fc05c3771dca8b946b4b801a1ff24e4e

حادث التفجير الارهابي في زليتن، الذي قامت به داعش، واستهدف كلية لتدريب خفر السواحل، واسفر عن اكبر خسائر حصلت في الارواح منذ ان بدأت داعش الاعلان عن عملياتها الارهابية فوق التراب الليبي، جاء يشكل صدمة كبيرة لاهل البلاد، هز ضمير ووجدان الليبيين بمثل ما لم يفعل اي حادث آخر في السنوات الاخيرة، كما هز الضمير العالمي،  واستقطب صرخات التنديد والاستنكار من اطراف في الشرق والغرب، لبشاعته ولسقوط اكثر من ستين قتيل ومائة جريح من شباب غض الاهاب في مقتبل العمر، اثناء احتفالهم بتخرجهم واستلام شهادات اتمام الدراسة، فكان يوم استلام اهلهم شهادات وفاتهم، وكانوا يستعدون للانخراط في عمل وطني انساني هو خفر السواحل، الذي ارتبطت مشاغله في الاعوام الاخيرة، بعمليات انقاذ قوارب الهجرة غير الشرعية، ومنع حصول حالات الغرق، ليصبح مصيرهم اشلاء على يد انتحاري داعشي ارهابي، من اهل التشوهات النفسية والجنون الاجرامي.

وقد اصدر تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا، بيانا يتباهي فيه بما فعل، ويتبني الحادث، ويقول بطريقة مضمرة، ان يده الطويلة قادرة على الوصول الى فلذات اكبادكم ايها الليبيون، اينما كانوا، وتسطيع ان تضرب حيث تشاء.

وهذه اليد الابليسية الطويلة، هي ما صارت  شاغل الشعب الليبي اليوم، ولعلها شاغل قوى دولية كثيرة، من اجل قطعها وايقاف ارهابها الاسود الاعمى، الذي ينال الابرياء، ويعبث بالقيم الانسانية ومكتسبات الدين والحضارة.

وفي حين تخلف رموز الحراك السياسي القيادي في داخل البلاد عن الوصول الى موقع الحادث، ومشاركة اهل زليتن احزانهم، والتقدم لمواساتهم في مصابهم الجلل، كان عملا نبيلا وشجاعا ان يتحرك المجلس الرئاسي لحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة السيد فايز السراج، من تونس، ويتحدى المخاطر والتهديدات، ويركب الطائرة الى مطار مصراته، متجها الى  حيث مآثم الضحايا في زليتن، يقدم لاهاليهم العزاء، متعهدا بالقصاص والانتقام لهؤلاء الشهداء، والسعي الحثيث الى قطع دابر الارهاب واستئصاله من كل البلاد.                        

بادرة اولى تقوم بها رئاسة الحكومة التي تنتظر اكتمال تشكيلها، وانهاء اجراءات المصادقة عليها، اجمع الليبيون على مباركتها واعتبارها خطوة اولى على طريق استهلال حكومة الوحدة الوطنية لاعمالها، ومباشرتها لمسئولياتها، وفتح الملفات الكثيرة التي تنتظرها، لتعمل على انجازها، خلال الفترة الممنوحة لها لادراة البلاد، حسب ما تقضي به اتفاقيات المصالحة، وهي مدة عام قابلة للتجيد الى عام اخر بحد اقصى، تكون خلاله قد التزمت بتنفيذ خريطة الطريق لاتمام بناء الدولة، وهي اقرار الدستور الدائم عبر الاستفتاء الشعبي، وانتخاب مجلس النواب، وانتخاب رئيس البلاد اذا استقر الرأي على النظام الجمهوري.

وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية قد حدد في اول بيان اذاعه على الشعب، اولويات المرحلة الانتقالية التي يقودها، بثلاث ملفات اولها الملف الامني، الذي يتصل بانهاء فوضى انتشار السلاح وحسم الموقف مع الارهاب والتمكين لمؤسستي الامن والجيش  ثم القضاء لممارسة اعمالهم. والملف الثاني هو الملف الاقتصادي والخدمي الذي يعيد دواليب العمل في البلاد الى سابق عهدها، وارجاع المستوى المعيشي لاهل البلاد الى ما يؤمن لهم حياتهم،  ويوفر لهم احتياجاتهم الضرورية لهمثم الملف الثالث وهوالمصالحة الوطنية بكل ما تعنية من اعادة المهجرين وتوفير الامن لهم دون اجتراء ولا انتهاكات لحقوق الانسان ولا تعامل انتقامي عشوائي من قبل الجماعات المسلحة التي يجب ان يتم وضعها تحت السيطرة ولا تعمل الا في اطار الدولة والقانون.

الا ان كل هذه البرامج والمهمات والملفات التي تنتظر الحكومة، حتى بعد اتمام تشكيلها والمصادقة عليها داخل البرلمان، تبقى معلقة لا تصل الى مرحلة الانجاز والتنفيذ، دون خطوة اساسية، هي وصول الحكومة الى العاصمة، وتأمين مقر لها داخل طرابلس، لكي تبسط نفوذها باعتبارها السلطة التنفيذية الوحيدة المعتمدة في البلاد، وانتهاء اي سلطة لحكومة سواها، في بلد احدى افاته الموجودة حتى الان هي تعدد السلطات والحكومات والمجالس التي تدعي التشريع واصدار الاحكام والقوانين.

وهذه الخطوة هي التي يجب ان تنصرف لها الاذهان، وتحشد لها الامكانيات، وتتضافر الجهود محلية واقليمية ودولية لتحقيقها، وعلى راسها جهد الهيئة الاممية، بالتعاون مع الحراك السياسي الشرعي في البلاد، للتهيئة وتمهيد الطريق امام هذه الحكومة للوصول الى العاصمة، وتعطيل وافشال محاولات بعض المتنطعين لعرقلتها، وهم قلة ضئيلة لا فعالية ولا حساب لها، لان تسعة وتسعين من الشعب الليبي مع الاستقرار والامان وانهاء حالة الفوضى، وكلها قضايا تتوقف على حكومة الوحدة الوطنية ومباشرتها لاعمالها، وهذه القلة التي  ارتفع صوتها بالمعارضة للحكومة اعتمادا على عصابة مسلحة تاتمر بامرها، يجب ايقافها عند حدها وتجريدها من سلاحها ومطاردة عناصرها، واستغرب حقيقة ان اسمع في الاعلام شخصا يظهر بصوته وصورته يقول انه سيتصدى للحكومة بالسلاح لو دخلت طرابلس، ثم يبقى دون عقاب، ولا تطبيق لما تنص عليه قرارات مجلس الامن في الشان الليبي، التي تقول بعقاب معرقلى المسار الديمقراطي السلمي، واحالة اسمه واسماء امثاله الى محكمة الجنايات الدولية واستصدار مذكرات قبض بشأنهم.

نعم لتأمين العاصمة وتمكين حكومة الوحدة الوطنية، عبر جهد عسكري وطني، وربما تقتضى الحالة وتفرض هذه المرحلة، الاستعانة بقوة محدودة من لابسي القبعات الزرقاء، يحملون علم الامم المتحدة، ويمارسون مهمتهم باسمها، في حفظ السلام وضمان سلامة وامن الحكومة الجديدة كي تؤدي واجبها في ادارة البلاد.

 

تعليقات