téléchargement (5)ذكر الكاتب والباحث الليبي جبريل العبيدي
أن التدخل الأجنبي في الأزمة الليبية يعتبر عودة للمستعمر، بنكهة المساعدة على الحل، بطبخة خارجية، حسب تعبيره.

وأوضح أن الولايات المتحدة وبريطانيا تحكمهما “البراغماتية الميكيافلية” في التعامل والتعاطي مع الأزمة الليبية، جراء رؤية مشوشة بمعلومات مغلوطة ومضللة لأجهزة المخابرات، تحكمها مصالح ضيقة، تسعى نحو “إعادة تدوير” جماعات الإسلام السياسي وتوطين الإرهاب وشرعنة “الميليشيات” بدلا من حلها، قد لا نجد لها مبررا سوى سيطرة نظرية “الفوضى الخلاقة ” في بلد يملك أطول شاطئ قبالة الجنوب الأوروبي، ما جعل المستفيد من استمرار الفوضى في ليبيا، يمكنه ابتزاز أوروبا في أمنها.

حل الأزمة

وأشار إلى أن التعاطي الأمريكي – البريطاني المشترك مع الأزمة الليبية، كان من خلال بدعة ما سمي ” الديمقراطية التوافقية” تم فيها المساواة بين سلطة الخيار الانتخابي الديمقراطي والخيار الانقلابي الخاسر، ما ساهم في تفاقم الأزمة، وجعل منها أزمة دائمة متجددة بتدخلات متعددة المصالح، لهذا ” أخرجوا المستعمر من أنفسكم يخرج من أرضكم.”

وأضاف أن لحل الأزمة الليبية، يبقى الحوار الليبي ليبيا، على أرض ليبية، وليس خارجية، وضمن ثوابت وطنية تحترم الخيار الديمقراطي، هو الخيار المنطقي المرحب به، وليس بجنيف حتى لا تتبعه لعنتها، التي لم تنجح يوما في حل أو حلحلة أي قضية عربية إلى يومنا هذا، على غرار القضية الفلسطينية وغيرها.

فالحل لا بد أن يكون ليبيا ” إن أردنا له النجاح، خاصة وقد انطلق عندنا حوار غدامس على طاولة واحدة، وليس في غرف منعزلة، كما حدث في الصخيرات، فيما كان في غدامس الليبية على طاولة واحدة، ولكن حوار جنيف ثم الصخيرات انحرف به المبعوث السابق للأمم المتحدة إلى ليبيا برنادينو ليون، نحو إشراك أطراف انتهت ولايتها كالمجلس الانتقالي والمؤتمر الوطني، حيث أراد ليون بث الحياة فيهما بتمثيلهما في الحوار.”

واعتبر أن لهذا السبب تعثرت مخرجات حوار الصخيرات عن التطبيق، بل أصبحت صعبة في ظل غياب أي ضمانات دولية لتطبيق المخرجات، وبعد الكثير من الخروقات لنص الاتفاق، منها ما يسمى ” المجلس الأعلى للدولة“، الذي تشكل وضم طيفا واحدا من تحالف الإسلام السياسي (الإخوان المسلمين، والجماعة الليبية المقاتلة) في النسخة الأخيرة الإقصائية من المؤتمر الوطني، وليس من تكون منهم المؤتمر في أول انعقاده في يوليو 2012، في مخالفة صريحة لنص اتفاق الصخيرات، بل تجاوز دوره الاستشاري إلى ممارسة التشريع، علاوة على ممارسة المجلس الرئاسي لمهامه الوزارية، وتكليفه وزراء قبل منح الثقة وأداء اليمين، وحتى قبل تضمين الاتفاق إلى نص الإعلان الدستوري، ما جعل منه غير دستوري، وما يصدر عنه غير شرعي بالمطلق.

كما قامت بعثة الأمم المتحدة، ومنذ مبعوثها طارق متري صاحب مشروع ” لبننة ليبيا ” إلى الإسباني ليون صاحب مبدأ العصا والجزرة، بجلب الأطراف الرافضة للحوار إلى غرف منفصلة ومناقشة الأزمة بالمقلوب، بالبحث عن ” حكومة وفاق” منزوعة التوافق، ما جعله غير قابل للتطبيق، إذ كان ليون يتحرك في مساحة ضيقة، بسبب تدخلات أجنبية متعددة، للتشويش وفرض خريطة محددة، وجر الحوار نحو مستنقع ” كيسنجر“، حيث يتم تجزئة المجزأ، فكثيرا ما تلاعب ليون بها وخلت الأوراق ليسابق الزمن قبل انتهاء مهامه، والتي انتهت دون أن يحقق نصرا شخصيا، ولو على حساب وطن بحجم ليبيا، فهو يتعامل مع الأزمة الليبية وكأنها ورقة ضمن سيرته المهنية، حتى ولو مارس الكذب والتضليل، ما جعل الحوار خطوة إلى الأمام وخطوات إلى الوراء، ثم جاء خليفته مارتن كوبلر مثقلا بالفشل في أفغانستان والعراق والرؤى الخاصة، ما جعله طرفا في النزاع لا وسيطا محايدا.

إنجاح

وقال كاتب المقال:” في اعتقادي لإنجاح الحوار، عليهم العودة به إلى ليبيا، والتوقف عن الاستقواء بالخارج، والتوقف عن استباق سوء الظن، وأولى خطوات الحوار الوطني الجاد والأساسية الاستماع للآخر، فالاستماع نصف الحل، ولهذا نحن في حاجة للحوار المحلي، والتوافق عليه، وليس بالضرورة الاتفاق، فالتنوع والاختلاف يعد نتيجة طبيعية، ونحن شعب له إرادة وطنية، لن يسمح بأن تفرض عليه حكومة فرضا، ولا حكومة وصاية برعاية انتداب أجنبي.”

 

تعليقات