أفاد مصدر تابع مداولات الجلسة التي عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الامريكي الأسبوع الماضي، لدرس الوضع في ليبيا، أن اللجنة استمعت إلى أربعة خبراء متخصصين في الشؤون الليبية لم يكشف المصدر عن هوياتهم، لكنهم اتفقوا على أن «هجوم (القائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة) حفتر على طرابلس تسبب في الازمة الحالية التي ستكون لها تداعيات سلبية كبيرة محلياً واقليمياً ودولياً» على ما قال المصدر. واعتبر الخبراء أن إعلان اللواء المتقاعد حفتر أنه يحارب الارهاب مجرد ادعاء لانه يحارب حاليا قوات مصراتة، التي تعاونت مع أمريكا في محاربة تنظيم «الدولة» في 2016 وقدمت تضحيات كبيرة من خلال عملية «البنيان المرصوص» لإخراج عناصره من مدينة سرت.
وأضاف المصدر أن الخبراء نصحوا الولايات المتحدة بالضغط على الامارات وفرنسا والسعودية ومصر للكف عن دعم حفتر، وبأن توضح ان الحل في ليبيا سياسي، ولن يأتي عن طريق نظام عسكري جديد. وأشار الخبراء، حسب المصدر، إلى أن سيطرة حفتر على بنغازي استغرقت ثلاث سنوات، ولذا فلن يستطيع السيطرة على طرابلس في زمن أقصر وهي أكثر سكانا وأوسع رقعة من بنغازي. وقالوا لأعضاء اللجنة «قد يكون حفتر زيَن الواقع لداعميه في الإمارات والسعودية ومصر بتضخيم قدراته، فليس لديه القوات والأسلحة الضرورية للسيطرة على طرابلس، ولهذا قد تطول الحرب ويزداد اعتماد حفتر والدول الداعمة له على القصف المدفعي بعيد المدى والغارات الجوية» وفق ما نقل المصدر.
وأشار أحد الخبراء إلى أن اللواء حفتر اعتمد في دخوله للجنوب الليبي على العلاقات القبلية وشراء الولاءات، مؤكدا أنه ليس لديه (حفتر) ما يكفي من القوات للسيطرة على الجنوب، ما جعله يُضطر إلى سحب قوات من هناك لتعزيز جبهة طرابلس، بعد الصعوبات التي واجهتها هناك.
وأفاد المصدر أن عضو مجلس النواب توم مالينوسكي أشار إلى أنه «بناء على الدور الماكر الذي يلعبه حفتر، فإن اعضاء اللجنة سيبعثون برسالة لوزير العدل ومدير جهاز اف بي أي لطلب التحقيق في جرائم الحرب التي قد تكون قوات حفتر قد ارتكبتها، والتي سيستطيع القضاء الامريكي التعامل معها باعتبار أن حفتر مواطن أمريكي».
وأكدت غالبية أعضاء اللجنة، حسب المصدر، أن «هناك حاجة ماسة لأن يوضح الرئيس الامريكي أن بلاده ليست منحازة لأي طرف من الطرفين المتحاربين في ليبيا»، واستطرادا شددت الغالبية على «الحاجة الماسة اليوم لتفعيل وقف لإطلاق النار كخطوة أولى للعودة للمسار السياسي».
وكانت الولايات المتحدة دعت يوم الأربعاء الثامن من الشهر الجاري، إلى وقف لإطلاق النار، وعودة جميع الأطراف إلى العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. وقال المندوب الأمريكي الدائم للولايات المتحدة المكلف السفير جوناثان كوهين، خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن في اليوم نفسه، إن بلاده «تشعر بقلق عميق إزاء عدم الاستقرار في طرابلس، الذي يُعرض المدنيين الأبرياء للخطر، وأن السلام الدائم والاستقرار لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال حل سياسي». وشدد كوهين على ضرورة عودة جميع الأطراف في ليبيا إلى العملية السياسية للأمم المتحدة «التي يعتمد نجاحها على وقف إطلاق النار في طرابلس وحولها».
وأكد المندوب الأمريكي أن واشنطن تدعم الجهود المستمرة التي يبذلها الممثل الخاص للأمم المتحدة غسان سلامة، وبعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا، للمساعدة في تفادي المزيد من التصعيد ورسم طريق إلى الأمام، يُحقق الأمن والرخاء لجميع الليبيين، بحسب كوهين. وقال أيضا «إن الولايات المتحدة لن تتسامح مع الانتهاكات والتجاوزات التي تحدث في ليبيا»، مضيفًا «ما زلنا نشعر بالقلق إزاء الانتهاكات التي ارتكبها المتاجرون بالبشر والمهربون ضد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا، ونحن ندعم الجهود الرامية إلى مساءلة هؤلاء الأفراد، بمن فيهم المسؤولون الحكوميون الذين ثبتت مشاركتهم في التواطؤ، وستواصل الولايات المتحدة العمل من أجل وضع حد للإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان».
ويتطابق هذا الموقف مع ما أعلنته الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويليامز، التي تتولى حاليا منصب نائب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للشؤون السياسية، إذ أكدت خلال لقائها أول أمس الأحد بوفد نسائي من وحدة دعم وتمكين المرأة التابعة للمجلس الرئاسي (حكومة الوفاق الوطني) في طرابلس، أن «لا حل عسكريا في ليبيا»، وشددت على «الحاجة الملحة للحوار وأهمية دور النساء في السلام، وأثنت على جهودهن في التوصل لحل سياسي للأزمة الراهنة».
من جهة أخرى بدأ قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، أمس، «زيارة عمل وتفتيش إلى الناحية العسكرية الرابعة في منطقة ورقلة، جنوب البلاد للإشراف على مناورة عسكرية قرب الحدود الجزائرية مع ليبيا». وقال بيان جزائري إن الفريق صالح سيشرف خلال هذه الزيارة على تنفيذ تمارين رمايات المراقبة بالصواريخ طبقا للتوجيهات العملياتية السنوية، ويترأس لقاءات توجيهية مع قيادات المنطقة، ويتفقد بعض الوحدات المرابطة على الحدود. ولوحظ أن رئيس الأركان الجزائري كثف من زياراته خلال الأسابيع الأخيرة إلى المناطق القريبة من الحدود الليبية – الجزائرية، وكان آخرها في أبريل/ نيسان الماضي إلى ورقلة وجانيت، حيث توجد أكبر حقول النفط ومنشآت الغاز في الصحراء الجزائرية.

تعليقات