مهاجرون على قارب بعد إنقاذهم من قبل خفر السواحل الليبي شرقي طرابلس يوم 8 يوليو تموز 2017. تصوير: إسماعيل زيتوني – رويترز.

 

كشفت صحيفة «تايمز» البريطانية أن حكومة الوفاق الوطني في طرابس برئاسة فائز السراج دفعت مبالغ مالية ووفرت آليات وعتاداً لميليشيات «آنس الدباشي» المرتبطة بتهريب المهاجرين ومقرها مدينة صبراتة، من أجل وقف نشاطها والمساعدة في الحد من تدفقهم إلى إيطاليا، وهو ما أكدته أرقام موّثقة أفادت بأن 3 آلاف مهاجر وصلوا إلى إيطاليا الشهر الماضي، وهو عدد قليل مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي حين بلغ عددهم 21 ألفاً. لكن إيطاليا استقبلت أكثر من مئة ألف مهاجر هذه السنة.

وأوردت الصحيفة أن «حكومة الوفاق اتفقت مع زعيم الميليشيات أحمد الدباشي المعروف حركياً باسم العمو على وقف تدفق سيل المهاجرين إلى أوروبا في مقابل الاعتراف بجماعته ضمن أجهزتها الأمنية، ودعمها مالياً وتزويدها سيارات وقوارب».
وأشارت إلى أن «العمو» اعترف بلقائه مسؤولين من حكومة الوفاق في تموز (يوليو) الماضي، لمناقشة وقف تدفق المهاجرين على طول الشاطئ. وأبلغها أنه اتفق معهم على إسقاط تهم الإجرام عن العناصر الـ500 الذين تضمهم الكتيبة، وإلحاقهم بوزارة الدفاع في حكومة الوفاق.
كذلك نقلت الصحيفة عن بشير إبراهيم، الناطق باسم كتيبة الدباشي، أنهم تلقوا سيارات وقوارب وأموال في مقابل تعاونهم في الحد من الهجرة، ووصف الوضع بأنه حال «هدنة سيعتمد تطبيقها على مواصلة دعم الميليشيات، وإلا سيعود تهريب البشر».
في غضون ذلك، طالبت منظمة «أطباء بلا حدود» بوقف الاحتجاز التعسفي لطالبي اللجوء واللاجئين والمهاجرين في ليبيا، وإطلاق المهاجرين المحتجزين، مكررة أن هؤلاء «يعيشون أوضاعاً صعبة بسبب الازدحام الموجود في غالبية مراكز الاحتجاز، ما يمنعهم من التمدد والاستلقاء في الليل، والحصول على ضوء طبيعي وتهوئة مناسبة. كما تنتشر أمراض كثيرة بينهم منها التهابات الجهاز التنفسي والإسهال المائي الحاد وإصابات الجرب والقمل والتهابات المسالك البولية، علماً أن بعض المرضى يحتاجون إلى دخول المستشفى في شكل عاجل لتلقي العلاج من سوء التعذية». وتتحدث أرقام عن وجود 700 ألف مهاجر في ليبيا غالبيتهم في مراكز الاحتجاز.
وصرح المستشار الطبي في المنظمة سييل سانغ: «يُجرد المهاجرون المحتجزون في ليبيا من أي كرامة إنسانية، ويعانون من سوء المعاملة والتعذيب في ظل غياب أي نوع من الرقابة، كما يفتقرون إلى رعاية طبية، ما يعرضهم إلى أضرار صحية ونفسية».
وتعالج «أطباء بلا حدود» أكثر من ألف محتجز شهرياً، وتزور سبعة مراكز احتجاز أسبوعياً في حال سمح الوضع الأمني بذلك، فيما يتعذر الوصول إلى مراكز عدة بسبب استمرار العنف وانعدام الأمن. وافتتحت المنظمة عيادات متنقلة في مصراتة تقدم نحو مئة استشارة طبية شهرياً.
وتعتبر المنظمة أن نظام الاحتجاز في ليبيا الذي تنفذه ميليشيات وحكومة الوفاق المعترف بها دولياً «مضر واستغلالي، ولا يحترم الضمانات القانونية والتنفيذية الأساسية لمنع التعذيب وسوء المعاملة»، فيما تواجه المنظمات الإنسانية وبينها «مراسلون بلا حدود» صعوبات بالغة في تتبع ما يحدث للأشخاص في مراكز الاحتجاز، بسبب غياب لوائح رسمية تسمح بتتبع ما يحصل لهم داخل المراكز.
وترى «أطباء بلا حدود» ان نظام احتجاز المهاجرين في ليبيا «محدود الرؤية، على رغم أنه يهدف إلى تحسين ظروف اعتقال المهاجرين، إذ إن الوضع الليبي الحالي معقد ويحتاج إلى حلول سياسية لتطبيق القانون الذي يوفر كل الضمانات لهؤلاء المهاجرين».
وفي مخطط أوروبي جديد لمساعدة ليبيا على مواجهة تدفق المهاجرين، رصد الاتحاد الأوروبي لحكومة الوفاق الوطني مبلغ 136 مليون يورو، جزء منه مخصص لحماية المهاجرين. لكن المنظمات غير الحكومية انتقدت الإجراء لأن الحكومة لا تتمتع بالقوة الكافية لحماية المهاجرين أمام انتشار شبكات التهريب ودخول الميليشيات على الخط.

تعليقات