القوات الموالية للنظام الليبي
القوات الموالية للنظام الليبي

لا يبدو أن ليبيا تتجه إلى حل رغم كثافة التحركات من أجل وضع اليد على هذا الحل، فالاتفاق على حكومة التوافق الوطنية لم يجد صدى إيجابياً في ليبيا، وأصبح موقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي غامضاً ومحل شكوك وظنون من قبل اغلب الليبيين وقد دقت ساعة العمل الجاد إن كانت هناك نية صادقة من جميع الأطراف محلية ودولية لإنقاذ ما تبقى من ليبيا الدولة ومن مستقبل أجيالها القادمة، فالأزمة الليبية تد دخلت نفقاً أكثر تعقيداً مع مرور الوقت على اعتبار أن جولات الحوار والاتفاق النهائي لم يسفرا لحد الآن على نتائج حقيقية ملموسة على الأرض.                                                     

قد لاينجح اتفاق الصخيرات في إيقاف الحرب الليبية وهذا مرجح، ولكنه سيثبت أن السلام ممكن وهذا مؤكد، حيث وضع تصوّراً لتشكيل حكومة وحدة وطنية قائمة على الإجماع       ( حكومة توافق وطني )، تتمتع بسلطات واسعة للحكم من مقرها في طرابلس، بما في ذلك الاضطلاع بالسياسيتين الخارجية والأمنية والإشراف على التمويل الحكومي، إلا أن الداخل الليبي يمثل المعوق الرئيسي لنجاح أي حوار مقبل، حيث طرأ على المشهد السياسي الليبي تطور سلبي أضاف عاملاً معوقاً، يتمثل هذا العامل في الانقسام داخل كل طرف من أطراف الحوار.

تعديلات

ولكن رفض الاتفاق من قبل جل الأطراف الليبية يستدعي إجراء تعديلات على المقترحات التي تقدمت بها وعلى المشاركين في المفاوضات، والأمم المتحدة واللاعبين الدوليين الإقرار بأن الاندفاع للتوصل إلى الاتفاق اتسم بقصر النظر، قد يؤدي إلى نتائج عكسية وبالتالي فإنه وإن كان هدفهم تحقيق الاستقرار في ليبيا فإنه يستوجب وضع ترتيبات حكم قائمة على الإجماع تساهم في انقاذ هذا البلد من شبح التدخل الخارجي والتقسيم، ولا يزال هناك الكثير مما يمكن للمجتمع الدولي القيام به، ولاسيّما من حيث تطبيق الدروس المستفادة من المناطق الأخرى التي مرّت بمرحلة ما بعد الصراع.

فوضى مطلقة

إن ما يجري الآن في ليبيا هو فوضى مطلقة وأن الشعب الليبي هو ضحية لماض عاش فيه حوالي 40 سنة من الفراغ السياسي وغياب المؤسسات، كما أن المجموعات المسلحة في ليبيا تحضّر أسلحتها استعداداً للانقضاض على خصومها إذا انهار المسار السياسي ـ أو من أجل إفشاله إذا طال أمده.

فالحوار سيكون خياراً أخيراً يخرج ليبيا من عنق الزجاجة في ظل الاستقطاب الحاد على المستوى الداخلي وعدم ارتقاء القوى السياسية إلى القبول بفكرة المشاركة السياسية، ولذلك فإن من الجوهري أن يوفر جميع المشاركين في العملية أفضل الظروف التي تمكّنهم من المضي قدماً وألاّ تبدأ العملية تحت غيمة من تبادل الاتهامات يفرزها اتفاق يستند إلى إجماع ناقص.

التفكك

إن مخاطر عدم التوافق بين الأطراف المتصارعة وعدم قيام دولة في ليبيا تتمثل بالأساس في التفكك، وبالتالي يصبح هذا البلد أرضاً خصبة للإرهابيين ولتدخل القوى الظلامية. فإن ليبيا أصبحت بين خيارين لا ثالث لهما، إما التصالح والتوافق، أم اتاحة الفرصة لـ«داعش» لحكم البلاد في ظل توغلها في المناطق الحيوية.

وقد آن الأوان لاعتماد أي مبادرة وطنية تساعد في رأب الصدع وإيقاف الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، وتؤدي إلى توحيد الكلمة ضد الإرهاب والتطرف. وإذا لم يسارع المتحاورون على التواصل وتقديم التنازلات المتبادلة لتحقيق الإجماع حول حكومة التوافق فإن الأزمة السياسية سوف تستمر إلى مداها الأقصى وتتحول ليبيــا إلــى أرض خصبــة للأطمــاع الخارجيــة.

تعليقات