أثار قرار حكومة «الوفاق الوطني» تأسيس جهاز أمني لمكافحة الإرهاب جدلاً كبيراً في ليبيا، حيث اعتبر سياسيون وحقوقيون أنه ينتهك الإعلان الدستوري وخاصة بمصادرة الحريات في البلاد، حيث يتيح القانون للجهاز الجديد مراقبة جميع الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي.
وأصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قراراً يحمل رقم «555» ويقضي بإعادة هيكلة قوة الردع الخاصة في جهاز أمني جديد هو «جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب» وهو يتبع لوزارة الداخلية، لكنه يتمتع بصلاحيات واسعة واستقلالية كاملة على صعيد التمويل.
ويختص الجهاز الجديد بـ»تنفيذ السياسات الأمنية التي تضعها الدولة في مجال مكافحة العصابات الإجرامية التي تمتهن الجريمة المنظمة في التهريب وتجارة المخدرات والأسلحة والوقود والسرقة والحرابة (…) واتخاذ التدابير اللازمة لتعقب أعضاء عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية ومراقبتهم وتتبع مصادر تمويلهم (…) وجمع المعلومات والأبحاث والبيانات والتحري عن الأفراد والمجموعات الإجرامية الإرهابية وتحليلها واقتراح الخطط الكفيلة لإفشال نشاطها وتحييدها باستخدام وسائل التكنولوجيا وسائل التكنولوجيا العابرة للحدود».
ويمنح القرار الجهاز الجديد في الظروف الاستثنائية صلاحية (المادة الرابعة) «استخدام الوسائل الفنية والتقنية الحديثة في تتبع أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتواتر بشأن مستخدميها معلومات جديدة تضمهم في دائرة شبهة المساس بأمن البلاد والعبث بالسلم الاجتماعي والأمن القومي وتعريضه للخطر، على أن يكون ذلك بمعرفة السلطة القضائية وتحت إشرافها».
وأثار الجهاز الجديد جدلاً كبيراً في ليبيا، حيث اعتبر سياسيون وحقوقيون أنه يتعارض مع الإعلان الدستور وخاصة في ما يتعلق بمصادرة الحريات في البلاد، حيث كتب السياسي والدبلوماسي السابق إبراهم قرادة على صفحته في موقع «فيسبوك»: «الشرطة في خدمة الشعب، أم المليشيات لردع الشعب؟ نعم مرة واحدة لتمكين شرطة الدولة النظامية، 555 مرة لا لشرعنة مليشيات ردع الشعب. عشرات وربما مئات العائلات لديها بناتها وابنائها معتقلون لدى المليشيات، ولا يعلمون عنهم شئياً، ويخافون حتى الكلام والسؤال عنهم. ولا حرج على نوابنا ومسؤولينا وضباطنا فالكثير منهم خائفون جداً ايضاً. ام هي جزء من الترتيبات الامنية والحسابات السياسية الغامضة والمغيبة عن الشعب؟»، داعيا لتوقيع عريضة بعنوان «لا 555 مرة» تدعو لسحب قانون «555» المتعلق بإحداث الجهاز الأمني الجديد.
وكتب المحلل السياسي جمال الحاجي «على رجال القانون والحقوقيين ونقابة المحامين ارسال مذكرات للمنظمات الحقوقية الكبرى في العالم ومنظمة العفو الدولية بالامم المتحدة بعدم أهلية سلطة الصخيرات ومساعيها الواضحة لعسكرة الدولة الليبية ودعم الانقلابيين والنيل من القضاء الليبي الجسم الشرعي الوحيد في البلاد بقرار رقم (555) غير المسؤول والذي يمثل قمة إرهاب الدولة». وأضاف في تدوينة أخرى «انتبهوا انتم تعتدون وتهددون العدالة والقضاء واهليته في ليبيا. بمعنى انتم تضعون القضاء في مواجهة مباشرة مع مصالح المسلحين مباشرة!».
وكتب أحمد حمزة مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بعنوان «قوة أمنية للردع لارادع لها»: «عبث قانوني وتشريعي لامثيل له ينم عن جهل وتلاعب بمنظومة التشريعات القائمة، هذا باختصار ماجاء به القرار رقم 555 الصادر من رئيس المجلس الرئاسي بأنشاء جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والارهاب االذي أعاد تشكيل قوة الردع ومنحها صلاحيات واسعة غيرمبررة».
وحول المادة الرابعة من القرار والتي تجيز التنصت على الاتصالات، تابع حمزة «عبارة الظروف الاستثنائية والمصلحة العامة فضفاضة ومرنة وتجعل تفسيرها خاضعاً لأهواء القائمين على تنفيذ القرار فالقانون يعرف القوة القاهرة والظروف الطارئة أما الاستثنائية فلا سقف لتفسيرها .طبعا ينتهك القرار الاعلان الدستوري المؤقت في مواده 12-13 بشأن حرمة المكالمات الهاتفية والتجسس عليها إلا بأذن قضائي وايضا المادة 14 التي كفلت حرية التعبير وهذا القرار جعل تقدير هذه الحريات خاضعة لهذا الجهاز (…) هذا القرار انشأ قوة أمنية غاشمة بصلاحيات واسعة وامكانيات مادية كبيرة ولايوجد رادع لها بما فيها حكومة الوفاق نفسها».

تعليقات