مر عام 2015 على ليبيا مروراً ثقيلاً، تأرجحت فيه بين متناقضين اثنين، هما العنف والحل السلمي، حيث إنه وقع اتفاق سلام، لكن ما زالت تتنازع السلطة في البلاد حكومتان، لكل واحدة منهما برلمان، إحداهما في العاصمة طرابلس، والثانية، وهي المعترف بها دولياً، في طبرق شرقي البلاد..
فضلاً عن الاقتتال الدائر بين الميلشيات، خاصة في طرابلس وبنغازي، إضافة إلى ظهور تنظيم داعش الإرهابي وتمدده في البلاد، وبين هذا وذاك، انطوت صفحة 2015 على مجموعة من الأحداث المتلاحقة.
الاقتتال
رغم مرور أربعة أعوام على سقوط نظام معمر القذافي، إلا أن البلاد ما زالت تعيش حالة من عدم الاستقرار، بل والضياع، منها طرابلس وبنغازي، ولم تفلح عملية الكرامة التي أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر في السيطرة على الوضع وإنهاء العنف أو القضاء على الميلشيات المتشددة المسلحة في بنغازي، التي تغلغل فيها تنظيم داعش، أو في طرابلس.
وتتألف الميلشيات الليبية من ثوار سابقين مدججين بالسلاح، ومتحالفين مع فصائل سياسية. وفي طرابلس، دار الصراع بين كتيبتي القعقاع والصواعق المناهضتين للإسلاميين، والتابعتين لمقاتلين سابقين من بلدة الزنتان الغربية من جهة، ومن جهة أخرى، كتائب تميل أكثر للإسلاميين والكيانات السياسية الإسلامية، ومرتبطة ببلدة مصراتة.
وقاتلت كتائب مصراتة والزنتان، جنباً إلى جنب في مواجهة القذافي، ولكن بعد الحرب، تزايدت الخصومات بينهما، إذ يقول قادة كتائب مصراتة، إنهم يحاولون تطهير البلاد من فلول قوات القذافي، ويقدم تحالف الزنتان نفسه على أنه يقاتل المتشددين الإسلاميين.
داعش
وفي أتون هذا الصراع، طفا على السطح دخول تنظيم داعش الإرهابي على خط الاقتتال، وسيطرته على مدن كاملة في الشرق الليبي، مثل درنة وصبراتة وصرمان وسرت، التي خرجت بالكامل عن سيطرة الدولة، وأخذها التنظيم رهينة مع تغلغله في بنغازي ومصراتة.
الحوار
هذه التطورات السريعة في المشهد الليبي، فرضت الذهاب سريعاً للبحث عن حلول للأزمة المستعصية، حيث أطلق المبعوث الأممي السابق، برنارد ليون، حواراً بين الفرقاء، احتضنته مدينة الصخيرات في المملكة المغربية، وفي 17 ديسمبر، وقع أعضاء من البرلمان الموالي للحكومة، والمؤتمر الوطني العام، المنتهية ولايته..
ومجموعات ليبية أخرى اتفاق سلام برعاية مبعوث الأمم المتحدة الجديد مارتن كوبلر، في غياب رئيسي برلماني طبرق وطرابلس.
وحضر البرلمانيون الذين وقعوا على الاتفاق من الطرفين المتنازعين، بصفتهم الشخصية، ولم يمثلوا أياً من السلطتين، ما يثير المخاوف من أن يظل الاتفاق حبراً على ورق، خاصة أن كثيراً من المليشيات التابعة للطرفين، لم توافق على بنوده.
ويرمي الاتفاق إلى إنهاء الانقسام والعنف الذي تشهده البلاد، بعد إطاحة نظام معمر القذافي عام 2011، والتصدي لانتشار المليشيات المتشددة، ومن بينها تنظيم «داعش» الإرهابي.
وينص الاتفاق، الذي أبرم بعد 14 شهراً من جلسات الحوار على توحيد السلطتين المتنازعتين على الحكم، في حكومة وحدة وطنية، تقود مرحلة انتقالية من عامين، تعمل إلى جانب مجلس رئاسي، مكون من علي القطراني المرشح عن شرقي ليبيا وعن قوات الجيش، إضافة إلى عبد السلام الحسوني عن الجنوب الليبي، وتنتهي بإجراء انتخابات تشريعية.