أقام المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا مؤخرا، بدعم من مؤسسة هانس زايدل، ندوة بتونس العاصمة في الذكرى المئوية لإعلان الجمهورية الطرابلسية (نوفمبر 1918) التي تأسست في مدينة مسلاتة الليبية. وألقت الأوراق المقدمة إلى الندوة أضواء على الملابسات التي أحاطت بذلك الحدث الهام، والذي تمثل في قيام أول جمهورية في العالم العربي. وكانت تلك الخطوة ثمرة لتكاتف القوى الوطنية الليبية، بالرغم من وجود البلد تحت الاحتلال الايطالي. ومعلوم أن إيطاليا خرجت منهكة من الحرب العالمية الثانية، واقتصر وجود قواتها على شريط صغير من الساحل الليبي بما فيه طرابلس. وهذا الوهن هو الذي أتاح فرصة تاريخية لليبيين لتحقيق ذلك الإنجاز السياسي الهام، الذي استمر إلى سنة 1923 حين استأنف الايطاليون بقيادة الجنرال غرازياني عمليات القمع والتوسع الترابي. واستمر الكفاح ضد الاحتلال قرابة عشر سنوات، وصولا إلى القبض على قائد المقاومة الشيخ عمر المختار ومحاكمته وإعدامه في 1933.

وركزت مداخلات الدكاترة المتحدثين في الندوة على جوانب مختلفة من تلك الحقبة المفصلية في تاريخ تونس المعاصر، إذ قدم الدكتور فتحي ليسير قراءة شاملة في تجربة الحكم الذاتي في ليبيا 1918-1923 مُبرزا عوامل فشلها. كما تطرق الدكتور عبد الكريم الماجري إلى بعض تداعيات إعلان الجمهورية الطرابلسية، مُركزا على المحاولات الايطالية لإفشال تلك التجربة. أما الدكتور عبد المجيد الجمل فقدم لوحة مفصلة عن صدى إعلان الجمهورية في تونس، مُشيرا أيضا إلى صداه في المغرب الأقصى حيث أعلن زعيم المقاومة الشعبية محمد بن عبد الكريم الخطابي عن قيام جمهورية الريف في سنة 1925، فيما تطرق الدكتور عبد القادر السوداني إلى جانب مهم بل ومحوري، وهو دور القبيلة في بناء الجمهورية الطرابلسية، مُستعرضا مختلف تجلياته، ومُبرزا التناقضات الداخلية التي عصفت بتلك التجربة الغضة.

هذا وتُعتبر الندوة التي أقامها المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا الفعالية الوحيدة التي احتفت بذكرى أول جمهورية في العالم العربي، إلى جانب ندوة مماثلة أقيمت في جامعة مسلاتة.

تعليقات