الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في واتفورد يوم الرابع من ديسمبر كانون الأول 2019. تصوير: توبي ميلفيل – رويترز.

 

وافق البرلمان التركي بأغلبية ساحقة يوم الخميس على مشروع قانون يسمح بإرسال قوات إلى ليبيا في خطوة تمهد لتعاون عسكري أوثق بين أنقرة وطرابلس لكن من المستبعد أن تؤدي إلى نشر فوري للقوات.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يحظى تحالف حزبه الحاكم بالأغلبية في البرلمان، قد قال الأسبوع الماضي إن تركيا ستنشر قوات في ليبيا لدعم حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج المعترف بها دوليا.

وطلبت حكومة الوفاق دعما تركيا فيما تواجه هجوما من قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر التي تحظى بدعم روسيا ومصر والإمارات والأردن.

واستمر القتال والقصف الجوي في محيط طرابلس في حين قالت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن ثلاث قذائف مورتر سقطت يوم الخميس بالقرب من مركز مؤقت مزدحم بالمهاجرين يضم نحو ألف شخص بوسط المدينة.

جاءت الخطوة التركية بعدما وقعت أنقرة وحكومة الوفاق الوطني الليبية اتفاقين منفصلين في نوفمبر تشرين الثاني يرتبط الأول بالأمن والتعاون العسكري ويتعلق الآخر بالحدود البحرية في شرق البحر المتوسط وذلك في إجراء أثار غضب اليونان وإسرائيل ومصر وقبرص.

وقالت وزارة الخارجية المصرية فور إعلان نتيجة التصويت إنها تندد بقوة بقرار البرلمان التركي ودعت المجتمع الدولي إلى “الاضطلاع بمسؤولياته بشكل عاجل في التصدي لهذا التطور”.

وأقر البرلمان مشروع القانون، الذي رفضته كل أحزاب المعارضة الرئيسية، بموافقة 315 واعتراض 184 عضوا. وتقول أحزاب المعارضة إن الإجراء قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات في ليبيا ويعرض الجنود الأتراك والأمن القومي التركي للخطر.

وقال إبراهيم كالين المتحدث باسم أردوغان إن مشروع القانون خطوة مهمة لحماية مصالح أنقرة في شمال أفريقيا ومنطقة البحر المتوسط ولتحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.

وقال وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني الليبية فتحي باشاغا في تصريح لرويترز إن طرابلس طلبت دعما من تركيا بعد التصعيد الخطير في الصراع من قبل قوات حفتر.

وقال الوزير إن “حكومة الوفاق الوطني هي الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً دون منازع…ولها كامل الحق في الدفاع عن شرعيتها”.

ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن النائب الروسي ديمتري نوفاكوف قوله عقب التصويت إن الوجود العسكري التركي في ليبيا “لن يؤدي إلا إلى تدهور الوضع”.

وذكرت الرئاسة التركية أن أردوغان بحث الوضع في ليبيا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتصال هاتفي يوم الخميس لكنها لم تقدم تفاصيل. ومن المقرر أن يبحث أردوغان الوضع في ليبيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في وقت لاحق الشهر الجاري.

* دور رمزي

أرسلت أنقرة بالفعل إمدادات عسكرية إلى حكومة الوفاق الوطني بالرغم من حظر للأسلحة تفرضه الأمم المتحدة، وذلك وفقا لتقرير للمنظمة اطلعت عليه رويترز. وقالت أيضا إنها ستساعد في منع انزلاق ليبيا إلى “الفوضى” وستقدم كل ما تستطيع من دعم.

لكن محللين وبعض المسؤولين قالوا إن من المستبعد أن ترسل أنقرة قوات على الفور وتوقعوا إرسال مستشارين عسكريين ومعدات.

وقال سنان أولجن، الدبلوماسي التركي السابق ورئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية، “نأمل ألا ينخرط الجيش التركي بنفسه في تحرك عسكري”.

وذكر مسؤول تركي كبير الأسبوع الماضي أن بلاده قد تدرب جنودا ليبيين على أراضيها وقالت رويترز إن أنقرة تبحث أيضا إرسال مقاتلين سوريين متحالفين معها إلى طرابلس في إطار الدعم العسكري المزمع.

وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي أمس الأربعاء إن مشروع القانون يمثل خطوة رمزية وتأمل أنقرة أن يكون “رادعا” للأطراف، وأضاف أن تركيا قد لا ترسل قوات إذا أوقفت قوات حفتر هجومها وانسحبت.

* سباق نحو الموارد

أنهى الاتفاق البحري بين أنقرة وطرابلس عزلة تركيا في شرق البحر المتوسط حيث يوجد خلاف بينها وبين اليونان بشأن الموارد الطبيعية قبالة قبرص. وقالت اليونان إن الاتفاق انتهاك للقانون الدولي لكن أنقرة رفضت ذلك قائلة إنها ترغب فقط في حماية حقوقها.

ووقعت اليونان وقبرص وإسرائيل اليوم الخميس اتفاقا لمد خط أنابيب تحت البحر بطول 1900 كيلومتر لنقل الغاز الطبيعي من منطقة شرق البحر المتوسط إلى أوروبا. لكن محللين يقولون إن الاتفاق بين تركيا وليبيا قد يعيق تنفيذ المشروع.

وقالت أسلي أيدنتسباس الزميلة بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “ترى أنقرة تدخلها في ليبيا مؤشرا على وضعها الجديد كقوة إقليمية”.

وقالت تركيا إن الاتفاقيتين تهدفان لحماية الاستثمارات التركية الخاصة في ليبيا وتعزيز مصادر الطاقة التي تزعم أحقيتها بها في شرق المتوسط.

 

 

 

تعليقات