تطرق الصحفي فريد عدلي في مقال نشر يوم
5 يناير 2016 بالموقع الإيطالي راديو بوبولاري – موقع تابع للمحطة الإذاعية الإيطالية راديو بوبولاري، تهتم بالشأن السياسي والاقتصادي والجيوسياسي والثقافي، تأسست سنة 1975، ومقرها مدينة ميلانو – إلى مصادر تمويل تنظيم “الدولة“، مشيرا إلى دور بعض الدول الخليجية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
وأفاد أن بهدف إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، قامت المملكة السعودية بتدريب وتمويل عناصر جهادية، انضم أغلبهم إلى صفوف تنظيم “داعش“، مؤكدا أنها تعد أكبر دولة تدعم التنظيم ماليا.
تمويل
وذكر عدلي أن تنظيم ” القاعدة” كان قد نما في العراق وتعزز وجوده بالاعتماد على التمويلات القادمة من الدول الخليجية السنية المعادية لإيران، مشيرا إلى أن معظم التدفقات الهائلة للأموال مصدرها تبرعات، خاصة في ظل صمت الحكومات، لكن مع دخول العقوبات ضد كل ممولي التنظيمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة، تلقى تنظيم “الزرقاوي” ضربة موجعة ما أدى إلى إضعافه.
وأضاف أن على أنقاض تلك المنظمة الإرهابية، نشأ تنظيم “الدولة“، وتمكن من السيطرة على مساحات شاسعة في كل من العراق وسوريا، كما تنوعت مصادر تمويلاته، وخاصة عائدات النفط التي تباع في السوق السوداء، فضلا عن الأموال المنهوبة من المصارف السورية والعراقية والليبية، فضلا عن بيعه وتهريبه للكنوز الأثرية، واستغلال الاتجار بالبشر والفدية، مقابل الإفراج عن المخطوفين المحليين والأجانب، وبيع بيوت النازحين، إضافة إلى الضرائب التي يفرضها على سكان المناطق التي يسيطر عليها.
ومع ذلك تعتمد 10% من احتياجات تنظيم “الدولة” على التبرعات القادمة من دول الخليج وبشكل عام من الخارج، ولفت إلى أن كل دول الخليج تعرب بشكل رسمي عن معارضتها لسياسة وممارسات “داعش،” لكن لفترة طويلة، وباسم محاربة نظام بشار الأسد وحليفته طهران، وفرت أجهزة استخبارات هذه الدول التدريب والأسلحة والتمويل للجهاديين، وقد انضم أغلبهم إلى صفوف تنظيم “الدولة.”
وأفاد أن السعودية تعد من أكبر داعمي الجهاديين في سوريا، ويبدو أنها لم تتعلم من التجربة السابقة مع تنظيم “القاعدة“، حيث عاد الكثير من عناصره السعوديين إلى بلادهم خلال بداية الألفية عقب الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان، وما ترتب عن ذلك من عمليات إرهابية داخلها، وقد بدأ هذا السيناريو يتكرر مرة أخرى مع عودة الجهاديين من جبهات القتال في سوريا.
تدفق
ولفت كاتب المقال إلى أن معظم الأموال القادمة للتشكيلات الجهادية، يأتي مصدرها من التبرعات الخاصة ومن أموال الزكاة، كما تشير التقديرات إلى أن حجم المبالغ التي تنتهي في آخر المطاف في خزائن تنظيم “الدولة“، تبلغ حوالي عشرة ملايين دولار شهريا، تأتي معظمها من السعودية، ويتم استخدام تلك الأموال بالأساس في شراء الأسلحة، وتجنيد المقاتلين.
وأوضح أن ممولي تنظيم “الدولة” هم غالبا رجال أعمال أثرياء، ودعاة دينيين من أصحاب المواقف المتطرفة، سعوديين وقطريين وكويتيين وإماراتيين، وفق مركز الدراسات الإستراتيجية ببغداد، كما أكدت صحيفة الوطن السعودية أن معظم الأموال التي تذهب إلى خزائن “داعش” يأتي مصدرها من ” متبرعين سعوديين“، في نفس الوقت تحمل وسائل الإعلام القريبة من إيران والنظام السوري مسؤولية تدفق تلك الأموال للدول الخليجية، وقد اتهمت مواقع لبنانية مقربة من النظام في دمشق صراحة الاستخبارات السعودية، وقبل بضعة أيام، كان الأمير حسن من الأردن واضحا في اتهاماته، حيث قال في مقابلة مع فرانس 24،” إذا لم تكن دول الخليج هي التي تمول “داعش” فمن سيكون مموليه؟”
وأضاف عدلي أن في كثير من الأحيان يتم جمع التبرعات علنا في المساجد، عقب صلاة الجماعة، من قبل جمعيات خيرية ومنظمات غير حكومية، بدعوى ” دعم إخواننا المسلمين الذين يقاتلون ضد الأجانب وأعداء الدين“، والدافع الفعلي للعديد من الممولين، يبقى مواجهة الشيعة والنفوذ الإيراني في المنطقة، كما قال الملياردير السلفي خالد سلمان، ولإيصال الأموال إلى سوريا يتم نقلها عن طريق وسطاء الصرف، حيث يكفي استخدام كلمة السر لسحب الأموال، كما يمكن تلقيها عبر رسالة من خلال الواتساب، فضلا عن نقلها عن طريق أشخاص يذهبون مباشرة إلى سوريا.
ومنذ شهر يونيو الماضي، اتخذت المملكة السعودية إجراءات صارمة في ما يتعلق بجمع “التبرعات،” كما نشرت وزارة الخارجية بيانا يفيد أنه يحظر فتح حسابات بنكية لجمع التبرعات من دون الحصول على إذن مسبق من الحكومة، وكل من يخالف ذلك سيتم محاكمته ومصادرة الأموال التي جمعها ووضع جميع ممتلكاته تحت المصادرة، وبالفعل، تم تجميد ومصادرة أصول أفراد وجمعيات.