رشيد خشانــــة – الاختراق الأبرز تمثل في الحوار بين عقيلة صالح وخالد المشري في المغرب بشكل غير رسمي. وتم الاتفاق على أن يتزامن حسم ملف الاستحقاق الدستوري مع تغيير الحكومة الحالية.

يمكن القول إن العلاقات المتوترة بين الأتراك والمنطقة الشرقية، في ليبيا، أبصرت انفراجا غير مسبوق بعد ما كسرت الجليد زيارة أداها السفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز إلى المنطقة الشرقية أواخر الشهر الماضي. واجتمع يلماز مع رئيس مجلس النواب في مقره بمدينة طبرق، وهو من أكبر المنتقدين للدور التركي في ليبيا. وتُؤاخذ قيادات المنطقة الشرقية أنقرة على دعمها للإخوان المسلمين وتوصلها إلى اتفاق عسكري وآخر اقتصادي مع حكومة فائز السراج في العام 2019. وأفاد حسين قطراني، نائب رئيس الوزراء ممثلا للمنطقة الشرقية أن تركيا تدرس حاليا معاودة فتح قنصليتها في بنغازي. واعتبر قطراني أن اللقاء الذي جمع عيسى والسفير التركي في طبرق ساهم في كسر الجليد بين الجانبين.
وتكريسا لهذا التقارب بين الجهتين، أدى وفد من أعضاء مجلس النواب الليبي، ينتمون إلى المنطقة الشرقية، زيارة رسمية إلى تركيا في الخامس عشر من كانون الأول/ديسمبر الماضي، اجتمعوا خلالها مع عدد من كبار المسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب اردوغان. غير أن الزيارة أثارت حفيظة كتلة نواب فزان (جنوب) الذين انتقدوها بشدة، مُعتبرين إياها «انحرافا خطرا» لأنها تتضارب مع المصالح الوطنية، على ما جاء في بيان الكتلة.

اختراقات ناعمة

بموازاة «الاختراق» التركي الناعم للمنطقة الشرقية، لوحظ «اختراق» مصري مشابه للمنطقة الغربية، اتخذ بعدا اقتصاديا وسياسيا، بعيدا عن الاعتبارات العسكرية. وفي هذا الإطار وقع وزراء في حكومة الدبيبة على صفقات مع عشر شركات مصرية كبرى لإنجاز مشاريع استراتيجية بينها عمارات سكنية ومدارس ومراكز تجارية ومستشفيات. أكثر من ذلك، أقبل الليبيون على استدعاء العمالة المصرية بكثافة للعمل في المنطقة الغربية، بعد ما كانوا يقتصرون على المنطقة الشرقية، التي يقودها حليف القاهرة خليفة حفتر.
وكانت مصر قد اتفقت في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 مع الحكومة الليبية على تسهيل نقل العمالة المصرية إلى طرابلس، للمشاركة في مشروعات إعادة الإعمار. وما من شك بأن التفاهمات الإقليمية بين مصر والإمارات من جانب وتركيا من الجانب الآخر أوجدت مناخات مناسبة سهلت التقارب التركي مع شرق ليبيا، والمصري مع غربها. وكان هذا التطور منطقيا في أعقاب مستجدات إقليمية ودولية ألقت بظلالها على الملف الليبي بينها التقارب التركي الإماراتي وتأجيل الانتخابات الليبية.
على أن «الاختراق» الأبرز في المشهد الليبي المعقد، تمثل في الحوار غير الرسمي، بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، من خلال اجتماع عقيلة صالح وخالد المشري في المغرب بشكل غير رسمي. وتم الاتفاق في ذلك اللقاء على أن يتزامن حسم ملف الاستحقاق الدستوري مع تغيير الحكومة الحالية. كما لم تقتصر التفاهمات الأولية على رئيسي المجلسين، وهو تطور مهم، وإنما اجتمعت على تلك الخلفية، لجنة خريطة الطريق التابعة لمجلس النواب، وتوصلت إلى الاتفاق مع لجنة تابعة لمجلس الدولة، إلى توافقات بخصوص المسار الدستوري، أوردتها في مشروع التعديل المعروض حاليًا على النواب.

صيغة تفاهم

من هذا المنطلق تسعى جميع الأطراف للوصول إلى «صيغة تفاهم» عدا مجلس النواب الذي يؤسس إصراره على استقالة حكومة الدبيبة، على أن الأخير تعهد بالامتناع من الترشح للانتخابات الرئاسية، وبأن التكليف انتهى في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وحسب عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر حويلي فإن المجلس مستعد للاتفاق على آلية تغيير الحكومة بشكل كامل أو جزئي، لكن في إطار التوافقات التي توصل إليها رئيس المجلس خالد المشري مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وتتضمن إقرار مشروع تعديل الإعلان الدستوري.
وكان اللقاء غير الرسمي الذي عُقِد في المغرب، توصل إلى اتفاق بتزامن حسم ملف الاستحقاق الدستوري مع تغيير الحكومة. وفي السياق اتفقت لجنة خريطة الطريق، التابعة لمجلس النواب مع لجنة تابعة لمجلس الدولة، على توافقات بخصوص المسار الدستوري، أوردتها في مشروع تعديل الإعلان الدستوري المعروض حاليًا على النواب. وحض مجلس الدولة النواب على المضي في جميع المسارات بشكل متزامن، لكن معالم الطريق ما زالت غير واضحة.

تعليقات