتمال انخراط فرنسا أيضا في هذا المسار، على الرغم من انحيازها المكشوف لحفتر، وانهيار ثقة الليبيين بها، خصوصا بعد اكتشاف الصواريخ الفرنسية في قاعدة غريان (80 كلم جنوب طرابلس) على إثر انسحاب قوات حفتر منها في يونيو/حزيران 2019.

ومن الواضح أن الدعم العسكري والسياسي الفرنسي لحفتر يضر بالمصالح الأوروبية، ويُقسم صفوف الاتحاد الأوروبي، بينما يسعى الألمان إلى بلورة موقف أوروبي موحد يقبل به الفرقاء الليبيون، وهذا هو فحوى الرسائل التي حملها وزير الخارجية هيغو ماس خلال جولته الأخيرة على العواصم المعنية بالأزمة الليبية. وأتى الانقلاب الأخير في مالي ليثبت للفرنسيين مجددا الحاجة إلى الاستقرار ومعاودة بناء مؤسسات الدولة في الجنوب الليبي لما لها من تأثير مباشر في استقرار الأوضاع في بلدان الجوار، ومكافحة عصابات التهريب وتجار السلاح والجماعات الإرهابية. أكثر من ذلك، أكد الألمان، في انتقاد مبطن للفرنسيين أنه يجب أن يكون الهدف مقاربة أوروبية موحدة تجاه داعمي حفتر الأجانب.

إهمال الجنوب

أدت سيطرة حفتر على الجنوب إلى إهمال طويل لهذه المنطقة من قبل حكومة الوفاق الوطني. كما أن السكان رحبوا بتعهد حفتر بإعادة فرض النظام، بسبب انعدام الأمن والشلل الواسع للخدمات العامة، على إثر انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة. من هنا فإن عودة الاستقرار إلى الجنوب الليبي يُعتبر أيضا مصلحة لباريس المشغولة بحماية مراكز نفوذها الاقتصادي والسياسي في منطقة الساحل والصحراء.

مع ذلك، من بين الاحتمالات التي لا يستبعدها المراقبون، والتي قد تؤدي إلى تفكك تحالف حفتر وإضعاف سلطته في الشرق والجنوب، تقدُمُه في السن (76 عامًا) ومرضه، ما يعني أن رحيله يمكن أن يثير في أية لحظة تدافعًا لملء الفراغ. وما يزيد الأمر تعقيدا تفاقم عبادة الشخصية المحيطة به، واعتماده على جهاز أمني تقوده دائرته الداخلية ذات المصالح المتضاربة. لكن الأرجح أن العواصم الدولية والإقليمية المعنية استعدت لحقبة ما بعد حفتر، والتي يعتقد الأوروبيون أنها ستكون سياسة واقعية وأكثر عقلانية من التخبطات الحالية لـ”رجل الشرق القوي”.

“السراج” يصدر تعليماته بوقف إطلاق النار على كامل التراب الليبي..ويطالب بعودة تصدير النفط وخروج المرتزقة

 

أعلن رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني “فائز السراج” اليوم الجمعة خلال بيان له وقف إطلاق النار على جميع الأراضي الليبية، وأن تكون الجفرة وسرت منطقتين منزوعتين من السلاح.

وأوضح البيان أن الغاية من هذا الإعلان بوقف إطلاق النار هو استرجاع السيادة الليبية وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة.

وأكد”السراج” خلال بيانه أنه لايمكن التفريط في مقدرات الشعب، مشيرا إلى أنه لابد من استئناف تصدير النفط في الحقول والموانئ النفطية، على أن يتم إيداع الإيرادات في حساب خاص بالمؤسسة الوطنية للنفط لدى المصرف الليبي الخارجي وأن لايتم التصرف فيها إلا بعد التوصل إلى ترتيبات سياسية وفق مخرجات برلين.

كما جدد رئيس المجلس الرئاسي التأكيد على المؤسسة الوطنية للنفط هي الوحيدة التي يحق لها الإشراف على تأمين الحقول والموانئ النفطية في جميع أنحاء ليبيا.

العريبي: مقترح «سرت مقر للحكومة» فرصة أخيرة لمنع تقسيم ليبيا

رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب عيسى العريبي

 

رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب عيسى العريبي
استنكر رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في مجلس النواب الليبي، عيسى العريبي، ما يتردد حول «التعنت» في استئناف إنتاج وتصدير النفط، الأمر الذي أدى في النهاية لتضرر قطاع الكهرباء.

وأكد العريبي، في تصريحات لصحيفة «الشرق الأوسط»، أن هذه الاتهامات هي جزء من حملة للضغط السياسي تستهدف فتح الحقول والموانئ النفطية، واستمرار تدفق الأموال على طرابلس، ليتم توزيعها على الميليشيات المسلحة بالعاصمة طرابلس.

وقال: “إن إعادة فتح الموانئ مرتبطة بإيجاد ضمانات وآليات للتوزيع العادل للعوائد النفطية بين الأقاليم الليبية الثلاث (برقة وطرابلس وفزان)، فالآلية التي تضمنتها مبادرة رئيس مجلس النواب، المستشار عقيلة صالح، لحل الأزمة الليبية، والتي طرحها نهاية أبريل الماضي، على أن تكون نسب التوزيع 38 في المائة لبرقة، و50 في المائة لطرابلس والغرب عموماً، و12 في المائة لمناطق الجنوب”.

وشدد على تأييده لمقترح رئيس مجلس النواب بأن تكون مدينة سرت مقراً للسلطة الليبية الموحدة المقبلة، لحين إجراء انتخابات نيابية في البلاد، قائلا: “المدينة، وفقاً للمقترح، ستكون مقراً لأعمال أي حكومة وحدة وطنية يتم الاتفاق عليها، كون العاصمة طرابلس مُسيطر عليها من قبل الميليشيات المسلحة، مما يجعل عمل أي حكومة هناك مستحيلاً”.

وحول مدى اقتراب الغرب الليبي، والمجتمع الدولي، من الاقتناع بهذا المقترح، أضاف “حتى الآن، الأمور مطمئنة، فلقاء رئيس البرلمان بالسفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، بالقاهرة مؤخراً استعرض هذا المقترح، حيث أعرب الأخير عن تأييده له، كونه واقعياً قابلاً للتنفيذ، وقد يكون فرصة أخيرة للحيلولة دون تقسيم ليبيا”.

وتابع “الحل والتغيير دائماً ما يأتي من قبل إقليم برقة، أما المكونات بغرب البلاد فمن الصعب أن تتوافق على أي شيء لوجود أكثر من رأس، فهناك رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، ونائبه أحمد معيتيق، ووزير داخليته فتحي باشاغا، وهناك أيضاً رئيس المجلس الاستشاري خالد المشري، بجانب قادة الميليشيات المسلحة، أمّا في برقة فالوضع مختلف تماماً، فالإقليم له رأس واحد، هو المستشار عقيلة صالح، والجميع يؤيده”.

وأضاف “الحقول النفطية موجودة في الشرق، تحت حماية قوات الجيش الوطني. وإذا كانت تركيا تسعى لتحقيق مصالح لها بهذا الملف، فعليها القدوم إلى برقة، والحديث مع عقيلة صالح، وليس مع السراج، فالأخير لا يملك من أمره شيئاً، وأي اتفاقية توقع مع حكومة لم تتحصل على ثقة البرلمان لن يتم الاعتراف بها، وتعد آلياتها سرقة لثروات الليبيين”.

واستدرك العريبي “نتوقع أن تحدث سرقات لهذه الثروات فيما تم توقيعه بين الأتراك وحكومة الوفاق من اتفاقيات مشتركة بشأن التنقيب في شرق المتوسط، فالرئيس التركي رجب طيب إردوغان لم يأتِ إلى بلادنا حرصاً على مصالح أهل ليبيا… الرجل لديه مشروع توسع، وهو يطمع بثرواتنا”.

وتطرق إلى أزمة انقطاع الكهرباء في مناطق شرق البلاد، مضيفا “المشكلة حُلت، ونحن نعمل مع هيئة الكهرباء على ضمان عدم تكرار ما حدث”.

ودعا العريبي إلى ضرورة الانتباه إلى أن مقر شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز بالشرق الليبي “أي تحت سيطرة وحماية مجلس النواب، و(الجيش الوطني) والحكومة الليبية، وهذا يعني أنه من غير المحتمل على الإطلاق أن تقوم الشركة بوقف إمدادات الغاز عن محطات الكهرباء هناك”.

وأوضح أنه انعدمت تقريباً أي سلطة للمؤسسة الوطنية للنفط على شركة سرت، وإذا حدث وقام مسؤولو هذه الشركة بتنفيذ أي قرار صادر لهم من قبل المؤسسة الوطنية في طرابلس بشأن إيقاف إمدادات الغاز عن المحطات الكهربائية بالشرق، فهذا يعني أنهم يعرضون أنفسهم للمساءلة والإبعاد عن مواقعهم، متابعا “بالتالي نقول إن رئيس تلك المؤسسة، مصطفي صنع الله، لا يملك أي شيء سوى مكتب بطرابلس، وأقرب موقع نفطي لهذا المكتب على بعد ألف كيلومتر بالمنطقة الشرقية”.

معيتيق والسفير الأمريكي يؤكّدان على ضرورة وقف التصعيد العسكريّ في مدينة سرت

 

أجرى عضو المجلس الرئاسيّ عن مدينة مصراتة أحمد معيتيق أمس الأوّل إتصالًا هاتفيًا مع سفير الولايات المتحدة الأمريكيّة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند استعرض خلاله الأخيرُ نتائج الجولة التي قام بها مؤخرًا بخصوص ليبيا.

الجانبان أكّدا بحسب بيان للمكتب الإعلاميّ لرئاسة وزراء الوفاق على وقف التصعيد العسكريّ في مدينة سرت واستعادة الحقول النفطيّة وتأمينها تمهيدًا لاستئناف العمل فيها.