تقدمت حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، الأربعاء، بالشكر لكل من قطر والسودان ودول المغرب العربي بالجامعة العربية، على خلفية اجتماع طارئ لها بشأن ليبيا.
وقالت خارجية حكومة الوفاق في تدوينة عبر فيسبوك: “وزير الخارجية محمد سيالة يعرب عن تقديره لدولتي قطر والسودان ووزراء خارجية دول المغرب العربي على موقفهم الداعم لليبيا في اجتماع الجامعة العربية”.
ولم يقدم المصدر تفاصيل أكثر عن ذلك الدعم، ومن المعروف أن دول المغرب العربي تضم بجانب ليبيا: تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.
وفي اجتماع طارئ على مستوى المندوبين حول ليبيا بمقر الجامعة بالقاهرة الثلاثاء، اتهم صالح الشماخي، مندوب ليبيا لدى الجامعة العربية، الأخيرة بأنها “تكيل بمكيالين” في الملف الليبي.
وانتهى الاجتماع العربي الطارئ إلى “التأكيد مجددا على الالتزام بوحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها ولحمتها الوطنية”، ورفض ما وصفه بـ”التدخل الخارجي أيا كان نوعه”.
وينازع خليفة حفتر الحكومة الليبية، المعترف بها دوليًا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط، ويشن منذ 4 أبريل/ نيسان الماضي هجومًا متعثرًا للسيطرة على طرابلس (غرب)، مقر الحكومة.
الشؤون العربية في الصحافة السويسرية في أسبوع دعم تركي لحكومة طرابلس .. ومعاناة اللاجئين السوريين في لبنان

موضوعات عربية متنوعة حفلت بها الصحف السويسرية الاسبوع المنقضي بداءًا بالتطوّرات الأخيرة في ليبيا بعد احتدام الاشتباكات على مقربة من طرابلس وإعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان استعداده لإرسال قواته إلى ليبيا، مرورا بوضع اللاجئين السوريين في لبنان، ومستجدات الوضع في الجزائر، وانتهاءًا برد مسؤول قطري على جملة الاتهامات الموجهة لبلاده ومنها التأثيرات التي تمارسها على المسلمين في أوروبا من خلال التمويلات التي تقدمها مؤسسة قطر الخيرية.
باول كروغر، مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة تاغس أنتسايغر،رابط خارجي رأى أن السبب وراء إعلان قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر بدء ما سماه بالمعركة الحاسمة ضد طرابلس هو حصول حفتر على دعم شركة فاغنر (Group Wagner) الأمنية الروسية و التي يعتبر رئيسها صديقًا مقربًا للرئيس فلاديمير بوتين.
وأوضحت الصحيفة أن “الجنرال خليفة حفتر قد بدأ بالفعل التقدم نحو طرابلس في شهر أبريل الماضي، لكنه لم يحرز أي تقدم منذ شهور ضد الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا برئاسة رئيس الوزراء فايز السراج .
ووفقًا لوكالات الاستخبارات الغربية، يتمركز 1400 عسكري من الشركة الأمنية المرتبطة بالمخابرات العسكرية الروسية في ليبيا. وهم مدربون تدريباً جيداً ولديهم أنظمة أسلحة حديثة، سلمتها دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر إلى جيش اللواء حفتر”.
وأوضح المراسل أن “موازين القوة العسكرية تبدو الآن في صف الجنرال خليفة حفتر، الذي دعمته الإمارات بنظام الدفاع الجوي الروسي الحديث بانتسير والذي يمنح بدوره حفتر التفوق الجوي وهي ميزة عسكرية حاسمة”.
في ظل هذه الحقائق، يدعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحكومة المعترف بها دوليًا وهدد بإرسال قوات تركية إلى ليبيا. وقال أردوغان إنه إذا طلب رئيس الوزراء فايز السراج ذلك، فستدرس تركيا هذا الطلب. لكن هذا التعاون ينطوي على خطر نشوب حرب إقليمية. فمن غير المرجح أن تقبل مصر بوجود عسكري تركي في الدولة المجاورة ولا الإمارات أكبر داعم لحفتر.
دخول أنقرة على خط المواجهة بشكل مباشر يأتي بعد تحول ليبيا إلى مسرح لحرب بالوكالة، حيث تحظى حكومة طرابلس بدعم تركيا وقطر الداعمتان جماعة الإخوان المسلمين، في حين يتلقى حفتر الدعم من الإمارات ومصر، وكذلك من المملكة العربية السعودية. في الوقت نفسه تسعى روسيا لملء الفراغ القائم في ليبيا، وإن كانت تنفي رسميًا وجود شركات عسكرية خاصة وتوظيفها”.
ونوه المراسل إلى احتمال تكرار السيناريو السوري في ليبيا “أردوغان أعلن عن خطط للتشاور مع بوتين حول دعم روسيا لحفتر. يرى بعض الدبلوماسيين الغربيين أن المفاوضات تشبه صيغة أستانا بشأن سوريا – التي بقيت فيها الدول الغربية بعيدة عن مراكز القرار – في حين أن بوتين وأردوغان أوجدا حقائق على الأرض مع إيران”.
“تركيا وسياسة المواجهة المفتوحة مع الحلفاء والجيران ”
صحيفة نويه تسورخر تسايتونغرابط خارجي تناولت دلالات وتداعيات توقيع اتفاقيتين بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً حول التعاون الأمني وأخرى في المجال البحري. المذكرة الأولى تتعلق بترسيم الحدود الملاحية في البحر المتوسط والثانية بإرسال قوات تركية إلى ليبيا إذا طلبت حكومة الوفاق الوطني دعما عسكريا.
فولكر بابست، مراسل الصحيفة في اسطنبول رأى أن السياسة الخارجية التركية في طريقها للتصادم مع حلفائها التقليديين في قبرص وليبيا وسوريا والولايات المتحدة. فقبالة السواحل القبرصية، تنقب السفن التركية عن الغاز رغم معارضة دولة الجوار. وفي نهاية شهر نوفمبر 2019، أبرمت تركيا اتفاقية مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا والتي تحدد المناطق الاقتصادية للبلدين وتتجاهل إلى حد كبير مصالح اليونان. أثينا قامت بدورها في وقت لاحق بطرد السفير الليبي واحتج الاتحاد الأوروبي بشكل حاد. لكن أنقرة تتبع سياسة واضحة لتعزيز الدعم العسكري لطرابلس وإتاحة الفرصة لنشر القوات التركية للتدخل في الحرب الأهلية الليبية.
كم اهتزت العلاقة الطويلة الأمد مع الحلف الأطلسي وخاصة مع الولايات المتحدة جراء الهجوم العسكري التركي في سوريا. وهناك مؤشرات على وجود توتر بين الطرفين، حيث تحدث الرئيس أردوغان مرة أخرى يوم الأحد عن إمكانية حرمان الولايات المتحدة من حقها في استخدام قاعدة إنجرليك الجوية في الأراضي التركية. في المقابل واشنطن ستتخذ القرار بشأن فرض عقوبات على أنقرة بعد شراء نظام الأسلحة الروسي س -400.
وأوضح المراسل “على الرغم من أن جميع الأزمات الحالية لها ديناميكية خاصة بها، إلا أنها توضح الخطوط العريضة للسياسة الخارجية التركية في ظل رجب طيب أردوغان، الذي يرى تركيا كقوة إقليمية تتمتع بالحكم الذاتي وتدافع عن مصالحها الاستراتيجية في مواجهة مع الحلفاء التقليديين”.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التحرك التركي الأخير في ليبيا قد يضع العلاقات التركية الروسية أيضاً على المحك، حيث تدعم موسكو قائد الميلشيات المتمردة خليفة حفتر. وفي هذا الصدد يقول سنان أولجن ، رئيس مركز إيدام للأبحاث في إسطنبول: “من الخطأ الاعتقاد بأن أنقرة ملتزمة تمامًا بموسكو، هدف تركيا المعلن هو الاستقلال الاستراتيجي، لكن السؤال المطروح هو مدى واقعية هذا المطلب مقارنة بالقوة الحقيقية لتركيا”.
وأضاف “تركيا عزلت نفسها عن جيرانها في شرق البحر المتوسط إلى حد كبير من خلال إعادة توجيه سياستها الخارجية التي شكلها الإسلام السياسي. ففي مصر دعمت أنقرة جماعة الإخوان المسلمين وانتقدت إسرائيل بشدة. وتشكل هاتان الدولتان الشريكتان السابقتان اليوم تحالفًا مع اليونان وقبرص وكل هذه الدول موحدة إلى حد كبير في التصدي للمطالب التركية في المنطقة الغنية بالطاقة”.
وختم المراسل: تركيا ليست معنية فقط باكتشافات الغاز، الاتفاقية مع ليبيا عبارة عن ورقة مساومة في الصراع على الطاقة حول شرق البحر المتوسط. سياسة أنقرة في طرح أقصى المطالب ورفع الضغط على جميع الجبهات الممكنة هي استراتيجية تركية مجربة. والتهديدات المتكررة لأوروبا بفتح الحدود الغربية أمام اللاجئين السوريين أو المناورات الابتزازية في قمة الناتو هي جزء من مساومة أنقرة على تصنيف الاتحاد الأوروبي وحدات حماية الشعب الكردية منظمة إرهابية مقابل الدفاع عن بحر البلطيق، بالإضافة إلى ذلك، فإن النزاعات الدولية لأردوغان دائمًا ما تكون مرتبطة بحسابات الربح والخسارة في الداخل التركي والورقة الانتخابية”.
أردوغان: تركيا سترسل قوات إلى ليبيا بناء على طلب طرابلس

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الخميس إن أنقرة سترسل قوات إلى ليبيا بناء على طلب منها في مطلع الشهر المقبل، مما يدفع الصراع الدائر هناك إلى بؤرة خلافات إقليمية أوسع نطاقا.
وتتصدى حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا منذ أشهر لهجوم تشنه قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر التي تتلقى الدعم من روسيا ومصر والإمارات والأردن.
وأكد مسؤول في طرابلس إرسال الحكومة المعترف بها دوليا لطلب رسمي للحصول على دعم عسكري تركي برا وجوا وبحرا.
وأدلى المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه بتلك التصريحات بعد أن أشار فتحي باشأغا وزير الداخلية في الحكومة التي تتخذ من طرابلس مقرا في تصريحات للصحفيين في تونس إلى أن ليبيا لم تقدم بعد طلبا رسميا بذلك.
ولم يتسن الحصول على تعليق من قوات حفتر.
ويقول دبلوماسيون إن قوات حفتر أخفقت في الوصول لقلب طرابلس لكنها حققت بعض المكاسب الصغيرة على الأرض في الأسابيع الماضية في بعض الضواحي الجنوبية للعاصمة بمساعدة مقاتلين من روسيا والسودان وطائرات مسيرة أرسلتها الإمارات.
وقال تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر تشرين الثاني إن طائرات مسيرة صينية الصنع منحت حفتر “تفوقا جويا محليا”، إذ أن بمقدورها حمل متفجرات تزن ثمانية أمثال ما يمكن للطائرات المسيرة الممنوحة لحكومة الوفاق الوطني حملها كما تغطي أيضا ليبيا بأكملها.
ووقعت أنقرة اتفاقين منفصلين الشهر الماضي مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج أحدهما بشأن التعاون الأمني والعسكري والآخر يتعلق بالحدود البحرية في شرق المتوسط.
وينهي الاتفاق البحري عزلة تركيا في شرق المتوسط بالتزامن مع تكثيفها لأنشطة التنقيب عن النفط والغاز مما أثار حفيظة اليونان وبعض دول الجوار الأخرى. ويحافظ الاتفاق العسكري على طرابلس، حليفتها الوحيدة في المنطقة.
وقال أردوغان في كلمة ألقاها أمام أعضاء حزب العدالة والتنمية “نظرا لوجود دعوة (من ليبيا) في الوقت الراهن فإننا سنقبلها”. وأضاف “سنضع مشروع قانون إرسال قوات لليبيا على جدول الأعمال بمجرد بدء جلسات البرلمان”.
وتابع قائلا إن البرلمان قد يقر التشريع في الثامن أو التاسع من يناير كانون الثاني، مما يفتح الباب لنشر القوات.
في غضون ذلك، ذكر البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي رفضا في اتصال هاتفي يوم الخميس “الاستغلال الخارجي” لليبيا.
وقال البيت الأبيض “الزعيمان… اتفقا على ضرورة اتخاذ الأطراف إجراءات عاجلة لحل الصراع قبل أن يفقد الليبيون السيطرة (على بلادهم) لصالح أطراف خارجية”.
وثمة أنباء بأن مصر تدعم قوات حفتر، في حين دعت واشنطن جميع الأطراف إلى خفض التصعيد وحذرت من تزايد التدخل الروسي.
* توتر مع روسيا
تلوح أنقرة منذ أسابيع باحتمال القيام بمهمة عسكرية في ليبيا، بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر على بدء الجيش التركي توغلا في شمال شرق سوريا مستهدفا المقاتلين الأكراد.
وأرسلت تركيا بالفعل إمدادات عسكرية إلى حكومة الوفاق الوطني بالرغم من حظر على الأسلحة تفرضه الأمم المتحدة، وذلك وفقا لما ورد في تقرير للمنظمة الدولية اطلعت عليه رويترز الشهر الماضي.
وزار الرئيس التركي تونس يوم الأربعاء لبحث التعاون بشأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا. وقال اليوم إن تركيا وتونس اتفقتا على دعم حكومة الوفاق الوطني.
وقالت الرئاسة التونسية يوم الخميس إن البلاد لن تنضم أبدا لأي حلف أو تحالف وستحافظ على سيادتها على كل أراضيها في رد فيما يبدو على تصريحات أردوغان.
وجاء في البيان “تؤكد رئاسة الجمهورية أن تونس لن تقبل بأن تكون عضوا في أي تحالف أو اصطفاف على الإطلاق، ولن تقبل أبدا بأن يكون أي شبر من ترابها إلا تحت السيادة التونسية وحدها”.
أبدت موسكو قلقها من احتمال نشر تركيا قوات في ليبيا لدعم حكومة السراج. وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي اتفقا يوم الخميس على أن الموقف في ليبيا يجب حله سلميا.
غير أن أردوغان قال الأسبوع الماضي إن تركيا لن تلزم الصمت إزاء وجود مرتزقة من مجموعة فاجنر المرتبطة بالكرملين لمساندة حفتر.
وأضاف يوم الخميس “روسيا موجودة هناك بألفي (مقاتل) من فاجنر”. وأشار أيضا إلى وجود نحو خمسة آلاف مقاتل من السودان في ليبيا. وتساءل “هل دعتهم الحكومة الرسمية للحضور؟ لا”.
وأضاف “كلهم يساعدون بارون حرب (حفتر)، بينما نقبل نحن دعوة من الحكومة الشرعية للدولة. هذا هو الاختلاف بيننا”.
ويحاول الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر منذ أبريل نيسان انتزاع السيطرة على طرابلس من حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت في 2016 بعد اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة. وتشير تقارير المنظمة الدولية إلى أن الإمارات ومصر قدمتا لسنوات دعما عسكريا لقوات حفتر.
وقال سنان أولجن وهو دبلوماسي تركي سابق ورئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسات الخارجية إن من وصفهم بالمرتزقة الروس وضعوا المزيد من الضغط على حكومة الوفاق الوطني “وسرعوا من وتيرة التعاون بين طرابلس وأنقرة لتعويض ذلك”.
وأضاف “يتعين أن يتم نشر القوات على الفور.. لكن الخطر يكمن في أن تركيا تنجر إلى مباراة عسكرية السبيل الوحيد فيها هو المزيد من المشاركة والتصعيد”.
وأجرى مسؤولون أتراك وروس محادثات في موسكو هذا الأسبوع سعيا لحل أزمتي ليبيا وسوريا.
وتركيا على خلاف في المتوسط مع اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل على الحق في استغلال الموارد المتاحة قبالة جزيرة قبرص المقسمة. وتقول أثينا إن الاتفاق المتعلق بالحدود البحرية الذي أبرمته أنقرة مع طرابلس مخالف للقانون الدولي.
مع صمود طرابلس.. هل تدفع الإمارات بالنايض بديلا لحفتر؟
تسابق الإمارات الزمن لتعويض عجز حليفها اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، منذ أشهر، عن كسر سيطرة حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليا، على العاصمة طرابلس، وفق مراقبين.
ومنذ 4 أبريل/ نيسان الماضي، يشن حفتر، المدعوم من الإمارات، هجوما للسيطرة على طرابلس، ما أجهض جهودا كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين، ضمن خريطة طريق أممية لمعالجة النزاع.
وضمن مساعٍ إماراتية للسيطرة على مفاصل الدولة الغنية بالنفط، طُرح اسم عارف النايض (57 عاما)، وهو سفير ليبي سابق لدى أبو ظبي، كبديل لحفتر (76 عاما)، أو على أقل تقدير واجهة مدنية لحكم عسكري، بحسب مراقبين.
النايض، يجمع صفات الرجل المطلوب دعمه بالنسبة للإمارات، فهو مؤيد لـ”عسكرة” ليبيا، وعلى صلة بحليف أبوظبي، القيادي المفصول من حركة “فتح” الفلسطينية، محمد دحلان، أحد المدرجين على القائمة الحمراء للإرهابيين المطلوبين لدى تركيا.
كما تمت تزكية النايض من عضو الكونغرس الأمريكي، النائب الجمهوري المتطرف، ستيف كينغ، حيث غرد على “تويتر”، عقب اجتماع بينهما في 2017، معتبرا أن النايض هو “مستقبل ليبيا”.
لكن أداء النايض للدور الذي يمكن أن يكون قد رُسم له، وفق مؤشرات، يصطدم بطموح حفتر، الذي يسعى هو الآخر إلى إقصاء الجميع بحثا عن شرعية، بخلاف قوة وصلابة الاعتراف الدولي بحكومة الوفاق.
رجل الإمارات
النايض، أول من طرح نفسه مرشحا في انتخابات رئاسية ليبية كانت مقررة في ديسمبر/ كانون أول 2018.
وهو، وفق تقارير صحافية، وثيق الصلة بالإمارات، حيث تتلمذ على يد الشيخ عز الدين إبراهيم، أحد مستشاري زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الإمارات، وأول أمير لها.
وعمل النايض مديرا عاما لمؤسسة “كلام” للبحوث والإعلام، في إمارة دبي عام 2009، بجانب عضويته في اللجنة الأكاديمية الاستشارية في مؤسسة “طابة” بالعاصمة أبوظبي.
وهو سفير سابق لليبيا لدى أبو ظبي، واستقال عام 2016 للترشح للانتخابات الرئاسية 2018، ما اعتبره مراقبون دليلا آخر على تحضير إماراتي له للعب دور في ليبيا.
ويقدم نفسه على أنه شخصية صوفية، رغم استنكار المجلس الأعلى للتصوف الإسلامي السني في ليبيا، زج النايض بالتصوف في صراعه السياسي.
حكومة وحدة
واصفا نفسه بأنه “شخصية توافقية”، قال النايض، في تصريح لوكالة الأنباء الإيطالية، الخميس الماضي، إنه لا يمانع تشكيل حكومة وحدة وطنية تحل محل حكومة الوفاق الوطني.
وتابع: “بعد الانتهاء من عملية ساعة الصفر التي أعلنها حفتر للسيطرة على طرابلس، سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع المكونات والمناطق الليبية”.
وفي إطار تسويقه لنفسه كشخصية جامعة لليبيين، التقى النايض، مسؤولين من مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال اجتماعين عقدا في واشنطن، الخريف الجاري، حسب موقع “ديفينس وان” الأمريكي.
وقال النايض في رسالة عبر البريد الإلكتروني بعث بها إلى “ديفينس وان”، إن زيارته إلى واشنطن تطرقت إلى وضع “خطط تفصيلية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وعقد انتخابات رئاسية عامة في غضون 18 شهرا من تحرير طرابلس”.
ومرارا، أصدر حفتر إعلانات مماثلة من دون أن يحقق ما وعد به، وعندما بدأ الهجوم على طرابلس، زعمت قواته أنها ستسيطر عليها خلال 48 ساعة، لكن هجومه ما زال متعثرا.
ورقة خاسرة
قال عباس محمد صالح، باحث سياسي معني بالشأن الليبي، إن المشروع الإقليمي لأبو ظبي، خاصة في ليبيا “لن يُفرض إلا بالحديد والنار”.
وأضاف صالح، أن أبو ظبي “صنعت في ليبيا فريقا سياسيا وأمنيا في آن واحد”.
وعن طرح النايض، كورقة بديلة لحفتر، رأى أن “النايض ورقة خاسرة، فلن يقوى على خدمة أجندة الإمارات، في ظل تعقيدات المشهد الليبي”.
وشدد على أن “معركة طرابلس مصيرية لأبو ظبي، لذلك تسعى لتسعير الحرب، خاصة عقب توقيع الاتفاق البحري بين الحكومة الليبية وتركيا”.
ووقعت الحكومة التركية ونظيرتها الليبية، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مذكرتين الأولى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، والثانية بتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.
وزاد صالح، أن الإمارات “ستخوض هذه المعركة بكافة الأسلحة، ولا يهم هنا الأشخاص، فإذا احترقت ورقة حفتر، وهذا لن يتحقق في المدى القريب، فلن تترد في استبداله بآخر أو آخرين”.
واستطرد: “لذا ستبقى المسألة الليبية معركة سياسية تُخاض بمعارك عسكرية، خلال المرحلة المقبلة”.
شرعية الحرب
وفق كامل عبد الله، خبير بالشأن الليبي، فإنه “طالما يوجد خليفة حفتر فلن يكون هناك حل سياسي”.
وأوضح عبد الله، أن “حفتر يفهم أن العملية السياسية ستُقصيه خارج المشهد، ولذلك يعتمد على شرعية الحرب”.
وأضاف أن “أحد الدوافع الرئيسية للحرب الحالية في طرابلس هو تجديد شرعية حفتر”.
أما الإمارات، وفق عبد الله، فترى أن “ليبيا ميدان سهل لاختبار قوة تأثيرها الإقليمي ونفوذها السياسي، ونجحت بالفعل في التغلغل سياسيا فيها”.
واعتبر أن النايض “يظل ورقة أخرى للمناورة الإماراتية رغم طموح الرجل المعلن، ورغم العراقيل القائمة على المستوى المحلي السياسي والاجتماعي، ورغم محاولاته الدؤوبة لتسويق نفسه كشخصية توافقية لقيادة حكومة جديدة”.
وأردف: “أعتقد أن الدفع بورقة النايض، يستهدف ممارسة نوع من الضغط السياسي على الخصوم والحلفاء في وقت واحد”.
واستدرك: “يظل حفتر بلا منافس له (بالنسبة لمحور الإمارات) حاليا، ولن يقبل بأي منافسة له، رغم المحاولات المستمرة منذ عامين لإعادة إحياء الحكومة المؤقتة، كلما تعثر الحوار بين حفتر وفايز السراج (رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق)”.
الموقف الدولي
بالنسبة لموقف حلفاء الإمارات من احتمال طرح النايض كبديل لحفتر، رأى عبد الله، أن “النايض، ورقة محتملة أيضا بالنسبة لحلفاء الإمارات؛ فهو من وجهة نظرهم الأفضل بين الليبيين”.
وذهب صالح، إلى أن المجتمع الدولي “سيقبل بمن تقدمه أو تدعمه الأطراف الإقليمية المعادية لثورة الليبيين، وبالتالي لا فرق بين حفتر والنايض، فكلاهما يحارب لفرض مشروع إقليمي معادٍ للمصلحة الوطنية لليبيين، ولعسكرة البلد”.
وتابع أن المجتمع الدولي “يغض الطرف عن تجاوزات محور أبو ظبي في ليبيا ووكلائها المحليين، كحفتر وغيره”.
واستدرك: “رغم وجود غطاء إقليمي ودولي للفريق المعادي لثورة 17 فبراير/ شباط 2011 فلا النايض ولا حفتر يستطيعون قيادة ليبيا، ولا توحيد الفصائل الليبية المتشظية، ولا الترويج لمشروع سياسي يخدم أبو ظبي”.
وشدد على أن حلفاء حفتر الإقليميين يخشون الهزيمة العسكرية أو التراجع الميداني، لذا ليس أمامهم من خيار سوى الاستمرار في شن سلسلة حروب لإسقاط الحكومة الشرعية في طرابلس، و”إلا ستكون خسارتهم مضاعفة سياسيا وعسكريا”.
مسؤول: ليبيا تطلب من تركيا رسميا الحصول على دعم عسكري
قال مسؤول في العاصمة الليبية طرابلس، اليوم الخميس، إن حكومة الوفاق المعترف بها دوليا طلبت رسميا من تركيا الحصول على دعم عسكري جوي وبري وبحري لصد هجوم تشنه قوات خليفة حفتر التي تسعى للسيطرة على طرابلس.
وفي وقت سابق من الخميس، قال وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا، في مؤتمر صحافي بالعاصمة التونسية، إن حكومته “ستطلب من تركيا رسميا دعمها عسكريا وهذا سيكون لمواجهة القوات المرتزقة التابعة لخليفة حفتر والتي قدمت قواعد ومطارات لدول أجنبية”.
وشدّد باشاغا على أنه سيكون “هناك تعاون كبير مع تركيا وتونس والجزائر، وسنكون في حلف واحد وهذا سيخدم شعوبنا واستقرارنا الأمني”.
وتعليقا على اللقاء الذي جمع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والتونسي قيس سعيّد، أمس في تونس، وتأكيدهما على دعم حكومة الوفاق، قال باشاغا “نحن نرحب بأي مبادرة تكون جامعة لكل الليبيين وكذلك أي مبادرة لا بد أن تكون تحت رعاية الأمم المتحدة”. وأضاف “يجب توحيد الجهود من أجل إطلاق عملية سياسية لوقف إطلاق النار بليبيا”.
وتوقع أردوغان، في كلمة له بوقت سابق الخميس، حصول حكومته على تفويض من البرلمان التركي في 8 – 9 يناير من أجل إرسال جنود إلى ليبيا تلبية لدعوة الحكومة الشرعية.
والأربعاء، بحث الرئيس التركي ونظيره التونسي، خلال لقائهما بقصر قرطاج، سبل الإسراع بالعمل على وقف إطلاق النار بليبيا في أقرب وقت.
وأجرى أردوغان، الأربعاء، زيارة عمل إلى تونس استمرت لساعات، وكان في استقباله ووداعه بمطار تونس قرطاج الدولي الرئيس قيس سعيّد.
وتأتي الزيارة في إطار تعزيز العلاقات بين البلدين وبحث عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك وخاصة التطرق إلى القضايا الإقليمية الراهنة وفي مقدّمتها الوضع في ليبيا، وفق البيانات الرسمية من الجانبين.
أردوغان: سنطلب من البرلمان التركي الموافقة على إرسال قوات إلى ليبيا
تواصل تركيا خطواتها المتتابعة نحو تهيئة الأرضية القانونية الداخلية والدولية من أجل إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، في تلويح كبير باللجوء إلى القوة العسكرية لحماية مصالحها في ليبيا وشرقي البحر المتوسط، لكن في ظل رغبة أكبر بالتوصل إلى حلول سياسية تجنبها النتائج التي ربما تكون “كارثية” لأي صدام عسكري وارد مع القوى الإقليمية المتصارعة في ليبيا وشرق المتوسط.
وعلى الرغم من الإجراءات المتلاحقة التي توحي بالتمهيد لإرسال قوات عسكرية من الجيش التركي إلى ليبيا، إلا أن مؤشرات أخرى تضعها في خانة التلويح بالقوة العسكرية في ظل رغبة جامحة بحصول تطورات سياسية وعسكرية تجنب تركيا هذا الاستحقاق الذي يمكن أن تلجأ له بالفعل، ولكنه لا يعتبر حالياً بمثابة الخيار الأول للرئيس رجب طيب أردوغان.
فعلى الرغم من مرور قرابة شهر على توقيع اتفاق التعاون الأمني والعسكري بين أردوغان ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، إلا أن أردوغان وقّع بالفعل على مذكرة التفاهم بشكل نهائي، الخميس، بعدما تم الانتهاء من تمرير المذكرة في البرلمان، وجرى نشر نص القرار في الجريدة رسمياً، لتصبح سارية المفعول اعتباراً من 26 نوفمبر/ تشرين الأول.
وبينما يتصاعد هجوم حفتر والقوات الداعمة له على العاصمة طرابلس، وسط خشية حقيقة من سقوطها بيد حفتر، لم يظهر أي استعجال تركي في اتخاذ قرار بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، حيث لم يطلب الرئيس أردوغان من البرلمان قطع إجازته وعقد جلسة خاصة لاستصدار مذكرة تتيح للجيش إرسال قوات إلى ليبيا، رغم أن القانون يتيح له ذلك.
وعوضاً عن ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية الذي بدأ بإعداد المذكرة، سوف ينتظر حتى السابع من شهر يناير المقبل موعد انتهاء إجازة البرلمان من أجل عرض المذكرة على الجمعية العامة، على أن تصدر خلال يوم أو يومين، حيث يمتلك الحزب القدرة على تمرير المذكرة بدعم من حليفه حزب الحركة القومية.
هذا الأمر، أكده الرئيس التركي في خطاب له، الأربعاء، قائلاً: “يسألوننا عمّا إذا كنا سنرسل الجنود إلى ليبيا.. نحن نتجه إلى المكان الذي نُدعى إليه، سنلبي دعوة ليبيا (لإرسال الجنود) بعد تمرير مذكرة التفويض من البرلمان فور افتتاح جلساته، من المتوقع أن نمرر تفويض إرسال جنود إلى ليبيا من البرلمان في 8 – 9 يناير لكي نلبي دعوة حكومة الوفاق الوطنية الليبية”، مشدداً على أن بلاده ستقدم جميع أنواع الدعم لحكومة طرابلس “في كفاحها ضد الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، المدعوم من دول أوروبية وعربية مختلفة”.
وبينما تتخوف أطراف تركية وليبية من أن تأخر أنقرة في إرسال قوات قد يهدد بسقوط العاصمة طرابلس قبيل هذا الموعد، إلا ان جهات أخرى ترى أن الوضع ما زال تحت السيطرة، وأن أنقرة رفعت من دعمها العسكري كمّاً ونوعاً لحكومة الوفاق عقب الاتفاق الأخير، وأنها توصل ذلك بما يضمن عدم سقوط العاصمة لحين اتخاذ القرار المناسب بإرسال قوات عسكرية بشكل مباشر من عدمه.
وربط مراقبون بين موعد تصويت البرلمان على مذكرة إرسال القوات إلى ليبيا بتاريخ زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا والمقررة في الثامن من يناير المقبل، ما اعتبر بمثابة محاولة تركية لاستخدام هذه الخطوة كورقة ضغط على روسيا من أجل المساعدة في التوصل إلى حل سياسي قد يوقف هجوم حفتر على العاصمة -على الأقل- وتجميد تركيا خيار إرسال قواتها إلى طرابلس.
وفي إطار الهدف التركي الأساسي المتمثل في العمل بكافة الطرق لمنع سقوط العاصمة طرابلس بيد حفتر للحفاظ على مكتسبات الاتفاق البحري، تعمل تركيا مع العديد من الأطراف الدولية من اجل وقف هجوم حفتر عبر تفاهمات ثنائية أو حلول سياسية دولية لا سيما مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية المقرر الشهر المقبل والذي بات محور التحركات السياسية التركية مؤخراً.
وعملت تركيا من خلال روسيا من أجل التوصل إلى تفاهمات يمكن أن توقف هجوم حفتر على طرابلس، وجرى اتصال هاتفي بين أردوغان وبوتين، قبل أن يزور وفد دبلوماسي وعسكري تركي موسكو لبحث المسألة، كما يتوقع أن يركز لقاء أردوغان بوتين المقبل في تركيا على هذه المسألة، لكن دون الحديث عن تقارب في وجهات النظر، وسط هجوم تركي متصاعد على من وصفهم أردوغان بـ”المرتزقة الروس في ليبيا”، وتحذيرات روسية من مخاطر إرسال قوات أجنبية إلى ليبيا، في إشارة إلى التدخل التركي المحتمل.
وبالتوازي، أجرى أردوغان اتصالات مع زعماء غربيين مختلفين، أبرزهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أجل تعزيز الموقف الدولي الدعم لحكومة الوفاق قبيل مؤتمر برلين الذي باتت تحشد تركيا له بكافة الطرق للخروج بنتائج قد تجنبها خيار إرسال قوات إلى طرابلس.
أبرز هذه التحركات، كانت الزيارة المفاجئة والطارئة لأردوغان إلى تونس، الأربعاء، حيث أجرى أردوغان برفقة وزيري الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات مباحثات مع الرئيس التونسي قيس سعيد، تركزت على الشأن الليبي، حيث قال أردوغان الخميس إنه اتفق مع نظيره التونسي على دعم حكومة الوفاق، وهو الموقف الذي لم يعلن بشكل صريح من قصر قرطاج بعد.
لكن الهدف الأوضح للزيارة أعلن عنه أردوغان بصراحة، وتمثل في تأكيده على ضرورة مشاركة تونس والجزائر وقطر في مؤتمر برلين، وذلك في مسعى واضح لتعزيز محور الدول الداعمة لحكومة الوفاق في المؤتمر وضمان خروجه بأفضل النتائج الممكنة التي قد يكون أقلها وقف هجوم حفتر، وبالتالي انتفاء الحاجة لإرسال قوات وإن كان ذلك مرحلياً بالحد الأدنى.
وبناءاً على كافة المعطيات السابقة، لا تبدو تركيا في عجلة من أمرها لإرسال قوات إلى ليبيا في ظل رفعها مستوى الدعم العسكري لحكومة الوفاق، بانتظار مؤتمر برلين الذي لا تريد أن تبدو فيه كقوة عسكرية مباشرة في الأزمة الليبية، وتحاول من خلاله الضغط على انسحاب الأطراف الدولية أو التوصل لأي تفاهمات قد توقف هجوم حفتر، وبالتالي تجنب خيار إرسال القوات.
اتفاق روسي تركي لتقديم مساعدات محتملة إلى ليبيا
كشفت الخارجية الروسية عن اتفاق مشترك بين موسكو وأنقرة يقضي باستمرار تواصل الطرفين بشأن ملف الأزمة الليبية.
وأوضحت الوزارة في بيان لها أن وفدين من روسيا وتركيا اجتمعا أمس واتفقا عقب مشاورات مُوسّعة على تقديم مساعدات محتملة لتسوية الأزمة في ليبيا بأسرع وقت ممكن.
وترأس الوفد الروسي المُشارِك في الاجتماع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، ومن الجانب التركي نظيره سيدات أونال.
يُشار إلى أن وفداً تركياً يزور روسيا هذه الأيام لبحث ملفات تتعلق بقضايا إقليمية أبرزها الأزمة الليبية والتطورات الأخيرة.
وتأتي زيارة الوفد بعد فترة بسيطة من إجراء الرئيسين الروسي والتركي مباحثات هاتفية بشأن الوضع الليبي، حيث أكد أردوغان أن تطورات الملف الليبي تحتاج لمحادثات إضافية بين موسكو وأنقرة وهو ما تطرق له الجانبان خلال اللقاءات الثنائية.
“النواب” ينفي وجود خلافات حول الطائرة الإيطالية
نفى المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، أن يكون انتهاك الطائرة الإيطالية المُسيرة، التي تم إسقاطها في منطقة سوق الأحد المجاورة لمدينة ترهونة، قد تم بتفويض من رئيس المجلس عقيلة صالح
وكانت وكالة الأنباء الإيطالية “أكي” نقلت عن مصادر ليبية قولها إن بيان مجلس النواب بشأن انتهاك الطائرة الإيطالية لسيادة الأجواء الليبية لم يحظى بتفويض من عقيلة صالح .
وأكد بليحق في تصريح نشره مجلس النواب مساء السبت، إن هذا الكلام عار عن الصحة، مؤكدا عدم وجود أي خلافات داخل المجلس حول استنكار انتهاك طائرة أجنبية لسيادة الأجواء الليبية وتحليقها فوق منطقة عمليات عسكرية تابعة للجيش الوطني، مضيفا أن هذه الحادثة تتطلب توضيحا رسمياً لسبب تواجد هذه الطائرة والمستفيد منه.
ليبيا في سياسة تركيا الخارجية حقائق جديدة في معادلات البر والبحر
تتناول الورقة الحالية خلفية تطورات العلاقات التركية-الليبية وصولًا إلى توقيع الرئيس التركي ورئيس حكومة الوفاق، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اتفاقين أحدهما أمني والآخر في المجال البحري، وأهمية هذه الاتفاقيات لتركيا وآثارها على مستقبل ليبيا والصراع شرق المتوسط حول مصادر الطاقة المكتشفة.
تعتبر العلاقات التركية-الليبية علاقات عميقة تاريخيًّا حيث تعود إلى سنة 1552، بمعنى أن العلاقات تخطت 500 عام عندما كانت ليبيا جزءًا من الدولة العثمانية حتى 1911 وجزءًا مهمًّا من استراتيجية الدولة العثمانية في فرض السيادة في سواحل المتوسط وإفريقيا في ظل تنافسها مع عدد من القوى الأوروبية وخاصة فرنسا(1).
وخلال فترة حكم معمر القذافي، من عام 1969 حتى 2011، كانت العلاقات جيدة نسبيًّا وتعتبر أهم محطاتها دعم القذافي للتدخل التركي في قبرص، عام 1974. وفي فترة التسعينات، كانت العلاقات تسير بمسار تطوري وقد كان العامل الأهم في ذلك هو العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وهو الأمر الذي واصله حزب العدالة والتنمية بمزيد من الانفتاح حيث وصل التبادل التجاري إلى قرابة 10 مليارات دولار قبل 2010، وبعد ثورة 17 فبراير/شباط 2011، وقفت تركيا مع خيار الشعب الليبي الذي طالب برحيل القذافي ولكن بعد فترة قصيرة من التردد ورفض تنفيذ الحظر الجوي على ليبيا خشية من الانعكاسات السلبية للفوضى التي تعقب ذلك وخشية ضياع مجموعة من المكاسب التي توصلت لها في حال تحول التدخل لاحتلال مباشر أو غير مباشر.
“وقد كانت قيمة اتفاقية المشروعات التي رست مناقصتها على شركات تركية قبل الثورة في ليبيا والتي ظلت ناقصة لم تكتمل ولاسيما في مجال التعمير والبناء تُقدر بحوالي 18.5 مليار دولار. وبينما تقدر الأعمال التي وصلت مرحلة التسليم قبل الحرب الأهلية بـ3-4 مليارات دولار تقريبًا”(2).
ثم لم تلبث تركيا مع تقدم الثورة في ليبيا وبلدان أخرى أن تخلت عن أي حل يتضمن وجود القذافي في مستقبل ليبيا واعترفت بالمجلس الانتقالي الليبي ممثِّلًا لليبيا في يوليو/تموز 2011. وفي 16 سبتمبر/أيلول 2011، زار رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ليبيا وقدمت تركيا كافة أنواع الدعم للمجلس الانتقالي كما دعمت المؤتمر الوطني المنتخب في 2012. ومع بدء العنف في ليبيا، في مايو/أيار 2014، بعد قيام الجنرال خليفة حفتر بعملية الكرامة العسكرية والتي واجهتها عملية أخرى من كتائب الثوار أُطلق عليها فجر ليبيا، حاولت تركيا تجنب التدخل المباشر ودعت إلى تفعيل العملية السياسية والحوار بين كافة الأطراف، كما تقيدت حركة تركيا في ليبيا مع وجود حكومتين تتنافسان على الشرعية، وكذلك وجود تشكيلات أمنية خارج التشكيلات الحكومية في طرابلس.
وبعد ذلك اختارت أنقرة دعم حكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة على الجانب الآخر الذي مثَّله حفتر الذي دعمته دول أخرى تتعارض مصالحها مع تركيا مثل الإمارات ومصر وفرنسا، وقد قدمت هذه الدول دعمًا عسكريًّا لحفتر على الرغم من الحظر المفروض مما دعا تركيا لتقديم الدعم لقوات حكومة الوفاق. وبالرغم من رعاية الأمم المتحدة لعملية حوار ليبي، أقدم حفتر على شن حملة عسكرية، في أبريل/نيسان 2019، للسيطرة على طرابلس ومنذ ذلك الحين لم يستطع أن يحقق أهدافه وخاصة بعد الدعم الكبير الذي قدمته تركيا لحكومة الوفاق والذي شمل مدرعات وصواريخ مضادة للدروع وطائرات بدون طيار؛ وذلك وفق اتفاقية دفاع مشترك أعلن عنها أردوغان، في يوليو/تموز 2019، من خلال تصريحه: “لقد أبرمنا اتفاق تعاون عسكري مع ليبيا، وسنزودهم بالأسلحة في حال طلبوا ذلك ودفعوا ثمنها، فقد واجهوا مشكلة فيما يتعلق بتلبية احتياجاتهم الدفاعية”(3). وكانت تركيا هددت بعمل عسكري ضد حفتر بعد احتجاز الأخير لستة بحارة أتراك أفرج عنهم لاحقًا، في يوليو/تموز 2019.
تتناول هذه الورقة خلفية تطورات العلاقات التركية-الليبية وصولًا إلى توقيع الرئيس التركي ورئيس حكومة الوفاق، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، اتفاقين أحدهما أمني والآخر في المجال البحري، وأهمية هذه الاتفاقيات لتركيا وآثارها على مستقبل ليبيا وعلى الصراع شرق المتوسط حول مصادر الطاقة الهائلة المكتشفة خلال العقد الأخير. وترى الورقة أن الاتفاقيات الأخيرة تتعدى المكاسب الاقتصادية وتؤثِّر بشكل مباشر في تغيير قواعد اللعب شرق المتوسط حيث تثبت تركيا أنه لا يمكن استبعادها وأن بإمكانها إفساد جميع المخططات التي تستثنيها من الاستفادة من موارد الطاقة ومن عملية ربط حقول الغاز بالأسواق الأوروبية، وتُظهر حكومة الوفاق التي تحمي نفسها بدعم دولة مثل تركيا كشريك مهم لخطط تركيا في المنطقة عمومًا، وبالتالي ستواصل تركيا دعمها مستفيدة من الغطاء الذي تقدمه لها ومن الاستياء الأميركي من سماح حفتر بوجود تدخل روسي شرق ليبيا ومن بعض الخلافات الأوروبية. وفي نفس الوقت لا توجد ضمانات بألا تفتح هذه الخطوات التركية عليها جبهة جديدة أكثر خطورة وأكثر أعداء، ومع ذلك لا تُظهر تركيا أي نوايا للتراجع.
المصالح التركية في ليبيا
تَعتبر تركيا، ليبيا دولة مهمة في أجندة المصالح التركية، وتُعتبر من الدول القليلة التي حدَّد الرئيس أردوغان لها مبعوثًا خاصًّا لمتابعة العلاقات معها، وهو أمر الله إيشلر، والذي تم تعيينه في أكتوبر/تشرين الأول 2014، حيث تجتمع في ليبيا لتركيا عدة مصالح اقتصادية وسياسية وأمنية كما أن ليبيا مفيدة لتركيا على عدة محاور فهي جزء من البلدان العربية (الربيع العربي) ودول البحر المتوسط وأحد بوابات تركيا لإفريقيا ولها أهمية أيضًا في علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي.
ومع أن تركيا لديها مصالح اقتصادية مع ليبيا التي تعتبر صاحبة أكبر احتياطي نفط في إفريقيا بحوالي 40 مليار برميل (الخامسة عربيًّا، 3.76% من الاحتياطي العالمي) بالإضافة إلى احتياطيات غاز تُقدَّر بحوالي 54.6 تريليون قدم مكعب، ما يضعها في المرتبة الـ21 عالميًّا في احتياطيات الغاز(4). ووجود مشروعات معلقة لتركيا بقيمة 19 مليار دولار وأكثر وطموح بتنفيذ مشاريع كبرى لاحقًا في عملية إعادة إعمار ليبيا، بالإضافة لعملية تشجيع المستثمرين الليبيين للاستثمار في تركيا إلا أن المصالح التركية في ليبيا تتجاوز المصالح الاقتصادية الثنائية المجردة لتكون جزءًا من استراتيجية رفع مكانة ونفوذ تركيا في ظل التنافس التركي مع عدة أطراف دولية وإقليمية وجزءًا من التوجه المتزايد في السياسة الخارجية التركية في الاعتماد على القوة الخشنة والذي يتمثل في مظاهر مثل اتفاقيات الدفاع وصفقات السلاح والعمليات والقواعد العسكرية بعد تركيز تركيا في الأعوام قبل 2011 على التنمية والبعد الاقتصادي.
وفي هذا السياق، فإن دعم تركيا لحكومة الوفاق يدعم من جهة موقفها المساند للقوى التي ظهرت بعد الربيع العربي في المواجهة مع الدول المدافعة عن الوضع الراهن والتي تدعم جبهة حفتر بقوة حيث تَعتبر تركيا ليبيا أحد آخر المعاقل بعد فشل الثورة في مصر وسوريا واليمن وعدم الاستقرار في السودان، كما يضيف لتركيا شريكًا في منطقة شرق المتوسط بدلًا من المواجهة المنفردة لكتلة من الدول تجمع مصر وإسرائيل وقبرص واليونان التي تعمل على عزل واستبعاد تركيا في ظل التنافس على كميات هائلة من موارد الطاقة المكتَشَفة شرق المتوسط (حوالي 3.5 تريليونات متر مكعب من الغاز الطبيعي و1.7 مليار برميل من النفط الخام) والتي تحتاج لها تركيا بقوة لتمارس قدرًا أعلى من الاستقلال في سياستها الخارجية من جهة أخرى. فضلًا عن أن وجود علاقات قوية لتركيا مع ليبيا يقوي موقف تركيا البحري في التنافس التاريخي والنزاع على السيادة على بعض جزر المتوسط مع اليونان وحتى في أي مباحثات أخرى مع دول الاتحاد الأوروبي نظرًا للاهتمام الأوروبي الكبير بمستقبل ليبيا(5).
وعلى الجانب الآخر، فإن احتياج حكومة الوفاق للدعم العسكري في ظل وجود عدة داعمين لحفتر يقدم فرصة لتركيا لعقد صفقات السلاح والمعدات العسكرية وهو القطاع الذي تسعى تركيا لتطويره بقوة في السنوات الأخيرة وخاصة المدرعات وطائرات بدون طيار وأنظمة الصواريخ. وقد نشرت مواقع متخصصة بالأسلحة معلومات عن تزويد تركيا لحكومة الوفاق بأسلحة متقدمة(6).
الاتفاق الأمني والبحري
من الجيِّد أن نشير إلى أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا التي تم توقيعها بين أردوغان والسراج، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، التي اكتسبت أهمية كبيرة حتى على الاتفاق الأمني الموقَّع معها -مع أن الاتفاقين متزامنان ويكمل كل منهما الآخر- هي فكرة قديمة ولكنها تحمل بُعدًا جديدًا، وقد أصبحت الفكرة عملية بعد أن أعلنت ليبيا المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بها في 2009 مما جعلها منفتحة على الاتفاقيات الدولية، والجديد فيها يأتي من أن المتداول هو رسم المناطق البحرية من خلال خطوط رأسية ويتفق مع هذا ترسيم الحدود المحتمل مع قبرص ومصر، ولكن الأدميرال البحري السابق والخبير في القانون البحري، جهاد يايجي، قد استحضر فكرة رسم الخطوط القُطرية لتحديد المناطق البحرية لتركيا منذ سنوات عديدة حيث بنى فكرته على: “أن موقع تركيا المائل جغرافيًّا ينص على حقها في رسم خطوط قُطرية لتحديد مناطقها البحرية وتوقيع اتفاقيات ترسيم الحدود مع ليبيا وإسرائيل ولبنان”(7). وأضاف يايجي أن اعتبار ساحل درنة وطبرق وبوردية في ليبيا وفتحية ومرمريس وكاش في تركيا بمنزلة سواحل متقابلة متصلة يتماشى مع القانون الدولي والمصالح المطلقة للبلدية(8).
وقد ذكرت بعض المصادر أن تركيا حاولت التوصل لاتفاق مع ليبيا قبل عام 2011 وأن أردوغان حمل الخرائط بنفسه في زيارة لليبيا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2010، لكن وقوع الثورة حال دون التوصل للاتفاق(9). وبعد الثورة، حاولت تركيا مجددًا، كما ذكرت مصادر تركية أن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قام خلال زيارة له لليبيا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، من أجل تفاهمات أمنية، بإعادة فتح ملف المباحثات حول اتفاقية السيادة البحرية مما أكسب المباحثات سرعة أكبر. وتربط هذه المصادر هذا التطور بما حدث بعد ذلك من قيام الجنرال حفتر، في مطلع أبريل/نيسان 2019، بشن حملة عسكرية على طرابلس(10).
وقد حدثت عدة تطورات دفعت تركيا للسعي بقوة للتوصل للاتفاق مرة أخرى، وهي:
1- التوترات المتزايدة المتعلقة باكتشافات الطاقة الكبيرة شرق المتوسط وتفاهمات خط شرق المتوسط للغاز بين إسرائيل وقبرص واليونان.
2- إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، والذي استُبعدت تركيا منه على الرغم من أنها جزء مهم من إقليم شرق المتوسط.
3- الحملة العسكرية، المدعومة من أطراف إقليمية، بقيادة الجنرال حفتر، ضد حكومة الوفاق، على طرابلس.
4- الموقف الأميركي المستاء من الدعم الروسي لحفتر.
5- وجود تحركات لحفتر للترتيب مع اليونان لخطة إعادة إعمار بنغازي.
ومن المهم الإشارة إلى أن الاتفاقية الأمنية والبحرية بين ليبيا وتركيا التي استغرق التوصل لها أشهرًا من المباحثات الفنية، تعتبر الخطوة الثالثة التي أقدمت عليها تركيا بعد إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط؛ حيث كانت الخطوة الأولى نشر قوات بحرية عبر استعراض للقوة في المتوسط، ثم البدء بأنشطة الحفر قبالة سواحل قبرص.
“يعتبر هذا الاتفاق مع ليبيا اتفاقًا تاريخيًّا لأنه يمثل أول صفقة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا مع دولة ساحلية باستثناء قبرص التركية. ويعتقد أنه سيزيد الجرف القاري لتركيا في المنطقة المذكورة بحوالي 30 بالمئة”، والأهم أنه يوفر لتركيا مجموعة من المزايا التي قد تغيِّر قواعد اللعبة شرق المتوسط. ووفقًا لتقييم أنقرة، فإن الاتفاقية البحرية تقدم عددًا من المزايا لتركيا:
1- توفير أساس سياسي وقانوني لمحاولات تركيا المستقبلية في شرق المتوسط ويعطيها الحق في حماية حقوقها جرَّاء الاتفاقية وخاصة أعمال سفنها التي تقوم بالحفر والتنقيب.
2- منع اليونان من ترسيم الحدود البحرية مع مصر قبرص اليونانية عبر جزر كريت وميس. وكانت اليونان قد نشرت خرائط تقصر المنطقة التركية على خليج أنطاليا فحسب والذي يغطي مساحة 41 ألف كيلومتر مربع. ومن المستغرب أن تعارض حكومة السيسي هذه الاتفاقية رغم أنها تنسجم مع المصالح المصرية، وستكون طرفًا مستفيدًا من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.
3- إحباط خطط عزل تركيا والقبارصة الأتراك وزيادة تأثير تركيا على الجغرافيا السياسية لشرق المتوسط.
4- تعتبر الاتفاقية بطاقة قوة بيد تركيا في أي حوار قادم يتعلق بحقوقها وبمستقبل ليبيا أيضًا.
5- إعادة تذكير الدول المكتشِفة لموارد الطاقة والدول المستقبِلة بأن المرور عبر تركيا هو الخيار الأكثر منطقية اقتصاديًّا وأمنيًّا في ظل محاولة حرمانها من ربط حقول غاز شرق البحر المتوسط بالأسواق الأوروبية(12).
وفيما صادق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم مع الجانب الليبي الذي اعتبر الاتفاق منسجمًا مع القانون الدولي فإن برلمان طبرق الذي يعارض الاتفاق اعتبر الاتفاق غير مشروع واتخذ خطوات لنزع الشرعية عن الحكومة وهو أمر تحتج به الدول المعارضة للتشكيك بقانونية الاتفاق -وهو الأمر الذي يعد نقطة ضعف للاتفاق- ومن جانبها أعلنت تركيا أنها ستُخطر الأمم المتحدة بالاتفاقية وإحداثيات المناطق الاقتصادية الخالصة لتركيا (EEZ) التي تم التأكيد عليها بموجب الاتفاقية مع حكومة ليبيا المعترف بها من الأمم المتحدة.
أما فيما يتعلق بالاتفاق الأمني، والذي لم يتضح بعد كامل تفاصيله، فهو امتداد لاتفاقيات سابقة ولكن تشير بعض الجهات الليبية إلى أنه يشمل السماح لتركيا باستخدام الأجواء الليبية وإقامة قواعد عسكرية والدخول للمياه الإقليمية الليبية فإن تركيا معنية بإعادة التوازن بين قوات حكومة الوفاق وقوات حفتر التي تتلقى الدعم من عدة جهات إقليمية، ومعنية بالحفاظ على بقاء الحكومة بالدرجة الأولى والتي ترتبط مصالح تركيا مع ليبيا ببقائها(13). كما أن رغبة تركيا تتعدى حفاظ حكومة الوفاق على طرابلس إلى بسط قوتها على مناطق أخرى، ويضيف الاتفاق لتركيا شرعية في تزويد حكومة الوفاق بالأسلحة في ظل تلقي حفتر لدعم عسكري كبير من مجموعة من الدول.
تثبيت الحقائق قبل مؤتمر برلين حول ليبيا
بعد أكثر من محاولة فاشلة لمباحثات الحوار الوطني الليبي مثل مبادرة الحوار الليبي في باريس، في مايو/أيار 2018، وباليرمو، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، طرحت ألمانيا، في سبتمبر/أيلول 2019، استضافة الحوار الليبي بالرغم من عدم وجود مؤشرات على النجاح وفي ظل توصيات بضرورة التوصل لتفاهم مع الدول المنخرطة في ليبيا من أجل نجاح المؤتمر المقرر عقد اجتماع تحضيري له في 10 ديسمبر/كانون الأول 2019.
وفي حين كان يدور حديث عن عدم الرغبة في حضور دول مهمة مثل تركيا والجزائر لمؤتمر برلين، جاء توقيع الاتفاقيتين بين تركيا وليبيا قبل أسبوعين من عقد الاجتماع التحضيري في برلين داعمًا لموقف حكومة السراج ومُربكًا للدول التي تدعم حفتر والتي كانت على تماسٍّ مستمر معه، وعلى سبيل المثال كان حفتر موجودًا في الأردن في زيارة لم يتم الإعلان عن أجندتها أثناء وجود السراج في تركيا، كما توجه وفد برئاسة علي الهبري، رئيس البنك المركزي في الشرق غير المعترف به دوليًّا، إلى اليونان، بهدف الإعداد لخطة إعادة إعمار بنغازي(14).
وقد عبَّرت كل من مصر واليونان وقبرص وإسرائيل وبرلمان طبرق عن رفضها للاتفاقيات بين تركيا وحكومة السراج وقامت اليونان بطرد السفير الليبي وزار وزير خارجيتها القاهرة لإجراء محادثات مع نظيره المصري لتسريع المناقشات بين اليونان ومصر حول تعيين حدود المناطق الاقتصادية الخالصة بين البلدين كما قدمت إسرائيل دعمها لليونان. وكان “مركز أبحاث الأمن القومي” الإسرائيلي قد دعا، في أغسطس/آب 2019، لمراقبة الدور التركي في ليبيا، على اعتبار أن أنقرة ترى في تكريس نفوذها هناك وسيلة لمواجهة التعاون الإسرائيلي-المصري-اليوناني-القبرصي في مجال استخراج الغاز واقتصاديات الطاقة، وأن التحولات التي قد تشهدها ليبيا يمكن أن تؤثِّر سلبًا على مصالح تل أبيب الاستراتيجية(15).
أما عن تأثير الاتفاقية على مؤتمر برلين القادم، فقد كان المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، أول من عبَّر عن خشيته من تشكيل ردود الفعل حول الاتفاق الذي وقَّعه السراج مع تركيا، خطرًا يمكن أن يعقِّد الوضع خلال الاجتماع التحضيري لمؤتمر برلين، في 10 من ديسمبر/كانون الأول(16). وعلى كل الأحوال، كانت الآمال بحدوث اختراقات ضعيفة جدًّا وربما تصبح أكثر صعوبة الآن.
ولا يقتصر الأمر على الأطراف الإقليمية فهناك تدخل روسي وفرنسي وإيطالي في الساحة الليبية كما أن هناك خلافات في وجهات النظر الفرنسية والإيطالية، وفيما هناك انسداد ميداني بعد محاولة حفتر الفاشلة تحاول الدول الأوروبية الحفاظ على مصالحها من خلال إدارتها للحوار السياسي بين الأطراف المتصارعة كما تحاول كل الدول المعنية أن ترسم حقائق على الأرض للاستفادة منها عند المفاوضات. وفي هذا السياق، فقد فتح التحول في الموقف الأميركي بابًا مهمًّا لتركيا حيث كان يُعتقد أن ترامب مؤيد تمامًا لموقف حفتر ثم لم يخف استياءه من إعطاء حفتر الفرصة لروسيا للتدخل واستغلال هشاشة الوضع لمصالحها وبالتالي طالبت واشنطن حفتر بوقف عملياته ضد طرابلس(17)، وعلى الأغلب استفادت تركيا من هذا الاستياء الأميركي في لعب الدور الموازِن للقوى الأخرى الداعمة لحفتر. ومن الجدير بالذكر أن الاتفاقية التركية-الليبية جاءت أيضًا قبل قمة الناتو في لندن وفي ظل توتر فرنسي-تركي حول عدة ملفات. ومع كل هذا السياق يبدو أن تركيا مصممة على العمل استنادًا على الاتفاقيات التي وقَّعتها مع حكومة الوفاق وعلى المرونة الأميركية الحالية.
خاتمة
من الواضح أن العلاقات التركية-الليبية دخلت مرحلة جديدة مع توقيع الاتفاقين الأخيرين وأن تركيا مصممة على تكريس دعمها لحكومة الوفاق استنادًا على الأساس القانوني للاتفاقيات وعدم الاكتفاء بمنع حفتر من السيطرة على طرابلس بل وبسط نفوذها على مزيد من المناطق خاصة أن المناطق التي تشملها الاتفاقية البحرية مع تركيا لا تقع تحت سيطرة حكومة الوفاق. وتدور حاليًّا معارك على الأرض وفي الجو تتعرض فيها قوات حفتر لعدد كبير من الخسائر.
كما أن تركيا التي لا تشاركها حكومات المنطقة باستثناء قطر -التي وقَّعت معها سبع اتفاقيات في نفس الشهر- رؤيتها لمستقبل الشرق الأوسط تجد في حكومة الوفاق شريكًا آخر في ظل حالة العزلة أمام عدة فاعلين شرق المتوسط. وفي حال نجاح تركيا مع ليبيا فإنها قد تفتح خطوطًا للتنسيق مع سوريا ولبنان، وهما البلدان الآخران اللذان ليسا أعضاء في منتدى غاز شرق المتوسط. ومن المتوقع أيضًا في ظل استراتيجية تركيا تجاه المنطقة بشكل عام أن تزيد تركيا من توثيق علاقاتها الأمنية والعسكرية مع طرابلس خاصة مع سماح الاتفاقيات بوجود تركي مكثف في الموانئ الليبية وتتقدم للدفاع عنها دبلوماسيًّا في المحافل الدولية. وفي هذا السياق، أعلن برلمان شرق ليبيا بيانًا قال فيه: إن الصفقة ترقى إلى “اتفاقية دفاع”، بزعم أنها ستمنح أنقرة حق استخدام المجال الجوي الليبي والمياه الإقليمية، مما يسمح لتركيا ببناء القواعد العسكرية على الأراضي الليبية.
بالرغم من أن الاتفاقيات التركية-الليبية الأخيرة تبدو في مصلحة الطرفين إلا أنه بالنظر للأطراف الدولية والإقليمية المعارضة فإنها تخلق تحديًا ومخاطرة كبيرة لتركيا خاصة مع احتمالات الدخول في صراع مباشر في ظل الإعلان عن خطوة بدء السفن التركية التنقيب عن الطاقة على السواحل الليبية. ومن المتوقع أن تحدث ردَّات فعل من قبل الدول المتنافسة مع تركيا ليس أقلها تقديم مزيد من الدعم لحفتر وخاصة من مصر والإمارات.
كما أن تركيا من الممكن أن تكون عرضة لعقوبات من الاتحاد الأوروبي بسبب الدفع بهذا الاتجاه من قبرص واليونان والدول الأوروبية التي تمتلك شركات الطاقة مثل فرنسا وإيطاليا. ولكن التعقيد الأكبر في وجه تركيا هو حدوث تحول سلبي جديد في موقف الإدارة الأميركية.
أخيرًا، يمكن القول: إن احتياطيات الطاقة المكتشفة شرق المتوسط ودعم جهات معارضة لتركيا لحفتر في ليبيا ضاعفت من أهمية ليبيا في استراتيجية تركيا لتحقيق المكانة والنفوذ كقوة إقليمية طامحة وخاصة في المجال البحري في البحر المتوسط وقد قامت تركيا من خلال الاتفاقيات الأخيرة بتثبيت حقائق جديدة تتناسب مع سعيها لمزيد من التأثير والمكاسب والحقوق السيادية واستطاعت على قاعدة الربح للجميع تثبيت واقع بحري جديد في شرق المتوسط مقابل تأمين الجانب الدفاعي والأمني لحكومة الوفاق.
بعد اشتعال الحرب في ليبيا هل تكون الكلمة الأخيرة للسلاح هذه المرة؟
رشيد خشانة – اتخذت الأزمة السياسية في ليبيا انعطافا خطرا مع الدعوة التي وجهتها حكومة الوفاق إلى خمس دول، بُغية تفعيل اتفاقات التعاون الأمني معها، وهي أمريكا والجزائر وتركيا وبريطانيا وإيطاليا. غير أن الغاية من هذا الطلب هو إفساح المجال أمام تدخل عسكري تركي في ليبيا لدعم قوات الحكومة المعترف بها دوليا، لأن الدول الأربعة الأخرى لا ترغب في التدخل المباشر، وهي عبرت عن معارضتها للتدخل التركي. وأتى طلب السراج في أعقاب غارات جوية مكثفة على مدينتي مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) وسرت (400 كلم شرق طرابلس)، واتساع رقعة الاشتباكات في تخوم العاصمة، وخاصة منطقة عين زارة و صلاح الدين و طريق المطار.
وأكدت أوساط القائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة حفتر أن استهداف مصراتة سيستمر إلى مساء اليوم الأحد، وأن الغارات شملت أيضا مواقع لقوات الوفاق في محيط كتيبة الساعدي في منطقة بوهادي، جنوب مدينة سرت. وتجري الاشتباكات العنيفة باستخدام الأسلحة الثقيلة، في ظل اعتماد قوات حفتر على تفوقها الجوي، وكذلك على الطيران العامودي في مناطق عدة، من بينها عين زارة وخلة الفرجان جنوب العاصمة طرابلس. ويشكل إشعال لهيب الحرب مجددا مقدمة لمؤتمر برلين، في إطار محاولات الطرفين، أي حكومة الوفاق وقوات اللواء حفتر، فرض شروطه لدى الانتقال إلى التحاور مع الليبيين بعد المؤتمر، الذي لن يُدعوا للمشاركة فيه.
ويمكن القول إن الحالة الليبية تختلف عن أحوال عدة بلدان أخرى، تعيش صراعات أهلية مُماثلة لها، إذ يمتزج فيها السياسي بالاقتصادي، ويتداخل العسكري مع الاستراتيجي، والاقليمي مع الدولي، بعيدا عن أية اعتبارات أخلاقية. ومع التقدم نحو مؤتمر برلين المنويُ عقدُهُ في الشهر المقبل، يكشف كل طرف من الدول المتداخلة في الملف، عن أجنداته وخططه الرامية لتحصيل ما يعتبرُه نصيبه من الكعكة. وفي مقدم الطامعين بحصة من الثروة الليبية الروس، الذين دعموا القائد العسكري للمنطقة الشرقية اللواء خليفة حفتر، بالسلاح والمستشارين، وأخيرا بالعناصر التابعة لشركة أمنية روسية خاصة. وأكد خبراء عسكريون أن مساعدة المرتزقة والمستشارين الروس أثمرت تحسينا واضحا في مستوى القدرات الحربية لقوات حفتر، وخاصة تدريب قوات النخبة على استخدام المدفعية وعمليات القنص. كما قام المستشارون الروس بتدريب قوات حفتر في بنغازي على حرب المدن، قبل إرسالها إلى جبهة الحرب في التخوم الجنوبية لطرابلس.
تغلغل روسي
وأثار التغلغل الروسي ردود أفعال قوية من البلدان الأوروبية وأمريكا، التي تريد أن تستأثر لوحدها بالثروات وعقود إعادة الإعمار. كما تحجَج الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أيضا بوجود مرتزقة روسيين، ليُبرر إرسال قوات تركية إلى ليبيا، بموجب مذكرتي تفاهم توصل لهما مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج في اسطنبول يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
والأرجح أن هذا الموضوع كان محور المكالمة التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي إردوغان يوم 11 الجاري. ويعتقد بعض المحللين أن الملف الليبي ربما يدخل في الأيام المقبلة، في نطاق صفقة قد تُبرمها تركيا وروسيا، بخصوص إدلب وشمال شرق سوريا. كما يمكن أن يندرج في إطار صفقة مماثلة بين روسيا والامارات، اللتين تربطهما علاقات متينة بحفتر، وقد يمتد هذا التحالف، إلى مقايضة تؤمن دعما روسيا إماراتيا لمعاودة إضفاء الشرعية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
صفقات… صفقات
اللافت هنا أن موسكو أثبتت براعتها في الإمساك بطرفي الخيط الليبي، فهي تدعم حفتر دبلوماسيا وعسكريا من جهة، وتعقد في الوقت نفسه صفقات مع حكومة الوفاق، عبر العقود التي أبرمتها شركاتُها النفطية والغازية مع المؤسسة الوطنية للنفط (قطاع عام). وبموجب أحد العقود تعهدت شركة “تاتنافت” (Tatneft)، على سبيل المثال، بالتفتيش عن النفط في منطقة غدامس على امتداد شريط يقع بين المناطق التي يسيطر عليها حفتر، وتلك الخاضعة لنفوذ حكومة الوفاق. ويقول المحلل الاقتصادي أوليفيي دي سوزا إن هذا العقد يؤكد رغبة الروس بالمحافظة على العلاقات التي تربطهم بالطرفين المتصارعين، وهذا ضروري لأن أعمال التفتيش غير ممكنة من دون ضمانات واضحة من الجانبين.
وستقوم شركة “وينترشال”، المتفرعة عن مجموعة “غازبروم” الروسية، بالتفتيش عن النفط في منطقة سرت، التي تسيطر عليها حكومة “الوفاق”. وفي خط مواز عززت مجموعة النفط الفرنسية “توتال” موقعها في ليبيا بشرائها حصص مجموعة “ماراثون” البريطانية في حقل “الواحة” الليبي، والتي تقدر بأكثر من 16 في المئة، وهي من أكبر مناطق إنتاج النفط في ليبيا، وتخضع لإشراف حكومة “الوفاق” من خلال المؤسسة الوطنية للنفط.
من هنا يتأكد أن النفط والغاز هما مُحركا الصراع الدولي والاقليمي الدائر في ليبيا، التي تملك أكبر احتياط من النفط في أفريقيا، والتي يرتبط بها ما يُسمى بـ”الأمن الطاقي” للقارة الأوروبية، بنسبة مُعتبرة.
تهديدات جدية
انطلاقا من هذه الخلفية أبدى الروس استياءهم من مذكرتي التفاهم الأخيرتين بين ليبيا وتركيا، وخاصة من المذكرة الثانية، التي تُخول لأنقرة تأمين استخراج الغاز الصخري من شرق المتوسط. وتأخذ العواصم الغربية تهديدات إردوغان بإرسال قوات إلى ليبيا مأخذ الجد، إذ سبق أن وعد بدعم حكومة “الوفاق” بعد انطلاق الحملة العسكرية على طرابلس، في أبريل/ نيسان الماضي، ولم يلبث أن أرسل سفينة حربية إلى ميناء طرابلس وعلى متنها عشرات ناقلات الجنود المدرعة من طراز “كيربي 2”. ولم يسع الأتراك إلى إخفاء ذلك، بالرغم من أن مجلس الأمن يحظر إرسال السلاح إلى ليبيا منذ 2011. وبعد فترة وجيزة أرسلت تركيا إلى حكومة “الوفاق” طائرات بلا طيار من طراز “بيرقتار”.
وبحسب المحلل السياسي الروسي كيريل سيمينوف، ساهمت تلك الطائرات بشكل حاسم في استعادة مدينة غريان (80 كلم إلى الجنوب من طرابلس) الاستراتيجية من أيدي قوات حفتر في يونيو/ حزيران الماضي. ويُرجح بعض الخبراء أن ترسل أنقرة عناصر من شركات أمنية تركية خاصة، مثل شركة “سادات”، وليس من القوات النظامية، إلى طرابلس تلبية للدعوة الصادرة عن قوات “الوفاق”، من أجل تعزيز دفاعاتها، بينما قال وزير الخارجية الروسي سيرغاي لافروف إن مقاتلين سوريين من إدلب شوهدوا في جبهات القتال حول طرابلس. إلا أنه لم يُقدم براهين على ذلك، ولا أكدت مصادر أخرى صحة تلك المعلومات.
غطاء الشرعية
ويعتبر دعم حكومة “الوفاق” المعترف بها دوليا، أقل حرجا من دعم اللواء حفتر، الذي لا يملك شرعية دولية، بالرغم من أن عواصم عربية وأوروبية، فضلا عن موسكو وواشنطن، تعترف به وتقيم معه علاقات دائمة. ومنذ الشهر الماضي، تُكثف الدول المتداخلة في الأزمة الليبية من ضغوطها لحمل السراج على تجميد مذكرتي التفاهم مع تركيا، وهي المهمة التي زار من أجلها وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو طرابلس الأربعاء، فقد استأثر موضوع التحالف مع أنقرة بالقسم الأكبر من محادثاته مع السراج، إذ شكل هذا التطور ومازال يُشكل مصدر قلق مشترك بين روما وباريس وبرلين، بالرغم من اختلاف المواقف الثلاثة من الأزمة الليبية.
والثابت أن الضغوط ستستمر في المستقبل، إذ سيؤدي وفد أوروبي، يقوده الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الإسباني جوزف بوريل، زيارة إلى طرابلس، لمحاولة إقناع حكومة “الوفاق” بتجميد الاتفاقين الأمنيين مع تركيا، انطلاقا من أنه “لا حل عسكريا للأزمة، ولا بد من العودة إلى المسار السياسي” على ما قال دي مايو في طرابلس. وقد كرر هذا الموقف في بنغازي، بعد اجتماعه مع حفتر. وتندرج هذه الحركة المكثفة في إطار الإعداد لمؤتمر برلين، إذ تسعى جميع الأطراف المعنية بالصراع في ليبيا، إلى تحسين مواقعها وتجميع أكثر ما يمكن من أوراق التفاوض بين أيديها.
استبعاد الجزائر وتونس
أكثر من ذلك، حاول منظمو المؤتمر استبعاد دولتين من دول الجوار من المشاركة وهما الجزائر وتونس، بالرغم من التماس الشديد بينهما وبين ليبيا، بالاضافة إلى استبعاد قطر، غير أن الموقف تغير بفعل الضغوط التي مورست على الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا. وفي السياق اتفق رئيس الوزراء الايطالي جيوزيبي كونتي والمستشارة الألمانية إنغيلا ميركل، أخيرا، خلال لقاء على هامش قمة أوروبية، على أن ضعف الموقف الأوروبي يُعزى بالأساس إلى تشتت المواقف الأوروبية من الأزمة في ليبيا وتنافسها الشديد.
ودعمت هذه الرؤية نائبة وزير الخارجية الايطالي مارينا سيريني، في كلمة ألقتها في اجتماع برلماني في روما الثلاثاء، مؤكدة أن “الانقسام الأوروبي شجع بلدانا أخرى على ملء الفراغ”. وحضت سيريني على تفادي تحويل ليبيا إلى محور صراع جيوستراتيجي بين لاعبين كُثر، بعضهم بعيد عن المنطقة. ويعتبر الايطاليون أنهم الأكثر أحقية بربط علاقات خاصة مع ليبيا، كونها المستعمرة التي سحبها منهم المنتصرون في الحرب العالمية الثانية. أما الأتراك فيحتجون بكون ليبيا ظلت ولاية عثمانية طيلة أكثر من أربعة قرون، وأنهم ذادوا عنها في وجه الاسبان، ثم في وجه الايطاليين الذين احتلوها في الأخير العام 1912.
حفتر إلى روما؟
وتأكيدا للدور المتنامي الذي تسعى روما للعبه على الساحة الليبية قررت تسمية مبعوث خاص الى ليبيا “من أجل إقامة علاقة سياسية، رفيعة المستوى ومتواصلة ومكثفة، مع جميع الاطراف الليبية”، بحسب ما أعلنه دي مايو، في أعقاب زيارته لكل من طرابلس وبنغازي. والظاهر أن الايطاليين الذين كانوا يُصنَفون حلفاء لحكومة الوفاق، باتوا حريصين على تعزيز العلاقات مع طرفي النزاع، إذ وجه دي مايو دعوة إلى حفتر لزيارة روما، وأعلن أن الزيارة ستتم “في غضون أسابيع من الآن”. وهذا ما أثار حفيظة حكومة الوفاق، التي علقت سلبا على هذا التعديل في السياسة الايطالية، واعتبرت أن هناك “رسائل مشوشة” تصل من روما، بالرغم من حرص حكومة الوفاق على “المحافظة على علاقات جيدة مع إيطاليا”. ويمكن القول إن اتفاقي التعاون الأمني بين السراج وإردوغان أغضبا الايطاليين، أكثر من الأوروبيين الآخرين، إذ اعتبروهما غير شرعيين وطالبوا حكومة الوفاق بتجميدهما. والجدير بالاشارة أن السفارة الايطالية في طرابلس هي السفارة الأوروبية الوحيدة التي مازالت مفتوحة، ما يؤكد الاهتمام الإيطالي بليبيا.
قصارى القول إن العنصر العسكري بات اليوم حاسما في الصراع المستمر منذ 2014 بين الإخوة الأعداء. وبالرغم من تأكيد الجميع على أن الحل في ليبيا لا يكون عسكريا، يبدو أن السلاح هو الذي ستكون له الكلمة الأخيرة هذه المرة، أو يدخل البلد في نفق حرب أهلية شاملة، إذا ما تعادلت القوى، تنتهي بالتقسيم.
المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا
تعريف:
تأسس المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا في جوان - يونيو 2015 في تونس، وهو أول مركز من نوعه يعمل بكل استقلالية من أجل تعميق المعرفة بليبيا في جميع المجالات والقطاعات، ويرفد بالمادة العلمية جهود المجتمع المدني في ليبيا لإقامة الحكم الرشيد، المبني على التعددية والتداول السلمي واحترام حقوق الإنسان . مؤسس المركز: الإعلامي والباحث التونسي رشيد خشانة يقوم المركز بنشر مقالات وأوراق بحثية بالعربية والأنكليزية والفرنسية، ويُقيم مؤتمرات وندوات علمية، وباكورة نشاطاته ندوة حول "إسهام المجتمع المدني في إعادة الاستقرار والانتقال الديمقراطي بليبيا" يومي 5 و6 أكتوبر 2015 بتونس العاصمة.
موقع "ليبيا الجديدة"
موقع إخباري وتحليلي يبث الأخبار السريعة والتقارير السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية عن ليبيا، ديدنُه حق المواطن في الإعلام، ورائدُه التحري والدقة، وضالتُه الحقيقة، وأفقهُ المغرب العربي الكبير. يتبنى الموقع أهداف ثورة 17 فبراير ومبادئها السامية ويسعى للمساهمة في بناء ليبيا الجديدة القائمة على الديمقراطية واحترام حقوق الانسان والحكم الرشيد.