07qpt999

ذكرت صحيفة القدس العربي – صحيفة يومية، تهتم بالشأن السياسي والاقتصادي والجيوسياسي والثقافي، تأسست سنة 1989 – أمس يناير 2016، أن الهجوم الانتحاري مخلفا العشرات من القتل والجرحى بمركز لتدريب الشرطة بزليتن غرب ليبيا، يفتح الباب لنقاش موضوع الظهور المفاجئ لتنظيم الدولة” في كل من ليبيا واليمن، وهذا الأمر يحتاج إلى بعض التمعن لما يحيط به من حيثيات غريبة.

وأفادت أن في اليمن، تمحور الصراع السياسي والعسكري حول طرفين رئيسيين، شكل تحالف قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح مع أنصار الله” الحوثيين، جانبه الأول، فيما شكلت قوات المقاومة الشعبية لذلك النظام، وما أنضاف إليها من قوات عسكرية انضمت لحكومة هادي عبد ربه منصور الشرعية، الجانب الثاني، وبين هذين الجانبين، كان تنظيم القاعدة” هو الطرف الممثل للجهادية السنية المتطرفة، حيث لم يقبل الانضواء تحت لواء خلافة البغدادي وتنظيمه المسمى داعش.” 

ظهور 

وبدأت عمليات تنظيم الدولة” في اليمن من دون إنذار مسبق، وتركزت على قوات الجيش الشرعي، من جهة، وعلى بعض مساجد الحوثيين، من جهة أخرى، ما جعل الكثير من المحللين يعتبرون التنظيم أداة استخباراتية لنظام صالح الآفل، مخططها الحقيقي طعن خصومه في الظهر، والتأجيج المستمر للمشاعر الطائفية

 وفي الحالة الليبية مزيد من البراهين الفاضحة على اشتغال حثيث من فلول نظام القذافي ومؤيديه الإقليميين على صناعة فرع لتنظيم الدولة” في ليبيا، ضمن الصيرورة المنطقية التالية: 1 استثمار القدرات العسكرية لحاضنة القذافي الشعبية في سرت، دمجها مع جماعات السلفية المتطرفة القابلة للتجنيد في مناطق أخرى مثل مدينة درنة، توجيهها لضرب سلطة طرابلس وفصائلها العسكرية وإشاعة الفوضى في مناطقها بالدرجة الأساسية، كونها تمثل الجهة المقاومة للانخراط في التبعية الإقليمية، تأجيج النزاعات الطائفية من خلال إعدام أقباط مصريين، واستدعاء التدخل الخارجي

وأظهرت الصناعة” اليمنية لتنظيم الدولة” حرفية في اختراع شيء من عدم، ما ظهر عبر توجيه التنظيم المفترض هذا ضربات كبيرة للقوات الشرعية اليمنية ومركزها الحكومي في عدن وحلفائها الإقليميين، إضافة إلى لزوم ما يلزم ” من تفجير مقصود لمساجد الطائفة الزيدية لإضفاء قناع طائفي وديني على جوهر سياسي وعسكري، يتقصد خصوم صالح والحوثيين

أما في الحالة الليبية، فقد كانت بعض التصريحات، لبعض أتباع نظام القذافي السابق، تدل على ارتباطهم بظهور التنظيم الجديد، كما فعل أحمد قذاف الدم في مديحه لعناصر هذا التنظيم، الذين ينتمي أغلبهم لعشيرته من القذاذفة ولمسقط رأس القذافي في سرت

استثمار 

والحق يقال إن كل الأطراف العالمية والإقليمية والمحلية ساهمت واستثمرت في صناعة تنظيم الدولة، كل منها لأهدافه الخاصة، بما فيها أكثرها إظهارا للعداء لهذا التنظيم، مثل إيران والنظام السوري وأمريكا وروسيا، لكن هذا لا ينكر أن لهذا التنظيم سردياته الخاصة به المعادية للجميع، وترتيباته، ما شبهه البعض بقصة الدكتور فرانكشتاين، الذي اخترع” مسخا، فقام في النهاية بالتهامه.

 لقد استخدم البريطانيون والأمريكيون والروس وكثيرون غيرهم الرأسمال الرمزي الموجود في الإسلام، وفي عقيدة الجهاد في أطوار عديدة من التاريخ، كما فعل ذلك حكام عرب عديدون، مثل أنور السادات، الذي ساعد التيارات الدينية لمقاومة الناصريين واليساريين، فقام أحد أطراف تلك التيارات باغتياله

غير أن ما حصل منذ التدخلات المباشرة الروسية– الأمريكية في أفغانستان والعراق وسوريا فاق في نتائجه الكارثية كل تصور، فضلا عن استخدام الحكومات الاستبدادية الانتهازي للتنظيمات الجهادية المتطرفة، والألعاب الاستخباراتية، مع فضائع الحصار والتجويع والقصف وضرب المكونات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لهذه المجتمعات، لخلق صناعة جديدة غير مسبوقة اسمها الدولة الإسلامية ” يتلاعب بها الجميع، ويحترق بها الكل، ولكنها رغم كل ذلك، لا تخرج عن المسار الأصلي الذي رسم لهاتبرير حفظ كراسي المستبدين واستمرار دورة التبعية للأجنبي.

تعليقات