الخميس 10 يوليو 2025 14 محرّم 1447

كل مقالات Farouk

عملية بركان الغضب الليبية: التحشيد في سرت غير مسبوق والمعركة قريبة

 

وصف المتحدث باسم عملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الوطني “مصطفى المجعي” التحشيدات العسكرية الموجودة غرب مدينة سرت والتابعة للوفاق بـ”غير المسبوقة”.

وقال المجعي فى تصريح لوكالة الأنباء الألمانية الأحد: “اندلاع معركة تحرير مدينتي سرت والجفرة أمر محسوم وقريب جدا، وكذلك تحرير الحقول والموانئ الليبية، وهذه هي مهمة غرفة عمليات سرت الجفرة. ولكن الهدف الأوسع هو القضاء على حالة التمرد وبسط السيطرة على كامل التراب الليبي”.

وتابع: “في حال قامت الدول الداعمة لحفتر بتحكيم العقل؛ فلن تكون هناك معركة. أما إذا اختارت تلك الدول القتال، فنحن مستعدون له، وكل الإمكانيات مسخرة لخدمة غرفة عمليات سرت الجفرة”.

وختم في هذا الشأن بالقول: “يبدو أن الروس سيتخلون عن حفتر، ولهذا فإن اعتماد حفتر بات يتجه أكثر ناحية قوات مرتزقة الجنجويد”.

مصادر أمريكية تتوقع حربا محدودة حول سرت والجزائر تنتقد تسليح القبائل

 

رشيد خشـانة – تتوقع مصادر أمريكية اندلاع صدام محدود بين مصر وتركيا في سرت، مستدلة بالمناورات التدريبية الأخيرة قرب الحدود الليبية، ويُرجح أن تسعى الجزائر للحؤول دون اندلاع حرب مفتوحة بين الجانبين.

يدُقُ ناقوس الخطر منذ فترة في دوائر صنع القرار الأمريكي، مُحذرا من “التوغل” الروسي في شرق ليبيا تارة، وطورا من “تهديد الاستقرار على مقربة من سواحل جنوب أوروبا” حسب تقارير أمريكية. والأرجح أنها حفزت دوائر القرار على الخروج من “المراقبة السلبية” للوضع في ليبيا، إلى حضور أكثر تأثيرا من أجل احتواء التمدُد الروسي في جنوب المتوسط. ربما لم تتوضح معالم هذه النقلة بشكل جلي، إلا أن واشنطن باشرت مراجعة قرارها السابق بالانسحاب من ليبيا، في أعقاب مقتل سفيرها كريستوفر ستيفنس، في مدينة بنغازي، في 11 أيلول/سبتمبر 2012. وهي في سبيلها إلى العودة إلى المنطقة، لكن من دون التورط في صراعات عسكرية.

عودة الأمريكيين؟

وحسب الخبير في “مركز كارنيغي للسلام” فريدريك ويهراي بدأت عودة الاهتمام الأمريكي بليبيا، مع إرسال الطلائع الأولى من عناصر “فاغنر” الأمنية الروسية الخاصة، في خريف 2019 للمشاركة في “معركة طرابلس” التي أطلقها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر. وتفيد مصادر متطابقة أن الاهتمام الأمريكي بمجريات الصراع في ليبيا تضاعف منذ هزيمة قوات حفتر، التي أنهت “معركة طرابلس” وأجبرت تلك القوات على الإنسحاب إلى قواعدها في اقليم برقة. ولوحظ أيضا تزايد رصد القيادة العسكرية الأمريكية لافريقيا (أفريكوم) للتحركات الروسية في ليبيا، إذ كشفت النقاب في أيار/مايو الماضي عن وصول ما لا يقل عن 14 طائرة حربية من طراز “ميغ 29” وعدد لم تُحدده من طائرات “سوخوي 24” من روسيا عبر سوريا. وزادت أفريكوم بأن نشرت في الشهر التالي صورة لطائرة من طراز “ميغ 29” رابضة في قاعدة الجفرة.

والظاهر أن الأمريكيين اندهشوا لسهولة نقل الجنرال حفتر، الحامل للجنسية الأمريكية، تحالفاته من النقيض إلى النقيض، أي من أمريكا إلى روسيا. وزادت دهشتهم بعد المكالمة التي أجراها الرئيس ترامب مع الجنرال، بعد عشرة أيام من إطلاق الأخير هجومه على طرابلس، ما اعتُبر دعما أمريكيا للهجوم، خاصة أن ترامب لم يتحدث مع رئيس الحكومة المعترف بها دوليا فائز السراج، بتعلة أن حفتر يخوض حربا على الجماعات الإرهابية. ما يؤكد ذلك أن صحيفة “نيويورك تايمز” أماطت اللثام عن اتصال بين حفتر ومستشار الأمن القومي آنذاك جون بولتون، شجع الأخير خلاله حفتر على “إنهاء الشغل بسرعة”.

إصلاح ما كسره الغرب

في الطرف المقابل يسعى الرئيس الروسي بوتين إلى أن يُنظر إليه في الداخل والخارج على أنه صانع سلام، بعدما أظهر قوته العسكرية في سوريا، واستطرادا، فهو يُقدم صورة عن روسيا باعتبارها تعمل على إصلاح ما كسره الغرب في حرب 2011 وما بعدها. هكذا أصبحت ليبيا هدفاً متميزاً لطموح روسيا للتأثير في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي تعارض، من هذا المنطلق، رئيس الحكومة المدعوم من الغرب السراج، سرا وعلنا. كما أن استمرار دعم روسيا للجنرال يعزز أيضًا علاقات موسكو مع راعيته الرئيسة، مصر. ويرى محللون أن سياسة حفتر المناهضة للتيارات الأصولية جعلته “شريكًا جذابًا في مكافحة الإرهاب” ليس فقط لموسكو وإنما أيضا للعواصم الغربية. وفي نهاية المطاف فإن موسكو تريد أن تثبت أن تغيير النظام في ليبيا كما في أوكرانيا، لم يولد سوى الفوضى.

على هذا الأساس طور الكرملين دعمه لحفتر، ففي ربيع العام 2016 قدمت موسكو دعمًا ماليًا مهما لحفتر، من خلال طباعة الدينار الليبي في روسيا. وتعززت العلاقات في حزيران/يونيو من ذلك العام، مع قيام حفتر بعدة زيارات لروسيا، أو مبعوثه الخاص عبد الباسط البدري، السفير الليبي لدى السعودية. وبعد ذلك تمت دعوة حفترعلى متن حاملة الطائرات كوزنستوف، حيث تحادث بالفيديو مع وزير الدفاع الروسي سيرغاي شويغو.

ثلاثة طلبات

وحسب مصادر روسية كانت لدى حفتر ثلاثة طلبات رئيسة من الروس، وهي الدعم السياسي لتعزيز صورته كزعيم شرعي لليبيا، والمساعدة في رفع حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، وتسليمه أسلحة. لكن يبدو أن حفتر، الذي كان يتوقع، من خلال ما دار في تلك الاجتماعات، أنه سيحصل من موسكو على نفس النوع من الدعم، الذي حصل عليه الرئيس الأسد في سوريا، أصيب بخيبة أمل، بحسب قراءة الباحث في “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” ماتيا توالدو.

في البداية أصر الكرملين في العلن على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة برفضه توريد الأسلحة إلى أن يُرفع الحظر. ولم يكن على استعداد لخوض معركة في الأمم المتحدة للتفاوض على هذا الموضوع. لكنه لم يتوان عن بيع الأسلحة لشرق ليبيا عبر مصر، أي “بشكل قانوني”. وكان هذا الترتيب مناسبا لروسيا، ليس فقط لأنه يسمح لها بالبقاء ضمن حدود حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، ولكن أيضًا لأن مصر تمثل “زبونا أكثر موثوقية من حفتر” بفضل الأموال السعودية، على ما يرى الخبير توالدو.

بعد تلك المرحلة بات السلاح الروسي يتدفق إلى ثكنات حفتر عبر مصر أو جوا وقد وصلت طائرات “ميغ 29″ و”سوخوي24”. أما القوات الخاصة الروسية فتم نشرها في البداية على الحدود بين مصر وليبيا، وأيضا في حماية الفنيين الروس، الذين يساعدون في صيانة أنظمة الأسلحة، قبل أن يصبحوا عنصرا محوريا في العمليات القتالية، خاصة في الضواحي الجنوبية لطرابلس، ويُغيروا علاقات القوة في الغرب الليبي عن طريق مرتزقة “فاغنر”.

لم تقطع حبل الحوار

مع ذلك لم تقطع موسكو حبل الحوار مع حكومة الوفاق، إذ استقبلت رئيس الوزراء السراج، وإن في مستوى أدنى من الذي حظي به حفتر، كما استقبلت وفدا من مدينة مصراتة، المناهضة بشدة للجنرال. على هذه الخلفية يُفضل الكرملين في صورة اندلاع حرب في سرت والجفرة أن تكون مواقفه متطابقة مع الموقف المصري، وهو يرى أن مثل هذه الحرب ينبغي أن تكون محدودة في المساحة والزمن، لكي تُفضي إلى محادثات سلام.

أما تركيا فتعتمد على إمكاناتها العسكرية المتطورة وعلى الدعم الأمريكي لتكون اليوم القوة العسكرية الأولى في المشهد الليبي، وتمد يد العون بسخاء لحكومة “الوفاق”. ولم يكن مفاجئا، في هذا الاطار أن يعلن حلف شمال الأطلسي، حينما احتدمت معركة طرابلس، أنه “يدعم، أمنيّا ودفاعيا حكومة الوفاق الوطني، ويؤيد تدخل تركيا في ليبيا، لمناصرتها”. وشكل هذا الموقف الأطلسي “خذلانا” للبلدان الخمسة التي أصدرت بيانا أدان التدخل التركي في ليبيا، وهي فرنسا واليونان (العضوان الأساسيان في الحلف) وقبرص ومصر والإمارات. من هنا يُرجح أن يقف الحلف في صف تركيا، إذا ما اندلعت حرب محدودة بين قوات حفتر وقوات “الوفاق”، حول مدينة سرت وقاعدة الجفرة. وما يؤكد هذا الترجيح ما جاء على لسان الأمين العام للحلف، من أن الدول الأعضاء قد تختلف حول مواضيع عديدة، غير أن تركيا، كيفما كانت الاختلافات معها، تظل عضوا هامّا فيه.

تهيُب من صدام مع تركيا

ولاشك بأن الرئيس المصري يعلم أهمية تركيا في الحلف، ويُدرك ضخامة إمكاناتها العسكرية، ولذلك فهو يتهيب من الصدام معها، إذ لم يتخذ أية مبادرة لتنفيذ التهديدات التي ما انفك يُطلقها. واكتفى بجمع من أسماهم بـ”رؤساء القبائل” الليبية (وغالبيهم من الموالين لحفتر) مع الوعد بتسليحهم. فمن له القدرة العسكرية على التأثير في مجرى الصراع الليبي لا يحتسب كم شيخ قبيلة يقف إلى جانبه، وإنما كم يستطيع أن يحرك من لواء ومن دبابة وطائرة. بالمقابل يستند الأتراك على اتفاق التعاون الأمني، الذي توصلوا له مع حكومة “الوفاق” لكي يُضفوا غطاء شرعيا على تدخلهم العسكري، متى طلبت منهم ذلك الحكومة المعترف بها دوليا.

واللافت أن الجزائر ردت بشكل مباشر على مبادرة جمع “رؤساء القبائل” الليبية، إذ حذر رئيسها عبدالمجيد تبون، من أن حمل القبائل الليبية السلاح، قد يحول ليبيا إلى صومال جديد، وينعكس سلبًا على أمن المنطقة بأسرها. وشبَه وضع ليبيا الراهن بالوضع السوري “بسبب تعدد التدخلات الأجنبية”. ويُعتبر هذا الموقف نهاية للمبادرة الثلاثية حول ليبيا، التي أطلقتها كل من تونس والجزائر ومصر، وظل موتها غير مُعلن إلى اليوم. بالمقابل، تستطيع الجزائر، بالرغم من متاعبها الداخلية، أن تلعب دورا مؤثرا في الحؤول دون اندلاع حرب مفتوحة حول سرت أو حول قاعدة الجفرة، أو حول الاثنتين معا.

سيناريو سوري؟

من المستبعد أن يتكرر السيناريو السوري في ليبيا، إذ اصطدمت تركيا في البداية مع روسيا على الأرض السورية، قبل أن تعقدا تفاهمات بينهما، وصلت إلى حد شراء تركيا المنظومة الدفاعية الروسية “إس400” متجاهلة التحذيرات الأمريكية والأطلسية. أكثر من ذلك وضع الأتراك أساسا لترابط مستقبلي متين مع موسكو، من خلال مد الأنبوب الذي سيزودهم بالغاز الروسي، وينقل إلى أوروبا قسما من احتياجاتها من المحروقات. لذا من الصعب أن يتدحرج التجييش القائم حاليا، من الجانبين، إلى حرب مفتوحة، وإن محدودة، بين تركيا ومصر، المشغولة بالتداعيات الوخيمة لأزمة سد “النهضة”.

على هذه الخلفية المتوترة، يشير محللو أسواق النفط العالمية إلى حرب أخرى تدور في ليبيا حول النفط والغاز. وقد تأثر مستوى الانتاج والتصدير بسبب الحرب. وبحسب موقع “أويل برايس” الأميركي المتخصص بأسواق النفط، تحتشد جميع الأطراف من أجل معارك ستحدد من هو المسيطر على الأرض.

ويُرجح الموقع اندلاع صدام بين مصر وتركيا في سرت، مستدلا بالمناورات التدريبية الأخيرة قرب الحدود الليبية، حيث استعرضت كل منهما القوات الموجودة على الأرض وفي البحر. وقد تكون الاعتداءات التي ينفذها عناصر شركة “فاغنر” الروسية على حقول النفط، قادحا لتلك الحرب الإقليمية. غير أن ترامب سيبادر إلى إطفاء الحريق، إذا ما اندلع، لكي يقول للأمريكيين إنني منعت حربا بين مصر وتركيا في ليبيا، وهو إنجاز يحتاج إليه في حملته الانتخابية.

هل مصر مستعدة للزج بجيشها في النزاع الليبي لدعم قوات حفتر؟

 

صورة نشرت على صفحة المتحدث باسم الرئاسة المصرية الرسمية على فيسبوك بتاريخ 16 يوليو/تموز 2020 تظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء لقائه بشيوخ قبائل ليبية خلال مؤتمر في القاهرة. الرئاسة المصرية

 

أخذت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخصوص الوضع في ليبيا منحى تصعيديا، خاصة مع الدعم الذي وفرته تركيا لقوات حكومة الوفاق الوطني، إذ استطاعت بفضله أن تحقق مكاسب عسكرية على حساب حليف القاهرة المشير حفتر. وتوعد السيسي في مناسبتين بالتدخل العسكري في البلد الجار. فهل مصر مستعدة فعلا للزج بجيشها في النزاع الليبي؟

إعلان

لا تنظر مصر بعين الرضى للتدخل التركي في ليبيا، لا سيما وأن حليفها حفتر في الشرق أبان عن محدودية قدرته في السيطرة على طرابلس كما ظل يردد مدة طويلة، بل تلقى هزائم جعلته يتراجع إلى الخلف، بفضل دعم أنقرة لقوات خصمه حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

وهذا الاستياء المصري من الوجود التركي في ليبيا، عبر عنه بوضوح الرئيس عبد الفتاح السيسي في مناسبتين، كان آخرها الخميس أمام شيوخ ينتمون إلى قبائل ليبية، إذ أكد السيسي أن بلاده “لن تقف مكتوفة الأيدي” في مواجهة أي تحركات قد تشكل تهديدا للأمن في مصر وليبيا، في رسالة واضحة إلى أنقرة.

وتتقاسم سلطتان متنازعتان ليبيا: فمن جانب هناك حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ومقرها طرابلس من جهة، فيما يوجد على الجبهة المقابلة المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد وجزء من جنوبها والمدعوم من البرلمان الذي يوجد مقره في طبرق.

تواصل تصعيد اللهجة

لقد جاءت تصريحات الرئيس المصري استمرارا لتصعيد اللهجة تجاه تركيا، الذي بدأته القاهرة منذ 20 يونيو/حزيران، كرد منها على تقدم القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني نحو الشرق، ملوحا بأن ذلك سيدفع بلاده إلى التدخل العسكري المباشر في ليبيا في حال واصلت هذه القوات توغلها.

وكان الرئيس المصري قد شدد في كلمة وقتها، عقب تفقده وحدات الجيش المصري في المنطقة العسكرية الغربية، على أنه “إذا كان يعتقد البعض أنه يستطيع أن يتجاوز خط سرت أو الجفرة فهذا بالنسبة لنا خط أحمر”. وعلق السيسي على ذلك الخميس قائلا “إن الخطوط الحمراء التي أعلناها هي بالأساس دعوة للسلام وإنهاء الصراع في ليبيا”.

وتأتي تهديدات الرئيس المصري مجددا بعد يومين من إعلان مجلس النواب الليبي في طبرق، المؤيد للمشير خليفة حفتر في شرق البلاد، أنه أعطى الضوء الأخضر لمصر للتدخل عسكريا في بلاده “لحماية الأمن القومي” للبلدين، معتبرا أن ذلك يندرج في سياق تضافر جهود الطرفين لـ”دحر المحتل الغازي” التركي.

تهديد السيسي لا يبدو أنه يؤثر في الموقف التركي، إذ أكد أردوغان مواصلة دوره في ليبيا “إلى النهاية”، بمبرر أنه “لن يترك الليبيين يواجهون وحدهم العدوان العسكري”، كما لفت إلى أن “الخطوات التي تتخذها مصر بوقوفها مع حفتر غير قانونية”، واعتبر أن بلاده “تقف مع حكومة شرعية تكافح الانقلابيين” على حد تعبيره.

“ّتصريحات لا تتجاوز الوعيد”

يبقى السؤال في خضم هذه التصريحات النارية للسيسي. هل فعلا مصر اليوم على استعداد للتدخل في البلد الجار ليبيا؟ وهذا ما يستبعده المتخصص في الشأن الليبي رشيد خشانة، الذي يعتبر في حديث لفرانس24 أن “ّهذه التصريحات لا تتجاوز الوعيد”.

وبرأي خشانة “أن من يريد التدخل لا يجمع القبائل ويخطب فيها، وإنما يقوم بذلك مباشرة” في إشارة منه لخطاب السيسي الخميس أمام شيوخ قبائل ليبية، قال فيه موجها الكلمة لهم “لن نتدخل (في ليبيا) إلا بطلب منكم (الليبيين) وسوف نخرج منها بأمر منكم”.

ويرى خشانة أن “السيسي لا يمكنه أن يتدخل إلا بضوء أخضر من الولايات المتحدة والحلف الأطلسي، حتى لو حاولت روسيا الداعمة لحفتر جره إلى مستنقع الحرب، لأنه لا يستطيع أن يخضع لضغط موسكو بهذا الخصوص على حساب علاقاته الوثيقة مع واشنطن”. علما أن الولايات المتحدة تكتفي حتى الآن بوضع يدها على الملف الليبي عبر بوابة أنقرة. وكانت الرئاسة التركية قد أعلنت أن أردوغان توافق مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب على العمل “بشكل أوثق” من أجل إيجاد حل للنزاع الدائر في ليبيا.

ودخلت أطراف عديدة على خط النزاع في ليبيا، التي تملك أكبر احتياطي نفط في أفريقيا، فمن جهة تدعم روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة المشير حفتر، بينما تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة.

كما أن مصر، بحسب المتخصص في الشأن الليبي، “غير مستعدة لفتح جبهة إضافية للجبهة الإثيوبية بخصوص سد النهضة”، باعتباره ملفا معقدا “ويمكن أن يأخذ أبعادا أخرى” في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.

مصالح مصر وتركيا تتقاطع في ليبيا

“المستفيد الأول من استمرار الأزمة الليبية هي تركيا” حسب رأي رشيد خشانة. لكن مصر أيضا لها مصالحها الاقتصادية في هذا البلد، “فهي تأخذ المحروقات الليبية بأسعار تفضيلية، ولها الكثير من العمال في البلد الجار، وستستفيد بشكل غير مباشر من إعادة الإعمار عند انتهاء الأزمة”، حسب قراءة المتخصص في الشأن الليبي.

ويعتبر خشانة أن “البلدين يتقاطعان في نقطة المصالح الاقتصادية على الأراضي الليبية، وتركيا هي من تستفيد بشكل أكبر في الوقت الحالي”، إلا أن البعد الإيديولوجي في هذا الصراع المصري التركي على الأراضي الليبية، يبقى حاضرا بقوة أيضا.

فبحسب رشيد خشانة، “النظام المصري ليس من مصلحته ظهور نظام إخواني في البلد الجار” بالنظر للحرب التي يشنها على أصحاب هذه الإيديولوجيا منذ وصول السيسي إلى الحكم، فيما يعتبر أن “تركيا تعرف كيف تجمع بين مصالحها الاقتصادية والإيديولوجيا، وتدافع عن مشروعها وتحاول توسيعه”.

تركيا تستقبل 192 عسكريا ليبيا لتدريبهم في مجال مكافحة الإرهاب وبناء جيش محترف

في مناخ لا يوحي بأي انفراج في الأزمة الليبية، استقبلت تركيا 192عسكريا ليبيا لتلقي تدريبات مكثفة في مجال مكافحة الإرهاب، حسب ما أفادت وزارة الدفاع التركية التي أكدت أن الهدف هو بناء جيش ليبي محترف في إطارتفعيل اتفاقية التعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وحكومة السراج. وتعتزم تركيا إجراء مناورات عسكرية ضخمة في ثلاث مناطق قبالة السواحل الليبية، ما ينذر بوقوف ليبيا على أبواب منعرج جديد في شكل وآليات وأطراف الحرب الدائرة على أرضيها.

 

 

 

 

 

ليبيا: قوات حفتر تعلن استمرار إغلاق مواقع إنتاج النفط وتصديره

 

أعلنت قيادة قوات المشير خليفة حفتر في بيان استمرار إغلاق مواقع انتاج النفط وتصديره في ليبيا من طرف مجموعات موالية لها، وطالبت بتوزيع أكثر عدلا لموارد الطاقة في البلد الغارق في الحرب. وكانت المؤسسة الوطنية للنفط أعلنت الجمعة استئناف انتاج النفط وتصديره عقب نحو ستة أشهر من التوقف لأسباب مرتبطة بالنزاع الدائر في البلد. وقالت المؤسسة حينها إن سفينة ستبدأ بتعبئة الخام من ميناء السدرة (شرق) في اليوم نفسه.

في بيان، طالبت قيادة قوات المشير خليفة حفتر في ليبيا بتوزيع أكثر عدلا لموارد الطاقة في البلد الغارق في الحرب، وأعلنت استمرار إغلاق مواقع انتاج النفط وتصديره في ليبيا من طرف مجموعات موالية لها.

مداخلة ليبيا

استئناف إنتاج النفط وتصديره

وجاء في بيان قوات حفتر الذي نشرته السبت على فيس بوك “يستمر إغلاق الموانئ والحقول النفطية لحين تنفيذ مطالب وأوامر الشعب الليبي”.

 

وكانت المؤسسة الوطنية للنفط قد أعلنت الجمعة استئناف إنتاج النفط وتصديره عقب نحو ستة أشهر من التوقف لأسباب مرتبطة بالنزاع الدائر في البلد. وقالت المؤسسة حينها إن سفينة ستبدأ بتعبئة الخام من ميناء السدرة (شرق) في اليوم نفسه.

وتشهد ليبيا التي تملك أكبر احتياطي نفط في أفريقيا نزاعا بين سلطتين: حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة والتي مقرها طرابلس والمشير خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد وجزء من جنوبها.

وحققت حكومة الوفاق الوطني انتصارات مهمة في الأشهر الأخيرة بدعم من تركيا، واستعادت السيطرة على كامل شمال غرب البلاد ودحرت القوات الموالية لحفتر التي كانت قد شنت في أبريل/نيسان 2019 هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس.

من جهته، يتلقى المشير حفتر دعم مصر والإمارات وروسيا، ويسيطر على أغلب مواقع الطاقة.

إغلاق مواقع إنتاج النفط والموانئ

وأغلق موالون لحفتر منذ 19 يناير/كانون الثاني مواقع إنتاج النفط وموانئ تصديره الأهم في البلاد، وطالبوا بتوزيع أكثر عدلا لموارد المحروقات التي تديرها حكومة الوفاق الوطني.

ونقل البيان عن المتحدث باسم قوات حفتر أحمد المسماري أنه جرى “السماح لناقلة نفط واحدة بتحميل كمية مخزنة من النفط” استجابة لطلبات “المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة”.

وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط مؤخرا مشاركتها مع حكومة الوفاق الوطني في محادثات مع “دول إقليمية” داعمة لحفتر، وذلك لاستئناف إنتاج المحروقات الذي أدى توقفه إلى خسارة مداخيل بقيمة 6,5 مليارات دولار، وفق المؤسسة التي تحتكر إدارة القطاع بقرار أممي.

وغرقت ليبيا في العنف والنزاعات حول السلطة منذ إطاحة نظام معمر القذافي خلال ثورة شعبية عام 2011.

 

 

 

 

إدانة حقوقية واحتجاجات بعد قتل مليشيا حفتر 3 شبان وسط ليبيا

 

أدانت منظمة حقوقية، الجمعة، قتل مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، 3 شبان في مدينة “هون” التابعة لبلدية الجفرة وسط ليبيا.
جاء ذلك في بيان أصدرته “منظمة رصد الجرائم” الليبية (أسسها ناشطون حقوقيون)، وثقت فيه اختطاف الشابين، على يد مجموعة مسلحة، تابعة للكتيبة 128، الموالية لحفتر.
وأوضح البيان، أن الشاب الأول يدعى عماد عبد السلام اجطيلاوي (28 عاما)، تم اختطافه، الخميس، من وسط مدينة هون، ثم إبلاغ أسرته، الجمعة، بوفاته تحت التعذيب.
وأضاف أن الشاب الثاني، يدعى طارق محمد يوسف عبد الحفيظ (30 عاما)، عثر على جثته ملقاة، الخميس، أمام مستشفى العافية بهون، وعليها آثار تعذيب، وكان قد تم اختطافه قبلها بنحو 5 أيام.
وأدان البيان تكرار جرائم القتل خارج نطاق القانون، والاختطاف والتعذيب التي تمارسها مليشيا حفتر في مدينة هون، محمّلا “قوات القيادة العامة (التابعة لحفتر) المسؤولية الكاملة حيال هذه الجرائم”.
وناشدت المنظمة، لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في يونيو/ حزيران الماضي، العمل على التحقيق في هذه الانتهاكات.
وفي وقت سابق الجمعة، نظم عشرات من أهالي مدينة هون، احتجاجا على مقتل الشابين (عماد وطارق)، إضافة إلى شاب ثالث يدعى زياد العربي، الذي قتل أمام منزله، في 4 يوليو/ تموز الجاري، برصاص مرتزقة الجنجويد السودانية، الذين يقاتلون بصفوف حفتر.
وارتكبت مليشيا حفتر، بحسب مصادر ليبية رسمية، جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية، منذ بدء عدوانه على طرابلس في 4 أبريل/ نيسان 2019.
ومؤخرا، حقق الجيش الليبي انتصارات، أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، وترهونة، وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات بالجبل الغربي.

وزير خارجية الجزائر: نقف على مسافة واحدة من الفرقاء في ليبيا.. وجدية فرنسا على المحك

 

أكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم السبت أن بلاده تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء في ليبيا، وقال إن “الحرب بالوكالة ستحول ليبيا إلى صومال جديد”.

وقال بوقادوم في تصريحات صحافية اليوم على هامش حضوره منتدى جريدة “الشعب” الحكومية: “مصلحتنا هي وحدة ليبيا وليس لنا أطماع لا في الغاز ولا في النفط”، مؤكدا أن الجزائر ترفض جميع أشكال التدخل الخارجي في ليبيا.

وأشار الوزير إلى أنه لو تم احترام وقف توريد السلاح إلى ليبيا ووقف إرسال المرتزقة وتقديم الحلول السياسية، “فإن ليبيا كانت ستصل إلى حل للأزمة”، لافتا إلى أن الدبلوماسية الجزائرية “تواصل العمل في الكواليس وفي صمت من أجل الوصول إلى حل سياسي يجمع كل الفرقاء الليبيين في أقرب وقت”.

وكشف بوقادوم عن أن تعيين وزير الشؤون الخارجية الجزائرية الأسبق رمطان لعمامرة مبعوثا أمميا في ليبيا عارضته ضغوطات وصراع مصالح بمجلس الأمن الدولي.

جدية باريس في معالجة “ملفات الذاكرة” على المحك

من جهة أخرى قال بوقادوم إن الأيام القادمة ستكشف مدى “جدية” فرنسا في حل ملفات التاريخ الاستعماري العالقة مع بلاده.
وقبل أيام استعادت الجزائر رفات 24 من قادة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي كانت معروضة في متحف “الإنسان” بباريس، لكن السلطات الجزائرية تقول إن المئات من الجماجم ما زالت لدى باريس ويجري تحديد هويتها لاسترجاعها.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن هؤلاء المقاومين “مضى على حرمانهم من حقهم الطبيعي والإنساني في الدفن، أكثر من 170 سنة”.
وأوضح بوقادوم أن هناك “3 ملفات ما زلنا نتفاوض حولها مع فرنسا، أولها استرجاع كل الرفات (للمقاومين الجزائريين للاستعمار)”.
وأضاف بوقادوم أن “هناك أيضا ملف الأرشيف (أرشيف المرحلة الاستعمارية)، وملف ثالث وهو التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية”.
وأشار إلى أن هذه المفاوضات “تعطلت بسبب جائحة كورونا (..)، لكن يبدو أن هناك إرادة إيجابية من جانب الرئيس الفرنسي (ايمانويل ماكرون) تجاهها، والأيام القادمة ستكشف عنها، وإن شاء الله تكون صادقة”.
وقال بوقادوم إن “العلاقات مع فرنسا لها طابع خاص من جانب التاريخ، ووجود الجالية الجزائرية بقوة”.
وأضاف: “نتمنى أن تكون العلاقات مبنية على احترام متبادل واحترام سيادة البلدين”.

ليبيا.. مليشيا حفتر تقتل امرأة وتختطف شابا بمدينة هون – (صور وفيديوهات)

 

أعلن الجيش الليبي، السبت، مقتل امرأة واختطاف شاب على يد مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، في مدينة “هون” التابعة لبلدية الجفرة (وسط)، وسط احتجاجات من أهل المدينة، ومطالبة عضو بالمجلس الرئاسي بالتصدي لهذه الانتهاكات.

جاء ذلك في بيان للناطق باسم غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة (تابعة للجيش) العميد عبد الهادي دراه، نشره عبر صفحة الغرفة على فيسبوك.

والأسبوع الماضي، قتلت مليشيا حفتر والمرتزقة التي تقاتل في صفوفها 3 شبان بالمدينة ذاتها، بعد أن اختطفت اثنين منهما وعذبتهما حتى الموت.

وقال دراه في بيانه إن مليشيا حفتر ومرتزقته تستمر “في سلسلة إجرامها وتعدّيها على المواطنين العزل في المناطق التي ما زالت تسيطر عليها”.

وأضاف أن مليشيا حفتر اختطفت الأخ الأكبر لشاب قتلته الأسبوع الماضي في هون، “ولا يزال مصير المختطف مجهولا حتى اللحظة”.

وتابع: “جرائم عصابات الكرامة الإرهابية (مليشيا حفتر) لم تقف عند هذا الحد، بل قامت في منطقة هون بقتل امرأة كان أهلها يبحثون عنها منذ خمسة أيام ليجدوها (الجمعة) مقتولة بعيار ناري في الرأس (دون ذكر توقيت قتلها بالضبط)”.

 

من جانبه، دعا عضو المجلس الرئاسي عبد الرحمن الشاطر، في تغريدة عبر حسابه على تويتر، الجيش الليبي إلى شن ضربة جوية على “مرتزقة الجنجاويد” بمدينة هون، والذين يقاتلون في صفوف حفتر.

وتساءل: “هل من رد قريب على قتل 3 مواطنين في مدينة هون من قبل مرتزقة الجنجاويد، المواطنون في المدينة احتجوا وأحرقوا الإطارات وأغلقوا الشوارع.. ألا تستحق مدينتنا هون، المعتدى على أهلها، ضربة جوية على مواقع المرتزقة الباغية الجنجاويد؟ هذا العار الذي جلبه لنا حفتر”.

وفي السياق ذاته، تظاهر عدد من أهالي هون السبت، وأغلقوا جميع المحال التجارية والصناعية والمقرات الخدمية، بعد حملات التصفية والاعتقالات التي يتعرض لها أهالي المنطقة، وفق ما نقله إعلام محلي.

وارتكبت مليشيا حفتر، بحسب مصادر ليبية رسمية، جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية، منذ بدء عدوانه على طرابلس في 4 أبريل/ نيسان 2019.

ومؤخرا، حقق الجيش الليبي انتصارات، أبرزها تحرير كامل الحدود الإدارية لطرابلس، وترهونة، وكامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات بالجبل الغربي.

صور تظهر إغلاق المحال التجارية بمدينة هون احتجاجا على تواجد مرتزقة حفتر بالمدينة
#ليبيا_بانوراما

 

 

 

 

ليبيا: معركة سرت مؤجلة واستمرار غلق الحقول النفطية يخنق “الوفاق”

 

رشيد خشانة – أتاح تأجيل معركة سرت تحقيق تحسن طفيف في الأوضاع المعيشية، في بعض المناطق، فيما تتكثف الاتصالات الدبلوماسية من أجل المحافظة على وقف إطلاق النار، لكن بلا أفق لحل سياسي.

تُركز فرنسا جهودها على معالجة ورطتها المتمثلة بإرسال 5100 من قواتها إلى منطقة الساحل والصحراء، فيما لوحظ تباعد جديد بين موقفها وموقف إيطاليا من الدور التركي في ليبيا، بعدما كانتا أصدرتا الأسبوع الماضي بيانا مشتركا مع ألمانيا في هذا الشأن.

ويولي الفرنسيون أهمية كبيرة لإقليم فزان في جنوب ليبيا، باعتباره منصة استراتيجية بين البحر المتوسط والمستعمرات الفرنسية السابقة، في منطقة الساحل والصحراء الكبرى، فضلا عن المعادن الثمينة والثروات الطبيعية التي يحويها. وطلب الرئيس الفرنسي ماكرون من نظرائه في دول مجموعة الساحل الخمس، خلال قمة في نواكشوط، أواخر الشهر الماضي، تحمل المزيد من المسؤولية في ملاحقة الجماعات المسلحة في المنطقة، والتي تستفيد من غياب الدولة في جنوب ليبيا، لتتخذ منه مجالا فسيحا لتجارة السلاح وتهريب المخدرات.

جيوش عليلة

أتت قمة نوكشوط، التي جمعت رؤساء كل من مالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو وتشاد، استكمالا لقمة دعا إليها ماكرون نظراءه إلى مدينة بو في جنوب فرنسا، في 13 كانون الثاني/يناير الماضي، وقرَعهم خلالها علنا، متهما إياهم بالتقصير في محاربة الجماعات الارهابية، التي ما انفكت تُسدد ضربات موجعة للجيوش النظامية المحلية، ذات التسليح الضعيف والامكانات الهزيلة. وراهنت باريس حتى الآن على الجنرال المتقاعد خليفة حفتر للسيطرة على الجنوب الليبي، إلا أن المنطقة، التي تفوق مساحتها مساحة فرنسا، ما زالت خارج السيطرة، بالرغم من أن ماكرون وضع، مع الرؤساء الخمسة، خطة لمحاصرة الجماعات المسلحة والقضاء عليها.

وحسب خبراء فرنسيين انبنت “خطة بو” على ثلاثة محاور أولها التركيز على منطقة محددة، وهي المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا، والثاني التركيز على عدو “يحظى بالأولوية” وهو تنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”. أما المحور الثالث فتمثل بتركيز مقر قيادة مشترك في نيامي، عاصمة النيجر، “من أجل تحسين تبادل المعلومات وتنسيق العمليات”. كما رفعت فرنسا من عدد قواتها المنتشرة في المنطقة من 4500 إلى 5100 في إطار “عملية برخان”.

جماعات ذات أياد طويلة

لكن الظاهر أن تلك القوات لم تستطع احتواء الوضع العسكري، بل إنها باتت عرضة لهجمات أودت بحياة جنود فرنسيين. أكثر من ذلك، امتدت ذراع الجماعات إلى مناطق جديدة، آخرها الهجوم الارهابي على منطقة “كافولو” في شمال ساحل العاج، يوم 10 من الشهر الماضي، والذي أكد أن تلك الجماعات تنمو وتتمدد. وربما تمثل الانجاز العسكري الوحيد لقوة “برخان” الفرنسية بقتل زعيم ”تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” عبد المالك دروكدال وعدد لم يُحدد من معاونيه، في 3 حزيران/يونيو الماضي، شمال مالي، حسب ما قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي. وتعتبر الإعلامية والخبيرة الفرنسية بول فاكس أن الملاحقة العسكرية لا تكفي، وأن من الضروري إطلاق حوارات بين الفئات والمجموعات العرقية في المنطقة لتحقيق مصالحات دائمة، ومساعدة السكان الفقراء على تحسين ظروف عيشهم، والتطرق إلى قضايا جوهرية من قبيل معاودة توزيع الثروات، وإعادة توطين المُهجَرين بسبب تصاعد أعمال العنف في المنطقة.

وتسعى باريس لحشد أكثر ما يمكن من أعضاء الاتحاد الأوروبي لدعم دورها في منطقة الساحل والصحراء، وكانت خلف إطلاق “الائتلاف من أجل الساحل” في إطار اجتماع عن بعد، ضم أعضاء الاتحاد الأوروبي ودول الساحل الخمس، في 28 نيسان/ابريل الماضي. وأعقب ذلك اجتماع وزاري بين الجانبين في 12 من الشهر الماضي.

روسيا وتركيا إلى الجنوب؟

على هذه الخلفية، لا يُخفي الفرنسيون خشيتهم من اقتراب روسيا وتركيا من الجنوب الليبي الذي يعتبرونه في قرارة أنفسهم، خطا أحمر للمصالح الفرنسية، الموروثة من الحقبة الاستعمارية، عندما سلمت الأمم المتحدة منطقة فزان الليبية للوصاية الفرنسية، نكالة في إيطاليا، التي تحالفت مع ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. ويخشى الفرنسيون من أن تستعين حكومة “الوفاق” بحليفتها الجديدة تركيا لفرض سيطرتها على الجنوب، المنفلت من مراقبة الدولة منذ 2014، ما يجعل القوات الفرنسية في كل من النيجر وتشاد على تماس مع الخبراء والمستشارين العسكريين الأتراك، الذين يؤطرون قوات “الوفاق”.

غير أن إيطاليا لا تُغرد مع السرب الأوروبي، بالرغم من تحسن علاقاتها مع فرنسا في الفترة الأخيرة، فهي تدعو للحوار مع تركيا في الملف الليبي. وفي هذا الاطار زار وزير دفاعها لورينزو غويريني، أنقرة الثلاثاء الماضي، وناقش مع مسؤولين أتراك آفاق الصراع في ليبيا. وبالرغم من أن بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي استحسنوا إبقاء إيطاليا باب الحوار مفتوحا مع أنقرة، فإن تلك الخطوة أغضبت أعضاء آخرين ومنهم فرنسا، خاصة بعد إعلان تركيا عزمها على إجراء مناورات بحرية في المتوسط، قبالة السواحل الليبية.

خصمان تاريخيان

في ظل هذا التباين في المواقف اعتبر الباحث المتخصص بالشؤون الليبية جلال حرشاوي أنه لا وجود في الواقع لديناميكيات حقيقية داخل الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تمنع فرنسا من السير على خطى الإمارات وروسيا في ليبيا، مؤكدا أن فرنسا لن تغير وجهة نظرها المؤيدة للجنرال حفتر. وهي لم تستطع كسب أعضاء آخرين في الاتحاد إلى صفها عدا اليونان وقبرص، الخصمين التاريخيين لتركيا.

يبقى النفط والغاز بيت القصيد في المشهد الليبي، وقد سُجلت اخيرا خطوات صغيرة لمباشرة فتح بعض الحقول والموانئ النفطية المقفلة منذ 18 كانون الثاني/يناير الماضي. واستطاعت “المؤسسة الوطنية للنفط” الحكومية، وهي حجر الزاوية في اقتصاد البلد، ان تحافظ على وحدتها في وجه محاولات تقسيمها بين شرق وغرب. وتُعتبر المؤسسة قدوة لباقي المؤسسات العمومية التي تتعرض لضغوط جمة من أجل تقسيمها. وتُظهر إحصاءات المؤسسة أن إنتاج ليبيا من النفط بلغ 1 مليونا و200 ألف برميل يوميا، قبل إقفال الحقول والموانئ النفطية، في مقابل 1 مليون و600 ألف برميل يوميا في العام 2011 بينما تعادل حصة ليبيا المُحددة من منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” 1.7 مليون برميل.

ثمن عرقلة تصدير النفط

وفيما استعدت حكومة “الوفاق” لاستئناف الضخ من حقل الشرارة (جنوب غرب)، بدعم من الأمم المتحدة، أواخر الشهر الماضي، اقتحمت الحقل قافلة من مجموعة “فاغنر” الروسية الخاصة، وحالوا دون استئناف الانتاج. ونحت رئاسة “مؤسسة النفط” باللائمة على المرتزقة الروس، الذين يبدو أنهم يعرقلون معاودة إنتاج النفط للتقليل من أهمية الانتصارات العسكرية التي حققتها القوات الموالية لحكومة الوفاق، وكذلك لمنع هذه الأخيرة من تحصيل إيرادات تصدير النفط، التي تساعدها على استكمال هجومها المضاد على قوات حفتر. وعلى الرغم من تكذيب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، في جلسة مجلس الأمن الأخيرة، أن تكون عناصر من “فاغنر” دخلت إلى حقل الشرارة، مؤكدا عدم وجود أي جندي روسي في ليبيا، فإن السبب قد يكمن في أن موسكو لا تعتبر مرتزقة فاغنر جنودا ولا روسا. وفي السياق حاولت مؤسسة النفط تحميل ناقلة النفط التابعة لها “دلتا أوشن” من ميناء السدرة، غير أن حرس المنشآت النفطية، وهو سلكٌ متمرد على حكومة الوفاق، حالوا دون ذلك، ما حمل المؤسسة على مطالبة “جميع المرتزقة الأجانب والجماعات المسلحة بمغادرة ميناء السدرة فورا”.

استهداف صنع الله

ويُركز الطاقم الإعلامي التابع للجنرال حفتر هجماته الصحفية على مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط الوطنية، ومقرها في طرابلس، لأنه رفض تقسيم المؤسسة إلى فرعين في طرابلس وبنغازي. وتؤكد مصادر ليبية متطابقة أن صنع الله ظل حريصا على توزيع ايرادات تصدير النفط بين حكومتي الشرق والغرب وفق معايير موضوعية. وتُعتبر “مؤسسة النفط” الهيئة الوحيدة المسموح بها بموجب الاتفاقات الدولية. وقال خبير نفطي لـ”القدس الأسبوعي” إن حفتر وداعميه الاقليميين يسعون إلى إبقاء حقول النفط مُغلقة أطول وقت ممكن في اختبار لقدرة الحكومتين على التحمُل. وأضاف “إذا استمر حرمان حكومة “الوفاق” من استثمار إيرادات الحقول النفطية، ستواجه صعوبات جمة في شراء السلاح للدفاع عن نفسها، أما قوات حفتر فتستطيع الصمود مدة أطول بفضل الدعم المتنوع الذي تتلقاه من الإمارات” فضلا عما أماط عنه اللثام تقريرٌ جديد للأمم المتحدة أكد إقامة الإمارات جسرا جويا لتوصيل السلاح إلى حليفها حفتر، وتزويده بالمروحيات والطائرات المسيرة، من أجل تحسين القدرات العسكرية لقواته.

كذبتان

أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فكذب كذبتين في كلمته الأربعاء أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، إذ زعم أن فرنسا “غير منحازة في النزاع الليبي لأية جهة”، مع أن الرئيس الفرنسي استقبل حفتر استقبال رؤساء الدول في قصر الإيليزي ولم يدعُ رئيس الحكومة المعترف بها دوليا فائز السراج لزيارة باريس. ويبدو أن الوزير لودريان لم يسمع بضباط المخابرات الخارجية الفرنسيين، الذين قضوا في تحطم مروحيتهم في بنغازي، حيث كانوا يُقدمون الخبرة العسكرية لقوات حفتر، ولا هو سمع أيضا بالصواريخ الفرنسية التي عُثر عليها في غريان بعد هروب قوات حفتر منها. وربما يكون نسي كذلك التوجيهات التي أعطاها للمندوب الفرنسي في الأمم المتحدة لإحباط مشاريع قرارات تُدين حفتر، من ضمنها إدانة هجومه على طرابلس.

والكذبة الثانية هي الاشادة بالدور المزعوم لقوات حفتر في مكافحة “تنظيم الدولة الاسلامية”، بينما يعلم القاصي والداني أن قوات “البنيان المرصوص” هي التي أخرجت تنظيم الدولة من سرت، ولاحقت عناصره في المناطق المجاورة. والثابت أنه لو قللت فرنسا من تداخلاتها في الشأن الليبي لربما حصل تقدم حقيقي نحو حل سلمي للنزاع برعاية الأمم المتحدة.

مجلة فرنسية: باريس خسرت كل أوراقها في ليبيا والسبب دعم أحمق كحفتر

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

 

قالت مجلة “سلايت” في نسختها بالفرنسية، إنه بينما تستنكر فرنسا تدخل تركيا في النزاع الليبي، فإن العديد من الليبيين يعتبرون أنها تقوم بالشيء نفسه خلال دعمها لأمير الحرب خليفة حفتر.

واعتبرت المجلة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أخفق في دور الوسيط لحل الأزمة الليبية الذي حاول أن يلعبه؛ مشيرة إلى أنه اليوم وخلافاً للحكومة التركية، لم تقم السلطات الفرنسية “في الآونة الأخيرة” بتسليم الأسلحة لحفتر، بل اكتفت بارسال إليه “بطاريات مضادة للصواريخ قبل بضع سنوات سنوات”، وفق بعض المصادر. كما أنها لم ترسل قوات أو مرتزقة، ولكنها قامت بإرسال العديد من العملاء من المديرية العامة للاستخبارات الخارجية إلى ليبيا والذين فقد البعض منهم حياته هناك.

وتنقل المجلة عن الباحث في معهد كلينجينديل في لاهاي والخبير في الشأن الليبي جلال الحرشاوي، قوله: حفتر سوق نفسه على أنه الحصن ضد الجماعات الجهادية، لكنه كان أمير حرب لم يفرق استخدامه للقوة بين متشدد ومعتدل. فهو رجل الإمارات العربية المتحدة التي اصطفت باريس إلى جانبها لدعمه عسكرياً وايديولوجياً. ففي نظر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، فإن الإماراتيين يمثلون “الشريك المثالي”، لأنهم أغنياء ومنضبطون. كما يشارك الوزير الفرنسي الإماراتيين والمصريين في تشددهم ضد الإسلام السياسي والشعبوية الإسلامية.

واعتبرت المجلة أن الدروس السياسية التي كان يمكن لفرنسا أن تستنتجها من دعمها الجوي لتصفية معمر القذافي في عام 2011، ما تبخرت إلى حد كبير بسبب دعم فرنسا للمارشال حفتر وصمتها وغضها الطرف عن التدخل الإماراتي والمصري أو حتى الروسي. وأيضا حيال انتهاك أبوظبي لحظر الأسلحة لصالح حفتر.

وتنقل المجلة عن من وصفته بخبير فرنسي في الملف الليبي لم تورد اسمه قوله: “لقدت اختارت فرنسا استخدام حفتر للقضاء على الجماعات الإرهابية في المنطقة والتي كانت تهدد أوروبا؛ وهو خيار تكتيكي ٌوليس خيارًا استراتيجيًا. لكن دعم باريس لأحمق اعتقدت أنه قوي عاد عليها بنائج عسكية”.

والأمر المدهش في هذه القصة- تتابع المجلة- هو العمى الواضح الذي أظهرته وزارة الخارجية الفرنسية فيما يتعلق بتركيا، لأنه كان على دبلوماسييها توقع أن يسعى الرئيس التركي للتحايل على التحالف المصري واليوناني والقبرصي ضده.

وبعد سلسلة النكسات التي شهدتها قوات خليفة حفتر في الأسابيع الأخيرة، تقول فرنسا إنها “تعتزم تقديم دعمها الكامل للاستئناف الفوري للمناقشات والتوقيع السريع على اتفاق وقف إطلاق النار”. وفي هذا السياق، ضاعف جان إيف لو دريان اتصالاتها مع شركاء باريس الدوليين، بهدف إقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الغائبين عن المشهد الليبي، بالحاجة الملحة لمواجهة التدخل التركي الذي تعتبر فرنسا أنه مزعزع للاستقرار في ليبيا.

وتواصل “سلايت” بالفرنسية القول إن فرنسا، التي تدهورت صورتها إلى حد ما في ليبيا، لم يعد لديها العديد من أوراق لتلعبها. وعليه، بأن من الضروري بالنسبة لها أن تشرك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لتجنب تكرار “السيناريو السوري” في ليبيا.

وحذرت المجلة من مغبة أن هذا الأمر بات ملحاً لأن شبح تأسيس الحركات أو الجماعات الجهادية وموجات الهجرة سيظهر هذه المرة، ليس في الشرق الأوسط ولكن على بعد بضع مئات الأميال من السواحل الأوروبية، مما سيزيد من إضعاف التماسك الأوروبي المضعف أصلاً بسبب العديد من الخلافات حول جملة من الملفات.