من اليمين سيالة وبوريطه والجهيناوي وبو قادم

 

لا تزال تطورات الأوضاع في ليبيا محط قلق دول الجوار مع استمرار اقتتال الأطراف المتصارعة في محيط العاصمة طرابلس، وسط مساع إقليمية وغربية لتحديد آلية لوقف إطلاق النار.

ومع تعثر عقد اجتماع لوزراء خارجية دول الجوار الذي دعت إليه تونس قبل أربعة أسابيع، اكتفت حكومات تلك الدول بعقد مشاورات هاتفية أكدت على ضرورة وقف إطلاق النار والعودة إلى الحوار السياسي، لكن هيمنت مسألة تجاوز عراقيل تحقيق وقف الاقتتال على مجمل اللقاءات.

وقال مصدر دبلوماسي تونسي لـ«بوابة الوسط»، إن قوى غربية وإقليمية استعرضت مقترحات تنص على انسحاب القوات التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي إلى مناطق محددة وليس عودتها إلى قواعدها السابقة كما تطلب حكومة الوفاق.

وأضاف المصدر أن المقترحات تتضمن إرسال مراقبين من هيئة الأمم المتحدة للإشراف على مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار وتوجيه عقوبات لكل من يخرق الاتفاق.

تونس أكثر المتعجلين
وتعتبر تونس أكثر المتعجلين بوقف الاقتتال في ليبيا لتأثيره على أمنها الداخلي، خاصة وأنها بدأت تستعد عبر مراكزها الحدودية لاستقبال لاجئين فارين من ليبيا.

وأكد وزير الخارجية خميس الجهيناوي خلال لقاءه الرئيس الباجي قايد السبسي، على الجهود التي تبذلها تونس والاتصالات التي تجريها مع دول الجوار ومع مختلف الأطراف الليبية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار واستئناف المسار السياسي برعاية الأمم المتحدة.

وسبق أن حث المفوض بوزارة الخارجية في حكومة الوفاق محمد سيالة، دول المغرب العربي بلعب دور أكبر لردّ ما سماه «العدوان على طرابلس»، والضغط في اتجاه توحيد الموقف الإقليمي والدولي.

وأجرى سيالة اتصالات هاتفية بكل من وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة ووزير الخارجية الجزائري صبري بوقادم ووزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، وأوضح بيان لوزارة الخارجية بحكومة الوفاق أن الاتصالات تناولت بحث الوضع الراهن في العاصمة طرابلس، وسبل وقف الحرب.

تحرك جزائري
إلا أن الجزائر فضلت تشديد القبضة الأمنية عبر حدودها وبعث التنسيق الأمني مع دول الساحل الإفريقي لامتصاص التحدي القادم من ليبيا، وأكّد رئيس الحكومة النيجيري بريجي رافيني، أمس الثلاثاء، أنّ الجزائر والنيجر ملتزمتان بكل تضامن بمواجهة التحديات الأمنية التي تعرفها ليبيا.

وقال رافيني، في تصريح عقب استقباله من رئيس الدولة الجزائري الموقت عبد القادر بن صالح، «تطرقنا إلى المسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك وضرورة تظافر جهود البلدين لمواجهة التحديات التي تعرفها منطقة الساحل لا سيما ليبيا».

وعلى الجانب الآخر، أجرى قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، زيارة عمل وتفتيش إلى الناحية العسكرية الرابعة بورقلة، جنوبي البلاد القريبة من الحدود الليبية، للإشراف على تمرين عسكري بالرمايات الحقيقية، ما يعطي انطباعا على هواجس الجزائر من طول أمد الصراع في جارتها الشرقية.

أيضًا، كثف قايد صالح، من زياراته إلى المنطقة الحدودية مع ليبيا خلال الأسابيع الأخيرة كان آخرها شهر ابريل الماضي، حيث توجد في ورقلة وجانت أكبر وأغنى حقول النفط ومنشآت الغاز بالصحراء الجزائرية.

وتعتقد السلطات الجزائرية أن الهدوء على الحدود الجنوبية الشرقية للبلاد يجب أن يكون له الأسبقية على جميع الاعتبارات الأخرى انطلاقا مما تشهده الجزائر من مرحلة انتقالية.

كما التزم قايد صالح، منذ استقالة الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة، بهذا الموقف فيما يتعلق بالحدود مع دول الجوار المشتعلة ، بينما تدعو فرنسا إلى تعبئة منسقة ضد قادة التنظيمات الإرهابية بمنطقة الساحل.

وبدأت المواجهات العنيفة التي تشهدها الضواحي الجنوبية لطرابلس بين قوات تابعة لحكومة الوفاق وأخرى تابعة للقيادة العامة في 4 أبريل الماضي، مخلفة 510 أشخاص و2467 مصابًا، حسب منظمة الصحة العالمية.

جولة فرنسية لطمأنة دول الساحل
وانصبت أيضا جولة وزير الخارجية الفرنسي، جان ييف لودريان، إلى مالي وتشاد، الجمعة الماضية ويومي الأثنين والثلاثاء، للبحث عن حل والتأكيد على «الالتزام القوي لفرنسا تجاه أمن الساحل ورغبتها في دعم نشاطات الاستقرار في مالي ودول المنطقة، خصوصا في إطار مجموعة دول الساحل الخمس المشتركة (موريتانيا، ومالي، وتشاد، والنيجر، وبوركينا فاسو).

وتشير أوساط سياسية فرنسية إلى خلفيات زيارة لودريان إلى دول المنطقة عقب التطورات الأخيرة في منطقة الساحل الأفريقي وتأثيراتها على الحرب في ليبيا.

وتأخذ فرنسا بمحمل الجد تهديد زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي في مقطع فيديو دعائي نشر يوم 29 أبريل، بشكل مباشر «فرنسا الصليبية» وحثه أتباعه في بوركينا فاسو ومالي على مواصلة هجماتهم ضد الأهداف الفرنسية والتكثيف منها. ويشتبه في مسؤولية تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى عن اختطاف السائحين الفرنسيين في بنين اللذين تم تحريرهما مؤخرًا.

ويقول مراقبون إن فرنسا مطالبة بمواجهة توسع منطقة النشاط الإرهابي من مالي إلى بوركينا فاسو مع استئناف التوتر الأمني في طرابلس، وإلا سيؤدي حتما إلى تغذية تطرف جديد في ليبيا، وتهيئة الفرص أمام تنظيم داعش للعودة مجددا.

تعليقات