سعيد لمرابط

 

أعلن رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي، أمس الإثنين، عن اتجاه المغرب نحو إطلاق مبادرة برلمانية بين الفرقاء الليبيين، مع تأكيده على دعم كل المبادرات التي تخرج ليبيا من أزمتها.
وقال في تصريح مشترك مع رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، المؤيد للجنرال خليفة حفتر، إن الزيارة التي يقوم بها صالح للمغرب تندرج في إطار المشاورات المنتظمة بين المؤسستين التشريعيتين المغربية والليبية، مؤكداً أن بلاده تتابع كل التطورات في الساحة الليبية، خاصة منذ التوقيع على اتفاقية الصخيرات.
وأعلن المالكي دعم المبادرات الموجودة على الساحة الليبية: «نتابع كل التطورات، نحاول ما أمكن أن نقرب بين وجهات النظر بين كل الأطراف، ونعتبر كل المبادرات الأخيرة لا تتناقض مع اتفاقية الصخيرات» وأنه سيدرس مبادرة على مستوى المؤسسة المنتخبة، «وهناك مبادرة على مستوى المؤسسة المنتخبة نحن بصدد دراستها، ونأمل صادقين أن تشكل مخرجاً للأزمة التي لها تداعيات على المستوى الأمني والاستقرار بكل المنطقة» مشدداً على أن «استقرار ليبيا جزء من استقرار كل مكونات المنطقة». ووصل عقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق، رفقة وفد يضم أبرز وجوه الحكومة الموالية لحفتر، إلى المغرب الأحد؛ لتقديم مبادرة لحل الأزمة الليبية، بعد جولة جال فيها عواصم أوروبية عدة، بدأت من موسكو، فجنيف وروما، لبحث المبادرة السياسية التي أطلقها لحل الأزمة التي تشهدها بلاده، وتأتي زيارته للرباط في ضوء هذه المبادرة، والتي أعادت وفق متابعين المغرب إلى مربع الملف الليبي.
وقال إن زيارته إلى المغرب جاءت لطلب الدعم بشأن مبادرته لحل الأزمة الليبية، بحكم المكانة القوية التي يتميز بها المغرب على الصعيدين الدولي والعربي، داعياً الرباط إلى دعمه في إيجاد حل للأزمة والوصول إلى اتفاق يفضي إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تتولى شؤون البلاد في المرحلة المؤقتة، قبل المرور إلى مرحلة إنجاز الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

المشري ينفي وجود ترتيبات للقاء صالح

ووصل للرباط أيضاً الأحد بدعوة من رئيس البرلمان المغربي الحبيب المالكي، وفد موال لحكومة الوفاق، (المعترف بها دولياً) برئاسة خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، ويضم رئيس فريق الحوار فوزي العقاب، وعلي السويح وعبد السلام الصفراني، وقال المكتب الإعلامي للمجلس «إن الزيارة رسمية من أجل تبادل الآراء ووجهات النظر في القضايا والمصالح المشتركة بين البلدين».
وقال المتحدث باسم المجلس الأعلى للدولة الليبي، محمد عبد الناصر، إنه إلى الآن لا وجود لأية ترتيبات للقاء محتمل بين أطراف النزاع الليبي في الرباط، وقال إن أي لقاء يتشرط أن تكون ترتيباته علنية. واحتضن المغرب سنة 2015، مفاوضات بين أطراف الأزمة تحت إشراف مباشر من الأمم المتحدة، انتهت بتوقيع «اتفاق الصخيرات» في 17 كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، انبثق عنه حكومة الوفاق ومجلس الأعلى للدولة والنواب، وهو الاتفاق الذي يتشبث به المغرب كأرضية لحل النزاع الليبي، في الوقت الذي يسعى المغرب للعب دور جديد في الوساطة بين طرفي النزاع، في ظل فشل عدد من دول الجوار في ذلك، منها تونس والجزائر.فالأسلحة صامتة هذا الأسبوع في ليبيا، والأنظار تتجه إلى القطاع الذي يبلغ طوله 400 كيلومتر الممتد من مدينة سرت الساحلية إلى قاعدة الجفرة العسكرية في الداخل والتي أرسلت روسيا تعزيزات لها هذا الأسبوع، حسب معلومات استخبارية أمريكية.
ويعتبر هذا الخط بداية المقاطعة التي تضم ثلثي إنتاج النفط الليبي، وهي الدولة التي لديها أكبر احتياطيات في إفريقيا.
وبعد تسع سنوات من الصراع الليبي، الذي تحول بالفعل إلى حرب عالمية مصغرة بين عدد من الأطراف الخارجية المعنية، تم تقسيم ليبيا إلى قسمين، وصار النفط هو الذي يمثل الحدود.
وفي هذا الوضع الممزق الذي تعيشه ليبيا، حطت الرحال برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، في الرباط أمس، الذي التقى نظيره المغربي الحبيب المالكي، للبحث في مبادرته كحل للأزمة الليبية. الرباط، وفق مصادر استشارتها «القدس العربي» «متمسكة باتفاق الصخيرات كأرضية توحد جميع الليبيين» وهو «الأساس الوحيد الذي يوحد جميع الليبيين، فضلاً عن كونه إطاراً سياسياً لمرحلة انتقالية تسمح لليبيا بإنشاء مؤسسات «شرعية وقوية».
ويضيف المصدر الذي تحفظ عن ذكر هويته: «اتفاق الصخيرات هو الحل الوحيد لهذه الأزمة، مع إضافة بعض التغيرات التي تفرضها التطورات المختلفة بالملف الليبي، ومراعاة آراء جميع الأطراف». ويؤكد المصدر المغربي أن المغرب قلق من الوضع في ليبيا، «الذي يخيم على المنطقة ككل» مشيراً إلى أن «الحل السياسي هو الأنجع للوضع في ليبيا لتحقيق الاستقرار في هذا البلد المغاربي، والمنطقة المغاربية بكاملها».

المغرب مدخل للمصالحة

ويرى المحلل السياسي المغربي رشيد لزرق، أن «الوضع في ليبيا يزاد تعقيداً بفعل المتغيرات التي تعرفها البيئة الدولية والتدخل المباشر لأطراف إقليمية، الأمر الذي يؤشر على مزيد من التعقيد، في ظل المعطيات الأخيرة واشتداد الصراع المسلح على التراب الليبي بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر المدعوم من عدة دول إقليمية ودولية، والقوات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج المدعومة من تركيا».
ويعتبر أستاذ العلوم السياسية أن «تعقيد الوضع الداخلي الليبي ودخول لاعبين دوليين في الصراع داخل التراب الليبي، يعود بنا إلى الطرح المغربي بالنظر للمسافة بين الأطراف الإقليمية الأكثر قوة لحل أزمة الحرب الدائرة بليبـــيا، مما يجعل حضور فاعل أساسي لحل الصراع على أساس اتفاق الصخيرات، باعتباره وثيقة مرجعية ومخرجاً لحل الأزمة الليبية بين الأطراف المتصارعة. وضمن هذا السياق، فإن المغرب يعمل مع كل أطراف الصراع على التوصل إلى حل دائم للأزمة».
ويــــشير في تصريحه لـ«القدس العربي»إلى أن «أهم امتياز للمغرب هو أنه غير معني مباشرة بالصراع، كما أن علاقته مع الأطراف الإقليمية والدولية جيدة، يمكن أن يكون ذلك مدخلاً للمصالحة وإعــــادة إعمار ليبيا، على اعتبار أن الأوضاع الـــيوم أكثر نضجاً بفعل تطور الأحداث، ما يجدد التأكيد على رجاحة اتفاقية الصـــخيرات، وهذا يؤكد أن المغرب قادر على لعب دور مهم مع الأشقاء الآخرين لحل الأزمة الليـــبية، والحيلولة دون دخول المباشر بين الأطراف المتنازعة داخل ليبيا، ما يؤدي إلى استمرار ليبيا في متاهة من العنف».
ويخلص المتحدث إلى أن «طي الملــــف الليــــبي يمكن أن يكون مدخلاً للمقاربة المغربية على المستوى الإفريقي في تحقيق التنمية كتتويج للطــــموح والرغبة الأكيدة في إعادة الروح لتكتل المغرب الكبير».

تعليقات