بينما تحتفل ليبيا بذكرى تأسيس جيشها، تراجعت القيادة العامة للقوات المسلحة عن تصريحات سابقة منسوبة للمتحدث باسمها، طالب فيها الرئيس الروسي بالتدخل في ليبيا «للحد من تدخل إيطاليا وتركيا وقطر».
واستهل فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، احتفالات الليبيين بذكرى تأسيس الجيش الليبي 9 من أغسطس (آب) 1952، بضرورة توحيد المؤسسة العسكرية، وقال إن «الجيش الواحد هو أساس الوطن الموحد، وهو المعبّر عن الوحدة الوطنية للشعب».
وأضاف السراج في بيان مساء أول من أمس «في هذه المناسبة أشد على أيدي رجالنا من أبناء القوات المسلحة، الذين قدموا قوافل من الشهداء في الحرب على الإرهاب»، مبرزا أن «القوات المسلحة اليوم، ورغم الانقسام وقلة العتاد، تقف ببسالة إلى جانب قوات الأمن في مواجهة من يحاول العبث باستقرار الوطن».
وبالمناسبة نفسها هنأ الأمير محمد الرضا السنوسي، نجل ولي عهد المملكة الليبية حسن الرضا السنوسي، الليبيين بالذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس الجيش الليبي، التي حلت أول من أمس، مطالباً الأمم المتحدة وجميع الدول المهتمة بالشأن الليبي، بـ«إيقاف التدخلات الخارجية السلبية»، في شؤون بلاده.
وكان السنوسي قد صرح في بيان نشره موقعه على «الإنترنت» بأنه في ظل «الأوضاع القاسية والظروف الصعبة والأوقات العصيبة، التي تعيشها البلاد وكل أبناء ليبيا، فإن التغلب على ما نحن فيه بسرعة أمر ممكن ومتاح، وليس بالأمر الصعب إذا ما أدركنا المخاطر التي تحدق بنا، وخلصت النيات، وتكاتفت الأيدي، وكان التفاوض والحوار سبيلنا».
ورأى السنوسي أن «الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، مهما كانت خلافاتنا السياسية، والطريق الأمثل لحماية البلد من التهور السياسي، ومن جنون استخدام السلاح».
إلى ذلك، نفت القيادة العامة للجيش الوطني الأخبار المنسوبة إليها، التي تطالب بالتدخل الروسي في ليبيا قصد «إبعاد اللاعبين الأجانب». إذ قال العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم القيادة العامة وقائدها، إنه «لا صحة لما تناقلته وسائل إعلام مختلفة، محلية وعربية ودولية، حول طلب القيادة العامة بتدخل روسي في الأزمة الليبية».
وأضاف المسماري في بيان أمس، نشره على صفحته عبر «فيسبوك» أن «ما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية هو التدخل الروسي عن طريق ثلاثة مواقف هي، عبر الأمم المتحدة لرفع الحظر عن تسليح الجيش الوطني الليبي الذي تمثله القيادة العامة، ودعم مبادرة فرنسا وإجراء انتخابات في ليبيا، ومناقشة إيطاليا في تدخلها المشبوه في الشأن الليبي».
وجاء تصويب القيادة العامة بعد يومين من تصريحات نشرتها وكالة «سبوتنيك» نسبت للمسماري، اعتبر فيها أن «ما حدث في سوريا هو ما يحدث في ليبيا»، وقال إن «الوضع في ليبيا يتطلب تدخلا روسيا، وتدخل الرئيس بوتين شخصياً، وإبعاد اللاعبين الأجانب مثل تركيا وقطر وإيطاليا بشكل مباشر».
وأضاف المسماري وفقا للوكالة: «نحن نثق كثيرا بأن روسيا دولة عظمى، وأن كلمتها ستكون مسموعة لو تناقشت مع إيطاليا في هذا الجانب، أو تناقشت مع تركيا أو قطر أو دول أخرى، مثل السودان، فيما يتعلق بتهريب الإرهابيين وإدخالهم إلى ليبيا».
في شأن آخر، قال نازحو تاورغاء في مخيم منطقة الفلاح بالعاصمة الليبية طرابلس إن ميليشيا «الدعم المركزي» التابعة لعبد الغني الككلي، التابع بدوره لحكومة «الوفاق»، اقتحمت المخيم وقبضت على 75 مواطناً، بينهم أطفال وشيوخ.
وقال حميد الوافي، أحد مواطني تاورغاء، إن «ميلشيا الككلي مارست القبض بشكل عشوائي، بحجج أن هناك تجارة مخدرات داخل المخيم، والحجة الأخرى قرار بإزالة المباني العشوائية»، مبرزاً أنه «لا يوجد سبب لإخراج الناس في وقت متأخر في ليل الخميس، حيث تم طرد العائلات بقوة السلاح وإزالة المخيم بالآلات الثقيلة».
وأرى الوافي في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن «الهدف من وراء الهجوم المسلح قتل القضية»، مشيراً إلى أن «بقاء الناس في المخيمات سبب رئيسي لإبقاء قضية تاورغاء حية أمام العالم».
وتابع الوافي موضحا أن هذه الهجمة «سبب رئيسي يدل على رفض النازحين للميثاق الذي وقعه المجلس المحلي تاورغاء… ووجود المخيمات في طرابلس رسالة للعالم بأن الاتفاق الذي رعته حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، مرفوض من قبل الأهالي، لذلك سيمضون في إزالة كامل المخيمات وطرد العائلات بقوة السلاح، من دون مراعاة لحقوق الإنسان».
في السياق ذاته، قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، أمس، إنها تتابع ببالغ الأسى اقتحام ميليشيا مسلحة مدججة بمختلف أنواع الأسلحة مخيم نازحي تاورغاء، مشيرة إلى اعتقال نحو 13 مواطناً من قاطني المخيم من بينهم مسنون.
وطالبت المنظمة وزارة الداخلية في حكومة الوفاق بسرعة العمل على إطلاق سراح الموقفين، وضرورة القبض على أفراد الميليشيا وتقديمهم للعدالة. إذ قال الأمين العام للمنظمة العربية عبد المنعم الحر لـ«الشرق الأوسط» إن النازحين «فئة ضعيفة تضم كبار السن والأطفال والمرضى، وبالتالي يجب حمايتهم… وإذا كان هناك تجارة مخدرات، كما يتردد داخل المخيم، فإنه يمكن ضبط المتورطين في ذلك بإجراءات قانونية أخرى غير اقتحام المخيم وهدمه».
في شأن آخر، تبحث سلطات الأمن في طرابلس شكوى أسرة القذافي حول تردي الحالة الصحية لنجلها الساعدي، الذي لا يزال محتجزاً في سجن عين زارة، الواقع تحت سيطرة ميليشيا «ثوار طرابلس»، بقيادة هيثم التاجوري.
وقال مصدر أمني إنه سبق أن تقرر الإفراج عن الساعدي الشهر الماضي، لكن القرار أرجئ لأسباب وصفها بقرارات «عليا»، رفض الإفصاح عنها.
وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «إطلاق سراح الساعدي يحتاج إلى ترتيبات واسعة جداً، من بينها عودة الاستقرار إلى البلاد، بما يضمن تأمين حياته».

 

تعليقات