الأحد 13 يوليو 2025 17 محرّم 1447

كل مقالات Farouk

حكومة الوفاق.. يد تواجه حفتر وأخرى تصد الذئاب المنفردة

 

ترفع مليشيات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، شعار “مكافحة الإرهاب”، في حين أن حكومة الوفاق الوطني، أكثر من حارب وتضرر من عمليات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، سواء في معركة سرت الكبرى في 2016، أو في مدينة صبراتة، كما تلقت طرابلس أعنف هجمات “الذئاب المنفردة” في 2018.

وهذه القناعة خلص إليها الكونغرس الأمريكي، في مايو/ أيار 2019، حيث قال في بيان إن “الدور الحقيقي الفعال.. في مكافحة الإرهاب قامت به القوات المتمركزة في مصراتة. أما حفتر، فليس مكافحا للإرهاب، بل هدفه الرئيسي الاستيلاء على السلطة”.

وسبق للمندوب البريطاني في الأمم المتحدة مارك ليال غارنت، في فبراير/ شباط 2015، أن أقرّ أن كتائب مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) أكثر من حارب الإرهاب في ليبيا.

وقال السفير غارنت: “كتائب مصراتة، الوحيدة التي تقاتل تنظيم الدولة الآن في ليبيا، وأنّ قوات حفتر فشلت في مجابهة التنظيمات المتشدّدة في مدينة بنغازي (شرق) على مدار السنة”.

وفي هذا الصدد، يكشف العقيد عبد الباسط تيكة، في جهاز مكافحة الإرهاب، أن قوات الوفاق اعتقلت العشرات من عناصر تنظيم “الدولة”، غالبيتهم قياديون في سرت.

ففي مايو 2016، وبعد أقل من شهرين من دخول حكومة الوفاق (المعترف بها دوليا)، إلى طرابلس، ومباشرتها أعمالها رسميا، أطلقت عملية “البنيان المرصوص”، التي خاضت أشرس المعارك ضد التنظيم، الذي سيطر في 2015، على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس)، وسيطر على عدة بلدات شرقا وغربا، على امتداد 250 كلم من ساحل خليج سرت.

وحاول تنظيم الدولة حينها السيطرة على الموانئ النفطية شرقا، قبل أن يولي وجهه نحو الغرب الليبي، ويباغت كتائب مصراتة في هجوم استباقي، وسقطت عدة بلدات في يده سريعا مطلع مايو 2016، إلى أن وصل إلى منطقة السدادة التي لا تبعد عن مصراتة سوى نحو 90 كلم.

وبسرعة استكملت حكومة الوفاق، استعداداتها، وأوقفت عملية “البنيان المرصوص” (يتشكل قوامها من كتائب مصراتة)، زحف فلول تنظيم “الدولة”، وبدعم جوي أمريكي فاعل، ومشاركة وحدات خاصة من القوات البريطانية، فضلا عن دعم إيطالي “للوفاق” بمستشفى ميداني في مصراتة يضم 100 طبيب ويحميه 200 مقاتل من القوات الخاصة.

انهار بعدها تنظيم الدولة سريعا، ونكصت عناصره راجعة إلى خطوطها الدفاعية القوية في مدينة سرت، بعد أن خسرت بلدات أبو قرين، والوشكة، والهيشة، وزمزم، وأبو نجيم وبويرات الحسون، على طول 150 كلم.

وتمكن 8 آلاف مقاتل من البنيان المرصوص من محاصرة بضعة آلاف من عناصر التنظيم داخل أسوار المدينة (ما بين ألفين إلى 5 آلاف)، لكن القضاء على التنظيم في معقله الرئيسي لم يكن سهلا.

أشهر طويلة من القتال، من بلدة إلى بلدة، ومن حي إلى حي، خسرت خلالها قوات حكومة الوفاق أكثر من 600 قتيل و3 آلاف جريح، بحسب قوات البنيان المرصوص.

واستخدم تنظيم “الدولة” حينها السيارات الانتحارية، التي لا توقفها سوى قذائف المدفعية، وصواريخ “آر بي جي” المحمولة، كما لجأ إلى تفخيخ الأحياء والبيوت والسيارات، واتخذ المدنيين دروعا بشرية، ولعب قناصة التنظيم دورا رئيسيا في عرقلة تقدم قوات الوفاق، لكنه بعد نحو 8 أشهر من القتال، انهار آخر معقل له في حي “الجيزة البحرية” بسرت، بعدما خسر التنظيم أكثر من 1500 عنصر.

مطاردة بقايا “الدولة”

بعد القضاء على القوة الرئيسية لتنظيم “الدولة” في سرت، شكلت حكومة الوفاق في نهاية 2016، جهازا لمكافحة الإرهاب، لمطاردة بقايا التنظيم.

ويقول العقيد تيكة، إنه بعد هزيمة التنظيم في 2016، تم اختيار مجموعة من قوات البنيان المرصوص، وقسمت إلى قوة عسكرية مشكلة من عناصر تلقوا دورات تدريبية، وقوة احتياطية.

وتولت هذه القوة الجديدة مطاردة عناصر التنظيم، بالتنسيق مع القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، وأيضا مع القوات البريطانية والإيطالية، التي كانت شريكة لها في قتال داعش في سرت.

وبالتعاون مع حكومة الوفاق، قصفت قاذفات أمريكية ثقيلة معسكرين لتنظيم “الدولة”، جنوب غرب مدينة بني وليد، وقضت على 80 عنصرا، في 18 يناير 2017.

وتلاها عدة غارات أمريكية، بالتنسيق مع حكومة الوفاق، آخرها مقتل 8 عناصر من التنظيم، بالقرب من مدينة مرزق (950 كلم جنوب طرابلس)، في 20 سبتمبر/ أيلول 2019.

القضاء على آخر معقل لتنظيم “الدولة”

بعد القضاء على تنظيم الدولة في سرت في ديسمبر/كانون الأول 2016، ومطاردة ما تبقى من عناصره في وديان وشعاب جنوب سرت وجنوب شرق مدينة بني وليد، كان الاعتقاد أنه تم تشتيت عناصره وفقد السيطرة على المدن والبلدات الكبيرة، قبل أن يفاجأ الجميع بأن لديهم مركزا كبيرا للتدريب بضواحي مدينة صبراتة (70 كلم غرب طرابلس)، لا يقل عدد أفراده عن 200 عنصر.

ففي 19 فبراير/ شباط 2017، وجهت طائرة أمريكية ضربة صاروخية لمنزل في صبراتة أوقعت نحو 50 قتيلا من “الدولة”، وردّ التنظيم بهجوم انتقامي على مقر مديرية أمن صبراتة، التابعة لحكومة الوفاق، فقتل 12 رجل أمن، لكنه خسر 5 أفراد من عناصره.

كادت صبراتة، أن تتحول إلى معقل جديد للتنظيم، لولا تحرك حكومة الوفاق سريعا هذه المرة، وشكلت غرفة عمليات من كتائبها في المنطقة الغربية، وتمكنت من طرد عناصر التنظيم من المدينة، بعد معارك شرسة دامت أياما فقط، خسر فيها نحو 50 قتيلا والعشرات من الأسرى.

ولأن غالبية عناصر تنظيم “الدولة” في صبراتة، من الجنسية التونسية، حاول العشرات منهم بمساعدة خلايا نائمة، إقامة إمارة في مدينة بن قردان، جنوب شرقي تونس، لكن قوى الأمن والجيش التونسي تصدوا لهم وقضوا وأسروا معظمهم.

“الدولة” ينتقم من طرابلس

مرّ النصف الثاني من عام 2017 بردا وسلاما على الليبيين، بعد أن أصبحت هجمات تنظيم “الدولة” نادرة وتكاد لا تذكر، واكتفى فيها التنظيم بتلقى الضربات الجوية الأمريكية القاتلة، التي شلت بشكل كبير نشاطه، مما دفعه إلى تغيير تكتيكه القتالي “من السيطرة على المدن إلى عمليات الذئاب المنفردة”.

وفي هذا السياق، يوضح العقيد تيكة، أن قيادة التنظيم طلبت من عناصرها أن لا يتنقل أكثر من اثنين في آلية واحدة، وأن لا يتكون أي رتل من أكثر من آليتين، وأن يتسللوا فرادى إلى المدن بزي غير ملفت للانتباه.

انتشر عناصر التنظيم في الصحراء الإفريقية الكبرى، في مجموعات صغيرة، بعد أن أخفقوا في تحويل بني وليد وشعابها إلى قاعدة خلفية لهجماتهم، قبل أن يستقروا في جبال الهروج، وسط الصحراء الليبية، ومن هناك بدأوا شنّ هجماتهم شمالا وجنوبا.

وفي 2018، بدأ تنظيم الدولة في تركيز ضرباته على طرابلس، لكن بأسلوب “الذئاب المنفردة”، وبشكل أدق عبر عمليات الانغماسيين (هجمات مسلحة وانتحارية في نفس الوقت).

وفي هذا الإطار، قام عنصران من التنظيم، في 2 مايو 2018، باقتحام مقر مفوضية الانتخابات في طرابلس، وفجروا أحد طوابقه، وقتلوا 13 شخصا بين حراس وموظفين، قبل أن تتمكن قوات حكومة الوفاق من القضاء عليهما.

وفي 10 سبتمبر/ أيلول من ذات العام، اقتحم ثلاثة انغماسيين من تنظيم الدولة، مقر المؤسسة الوطنية للنفط (حكومية) وسط طرابلس، وقتلوا اثنين وأصابوا 10 من الموظفين، بعد تفجير أنفسهم.

وقبل انتهاء عام 2018 بأيام، قام 3 انغماسيين من التنظيم، بهجوم استعراضي على مقر وزارة خارجية حكومة الوفاق في طرابلس، تخللته اشتباكات مع قوات الأمن وتفجير أحدهم لنفسه، قبل أن يحرقوا المكان، مخلفين 3 قتلى و21 مصابا.

احتواء الذئاب المنفردة

لكن في 2019، تمكن جهاز مكافحة الإرهاب، بحسب تيكة، من متابعة وتوقيف الكثير من خلايا التنظيم (الذئاب المنفردة)، في طرابلس والعديد من مدن المنطقة (دون تحديد عددهم).

ففي ظرف أربع سنوات تمكنت حكومة الوفاق، من القضاء على سيطرة التنظيم على جميع مدن وبلدات المنطقة الغربية الخاضعة لسيطرتها، وحتى بعد أن غيّر التنظيم تكتيكه القتالي، تمكنت الوحدات الأمنية لحكومة الوفاق من التكيف سريعا وإعادة احتوائه والسيطرة عليه.

غير أن سيطرة حفتر على محافظات لإقليم فزان (جنوب)، وهجومه على طرابلس ومدن المنطقة الغربية، في أبريل/ نيسان 2019، منح تنظيم “الدولة” جرعة أوكسجين لإعادة تنظيم نفسه، واستهداف بلدات معزولة في الصحراء الليبية مثل “غدوة”، والفقهاء”، و”أم الأرانب”.

الموفد الأممي إلى ليبيا غسان سلامة يستقيل من مهامه

الموفد الأممي إلى ليبيا غسان سلامة يستقيل من مهامه

ليبيا: طرفا النزاع يعلقان مشاركتهما في مباحثات جنيف لأسباب مختلفة

 

بعد أن قدما مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار تنص على أن تشرف الأمم المتحدة على عودة المدنيين الذين نزحوا جراء القتال، علق طرفا النزاع في ليبيا الإثنين مشاركتهما في مباحثات جنيف وتحدث كل منهما عن أسباب مختلفة.

أعلن طرفا النزاع في ليبيا تعليق مشاركتهما في المباحثات السياسية التي تنظمها الأمم المتحدة في جنيف، لأسباب مختلفة.

ففيما أعلن البرلمان الذي مقره في شرق البلاد أنه لن يشارك في الاجتماع لأن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لم توافق على جميع ممثليه الـ 13، قال مجلس الدولة الذي مقره طرابلس إنه يفضل انتظار إحراز تقدم في المفاوضات العسكرية.

وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري: “قرر المجلس تعليق مشاركته في مباحثات مؤتمر جنيف إلى حين إحراز تقدم إيجابي في مناقشات لجنة الحوار العسكري 5+5 والتي على ضوء مخرجاتها سيقرر المجلس الأعلى للدولة المشاركة من عدمها”.

من جهته، أوضح المتحدث باسم البعثة الأممية جان العلم أن موعد بدء الحوار السياسي لم يتغير. وقال: “ستنطلق أعمال المنتدى السياسي الليبي في 26 فبراير (شباط) بحسب ما هو مخطط، وقد وصلت اليوم الإثنين إلى جنيف مجموعة كبيرة من المشاركات والمشاركين، ونأمل من جميع المشاركين أن يحذوا حذوهم”.

لكن المشري قال في مؤتمر صحافي: “في حال إصرار البعثة الأممية على عقد الحوار السياسي في موعده قبل معرفة مخرجات الحوار العسكري، فإن المجلس الأعلى للدولة لن يتعامل مع مخرجات الحوار السياسي”.

وكان الطرفان قدما مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار تنص على أن تشرف الأمم المتحدة على عودة المدنيين الذين نزحوا جراء القتال، وفق ما أعلنت المنظمة الدولية الإثنين بعد جولة ثانية من المحادثات العسكرية غير المباشرة التي جرت في جنيف بين حكومة الوفاق الوطني الليبية وقوات المشير خليفة حفتر التي تتخذ من شرق ليبيا معقلا.

ليبيا بين حوار معلق ومراوحة على الأرض وملامح مبادرة جزائرية

 

 

رشيد خشانة – إذا كان الفصل بين القوات المتقاتلة خطوة لا بد منها، لتثبيت الهدنة في ليبيا، فإن الالتجاء إلى قوات افريقية لن يُحقق الهدف، بالنظر لتواضع إمكاناتها وعدم قدرتها على تحييد الجماعات المسلحة المتمردة. وكانت أسماء أربعة بلدان افريقية، من بينها أثيوبيا وافريقيا الجنوبية، ترددت في كواليس القمة الافريقية الأخيرة، في أديس أبابا، الشهر الماضي، التي انتقدت التداخلات الأجنبية في الأزمة الليبية، وقررت لعب “دور أوسع” في البحث عن حل سياسي. إلا أن تعثر المفاوضات التي رعتها الأمم المتحدة في جنيف، بعد مقاطعة كل من المجلس الأعلى للدولة (الغرب) ومجلس النواب (الشرق) أعاد الجدل حول الشرعية إلى المربع الأول. فإصرار مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة على عقد الاجتماعات في جنيف “بمن حضر” أثار حنق المؤسستين المنبثقتين من اتفاق الصخيرات، وهما مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، اللذين اعتبرا ذلك تهميشا لدورهما وتبجيلا للمستقلين.

إخفاق تكتيكي

مع ذلك يمكن اعتبار تلك المقاطعة إخفاقا تكتيكيا للموفد الأممي، فهو سيعمل بالتأكيد على إقناع الطرفين، بالعودة إلى المشاركة في اجتماعات جنيف، مع احتمال تسليط ضغوط عليهما من بعض الأعضاء في مجلس الأمن، وإن بدا مجلس النواب مُصمما على المُضي في المقاطعة. وأتى موقفا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، هذه المرة، متطابقين في رفض صيغة الحوار، لأنهما يخشيان من تمييع دورهما في كومة “المستقلين” الذين اختارهم سلامة بمفرده للمشاركة في حوار جنيف. وما من شك بأن الموفد الأممي سيعتمد على أعضاء مجلس الأمن ذوي التأثير في الطرفين، للضغط عليهما من أجل الانضمام إلى مسار المفاوضات. لكن حُجتهما في تعليق المشاركة ليست ضعيفة، كونهما المؤسستين الشرعيتين الوحيدتين المنبثقتين من اتفاق الصخيرات. وعليه فلا المجلسان قادران على الذهاب بعيدا في رفضهما، ولا البعثة الأممية قادرة على تجاوزهما، وإنجاز خطوات عملية من دونهما.

ورطة فرنسا

ومن هنا فإن فكرة إرسال قوات افريقية للفصل، لا تجد لها صدى في مناخ التجاذب الشديد السائد بين المجلسين، خصوصا أن تجارب الدول المجاورة أثبتت قلة نجاعة الدور العسكري الخارجي في إنهاء الصراعات المسلحة. وكانت فرنسا، على سبيل المثال، أرسلت 4500 جندي إلى منطقة الساحل لمطاردة الجماعات الارهابية، في إطار عملية “برخان” وأضافت إليهم أخيرا 600 جندي، لكن العدد يبقى غير كاف لتغطية الدائرة التي تتحرك فيها تلك الجماعات. والوضع في ليبيا، وخاصة الجنوب، حيث الدولة غائبة، لا يختلف كثيرا عن أوضاع النيجر ومالي وبوركينا فاسو. مع ذلك لوحظ أن موسكو هي الأكثر حماسة حتى الآن لإرسال بعثة مراقبين عسكريين افارقة إلى ليبيا، إذ رحبت على لسان الناطقة باسم وزارة خارجيتها ماريا زاخاروفا، بتلك الخطوة.

غير أن الروس حريصون في الوقت نفسه على ألا تكون الخطوة في معزل عن المبادرات الأخرى، وإنما في إطار “تنسيق وثيق مع الأمم المتحدة”. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا، هو هل سترفع تلك القوات الافريقية علم الأمم المتحدة، أم ستكون قوات الاتحاد الافريقي فحسب، أم الاثنين معا؟ الأرجح على ما أفادت مصادر مطلعة، أن الاتحاد الافريقي سيكتفي، في مرحلة أولى، بإرسال بعثة محدودة العدد، من الخبراء العسكريين لتقدير الأوضاع، وخاصة في التخوم الجنوبية والشرقية لطرابلس، على أن توضع خطة للفصل، في ضوء نتائج تلك المهمة، إن ثبتت نجاعةُ إرسال مراقبين للفصل بين المتحاربين.

خطوات عملية

على أن بيت القصيد في مسارات جنيف الثلاثة (السياسي والعسكري والاقتصادي) هو مدى استعداد الطرفين لإنهاء الصراع بينهما، عن طريق التفاوض. وهذا الاتفاق لن ينطلق من فراغ، إذ أجريت جولات محادثات سابقة في القاهرة وتونس، تطرقت إلى المسائل الاقتصادية، التي تشكل حاليا حجر عثرة أمام تكريس التوافقات الممكنة، بالنظر للاتهامات المتبادلة في شأن توزيع عوائد تصدير النفط والغاز. كما أن المشاركين في اجتماعات الحمامات (تونس) في 2017 توصلوا إلى تحديد إجراءات عملية يمكن أن تشكل أساسا لاتفاق سياسي يُعدل بعض بنود اتفاق الصخيرات، ومن بينها خفض عدد أعضاء المجلس الأعلى للدولة من تسعة إلى ثلاثة أعضاء، وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتسمية رئيس للحكومة. على أن مشكل النازحين يبقى عالقا في ظل اختلاف الجانبين على ضرورة التعجيل بإيجاد حلول له. وبتعبير آخر هل سينتظر المُهجَرون والنازحون، الذين يفوق عددهم الـ140 ألف نازح، الوصول إلى اتفاق شامل في جنيف، من أجل الشروع في إعادتهم إلى مناطقهم وبيوتهم، أم أن العودة ستكون تدريجية، وتتزامن مع تقدم المحادثات، بحيث تكون أحد عناصر إعادة بناء الثقة بين الجانبين؟

روس وأتراك

أيا كان الوضع، فإن ضعف ألمانيا، وخاصة عسكريا، جعلها غير قادرة على الضرب على الطاولة والضغط على الفرقاء كي يُقللوا من حجم خلافاتهم. و”مبادرة برلين” التي أتت محاولة لتجاوز إخفاق باريس1 وباريس2 وباليرمو، شكلت الفرصة الأخيرة لأوروبا كي تكون لها كلمة في إدارة الملف الليبي. غير أن أوروبا العجوز لا تملك الوسائل التي يمتلكها الروس وحتى الأتراك، لفرض حلول تفاوضية بين الإخوة الأعداء في ليبيا. ولذلك تظهر في الطريق صعوبات وعقبات أمام تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين، بالرغم من الدعم الأممي القوي لألمانيا. واتضح أن “التقدم الكبير” الذي قالت نائبة الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز، إنه قد أحرز على المسارين الأمني والاقتصادي، مسألة نسبية جدا. والأرجح أن برلين لن تستطيع أن تذهب إلى أبعد مما ذهبت في مؤازرة البعثة الأممية. وهي لم تقدر على انتقاد التجاوزات واستعراض القوة من هذا الطرف أو ذاك، وخاصة عندما قرر القائد العسكري للمنطقة الشرقية اللواء خليفة حفتر غلق مصفاة الزاوية، والمجمع الغازي في مليتة (غرب طرابلس) وهما المنشأتان الرئيستان في المنطقة الشرقية، وبذلك استكمل الجنرال، منذ الأسبوع الماضي، تجميع مفاتيح الحقول والموانئ النفطية بين يديه، شرقا وغربا وجنوبا، بالقوة، من دون أن تقدر الأمم المتحدة، ولا ألمانيا، راعية العملية السلمية الحالية، على اعتراض سبيله.

والظاهر أن الدول المتداخلة في الأزمة الليبية لم تدرك خطورة غلق مصفاة الزاوية اعتبارا من 8 شباط/فبراير إذ سيترتب على ذلك مزيد من استيراد المحروقات، لتأمين حاجات المؤسسات الاستراتيجية. وكانت المصفاة تنتج 120 ألف طن من الديزل و49 ألف طن من البنزين و120 ألف طن من الفيول شهريا، وتودع إيراداتها في مصرف ليبيا المركزي، الذي يُؤمن الموازنات اللازمة لمجلس النواب في الشرق وحكومة الوفاق في الغرب.

كلفة باهظة

ومع الارتفاع الآلي لكلفة الاستيراد، ستجد المؤسسة الوطنية للنفط نفسها، أمام أحد خيارين، فإما أن تُرفِع من أسعار الوقود، أو تُحمل الزيادة على خزانة الدولة، وفي الحالين ستكون الكلفة باهظة جدا. واعتبر مراقبون هذا الوضع تحديا غير مسبوق تواجهه المؤسسة الوطنية للنفط، ورئيسها مصطفى صنع الله، الذي حافظ على مسافة متقاربة من مجلس النواب في طبرق وحكومة الوفاق في طرابلس، من أجل ضمان بقاء المؤسسة موحدة، بالرغم من ضراوة الصراع بين الغريمين منذ خمس سنوات. ومع أن صنع الله انتقد بشدة تداخل السياسيين في الملف الطاقي ذي الحساسية الشديدة، لا أحد من صناع القرار في الشرق، كما في الغرب، منح الأهمية اللازمة لتلك التحذيرات.

أما على الصعيد العسكري فالأرجح أن الوضع سيراوح مكانه، بالنظر لتقارب القوى، ما يجعل تحقيق نصر عسكري أمرا غير ممكن للطرفين. كما أن دخول القوات الموالية للواء حفتر، إلى وسط طرابلس، خطٌ أحمر، تحرص عليه جميع الأطراف تقريبا، لدواع مختلفة. لذلك لا يبدو من أمل بتبريد الصراع، في الفترة المقبلة، بعد تعثر مسارات برلين، سوى العرض الذي قدمه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال مؤتمر برلين، وعبر من خلاله عن استعداد الجزائر لاستضافة حوار بين طرفي النزاع، لإعادة الاستقرار إلى البلد، الذي تجمعه مع الجزائر أكثر من 1000 كلم من الحدود المشتركة. وللجزائريين خبرةٌ في الوساطات (بين أمريكا وإيران، وبين العراق وإيران) وخاصة في دول الجوار الصحراوي، مثل توسُطها في مالي، بين الحكومة وحركات التمرُد، وهي الوساطة التي أثمرت اتفاقا للسلام بين الطرفين.

ملامح العرض الجزائري

وحدد تبون هدف الوساطة الجزائرية بـ”وضع خريطة طريق، واضحة المعالم ومُلزمة للطرفين، تشمل تثبيت الهدنة، والكف عن تزويد الأطراف الليبية بالسلاح، لإبعاد شبح الحرب عن كل المنطقة” على ما جاء في كلمته أمام مؤتمر برلين. ولا ريب بأن هذا العرض الجزائري ليس بعيدا عن المنافسة المغربية الجزائرية، فهو فرصة للقيادة الجديدة لكي تُعيد الدبلوماسية الجزائرية إلى مدارها الاقليمي، بالاستناد على قوتها العسكرية والاقتصادية. فالجزائر، التي تركت خلفها عشر سنوات من الحرب الأهلية في تسعينيات القرن الماضي، قادرة على نقل خبرتها في “الوئام الوطني” إلى الليبيين. وربما لأن الأطراف الليبية تدرك أن التعاطي مع المزاج الجزائري، ليس مثل التعاطي مع الأوروبيين، ستتفادى الرد بالإيجاب (مؤقتا؟) على عرض تبون. وعلى العكس من ذلك سيُرحب الروس والأتراك بإطلاق مبادرة جزائرية، إذا ما أُجهض مسار برلين، بالنظر لعلاقاتهم المتينة مع الجزائر، والتي زادت متانة منذ صعود تبون إلى سدة الرئاسة. كما أن الأوروبيين لن يكونوا على قلب رجل واحد في التعاطي مع مبادرة آتية من الجزائر، وستكون هناك مسافة بارزة بين فرنسا، التي من المُؤكد أنها ستكون مُتحفظة، وألمانيا وبريطانيا اللتين ستُرحبان بالمبادرة على الأرجح.

قمة لمجموعة دول الساحل الثلاثاء المقبل ورئاستها تنتقل إلى موريتانيا

 

تستضيف موريتانيا الثلاثاء المقبل، قمة مجموعة دول الساحل الخمس التي تضم مالي وموريتانيا والنيجر وبوركينافاسو والتشاد، وبحضور دولي واسع.
وسيكون الاثنين المقبل موعدا لاستضافة نواكشوط للدورة الوزارية السابعة للمجموعة التي ستعد جدول أعمال القمة.
وحسب مصادر الأمانة الدائمة لمجموعة الساحل، فإن قمة نواكشوط ستشهد حضورا دوليا كبيرا وبخاصة مشاركة فرنسية موسعة، تسعى باريس من ورائها إلى التحضير لتأسيس التحالف الدولي من أجل الساحل الذي تبلورت فكرة تأسيسه خلال قمة “بو” الفرنسية الساحلية الشهر الماضي والذي يتواصل التشاور بشأنه على أكثر من صعيد.
وسيعكف القادة الخمسة المشاركون في القمة على مراجعة التطورات الحاصلة في مجال استكمال تجهيزات القوة العسكرية المشتركة (5000 رجل) لمجموعة دول الساحل الخمس، وإعدادها للتدخل الميداني، إضافة لإقرار الخطة الإعلامية للمجموعة، ومراجعة مدى وفاء الدول والمنظمات المانحة بالتزاماتها المالية للبرنامج الاقتصادي والاجتماعي والأمني للمجموعة.
وتنعقد هذه القمة في ظرف عصيب بسبب ازدياد الهجمات الإرهابية في المنطقة وبخاصة داخل النيجر وبوركينافاسو ومالي التي تحولت إلى ساحات للهجوم الإرهابي المسلح.
وبخصوص التحالف الدولي من أجل الساحل، فستكون قمة نواكشوط مناسبة للتحضير لتفعيله.
واتفق رؤساء فرنسا ودول الساحل الخمس خلال قمتهم الأخيرة على إجراء محادثات مع الشركاء الراهنين من أجل وضع إطار سياسي واستراتيجي وتنفيذي جديد، يمثل بداية مرحلة جديدة في مكافحة المجموعات الإرهابية في منطقة الساحل، وفي تحمل المسؤولية الجماعية في هذا الشأن.
وسيضم التحالف بلدان مجموعة دول الساحل الخمس وفرنسا كما سيضم الشركاء الحاليين وجميع البلدان والمنظمات التي ترغب في المشاركة في هذا التحالف، مثل التجمع المستقبلي للقوات الخاصة الأوروبية الذي سيطلق عليه اسم “تاكوبا”، للعمل في إطار مكافحة الإرهاب.
ويمكن لهذا التحالف العسكري تطوير القدرات التنفيذية لقوات الساحل في جميع أنحاء منطقة مجموعة دول الساحل الخمس، بغية التخفيف من حدة تهديدات المجموعات الإرهابية وضمان سيطرة أفضل على الحدود.
ويرتكز التحالف على دعائم بينها مكافحة الإرهاب من خلال العمل المنسق والمشترك لمكافحة جميع المجموعات الإرهابية المسلحة الناشطة في المنطقة، وعبر الحشد الفوري للجهود العسكرية في المنطقة الحدودية الثلاثية بين مالي والنيجر وبوركينافاسو بقيادة مشتركة بين عملية برخان والقوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس، مع إيلاء الأولوية لاستهداف تنظيم “الدولة” في الصحراء الكبرى.
وتشمل أهداف التحالف كذلك، تعزيز القدرات العسكرية لدول المنطقة عبر بذل الجهود بوتيرة أسرع في مجال إجراء دورات تدريبية لجيوش بلدان المجموعة الخماسية وتأهيلها لخوض المعارك وتقديم الدعم اللوجستي لها، وتدريبها وتجهيزها.
ويجري التنسيق لمواكبة انتشار جيوش بلدان مجموعة دول الساحل الخمس بدعم من الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا.
وترتكز خطة التحالف كذلك، على دعامة أخرى هي مساندة عودة الدولة والإدارات للعمل على الأرض في دول الساحل وبخاصة مالي والنيجر وبوركينافاسو، عبر الإسراع بعودة الإدارات والمرافق العامة إلى العمل في جميع الأراضي المعنية بالموضوع، ولا سيما عودة المؤسسة الجنائية والقضائية لاستعادة سيادة القانون.
وللتحالف الدولي من أجل الساحل دعامة هامة أخرى هي المساعدة الإنمائية عبر تجسيد الالتزامات التي تعهد بها المانحون في كانون الأول/ديسمبر 2018 إبّان مؤتمر الهيئات والدول المانحة في نواكشوط، من أجل تنفيذ برنامج الاستثمار الأساسي لمجموعة دول الساحل الخمس.
وستكون قمة نواكشوط مناسبة لدعوة شركاء مجموعة دول الساحل الخمس إلى زيادة مساعدتهم ودعمهم من أجل إفساح المجال للتصدي للتحديات الإنسانية الجديدة المتمثلة في النازحين واللاجئين وإغلاق المدارس والمراكز الصحية.
وسيُعقد في نواكشوط في حزيران/يونيو 2020، مؤتمر قمة يجمع دول المجموعة الخماسية وفرنسا، في إطار الرئاسة الموريتانية للمجموعة الخماسية، وريثما يحين موعد انعقاد مؤتمر القمة، ستجري متابعة هذه الالتزامات على مستوى وزارات الشؤون الخارجية ووزارات القوات المسلحة والدفاع.
ومعلوم أن فرنسا تحرص كل الحرص على البقاء في منطقة الساحل لكنها لا تريد البقاء وحيدة لذا تعمل من أجل إقناع الأوروبيين والأمريكيين كما تقوم بتجييش الأفارقة أنفسهم.
وتنظر فرنسا القوة الاستعمارية السابقة، إلى منطقة الساحل من عدة مناظير أولها اعتبارها منطقة حيوية واستراتيجية وهي جزء من منطقة نفوذها التقليدي لأنها كانت مستعمرات فرنسية سابقة، وبالتالي يتعين بذل الجهود الضرورية للمحافظة عليها، والأمر والثاني كون استقرار منطقة الساحل ضمان لاستقرار دول شمال أفريقيا الجوار المباشر لأوروبا، والمنظار الآخر هو خوف فرنسا من الهجرات الكثيفة باتجاه الشواطئ الأوروبية التي قد تدفع لها الأوضاع إذا تواصل عدم الاستقرار، ورابع المناظير هو المصالح الحيوية والاستراتيجية الفرنسية في الساحل وفي مقدمتها مناجم اليورانيوم التي تستغلها الشركات الفرنسية في النيجر.

حفتر: نؤيد مهمة الدوريات الأوروبية البحرية لمراقبة حظر السلاح

 

أعلن المشير خليفة حفتر، الجمعة، أنه لا يعارض تسيير دوريات لدول الاتحاد الأوروبي على خطوط التماس لمراقبة وقف إطلاق النار.

قال حفتر، في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك” نشرت الجمعة: “لا بد للاتحاد الأوروبي أن يضطلع بدوره في مراقبة تدفق الأسلحة والمرتزقة السوريين والأتراك الإرهابيين الذين يتم نقلهم لطرابلس عبر تركيا، ونحن نؤيد وجود دوريات أوروبية بحرية تمنع تركيا من الاستمرار في نقل الأسلحة والمرتزقة لطرابلس”.

وأضاف أن الصبر بدأ بالنفاد لعدم التزام الأطراف الأخرى بوقف الهدنة وخرقها بالاستمرار من قبل من سماهم “العصابات المسلحة”.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، اعتبرت الحكومة الليبية أن الترويج لشائعات وجود مقاتلين من خارج ليبيا بصفوف قواتها في طرابلس “يهدف إلى طمس فضائح اللواء المتقاعد خليفة حفتر، واستعانته بمرتزقة أجانب”.

وتابع حفتر، في المقابلة: “كما قلنا سابقا، فإن صبرنا بدأ ينفد حيال الخرق المتكرر للهدنة من قبل عصابات ومرتزقة إردوغان والسراج وعدم الوفاء بالتعهدات ببرلين. والقوات المسلحة تقيم الوضع بطرابلس وتتواصل مع كل الأطراف الدولية وهي جاهزة لكل الاحتمالات ما لم يقم المجتمع الدولي ودول برلين بتحمل مسؤولياتها تجاه الاحتلال التركي لبلادنا”.

وشدد حفتر قائلا: “على الأمم المتحدة ومجلس الأمن ودول (مؤتمر) برلين تحمل مسؤلياتها في وقف تدفق المرتزقة السوريين والأتراك والأسلحة المختلفة التي تنقل يوميا لطرابلس عبر تركيا أمام العالم أجمع دون رادع، في خرق وتنصل لإردوغان والسراج من التزاماتهما ببرلين، ولا يمكننا أن نظل مكتوفي الأيدي”.

يشار إلى أن خليفة حفتر متهم باستجلاب مرتزقة أجانب للمشاركة في الحرب التي يشنها على الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس.

ووفقا لتقارير سابقة، فإن النقص العددي الذي تعاني منه مليشيات حفتر، واتساع مساحة ليبيا، دفع به إلى الاستعانة بضباط إماراتيين ومصريين وفرنسيين بحسب مصادر متعددة متطابقة.

يذكر أن المشاركين في مؤتمر بشأن ليبيا في العاصمة الألمانية برلين في التاسع عشر من شهر كانون الثاني/يناير الماضي أعلنوا التزامهم بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا ووقف تقديم الدعم العسكري لأطراف الصراع وبنزع سلاح الميليشيات وفرض عقوبات على الجهات التي تخرق هدنة في ليبيا.

ويسري منذ الثاني عشر من الشهر الماضي وقف لإطلاق النار في القتال بين قوات حكومة الوفاق المدعومة دوليا وقوات حفتر الذي يسعى لدخول طرابلس.

ليبيا: بعد تسع سنوات من انتفاضة 17 فبراير

 

رشيد خشانة –  بعد مرور تسع سنوات على انتفاضة 17 شباط /فبراير2011 ما زالت الحرب الأهلية مُستعرة في ليبيا، من دون بروز نافذة أمل في نهاية النفق. وشكل إصرار خليفة حفتر على السيطرة على حقول النفط والمطارات انعطافا بالغ الخطورة، انكشف معه هزال الموقف الدولي من انتهاكات وقف إطلاق النار وتنامي الاستعانة بالمرتزقة.

أصيب غالبية الليبيين بالاحباط في أعقاب صدور قرار مجلس الأمن 2510 لأنه لم يُسم بوضوح الأطراف الخارجية والمحلية، الضالعة في استمرار الحرب في جنوب العاصمة طرابلس، منذ الرابع من نيسان/ابريل الماضي. وكان صدور القرار، إثر ولادة عسيرة استمرت ثلاثة أسابيع، مُتزامنا مع خطوة الاتحاد الأوروبي بسحب خبرائه الأمنيين من ليبيا، وقبل أيام من الذكرى التاسعة لاندلاع الانتفاضة التي أطاحت بالزعيم الراحل معمر القذافي (1969-2011) في 17 شباط/فبراير 2011. وخيب قرار مجلس الأمن آمال قطاعات واسعة من الرأي العام الليبي، الذي كان ينتظر إقرار عقوبات واضحة في حق الأطراف المؤججة للصراع، سواء بإرسال المرتزقة، الذين لم يُسم القرار جنسياتهم، أو بمد الغريمين بالسلاح والعتاد. وقال الأكاديمي الليبي موسى جعفرية لـ”القدس العربي” إن القرار غير مُطمئن لسكان طرابلس، الذين يعيشون تحت القصف منذ أكثر من تسعة أشهر، وخاصة في التخوم الجنوبية للمدينة، ما حمل عشرات الآلاف منهم على النزوح من بيوتهم. واتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في بيان الخميس الماضي، قوات حفتر باستخدام قنابل عنقودية في حي سكني بالعاصمة.

محادثات جنيف

وانتشرت في الأوساط العسكرية والمدنية في طرابلس معلومات عن فشل اجتماع اللجنة الأمنية/ العسكرية، في التوصل إلى صيغة لمراقبة وقف إطلاق النار والفصل بين القوات. وأنهى الوفدان، اللذان كانا يمثلان حكومة الوفاق الوطني وقيادة الجيش في المنطقة الشرقية، اجتماعات في جنيف رعتها بعثة الأمم المتحدة، وعادا إلى ليبيا الأسبوع الماضي، من دون الوصول إلى اتفاق. وضمت المفاوضات خمسة ضباط من حكومة الوفاق ومثلهم من الضباط الموالين لحفتر. وأكد ضابط عضو في وفد “الوفاق” فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ”القدس العربي” أن رئيس فريقه اللواء أحمد أبوشحمة قدم خلال الاجتماعات خيارات عدة، من بينها الالتزام بوقف إطلاق النار وسحب الأسلحة والمسلحين من المناطق المأهولة بالسكان، والسماح بعودة النازحين والمُهجرين إلى بيوتهم. وأفاد المصدر أن الوفد طرح أيضا انسحاب قوات اللواء خليفة حفتر مسافة أربعين كلم عن مواقعها الحالية، والفصل بين القوات، لكن الطرف المقابل أصر على رفضها، على ما قال المصدر، بالرغم من التعديلات التي اقترحتها بعثة الأمم المتحدة، على الصيغة التي طرحها اللواء أبوشحمة، وهو آمر غرفة العمليات الميدانية في قوات حكومة “الوفاق”.

ويُشكل المسار الأمني/ العسكري أحد المسارات الثلاثة التي أقرتها مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا، الشهر الماضي، إضافة إلى المسار السياسي والمسار الاقتصادي. واعتبر أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد السلام الحزاري، أن المسارات الثلاثة يمكن أن تتعثر ما لم تكن هناك قناعة لدى الفريقين بأن لا حل عسكريا للصراع في ليبيا، وأن التنازلات المتبادلة هي المخرج الوحيد من الحرب المستمرة منذ 2014. وعزا الحزاري في تصريح لـ”القدس العربي” إخفاق الوساطات السابقة الفرنسية والايطالية والروسية، إلى انحياز هؤلاء إلى أحد طرفي الصراع، مُبديا تفاؤله بالدور الألماني، الذي قال إن فرص نجاحه أوفر، شريطة أن تُعاضده الأمم المتحدة بإقرار عقوبات في حق منتهكي وقف إطلاق النار. واستمرت اجتماعات اللجنة العسكرية خمسة أيام في مقر الأمم المتحدة بجنيف، بمشاركة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة. ومن المقرر أن يعود أعضاء الفريقين إلى مائدة التفاوض بعد غد الثلاثاء في جنيف، في إطار جولة جديدة من التفاوض بين طرفي اللجنة، على أمل الوصول إلى اتفاقية شاملة لوقف إطلاق النار.

لجان… لجان

أما اللجنة الاقتصادية/ المالية فلم يكن حظها أفضل من اللجنة العسكرية، وقد اجتمع أعضاؤها من الفريقين في القاهرة، على مدى يومين، بحضور مساعدة المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا ستيفاني وليامز. وأسوة بالاجتماعات العربية الفاشلة، اقتصرت مخرجات اجتماع القاهرة على تشكيل ثلاث لجان، مؤلفة من خبراء اقتصاديين ومصرفيين ستجتمع في غضون أسبوعين في القاهرة مجددا. وتكتسي هذه اللجنة أهمية كبيرة، وخاصة عند الانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار، إذ طرحت خلال اجتماعاتها مسائل جوهرية، من بينها توزيع الثروات وإزالة آثار الحرب وتوحيد المؤسسات الاقتصادية وتهيئة البنية التحتية. وأثارت هذه المسائل خلافات في وجهات النظر بين الفريقين المتحاورين، لاسيما في توزيع الثروات، إذ اقترح البعض أن تكون حصة الاقليم الغربي (طرابلس) 50 في المئة من الايرادات، المُتأتية أساسا من النفط والغاز، فيما تكون حصة إقليم برقة (الشرق) 30 في المئة، ويحصل إقليم فزان (الجنوب) على 20 في المئة، حسب ما أفاد “القدس العربي” خبيرٌ مشارك في الاجتماعات. غير أن المصدر لم يُفصح عن اسم الوفد الذي قدم هذا الاقتراح.

مع الصخيرات أم ضده؟

أما اللجنة السياسية فستجتمع أواخر الشهر في جنيف، لكن من المستبعد أن تُقرب بين وجهات نظر الفريقين، لأن الأرجح أن وفد حكومة الوفاق سيدافع عن اتفاق الصخيرات (2015) بالنظر إلى كونه المرجعية التي انبثق منها المجلس الرئاسي، وهو الذي منح الشرعية لحكومة “الوفاق”. في المقابل يرفض فريق حفتر مرجعية الصخيرات، حتى لو تمت الموافقة على مُراجعة بنود منها، مُستقويا في ذلك بالبلدان التي تعترف بشرعيته المنبثقة من البرلمان. وأتيحت فرصة العام الماضي لعقد مؤتمر جامع في مدينة غدامس الليبية والخروج بخريطة طريق جديدة، إلا أن القائد العسكري للمنطقة الشرقية اللواء خليفة حفتر استبق غدامس بحملة عسكرية واسعة لاحتلال طرابلس، مستقويا بالشق المؤيد له من أعضاء البرلمان. ويعتبر مراقبون أن البرلمان، الذي نقل مقره من العاصمة طرابلس إلى مدينة طبرق (شرق)، خاضعٌ لضغوط اللواء حفتر، الذي بات يتحكم بقرارات رئيس البرلمان عقيلة صالح.

في الجانب الآخر من المشهد، لوحظ أن البلدين الأوروبيين الأكثر تداخلا في الأزمة الليبية وهما إيطاليا وفرنسا، عاودتا اللعب في الملف الليبي مجددا، على الرغم من انطلاق مسارات الحوار في إطار لجنتين على الأقل من اللجان الثلاث المذكورة. وأرسلت روما وزير خارجيتها لويجي دي مايو إلى بنغازي حيث اجتمع مع اللواء حفتر. ولم يرشح شيء عن الاجتماع. وكان دي مايو زار طرابلس قبل سفره إلى بنغازي.

أما باريس فأوفدت مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية كريستوف فارنو، الذي نقل دعوة إلى حفتر لزيارة باريس، موجهة من الرئيس الفرنسي ماكرون. وأرسلت أيضا دعوة من وزير الداخلية الفرنسي إلى نظيره في حكومة الوفاق فتحي باشاغا، لزيارة باريس والاجتماع مع نظيره الفرنسي، من أجل “بحث عدد من المواضيع الأمنية المتعلقة بمجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية” طبقا لما أفادت وسائل إعلام فرنسية. واجتمع المسؤول الفرنسي في طرابلس مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج ووزير الداخلية باشاغا. ويدلُ تزامن الزيارتين على اشتداد المنافسة بين باريس وروما في وقت أكد مؤتمر برلين على وقف جميع التداخلات الخارجية في الصراع الليبي. وقال المهندس بلقاسم عبد الحكيم الزاوي، الذي يعمل في أحد حقول “المؤسسة الوطنية للنفط” مُعلقا بسخرية “من غرائب الأمور أن الدول التي ما فتئت تتداخل في الشأن الليبي، هي الأعلى نبرة في انتقاد التداخلات الخارجية…”.

ميونخ بعد برلين

وتستضيف مدينة ميونخ الألمانية اليوم الأحد اجتماعا وزاريا لمتابعة تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين، يحضره عدد من وزراء الخارجية الذين حضروا إلى برلين، من بينهم الألماني هايكو ماس والروسي لافروف والإيطالي دي مايو والفرنسي لودريان. أما أمريكا، التي تتحاشى التعاطي المباشر في الملف الليبي منذ مقتل سفيرها لدى ليبيا (2012) فحضت الأطراف الحاضرة في برلين على حل الصراع عن طريق التفاوض. وفي هذا الإطار أكد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، في إفادة أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي أن المتسببين في تأجيج الصراع داخل ليبيا “لن يفلتوا من العقاب، بما في ذلك روسيا”. واعتبر شينكر أن تداخل اللاعبين الخارجيين “يعرقل جهود إعادة الليبيين إلى مائدة التفاوض” مؤكدا أن “ليبيا ليست مكانا للمرتزقة الروس أو المقاتلين من سوريا أو تشاد أو تركيا” في تهجم نادر على دولة عضو في الحلف الأطلسي. وشدد شينكر، في إفادته أمام لجنة العلاقات الخارجية على ضرورة حل الصراع الليبي عن طريق التفاوض، مؤكدا أن واشنطن “عاقبت من يهدد السلام والاستقرار في ليبيا”.

واتهم نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأوروبية والأوروآسيوية كريستوفر روبنسون، في إفادة مماثلة أمام مجلس الشيوخ، موسكو بالسعي لإيجاد مسارات موازية لمسار الأمم المتحدة وكذلك بإرسال مرتزقة من شركة “فاغنر” إلى ليبيا لمحاربة قوات حكومة الوفاق الوطني، متوعدا بأن واشنطن “ستضغط على حلفائها الأوروبيين لفرض مزيد من العقوبات عليها (فاغنر)” مُعتبرا أن على روسيا “أن تفهم أنه لا يمكنها الإفلات من العقاب بسبب زعزعة الاستقرار في ليبيا” وهو تحذير من أعنف التحذيرات الأمريكية لموسكو بشأن الملف الليبي. لكن يبدو أن روسيا لا تأبه لهذا الوعيد.

حكومة طرابلس تعلق المحادثات مع قوات شرق ليبيا بعد قصف حفتر لميناء العاصمة

 

دخان يتصاعد من ميناء طرابلس الليبي عقب هجوم وقع يوم الثلاثاء. تصوير: أحمد العمامي-رويترز.

 

علقت الحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا يوم الثلاثاء مشاركتها في محادثات تستضيفها الأمم المتحدة لوقف الحرب الدائرة للسيطرة على العاصمة، بعد أن قصفت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر ميناء طرابلس مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وسقوط قذائف على بعد أمتار من ناقلة محملة بغاز قابل للانفجار.

وكانت الأمم المتحدة تستضيف في جنيف محادثات لوقف إطلاق النار بين ضباط من حكومة طرابلس والجيش الوطني الليبي. ويسعى الجانبان للسيطرة على العاصمة في حملة مستمرة منذ نحو عام أدت إلى تشريد ما لا يقل عن 150 ألف شخص.

وكانت القوى الخارجية التي تدعم الطرفين المتناحرين قد وافقت على إجراء المحادثات خلال قمة عقدت في ألمانيا قبل شهر وهي القمة التي لم تسفر عن وقف حرب تسببت في خفض صادرات النفط بمعدل مليون برميل يوميا.

وقصف الجيش الوطني الليبي ميناء طرابلس قائلا في بادئ الأمر إنه استهدف سفينة تركية تنقل أسلحة لكنه أوضح لاحقا أنه قصف مستودعا للذخيرة. وقالت قوات طرابلس إن ثلاثة مدنيين قتلوا وأصيب خمسة.

وجاء الهجوم تزامنا مع زيارة السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند لقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر في أول زيارة لمبعوث أمريكي لشرق ليبيا منذ مقتل السفير الأمريكي في هجوم ألقي باللوم فيه على فصيل إسلامي في عام 2012.

وردا على هجوم الجيش الوطني الليبي قالت حكومة الوفاق الوطني ومقرها طرابلس في بيان إنها علقت مشاركتها في محادثات وقف إطلاق النار “حتى يتم اتخاذ مواقف حازمة من المعتدي وانتهاكاته وسيكون لنا الرد الحازم على هذه الخروقات بالشكل والتوقيت المناسبين”.

وأضافت أنه “بدون وقف إطلاق نار دائم يشمل عودة النازحين وضمان أمن العاصمة والمدن الأخرى من أي تهديد، فإنه لا معنى لأي مفاوضات، فلا سلام تحت القصف”.

وميناء طرابلس بوابة رئيسية لعبور الغذاء والوقود والقمح والواردات الأخرى إلى منطقة العاصمة التي تشهد قتالا منذ أن بدأ الجيش الوطني الليبي هجوما في أبريل نيسان لانتزاع السيطرة على المدينة، مقر الحكومة المعترف بها دوليا والتي تدعمها تركيا.

*ضرب الميناء

قالت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان إنه “تم إخلاء كل ناقلات الوقود بشكل عاجل من ميناء طرابلس و إلغاء كل عمليات التفريغ، وذلك بعد سقوط قذائف على بعد أمتار من ناقلة محملة بغاز النفط المسال (غاز الطهي) القابل للانفجار كانت تحت التفريغ بالميناء”.

وقال رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله “الهجوم الذي استهدف ميناء طرابلس اليوم كاد أن يؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية وسيكون له تأثير جسيم على المواطنين في مدينة مكتظة كطرابلس حيث لا يوجد في المدينة مرافق جاهزة لتخزين الوقود فالعاصمة تعاني من خروج مستودعات التخزين الرئيسية عن الخدمة بسبب الحروب بطريق المطار”.

أضاف “ستكون النتائج فورية وهذا سيزيد من معاناة المواطنين وقد يؤدي إلى تعطل المستشفيات والمدارس ومحطات توليد الطاقة والخدمات الحيوية الأخرى”.

ويقول دبلوماسيون إن تركيا أرسلت منذ يناير كانون الثاني عدة سفن تنقل أسلحة وشاحنات ثقيلة إلى طرابلس وميناء مصراتة في غرب ليبيا. كما أرسلت مقاتلين من الحرب الأهلية في سوريا للدفاع عن طرابلس.

ويتلقى الجيش الوطني الليبي، المتحالف مع حكومة موازية في شرق ليبيا، الدعم من الإمارات ومصر والأردن ومرتزقة روس. وتقدم فرنسا بعض الدعم أيضا.

وموانئ شرق ليبيا ومطاراته خارج نطاق سيطرة قوات طرابلس.

جاء هجوم الثلاثاء في الوقت الذي عقد فيه ضباط من قوات طرابلس وحكومة الوفاق الوطني محادثات غير مباشرة في جنيف للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وكان غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة لليبيا قال إن الطرفين رفضا للمرة الثانية الجلوس في قاعة واحدة.

وأضاف سلامة أنه تلقى شروطا من رجال القبائل المتحالفين مع قوات الجيش الوطني الليبي بشأن إنهاء إغلاق موانئ تصدير النفط في شرق البلاد لكنه قال إنها شروط عامة ويتعين التعامل معها في حوار تقوده الأمم المتحدة في جنيف الأسبوع المقبل.

(شارك في التغطية أولف ليسينج وهاني عمارة وأيمن الورفلي وهشام عبد الخالق – إعداد حسن عمار للنشرة العربية – تحرير أشرف راضي)

سلامة: ميناء طرابلس تعرض لهجوم وقبائل متحالفة مع حفتر تضع شروطها لاستئناف تصدير النفط

 

أعلن موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة تعرض ميناء العاصمة طرابلس للهجوم الثلاثاء، مشيرا إلى أنه تلقى شروطا من رجال القبائل المتحالفين مع قوات “الجيش الوطني الليبي” بقيادة المشير خليفة حفتر، حول إنهاء إغلاق موانئ تصدير النفط في شرق البلاد.

قال غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا إن ميناء طرابلس تعرض لهجوم الثلاثاء، في أحدث مظاهر الصراع في معركة من أجل السيطرة على مقر الحكومة المعترف بها دوليا في البلاد.

وأشار سلامة إلى أنه تلقى شروطا من رجال القبائل المتحالفين مع قوات “الجيش الوطني الليبي” الذي يقوده المشير خليفة حفتر، فيما يتعلق بإنهاء إغلاق موانئ تصدير النفط في شرق البلاد.

وفي هذا الشأن، قال سلامة “أرسل لي رجال قبائل شروطهم لكن يتعين علي القول إن تلك الشروط عامة جدا ويجب التعامل معها في إطار المسار الاقتصادي” في إشارة لمحادثات تقودها الأمم المتحدة لتخطي الخلافات الاقتصادية في ليبيا بين الحكومتين المتناحرتين.

ورأى مراسل في طرابلس دخانا كثيفا يتصاعد من منطقة الميناء. كما أفاد مصدر من الميناء، إن مستودعا ضرب في الهجوم، وأن مخزنا أصيب لكن لم تصب أي من السفن.

وظل ميناء طرابلس مفتوحا لاستقبال الواردات الغذائية خصوصا، منذ بدأت قوات شرق ليبيا حملة عسكرية للسيطرة على المدينة في أبريل/نيسان الماضي.

وكان سلامة يتحدث في الوقت الذي التقى فيه ضباط من طرفي الصراع الليبي، لإجراء جولة ثانية من المحادثات في جنيف بغية التوصل إلى هدنة دائمة. وقال للصحافيين إن الجانبين رفضا من جديد الجلوس في قاعة واحدة.

كما أضاف للصحافيين “برغم أن الهدنة على الأرض في غاية الهشاشة.. لم يتراجع أحد حتى الآن عن مبدأ قبول الهدنة، كما أن العملية السياسية تحاول إيجاد وسيلة لتحقيق تقدم”.

وقبل شهر، انضم رجال القبائل وجماعات أخرى متحالفة مع الجيش الوطني الليبي لقوات حفتر، لإغلاق موانئ رئيسية في شرق ليبيا وحقل الشرارة النفطي الجنوبي، مما خفض إنتاج النفط بأكثر من مليون برميل يوميا.

 

لقاء خاص مع عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة جون هوبكنز حافظ الغويل

 

تقديم: خديجة بن رحمون