أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية التي تدعمها الأمم المتحدة الخميس رفضها “هدنة” خلال شهر رمضان أعلنها المشير خليفة حفتر رجل شرق ليبيا القوي.

وأعلن حفتر في وقت متأخر الأربعاء “وقف جميع العمليات العسكرية” من جانبه لمناسبة رمضان، لكن دوي الاشتباكات المتقطعة سمع بشكل متواصل عقب الإعلان، حتى فجر الخميس.

وأوضحت حكومة الوفاق في بيان أنّها ستُواصل “الدفاع المشروع عن النفس، وضرب بؤر التهديد أينما وجدت وإنهاء المجموعات الخارجة على القانون (…) في كامل أنحاء البلاد”.

وأضافت “ما سبق من انتهاكات وخروقات يجعلنا لا نثق أبداً في ما يُعلَن من هدنة، لأنه (حفتر) اعتاد على الغدر والخيانة”.

وقالت “ما أعلنه منذ يومين بالانقلاب على الاتفاق السياسي والمؤسسات الشرعية، يؤكد أنّ ليس لدينا شريك للسلام بل امامنا شخص متعطش للدماء مهووس بالسلطة”.

وأشارت حكومة الوفاق إلى أن أي وقف للنار “وصولا إلى هدنة حقيقية يحتاج إلى ضمانات دولية” تفعّل عمل “لجنة 5+5″ التي تشرف عليها بعثة الدعم في ليبيا.

وأقرّت اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 (خمسة أعضاء من قوات حفتر ومثلهم من قوات حكومة الوفاق) ضمن حوارات جنيف في شباط/فبراير الماضي، وتسعى إلى التوصل لوقف دائم للنار استكمالا لمخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا، وتمهيدا لخارطة سياسية لحل الأزمة.

لكن اللجنة علقت أعمالها عقب جولتَي محادثات، بسبب خلافات بين طرفي النزاع.

وأشارت حكومة الوفاق في بيانها إلى أنه رغم انتهاكات قوات حفتر لوقف النار في وقت سابق، إلا أنها قبلت بـ”الهدنة الإنسانية” التي دعت اليها منظمات دولية وإقليمية عدة.

ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عدة إلى “هدنة انسانية” في ليبيا خلال رمضان، خاصة لمواجهة مخاطر فيروس كوفيد-19.

وجددت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الخميس الدعوة إلى إنهاء النزاعات من أجل السماح للسلطات بالاستجابة لتهديد كوفيد-19.

وأبدت في بيان قلقها حيال “استمرار الهجمات العشوائية واستهداف المدنيين”، قائلة إنها وثّقت ما لا يقل عن 131 ضحية مدنية، بينها 64 وفاة منذ بداية العام حتى 31 آذار/مارس.

وأضاف البيان أن ذلك يمثل زيادة بنسبة 45 بالمئة في الخسائر بين المدنيين في الربع الأخير من 2019.

– حوار ليبي –

بدورها، جددت الجزائر دعوتها إلى حل سياسي وشامل عبر حوار ليبي – ليبي.

وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان أنها “تتابع بانشغال كبير التطورات الأخيرة للأوضاع في ليبيا على خلفية التصعيد بين الأطراف السياسية المتصارعة”. وقالت “ندعو لحل سياسي شامل ودائم عبر حوار ليبي-ليبي جامع، بعيدا عن التدخلات الخارجية”.

وطالبت “الفرقاء الليبيين بأن يتحلوا بالحكمة ويغلّبوا لغة الحوار من أجل وضع حد للاقتتال الدائر”.

وجددت الخارجية وقوفها إلى “جانب الشعب الليبي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه ودعمها لطموحاته وتطلعاته في الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون مع جميع جيرانه”، وفق البيان.

ولا يعترف حفتر الذي يقود منذ أكثر من عام هجوما للسيطرة على طرابلس، بشرعية حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة وشُكّلت بموجب اتّفاق وقّع في الصخيرات بالمغرب عام 2015.

وجاء إعلان الهدنة بينما واجهت قوات حفتر انتكاسات عدة في الأسابيع الأخيرة، بعدما انتزعت قوات حكومة الوفاق المدعومة من تركيا مدينتي صبراتة وصرمان الاستراتيجيتين في الغرب وتطوق حاليا ترهونة، أكبر قاعدة خلفية لقوات حفتر وتبعد ثمانين كيلومترا جنوب شرق طرابلس.

ومنذ بداية هجومه، أعلن حفتر هدنات في مرات عدة لكنها لم تُحترم، بينما يتبادل الجانبان الاتهامات بانتهاكها.

وفي خطاب الإثنين الماضي في بنغازي، مقرّ قيادته، أعلن حفتر “إسقاط” اتفاق الصخيرات السياسي وحصوله على “تفويض شعبي” لإدارة البلاد.

ودانت حكومة الوفاق هذه الخطوة واعتبرتها “انقلابا جديدا” على السلطة.

ورفضت الأمم المتحدة ودول غربية وعربية الإعلان “الأحادي”، مؤكدة ضرورة اتخاذ الاتفاق السياسي الليبي مرجعا أساسيا وإطارا وحيدا للتسوية السياسية في ليبيا.

تعليقات