بين الكاتب أحمد العمامي، في مقال صدر بتاريخ 19 يوليو 2016 على موقع “رويترز” -وكالة أنباء بريطانية، تأسست سنة 1851-، أن الحكومة الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة تواجه اختبارا حاسما، وهي تسعى لمعالجة انقطاعات الكهرباء المزمنة في البلاد، من أجل بسط سيطرتها وكسب تأييد الليبيين، من خلال تحسين مستوى معيشتهم.
وتواصلت انقطاعات الكهرباء خلال شهر رمضان -الذي انتهى في أوائل يوليو الجاري- لتزيد صعوبات الحياة على سكان البلاد، الذين يواجهون ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، وشح السيولة النقدية، ما يؤخر صرف الرواتب، إضافة إلى استمرار الوضع الأمني المتردي.
عجز
وأبدى سكان طرابلس استياءهم من أن حكومة الوفاق الوطني لا تعمل منذ وصولها إلى العاصمة طرابلس في نهاية مارس الماضي بوتيرة أسرع، وكانت نتيجة الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة ووقع في ديسمبر الماضي أن تحل حكومة الوفاق الوطني محل الحكومتين المتنافستين في طرابلس وشرق ليبيا، إضافة إلى إنهاء الصراع بين الفصائل المسلحة التي تدعمهما.
وأخفقت حكومة الوفاق في الحصول على التأييد الرسمي من الشرق، بينما تعمل بحذر في طرابلس وتتحرك تدريجيا من قاعدة بحرية مؤمنة إلى مباني الوزارات في المدينة، حتى أنها لم تسيطر على مكتب رئيس الحكومة إلا في الأسبوع الماضي فقط.
وذكر الكاتب أن بجانب أزمة السيولة المالية وعمليات الاختطاف، أصبحت انقطاعات الكهرباء رمزا لمحدودية سلطة حكومة الوفاق في طرابلس، حيث تقع السلطة الحقيقية بشكل كبير في أيدي المجموعات المسلحة.
استياء
وقال الموظف بمكتب الجوازات، خالد الديلاوي، إن “الوضع يزداد يوما بعد يوم سوءا في طرابلس ، حيث لا توجد كهرباء في أماكن كثيرة، ولا توجد أموال في البنوك، ولا يوجد أمن، نسمع كل يوم عن اشتباكات وجرائم، لكن لا توجد أي استجابة من قبل الحكومة الجديدة”.
وقد أعلنت الشركة العامة للكهرباء الأسبوع الماضي أن الانقطاعات كانت “خارجة عن سيطرتها”، لأن مجموعات مسلحة كانت تقوم بتحويل إمدادات الكهرباء إلى مناطقها، وهي مشكلة أقر بها رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج الشهر الماضي، وأضافت الشركة في بيان لها أن هناك أيضا غيابا للصيانة والأمن، وأن الاشتباكات في بعض المناطق تضر بعملها بشدة، لكن بعد اندلاع مظاهرات وسط طرابلس، وقيام محتجين بحرق إطارات السيارات في الشوارع، وبناء حواجز رملية لغلق جزء من الطريق الساحلي، أقال السراج يوم الأحد مجلس إدارة شركة الكهرباء بأكمله وعين مجلسا مؤقتا، وصرح عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، محمد العماري، بأن وزارة الداخلية تتحرك أيضا لتأمين مراكز التحكم في توزيع الكهرباء لمنع الفصائل المحلية من تعطيل إمدادات الكهرباء.
وأضاف أن الأمور تحسنت في الأيام الأخيرة، لأن هبوط درجات الحرارة رفع كفاءة توليد الكهرباء، وتمكنت قوات موالية لحكومة الوفاق من استعادة محطة كهرباء في مدينة سرت الساحلية، وإعادة تشغيلها، بعد أن كان تنظيم “الدولة” قد استولى عليها العام الماضي.
ولكن الموقف مازال حرجا وغير مستقر، حسب العماري، حيث يبلغ متوسط النقص في إمدادات الكهرباء في البلاد نحو 1400 ميجاوات، ومن المرجح أن ترتفع درجات الحرارة مجددا في أغسطس المقبل، ليزداد استخدام مكيفات الهواء.
وأدت انقطاعات الكهرباء في الفترة الأخيرة – دامت 15 ساعة أو أكثر- إلى نفاد صبر المواطنين وفساد الأغذية في المبردات، ما دفع بعض المتاجر لإغلاق أبوابها ليصبح صوت مولدات الكهرباء أمرا معتادا في أرجاء طرابلس.