رشيد خشانة – تتجه أنظار الليبيين اليوم إلى فندق ريكسوس في العاصمة طرابلس، حيث دُعي أعضاء مجلس النواب عن المنطقتين الغربية والوسطى للإجتماع، بحثا عن حل للأزمة التي اندلعت مع هجوم قوات خليفة حفتر، القائد العسكري للمنطقة الشرقية، على طرابلس في الرابع من الشهر الماضي. وسيُعتبر اجتماع اليوم صحيحا إذا توافر النصاب وهو 101 نائبا من مجموع النواب البالغ عددهم 200 نائب. وكان الجناح المؤيد لحفتر في مجلس النواب، برئاسة المستشار عقيلة صالح، نقل مقر البرلمان إلى مدينة طبرق في المنطقة الشرقية، ما حمل نواب المناطق الأخرى على مقاطعة الجلسات.

وتفاقمت الأوضاع الانسانية في أحياء طرابلس أمس الأربعاء، مع استمرار المعارك بالأسلحة الثقيلة في عدة محاور بين قوات حكومة “الوفاق” وقوات حفتر، وسط استخدام مكثف للطيران الحربي من الجانبين، بحسب ما ذكر شهود عيان. وأتى التصعيد بعد تراجع نسبي يوم الثلاثاء. وبحسب مصادر من قوات حفتر تمكنت هذه الأخيرة من بسط “سيطرتها الكاملة” على منطقة السبيعة جنوبي العاصمة طرابلس، صباح أمس، إلا أن قوات “الوفاق” استعادتها بعد الظهر، مع استمرار الاشتباكات إلى المساء. كما استعادت “الوفاق” منطقة اليرموك، التي كانت تسيطر عليها  جماعات مسلحة من ترهونة, وتم تداول صور فيديو أمس لاعتقال أسرى من قوات حفتر وبث اعترافات لبعضهم.

في السياق قال المهندس هاني الترهوني، وهو من سكان العاصمة في اتصال هاتفي مع “القدس العربي” إن المشكل الأول الذي يؤرق الطرابلسيين هو تزايد أعداد النازحين من مناطق المعارك نحو وسط العاصمة، ما شكل ضغطا كبيرا على سكانها. وأفاد الترهوني، وهو مسؤول في مكتب التخطيط الحكومي، أن عدد النازحين المسجلين لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، بلغ أكثر من 11000 نازح، وهو المشكل الأول لسكان طرابلس. وتقوم لجنة النازحين برئاسة فاضل جبران بتجميع الأدوية، التي باتت نادرة في المستشفيات، لتأمين الحد الأدنى من الخدمات الطبية. وأفاد الدكتور حكيم الناجح، وهو أيضا من سكان طرابلس، أن متطوعين ومندوبين من شركات أدوية يقومون بجمع التبرعات وإيصالها إلى الجهات التي تحتاج إليها. وأضاف أن لجنة النازحين أطلقت أمس نداء إلى المؤسسات الخاصة في قطاع الأدوية للمساهمة في حملة جمع التبرعات.

وأبدى المهندس الترهوني خشيته من الاضطرار لمعاودة السنة الجامعية، بعدما تعذر على أعداد كبيرة من الطلاب الالتحاق بالكليات بسبب المعارك الدائرة في مناطقهم. وأكد أن معدلات الالتحاق بالمعاهد والكليات تتراجع يوما بعد يوم. وأضاف أن “جميع المؤشرات ستتغير بعد “معركة طرابلس” لأن الأوضاع تغيرت تماما، مع تزايد أعداد المفقودين والقتلى وارتفاع ظاهرة الترمل، والانقطاع عن التعليم بسبب الأوضاع الأمنية”.

وعلى المستوى السياسي قال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسي غراهام (جمهوري) أمس إنه “من المهم أن تعزز الولايات المتحدة التزامها بحل سياسي في ليبيا وترفض الجهود التي يبذلها أي طرف للاستيلاء العسكري، في رد غير مباشر على المكالمة التي أجراها الرئيس ترامب يوم 15 الجاري، مع قائد الجيش في المنطقة الشرقية اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والتي فُهمت على أنها تشجيع على عملية غزو طرابلس. وقال غراهام، وهو عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، في بيان صحفي إنه أجرى اتصالًا هاتفيًا بناءً برئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، جرى خلاله مناقشة الوضع الراهن في ليبيا وموقف الولايات المتحدة منه.

أكثر من ذلك، أكد غراهام أن “الإدارة الأمريكية بحاجة إلى إعادة التأكيد على التصريحات السابقة الرافضة للحل العسكري في ليبيا والضغط من أجل المصالحة السياسية”، مشددًا على أنه “لن يكون هناك حل عسكري فقط في ليبيا”، مُستعيدا بذلك تصريحات سابقة لوزير الخارجية بومبيو في هذا المعنى. ورأى غراهام أن “الولايات المتحدة بحاجة إلى قيادة الجهود لتحقيق المصالحة بين الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا وجميع الفصائل على الأرض”. وتابع: “أنا أقدر الجهود المبذولة للقضاء على تنظيم الدولة (داعش) وغيرها من الجماعات الإرهابية في ليبيا، وأعتقد بقوة أنه إذا توسعت الحرب الأهلية، فستملأ الجماعات الإرهابية الفراغ. لقد حان الوقت الآن لأن تقود الولايات المتحدة عملية المصالحة السياسية وترفض بشدة أي جهد، من قبل أي طرف، للحسم العسكري”.

على صعيد آخر أفادت مصادر في الأمم المتحدة أمس الأربعاء أن خفر السواحل التابع لحكومة الوفاق الوطني تمكن من ضبط 113 مهاجرا لدى محاولتهم الوصول إلى السواحل الايطالية خلال اليومين الماضيين. واستثمر المهاجرون الهدوء النسبي للمعارك ليركبوا البحر في اتجاه إيطاليا، بمساعدة مهربين محترفين. وأعيد المهاجرون إلى بلدتي زوارة والخُمس غرب العاصمة طرابلس، حيث أودعوا مراكز احتجاز. وتنطلق غالبية محاولات إبحار المهاجرين نحو سواحل إيطاليا من بلدات صبراتة وزوارة والخمس القريبة من الحدود التونسية.

تعليقات