صدر العدد 13 من المجلة التونسية المختصة “شؤون ليبية”، التي يُصدرها المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا، حافلة بالمقالات والدراسات المختلفة بالعربية والانكليزية والفرنسية. وسبر الدكتور علي الحوات، أستاذ علم الإجتماع بجامعة طرابلس، في بحث بعنوان “التكلفة الإجتماعية للصراع المسلح في ليبيا”، أغوار ظاهرة التفكك الإجتماعي، التي انعكست في انقسام المجتمع الليبي إلى جماعات أو مجتمعات صغيرة متعارضة ومتصارعة.

وحذر الخبير من أنه “إذا لم يعالج ضعف التضامن والتماسك الإجتماعي بين الليبيين، ستظهر وبكل تأكيد المزيد من مظاهر التفكك الإجتماعي، وتبرز جماعات أخرى متصارعة. واعتبر أن هذه الوضعية الإجتماعية المفككة تحتاج إلى رموز وطنية لا تفكر محلياً، بل تفكر وطنياً، وتفكر في ليبيا ومستقبلها، فتكون قادرة على تحقيق التوافق بين مختلف الإتجاهات السياسية الوطنية.

واعتبر الدكتور الحوات أن “المشهد الليبي خطر جداً ومعرض لكل الإحتمالات، فهناك في الداخل والخارج من يوظف هذا الصراع لمزيد من الانقسام والتشتت، وإضعاف اللحمة الوطنية”. ولعل أقرب السيناريوات، حسب رأيه، هو تقسيم ليبيا إلى دويلات قزمية صغيرة، كما حدث في يوغسلافيا في القرن الماضي، مما يستوجب من المثقفين وأسائذة الجامعات الليبية المبادرة إلى عقد لقاءات وندوات وبرامج ثقافية لتعزيز بنيان الوطن، قبل أن ينهار. ولاحظ أنه من المعروف أن عامة الناس، خاصة الشباب، ينقادون وراء الشعارات والدعوات دون أن يكون لهم وعي أو قدرة نقدية لفهم خلفية هذه الدعوات وأهدافها، التي تزرع الخلاف والانقسام لغرض أو لأخر.

واشتمل العدد الجديد أيضا على دراسة للدكتور حسين سالم مرجين بعنوان “الحراك المجتمعي في ليبيا والحاجة إلى مقاربات تنويرية”، وعلى تقرير حول تفاقم انتهاك الحريات في ليبيا، يُبين أن المجتمع المدني هو ضحيتُهُ الأولى، فيما كتبت زاهية فرج المنفي عن تأثير النزاعات المسلحة على المرأة الليبية. وكتب رئيس تحرير المجلة الزميل رشيد خشانة مقالا عن تغيير الموقف الأمريكي وتأثيره المحتمل في حسم الأزمة الليبية أو تعميقها. وتطرق الدكتور عادل الزوام عبيدر إلى تاريخ الدفاع الجوي الليبي، بينما كتب الدكتور عبد المجيد الجمل بحثا عن التحالف بين الملك ادريس السنوسي وبريطانيا في الفترة 1939-1943.

أما في القسمين الفرنسي والانكليزي فنقرأ مقالات لمتخصصين في الشأن الليبي والعربي عموما، من بينهم وولفرام لاشير ولويس مارتيناز وباسكال بونيفاس وهاجر قنانفة وسارة يركس. وقد كتبت الأخيرة دراسة حول “النموذج التونسي: دروس من الديمقراطية العربية الجديدة”.

حاتم المزروعي

تعليقات