مع اقتراب انتخابات كانون الأول/ديسمبر المنتظرة، بدأت التجهيزات لها تتسارع في وتيرتها من قبل الأطراف الذين أعلنوا عن نيتهم للترشح لرئاسة ليبيا، وخاصة أولئك الذين حملوا في سجلهم صفحات طوال من الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان .

وعلى غير العادة كان هذا الأسبوع حافلا بالتجهيزات التي اختفلت في طريقتها بين ظهور مفاجئ لأول مرة، صعق به الليبييون وبين اغتيالات لتصفية الحسابات .
حفتر وسيف الإسلام القذافي، اللذان يروج برغبتهما الترشح لرئاسة ليبيا في مرحلتها المقبلة، والتي من المفترض أن تكون مرحلة تنتهي بها سنوات من الحروب والقتل والدمار، كان لهما خلال هذا الأسبوع نصيب الأسد من صناعة الأحداث والمواقف، بين قتل الكاني وظهور سيف نجل القذافي المفاجئ .
صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت الجمعة مقابلة مفاجئة، صدمت بها الأوساط المحلية، قالت أنها أجرتها مع سيف الإسلام القذافي، الذي اختفى منذ سنوات وكان آخر ظهور له قبل سبع سنوات تحديدا وفي مكان مجهول، ورغم انتشار أخبار في الأونة الأخيرة تفيد بأنه على قيد الحياة إلا أن ظهور صور له كان غير متوقع.
نجل القذافي وخلال المقابلة أظهر حسب الصحيفة نية واضحة للترشح لرئاسة ليبيا، موضحا أنه سيستعيد ليبيا، متقمسا لشخصية أبيه في عدد من الكلمات ومدافعا عنه، وقد وجهت مجموعة من الانتقادات لأحاديثه المليئة بالثقة، وعدم الاعتراف بالخطأ .
حيث قال سيف الإسلام إنه لا يحمل أي انتقادات لعهد والده الذي استمر 40 عامًا، مشيرًا إلى أن بعض السياسات الاشتراكية في الثمانينيات «ربما تكون قد خرجت عن مسارها، لكن والده أدرك ذلك وصحّح الوضع».
وتابع أن الكتاب الأخضر «لم يكن جنونًا وأن مختلف الأفكار التي اكتسبت رواجًا في الغرب مثل الاستفتاءات العامة، وخطط تملّك الموظفين للأسهم، ومخاطر الملاكمة والمصارعة تعود أصولها إلى الكتاب الأخضر».
وقال الصحافي أنه عندما سأله ما إذا كان يتعاطف بأي شكل مع المشاعر التي دفعت المتظاهرين للمطالبة بالتغيير عام 2011 كان ردّه قاطعًا: هؤلاء كانوا أشرارا وإرهابيين وشياطين.
وتابع الصحافي إنه سأل سيف الإسلام القذافي عن رأيه في ثورات الربيع العربي فقال دون لحظة تردّد واحدة: «العرب الحمقى دمّروا بلدانهم».
وظل نجل القذافي يردد حسب الصحافي متعمدا الادعاء الزائف بأن جميع ضحايا أبوسليم كانوا إرهابيين إسلاميين، وقال: «لقد شاهد الناس ما فعلوه في السنوات العشر الأخيرة».
وزاد أن معظم الليبيين يعتقدون أن النظام كان متساهلا جدا وأنه كان ينبغي قتل جميع السجناء في سجن أبوسليم، قائلا للصحافي «اذهب إلى بنغازي، واسأل أي شخص، سوف يقولون لك: إنهم لم يُنهوا المهمة» أي قتل جميع السجناء.
ونقل الصحافي في حديث ملفت عن سيف الإسلام القذافي قوله: «لقد قضيتُ عشر سنوات بعيدًا عن أنظار الليبيين. عليك أن تعود إليهم خطوةً خطوة. مثل راقصة تعرّ» قالها ضاحكًا ثم أضاف: «عليك أن تلعب بعقولهم قليلًا».
وعلق الكاتب: «كان هناك شيء من التآمر في الطريقة التي نطق بها تلك الكلمات الساخرة» وتابع: «يبدو أنه ظنّ أنه يمكنه الوثوق بي، وأني ربما أرغب في مشاركته في تضليل أبناء شعبه «.
ورغم تشكيك بعض المواطنين من خلال مجموعة من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بصحة كون الصورة تنتمي لسيف الإسلام القذافي إلا أن بعض الصحافيين أكدوا أنهم التقوا معه شخصيا قبل سنوات بنفس الهيئة وبنفس القيافة.
توقيت نشر المقابلة رغم أنها أجريت منذ شهر ايار/مايو الماضي يظهر أنها جاءت في معترك التجهيز للانتخابات، وقرب اقفال سجل الناخبين لتحفيز التيار المناصر للقذافي للتسجيل والانتخاب .
وضمن معترك التجهيزات دخل حفتر وبقوة أيضا حيث شهد هذا الأسبوع اغتيال أحد أبرز قادة حفتر والمعروف باسم محمد الكاني والمسؤول عن كافة قضايا القتل الجماعي والمقابر الجماعية والفردية في مدينة ترهونة. حيث أكدت مصادر محلية من مدينة بنغازي الواقعة شرق ليبيا لـ»القدس العربي» صحة الأنباء المتداولة عن مقتل محمد الكاني آمر اللواء التاسع مشاة والمعروف بميليشا الكانيات، في منطقة بوعطني بمدينة بنغازي.
وأضافت ذات المصادر أن القيادي في الكانيات محمد الكاني، كان قد قتل على يد ميليشيا طارق بن زياد التابعة لنجل حفتر صدام وبتحفيز مباشر منه .
وتابع المصدر الذي رفض ذكر اسمه أن محمد الكاني قد قتل في مزرعة يقيم فيها بمدينة بنغازي رفقة عبدالباري الشقاقي ووليد البشير، فيما ألقت الميليشيا القبض على شخص يدعى اسماعيل شرود .
وفور تداول الخبر انطلقت احتفالات في مدينة ترهونة، بمقتل محمد الكاني، عقب تورطه في جرائم قتل وإبادة جماعية في المدينة أثناء سيطرتهم عليها بدعم من حفتر .
وفور إعلان الخبر بدأت ردود الفعل المحلية بالتصاعد وكان أولها من رابطة الضحايا بمدينة ترهونة التي استنكرت اغتيال محمد الكاني آمر ميليشيا الكانيات، وإعدامه خارج إطار القانون، من خلال بيان رسمي أصدرته الرابطة التي تمثل أهالي ضحايا المقابر الجماعية بمدينة ترهونة جنوب شرق طرابلس.
وقالت الرابطة، إن محمد الكاني يحمل معلومات وأسرارا عن المقابر الجماعية ومرتكبيها، والعديد من الجرائم الجنائية التي تحتاجها الرابطة لاستكمال التحقيقات، وعدم قفل الملف بموته.
وطالب البيان مكتب النائب العام بفتح تحقيق عاجل، وتسليم باقي المجرمين الموجودين في المنطقة الشرقية للقضاء.
وحملت الرابطة وزارة الداخلية الليبية مسؤولية الانفلات الأمني، مطالبة بتسليم جثمان الكاني للجهات المختصة لأخذ عينات تحليل البصمة الوراثية، للتأكيد على هويته وضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب.
ويرى محللون أن هذا الاغتيال لشخصية كهذه جاء مع اقتراب الانتخابات ومع رغبة حفتر الترشح لرئاسة البلاد، وفي إطار التصفية لخصومه، للترشح بسجل خال من الجرائم والأعداء.
حفتر لم يكتف بقتل الكاني في إطار التحضير للانتخابات وانما باشر في توزيع أوراق للحصول على بيان المواطنين في مدن سيطرته وتتضمن الأرقام الوطنية ورقم المركز.

تعليقات