انسداد تشهده معظم المسارات الخاصة بالحلول السياسية في ليبيا، بعد تقدم أدى إلى تشكيل سلطة تنفيذية موحدة تتمثل في حكومة ومجلس رئاسي، وإيقاف للحرب وتوحيد للبرلمان، إلا أن استمرار تغول بعض المؤسسات القديمة والموجودة على الساحة ساهم في صنع وتعزيز هذا الانسداد.

أول هذه المسارات وأبرزها هو المسار السياسي، الذي توقف عن المضي قدماً منذ فشل ملتقى الحوار السياسي في إيجاد قاعدة دستورية، وقد ساهم في صنع هذا الانسداد إصرار مجلس النواب أيضاً على الانفراد بالقرار ووضع قوانين بشكل أحادي ودعمه من قبل أطراف دولية في اجتماعات روما التي ستختتم الخميس .

ونبهت عضوة ملتقى الحوار السياسي زهراء لنقي، في تدوينة نشرتها الأربعاء، إلى أن العملية السياسية بمساراتها الثلاثة السياسية والعسكرية والاقتصادية، تعاني تأزماً بنيوياً وتحتاج إلى وقفة جادة للتقييم الشامل، داعية إلى إعادة هيكلة العملية السياسية بربط مساراتها الثلاثة واستحداث طاولة جديدة تشمل أعضاء من المسارات الثلاثة، بالإضافة إلى أعضاء جدد من مسار المجتمع المدني غير الرسمي.

المسار السياسي
وإشارة إلى توقف المسار السياسي مع فشل ملتقى الحوار السياسي، قالت لنقي، خلال حديثها، إن ملتقى الحوار السياسي اليوم ليس بحال أفضل مما عليه هذه الأجسام، ولن يستطيع أن يلبي آمال الأمة الليبية في استعادة مكانتها بكونها مصدر السلطات، مشيرة إلى استغلال البعض هذا الجدل الدستوري للتسويف وإطالة العملية لعرقلة الانتخابات لاستدامة الأمر الواقع الذي تستفيد منه قوى سياسية عدة استولت على مقدرات الدولة.

وقالت لنقي، إن جولة الملتقى الأخيرة في جنيف شهدت طرح مقترحات مخالفة لخارطة الطريق ولقرار مجلس الأمن 2570 ، معبرة عن استغرابها من سماح قيادة بعثة الأمم المتحدة بتداول ومناقشة هذه المقترحات رغم الاعتراضات عليها من داخل الملتقى وخارجه، منتقدة إصرار البعثة على نهجها في تأليف لجان فرعية تدور في حلقات مفرغة.

وحذرت لنقي من خروج قاعدة دستورية عن الملتقى في هذا الوقت بعد هذه الإخفاقات والاختراقات، مشيرة إلى أن خروجها ستكون له دواعٍ وخيمة، وسيسبب انشقاقات أكبر مما لو انبثقت القاعدة الدستورية عن الأجسام المتهاوية شرعيتها، مطالبة بالتوقف عن هذا الجهد الذي لا طائل منه.

وبدل حل المشاكل الموجودة في ملتقى الحوار السياسي، أطلق مسار آخر بمباركة من بعثة الأمم المتحدة، وهو مسار روما الذي لاقى من الانتقادات ما لم يلقها أي مسار آخر، وحصد فيه البرلمان عدداً هائلاً من الاتهامات.

خروج عن المسار
انتقد العديد من المتتبعين، إجراءات وتصرفات برلمان طبرق التي مثلت خروجاً عن المسار المتفق عليه وخرقاً لبنود الاتفاق السياسي، وخاصة من خلال إصراره على صياغة القوانين الانتخابية بنفسه ووحده، ودون قبول لمشاركة المجلس الأعلى للدولة، وقد وصلت هذه الانتقادات حد التهديد بسحب العضوية .
وصرح عضو مجلس النواب سالم قنيدي، أن نواب المنطقة الغربية سيدرسون، ‏الخميس في طرابلس، تقييم الموقف إزاء تغول ‏رئيس المجلس عقيلة صالح على سلطات البرلمان، لافتاً إلى أن ضمن هذه الخيارات تقديم الاستقالة أو تعليق العضوية.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أن عقيلة شكل لجنة برلمانية من الدائرة التي حوله وأرسلها إلى إيطاليا لمناقشة قوانين الانتخابات دون علم المجلس، متسائلاً عن سبب مشاركة البعثة الأممية في شأن خاص بالبرلمان، مضيفاً أن مقترح المفوضية العليا للانتخابات بشأن توزيع الدوائر لا يستند إلى أي أساس جغرافي أو سكاني.

المسار العسكري
وفي الوقت ذاته الذي تجمد فيه المسار السياسي، لم يختلف الأمر كثيراً في المسار العسكري الذي مضى في اتجاه فتح الطريق الساحلي وسحب كافة المرتزقة الأجانب، إلا أن العكس كان صحيحاً، واتهم القائمون على المسار بالدخول في إطار الصراع السياسي وبخدمة أطراف بعينها، أبرزها وأولها حفتر.

فرغم الوعود بفتح الطريق الساحلي ونشر اللجنة لتصريحات متتالية تفيد بجاهيزيته، إلا أنه لم يفتح حتى الآن، بلا تقديم أي أسباب منطقية، الأمر الذي دفع غرفة عمليات سرت والجفرة للتحرك.

وقال الناطق باسم الغرفة الهادي دراه، في تصريح لـ “القدس العربي”، إنهم أمهلوا اللجنة العسكرية “5+5” حتى السبت، للتواصل مع خليفة حفتر، لفتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق البلاد وغربها.

وقال دراه: “أرسلنا رسالة للجنة العسكرية 5+5 نمهلهم فيها حتى السبت لفتح الطريق الساحلي، وفي حالة عدم فتح الطريق من الطرف الآخر سنغلقه (من طرف الجيش) مرة أخرى”.

وحمل دراه، لجنة “5+5” مسؤولية كل ما يحدث، وطالبها “بتقديم أسماء المعرقلين لفتح الطريق ورفع المعاناة عن المواطن الليبي”، موضحاً أن اللجنة العسكرية لم تنجح في إخراج المرتزقة من البلاد حتى الآن.

وعقب مراسلة الغرفة للجنة العسكرية ووزارة الدفاع والمجلس الرئاسي الذي يمثل القائد الأعلى للجيش الليبي، أعلنت اللجنة العسكرية عن جولة جديدة من اجتماعاتها تنطلق الخميس، دون توضيح لبنود الاجتماع الذي يمثل جولة سادسة.

ولم يكن حال المسار الاقتصادي بأفضل من ذلك، فعقب تقديم تقرير المراجعة الدولية لحسابات المصرفين لم يحرز أي تقدم آخر، رغم احتجاج المؤسسة المصرفية بانتظار التقرير للتوحيد، حتى انطلقت دعوات لمظاهرات أمام المركزي للتنديد بالأوضاع الاقتصادية السيئة، وباستمرار قفل المقاصة، وبعدم حل أزمة السيولة .

تعليقات