دخول طرابلس بات أمرا وشيكا

 

تركز الولايات المتحدة، خلال الفترة الأخيرة، على إظهار حجم النفوذ الروسي في ليبيا واستدعاء صورة الدور الذي لعبته موسكو في سوريا في تغيير التطورات الميدانية لصالح الرئيس بشار الأسد، وتثبيت نفسها كلاعب رئيسي مالك لمفاتيح الحل، وذلك باتهام دفاعات روسية بإسقاط طائرة أميركية مسيرة في نوفمبر الماضي.

وفيما توحي واشنطن بأن التدخل الروسي سيكون حاسما في ليبيا، سيكون من مصلحة حكومة الوفاق تضخيم الوجود الروسي الداعم لقائد الجيش الوطني خليفة حفتر، في وقت تقول فيه تقارير مختلفة إن دخول العاصمة طرابلس بات أمرا وشيكا.

وتقول القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) إن الجيش الأميركي يعتقد أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت طائرة أميركية مسيرة وغير مسلحة فُقدت قرب العاصمة الليبية الشهر الماضي ويطالب بعودة حطامها.

وتسلط مثل هذه الواقعة الضوء على دور موسكو القوي على نحو متزايد في ليبيا الغنية بموارد الطاقة في وقت تكثف فيه تقارير أميركية الحديث عن وجود مرتزقة روس يتدخلون بالنيابة عن خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي في المعارك الفاصلة على تخوم طرابلس.

ويسعى حفتر لانتزاع السيطرة على طرابلس التي تسيطر عليها الآن حكومة الوفاق الوطني الليبية والتي تتحالف مع ميليشيات وعناصر متشددة بعضها مصنف دوليا في قوائم الإرهاب. وقال الجنرال ستيفن تاونسند قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا إنه يعتقد أن من كان يدير الدفاعات الجوية في ذلك الوقت “لم يكن يعلم أنها طائرة أميركية مسيرة عندما أطلق النار عليها”.

وأضاف تاونسند في بيان لرويترز دون أن يخوض في التفاصيل “لكنه يعلم الآن بالتأكيد ويرفض إعادتها. هو يقول إنه لا يعلم مكانها لكنني لا أصدق هذا”.

وقال الكولونيل كريستوفر كارنز المتحدث باسم القيادة العسكرية في أفريقيا إن التقييم الأميركي الذي لم يُكشف عنه من قبل يخلص إلى أن من كانوا يديرون الدفاعات الجوية عندما وردت أنباء عن إسقاط الطائرة المسيرة يوم 21 نوفمبر الماضي كانوا إما متعاقدين عسكريين خاصين من روسيا وإما الجيش الوطني الليبي.

وأضاف كارنز أن الولايات المتحدة تعتقد أن من كانوا يديرون الدفاعات الجوية أطلقوا النار على الطائرة الأميركية بعدما “ظنوا على سبيل الخطأ أنها طائرة مسيرة للمعارضة”.

وقال فردريك فهري وهو عضو كبير في مؤسسة كارنيجي الدولية للسلام إن مساهمات الروس في ما يتعلق بتعزيز القدرات في جميع المجالات ابتداء من القناصة إلى الأسلحة الموجهة بدقة يمكن لمسها في ساحة القتال مما يعزز معنويات قوات حفتر.

وقال فهري الذي عاد من ليبيا في الآونة الأخيرة “إنها تعطي حفتر تفوقا تكنولوجيا حقيقيا”. وامتنع وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر عن التعليق بشكل مباشر على الطائرة المسيرة في مقابلة مع رويترز في الأسبوع الماضي ولكنه قال إنه يعتقد أن روسيا تحاول التأثير في مجريات الحرب الأهلية الليبية لخلق وضع موات لموسكو.

وتنفي السلطات الروسية استخدام متعاقدين عسكريين في أي ساحة قتال خارجية وتقول إن أي مدنيين روس ربما يقاتلون في الخارج هم متطوعون. وينفي الجيش الوطني الليبي تلقي أي دعم أجنبي.

ويعتقد مراقبون أن تركيز واشنطن على الوجود الروسي في ليبيا هدفه تحذير الأوروبيين من تكرار ما جرى في سوريا، وأن موسكو التي باتت لاعبا رئيسيا في شرق المتوسط من خلال قواعد عسكرية باتت الآن تخطط للسيطرة على جنوب المتوسط وتطويق أوروبا من الجنوب.

ويشير المراقبون إلى أن واشنطن لا تريد أن تفوت في ملعب جديد ذي بعد استراتيجي لروسيا بعد سوريا، وهو ما يفسر التركيز الإعلامي على وجود مرتزقة روس ودفاعات قادرة على استهداف الطائرات الأميركية، وربما الأوروبية، إذا نجح الروس في تثبيت وجودهم على الأرض.

وبات واضحا أن هناك خلافا جوهريا بين روسيا والولايات المتحدة ومن ورائها أوروبا، فالأولى تسعى لمواجهة الجماعات المصنفة إرهابية عبر دعم شركاء على الأرض يتولون هذه المهمة مثل الأسد في سوريا وحفتر في ليبيا، فيما يريد الأميركيون استمرار حالة الغموض على الأرض وإدامة الصراع بين مختلف الأطراف.

واشنطن لا تريد أن تفوت في ملعب جديد ذي بعد استراتيجي لروسيا بعد سوريا

وتعارض روسيا مؤتمر برلين الذي تستعد ألمانيا لعقده ويهدف إلى تثبيت الأمر الواقع، أي تمثيل الميليشيات، بما في ذلك المتهمة بالإرهاب، فيه تحت غطاء حكومة الوفاق. وتطالب موسكو بتوسيع دائرة المشاركين لتشمل التمثيلية الأطراف الليبية والإقليمية المؤثرة، واصفا التقارير عن وجود مرتزقة روس في ليبيا بـ”الشائعات”.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الجمعة، إن “مؤتمر برلين فاجأني لعدم دعوة الأحزاب الليبية ودول الجوار وهو بالتالي فرصة ضائعة”.

وأضاف أمام منتدى دولي لوزراء الخارجية بعنوان “ميد ديالوغز”، “آمل في أن نحرز تقدما في المستقبل مع مقاربة أكثر شمولية”.

وفي وقت سابق أعلن لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو أن “أي طرف له صلة بليبيا وأيضا بالاتحاد الأفريقي الذي أُبقي بلا سبب بعيدا عن مؤتمر برلين يجب دعوته إليه”.

وخلال زيارة قصيرة لليبيا أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس مؤخرا أن وقف التدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية سيكون أحد أهداف مؤتمر برلين.

وقبل شهر نفت روسيا معلومات صحافية عن وصول 200 من المرتزقة إلى ليبيا حيث يشتبه في أن موسكو تدعم قوات حفتر.

 

 

 

 

تعليقات