ذكر مراسل صحيفة لوموند الفرنسية يومية ذات توجه يساري تأسست سنة 1944- في تونس فريدريك بوبان في تقرير نشر يوم 16 ديسمبر الجاري بعنوان: “هل ينقذ الاتفاق الأممي ليبيا” أن الأمم المتحدة نجحت في “اقتلاع” توقيع اتفاق ليبيا قبل الأجل المحدد ب17 ديسمبر في الصخيرات، لكن يبقى السؤال هل سيشكل هذا الاتفاق حلا في ليبيا؟
ويعول المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا على أن يؤدي الاتفاق إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا تعيد الاستقرار إلى البلد الذي نجح تنظيم “الدولة” في اختراقه.
ويتخوف بوبان من أن يؤدي الاتفاق الجديد إلى تعميق الهوة الداخلية في البلاد، في ظل تواصل التشرذم السياسي والعسكري في ليبيا وهو ما يقلل من التفاؤل بشأن اتفاق الصخيرات.
ويرد بوبان هذا التشاؤم إلى ثلاثة أسباب رئيسية وهي حالة التشرذم المؤسساتي والسياسي، والشعور المعادي للأمم المتحدة، واختراق تنظيم “الدولة” للبلاد.
ويذكر بوبان أن ليبيا مازالت تعيش على وقع حرب أهلية بين شقين سياسيين وعسكريين يمثلها البرلمان المنتخب في يونيو 2014، مدعومين من قوى “وطنية” متحالفة مع أنصار القذافي يجمع بينها عداء للتيار الإسلامي والمؤتمر الوطني العام المنعقد في طرابلس المدعوم من قبل الإسلاميين ومن كتائب مدينة مصراتة النافذة في البلاد تحت لواء قوات “فجر ليبيا“، أما في جنوب البلاد، فتعاني منطقة فزان من صراعات اثنية أذكتها حالة الفوضى بين قبائل التبو من جهة، والطوارق وأولاد سليمان من جهة ثانية.
انقسام
ويضيف بوبان أن التحدي الثاني المطروح على مشروع الاتفاق يتمثل في وجود أطراف داخل الشقين المتصارعين ترفض دور الأمم المتحدة في ليبيا، خاصة بعد “فضيحة” علاقة المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا، برناردينو ليون مع دولة الإمارات، بالإضافة إلى أن مقترح ليون في منتصف أكتوبر الماضي لأسماء حكومة الوحدة أدى إلى صراعات داخلية وسط طرفي النزاع، ما أدى إلى مزيد الانقسام والتشتت السياسي في البلاد.
وفي هذا السياق، تبقى تمثيلية أعضاء البرلمانين المشاركين في مفاوضات الصخيرات ضعيفة، خاصة في ظل معارضة رئيس البرلمانين الصريحة لهذا الاتفاق التي تشرف عليه الأمم المتحدة، حيث عملوا في وقت سابق على منع انعقاد جلسة للتصويت على قبول مشروع الاتفاق.
وقد أدى التقاء مواقف نوري أبو سهمين وعقيلة صالح إلى تقارب غير متوقع على قاعدة “رفض أي تدخل خارجي في الشأن الليبي“، مشترطين حوارا داخليا في ليبيا في ظل عداء الرجلين للمشروع الأممي.
وتبدو الأطراف في طرابلس أكثر قربا من هذا الطرح بعد فقدان الثقة في الأمم المتحدة بعد “فضيحة” ليون وعلاقته بالإمارات التي تدعم صراحة شق طبرق.
ويقدر بوبان أن مدى جدية تحالف أبو سهمين وصالح تبقى غامضة، لكن الواضح أن هدفهما المشترك هو تعطيل مسار الاتفاق الأممي بالاعتماد على تحالفهم مع عدة أطراف مسلحة داخل ليبيا.
ريبة
ويخلص الكاتب إلى أن السؤال يبقى مطروحا بخصوص استقرار حكومة فايز السراج في طرابلس وعلاقتها بالكتائب المسيطرة على المدينة.
ويرى بوبان أن كل مسارات الحوار في ليبيا تدور وسط قلق أوروبي واضح من وجود “داعش” في ليبيا، حيث يعي الغرب جيدا أن التنظيم نجح في التغلغل في ليبيا في ظل حالة الانقسام معتبرين أن الوقت يضغط من أجل توحيد القوى الليبية لمواجهة التنظيم بالاعتماد على القوى الليبية المحلية.
ويقر بوبان بأن أفضل حل في ليبيا هو التوصل إلى حل سياسي توافقي شريطة ألا يؤدي هذا التوافق إلى مزيد تعميق الهوة في الداخل في ظل الشعور المعادي للأمم المتحدة والغرب في ليبيا ما يضعف جدوى أي مواجهة داخلية ل“داعش” إذا لم يكن الاتفاق الليبي قد تم على قاعدة صلبة.