في عملية أمنية نوعية وناجحة تمكنت قواتنا المسلحة ببن قردان أمس من إحباط هجوم إرهابي وصف بـ«الخطير جدا», وفق متابعين, بالنظر لنوعيته ولطريقة تنفيذه كمّا وكيفا, إضافة إلى دقة توقيت وقوعه, خاصة أنه نفذ تحت جنح الظلام في محاولة للمباغتة, وفي عمليتين متزامنتين استهدفتا مركزا للحرس وثكنة للجيش الوطنيين في الجهة. ارتفاع أعداد العناصر الإرهابية المشاركة في هذا الهجوم, والتي قد نتبينها بيسر من خلال عدد القتلى في صفوف «الدواعش» وكذلك من بين المعتقلين منهم, يشي بأن تونس نجت من مخطط إرهابي خطير كان يستهدف أمنها القومي, وذلك بفضل جهوزية قواتها المسلحة من جيش وأمن وحرس وديوانة, وكذلك بفضل مساندة منقطعة النظير للمؤسستين الأمنية والعسكرية من طرف مواطني الجهة, الأمر الذي يثبت أن الإرهاب في تونس «ظاهرة لقيطة» وبلا حاضنة شعبية, وأنّ الانتصار عليه قادم, ولو بعد حين.
عن مجريات عملية بن قردان وأهدافها وتشعباتها, تحدث عدد من القيادات السياسية في الحكم والمعارضة لـ«التونسية», فكان التقرير التالي:
في هذا الإطار قال الناطق الرسمي باسم حركة «نداء تونس» عبد العزيز القطي لـ«التونسية» إن الإرهاب في تونس بلغ مرحلته الأخيرة المتمثلة في محاولة إستهداف المدن والتمركز فيها, إضافة إلى إستهداف المواطنين.
وأوضح القطي أن عملية اقتحام بن قردان أحبطت من قبل قواتنا المسلحة التي سجلت نجاحا باهرا في التصدي لهذا المخطط, خاصة بالنظر لخطورة العملية ولحجم أعداد المجموعات الإرهابية المهاجمة. وأضاف أن المجموعات الإرهابية سعت إلى السيطرة على بن قردان, وأن هذا الأمر يتمظهر من خلال استهدافها للمؤسسات السيادية من خلال ضرب الثكنة العسكرية ومركز الحرس الوطني بالمدينة. وأعقب بأن عدد الإرهابيين الذين لقوا مصرعهم خلال المواجهات يؤكد جهوزية قواتنا المسلحة ويقظتها، كما يؤكد أن المواطنين يقفون صفا واحدا إلى جانب الوحدات الأمنية والعسكرية.
وأكد القطي أن وحداتنا المسلحة أصبحت تتقن جيّدا حرب العصابات وأنّها لذلك نجحت في التصدي لمخطط اقتحام بن قردان وتمكنت من دحر الإرهابيين, وأن المطلوب اليوم هو مواصلة الحيطة واليقظة.
وبخصوص استهداف المواطنين من طرف الإرهابيين, أشار الناطق الرسمي باسم «نداء تونس» إلى أن الأمر طبيعي وناتج عن تضييق الخناق على المجموعات الإرهابية من طرف الوحدات الأمنية والعسكرية. وتابع بأن استهداف الإرهابيين المواطنين في بن قردان أمس هو ردة فعل نتيجة الضغط المسلط على هذه المجموعات الإجرامية التي تخدم أجندات معينة, منهيا كلامه بأن تونس عصية على هؤلاء وأن أهلها لن يتركوها فريسة للإرهاب.
تهديدات جدّية
من جانبه, أشار رئيس كتلة حركة «النهضة» بالبرلمان نور الدين البحيري إلى أن عملية بن قردان جريمة أخرى يرتكبها الإرهاب في تونس, مبينا في الصدد ذاته أن تونس تواجه تهديدات جدية, وأن الإرهاب يستهدف الكل ولا يفرق بين أمني وعسكري ومواطن أو غيرهم.
و لاحظ أن الإرهاب يستهدف الدولة التونسية ومستقبل البلاد, وأن هؤلاء لن يمروا مهما كان حجم التضحيات في سبيل ذلك, داعيا المواطنين إلى ضرورة مساندة الأمن والجيش في الحرب على الإرهاب. وأوضح أن الوضع الذي تمر به البلاد يتطلب وجود وحدة وطنية والوقوف صفا واحدا ضد الإرهاب, مبينا أنّه من الضروري تفعيل اقتصاد حرب وإعلام حرب وأحزاب حرب لمواجهة هذه الآفة, مؤكدا أنه على الجميع إعلان الحرب الشاملة على الإرهاب, وأنّه على القوات المسلحة الانتقال من وضع الدفاع عن النفس إلى طور الهجوم.
محاولة إرباك القوات المسلحة
أما القيادي في «الجبهة الشعبية» الجيلاني الهمامي, فقد اعتبر أن الإرهاب في تونس دخل منذ فترة في منعرج خطير, وأن مواجهات بن قردان أمس لا تقل خطورة عن سابقاتها من العمليات الإرهابية التي طالت بلادنا. وأضاف أن نمط العملية المذكورة وحجم أعداد العناصر الإرهابية المشاركة فيها, إضافة إلى القتل العشوائي للمواطنين تُبيّن مدى خطورة ما حدث في المدينة. ورجح الهمامي أن عملية بن قردان هي ردة فعل على مصرع خمسة إرهابيين من طرف وحداتنا المسلحة منذ أيام, وأنّها أيضا محاولة لإرباك الأجهزة العسكرية والأمنية وضرب معنويات المواطنين, مقابل تحفيز معنويات الخلايا الإرهابية النائمة بالجهة.
التصدي الأمني ناجح جدّا
وقلل قيادي «الجبهة الشعبية» من إمكانية اعتزام الإرهابيين احتلال بن قردان, موضحا أنه لا يمكن أن يسعى الإرهابيون لاحتلال المدينة بنحو 70 عنصرا فقط.
وأكد الهمامي أن التصدي الأمني لهجوم بن قردان كان ناجحا جدا, مبينا في الإطار ذاته أن العملية سجلت وجود مساندة كبرى لقواتنا المسلحة من طرف مواطني الجهة, مشددا على ضرورة مواصلة التأهب والحذر لأن حدوث عمليات إرهابية أمر متوقع في كل يوم.
من الخارج
الجيلاني الهمامي استبعد كذلك أن يكون تنفيذ الهجوم الإرهابي على ثكنة الجيش ومركز الحرس الوطنيين ببن قردان فجر أمس قد تم بواسطة خلايا إرهابية نائمة بالجهة, مضيفا أن العمود الفقري للإرهاب في تونس قادم من خارج البلاد, إلا أنه يستعين بخلاياه النائمة في البلاد.
رقصة الدّيك المذبوح
النائب عن «الوطني الحر» طارق الفتيتي, قال من جانبه إن الإرهابيين يشعرون بالإحباط بعد فشل جميع محاولاتهم في اختراق حدودنا, مؤكدا أن هجوم بن قردان ليس سوى رقصة الديك المذبوح للجماعات الإرهابية, وأن تونس لن تكون موطئ قدم لـ«الدواعش» ولخفافيش الظلام.
وأضاف الفتيتي أن الإرهاب في تونس يفتقد للحاضنة الشعبية, ولذلك فإنه لا مكان لهذه الظاهرة في بلادنا. وتابع بأن التصدي الأمني الناجح جدا لهجوم «الدواعش» يؤكد مدى جهوزية قواتنا المسلحة, رغم حدوث العملية تحت جنح الظلام بغاية المباغتة.
كما سجل نائب «الوطني الحر» التفاف مواطني بن قردان حول القوات المسلحة, معتبرا ذلك حالة فريدة من نوعها, مما يعني أن الإرهاب يفتقد للحاضنة الشعبية في تونس, وأننا منتصرون على هذه الآفة لا محالة.
إحباط مخطط لإرساء إمارة إسلامية
وعن العملية ذاتها, قال نائب كتلة «الحرة» بالبرلمان الصحبي بن فرج إنها, إضافة إلى الهجوم الذي سبقها منذ أيام, تتنزل في إطار الإستراتيجية الكلاسيكية التي يتبناها تنظيم «داعش» الإرهابي في السيطرة على المدن الحدودية البعيدة عن المركز, على غرار ما حدث في العراق وسوريا وليبيا. وأكد بن فرج أن الهجوم الأول على بن قردان كان بغاية جس النبض وإعطاء الإشارة للخلايا النائمة للإستعداد للتحرك, وأنّ الهجوم الإرهابي الثاني كان بغاية السيطرة على المدينة بعد تصفية مراكز السيادة تمهيدا لخروج «الدواعش» المتواجدين في جحورهم في المدينة وإعلان بن قردان إمارة إسلامية.
واعتبر نائب كتلة «الحرة» أن القوات المسلحة استفادت جيدا من الهجوم الأول واستعدت للمخطط الإرهابي الثاني الذي كان يستهدف بن قردان, وأن ذلك ما يفسر بسرعة ردة الفعل الأمنية والعسكرية والسيطرة السريعة على مسرح العملية.