بعد مرور قرابة عقد على مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي، في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011، مازال بعض أنصاره يأملون في عودة نجله “سيف الإسلام” لقيادة البلاد، ولو تحت نظام جديد يختلف عن النظام الجماهيري الذي أسسه والده.
ودعا ما يسمى بـ”حراك رشحناك” و”اتحاد القبائل الليبية”، في 3 أغسطس/آب الجاري، أنصار القذافي، للخروج في مسيرات مساء 20 من ذات الشهر للمطالبة بانتخابات رئاسية وتشريعية، ودعم سيف الإسلام القذافي.
وسبق لأنصار القذافي أن خرجوا للشوارع لتفويض سيف الإسلام، بالموازاة مع دعوة الجنرال الانقلابي خليفة حفتر أنصاره لتفويضه حاكما للبلاد، في أبريل/نيسان 2020، وهو ما سبب إحراجا الأخير، الذي وصف ذات مرة نجل القذافي بـ”المسكين”.
وقال حفتر، في تصريح صحفي، مطلع 2018، “العديد من السذج لا يزالون يؤمنون للأسف بسيف الإسلام. يحاول البعض مساومته، لكنه مجرد رجل مسكين يحاولون استغلاله مقابل المال”.
** 9 أعوام لا تكفي
رغم أن ثورة 17 فبراير، التي قضت على نظام القذافي، مازال رجالها يهيمنون على معظم مفاصل الدولة، سواء في غرب البلاد أو شرقها، إلا أن أنصار النظام السابق يرفضون الانصهار تحت أي عنوان.
ويتحالف غالبية أنصار القذافي مع مليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، بينما ينضوي بعضهم تحت لواء الحكومة الشرعية، ويفضل الباقي الحياد على أمل أن تتغير موازين القوى ذات يوم.
فجيش القبائل بمنطقة ورشفانة (جنوب طرابلس) الذي كان يقوده عمر تنتوش (اعتقلته القوات الحكومية مؤخرا)، واللواء 12 بمنطقة براك الشاطئ (700 كلم جنوب طرابلس) بقيادة محمد بن نايل (توفي مؤخرا)، والكتائب الأمنية للقذافي التي ذاب أفرادها ضمن اللواء التاسع ترهونة، وكتائب الزنتان جناح إدريس مادي، وكتائب أخرى.. كلهم انضموا إلى حفتر، وقاتلوا إلى جانبه، للانتقام من الثوار الذين ساند أغلبهم الحكومة الشرعية.
بينما انحاز اللواء علي كنه، ونحو ألفين من مغاوير الطوارق إلى الحكومة الشرعية، بعدما قاتلوا خلال الثورة إلى جانب نظام القذافي.
أما الفئة الثالثة فهي الأكثر ولاء ووفاء لنظام القذافي، والتي رفضت الانضواء تحت لواء أي من الطرفين إلا في إطار شكلي و”إداري”، وتتمثل في قبيلة القذاذفة التي ينحدر منها القذافي، والمنتشرة في مدينتي سرت (450 كلم شرق طرابلس) وسبها (750 كلم جنوب طرابلس)، وقبيلة ورفلة، إحدى أكبر قبائل الغرب الليبي، ومركزها مدينة بني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس).
وعلى العموم، أنصار القذافي ينتشرون بالمنطقتين الغربية والجنوبية وبدرجة محدودة جدا بالمنطقة الشرقية (إقليم برقة الداعم لحفتر)، وغالبية القبائل التي تدعمه بدوية، وتنتشر في الجبل الغربي وعلى امتداد الصحراء من سرت شمالا إلى غاية مدينة غات في أقصى الجنوب الغربي.
فسيف الإسلام القذافي، لا تنقصه الشعبية، بالنظر إلى أن عدة قبائل بدوية مازالت تدعمه مثل ورشفانة والقذاذفة وورفلة والمقارحة والصيعان والطوارق، وفي حال تمكن من الترشح لأي انتخابات رئاسية مقبلة فسيكون رقما صعبا في ظل تشتت رموز ثورة 17 فبراير.
** أذرع مالية وإعلامية وسياسية
تحاول بقايا نظام القذافي، إعادة التقاط أنفاسها وتنظيم صفوفها مجددا، خاصة وأنها مازالت تمتلك القوة المالية، حيث تقدر بعض الأوساط الإعلامية والبحثية ثروة معمر القذافي بنحو 85 مليار دولار، موزعة على استثمارات عائلية وحسابات سرية وسبائك ذهبية.
لكن الواجهة المالية لنظام القذافي السابق، يعتبر أحمد قذاف الدم، ابن عم معمر القذافي، والمقيم حاليا في مصر، والذي تتحدث مصادر إعلامية عن امتلاكه هو الآخر ثروة كبيرة.
وفي ظل اختفاء سيف الإسلام، وسجن شقيقه حنبعل في لبنان، وصمت بقية الإخوة وعلى رأسهم عائشة، أصبح قذاف الدم الواجهة الإعلامية والمالية والسياسية لأنصار القذافي، لامتلاكه حرية الحركة، وعدم متابعته في قضايا جنائية أو مالية دولية.
حيث أسس قذاف الدم، حزب جبهة النضال الوطني، في المهجر، ويتولى حاليا منصب المسؤول السياسي، ويجري عدة حوارات مع وسائل إعلام عربية ودولية، يبشر فيها بقرب عودة المهدي المنتظر لأنصار النظام السابق.. سيف الإسلام القذافي.
حيث صرح في أحد لقاءاته الإعلامية، في يونيو/حزيران الماضي، إنه “من واجب سيف الإسلام القذافي كأي مواطن ليبي أن لا يبقى متفرجا على الوضع حاليا.. لا أحد يستطيع أن ينكر أن له أرضية في ليبيا وإرثا لا سيما لدى الشباب”.
ويحاول أنصار القذافي تجميع صفوفهم، وتوحيد رؤاهم وعدم الذوبان في صف هذا الطرف أو ذاك عبر عدة وسائل إعلامية تابعة لهم على غرار قناة الجماهيرية الفضائية، ووكالة الجماهيرية للأنباء، ومواقع إلكترونية إخبارية، ناهيك عن صفحات التواصل الاجتماعي.
** روسيا الداعم الدولي الوحيد لسيف
لا يحظى أنصار القذافي بأي دعم دولي بارز باستثناء روسيا، التي تراهن عليه بديلا لحفتر، الذي مني بهزيمة مدوية في الغرب الليبي.
وفي هذا الصدد تحدث دينيس كوركودينوف، رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي الروسي، عن نية موسكو التنسيق مع سيف الإسلام، بهدف تهيئته للمرحلة المستقبلية ما بعد حفتر، الذي بدأ يخسر رضى الأطراف الدولية الداعمة له بسبب خسارته لعدد من المواقع الاستراتيجية.
لكن أكبر دليل تملكه الحكومة الليبية عن دعم موسكو لسيف الإسلام، إلقاؤها القبض على عميلين روسيين في 2019، أجريا 3 لقاءات مع نجل القذافي، المختفي عن الأنظار، وتم ضبط ملاحظات لديهما عن تلك اللقاءات.
وذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية، في أحد تقاريرها، أن روسيا تهدف إلى إبراز نجل القذافي على أنه فاعل صاعد في ليبيا عند إجراء الانتخابات.
ومن الملاحظات الملفتة التي دوّنها العميلان الروسيان، أن سيف الإسلام، زعم أن 80 بالمئة من عناصر مليشيات حفتر، من أنصاره، وأن الأخير سينضم إليه في حال سيطر على العاصمة طرابلس.
ورغم نفي روسيا دعمها لأي طرف في ليبيا، إلا أن عدة قرائن لا تعزز هذا الرأي.
فموسكو كانت من أكبر المعارضين لإسقاط نظام القذافي، خاصة وأنه كان زبونا مهما للسلاح الروسي، وعقدت معه صفقات بالمليارات، وإعادة تأهيل هذا النظام من جديد قد يمنحها امتيازات ونفوذ أكبر مما قد يتيحه لها حفتر أو الحكومة الشرعية.
لكن أمام القذافي الابن عقبات كبيرة في طريق ترشحه لرئاسة البلاد، أولها أنه مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وثانيها أن لا الحكومة الشرعية ولا حفتر ولا الثوار الذين أطاحوا بنظام والده سيسمحون له بالترشح لأي انتخابات رئاسية، كما أن المجتمع الدولي، والدول الغربية خاصة، من المستبعد أن يقبلوا بإعادة تأهيل النظام الليبي السابق بعد أن ساهموا في الإطاحة به.
لذلك فترشح سيف الإسلام، للرئاسيات، بعد إطلاق سراحه في يونيو 2017، مجرد زوبعة في فنجان، لكن أنصاره أصبحوا يمثلون ثقلا عسكريا وقبليا، وقد يقلبون الطاولة على الجميع، في ظل انقسام ثوار الأمس إلى معسكرين متناحرين، وتردي الأوضع الاقتصادية والاجتماعية أسوأ مما كانت عليه في عهد النظام السابق.
زلزال ميلة: حكومة الوفاق الوطني الليبية تعلن تضامنها الكامل مع الجزائر
حسب ما أفاد به يوم السبت بيان لوزارة الخارجية الليبية.
جاء في البيان الذي نشر على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الليبية: “تعلن حكومة الوفاق الوطني عن تضامنها الكامل مع جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية والشعب الجزائري الشقيق إثر الزلزال الذي ضرب بلدية حمالة بولاية ميلة الجزائرية, كما تعبر عن ارتياحها الكامل لعدم تسجيل أية خسائر بشرية بين المواطنين بسبب هذا الزلزال وتؤكد ثقتها الكاملة في إدارة الحكومة الجزائرية بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون في التعامل مع هذه الحادثة, متمنية الرخاء والاستقرار للجزائر ودوام التقدم والازدهار للشعب الجزائري الشقيق”.
الحكم بالسجن 15 عاما على الصحفي ” إسماعيل الزوي” في بنغازي في محاكمة جائرة
تدين المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان بأشد العبارات الاحتجاز التعسفي للمصور الصحفي”إسماعيل بوزريبة الزوي” منذ ما يزيد عن 20 شهرا، حيث ألقي القبض عليه في ديسمبر 2018 من قبل جهاز الأمن الداخلي في مدينة أجدابيا، ثم تم نقله إلى سجن عسكري في مدينة بنغازي بعد تفتيش هاتفه النقال والعثور على رسائل تحتوي على انتقادات للقيادة العامة للجيش الليبي في شرق ليبيا وعملية الكرامة العسكرية، و تم اتهامه بدعم الإرهاب والمجموعات الإرهابية. ولم يسمح للزوي بالاتصال بذويه و مقابلة محاميه، كما لم يتم عرضه علي النيابة طوال فترة الاعتقال.
و قد نما لعلم المنظمات الموقعة أن حكما بالسجن لمدة 15 عام قد صدر ضد الزوي في مايو الماضي، وذلك بتهم تتعلق بعمله الصحفي، من بينها التواصل مع قنوات فضائية تتهمها سلطات القيادة العامة في شرق ليبيا بدعم الإرهاب. ولم يتم إعلانه بالجلسة أو السماح له بالاستعانة بمحام، الأمر الذي يمثل انتهاكا صارخا لضمانات المحاكمة العدالة وتقييد لحرية التعبير.
وتتعارض محاكمة الصحفي ” الزوي ” مع المعايير الدولية التي تعتبر أن السماح بمقاضاة متهمين في قضايا الرأي والتعبير أمام محكمة عسكرية يشكل انتهاكا للحق في المحاكمة العادلة والضمانات القانونية وأنه لا يجوز قبول الأقوال التي يدلي بها المتهم أثناء استجوابه من جانب السلطات دون وجود محام كدليل يعتد به في المحكمة، كما أن سرية المحكمة قد شكلت انتهاكا لحق الصحفي المتهم في جلسة علنية حيث لم تقدم السلطات أسبابا محددة لإقصاء الجمهور عن جلسات المحاكمات.
كان ” الزوي” قد بدأ عمله الصحفي ونشاطه في المجال العام في أعقاب ثورة 17 فبراير ، وهو يشغل منصب رئيس مجلس إدارة النادي الليبي للثقافة والحوار ،وقد نشر العديد من التقارير الصحفية علي قناة أجدابيا الأرضية وعلي قناته الخاصة على يوتيوب.
وبناء عليه، تجدد المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان بالغ إدانتها واستنكارها لاستغلال مكافحة الإرهاب، وهي غاية مشروعة، في تكميم الأفواه ومصادرة الحقوق والحريات العامة التي كفلها الدستور و الاتفاقات الدولية الملزمة للدولة الليبية، وتطالب بما يلي :
إطلاق سراح المصور الصحفي “إسماعيل الزوي” و إحالته إلي القضاء المدني، إذ أنه لم يشارك في أي أعمال عنف و لم يحمل السلاح، بل مارس حقه في التعبير فحسب.
قيام السلطات التشريعية في ليبيا بإلغاء عقوبات السجن في جرائم النشر، والتي تستخدم لإسكات المنتقدين والمعارضين، ومراجعة وتنقيح قانون العقوبات وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
تعديل اختصاص المحاكم العسكرية وذلك بإلغاء ولايتها على المدنيين أو المتهمين العسكريين في قضايا الرأي والتعبير .
السياق القانوني:
القانون الحالي لمكافحة الإرهاب [3/2014] يحتوي على أحكام غامضة تُستخدم لاعتقال أي فرد لممارسته حقوقه في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، أو لقيامه بأي جناية عادية أو حتى جنحة. يستخدم قانون مكافحة الإرهاب تعريفًا واسعًا للغاية للعمل الإرهابي، فهو يتضمن الإضرار بالبيئة وحظر أو عرقلة عمل السلطات العامة أو الإدارات الحكومية أو الوحدات البلدية. وهذا يسمح باتهام الأشخاص الذين يتظاهرون أمام المرافق الحكومية أو تنظيم إضراب بالإرهاب، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير والتجمع السلمي. وتنص المادة 15 على عقوبة بالسجن من خمس إلى عشر سنوات “لكل من يقوم بالدعوة أو الدعاية أو الخداع لارتكاب عمل إرهابي، سواء بالقول أو الكتابة أو أي وسيلة أخرى للبث أو النشر أو الرسائل أو التفاعل عبر الإنترنت.”
علاوة على ذلك، منذ اعتماد القانون [4/2017] بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات العسكرية والقانون العسكري للإجراءات الجنائية من قبل مجلس النواب، تتم محاكمة جرائم الإرهاب بموجب ولاية المحكمة العسكرية التي لا تضمن حقوق الدفاع الكافية أو الإجراءات الواجبة، لا سيما في حالة الحرب وحالة الطوارئ. للمزيد: راجع تقرير اللجنة الدولية للحقوقيين، “المساءلة عن الجرائم الخطيرة بموجب القانون الدولي في ليبيا: تقييم لنظام العدالة الجنائية”، ص 91، (ديسمبر 2019). يمكن الوصول إليه هنا.
هذا بالإضافة إلى استمرار العمل بقانون الإرهاب رقم 3 لعام 2014 الذي يضع قيودًا عديدة على حرية التعبير والرقابة على المواقع الإلكترونية بصورة تجعل من ممارسة تلك الحقوق محفوفًا بمخاطر السجن لفترات طويلة. كما أن التوسع في مفهوم الجريمة الإرهابية يكشف الهدف الحقيقي وراء هذا القانون الذي يستهدف خنق ومصادرة كل أشكال المعارضة السياسية السلمية، وكل الأصوات المستقلة، وخاصة أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان.
وبشكل عام، يسمح الكادر التشريعي في ليبيا بعقوبات سالبة للحرية في قضايا حرية التعبير، ويتضمن عقوبات قاسية تصل حد الإعدام. كما تمنح القوانين للسلطة التنفيذية وأذرعها الأمنية سلطة واسعة للتنكيل بالأشخاص وإقصاءهم طالما تبنوا أفكار تخالف السائد، أو تتعارض مع مرجعية دينية معينة، أو لا تحظى بتوافق المتوافق أصحاب القوة في النزاع، سواء السلطة الحاكمة أو المجموعات المسلحة.
وقد استمرت السلطات الليبية بالعمل بالقوانين الصادرة قبل 2015 والتي تتسم أغلبها بالتضييق على حرية التعبير، مثل قانون المطبوعات رقم 76 لسنة 1972، الذي وضع العديد من العراقيل أمام ممارسة حرية الصحافة والنشر. هذا بالإضافة إلى استمرار تطبيق المواد 178 و195 و205 و208 و245و 438 و439 من القانون الجنائي، والتي تشكل تقييد لحرية التعبير كونها تستخدم عبارات مطاطة مصطلحات فضفاضة غير منضبطة (مثل: الإهانة؛ خدش الاعتبار) بما يسّهل التوسع في تفسيرها على نحو يقضي تمامًا على حرية التعبير. ومن ثم قد يُفسر إبداء الرأي في الثورة أو نقد سلطات الدولة أو نقد تفاعل الشعب الليبي مع قضية معينة بعض القضايا باعتباره إهانة، ومعاقبة أصحابه بعقوبات سالبة للحرية.
صدر يوم 31 يوليو 2020
المنظمات الموقعة
- المنظمة الليبية للإعلام المستقل
- شبكة أصوات للإعلام
- المؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية
- المركز الليبي لحرية الصحافة
زيارة المشري وعقيلة صالح تعيد الرباط إلى الملف الليبي

أعلن رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي، أمس الإثنين، عن اتجاه المغرب نحو إطلاق مبادرة برلمانية بين الفرقاء الليبيين، مع تأكيده على دعم كل المبادرات التي تخرج ليبيا من أزمتها.
وقال في تصريح مشترك مع رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، المؤيد للجنرال خليفة حفتر، إن الزيارة التي يقوم بها صالح للمغرب تندرج في إطار المشاورات المنتظمة بين المؤسستين التشريعيتين المغربية والليبية، مؤكداً أن بلاده تتابع كل التطورات في الساحة الليبية، خاصة منذ التوقيع على اتفاقية الصخيرات.
وأعلن المالكي دعم المبادرات الموجودة على الساحة الليبية: «نتابع كل التطورات، نحاول ما أمكن أن نقرب بين وجهات النظر بين كل الأطراف، ونعتبر كل المبادرات الأخيرة لا تتناقض مع اتفاقية الصخيرات» وأنه سيدرس مبادرة على مستوى المؤسسة المنتخبة، «وهناك مبادرة على مستوى المؤسسة المنتخبة نحن بصدد دراستها، ونأمل صادقين أن تشكل مخرجاً للأزمة التي لها تداعيات على المستوى الأمني والاستقرار بكل المنطقة» مشدداً على أن «استقرار ليبيا جزء من استقرار كل مكونات المنطقة». ووصل عقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق، رفقة وفد يضم أبرز وجوه الحكومة الموالية لحفتر، إلى المغرب الأحد؛ لتقديم مبادرة لحل الأزمة الليبية، بعد جولة جال فيها عواصم أوروبية عدة، بدأت من موسكو، فجنيف وروما، لبحث المبادرة السياسية التي أطلقها لحل الأزمة التي تشهدها بلاده، وتأتي زيارته للرباط في ضوء هذه المبادرة، والتي أعادت وفق متابعين المغرب إلى مربع الملف الليبي.
وقال إن زيارته إلى المغرب جاءت لطلب الدعم بشأن مبادرته لحل الأزمة الليبية، بحكم المكانة القوية التي يتميز بها المغرب على الصعيدين الدولي والعربي، داعياً الرباط إلى دعمه في إيجاد حل للأزمة والوصول إلى اتفاق يفضي إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تتولى شؤون البلاد في المرحلة المؤقتة، قبل المرور إلى مرحلة إنجاز الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
المشري ينفي وجود ترتيبات للقاء صالح
ووصل للرباط أيضاً الأحد بدعوة من رئيس البرلمان المغربي الحبيب المالكي، وفد موال لحكومة الوفاق، (المعترف بها دولياً) برئاسة خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، ويضم رئيس فريق الحوار فوزي العقاب، وعلي السويح وعبد السلام الصفراني، وقال المكتب الإعلامي للمجلس «إن الزيارة رسمية من أجل تبادل الآراء ووجهات النظر في القضايا والمصالح المشتركة بين البلدين».
وقال المتحدث باسم المجلس الأعلى للدولة الليبي، محمد عبد الناصر، إنه إلى الآن لا وجود لأية ترتيبات للقاء محتمل بين أطراف النزاع الليبي في الرباط، وقال إن أي لقاء يتشرط أن تكون ترتيباته علنية. واحتضن المغرب سنة 2015، مفاوضات بين أطراف الأزمة تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، انتهت بتوقيع «اتفاق الصخيرات» في 17 كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، انبثق عنه حكومة الوفاق ومجلس الأعلى للدولة والنواب، وهو الاتفاق الذي يتشبث به المغرب كأرضية لحل النزاع الليبي، في الوقت الذي يسعى المغرب للعب دور جديد في الوساطة بين طرفي النزاع، في ظل فشل عدد من دول الجوار في ذلك، منها تونس والجزائر.فالأسلحة صامتة هذا الأسبوع في ليبيا، والأنظار تتجه إلى القطاع الذي يبلغ طوله 400 كيلومتر الممتد من مدينة سرت الساحلية إلى قاعدة الجفرة العسكرية في الداخل والتي أرسلت روسيا تعزيزات لها هذا الأسبوع، حسب معلومات استخبارية أمريكية.
ويعتبر هذا الخط بداية المقاطعة التي تضم ثلثي إنتاج النفط الليبي، وهي الدولة التي لديها أكبر احتياطيات في إفريقيا.
وبعد تسع سنوات من الصراع الليبي، الذي تحول بالفعل إلى حرب عالمية مصغرة بين عدد من الأطراف الخارجية المعنية، تم تقسيم ليبيا إلى قسمين، وصار النفط هو الذي يمثل الحدود.
وفي هذا الوضع الممزق الذي تعيشه ليبيا، حطت الرحال برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في الرباط أمس، الذي التقى نظيره المغربي الحبيب المالكي، للبحث في مبادرته كحل للأزمة الليبية. الرباط، وفق مصادر استشارتها «القدس العربي» «متمسكة باتفاق الصخيرات كأرضية توحد جميع الليبيين» وهو «الأساس الوحيد الذي يوحد جميع الليبيين، فضلاً عن كونه إطاراً سياسياً لمرحلة انتقالية تسمح لليبيا بإنشاء مؤسسات «شرعية وقوية».
ويضيف المصدر الذي تحفظ عن ذكر هويته: «اتفاق الصخيرات هو الحل الوحيد لهذه الأزمة، مع إضافة بعض التغيرات التي تفرضها التطورات المختلفة بالملف الليبي، ومراعاة آراء جميع الأطراف». ويؤكد المصدر المغربي أن المغرب قلق من الوضع في ليبيا، «الذي يخيم على المنطقة ككل» مشيراً إلى أن «الحل السياسي هو الأنجع للوضع في ليبيا لتحقيق الاستقرار في هذا البلد المغاربي، والمنطقة المغاربية بكاملها».
المغرب مدخل للمصالحة
ويرى المحلل السياسي المغربي رشيد لزرق، أن «الوضع في ليبيا يزاد تعقيداً بفعل المتغيرات التي تعرفها البيئة الدولية والتدخل المباشر لأطراف إقليمية، الأمر الذي يؤشر على مزيد من التعقيد، في ظل المعطيات الأخيرة واشتداد الصراع المسلح على التراب الليبي بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر المدعوم من عدة دول إقليمية ودولية، والقوات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج المدعومة من تركيا».
ويعتبر أستاذ العلوم السياسية أن «تعقيد الوضع الداخلي الليبي ودخول لاعبين دوليين في الصراع داخل التراب الليبي، يعود بنا إلى الطرح المغربي بالنظر للمسافة بين الأطراف الإقليمية الأكثر قوة لحل أزمة الحرب الدائرة بليبـــيا، مما يجعل حضور فاعل أساسي لحل الصراع على أساس اتفاق الصخيرات، باعتباره وثيقة مرجعية ومخرجاً لحل الأزمة الليبية بين الأطراف المتصارعة. وضمن هذا السياق، فإن المغرب يعمل مع كل أطراف الصراع على التوصل إلى حل دائم للأزمة».
ويــــشير في تصريحه لـ«القدس العربي»إلى أن «أهم امتياز للمغرب هو أنه غير معني مباشرة بالصراع، كما أن علاقته مع الأطراف الإقليمية والدولية جيدة، يمكن أن يكون ذلك مدخلاً للمصالحة وإعــــادة إعمار ليبيا، على اعتبار أن الأوضاع الـــيوم أكثر نضجاً بفعل تطور الأحداث، ما يجدد التأكيد على رجاحة اتفاقية الصـــخيرات، وهذا يؤكد أن المغرب قادر على لعب دور مهم مع الأشقاء الآخرين لحل الأزمة الليـــبية، والحيلولة دون دخول المباشر بين الأطراف المتنازعة داخل ليبيا، ما يؤدي إلى استمرار ليبيا في متاهة من العنف».
ويخلص المتحدث إلى أن «طي الملــــف الليــــبي يمكن أن يكون مدخلاً للمقاربة المغربية على المستوى الإفريقي في تحقيق التنمية كتتويج للطــــموح والرغبة الأكيدة في إعادة الروح لتكتل المغرب الكبير».
المغرب يدعو لتطوير “اتفاق الصخيرات” لإنهاء النزاع الليبي
قال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الإثنين، إن اتفاق الصخيرات بين الفرقاء الليبيين بحاجة لتطوير، وإن المملكة ليست لديها أية مبادرة للشأن الليبي، وهي ضد تعدد المبادرات.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي بالرباط، عقب محادثات بين بوريطة وعقيلة صالح، رئيس البرلمان الليبي المنعقد بمدينة طبرق (شرق).
ويدعم هذا البرلمان مليشيا الجنرال الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر، الذي ينازع الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط؛ مما خلف قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي واسع.
ورأى بوريطة أن “مبادرة عقيلة صالح تشكل خطوة لتطوير اتفاق الصخيرات”.
ووقّع طرفا النزاع الليبي، في ديسمبر/ كانون الأول 2015، اتفاقا سياسيا بمدينة الصخيرات المغربية، نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب، وإنشاء مجلس أعلى للدولة، لكن حفتر سعى طيلة سنوات إلى تعطيل وإسقاط الاتفاق.
وأعلن صالح، نهاية أبريل/ نيسان الماضي، مقترحا للتوصل إلى حل سياسي، بين بنوده إعادة تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء بدلا عن تسعة، بحيث يختار كل إقليم ليبي ممثله في المجلس بالتوافق أو الانتخاب، وتحت إشراف الأمم المتحدة.
واعتبر بوريطة أن “مبادرة عقيلة صالح جاءت من مؤسسة ليبية، مضيفا أن بلاده ترى أن “المبادرة هي التي يتفق عليه الليبيون”. ورأى أن “تزايد المبادرات جزء من المشكل، وليس جزءا من الحل”.
وأضاف بوريطة أن “اتفاق الصخيرات يضم أمورا يجب تطويرها، وفق تغير الواقع السياسي في ليبيا”.
ويتمسك المغرب باتفاق الصخيرات كمرجعية أساسية لمعالجة النزاع الليبي.
ورأى بوريطة أن “عناصر مبادرة عقيلة صالح تسير في اتجاه تطوير اتفاق الصخيرات”.
وأوضح أن الرباط تعمل على إجراء حوار بين مجلس نواب طبرق والمجلس الأعلى للدولة الليبي برئاسة خالد المشري.
فيما قال صالح إنه جاء للمغرب بناء على دعوة من رئيس مجلس النواب حبيب المالكي.
وأضاف أن اتفاق الصخيرات، بمرور الزمن، يحتاج لتعديل، وأنه يعول على دور المغرب للخروج من الأزمة.
وتابع “ليبيا بحاجة إلى دعم للاستمرار في المسار السياسي؛ فالحرب ليست في مصلحة الجميع”.
كما بحث صالح مع المالكي سبل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.
فيما بحث رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، المشري، الإثنين، مع رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي)، حكيم بنشماش، مستجدات الشأن الليبي.
وتتزايد تحركات وضغوط لوقف القتال واستئناف العملية السياسية في ليبيا، في ظل تحقيق الجيش الليبي سلسلة انتصارات مكنته من تطهير المنطقة الغربية من مليشيا حفتر، المدعومة من دول عربية وغربية.
مباحثات ليبية جزائرية حول سبل عودة المسار السياسي

بحث وزير الخارجية الليبي محمد سيالة، ونظيره الجزائري صبري بوقادوم، الإثنين، آليات التنسيق بين البلدين من أجل عودة مسار الحوار السياسي بليبيا، ودور الجزائر في هذا الصدد.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه بوقادوم مع سيالة، بحسب بيان لوزارة الخارجية الليبية.
وأضاف البيان أنه تم التشاور أيضا بشأن بعض القضايا على رأسها مواجهة انتشار فيروس كورونا.
والإثنين، بحث رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، مع رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية للبرلمان)، حكيم بنشماش بالرباط، إمكانية “تعديل” اتفاق الصخيرات السياسي، في إطار سبل حل الأزمة الليبية.
جدل بين الليبيين حول زيارة الصحافي الفرنسي برنار هنري ليفي إلى غرب البلاد
أثارت زيارة الصحافي الفرنسي برنار هنري ليفي إلى غرب ليبيا جدلا واسعا بين الليبيين، إذ استنكر بعضهم هذه الزيارة على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهموا المجلس الرئاسي بتنسيقها. المجلس من جانبه نفى علاقته بزيارة ليفي وقال إنه لا علم له بها وإنه لم يتم التنسيق معه بشأنها. وأضاف بأنه اتخذ إجراءاته بالتحقيق في خلفية الزيارة، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يدان بالتورط في هذا الفعل الذي اعتبره خروجا عن الشرعية وقوانين الدولة.
معاذ الشيخ: جدل في ليبيا بشأن زيارة برنار هنري ليفي لغرب البلاد
إلا أنه صرح نافيا علاقته بزيارة ليفي وقال إنه لا علم له بها وإنه لم يتم التنسيق معه بشأنها. وأضاف أنه اتخذ إجراءاته للتحقيق في خلفية الزيارة، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يدان بالتورط في هذا الفعل الذي اعتبره خروجا عن الشرعية وقوانين الدولة.
رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري صرح قائلا: “نستغرب السماح بدخول المدعو برنار ليفي إلى مدينة الصمود (في إشارة إلى مدينة مصراتة) في ظل الموقف الفرنسي الداعم لمجرم الحرب حفتر، وأطالب الجهات المعنية التحقيق بسبب الزيارة والجهة الداعية لها”.
برنار ليفي نشر صورة له في صفحته على تويتر قال إنها في مدينة ترهونة تحديدا في المواقع التي عثر فيها على مقابر جماعية.
وكان رئيس المجلس التسييري لبلدية ترهونة قد عبر عن رفضه لزيارة الصحافي الفرنسي للمدينة.
مداخلة الصحافي الليبي عبدالله الكبير
بعد ذلك نشر ليفي عبر حسابه على تويتر صورة له مع عدد من رجال الأمن معبرا عن أن هؤلاء هم الشرطة الليبية الحقيقة التي تحمي الصحافة الحرة، والتي تختلف كثيرا عن البلطجية -حسب قوله- الذين حاولوا منعه من العودة إلى مدينة مصراتة.
هل تُعيد مصر في ليبيا خطأ تدخلها العسكري في اليمن؟
رشيد خشانة – الجيش المصري الذي تحوَل إلى مؤسسة اقتصادية ضخمة، سيجد صعوبة في مواجهة الجيش التركي، الذي خاض حروبا كثيرة خارج أراضيه، واكتسب منها خبرات قتالية كبيرة.
عندما عادت القوات المصرية من اليمن في العام 1967 كانت تلك العودة معجونة بمرارة شديدة، وأقنعت المصريين بالاحجام عن أي تدخل عسكري في الخارج، كيفما كانت المبررات. بعد عشر سنوات من تلك المغامرة المكلفة بشريا وماديا، اندلعت حرب بين مصر وليبيا استمرت أربعة أيام في تموز/يوليو 1977 وانتهت بانتصار الجيش المصري على الجيش الليبي، و”احتلاله” عدة مدن ليبية. لكن الجيشين انهزما في الواقع، لأنهما دمرا قدراتهما العسكرية، أو في الأقل قسما منها، في حرب عبثية.
بين اليمن وليبيا
اليوم تدفع بعض القوى في مصر نحو تكرار ذلك الخطأ الاستراتيجي في ليبيا. فمنذ انسحاب قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، إلى مدينة سرت وقاعدة “الجفرة” بعدما حاصرت العاصمة طرابلس لأكثر من سنة، انطلق التسخين في الجانب المصري، لتهيئة الأجواء لتدخل عسكري في الصراع بين الغريمين الليبيين، أسوة بتدخل مصر عبد الناصر في الحرب بين الجمهوريين والملكيين في اليمن. في هذا الإطار اتخذ البرلمان المصري قرارا بإجازة تدخلات الجيش في الخارج، فيما تعالت أصوات التهديد والوعيد في وسائل الإعلام مُنذرة بإشعال فتيل، إذا ما اقتربت قوات حكومة “الوفاق” من مدينة سرت وقاعدة الجفرة. ويشكل خط سرت-الجفرة بوابة السيطرة على منطقة الهلال النفطي التي تضم 80 في المئة من حقول النفط ومرافئ تصديره. والهلال النفطي هو حوض نفطي يقع على ساحل البحر المتوسط، ويمتد على طول 205 كلم من طبرق شرقا إلى السدرة غربا. وسيطرت عليه بالكامل قوات خليفة حفتر في أيلول/سبتمبر 2016. في هذا الإطار سيكون مفتاح السيطرة على الهلال النفطي هو قاعدة الجفرة، فاذا ما سيطرت قوات حكومة السراج على الهلال النفطي بمساعدة تركيا، سيضعف ذلك بشدة موقف الجنرال حفتر وحلفاءه، وستُرسخ تركيا مواقعها ونفوذها، ما يعزز موقف القوى السياسية الداعمة لحكومة “الوفاق”.
بانتظار الضوء الأخضر
بعيدا عن أجواء الحرب في اليمن في ستينيات القرن الماضي، يمكن القول إن الأوضاع تغيرت في المنطقة، ولم يعد في وسع الحكومة المصرية أن تتخذ قرار إعلان الحرب بمفردها، فهي مضطرة لأخذ ضوء أخضر من “الحليف الأكبر” أمريكا، خاصة إذا كان الخصم هو تركيا العضو الأساسي في حلف شمال الأطلسي. وهذا عنصر أول يُلجم اندفاع البعض لامتطاء جواد الحرب. وهناك ما لا يقل عن ثلاثة أسباب تُرجح إحجام مصر عن التدخل عسكريا في ليبيا، أولها الاعتبارات العسكرية البحت، فمدينة سرت وكذلك الجفرة تقعان على بعد أكثر من ألف كلم من قواعد الجيش المصري في المنطقة الشمالية الغربية. وسيكون من الصعوبة بمكان تموين الجيش بالوقود والسلاح والعتاد والغذاء. والعنصر الثاني هو الأجواء الملبدة بين مصر وأثيوبيا بسبب أزمة سد “النهضة” ما يجعل مواجهة تداعيات أزمتين في وقت واحد قرارا بعيدا عن الحكمة. أما العنصر الثالث فيتعلق باختلال موازين القوى العسكرية بين مصر وتركيا، فالجيش المصري الذي لم يخض أي حرب منذ عقود، والذي تحوَل إلى مؤسسة اقتصادية ضخمة، سيجد صعوبة في مواجهة الجيش التركي، الذي خاض حروبا كثيرة خارج أراضيه خلال السنوات الأخيرة، واكتسب منها خبرات قتالية كبيرة.
كما أنه يأتي في الرتبة الثانية بين جيوش الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي، من حيث حجم القوات المسلحة، بعد أمريكا. لذا فإن أي انتشار مصري داخل ليبيا سيعرقل جهود وقف القتال وسينطوي على مجازفة بالنسبة للقاهرة، ما يُرجح أن التهديدات المصرية ليست سوى حرب نفسية، بما في ذلك القرار الذي اتخذه البرلمان المصري بمنح الضوء الأخضر لتدخل الجيش في الخارج.
عبارة متواترة
وأكد البيان الصادر عن اجتماع مجلس الأمن القومي التركي الأربعاء الماضي تصميم أنقرة على التدخل في ليبيا، في حال تدخل الجيش المصري لدعم قوات حفتر. وهذا ما حمل الولايات المتحدة على بذل جهودها لمنع اندلاع الحريق في شرق ليبيا، إذ أكد السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، في اتصال مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إصرار واشنطن على التوصل إلى حل سلمي تفاوضي للصراع في ليبيا، بدءا بتهدئة الأوضاع حول سرت والجفرة. واللافت أن بيان السفارة الأمريكية الصادر بعد اللقاء تضمن جملة تكررت في البيان الصادر عن اجتماع مجلس الأمن القومي التركي، وكذلك في التصريحات الأخيرة للناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، إذ نُقل عن نورلاند أنه تطرق في مكالمته مع صالح إلى دعم سيادة ليبيا “وتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملياتها على الصعيد الوطني” وهو انتقاد مبطن لإقدام قوات حفتر على إغلاق الحقول النفطية، التي يقع معظمها في المنطقة الشرقية. وفي اليوم نفسه أكدت زخاروفا ضرورة العمل على “ضمان التوزيع العادل لإيرادات صادرات النفط والغاز بين جميع الليبيين بلا أي تمييز” في إشارة إلى تحويل إيرادات النفط والغاز إلى مصرف ليبيا المركزي، الذي يوجد مقره في طرابلس.
انحياز روسي
لكن الروس لم يخفوا انحيازهم للجنرال حفتر في هذه المسألة، إذ قالت الخارجية الروسية إن عائدات صادرات النفط “تراكمت إلى وقت قريب (أي قبل إغلاق الموانئ) في مصرف ليبيا المركزي، الذي تسيطر عليه حكومة الوفاق الوطني، على الرغم من أن معظم حقول النفط تقع في شرق البلاد، ما حرم سكان تلك المنطقة من فرصة استخدام الأموال المكتسبة من مبيعات النفط” بحسب ما ذكرت زخاروفا، مع أن المصرف المركزي دأب على توزيع العائدات بالعدل بين المناطق الثلاثة (طرابلس – برقة – فزان). في السياق نفسه، وقف الممثل الأعلى للأمن والعلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل موقفا مختلفا، إذ أكد في مكالمة مع السراج، على ضرورة “رفع الإغلاق عن المواقع النفطية واستئناف إنتاج النفط بإشراف المؤسسة الوطنية للنفط”.
ومن المفارقات أن حكومة “الوفاق” ثابرت على صرف رواتب أفراد القوات التي تحاصرها وتحاصر العاصمة، فهي لم تتوقف عن إرسال قسم من عائدات النفط إلى حكومة طبرق، التي تستخدمه بدورها لدفع الرواتب. وبعبارة أخرى، يمكن القول إن النفط هو كلمة السر وراء التزام حكومة طرابلس بتمويل الجيش الذي يحاصرها، كما أنه كلمة السر لفهم خلفيات الصراع الإقليمي الدائر هناك. في هذا السياق سعت الأوساط القريبة من حفتر إلى إنشاء مصرف مركزي مواز ومؤسسة نفطية موازية، في مسعى منها للسيطرة على المؤسسات السيادية، والهيمنة على مبيعات النفط. لكن تلك المحاولات لم تعط أكلها. من هنا عاد عقيلة صالح إلى الحديث في مكالمته مع السفير الأمريكي عن “ضرورة وضع آلية لتوزيع العائدات النفطية بشكل عادل وشفاف بين كافة أبناء الشعب الليبي”.
أنموذج سوريا
على الرغم من التباعد بين الموقفين الروسي والتركي، من هذه القضايا المتشابكة على الساحة الليبية، استطاع الجانبان البحث عن قاسم مشترك لحلحلة الأزمة، أسوة بتجربتهما في سوريا. وأسفرت تلك الجهود عن تشكيل مجموعة عمل روسية تركية للدفع في اتجاه وقف إطلاق النار وتشجيع الفرقاء الليبيين على الحوار. غير أن أنقرة متفقة مع حكومة “الوفاق” على استبعاد حفتر من أية تسوية سياسية للأزمة، وهو ما أكده المتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين، لدى الاعلان عن تشكيل مجموعة العمل التركية الروسية. وتضمن الاتفاق الذي توصل إليه الروس والأتراك السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجها و”بذل جهود لتعزيز الحوار السياسي بين الأطراف الليبية المتناحرة”.
مواجهة بين تركيا واليونان؟
وقد نتجت عن تعقيدات الأزمة الليبية تداعياتٌ وأزماتٌ فرعية في الإقليم، لا تقل خطورة على الأمن في شرق المتوسط، عن المضاعفات المتوقعة على الساحة الليبية، وفي مقدمها الأزمة بين تركيا واليونان الغريمين التاريخيين والعضوين في الحلف الأطلسي. وحذرت مجلة “فورين بوليسي” المتزنة من مخاطر مواجهة وشيكة بين اليونان وتركيا. وفي أعقاب الجولة التي قام بها وزير الخارجية اليوناني إلى عواصم المنطقة حاملا حقيبة من التظلمات والمآخذ على الأتراك، دخل الجيش اليوناني في حالة تأهب، على إثر إعلان تركيا عزمها على التنقيب عن النفط بالقرب من جزيرة كاستيلوريزو اليونانية، غير بعيد عن سواحل تركيا. واحتمالات المواجهة المباشرة بين تركيا واليونان، أخطر بكثير من سيناريو المواجهة غير المباشرة بين مصر وتركيا في سرت، بالرغم من التعزيزات الكبيرة التي تصل حاليا إلى الجانبين. والظاهر أن التوتر بين أثينا وأنقرة وصل مؤخرا إلى حافة الصدام بين بوارج تركية ويونانية، لتعطيل تقتيش الأتراك عن النفط والغاز بمحاذاة السواحل اليونانية، ما حمل المستشارة الألمانية إنغيلا ميركل على التدخل السريع لتفادي اندلاع مواجهة بين الدولتين.
مبادرة جزائرية؟
غير أن مسار برلين الذي انطلق مع مطلع العام الجاري، ليس بالنجاعة نفسها على ما يبدو، إذ أن لجنة المتابعة الدولية بشأن ليبيا مازالت تدور في حلقة مفرغة، فيما تتكدس الطائرات والعتاد والأسلحة المختلفة على جانبي الجبهة، استعدادا للساعة الصفر. من هنا التفتت الأنظار إلى الجزائر التي استقبل رئيسُها عبد المجيد تبون الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، لمناقشة الأوضاع في ليبيا، غير أن مخرجات اللقاء كانت هزيلة، لأنها لم تغادر العبارات الفضفاضة، مع الاكتفاء عمليا بدعم جهود الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. مع أن الجزائر تملك أوراقا مهمة بينها علاقاتها الجيدة مع كل الفرقاء الليبيين، وصداقتها مع كل من تركيا وروسيا وأمريكا. وبتعبير آخر ليست هناك مبادرة جزائرية في الأفق لحل الأزمة في ليبيا. وقد يكون الحراك الداخلي في الجزائر والأوضاع المغاربية غير المستقرة، خاصة مع المغرب، كابحين لتقديم مبادرة سياسية جزائرية في المدى المنظور.
ليبيا: تقارب روسي تركي يدفع باتجاه وقف إطلاق النار وتشجيع الفرقاء على الحوار
بعد التصعيد الذي شهدته الساحة الليبية، خاصة إثر إعلان مصر، الداعمة لحفتر، استعدادها لخوض معارك بالخارج، في رد منها على حشد حكومة الوفاق، المدعومة من أنقرة، قواتها حول سرت، حصل تقارب روسي تركي الأربعاء بخصوص هذا الملف، أفضى إلى تشكيل مجموعة عمل تركية روسية، للدفع باتجاه وقف إطلاق النار، وتشجيع الفرقاء الليبيين على الحوار.
اتفقت تركيا وروسيا الأربعاء على مواصلة السعي لوقف إطلاق النار في ليبيا، لكن أنقرة قالت إن خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) لا يحظى بالشرعية وعلى قواته الانسحاب من مواقع مهمة حتى يخرج أي اتفاق يُعتد به إلى النور.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين: “توصلنا للتو لاتفاق مع روسيا على العمل في سبيل وقف لإطلاق النار في ليبيا يكون مستداما ويُعتد به”.
وتضمن الاتفاق الذي توصلت إليه روسيا وتركيا الأربعاء بخصوص جهودهما لوقف إطلاق النار، دعوة لإجراءات للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجونها وجهودا لتعزيز الحوار السياسي بين الأطراف الليبية المتناحرة.
تراهن على شخصيات أخرى غير حفتر
لكن المتحدث باسم الرئاسة التركية أشار إلى أن حفتر انتهك اتفاقات سابقة لوقف إطلاق النار، ولا يعد شريكا يمكن الاعتماد عليه، مشيرا إلى أن شخصيات أخرى في الشرق يجب أن يكون لها دور.
وقال “لا نعتبره (حفتر) طرفا يحظى بالشرعية على أية حال”. وأضاف “لكن هناك برلمانا آخر في طبرق. وهناك لاعبون آخرون في بنغازي. سيتعين إجراء المفاوضات بينهم”.
وقال كالين في مقابلة بالقصر الرئاسي في أنقرة: “حتى يكون وقف إطلاق النار مستداما يتعين إخلاء الجفرة وسرت من قوات حفتر”.
وتركيا وروسيا هما القوتان الرئيسيتان الفاعلتان في الصراع الليبي، حيث تناصر كل منهما أحد الطرفين. وتدعم روسيا قوات حفتر في حين تساعد تركيا حكومة الوفاق الوطني، ومقرها طرابلس، في التصدي لمحاولة حفتر اقتحام العاصمة.
وتقول وزارة الخارجية الروسية إنها تؤيد وقف إطلاق النار ومحادثات سياسية تتمخض عنها سلطات حاكمة موحدة. واستقبلت روسيا وفودا بارزة من طرفي الصراع الليبي في موسكو وحاولت دون جدوى إقناع حفتر بالتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقالت الولايات المتحدة إن موسكو أرسلت طائرات حربية إلى الجفرة عبر سوريا لدعم مرتزقة روس يحاربون إلى جانب قوات الجيش الوطني الليبي. وتنفي روسيا وقوات حفتر ذلك.
الصراع التركي المصري على الأراضي الليبية
وهددت مصر التي تساند الجيش الوطني الليبي بإرسال قوات إلى ليبيا المجاورة إذا حاولت حكومة الوفاق الوطني والقوات التركية السيطرة على سرت. وأعطى البرلمان المصري الضوء الأخضر يوم الأحد للتدخل عسكريا في ليبيا.
وقال كالين إن أي انتشار مصري في ليبيا سيعرقل جهود وقف القتال وسينطوي على مجازفة بالنسبة للقاهرة. وتابع “أرى أنها ستكون مغامرة عسكرية خطيرة بالنسبة لمصر”.
وذكر بيان صدر بعد اجتماع لمجلس الأمن القومي التركي برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان: أن الحكومة التركية أكدت مجددا خلال اجتماع مجلس الأمن القومي “عزمها المطلق” على الدفاع عن “حقوقها ومصالحها” في شرق البحر المتوسط.
وأرسل الجيش الوطني الليبي، التابع للمشير حفتر، مقاتلين وأسلحة لتعزيز دفاعاته عن سرت التي عانت كثيرا بسبب جولات القتال السابقة والفوضى منذ ثورة عام 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي.
وليامز تعلن تفاصيل مباحثاتها مع الرئيس الجزائري حول ليبيا

جددت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز، دعوتها لإيجاد حلول للنزاع الليبي، مناشدة الأطراف المعنية بإنهاء الصراع الذي دام طويلا.
وقالت وليامز في تصريحات لها عقب مباحثاتها مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الأحد: «بات ضروريا إيجاد حلول لهذا النزاع وترك الليبيين يقررون مصيرهم في مسار سياسي والاجتماع حول طاولة واحدة»، وفق ما نشرته رئاسة الجمهورية الجزائرية عبر صفحتها على موقع «فيسبوك».
نزاع ممتد وجائحة كورونا
وأضافت المسؤولة الأممية التي تترأس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة: «كان لي لقاء مهم مع السيد رئيس الجمهورية. تبعا لاجتماع الأمين العام الأممي المنعقد في الثامن من يوليو، حيث عبر عن انشغاله إزاء القضية الليبية وطلب من الدول، والقوى الخارجية، أن ترفع يدها عن ليبيا».
وأشارت وليامز في تصريحاتها التي أدلت بها في حضور وزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقادوم إلى عمر النزاع الليبي الممتد طيلة تسع سنوات وحتى الآن، بالإضافة إلى معاناة البلاد من جائحة فيروس كورونا المستجد.
كما دعت إلى «التصدي للتساهل الدولي حول تدفق الأسلحة نحو ليبيا وكذلك لانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا»، مستطردة: «هذا لصالح الليبيين ولأمن دول الجوار. نحن نعمل جميعا على ضوء مخرجات مؤتمر برلين الذي كانت الجزائر أحد الفاعلين فيه، وهذا لإيجاد حل سياسي، وما يترتب عنه من أمور اقتصادية».
ضمانات من الجزائر
وحول الموقف الجزائري من الأزمة، قالت وليامز: «كان لي اليوم تأكيدات وضمانات من الجزائر بدعمنا في هذه المبادرة، قصد الوصول إلى وقف إطلاق النار وإنهاء هذا الصراع الذي دام طويلا».
وجدد تبون، في اللقاء نفسه، موقف بلاده «الثابت الداعي إلى ضرورة التعجيل بالحل السياسي باعتباره السبيل الوحيد» للأزمة في ليبيا.
المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا
تعريف:
تأسس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا في جوان - يونيو 2015 في تونس، وهو أول مركز من نوعه يعمل بكل استقلالية من أجل تعميق المعرفة بليبيا في جميع المجالات والقطاعات، ويرفد بالمادة العلمية جهود المجتمع المدني في ليبيا لإقامة الحكم الرشيد، المبني على التعددية والتداول السلمي واحترام حقوق الإنسان . مؤسس المركز: الإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة يقوم المركز بنشر مقالات وأوراق بحثية بالعربية والأنكليزية والفرنسية، ويُقيم مؤتمرات وندوات علمية، وباكورة نشاطاته ندوة حول "إسهام المجتمع المدني في إعادة الاستقرار والانتقال الديمقراطي بليبيا" يومي 5 و6 أكتوبر 2015 بتونس العاصمة.
موقع "ليبيا الجديدة"
موقع إخباري وتحليلي يبث الأخبار السريعة والتقارير السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عن ليبيا، ديدنُه حق المواطن في الإعلام، ورائدُه التحري والدقة، وضالتُه الحقيقة، وأفقهُ المغرب العربي الكبير. يتبنى الموقع أهداف ثورة 17 فبراير ومبادئها السامية ويسعى للمساهمة في بناء ليبيا الجديدة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحكم الرشيد.