قال المفوض بوزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، فتحي باشاغا إن الوزارة تعاني من «حملة شعواء ضد سياساتها الإصلاحية وعرقلة معاملاتها المالية بهدف تثبيط مجهودات التطوير والتجهيز ورفع الكفاءة» متهما «عدة جهات سيادية» لم يسمها بالتواطؤ في هذا الصدد، لكنه أشار إلى أن «جهة بعينها» هي التي تقف وراء هذه العرقلة وهي جهة «لم تلتزم بحدود اختصاصاتها القانونية وصارت تلعب دورا سياسيا وأصبحت طرفاً في معادلة النفوذ والاستقطاب».

وأضاف باشاغا في مقابلة مع «بوابة الوسط» من طرابلس، أن وزارة الداخلية أطلقت خطة أمنية تتعلق بالعاصمة، بعد أن بدت الترتيبات الأمنية المعتمدة من قبل المجلس الرئاسي والتي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة بمشاركة عدة جهات أمنية وعسكرية، لازالت حبراً على ورق ولم يتم الشروع في تنفيذها بسبب عراقيل لوجستية وإدارية ومالية.

وتطرّق باشاغا في مقابلته إلى موضوع التشكيلات المسلحة في العاصمة وعلاقتها بوزارة الداخلية، مصنفا إياها إلى نوعين، ومشددا على ضرورة مآلها إلى سلطة الدولة، الامتثال لقواعد القانون ومعايير الانضباط والمهنية.

وتحدث عن الوضع في الجنوب، وتقييمه لما يجري هناك، محددا ما يراه إيجابيا ويؤيده، وما يتحفظ بشأنه.

وأجاب المفوض بوزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا عن سؤال يتعلق بسبب تواصله خلال وجوده في أمريكا الأسبوع الماضي مع وزارة الدفاع (البنتاغون) موضحا المطالب التي طرحها على المسؤولين الأميركيين الذين قابلهم خلال زيارته، والوعود التي سمعها منهم.

نص المقابلة:
إلى أين وصلت الترتيبات الأمنية في العاصمة طرابلس؟
الترتيبات الأمنية المعتمدة من قبل المجلس الرئاسي والتي تشرف عليها بعثة الأمم المتحدة وتتضمن مشاركة عدة جهات أمنية وعسكرية لازالت حبراً على ورق ولم يتم الشروع في تنفيذها ومرد ذلك وجود عدة عراقيل لوجستية وإدارية وكذلك مالية بسبب تقاعس بعض الجهات عن توفير كافة المتطلبات المالية. ولذلك لم نستطع أن نبقى مكتوفي الأيدي وأطلقنا خطة أمنية للعاصمة طرابلس من خلال وزارة الداخلية والأجهزة النظامية التابعة لها وهي تسير بشكل جيد ولكن ليس بالشكل المأمول وهذا أمر متوقع بسبب ما تعانيه وزارة الداخلية من حملة شعواء ضد سياساتها الإصلاحية وعرقلة معاملاتها المالية بهدف تثبيط مجهودات التطوير والتجهيز ورفع الكفاءة وهناك عدة جهات سيادية للأسف متواطئة في هذا الصدد.

شكوتم مرارا من جهات مالية في الدولة تعرقل تنفيذ خططكم الأمنية، هل لنا أن نعرف هذه الجهات ولماذا تفعل ذلك؟
الجهات المالية معلومة لدى الكافة، للأسف الشديد حينما تسأل أي مواطن ليبي عن أسباب انهيار سعر الدينار وغلاء الأسعار وانعدام السيولة وتنامي دور تجار الحروب ومصادر تمويل عديد التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون ستجد الإجابة متجهة إلى جهة بعينها، تلك الجهة لم تلتزم بحدود اختصاصاتها القانونية وصارت تلعب دورا سياسيا وأصبحت طرفاً في معادلة النفوذ والاستقطاب، لم ولن نرضخ لإملاءات هؤلاء متى كانت تصب في اتجاه مصالح فئوية وشخصية والمصلحة العامة وخدمة الوطن وتأمين الدولة والمواطن هو المعيار ولا مجال للفساد والفوضى بعد الآن وسينال كل من سولت له نفسه التلاعب بحياة المواطن وقوته ومعيشته وممارسة الابتزاز السياسي سيلاقي جزاءه العادل بالقانون والعدالة ستقول كلمتها يوماً ما عاجلاً أو آجلاً.

لماذا كان تواصلكم خلال زيارتكم لأميركا مع البنتاغون، المعروف بأنه وزارة الدفاع وليس الداخلية؟
كما هو معلوم أن ملف الإرهاب ورصد وتعقب التنظيمات الإرهابية من ضمن الاختصاصات الأمنية لوزارة الداخلية ومحاربة الإرهاب العالمي من ضمن اختصاصات وزارة الدفاع الأميركية التي تقوم قواتها برصد وتعقب واستهداف معاقل الإرهاب في جميع أنحاء العالم ومن هذا المنطلق كان اللقاء بيننا وبين وزارة الدفاع لتوحيد الجهود والعمل المشترك لمكافحة الإرهاب بما يخدم مصالح ليبيا وأمن دولتها وشعبها.

ماذا طلبتم من الأميركيين، وهل تتوقعون استجابة قريبة لهذه المطالب؟
استعرضنا الجهود المبذولة من جانب وزارة الداخلية والعقبات التي تواجهنا بالذات في مجال التدريب والرفع من المستوى الفني والتقني للأجهزة الأمنية والتي من شأنها أن ترفع من كفاءة وجهوزية الأجهزة الأمنية من أداء واجباتها بالشكل الأمثل، ونأمل أن تكون الموضوعية والاحترافية في العمل أساس التعاون والاستجابة من الجانب الأميركي.

ما وضع التشكيلات المسلحة الموجودة في العاصمة بالنسبة لخططكم الأمنية، وهل هذه التشكيلات تعمل بالفعل تحت مظلة وزارة الداخلية؟ ومن يحاسبها في حالة ارتكاب تجاوزات قد تحسب عليكم؟
في الحقيقة علينا أن نقول إنه لا بديل عن الأجهزة الأمنية النظامية المحترفة التي تمتلك عناصرها مقومات التأهيل والتدريب والخبرة الأمنية اللازمة، وبسبب الظروف التي مرت بالبلاد خلال السنوات الماضية حصلت حالة فراغ أمني كبير نجم عنه ظهور مجموعات مسلحة تقوم بواجبات أمنية وهذه التشكيلات وبعد طول المدة منها من انتهى تلقائياً ومنها من تطور واكتسب عتادًا وعدة ولا زالوا موجودين على أرض الواقع هذه التشكيلات تنقسم إلى قسمين النوع الأول: يستعمل شعار وزارة الداخلية دون الالتزام بالخضوع والامتثال لقواعد القانون ومعايير الانضباط والمهنية ويقوم هذا النوع باستعمال ما لديه من قوة لإرهاب الدولة والمسؤولين والمواطنين لممارسة السطوة والنفوذ وفي بعض الأحيان تنفيذ أجندات بعض المسؤولين والسياسيين الفاسدين الذين وللأسف الشديد يستخدمون تلك المجموعات لتحقيق مكاسبهم الشخصية وفي ظني أن هؤلاء الشباب المتورطين مع هذه المجموعات ضحية مؤسفة من ضحايا الفساد الذي أصاب بعض الساسة وأنصحهم أن يعودوا إلى رشدهم وأن يدركوا أن الفرصة لا زالت سانحة للعودة وترك هذا الطريق المشين وبالإمكان أن يمارسوا حياتهم المدنية كأي مواطن ليبي شريف والعفو عند المقدرة أما العمل الأمني فلا يمكن بحال من الأحوال أن يكونوا جزءا منه لأنهم فقدوا أهم الشروط القانونية ومعايير الانضباط والسلوك القويم، العمل المدني متاح لهم ولنا أن نساعدهم في ذلك أما العمل الأمني فهذا لا يتأتى ولن يكون وأنصحهم ألا يتورطوا أكثر مع بعض المسؤولين الفاسدين. النوع الثاني: مجموعات مسلحة مارست العمل الأمني بشكل تطوعي في بداية الأمر بسبب الفراغ الأمني كما أشرت وبمرور المدة استطاعت أن تحقق بعض النتائج الإيجابية على صعيد مكافحة الجريمة والإرهاب وبالتعاون مع خبرات أمنية محترفة وبمعرفة ضباط أكفاء وهناك عدة قضايا تحال إلى النيابة العامة من تلك المجموعات التي تتبع كذلك للدولة ولكن لا أستطيع أن أصفها بالنظامية بالمعنى الحرفي والقانوني للكلمة. هذا النوع لا أستطيع أن أشكك في نواياهم الحسنة ولكنني لا أستطيع في نفس الوقت قبول حالة الارتجال ومخالفة قواعد التراتبية الإدارية ومعايير الانضباط واحترام القانون وقواعد حقوق الإنسان وهذه الخروقات نتيجة طبيعية لعدم خضوع هؤلاء للإعداد والتدريب والتأهيل وعدم إلمامهم بقواعد الإدارة وتراتبية السلطات والحدود القانونية للعمل الأمني حفاظاً على سلامة القضايا وعدم إفلات المجرمين من العقاب جراء عدم احترام الشرعية الإجرائية. هؤلاء الكرة في ملعبهم ومصيرهم بين أيديهم إما خضعوا للقانون وامتثلوا لسلطة وزارة الداخلية والدولة عموماً وسلموا أمرهم للقانون وقواعد الانضباط لغرض تقويمهم وتأهيلهم وإما استمروا في الكبر والعناد وسيكون مصيرهم كالنوع الأول بصرف النظر.

هل أنتم معنيون بالأوضاع الأمنية في الجنوب بعد دخول الجيش إلى مدنه الرئيسية واستلام الموضوع الأمني فيها؟
هذا الموضوع صار محلاً للمناورات السياسية واللغط عبر وسائل الإعلام خصوصاً بعد تصريحي الأخير لقناة الحرة الأميركية وفي هذا المقام أعيد وأكرر أننا يجب أن نرى ما يحصل في الجنوب بعين وطنية وموضوعية فلا أحد يستطيع إنكار تردي الأوضاع الأمنية في الجنوب وانتشار العصابات الإجرامية والتنظيمات الإرهابية وانتهاك السيادة الوطنية هناك وما تقوم به أي قوة ليبية وطنية في سبيل تطهير الجنوب من الإجرام المنظم والإرهاب أعتبره عملا وطنيا، أما التحفظ فلا يعدو أن يكون الحرص على عدم إخراج هذه العملية من سياقها الأمني والوطني وألا يتم استغلالها لتحقيق مآرب سياسية أو تقويض جهود المصالحة والتوافق السياسي واستغلالها لمزيد من الغلو والشطط بإهمال الحلول السياسية والركون إلى الحل العسكري فهذا الأمر يخرج عملية تطهير الجنوب من سياقها الوطني وهذا ما ذكرته وحذرت منه إلا أن بعض الجهات المغرضة والتي اعتادت على الاصطياد في المياه العكرة حاولت تأويل التصريح وكأنه شاذ وبالمناسبة فإن تصريحاتي في هذا الشأن تتوافق تماماً مع سياسة ورؤية المجلس الرئاسي الذي يدعم جهود تأمين البلاد بالكامل بتكاثف الجهود مع التحفظ بشأن الارتجال والعمل الانفرادي دون التنسيق والتشاور مع المجلس الرئاسي وألا يؤثر ذلك سلباً على جهود التوافق السياسي وتوحيد المؤسسات بما يخدم الصالح الوطني، ولا بد أن نفرق بين خصومة أطراف لسياسات وتوجهات السيد خليفة حفتر وبين معاداة المؤسسة العسكرية ويجب ألا تستبد الخصومة والكراهية بالعقول حتى تعمى عن التفرقة بين ما هو وطني ويصب في مصلحة البلاد وبين ما هو شخصي ويتسع للمعارضة السياسية ولكن قصر النظر والسطحية السياسية إضافةً إلى المزايدات هنا وهناك من بعض الشخصيات المعزولة التي تخرج علينا بين الفينة والأخرى والتي عندما سنحت لها الفرصة في السلطة كانت أياديها مرتعشة ورؤيتها مضطربة فلا أفلحت ولا أصلحت ومثل هذه الشخصيات التي زايدت علينا في تصريح بائس أعتقد أنها صارت مثيرة للشفقة بسبب عزلتها وإفلاسها الفكري والسياسي.

 

 

 

تعليقات