شهد الصراع في ليبيا تطورا نوعيا تمثل في استعادة قوات حكومة الوفاق الوطني لقاعد “الوطية” من قوات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وهو ما يعني عمليا نهاية نفوذ حفتر في الغرب الليبي، في وقت تحدث فيه محللون عن نهاية قريبة للنفوذ الإماراتي في البلاد، فيما كشف وسائل إعلام عن تصال بين رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، ورئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، فيما حذر سياسيون من محاولة بعض الأطراف الضغط على البرلمان من أجل دفعه لاتخاذ موقف مؤيد لمعسكر الإمارات في ليبيا.
وأكدت وسائل إعلام ليبية مقتل أسامة مسيك، آمر حماية قاعدة الوطية الجوية التابع لقوات حفتر في هجوم شنته قوات حكومة الوفاق على القاعدة، وهو م يعني خسارة حفتر لآخر قاعدة له في الغرب الليبي.
وكتب الخبير العسكري ناصر الدويلة “ستكون معركة استعادة قاعدة الوطية نموذج للمدن الليبية التي تعيش في وهم قوة حفتر(…) القتال الآن داخل قاعدة الوطية وشراذم حفتر في حالة انهيار وتحاول اللجوء الى المنطقة السكنيه لحماية نفسها من صولة الفرسان وخلال سويعات سيتم تشغيل القاعدة تحت راية الوطن الليبي الكبير وسنشرب القهوة التركية على الفطور بحول الله العزيز، فيا اهل ترهونه و بني وليد لا تكونوا من المغرقين”.
وكتب الناشط أحمد البقري “بدأت قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا من كافة المناطق العسكرية في اجتياح قاعدة الوطية الجوية، أقصى غرب ليبيا، التي تتحصن فيها قوات الانقلابي حفتر. ان شاء الله يتحرر كامل التراب الليبي من حفتر وميليشياته وهزيمة مذلة لمحور الشر”.
ودوّن محمود رفعت المتحدث باسم مجموعة العمل الدولية من أجل ليبيا “العمليات التي تتم بمحيط طرابلس ومناطق أخرى من ليبيا تنفذها حكومة معترف بها دوليا ضد مليشيات تلاحقها الجنائية الدولية ودعم تركيا للعمليات يأتي في اطار اتفاق شرعي بين الدولتين، وهو ما ألجم داعمي حفتر، السيسي والسعودية والإمارات وبعض الأطراف الأوروبية التي تدعم خليفة حفتر”. وأشار إلى وجود “ضباط مصريين” إلى جانب قوات حفتر ضمن قاعدة الوطنية، وأوضح بقوله “سوف تشهد سيناء المزيد من إرهاب الدولة الذي يرتكبه السيسي في كل مرة للتغطية على عودة جثث أفراد جيش مصر من ليبيا، ولا استبعد هذه المرة أن تكون العمليات الاجرامية في القاهرة أو محافظات الدلتا”.
وكتب الباحث والمحلل السياسي د. طارق الكحلاوي “لنتذكر جيدا ودائما ان الخط الفاصل الجذري بين حداثة واصولية دينية هو خط وهمي. فرنسا هي احد الداعمين الرئيسيين الان للتحالف بين الرجعية الاستبدادية والرجعية السلفية المدخلية في ليبيا (حفتر والمداخلة من الورفلي الى الكانيات). ليس ذلك تحالفا مستجدا. بريطانيا كانت الداعم الرئيسي بالسلاح والعتاد والمال لـ”اخوان طاعة الله” (الوهابية المسلحة) التي قادها عبد العزيز بن سعود خلال الحرب العالمية الاولى للاطاحة بالشريف حسين الذي لم يقبل بمخرجات سايكس بيكو بعد توظيفه من قبل التحالف البريطاني-الفرنسي للاطاحة بالعثمانيين. ومثلما دعمت واشنطن “المجاهدين الافغان” ومن ثمة حلفائهم من العرب الافغان في الحرب السوفياتية -الافغانية (طبعا الاحتلال السوفياتي لافغانستان كان وحشيا ايضا). كل من يدعي وجود خط جذري فاصل لصراع حداثي-اصولي انما يغالط الناس.الصراعات يتم حسمها على اساس المصالح القومية والاقتصادية… تلك هي البوصلة الرئيسية لتحليل اي صراع”.
وأضاف المحلل السياسي بولبابة سالم “قوات حكومة الوفاق تدخل قاعدة الوطية الجوية مركز عمليات حفتر في الغرب الليبي ووقوع عشرات المرتزقة الاجانب في الأسر و منهم ضباط كبار. حفتر خان القذافي واليوم ينهار رغم دعم الامارات ونظام السيسي و فرنسا. دول الخليج أكثر من يشتري السلاح في العالم و يبدو انه مغشوش! هزمتهم البيرقدار التركية التي سيطرت على الأجواء الليبية”.
فيما كشفت وسائل إعلام عن اتصال هاتفي بين رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، مشيرة إلى أن الطرفين تناولا الأوضاع الأمنية المضطربة التي تعيشها ليبيا.
من جانب آخر، انتقد عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري محاولة بعض الأطراف التونسية الضغط على البرلمان لدفعه لاتخاذ موقف “مؤيد” للمعسكر الإماراتي في ليبيا، حيث دوّن على صفحته في موقع فيسبوك “عندما تهب عبير موسي (رئيسة الحزب الدستوري الحر) لنجدة خليفة حفتر باقتراح مشروع لائحة برلمانية فاعلم أن محور الإمارات في ليبيا يعاني صعوبات غير مسبوقة فرضت التعجيل ببعث رسائل له من تحت قبة باردو”.
وكانت كتلة الحزب الدستوري الحر أعلنت تقديم مشروع لائحة للبرلمان “تهدف إلى إعلان رفض البرلمان للتدخل الخارجي في الشقيقة ليبيا ومناهضته لتشكيل قاعدة لوجستية داخل التراب التونسي قصد تسهيل تنفيذ هذا التدخل”.
وتتضمن اللائحة المذكورة إعلان البرلمان “رفضه المطلق لأي تدخل خارجي في ليبيا من شأنه ضرب وحدة ترابها والمساس من سيادتها وزعزعة الأمن والسلم في المنطقة ومناهضته التامة لتمكين الأطراف التي تخطط للتدخل العسكري في هذا البلد الشقيق من التموقع بالتراب التونسي وتشكيل قاعدة لوجستية داخله تحت غطاء الاتفاقيات والمعاهدات الاقتصادية والاجتماعية والمالية قصد تسهيل تنفيذ سياستها التوسعية”.
وهو ما يتنقض مع موقف أغلب الأطراف السياسية التونسية، ومن بينها حركة النهضة التي أشادت بـ”مبادرات رئيس الدولة المتعلّقة بالسلم الدولي وتأكيد سيادته المتواصل على موقف تونس الثابت في الوقوف مع الشرعية في ليبيا”، معتبرة أن “الحل في الشقيقة ليبيا لا يكون إلاّ سياسياً وسلميّاً بما يضمن وحدة ترابها وشعبها ويبعد عنها شبح الحرب والتدخلات الأجنبية”.

 

 

 

 

تعليقات