téléchargement (19)

تطرق الصحفي الإيطالي دانييلي رانييري في مقال نشر يوم 25 نوفمبر 2015، بالصحيفة الإيطالية إيل فوليو صحيفة يومية تهتم بالشأن السياسي والاقتصادي والجيوسياسي والثقافي، أسسها جوليانو فيرارا يوم 30 يناير 1996، ويرأس تحريرها كلاوديو شيرازا إلى أهم قيادات تنظيم الدولةفي ليبيا، والتي أحكمت سيطرتها على مدينة سرت، وفق شهادات من السكان المحليين للمدينة، وضباط من مصراتة

 وأوضح أن التنظيم الإرهابي استفاد من حالة الفوضى والاضطرابات والانقسام السياسي الذي تعيشه ليبيا بين حكومتين واحدة في طرابلس وأخرى في طبرق، ليضع موطئ قدم له في البلاد، محكما سيطرته على مدينة سرت، حيث فرض على السكان قوانينه الخاصة، منتهجا ممارسات قمعية، ما أجبر العديد على مغادرة المدينة

مصادر 

وأشار رانييري إلى أنه للحصول على معلومات حول قيادات تنظيم الدولةفي ليبيا، هناك بعض السبل الممكنة، أحدها يمر عبر مستودع في المنطقة الواقعة غرب مصراتة، وهي آخر مدينة قبل الدخول إلى الأراضي التي يسيطر عليها المتطرفون، ويقع هذا المستودع في حي الجزيرة، خلف مقبرة للدبابات القديمة، حيث يصطف العديد من الليبيين الذين تركوا للتو منازلهم ووظائفهم في سرت، عاصمة تنظيم الدولةفي شمال إفريقيا، ووفق قائمة صدرت من قبل السلطات الرسمية في المدينة يوم 26 أكتوبر الماضي، فر حوالي 1013 عائلة ، لأنهم لم يستطيعوا العيش في ظل وجود المتعصبين، هذا على الرغم من أنه من منظور تقنيلا يمكن اعتبار بعض الحالات كلاجئين، لأن هناك من يأتي ويعود من المدينة، من أجل معرفة أخبار من تبقى من أقربائه في سرت.

وأوضح أن ذلك يعود إلى أن  ميليشيات تنظيم الدولةقامت بتخريب جل الهوائيات في المدينة، بعد ما وصفه بالتمرد الذي حصل في أغسطس الماضي، ما يعني أن من بقي في المدينة لا يمكنه استعمال الهاتف الجوال أو الإنترنت، ولذلك أصبحت المدينة وكأنها معزولة عن العالم الخارجي، ولا تأتي منها سوى رسائل دعائية للتنظيم، بمعدل رسالة واحدة كل أسبوعين.  

 وأضاف أن مصراتة قد استوعبت جميع أولئك الذين فروا من سرت بمنازل وشقق، خاصة وأنه ليس هناك وجود لمخيمات لاجئين كثيرة في المنطقة، ولتلقي المساعدات، يتوجه معظمهم إلى ذلك المستودع، حيث يوجد داخله بعض السلع الغذائية مثل الحليب المجفف والتمر والزيت ، مشيرا إلى أن من تمت مقابلتهم، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم وأسماء عائلاتهم، خشية عمليات انتقامية ضدهم وضد ذويهم

وأفاد الصحفي الإيطالي أنه تم الحصول على مزيد من المعلومات بشأن قادة تنظيم الدولةفي ليبيا من قبل اثنين من الضباط العسكريين، لديهما مسؤوليات داخل الاستخبارات العسكرية في مدينة مصراتة، أحدهما يدعى إسماعيل شكري، والآخر فضل عدم ذكر اسمه. وقدم اللقاء مع كلا الضابطين، في مكانين مختلفين، بعيدا عن مركز القيادة في المدينة، حيث تم اتخاذ تدابير أمنية مشددة، خاصة وأن عددا من الضباط لم يكونوا بمنأى عن هجمات تنظيم الدولة“.

يذكر أنه خلال ليلة 8 يوليو الماضي قتل ضابط في انفجار قنبلة، زرعت في سيارته من قبل شخص كان يتبعه، عندما كان ذاهبا للصلاة في المسجد

 قيادات  

ولفت كاتب المقال إلى أن قائد تنظيم الدولةفي سرت، هو ليبي ويدعى حسن الكرامي، مشيرا إلى أن التنظيم المتشدد الذي يتبنى مشروع الخلافة ولا يعترف بالحدود بين الدول العربية، بل ويعتبرها مجرد إرث استعماري فرضه الغرب، ( داعش لا تعترف بالدول، وإنما هناك فقط الخلافة، التي تنقسم إلى ولايات )-، يفضل من حيث الممارسة تعيين قادة محليين، بتعلة أن هذه المرحلة من الفتحتقتضي تعيين قادة محليين في كل ولايةجديدة، أي ليبي لليبيين ومصري للمصريين وهلم جرا تجنبا لما وصفه بالصدمة الثقافية، وأن ينظر للحكام الجدد كغزاة من الخارج.

وأضاف أن الكرامي قد ظهر في العديد من الأشرطة الدعائية لتنظيم الدولة،فضلا عن المشرفين عن الحملة الدعائية للتنظيم، ولا يعتبر هذا الأخير قائدا عسكريا، بل واعضا دينيا، يقوم بخطب الجمعة في سرت، هذا فضلا عن نشره للبيانات التي توضح سياسات وأهداف التنظيم في المناطق المحيطة بسرت، وتعرف أحد المصادر، القيادي في التنظيم بأنه مفوض سياسي، كما يؤكد سكان سرت، لصحيفة إيل فوليو، أن الفيديو الصادر في فبراير الماضي، وأظهر عملية ذبح 21 قبطيا مصريا، كان قد تم تصويره على شاطئ مدينة سرت، وأن من المرجح فعلا أن الكرامي هو من قرأ رسالة التهديد إلى إيطاليا، شاهرا سكينه في الشريط، ويتولى الكرامي أعلى منصب قيادي في سرت، لكنه في نفس الوقت، يبقى تحت قيادة قائد تنظيم الدولةفي ليبيا أبو مغيرة القحطاني، الذي لا يعرف عنه الكثير من الأخبار، سوى أنه من أصل سعودي

ولفت رانييري أن ممثلين من مصراتة وأيضا من الاستخبارات العسكرية كانوا قد التقوا مع الكرامي مرتين على الأقل في شهري فبراير ومارس الماضيين بمركز واغادوغو للمؤتمرات،  مجمع من خمسة هكتارات تعلوه قبة من نحاس، كان قد بناه القذافي وسط سرت-.

وكانت المرة الأولى تتعلق بشريط الفيديو الذي أظهر ذبح 21 قبطيا، حيث أنكر الكرامي صلته بتلك العملية، لكن ما يؤكد ذلك جاء على لسان وزارة الدفاع الأمريكية، أن المجزرة قد ارتكبها قيادي آخر وهو العراقي أبو نبيل الأنباري

وأضاف أن المرة الثانية، تمثلت في لقاء مندوبين من مصراتة مع الكرامي، للتفاوض بشأن المكاتب المحلية للإذاعة التي تم احتلالها في سرت ، لكن بعد ذلك لم يحدث، وأوضح أن مثل تلك اللقاءات لا يتم تسليط الضوء عليها إعلاميا، لكنها في حقيقة الأمر تحدث دائما، ليس فقط في ليبيا وإنما في الأماكن التي يسيطر عليها أيضا في كل من العراق وسوريا، حيث يتم التفاوض في كثير من الأحيان بشأن تبادل الأسرى، أو بشأن مولد كهربائي مشترك بين مدينة تحت سيطرة التنظيم وأخرى تحت سيطرة النظام، مضيفا أن تنظيم الدولةيعد شرا مطلقا بالنسبة للغرب، لكن هنا يبقى أمرا ينبغي التعامل معه، في انتظار تصفية الحسابات المسلحة، بين الجيران، حيث يؤكد الجميع أن ذلك لا مفر منه

عائلة الكرامي 

وأشار رانييري إلى أن لدى حسن الكرامي ابن عم يدعى إسماعيل الكرامي (55 سنة) كان يشغل في طرابلس العاصمة منصبا كبيرا في صفوف قوات الأمن لمعمر القذافي، حيث كان يترأس مكتب مكافحة المخدرات، قبل إلقاء القبض عليه سنة 2011، وهو الآن معتقل في سجن بمصراتة، وعلى وشك إطلاق سراحه، كما أن لإسماعيل شقيق يدعى نوري، كان قائدا للحرس الثوري في مصراتة، إضافة إلى ذلك هناك قريب آخر للكرامي يدعى جمال، وهو قائد شرطة سابق في سرت، وما هو مؤكد الآن، أن الكرامي لديه صلة قرابة مع العديد من القذافيٍين، رغم أن في خطبه كثيرا ما يعتبر الذين يحنون إلى عهد القذافي من المرتدين ويستحقون القتل، وهو الأمر الذي يشاركه فيه أولئك الذين يقاتلون باسم الحكومة في طرابلس وحتى مع أولئك الذين يتبعون خليفة حفتر في طبرق.

وأوضح الصحفي الإيطالي أن الوضع مع انهيار النظام في ليبيا، يذكر إلى حد ما، بما حدث في العراق، حيث تحول العديد من ضباط صدام حسين إلى قادة في تنظيم الدولة،ما أدى إلى بعض المبالغات في تعريف التنظيممن خلال اعتباره كامتداد لـحزب البعث“. وأفاد أن مع القذافيٍين في سرت، وأولئك الذين يحنون إلى نظام القذافي،يقوم تنظيم الدولةبلعبة مزدوجة تتمثل في التعاون والتعاطف، فالتنظيم كان دائما قادرا على جلب أحد أطراف الصراع في المناطق التي تشهد اضطرابات إلى جانبه، ، حيث فعل ذلك مع السنة ضد الشيعة في العراق، ومع المعارضةضد الرئيس السوري بشار الأسد، والآن يقوم بذلك مع فلولالليبيين ضد الثوار، (الفلول مصطلح مأخوذ من مصر، ويشير إلى كل الموالين لنظام حسني مبارك، ويريدون عودته إلى الحكم). 

وأضاف أن البغداديينشكلوا تحالفا مع الفئة الأكثر تهميشا بعد الثورة، وهم القذافيون، حيث يعمل التنظيم من خلال ذلك على تعزيز وجوده في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، وبسط كامل سيطرته عليها، وذكر أن تنظيم الدولةقد سمح للقذافيين بالاحتفال في الشوارع بالذكرى السادسة والأربعون لما يسمى بـالثورة الخضراء، علاوة على دعوة الكرامي إلى إطلاق سراح ابن عمه إسماعيل، مقابل عودة بعض الرهائن، ويقال أن تلك الخطوات تم القيام بها من قبل التنظيم بهدف استفزاز مصراتة، المدينة التي انتفضت ضد نظام القذافي

تعليقات