2 وفاة احد الضباط المنشقين

توافد يوم الأربعاء الماضي أعيان القبائل والعائلات الليبية على مدينة طبرق «شرق» لتأبين أول الضباط انشقاقًا عن النظام، وهو العميد طيار علي حدوث العبيدي، الذي قتل الأربعاء السادس من الشهر الجاري في جبهة مصراتة أثناء معركة سوق الثلاثاء على مشارف زليتن.

وكان العبيدي تلقى تعليمه الأولي في طبرق قبل أن يتخرج عام 1972 في كلية الطيران الحربي في يوغسلافيا، ليتدرج بعدها في الرتب العسكرية بقاعدة بنيننا الجوية في بنغازي، ثم شارك في حروب ليبيا ضد مصر وتشاد، وفي مواجهات عام 1986 ضد الولايات المتحدة فوق خليج سرت.

ويُعد الضابط الراحل أول منشق عن كتائب معمر القذافي؛ حيث أعلن انضمامه للثورة المسلحة بعد أيام قليلة من انطلاق ثورة 17 فبراير.

ويرى أقارب العميد الراحل في فقيدهم جسرًا لوحدة الليبيين، إذ كان «ثائرًا قبل شرارة الثورة الأخيرة» ثم اختار الجبهة الأصعب لمواجهة نظام القذافي في مدينة مصراتة، ورفض الانصياع لمطالب العودة إلى عائلته الصغيرة.

وأكد أقارب العبيدي للجزيرة نت أنهم التزموا بوصيته في دفنه بمقبرة الولي أحمد الزروق في ضواحي مصراتة، فضلاً عن عدم إطلاق الرصاص أثناء تشييع جثمانه كما جرت العادة.

وعن لحظة خروجه من قاعدة معيتيقة بالعاصمة طرابلس قال شقيقه إدريس للجزيرة نت إن العبيدي رفض أوامر القذافي في وقت مبكر من الثورة، وعندما سأله في آخر لقاء به أثناء زيارته مصراتة رفض الإفصاح عن طريقة خروجه من القاعدة الجوية، حيث بحث عن مكان آمن بزليتن قبل أن يصبح أول الضباط المنضمين إلى صفوف الثورة المسلحة في مصراتة.

وتابع شقيق العبيدي: إنه رأى العميد في جبهات قتال الدافنية ونعيمة حافي القدمين في حالة يرثى لها، حيث «اندمج بكل عواطفه مع الثورة والثوار».

وينقل عن ضابط كبير بصفوف الثوار أن خبرة شقيقه كان لها دور بمواجهة الكتائب عبر تزويد قوات حلف شمال الأطلسي «ناتو» بالإحداثيات الدقيقة، مؤكدًا أن العبيدي استطاع مع رفاقه تكوين جبهة عصية على القذافي وأعوانه.

من جانبه تحدث محمد شقيق العميد عن لقائه الأخير به في طرابلس، وذكر أن الراحل كان على علم بموعد الثورة فقام بتغيير محل إقامته من بهو الضباط إلى مقر قرب البوابة الرئيسة، وبعد ثلاثة أيام من الزيارة تحدث إليه هاتفيًا وشعر بأنه يعاني من ضغوط كبيرة.

ويواصل محد العبيدي: «كنت أمجد القذافي خشية على حياة أخي، ولكن في أول اتصال معه من داخل مصراتة لاحظت تغير لهجته وتحدثت معه بحرية، إلى أن سمعت نبأ انشقاقه عندما ظهر على قناة الجزيرة».

من جهة أخرى تحدث العميد المتقاعد سالم مصباح للجزيرة نت واصفًا العبيدي بأنه كان من «الصناديد القلائل» الذين عبروا عن وطنيتهم باختيارهم الموت في ساحة معركة التحرير.

وقال إنه لم يعمل لحساب أحد عندما كان بصفوف الجيش، بل كان يخدم وطنه، ولم تحسب عليه أي إدانة أو رشوة، ثم اختتم حياته بجبهة القتال مما يجعل من حياته رمزًا للوحدة الوطنية.

وأضاف مصباح أن التاريخ سوف يذكر رجلين، أحدهما ضابط شرطة سلم سلاحه لثوار مصراتة، والآخر امتشق السلاح وقاتل به معهم.

وحكى أحد أعيان قبيلة العبيدات محمد أمراجع المنصوري للجزيرة نت أن العبيدي طلب من الثوار القتال بالحجارة عندما نفدت الذخيرة، مضيفًا أن سيرة الرجل الحافلة بالتضحيات كفيلة بالتدريس للتلاميذ الصغار.


تعليقات