كان من المتوقع أن يعقد مجلس الدولة أول أمس جلسته لمناقشة التعديل الذي صوت عليه البرلمان

على الإعلان الدستوري، وجرى إرساله لمجلس الدولة للمصادقة عليه غير ان خلافات كبيرة حول خطوة البرلمان أدى إلى تحويل الجلسة لجلسة مشاورات. وكان خالد المشري رئيس مجلس الدولة انتقد خطوة البرلمان، وأكد عدم قانونية جلسة التصويت على التعديل العاشر وطلب تشكيل لجنة قانونية صلب مجلس الدولة للبت في شرعية ما صوت عليه البرلمان.

إلى ذلك عاد أمس وفد مجلس الدولة من مدينة الإسكندرية أين التقى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وقد نقل الوفد إلى رئيس البرلمان حزمة من الاستفسارات ونقاط الجدل حول التعديل على الإعلان الدستوري الأخير ، وكان رد عقيلة صالح انه على مجلس الدولة إرسال مذكرة في الغرض وتعهد بالإجابة عليها كتابيا بأدق التفاصيل. ووفق تصريحات لبعض أعضاء وفد مجلس الدولة فان الجلسة مع رئيس مجلس النواب كانت ايجابية وسجل توافق كبير بين الأعضاء وعقيلة صالح .ووقع التأكيد على ضرورة الإسراع بتغيير المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية والاستعداد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية ربيع 2019 وفق خطة عمل بعثة الأمم المتحدة ومخرجات مؤتمر باليرمو الأخير.

يرى ناشطون سياسيون بمختلف أقاليم ليبيا بان موقف خالد المشري رئيس مجلس الدولة والكتلة التابعة له داخل مجلس الدولة والمتكونة من الجماعات الإسلامية المتشددة، موقف يهدد بنسف مساعي طي الخلافات والانقسام بين المجلسين. الناشطون السياسيون لفتوا النظر إلى أنّ الخلافات عميقة بين رئاسة المجلسين حيث يريد مجلس الدولة مشاركة مجلس النواب في السلطة التشريعية وليس بجسم استشاري مثلما ينص الاتفاق السياسي، بينما يرفض البرلمان إن يكون له شريك في مهامه التشريعية، ويؤكد هؤلاء بان رئاسة مجلس النواب من جانبها ما كانت لتقر وتصدر قانون الاستفتاء على مشروع الدستور وتصوت على تعديل الإعلان الدستوري لو لم تكن تخشى تداعيات عدم انجاز المطلوب سيما بعد ضغوطات وتهديدات المبعوث الأممي العلنية وأمام مجلس الأمن الدولي في آخر تقرير له.

انقلاب رئيس مجلس الدولة على توافق واضح ظهر مؤخرا بين المجلسين ، إنما هو استمرار لما يعرف بالعبث السياسي الذي يلجأ إليه الفرقاء في ليبيا كلما برزت على الساحة خطوات إلى الأمام على طريق التسوية السلمية للازمة.

الجدير بالتنويه بان المشري يدرك بأنه لا الأمم المتحدة ولا المجتمع الدولي سوف يستنكرون رفضه لخطوة البرلمان طالما أن البعثة والمجتمع الدولي، ونتحدث هنا عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحتى روسيا غير متحمسين لتغيير المجلس الرئاسي الذي يعني بداهة خروج السراج من السلطة، وهذا يدفع بالمشري لمواصلة رفض سعي البرلمان تغيير الرئاسي وبالآلية المتفق عليها عبر حوار تونس 1و2.

السراج يلتقي موغيريني
خلال تواجده ببروكسل اجتمع رئيس المجلس فائز السراج فيدريكا موغريني مفوضة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي أين جرى استعراض آخر تطورات الأزمة الراهنة في ليبيا، وجددت موغريني للسراج دعم دول الاتحاد الأوروبي لخطة غسان سلامة والتزامها مساعدة ليبيا في إرساء الأمن ومحاربة الهجرة غير الشرعية.

محليا تواصل البعثة الأممية عملها من داخل ليبيا وقد مكن وجود البعثة في طرابلس المبعوث الاممي من انجاز الكثير من الانجازات مثل توقيع ما يعرف باتفاق الزاوية الأمني، وعلى ضوئه شرعت حكومة الوفاق في تنفيذ الترتيبات الأمنية و تسليم المليشيات للعشرات من المقرات الرسمية للحكومة المعترف بها دوليا كما سمح تواجد البعثة داخل ليبيا لمساعدي غسان سلامة بزيارة مختلف المدن الليبية والاجتماع مع المسؤولين المحليين، كما تمكنت البعثة من تهيئة الظروف لعقد المؤتمر الوطني الجامع ونجحت لحد الآن في رعاية 77 ملتقى تقريبا بجميع المناطق.

وهكذا تتعزز نجاحات المبعوث الحالي للأمم المتحدة التي ما كانت لتكون لو لم نيل ثقة الليبيين على خلافاتهم عكس من سبقوه على رأس البعثة الأممية ونذكر هنا كيف جرى طرد برناردينو ليون ومن بعده كوبلر في أكثر من مدينة ليبية. مؤشرات استكمال غسان سلامة مسلسل نجاحاته سوف تتآكل بلا شك في تنفيذ خارطة الطريق الأممية التي تبناها مجلس الأمن.

شرط توفر إرادة دولية لدعمه و تفهم محلي مع إن أصعب محطة في طريق بلوغ حل الأزمة هي المصالحة الوطنية الشاملة، فغسان سلامة ومن ورائه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ودول الجوار إلى حد اللحظة يعملون على توافق سياسي و مصالحة سياسية وحتى الاتفاق السياسي المتوقع في 2015 يتحدث عن كيفية الوصول للمصالحة السياسية و إنهاء المرحلة الانتقالية والعبور إلى بناء أجهزة الدولة وإقرار دستور دائم. غير أن المصالحة الوطنية وإعادة التعايش بين المدن و القبائل تجاهله الجميع و لم ينل خطة. الملف معقد وشائك سيما غرب البلاد أين يحصي المتابعون 16 نقطة توتر بين مدينة وأخرى، وهي توترات في اغلبها بلغت درجة اندلاع الحرب الأهلية و نتج عنها تهجير قسري واعتقالات على الهوية وماسي مازالت قائمة ومعاناة تاورغاء تغني عن كل تعليق…

معضلة الجنوب
الجنوب بدوره لا يختلف كثيرا عن الغرب الليبي إذ تؤكد الجهات المختصة في ليبيا بان إقليم فزان سجل وجود ما لا يقل عن 4 نقاط توتر ، ومرت هذه النقاط والمدن بحرب أهلية في اوباري-سبها-الكفرة. نقاط توتر سوف تشكل عقبة أمام انجاز المصالحة الوطنية الشاملة.

ويدرك المبعوث الخاص للامين العام للأمم المتحدة كل هذه العقبات لذلك أكد مرارا و تكرارا على أهمية انجاز المصالحة المحلية بين مدن و قبائل ليبيا تمهيدا للمصالحة الشاملة.وربما الاستثناء الوحيد في ليبيا هو إقليم برقة أين حافظ النسيج الاجتماعي على تماسكه والذي بفضله أمكن تفعيل المؤسسة العسكرية وهزم الإرهاب بأقل الإمكانيات عكس الغرب الليبي والجنوب أين فشلت جهود بناء الجيش وكسب انتصار على الإرهاب والسبب التوتر والصراعات القبلية. ويؤكد الداعمون لحكومة الوفاق بان احد أهم أسباب فشل حكومة السراج في بسط سلطتها إنما هي تلك العناصر مجتمعة أي الصراعات بين القبائل و التوتر السائد بين اغلب مدن غرب و جنوب البلاد .

 

تعليقات