حفتر يصافح السراج خلال لقاء في باريس برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يوليو الماضي (غيتي)

 

وسط خلاف فرنسي – أميركي، تسعى فرنسا لاستئناف وساطتها لحل الأزمة الليبية، عبر دعوة الفرقاء الرئيسيين لاجتماع مرتقب برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في وقت يحاول فيه فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، إبرام صفقة سرية مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، مستغلاً الفتور الذي اعترى مؤخراً علاقة الأخير مع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي.

وحل السراج المدعوم من بعثة الأمم المتحدة ضيفاً على العاصمة المصرية، في زيارة غير معلنة منذ أول من أمس، فيما بدا أنها خطوة أخرى في سياق مساعي فرنسا ومصر لترتيب اجتماع وشيك بين السراج وحفتر، قد يفتح الطريق نحو انعقاد اجتماع أوسع بحضور مجلسي النواب والدولة، بالإضافة إلى حفتر والسراج اللذين يمثلان السلطتين العسكرية والتنفيذية.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن السراج وصل إلى القاهرة رفقة مدير مكتبه فقط، بانتظار تحديد موعد لزيارة حفتر في مقره في منطقة الرجمة خارج بنغازي، مشيراً إلى أن السراج يسعى في المقابل لإقناع رئيس مجلس النواب بالموافقة على نقل مقر البرلمان، المعترف به دولياً، من مقره الحالي في مدينة طبرق إلى مدينة بنغازي.

وأوضح المصدر، الذي طلب عدم تعريفه، أن السراج يعتقد أن اتخاذ هذه الخطوة سيكون كافياً لكي يتم اعتماد حكومته، ومنحها الشرعية البرلمانية، بالإضافة إلى إقدام البرلمان على تعديل الإعلان الدستوري ما يسمح بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، قبل نهاية العام الجاري.

وتحدث أعضاء في البرلمان الليبي لـ«الشرق الأوسط» عما وصفوه برشى سياسية ومالية تعهّد السراج بتقديمها في حال الموافقة على نقل البرلمان إلى بنغازي، فيما تعد محاولة منه لاستغلال الخلاف المكتوم بين صالح وحفتر، حسب مراقبين.

ولم يجتمع صالح، رئيس البرلمان، مع حفتر منذ عودة الأخير من رحلته العلاجية، كما تغيب عن الاحتفالات الرسمية التي أُقيمت بالمناسبة، وهو ما يعكس التوتر في علاقات الطرفين.

وقالت مصادر مطلعة إن رئيس المخابرات الفرنسية كان حاضراً في الرجمة، مقر قيادة الجيش الوطني الليبي، لدى عودة حفتر من رحلته العلاجية الأخيرة في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس.

وبدوره، أعلن السراج أنه تلقى اتصالاً هاتفياً، مساء أول من أمس، من الرئيس الفرنسي، تناول آخر تطورات الوضع السياسي في ليبيا، وسبل تحريك الجمود الحالي. وحسب بيان أصدره السراج، فقد أكد الطرفان الأهمية القصوى لنجاح المسار الديمقراطي، والوصول إلى حلول عملية لتنفيذ الاستحقاق الدستوري والانتخابي.

ودخلت فرنسا مجدداً على خط الأزمة الليبية، رغم تلميح القائمة بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا بأن إدارة الرئيس دونالد ترمب ليست متحمسة للمبادرة الفرنسية حيال ليبيا، وهو ما عده مسؤول ليبي رفيع المستوى تعبيراً عن استياء أميركي بشكل غير مباشر من الدور الفرنسي.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه: «واشنطن ليست على دراية بكل أبعاد المبادرة الفرنسية، والحديث عن منافسة سياسية حول ليبيا أمر وارد».

وجاء الموقف الفرنسي بعدما أعلن غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عن تغيير مفاجئ في خطة عمله لحلحلة الأزمة الليبية، بعدما تخلى عن مساعيه لتعديل اتفاق السلام المثير للجدل، المبرم برعاية أممية في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015، ودعا سلامة إلى تحقيق تقدم في العملية السياسية لإجراء الانتخابات «في أقرب وقت»، من دون أن يعطي أي مؤشر إلى جدول زمني للانتخابات. مؤكداً أنه حان وقت تجاوز تعديل اتفاق الصخيرات وطي صفحته، والتركيز على إجراء الانتخابات العام الجاري.

من جهة أخرى، كشفت مصادر ليبية واسعة الاطلاع، لـ«الشرق الأوسط»، أن معارضة روسيا اقتراحاً غربياً فرض عقوبات على 6 شخصيات ليبية متهمة بتهريب البشر وإدارة شبكات تهريب المهاجرين، ليست منفصلة عن اتصالات سرّية تجريها موسكو مع بعض المتورطين في عملية اختطاف سفينة روسية واعتقال بحارتها العام الماضي.

وقالت المصادر إن مفاوضاتٍ غير معلنة جرت برعاية مكتب النائب العام في طرابلس ورجل أعمال ليبي، نجحت في تقليص حجم الفدية التي طلبها الخاطفون، من 10 ملايين يورو، إلى 6 ملايين دولار أميركي، مشيرة إلى أنه تم الإفراج عن معظم طاقم السفينة، ما عدا اثنين.

 

 

تعليقات